المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسفة الاستعارة.. معجم وصرف ونحو وبلاغة



فريد البيدق
28-12-2007, 01:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

فلسفة الاستعارة

معجم وصرف ونحو وبلاغة



ما الاستعارة؟

في التعريف المدرسي المختصر الاستعارة تعني: "تشبيه حُذف أحد ركنيه". وفي التعريف العلمي نجد الاستعارة تعني:"استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقةٍ مع وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي".
إننا إذا تأملنا هذا التعريف.. نجد أن "علم المعجم" هو المسيطر؛ فهو الذي يختص ببيان المعاني. فإذا اُستُعملت الكلمة في معناها الوضعي -وهو ما يُتبادر إلى الذهن عند أول سماع- كان الاستعمال حقيقيا ولم يكن هناك مجاز ولا استعارة، أما إذا اُستُعملت الكلمة في غير ما وُضعت له كان الاستعمال مجازيا، وكانت الاستعارة إذا وُجدت العلاقة والقرينة المانعة.
مثل ماذا؟ مثل قولنا: [جرى الطفل]. هنا الاستعمال حقيقي؛ لأن الجري من خصائص الطفل. أما إذا قلنا: [جرى القطار] فإن الاستعمال -هنا- غير حقيقي. لماذا؟ لأن الحقل الدلالي للفعل لا يحتوي هذا الفاعل؛ فليس من خصائص الجماد الجري؛ لذلك ندرك أن هنا مجازا -قائما على التشبيه- يسمى الاستعارة القائمة على المشابهة في الانتقال من مكان إلى آخر، والمحتوية على القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي بقرينة اختصاص الدلالة.
ماذا ساعدنا في اكتشاف هذه الاستعارة؟ إنه "علم المعجم" الذي يمدنا بالدلالات، و"علم النحو" الذي يستثمر ذلك في صنع جمل ذات إسنادات تحتوي هذا الفن.


ما أنواع الاستعارة؟

تتعدد أنواع "الاستعارة" حسب المعيار الذي تُقسم وفقه؛ فهي تنقسم وفق الركنين -"المستعار منه: المشبه به"، و"المستعار له: المشبه"- إلى: استعارة مكنية حيث "المشبه به المستعار منه" محذوف. واستعارة تصريحية حيث "المشبه به المستعار منه" مذكور.
على ماذا نعتمد في اكتشاف الركنين؟ اعتمادنا على "النحو" الذي يحدد ركني الجملة تحديدا يتضح بعلم "البلاغة" الذي يجري صيغة الاستعارة كالآتي: "شبه الأديب ... بـ ... في ... ثم حذف ... على سبيل الاستعارة ... لـ ...".


هل هذه كل أنواع الاستعارة ؟
لا؛ إذ هناك تفريعات على التقسيم السابق حسب معياري: "نوع كلمة الاستعارة، و ذكر الملائم لأحد ركني الاستعارة".
كيف ذلك؟ بمعيار نوع كلمة الاستعارة تنقسم الاستعارة المكنية –أو التصريحية– إلى: "استعارة أصلية" إذا كانت الاستعارة في اسم جامد؛ مثل: [رأيت أسدا يجندل الأبطال]، و"استعارة تبعية" إذا كانت الاستعارة في فعل أو حرف؛ مثل: [ (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض)، و (لأصلبنكم في جذوع النخل) ].
إن كلمات الاستعارة السابقة هي ترتيبا: "أسدا – يموج – في"، واختلافها في النوع أوجد هذين النوعين. ونعرف أن العلم الذي يهتم بالكلمة هو "علم الصرف".
ونمضي إلى التقسيم وفق متممات الجملة أو ملائمات الركنين؛ فنجد الاستعارة تكون: "مكنية أصلية مجردة" إذا ذكر ما يلائم "المستعار له المشبه"؛ مثل مثالنا السابق: [رأيت أسدا يجندل الأبطال]؛ إذ الفعل "يجندل" يلائم المستعار له المشبه "المحارب".
وأما إذا ذُكر ما يلائم "المستعار منه المشبه به" فإن الاستعارة تكون "مكنية أصلية مرشحة"؛ مثل قولنا: [ رأيت أسدا يزأر في المعركة ] ؛ فالفعل " يزأر "يلائم المستعار منه المشبه به " أسدا" .
أما إذا لم يُذكر ما يلائم أيا من الركنين، أو ذُكر ما لا يختص بأحدهما تكون الاستعارة مكنية أصلية مطلقة؛ مثل [ ( رأيت أسدا في المعركة ) ، و ( رأيت أسدا في المعركة يهجم ) ].
ماذا استخدمنا من علوم هنا؟ إننا استخدمنا " المعجم " الذي يحدد الدلالات ويحدد جهة اختصاصها، و" النحو " الذي يرتب تلك الدلالات في جمل وتراكيب مخصوصة.
ثم تأتي " البلاغة " في هذا وفي كل السابق متممة ببيان الأغراض البلاغية الدلالية للاستعارة بكل صورها، وبيان صيغها الإجرائية.

ماجدة ماجد صبّاح
02-04-2008, 04:54 PM
الأستاذ/ فريد،،
جزيت حقا كل الخير على هذه المعلومات الرائعة،،،
تفيدني كطالبة، فالاستعارة والشبيه من مقراراتي الدراسية
تقديري يا أستاذ

فريد البيدق
06-04-2008, 12:53 PM
جزاك الله تعالى خيرا أيتها الجليلة!

وائل الهجرسي
05-05-2010, 01:37 AM
د/فريد
بعد التحية
أجلس أمام أبحاثك من الساعة العاشرة مساء والساعة الآن الثالثة صباحا وأنا أستمتع ولا يمنعني من الاستمرار إلا عملي صباحا،ولا أستطيع -أقسم بالله-أن أجد كلمات أشكرك بها على هذا الجهد.
فعسى أن يكون دعائي لك في السحر تعويضا لي عن تلك الكلمات التى لا أجدها.
جزاكم الله خيرا

فريد البيدق
05-05-2010, 11:53 AM
بوركت أيها الحبيب وائل، ودام دفعك وفضلك، وأعلى الله تعالى ذكرك في العالمين!
لست دكتورا أيها الحبيب!

وائل الهجرسي
05-05-2010, 11:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعلم ماذا أقول لك يا أستاذي
لقد لخصت في أربعين سطرا ما تعلمته أنا في سنوات.
حفظك المولى- عزوجل- لتمد لنا يد العون فأنت صاحب أياد.

فريد البيدق
06-05-2010, 11:44 AM
بارك الله تعالى وقتك أيها الحبيب، وزادك من فضله!

زكريا محمود زوكاني
17-05-2011, 07:10 PM
موضوع جميل الطرح مع أن التخصيص الأستعاره وأنواعها لا تعرض بشكل سريع بل يجب الوقوف طويلا

ربيحة الرفاعي
01-07-2011, 11:11 PM
موضوع قيم وهام جدا
وبحث من رائع ما يقف على حيثيات تعوز أرباب القلم


ليتك تكرمنا ببعض التفصيل لتسهيل استلام وحفظ المعلومة على من يحتاجها

كل الشكر لجهودك الكبيرة

دمت بألق

فريد البيدق
04-08-2012, 04:02 PM
شكر الله تعالى لكما!
التفصيل يأتي في موضوعات أخر إن شاء الله تعالى!