المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العرافة وحكايا السفر



شجاع الصفدي
23-12-2007, 11:39 PM
لعلّ فتنتي كانت أكثر مما ينبغي حين سافرتُ في عينيكِ , وربما أنكِ لم تدرِ متى ولا كيف بدأت قصتنا , ولا تذكرين أول شرابٍ احتسيناه معا , وما زلتِ لا تدركين متى سافرنا ولا متى سينتهي برفقتي هذا الطريق .
تسألينني عن كل الأشياء وتريدين سبر أغواري لربما ترحل غيمة في السماء تغطي صدري , ولا جواب , فقد علّمتكِ ألا تنتظري ذلك مني , فأنا جوابٌ للجواب , وأنتِ الطريق إلى السؤال , وأنتِ غموض زهدي في الإجابة.
قد تصابين في رحلتنا الطويلة بكثيرٍ من الذهول وأشياء من ألمٍ وأغانٍ من وجع الذاكرة , لكنكِ ستعرفين يوما كم أحبك , غنّي لنا كي لا يتسرب إلينا الملل , فالطريقُ طويلٌ في حكايا السفر .
أحبك , ولا تسألي أكثر . فحين يتأهب الكلام يكبر الصمت .
إذن, ما عليكِ سوى أن تدركي الخطى, وتدركي عِظَمَ المسافة ما بيننا, فإما أن نكون معا. أو نكون معا !! , لا خيار لدينا. هكذا قالت لي العرافة يوما .
كانت ثمة كرة على الطاولة وبخور وتعاويذ كثيرة في أرجاء المكان . ينظر كلانا لتلك السحرية المستديرة, تغمض هي عينيها وأبتسم ساخرا من شدة حبي للمغامرة.
أتمتم داخلي أنّي مسحورٌ بالهوى وبالحياة ولا أملكَ سوى الحزن والموت !! .
تفتح عينيها وكأنها قرأت ما يدور في خلدي وابتسمتْ وقالت: لا تشرب القهوة في الخيال كما كنت تشربها ! . يكبر سخطي وأسألها : أأنتِ طبيبة أم عرافة ؟
تكمل وكأنها لم تسمعني: ما زلتَ تحلم بقهوةٍ مرةٍ في الصباح برفقتها, فلا تعشقها أكثر, قد ماتت في عينيكَ كل النساء والأشياء فلا تجعل الوقت يقتل براءتها.
أصمتُ حرقةً وتوترا فتسترسل بالكلام .
أيها المغامر , المسافر بلا نهاية في طريق الوجع , لقد اخترتَ الحزنَ رفيقا أبديا ولذلك الاختيار ضريبة لا بد أن تدفعها , سافر كما تشاء , قامِر بما تشاء فالحياة ربح وخسارة , ولكن قامرِ فقط بما تملك , بما تملك , وترددها مرارا وتكمل : ليس أعظم من أن يرخص الموت لأجل حياة من نحبهم , لكن ليس عليك أن تموت لتدرك متأخرا أنك لم تُجِدْ استغلال الحياة .
أيها الشاعر, لستَ تملك نفسك لتقامر بها فتخسرها في سوق الموت الرخيص, لذا ترفّع عن الموت ليخشاك, وازهد في الحياة لتتشبث بك.
وأشارت بيدها أن اللقاء قد انتهى.
خرجتُ لا ألوي على شئ , و عُدتُ مدركا أن للسفر استحقاقات كثيرة على أن أفي بها , وأنه لا بدّ من البحث في مفردات اللغة عن عوالم جديدة تصنع اللحن والنشيد وتغني للحب أغنية , وللقلب تزرع وردة .
وأنتِ يا طفلة المستحيل هل فهمتِ ما قالت العرافة ؟ , وهل عرفتِ سر الحب و الخرافة ؟ , تعالي إذن لأعلمكِ كيف تجتازين الطريق ما بعد نضوج الألم , وكيف تكبرين بين يديّ وتصنعين الحب لي كما أشاء , فهكذا فقط نواصل السفر .

وفاء شوكت خضر
24-12-2007, 12:46 AM
أيها الشاعر, لستَ تملك نفسك لتقامر بها فتخسرها في سوق الموت الرخيص, لذا ترفّع عن الموت ليخشاك, وازهد في الحياة لتتشبث بك.

حكمة بليغة ..

وأنتِ يا طفلة المستحيل هل فهمتِ ما قالت العرافة ؟ , وهل عرفتِ سر الحب و الخرافة ؟ , تعالي إذن لأعلمكِ كيف تجتازين الطريق ما بعد نضوج الألم , وكيف تكبرين بين يديّ وتصنعين الحب لي كما أشاء , فهكذا فقط نواصل السفر .


لعل هنا الأنانية تغلب أو ربما المعرفة والحكمة لا أدري ..

لكن النص أخذني إلى عمقه ..
شكرا على حرف منحني متعة القراءة ..
سأبقى دوما قريبة من ضفاف هذا الحرف المتألق ..

تحيتي ..

معاذ الديري
24-12-2007, 01:10 AM
احيي لغتك الناجحة .
شكرا لك .

جوتيار تمر
24-12-2007, 04:12 AM
الصفدي الرائع .....

نثرية عانقت في باطنها لغة السرد ، فامتزجت ، وكان مخاضها ، انسكاب مشاعر عفوية ، نقية ، ذات ابعاد روحية ، واخرى نفسية ، غارقة في الوجدان ، ونناطقة وهامسة للفكر في احيان كثيرة ، جابت بنا ارض الذات عمقا وخارجا ، اخرجتنا من دوامة ، بصور انفعالية عفوية لاجاهزة ، اجدت في مسك مساعر المتلقي ، اخذته بتأني الى اعماق حرفك ، واعماق الرؤية التي اردت ايصالها له ، لم تدعه ينفلت من بين يديك حتى وان تضع النقطة الاخيرة في النص ، حيث بقت الفكرة تسيطر عليه وهو خارج بعد غرق محتم في ماهيات الحزن ، تلك الشريعة الربانية التي لابد وان يكون الانسان قد خلق بجزء منها ، الانسان الذي لايدرك ماهية الحزن وقيمة الحزن ، تبقى الانانية فيه اسمى ، لكن الواعي بماهية الحزن ، تتغير عنده معالم الصورة والحياة معا.

دم بخير
محبتي لك
جوتيار

فراس المعاني
24-12-2007, 08:38 AM
تساؤلات لها من المعنى الكثير

حوارية مع الذات تمتعنا بها لروعة نثرها

وجدنا من حكمتها وحكمها

رائع ايها الصفدي

دمت بخير

ود يمتد

شجاع الصفدي
24-12-2007, 02:29 PM
أيها الشاعر, لستَ تملك نفسك لتقامر بها فتخسرها في سوق الموت الرخيص, لذا ترفّع عن الموت ليخشاك, وازهد في الحياة لتتشبث بك.
حكمة بليغة ..
وأنتِ يا طفلة المستحيل هل فهمتِ ما قالت العرافة ؟ , وهل عرفتِ سر الحب و الخرافة ؟ , تعالي إذن لأعلمكِ كيف تجتازين الطريق ما بعد نضوج الألم , وكيف تكبرين بين يديّ وتصنعين الحب لي كما أشاء , فهكذا فقط نواصل السفر .
لعل هنا الأنانية تغلب أو ربما المعرفة والحكمة لا أدري ..
لكن النص أخذني إلى عمقه ..
شكرا على حرف منحني متعة القراءة ..
سأبقى دوما قريبة من ضفاف هذا الحرف المتألق ..
تحيتي ..


الفاضلة وفاء
أشكر حضورك العطِر هنا سيدتي ..
الأولى بلاغتها في مرارتها والثانية ليست أنانية بقدر ما هي رغبة بالعطاء تنبع من ثقة في التجربة ..
كطبيب يعلم مداواة الجرح لطفله لعله يوما يكون الضمادة ..

دمتِ كريمة
لك المودة دوما

شجاع الصفدي
25-12-2007, 12:09 AM
احيي لغتك الناجحة .
شكرا لك .


الأخ الكريم معاذ الديري
شكرا لمرورك الجميل هنا
لك الود والتقدير

شجاع الصفدي
25-12-2007, 12:38 PM
الصفدي الرائع .....
نثرية عانقت في باطنها لغة السرد ، فامتزجت ، وكان مخاضها ، انسكاب مشاعر عفوية ، نقية ، ذات ابعاد روحية ، واخرى نفسية ، غارقة في الوجدان ، ونناطقة وهامسة للفكر في احيان كثيرة ، جابت بنا ارض الذات عمقا وخارجا ، اخرجتنا من دوامة ، بصور انفعالية عفوية لاجاهزة ، اجدت في مسك مساعر المتلقي ، اخذته بتأني الى اعماق حرفك ، واعماق الرؤية التي اردت ايصالها له ، لم تدعه ينفلت من بين يديك حتى وان تضع النقطة الاخيرة في النص ، حيث بقت الفكرة تسيطر عليه وهو خارج بعد غرق محتم في ماهيات الحزن ، تلك الشريعة الربانية التي لابد وان يكون الانسان قد خلق بجزء منها ، الانسان الذي لايدرك ماهية الحزن وقيمة الحزن ، تبقى الانانية فيه اسمى ، لكن الواعي بماهية الحزن ، تتغير عنده معالم الصورة والحياة معا.
دم بخير
محبتي لك
جوتيار


الكريم جوتيار
حضورك وقراءتك للنص بتمعن باتا أمرا ضروريا يزين النص
شكرا لك

شجاع الصفدي
26-12-2007, 10:48 AM
تساؤلات لها من المعنى الكثير
حوارية مع الذات تمتعنا بها لروعة نثرها
وجدنا من حكمتها وحكمها
رائع ايها الصفدي
دمت بخير
ود يمتد

الكريم / فراس
شكرا لحضورك البهيْ في أروقة الكلمات
لك الود والتحية وعذرا للتأخر في الرد

محمد المختار زادني
26-12-2007, 11:39 AM
سيخدمك الحرف أكثر إن درست ما لم تقله العرافة
وكنت تقرأ في عينيها الشراسة والدهاء الذي تسلل لحروفك الجميلة ...
دمت قاصا مجيدا

شجاع الصفدي
27-12-2007, 09:28 AM
سيخدمك الحرف أكثر إن درست ما لم تقله العرافة
وكنت تقرأ في عينيها الشراسة والدهاء الذي تسلل لحروفك الجميلة ...
دمت قاصا مجيدا

دعها تتنبأ بما تشاء حتى لا أرهق الروح أكثر بانتظار ما ستقوله تلك العرافة ..

شكرا لمرورك الجميل أيها الكريم محمد
لك التحية والود