المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدينة تطلب اللجوء



عمار الجنيد
26-12-2007, 01:18 AM
وطن مشبع بالفراغات معشوشب بالعدم
وطن فارغ من وطن
هذه تسبيحة الصباح التي استقبلها به
تتصفح سياط الشمس وجهي بشكل غجري شاق .
يتغلغل ضوئها فيا .. اسمع همس غامض اشبه باللعنات التي ترسلها الريح على قلبي كل صباح .
عيون المارة المستسلمة كالبكارة .. تتعقبني أقدام جوعى .. الأسفلت يمر على وجهي ويذبحني بدم بارد .. ترتطم عيوني بنظراتها .. صوتي عاد صداه غبار ازرق
قلبي اصبح رحما للتيه لأنه مجبر أن يبتكر لي كل يوم درب جديد للضياع .
ذاتي التي مللت منها تحتاج ان اطمسها في النهار واعيد قراءتها في الليل .
إننا لم نعد افياء لأشباح التاريخ .. لم نعد حتى إمضاء لبوهيم مشلول .
الشمس العارية قتلت شهوتي بعريها الفاضح كل يوم .. تمر امامي النهود كأكوام الملح .. تتنكس رايات الرغبة..تنكسر ذكورتي في اقوى حالاتها .
جدران المدينة تشخبط على ذاكرتي طفولة يتيمة .. الشوارع العجوزة ملّت من ذكرياتها .. النساء مرهقات من حمل انوثتهن رمينها في فناء العمر .. لا وقت للحب نريد أن نعيش فقط
هذه الجملة اسمعها دائما في البيوت والأزقة .
الشعراء تموت قصائدهم في احشاء الكلمات قبل أن يولدون .
اركب الحافلة بعد ان ضقت ذرعا من همجية الشمس .. كان إلى جانبي شاب قبل العشرين بثياب مقطعة وأطراف مقموعة بالتعب اليومي .. لم ينتبه لي كان يكمل دورة خياله من خلال اصابع بيضاء لمرأة في الكرسي الذي أمامنا .. بينما كان رجل أخر
يتفحص ورقة لطلبات الزوجة بعين كجراب ممتلىء بسكاكين مبلولة بالدماء .
انتبهت فجأة لطفلة تسد ثقب بأصابعها على صدرية
قميصها إنها عرفت فقه العورة مبّكرا قبل ان تعرف الحب وشربت الهرم قبل ان تستمتع بالطفولة ...
كم اتمنى ان يستأنف العدم دورته بنا ليخرجنا من هذا المأزق
الحزن .. التعب .. العناء .. البكاء .. الأسى .. العذاب..
اتينا إلى هنا في معادلة غالبا ما تكون غير عادلة خصوصا في هذه المدينة.
مدينة يفّر منها الموت ويضيق منها النسيان .. مدينة لا تشعر بك ولا تتركك للشعور.
تمتلىء المركبة برغوة الكلام .. ولا كلام
ذاكرتي مثل الساتلايت الممغنط بالمطر يرسل صورا متقطعة .
يتلاقح التعب مع بعضه في أوردتي ويلبسني الأسى ثوبا عمّاليا عليه ماركة لعلامة مجهولة .
ويييييي أوقفني هنا يا : سائق
الشرود يصنع عمامة فوق رأسه والهمّ ينسج زنانيره على خديه .
وأذنه لم تعد للسمع كما اظن اصيح بصوت عال وقف لي هنا يا سوّاق
آآآآآآووووه اسف ما سمعتوش .. عفوا يا أخ .. مش مشكلة اتفضل الحساب .. شكرا
انزل أمام مكتب الجوازات
الأنفاس الهاربة من الأفواه .. عقيمة وجرداء خاوية من الحياة وباردة كالشتاء
ليت بوفوار يرى قوة العمر هنا كي يرى كم يتجمع العناء على مقلتي .
ليس هناك فرق بين الحالة وموضوع الحالة لذا على سارتر ان يعيد التفكير في هذا التصنيف فكلاهما انا .
سأستلم ذاتي من مكتب الجوازات وأغادر سأرحل من هذا الوجود المزيف .. والتصور الفارغ .. انا لست هنا حتى كتصّور إضافي بل انا كيان عدمي يتحمل كذبة اسمها الوجود.
إن اليأس هو نبوة الجميع هنا .. وبينما انا في الطابور لأجراءات الحصول على جواز
تفاجأت حين رأيت جبل صبر ووادي الضباب وقلعة القاهرة في مقدمة الصف
ومدينة تعز ايضا تبحث عن معرفين كي تحصل على جواز لعلها ستطالب باللجوء كالبقية
........

جوتيار تمر
26-12-2007, 04:30 AM
الجنيد المبدع..........

لامست هنا نصا فيه تمازج بين بين اجناس الادب ، ففي وهلة ظننت النص خاطرة ، بوحية ، وفي وهلة اخرى وجدتها يلامس السردية في بعض تفاصليها ، ولايمكنني اغفال لغته الشاعرية ، وكأني به نص خارج عن التجنيس ، مع غلبة البوحية النثرية على باقي الاجناس الاخرى ، ففي النص حوار منولوجي ذاتي وصل الى حد الادب المكشوف ، الجميل في النص جرأته في طرح مفاهيمه واخراج ما يخالج النفس دون قيد ، فالرؤية هنا عارية تماما عن اية سلاسل ، والرؤية هنا عامة شملت الذات ، والمحبط ، والاجتماع ، والوطن ، وهذه الحالة يمكن ان نترصدها عند اللامنتمي مثلا ، فهذا الذي يرى الواقع بصورة اعمق ، ويرى في الاشياء ما لايراه الاخرون ، يعيش حالة هذيان دائمة ، فهو يهذي بكل ما يشعر ويرى ، وهكذا وجدتك في النص تهذي لحد انك ثمت بتعرية نفسك ، وتعرية المقابل ،وهذه بلاشك لمحة وجودية صرفة .

دمت بخير
محبتي لك
جوتيار

خليل حلاوجي
28-12-2007, 09:41 AM
لا كرامة لوطن المواطن فيه مهان ....

تحية لمبدع هو أنت ياجنيد

عمار الجنيد
02-03-2008, 03:01 PM
الجنيد المبدع..........
لامست هنا نصا فيه تمازج بين بين اجناس الادب ، ففي وهلة ظننت النص خاطرة ، بوحية ، وفي وهلة اخرى وجدتها يلامس السردية في بعض تفاصليها ، ولايمكنني اغفال لغته الشاعرية ، وكأني به نص خارج عن التجنيس ، مع غلبة البوحية النثرية على باقي الاجناس الاخرى ، ففي النص حوار منولوجي ذاتي وصل الى حد الادب المكشوف ، الجميل في النص جرأته في طرح مفاهيمه واخراج ما يخالج النفس دون قيد ، فالرؤية هنا عارية تماما عن اية سلاسل ، والرؤية هنا عامة شملت الذات ، والمحبط ، والاجتماع ، والوطن ، وهذه الحالة يمكن ان نترصدها عند اللامنتمي مثلا ، فهذا الذي يرى الواقع بصورة اعمق ، ويرى في الاشياء ما لايراه الاخرون ، يعيش حالة هذيان دائمة ، فهو يهذي بكل ما يشعر ويرى ، وهكذا وجدتك في النص تهذي لحد انك ثمت بتعرية نفسك ، وتعرية المقابل ،وهذه بلاشك لمحة وجودية صرفة .
دمت بخير
محبتي لك
جوتيار



المعمدان الشعري جوتيار
ومحراب الأدب
إن حين تدوزن ألحانك على النصوص تصبح اكثر بلورية واكثر شفافية من النسمة السكرى
لك محبتي

عمار الجنيد
02-03-2008, 03:03 PM
لا كرامة لوطن المواطن فيه مهان ....
تحية لمبدع هو أنت ياجنيد


المفكر البهي خليل اشكرك انك تشاركني هم النزق العربي
وطن فارغ من وطن

لك خالص ودي

وفاء شوكت خضر
03-03-2008, 11:17 PM
أخي الفاضل ..

تهت هنا في تصنيف النص ، حوار ذاتي ونظرة شخصية عميقة في ماهية الصور التي تحيط بك ..
هو نقد بناء لصور تمر علينا كل يوم ..
تصوير عميق لحالة نفسية متذمرة حتى من وجودها ..
فما نمر به من أحوال باتت غريبة علينا ، لا بد أن تدفعنا لأن نحدق بالصور حتى نستوعب ما نراه ..

أينما حملك الرحيل لن تتغير الصورة صدقني ..

تحيتي ..

ربيحة الرفاعي
11-07-2013, 02:13 AM
لغة شاعرية وبوح إنساني عميق المعاني في سردية ذات منحى قصّي إلى حد ما

دمت بخير ايها الفاضل

تحاياي

فاتن دراوشة
12-07-2013, 09:56 AM
مدينة غارقة بالنّزف والحرمان

ترى بنيها يصطلون بالذلّ

فكيف لا تطلب اللّجوء لتهرب ممّا هي فيه

تصوير رائع لواقع الحال

أبدعت أخي

مودّتي

لانا عبد الستار
07-08-2013, 05:05 AM
يلجؤون لأرض يسكنونها
وأرضنا تتمنى اللجوء لأي شئ من ذلها

قصة جميلة نزفت صورة الصراع الذي يعيشه المقهورين فتتحول بلادهم مقابر
أشكرك

آمال المصري
31-01-2015, 09:55 AM
مدينة تطلب اللجوء ...
عمل رائع تداخلت فيه خلجات النفس مع نزق الحرف .. الفصحى المشربة ببعض العامية الجميلة التي أضفت على النص بهاء
راق لي بفلسفته ونزق فكره أديبنا الفاضل
بوركت واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

خلود محمد جمعة
01-02-2015, 09:47 AM
حين ينكر الوطن أبنائه كيف لهم ان يعترفوا بأبوته
وفلسفة درات رحاها بقوة الى ان طحنت قلوبنا بصدقها
مؤلمة بحرف جميل
بوركت
كل التقدير

نداء غريب صبري
29-04-2015, 11:45 PM
قصة بأسلوب سردي جميل ولغة سهلة
أمتعتني قراءتها

شكرا لك
بوركت