تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البلاغة .. بين الإلغاء والوجوب



فريد البيدق
28-12-2007, 01:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

البلاغة .. بين الإلغاء والوجوب

لقد بدأت البلاغة تطبيقية عندما سئل أبو عبيدة : كيف يشبه الله تعالى ما لا يعرفه الناس بما لا يعرفه الناس في قوله تعالى: " .. طلعها كأنه رؤوس الشياطين" ، في مجلس من مجالس الخلفاء؛ فألهمه الله تعالى الجواب مسترشدًا بما قاله امرؤ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال

قال أبو عبيدة ذلك، ثم انتهى المجلس وانصرف منه أبو عبيدة حاملا الفكرة التي بدأت بها البلاغة .
وتوالت بعده الجهود وتراكمت المباحث شيئا فشيئا منطلقة من التطبيق، وبرز من هذه الجهود جهدان خلال هذه المسيرة أحدهما كان جهد عبدالقاهر الجرجاني و الآخر كان جهد السكاكي. وكان الجهدان متغايران منهجا ورؤية؛ فلقد انطلق الجرجاني عبر العناوين العامة محللا الأمثلة وقد يعنْون بعضها وقد لا، أما السكاكي فإنه قد انطلق وفق منهج التقعيد العلمي الذي يبرز الجزئيات ويحللها ويفصلها ويعنونها. ثم جاءت عصور الشروح والحواشي على الشروح.
ثم جاء العصر الحديث فانبعث كتابا الجرجاني " أسرار البيان – دلائل الإعجاز"، وانبعثت البعثات إلى الغرب، وظهرت الاتجاهات النقدية الغربية، وظهرت التعاليق الفنية والنظرات النقدية الصحفية. ظهر كل ذلك فأدى إلى انقلاب المعظم – إن لم يكن الجميع إن أصالة وإن تقليدا- على السكاكي الذي أصاب البلاغة –وفق منهجهم- بالقحط الجمالي والجدب الفني، وبالمقابل تم إعلاء وتعظيم الجرجاني مفجر الطاقات الفنية للنصوص ولامس الأسرار الفنية البلاغية. ومن ثم رفض هذا المعظم- إن لم يكن الكل- تقسيمات الفنون؛ فمثلا التشبيه عندهم تشبيه فقط دون العناوين الفرعية التي تفصل صوره وتختص كل صورة بعنوان مثل التشبيه المرسل أو المؤكد أوالبليغ أو التمثيلي .... وهكذا في سائر الفنون.
ويتعجب المرء كثيرا عندما يعلم أن هذه الرغبات- ولن أسميها فِكَرا أو رؤى- نابعة من بعض من ينتمون لأقسام البلاغة والنقد في جامعاتنا؛ حيث يعرض أحدهم الاتهامات وينطلق مع تحليلاته مهملا ما يراه عائقا أمام تيار الفن السيال.ومما يزيد التعجب في موقفهم هذا إهمالهم المسلمات الآتية:
1- ليس هناك تضارب بين الجرجاني والسكاكي؛ إذ كل منهما يكمل الآخر ولا ينفيه.
2- الخبرة- أية خبرة- لاتُنقل إلا إذا حُددت المفاهيم وجُردت وبُوبت؛ لذا كان منهج السكاكي هو الملائم لنقل خبرة البلاغة وتعليمها.
3- الجرجاني وظف والسكاكي صنع الآلة ، فمن امتلك الآلة له أن يوظفها كما يشاء.
4- إن من أراد الفن فلن يحرمه السكاكي ومن يريد التعلم فلن يستغني عن السكاكي.
5- ينبغي التفريق بين التعليم والممارسة الفنية.

عبدالله بن بريك
13-10-2010, 04:05 AM
البلاغة موهبة تحتاج إلى علم,و الواحد منهما بمفرده لا يساوي كثيراً..

شكرا على الموضوع القيم.

فريد البيدق
15-10-2010, 09:40 PM
بوركت أخي الكريم الأستاذ عبد الله!

نادية بوغرارة
28-03-2011, 01:51 PM
موضوع مهم و مميز ، أضاف إليّ الكثير ، و مازلت في انتظار المزيد ، إن أمكن .

بارك الله فيك ، تُغنينا متابعة مواضيعك عن كثير من البحث .

:os:

ربيحة الرفاعي
25-05-2011, 01:28 AM
ثم جاء العصر الحديث فانبعث كتابا الجرجاني " أسرار البيان – دلائل الإعجاز"، وانبعثت البعثات إلى الغرب، وظهرت الاتجاهات النقدية الغربية، وظهرت التعاليق الفنية والنظرات النقدية الصحفية. ظهر كل ذلك فأدى إلى انقلاب المعظم – إن لم يكن الجميع إن أصالة وإن تقليدا- على السكاكي الذي أصاب البلاغة –وفق منهجهم- بالقحط الجمالي والجدب الفني، وبالمقابل تم إعلاء وتعظيم الجرجاني مفجر الطاقات الفنية للنصوص ولامس الأسرار الفنية البلاغية. ومن ثم رفض هذا المعظم- إن لم يكن الكل- تقسيمات الفنون؛ فمثلا التشبيه عندهم تشبيه فقط دون العناوين الفرعية التي تفصل صوره وتختص كل صورة بعنوان مثل التشبيه المرسل أو المؤكد أوالبليغ أو التمثيلي .... وهكذا في سائر الفنون.
أحار في هذه السطوة للغرب وهذا الدور العجيب في تحوير وقولبة المفاهيم المعتمدة والتعلقة بآدابنا العربية
أحار فيمن يأتوننا كل يوم من هناك بجديد يهد قائما عظيما ويبني مسخا موهوما
وما الذي يعرفه أولئك عن البلاغة ليكون لهم فيها دلو يدلونه

موضوع قيم وفائق الأهمية أستاذنا
وأعذر بالله عليك مداخلتي المحتدة

دممت متألقا