ربيع جرارعة
15-01-2008, 05:16 PM
1. سالت دموعي و اقشعرّ جناني=إذ راودتْني في الكرى أشجاني
2. و سكَبْتُ مثل الطفل عَبرةَ واجفٍ=في مقلتيه من العذاب معانِ
3. يبكي و يذرفُ في الدموع حكايةً=و القلبُ يُبدي شدّة الخفقانِ
4. و الليلُ يرقبني بطرفِ ذهولهِ=متعجّباً من معْشر الإنسانِ
5. يا ليلُ مهلكَ هل سمعتَ عن الجوى=يا ليلُ هذاكَ الذي أبكاني
6. رَحَلتْ و ألفَتْ في الفؤاد صبابةً=فغدوتُ أترعُها بكأسٍ قان
7. راحٍ تكمّنَ في خفايا لحظها=يسري بحشوِ الخافق الولهانِ
8. قد ذقتُها قبلاً, و أسكرَني النوى=و اليوم تسكرُني ببيْنٍ ثانِ
9. ويْ من جفاها حينَ تخفي وجدَها=و تُبينُ وجهَ الكِبْرِ و العصيانٍ
10. يا من سلبتِ القلب حسبكِ لم أكنْ=ممّن يرومُ هوى الغرامِ الفاني
11. كُفّي بربّك عن مُصارعةِ الهُيا=مِ و قتل نفسِ الحبّ و الوجدانِ
12. إنّي لأعلمُ أنّ ثغركِ كاذِبٌ=و بأنّ شقّي فيكِ يصْطنعانِ
13. الحبّ بادٍ, أن كتمتِ حديثهُ=سيضجّ نبضُ القلب بالإعلانِ
14. و الشوقُ بادٍ, قد كتمتِ ظهورهُ=لكنّما عيناكِ باكيتانِ
15. أوهلْ نسيتِ العهدَ ويحكِ بيننا=عهدَ الوصالِ و نحنُ منفصلانِ
16. يا ربّةَ العينين و الجفنينِ والر=مشينِ و القلبِ الصغير الجاني
17. حوّاءُ ما كانتْ قبيلكِ تقتلُ ال=أكبادَ من لحظِ الغوى الفتّانِ
18. لحظٌ و ربّي ما رأيتُ نظيرهُ=معْ خِلّهِ ,والله مُعْجزتانِ
19. و الثغرُ موطنُ كيدهنّ و موطني=و إليهِ منتسبٌ و فيه مكاني
20. لمياءُ يمشي السحرُ فوق شفاهِها=متبختراً و مُفاخرَ الأقرانِ
21. سألتْ و كان الشوقُ في لمحاتها=و عيونُها للردّ ناظرتانِ
22. هل تعشقنّ فقلتُ أقسمُ قد عشقـ=تُكِ دونَ عشقٍ أو غرامٍ ثانِ
23. فَهَمَتْ مدامعُها على وجناتها=و ترقرقتْ في رقةٍ و حنانِ
24. قالتْ فديتُك,هل بكيتَ من الجوى=فاسمعْ لقد أبكاكَ ما أبكاني
25. فلقد رماني الصبُّ أعدلَ سِهمِهِ=قَصَمَ الفؤادَ فشلّني, أوداني
26. قلتُ ارعوي هل أستحقُّ لآلئاً=مِن مقلتيكِ و هنّ دامعتانِ؟
27. فضممتُها و القلبُ يُرعِدُ راجفاً=و فؤادُها قد ردّ بالخفقانِ
28. و بريئةٍ مرّت عليّ كأنّما=مرّ النسيمُ الرطبُ بالأغصانِ
29. ترثي حبيباً ما بكى لجمالها=و عيونُها بالصبّ طافحتانِ
30. و الحبّ تعجزُ ردَّهُ عن نفسها=و تُسرُّ بالإعلانِ, بالكتمانِ
31. قصّتْ عليّ من الغرامِ قصيدةً=أبياتها قِطَعٌ من الأحزانِ
32. هاكِ الهوى في متنِ نَصّ قصائدي=وجداً تطايرَ من لظى نيراني
33. الحبّ يا بنت الأكارمِ مهنتي=فنّ النوى أو حِرفةُ النسيانِ
34. أتقنتُ ألوانَ الصبابةِ و الجوى=و سلي الحبيبةَ ,جرّبتْ ألواني
35. مُذ هفهفتْ برموشها و تمايَسَتْ=و تبسّم الثغرُ الرقيقُ الحاني
36. رقَصَ القريضُ على جدائلِ رمشها ال=مكحولِ رقصَ المدنفِ السّكرانِ
37. بضعٌ سنيناً دونها و كأنّني=مرّ الزمانُ عليّ تلوَ الثاني
38. و نظرتُها بعدَ انتظاري صعّرتْ=خدّ الحنانِ و موْضعَ الإحسانِ
39. جادتْ عليّ من الجفاءِ عطيّةً=فإذا بعينَيْ خافقي تكِفانِ
40. إنّي لأقسمُ ما سلوتُ جنانها=فلأيّ ذنبٍ صدّني و سلاني؟
41. كلفٌ و كنتُ من الرجال الشامخيـ=ـنَ و كنتُ طوداً ثابتَ الأركانِ
42. كلفٌ و كنتُ المشمخرّ و لم أزلْ=جبلاً أشمّاً باسقَ البنيانِ
43. فالشعرُ شعري و القريضُ قصائدي=و الحرفُ ملكي و الزمانُ زماني
44. أنا لستُ أُلحنُ في الحروفِ أيا ابنها=بلْ أنتَ أطرشُ, فارغُ الأذهانِ
45. يا من تعفّنَ رأيُهُ بصميمهِ=و نما فأنبَتَ علّةَ الغثيانِ
46. هلّا نَظَرتَ إلى نُفيسِكَ بُرهةً=لترى بوجهكَ قالبَ الشيْطانِ
47. فاصمِتْ بربّك و انتبهْ لمضاضتي=و احذرْ مُقارعتي و سَخطَ لساني
48. أناْ إن سكتُّ فإنّ صمتي مُرهبٌ=و لئنْ غضبتُ أثورُ كالبركانِ
49. فلقدْ جهلتَ مكانتي فرَميْتَني=و جهلتَ حرفي و احتَقَرتَ بياني
50. عندي الجوابُ و إنّ شِعري صارمٌ=قردٌ رمى أسَداً وذاكَ رماني
51. قد سوّلَتْ لكَ نفسُ شيطانٍ لدو=دٍ بالغوى,بالفسق بالهَذَيانِ
52. لوّثتَ نصّ خريدتي و خريدتي=كانتْ بقمَّتِها و كنتَ الداني
53. أنا إنْ قطعتُ من البلاغةِ مقطعاً=أضحى أنيقاً ناصعَ الألوانِ
54. فلقدْ ملكتُ الشعرَ دونَ مُنازِلٍ=و علوتُ صقراً في فضا العقبانِ
55. و ملكتُ حرفَ الضادِ بتُّ أميرَهُ=و أميرَ جُلِّ الشيبِ و الشبّانِ
56. حتّى إذا سمِعَ الفرزدَقُ منطقي=لهوى و قالَ أيا ربيعُ كفاني
57. ولأنطقَ الصلدَ الأصمّ قصائدي=و لصاحَ حسْبُكَ يا عظيمَ الشانِ
58. أسمعتُ كلَّ الكائناتِ مشاعري=فبّكّيْنَ من إنسٍ و جنسِ الجانِ
59. إلاّ خليلة مهجتي لم تبكِنِي=فبَكَيْتُ مَنْهَجَها العصيًّ الجاني
60. فالظعنُ ينخرُ في الفؤاد صبابةً=و القلبُ في زردِ الصبابةِ عانِ
61. يا طائر الفينيق خبّرْ عن جنو=نِ العاشقينَ و أنتَ يا كرَواني
62. قيسٌ مليكُ الحبّ ولّى عهدُهُ=و اتى ربيعُ بعهدِ حُبٍّ ثانِ
63. العيدُ جاءَ و لم تنلني بسمةٌ=أقضي بها "عيديّةَ" الهيمانِ
64. و الخلقُ لمّا يفرحوا مثلي أنا=و تهيّأوا للعيدِ بالأكفانِ
65. العيدُ حلّ على الأنامِ كأنّهُ=فيضٌ من الادواءِ و الأشجانِ
66. العيدُ أقبلَ ينزفُ العبراتِ فو=قَ خدودِ دينِ اللهِ والإيمانِ
67. هذي بلادُ العُرْبِ أضحَتْ مرتعَاً=للّهوِ و الإفسادِ و الطغيانِ
68. هذي سفينةُ عزّنا و فخارنا=لكنّها غرِقَتْ بلا رُبّانِ
69. ديسَتْ لنا دونَ النّعالِ مناقبٌ=و الذلّ قابلناهُ بالإدمانِ
70. هالَ الزمان على البلادِ نوازلاً=في القدسِ في يافا و في الجولانِ
71. في كلّ ثغرٍ من ديارِ الله جا=ستْ ثُلّةُ الأوغادِ و الصُّلبانِ
72. فانظرْ إلى لبنانَ, أبصِرْ عيدَها=و العيدُ نفس العيدِ في السودانِ
73. عيدٌ مضى, بغدادُ أُطفأ نورُها=جَبَلٌ هوى, و انهدّ شُمْخُ رِعانِ
74. صدّامُ يا سيْفَ الكُماةِ مُذرَّباً=ما اسطاعَ-أقسمُ-أن يصيبكَ كانِ
75. كفكفْ دموعكَ يا ابن دجلةَ و الفرا=تِ و يا ابنَ درّ البحرِ و المرجانِ
76. فلئنْ رحلْتَ فإنّ نجمكَ بازغٌ=يسنو كمثلِ شقائقِ النُعمانِ
77. تاللهِ لم ترهبْ خميساً أحمراً=أو شابَ قلبَكَ منه خوفُ جبانِ
78. تالله ما رَجَفَتْ جنابُكَ خيفةً=فافخر بنفسكَ من بني الإنسانِ
79. و اضربْ بنعلِكَ من وراءكَ إنّهم=قبلوا حياةَ الذلّ و الإذعانِ
80. و انظرْ إلى حُلَلِ الملوك من القصو=رِ و من لَبوسِ الماسِ و التيجانِ
81. و انظرْ إلى فكر الملوكِ تجدْ بهِ=أحلامَ عهرٍ أو مجونَ غوانِ
82. و البسْ لثاماً بالسوادِ مطرّزاً=و أقِمْ عزاءَ القدسِ و الشيشانِ
83. و لقدْ أرومُ هجاءَ من لا يستحي=لكنّ قدْري-و العزيزِ-نهاني
84. فانفضْ يديكَ من الكلابِ و عدْ إلى=ربّ الملوكِ و حاكمِ الأكوانِ
85. فالله ينصرُ جُنْدة بجنودهِ=بالدّينِ بالإسلامِ بالقرآنِ
86. يا ربّنا إنّي ببابكَ واقفٌ=عيناي من فرطِ الأسى تكِفانِ
87. يا غافرَ الزلّاتِ و الهفَواتِ و الذ=نبِ العتيقِ و قابلَ النّدمانِ
88. وقَفَتْ دموعي ترتجيكَ بمحجري=فضلَ الهدى و عطيّةَ الغُفرانِ
89. ربّاهُ إنّي قد دعوتُكَ راجياً=عفوَ الكريمِ و رحمةَ الرحمانِ
90. ربّاهُ فانزعْ من ضلوعي علّةَ الـ=إكبارِ و الخيلاءِ و العصيانِ
91. ربّاهُ مالي قد ضَلَلتُ صراطنا=و نسيتُ عهدَ محمّد العدنانِ
92. صُدِعَ الفؤاد من الذنوبِ القاتلا=تِ الفاتكاتِ بفطرةِ الإنسانِ
93. إنّي رأيتُ الدهرَ ينْفَدُ مُهطِعاً=و رأيتُ ساعاتِ الدُّنا بثوانِ
94. و رأيتُ كيفَ الرومُ كانتْ درّةَ الـ=دولاتِ و الأقطارِ و البلدانِ
95. و رأيتُ كيفَ اللهُ يُمهلُ ثمّ يبْـ=طشُ بالطّغامِ و دونما استئذانِ
96. فلأهلِ عادٍ عبرةٌ لذوي الحِجى=و لقوْمِ لوطٍ حكمةُ و معانِ
97. و لقومِ نوحٍ و ابنِ يعقوبَ الصغيـ=رِ دنا لهُ القمرانِ يعتكفانٍ
98. إنّي رأيتُ من الزمانِ طبائعاً=تُذكي و تشعلُ شيبةَ الصّبيانِ
99. و لقدْ رأيتُ الفردَ أبغَضَ عملةٍ=وجهٌ هنا,و هناكَ وجهٌ ثانِ
100. متقلّبٌ بين الرجالِ بمَيْنِهِ=مثل الرغيفِ بملعبِ الفرّانِ
101. إنّي رأيتُ الدينَ أقوَمَ عِصمةٍ=من نزغِ شيْطانٍ و قُبحِ لسانِ
102. و رأيتُ نفسَ العالمين حسودةً=و بها سمومُ المكرِ كالثعبانِ
103. و رأيتُها أمّارةً بالسوء كالذ=ئبِ الوليدِ بحارةِ السِّرحانِ
104. إنّي رأيتُ و كم رأيتُ عجائباً=و رميتُ طرفي في رحى الإمعانِ
105. حتّى لقد دارتْ عليّ نوائباً=فعُجِنتُ تحتَ لسانها الطحّانِ
106. عجبَاً رأيتُ الأكرمينَ تراهَنوا=و تساجلوا شعراً بكلّ مكانِ
107. لا داعِ يا شعبَ القريض تهافُتاً=فأنا مليكُ الشعرِ دونَ رِهانِ
108. رصّعتُ شِعرَ الأقدَمين لآلئاً=من زُخْرُفي و تمائمي و جُماني
109. سبْعٌ على عشرٍ مَضَتْ و قضيتُها=و أنا أفيضُ الشعرَ كالفيَضانِ
110. السنّ مقياسٌ, و لكنْ ليسَ لي=و الحرفُ في متناولِ الغلمانِ
111. الحرفُ يعشقُني, يُبادلني الهوى=و عليهِ إنّي قد عقَدتُ قراني
112. قد قيلَ أنّ الشعرَ عذبٌ حُرُّهُ=هذا الذي ما كان في الحسبانِ
113. لوددْتُ تقليدَ الجدودِ الغابريـ=ـنَ العارفينَ بمهنَةِ الإتقانِ
114. لوددتُ إشهارَ الصقيلِ بوجهِ أرْ=بابِ الرصاصِ و فَيْلقِ الطيَرانِ
115. لوددْتُ طبْعاً عن فحولِ الشعرِ كالصْـ=صُعلوكِ والكِنْديّ والحَمَداني
116. درويشُ و السيّابُ و العقّادُ أهـ=ـلُ النّقدِ و التبيينِ و التِبيانِ
117. الشعرُ ويلي صيّروهُ بضاعةً=تُشرى تُباعُ بأبخسِ الاثمانِ
118. فردْدتُ أصلَ الشعرِ شدواً للورى=و أنا ربيعُ الشّدو و التحنانِ
119. فاقرأ قصيدَتَنا العفيفةَ أصلُها="سالت دموعي و اقشعرّ جَناني"
2. و سكَبْتُ مثل الطفل عَبرةَ واجفٍ=في مقلتيه من العذاب معانِ
3. يبكي و يذرفُ في الدموع حكايةً=و القلبُ يُبدي شدّة الخفقانِ
4. و الليلُ يرقبني بطرفِ ذهولهِ=متعجّباً من معْشر الإنسانِ
5. يا ليلُ مهلكَ هل سمعتَ عن الجوى=يا ليلُ هذاكَ الذي أبكاني
6. رَحَلتْ و ألفَتْ في الفؤاد صبابةً=فغدوتُ أترعُها بكأسٍ قان
7. راحٍ تكمّنَ في خفايا لحظها=يسري بحشوِ الخافق الولهانِ
8. قد ذقتُها قبلاً, و أسكرَني النوى=و اليوم تسكرُني ببيْنٍ ثانِ
9. ويْ من جفاها حينَ تخفي وجدَها=و تُبينُ وجهَ الكِبْرِ و العصيانٍ
10. يا من سلبتِ القلب حسبكِ لم أكنْ=ممّن يرومُ هوى الغرامِ الفاني
11. كُفّي بربّك عن مُصارعةِ الهُيا=مِ و قتل نفسِ الحبّ و الوجدانِ
12. إنّي لأعلمُ أنّ ثغركِ كاذِبٌ=و بأنّ شقّي فيكِ يصْطنعانِ
13. الحبّ بادٍ, أن كتمتِ حديثهُ=سيضجّ نبضُ القلب بالإعلانِ
14. و الشوقُ بادٍ, قد كتمتِ ظهورهُ=لكنّما عيناكِ باكيتانِ
15. أوهلْ نسيتِ العهدَ ويحكِ بيننا=عهدَ الوصالِ و نحنُ منفصلانِ
16. يا ربّةَ العينين و الجفنينِ والر=مشينِ و القلبِ الصغير الجاني
17. حوّاءُ ما كانتْ قبيلكِ تقتلُ ال=أكبادَ من لحظِ الغوى الفتّانِ
18. لحظٌ و ربّي ما رأيتُ نظيرهُ=معْ خِلّهِ ,والله مُعْجزتانِ
19. و الثغرُ موطنُ كيدهنّ و موطني=و إليهِ منتسبٌ و فيه مكاني
20. لمياءُ يمشي السحرُ فوق شفاهِها=متبختراً و مُفاخرَ الأقرانِ
21. سألتْ و كان الشوقُ في لمحاتها=و عيونُها للردّ ناظرتانِ
22. هل تعشقنّ فقلتُ أقسمُ قد عشقـ=تُكِ دونَ عشقٍ أو غرامٍ ثانِ
23. فَهَمَتْ مدامعُها على وجناتها=و ترقرقتْ في رقةٍ و حنانِ
24. قالتْ فديتُك,هل بكيتَ من الجوى=فاسمعْ لقد أبكاكَ ما أبكاني
25. فلقد رماني الصبُّ أعدلَ سِهمِهِ=قَصَمَ الفؤادَ فشلّني, أوداني
26. قلتُ ارعوي هل أستحقُّ لآلئاً=مِن مقلتيكِ و هنّ دامعتانِ؟
27. فضممتُها و القلبُ يُرعِدُ راجفاً=و فؤادُها قد ردّ بالخفقانِ
28. و بريئةٍ مرّت عليّ كأنّما=مرّ النسيمُ الرطبُ بالأغصانِ
29. ترثي حبيباً ما بكى لجمالها=و عيونُها بالصبّ طافحتانِ
30. و الحبّ تعجزُ ردَّهُ عن نفسها=و تُسرُّ بالإعلانِ, بالكتمانِ
31. قصّتْ عليّ من الغرامِ قصيدةً=أبياتها قِطَعٌ من الأحزانِ
32. هاكِ الهوى في متنِ نَصّ قصائدي=وجداً تطايرَ من لظى نيراني
33. الحبّ يا بنت الأكارمِ مهنتي=فنّ النوى أو حِرفةُ النسيانِ
34. أتقنتُ ألوانَ الصبابةِ و الجوى=و سلي الحبيبةَ ,جرّبتْ ألواني
35. مُذ هفهفتْ برموشها و تمايَسَتْ=و تبسّم الثغرُ الرقيقُ الحاني
36. رقَصَ القريضُ على جدائلِ رمشها ال=مكحولِ رقصَ المدنفِ السّكرانِ
37. بضعٌ سنيناً دونها و كأنّني=مرّ الزمانُ عليّ تلوَ الثاني
38. و نظرتُها بعدَ انتظاري صعّرتْ=خدّ الحنانِ و موْضعَ الإحسانِ
39. جادتْ عليّ من الجفاءِ عطيّةً=فإذا بعينَيْ خافقي تكِفانِ
40. إنّي لأقسمُ ما سلوتُ جنانها=فلأيّ ذنبٍ صدّني و سلاني؟
41. كلفٌ و كنتُ من الرجال الشامخيـ=ـنَ و كنتُ طوداً ثابتَ الأركانِ
42. كلفٌ و كنتُ المشمخرّ و لم أزلْ=جبلاً أشمّاً باسقَ البنيانِ
43. فالشعرُ شعري و القريضُ قصائدي=و الحرفُ ملكي و الزمانُ زماني
44. أنا لستُ أُلحنُ في الحروفِ أيا ابنها=بلْ أنتَ أطرشُ, فارغُ الأذهانِ
45. يا من تعفّنَ رأيُهُ بصميمهِ=و نما فأنبَتَ علّةَ الغثيانِ
46. هلّا نَظَرتَ إلى نُفيسِكَ بُرهةً=لترى بوجهكَ قالبَ الشيْطانِ
47. فاصمِتْ بربّك و انتبهْ لمضاضتي=و احذرْ مُقارعتي و سَخطَ لساني
48. أناْ إن سكتُّ فإنّ صمتي مُرهبٌ=و لئنْ غضبتُ أثورُ كالبركانِ
49. فلقدْ جهلتَ مكانتي فرَميْتَني=و جهلتَ حرفي و احتَقَرتَ بياني
50. عندي الجوابُ و إنّ شِعري صارمٌ=قردٌ رمى أسَداً وذاكَ رماني
51. قد سوّلَتْ لكَ نفسُ شيطانٍ لدو=دٍ بالغوى,بالفسق بالهَذَيانِ
52. لوّثتَ نصّ خريدتي و خريدتي=كانتْ بقمَّتِها و كنتَ الداني
53. أنا إنْ قطعتُ من البلاغةِ مقطعاً=أضحى أنيقاً ناصعَ الألوانِ
54. فلقدْ ملكتُ الشعرَ دونَ مُنازِلٍ=و علوتُ صقراً في فضا العقبانِ
55. و ملكتُ حرفَ الضادِ بتُّ أميرَهُ=و أميرَ جُلِّ الشيبِ و الشبّانِ
56. حتّى إذا سمِعَ الفرزدَقُ منطقي=لهوى و قالَ أيا ربيعُ كفاني
57. ولأنطقَ الصلدَ الأصمّ قصائدي=و لصاحَ حسْبُكَ يا عظيمَ الشانِ
58. أسمعتُ كلَّ الكائناتِ مشاعري=فبّكّيْنَ من إنسٍ و جنسِ الجانِ
59. إلاّ خليلة مهجتي لم تبكِنِي=فبَكَيْتُ مَنْهَجَها العصيًّ الجاني
60. فالظعنُ ينخرُ في الفؤاد صبابةً=و القلبُ في زردِ الصبابةِ عانِ
61. يا طائر الفينيق خبّرْ عن جنو=نِ العاشقينَ و أنتَ يا كرَواني
62. قيسٌ مليكُ الحبّ ولّى عهدُهُ=و اتى ربيعُ بعهدِ حُبٍّ ثانِ
63. العيدُ جاءَ و لم تنلني بسمةٌ=أقضي بها "عيديّةَ" الهيمانِ
64. و الخلقُ لمّا يفرحوا مثلي أنا=و تهيّأوا للعيدِ بالأكفانِ
65. العيدُ حلّ على الأنامِ كأنّهُ=فيضٌ من الادواءِ و الأشجانِ
66. العيدُ أقبلَ ينزفُ العبراتِ فو=قَ خدودِ دينِ اللهِ والإيمانِ
67. هذي بلادُ العُرْبِ أضحَتْ مرتعَاً=للّهوِ و الإفسادِ و الطغيانِ
68. هذي سفينةُ عزّنا و فخارنا=لكنّها غرِقَتْ بلا رُبّانِ
69. ديسَتْ لنا دونَ النّعالِ مناقبٌ=و الذلّ قابلناهُ بالإدمانِ
70. هالَ الزمان على البلادِ نوازلاً=في القدسِ في يافا و في الجولانِ
71. في كلّ ثغرٍ من ديارِ الله جا=ستْ ثُلّةُ الأوغادِ و الصُّلبانِ
72. فانظرْ إلى لبنانَ, أبصِرْ عيدَها=و العيدُ نفس العيدِ في السودانِ
73. عيدٌ مضى, بغدادُ أُطفأ نورُها=جَبَلٌ هوى, و انهدّ شُمْخُ رِعانِ
74. صدّامُ يا سيْفَ الكُماةِ مُذرَّباً=ما اسطاعَ-أقسمُ-أن يصيبكَ كانِ
75. كفكفْ دموعكَ يا ابن دجلةَ و الفرا=تِ و يا ابنَ درّ البحرِ و المرجانِ
76. فلئنْ رحلْتَ فإنّ نجمكَ بازغٌ=يسنو كمثلِ شقائقِ النُعمانِ
77. تاللهِ لم ترهبْ خميساً أحمراً=أو شابَ قلبَكَ منه خوفُ جبانِ
78. تالله ما رَجَفَتْ جنابُكَ خيفةً=فافخر بنفسكَ من بني الإنسانِ
79. و اضربْ بنعلِكَ من وراءكَ إنّهم=قبلوا حياةَ الذلّ و الإذعانِ
80. و انظرْ إلى حُلَلِ الملوك من القصو=رِ و من لَبوسِ الماسِ و التيجانِ
81. و انظرْ إلى فكر الملوكِ تجدْ بهِ=أحلامَ عهرٍ أو مجونَ غوانِ
82. و البسْ لثاماً بالسوادِ مطرّزاً=و أقِمْ عزاءَ القدسِ و الشيشانِ
83. و لقدْ أرومُ هجاءَ من لا يستحي=لكنّ قدْري-و العزيزِ-نهاني
84. فانفضْ يديكَ من الكلابِ و عدْ إلى=ربّ الملوكِ و حاكمِ الأكوانِ
85. فالله ينصرُ جُنْدة بجنودهِ=بالدّينِ بالإسلامِ بالقرآنِ
86. يا ربّنا إنّي ببابكَ واقفٌ=عيناي من فرطِ الأسى تكِفانِ
87. يا غافرَ الزلّاتِ و الهفَواتِ و الذ=نبِ العتيقِ و قابلَ النّدمانِ
88. وقَفَتْ دموعي ترتجيكَ بمحجري=فضلَ الهدى و عطيّةَ الغُفرانِ
89. ربّاهُ إنّي قد دعوتُكَ راجياً=عفوَ الكريمِ و رحمةَ الرحمانِ
90. ربّاهُ فانزعْ من ضلوعي علّةَ الـ=إكبارِ و الخيلاءِ و العصيانِ
91. ربّاهُ مالي قد ضَلَلتُ صراطنا=و نسيتُ عهدَ محمّد العدنانِ
92. صُدِعَ الفؤاد من الذنوبِ القاتلا=تِ الفاتكاتِ بفطرةِ الإنسانِ
93. إنّي رأيتُ الدهرَ ينْفَدُ مُهطِعاً=و رأيتُ ساعاتِ الدُّنا بثوانِ
94. و رأيتُ كيفَ الرومُ كانتْ درّةَ الـ=دولاتِ و الأقطارِ و البلدانِ
95. و رأيتُ كيفَ اللهُ يُمهلُ ثمّ يبْـ=طشُ بالطّغامِ و دونما استئذانِ
96. فلأهلِ عادٍ عبرةٌ لذوي الحِجى=و لقوْمِ لوطٍ حكمةُ و معانِ
97. و لقومِ نوحٍ و ابنِ يعقوبَ الصغيـ=رِ دنا لهُ القمرانِ يعتكفانٍ
98. إنّي رأيتُ من الزمانِ طبائعاً=تُذكي و تشعلُ شيبةَ الصّبيانِ
99. و لقدْ رأيتُ الفردَ أبغَضَ عملةٍ=وجهٌ هنا,و هناكَ وجهٌ ثانِ
100. متقلّبٌ بين الرجالِ بمَيْنِهِ=مثل الرغيفِ بملعبِ الفرّانِ
101. إنّي رأيتُ الدينَ أقوَمَ عِصمةٍ=من نزغِ شيْطانٍ و قُبحِ لسانِ
102. و رأيتُ نفسَ العالمين حسودةً=و بها سمومُ المكرِ كالثعبانِ
103. و رأيتُها أمّارةً بالسوء كالذ=ئبِ الوليدِ بحارةِ السِّرحانِ
104. إنّي رأيتُ و كم رأيتُ عجائباً=و رميتُ طرفي في رحى الإمعانِ
105. حتّى لقد دارتْ عليّ نوائباً=فعُجِنتُ تحتَ لسانها الطحّانِ
106. عجبَاً رأيتُ الأكرمينَ تراهَنوا=و تساجلوا شعراً بكلّ مكانِ
107. لا داعِ يا شعبَ القريض تهافُتاً=فأنا مليكُ الشعرِ دونَ رِهانِ
108. رصّعتُ شِعرَ الأقدَمين لآلئاً=من زُخْرُفي و تمائمي و جُماني
109. سبْعٌ على عشرٍ مَضَتْ و قضيتُها=و أنا أفيضُ الشعرَ كالفيَضانِ
110. السنّ مقياسٌ, و لكنْ ليسَ لي=و الحرفُ في متناولِ الغلمانِ
111. الحرفُ يعشقُني, يُبادلني الهوى=و عليهِ إنّي قد عقَدتُ قراني
112. قد قيلَ أنّ الشعرَ عذبٌ حُرُّهُ=هذا الذي ما كان في الحسبانِ
113. لوددْتُ تقليدَ الجدودِ الغابريـ=ـنَ العارفينَ بمهنَةِ الإتقانِ
114. لوددتُ إشهارَ الصقيلِ بوجهِ أرْ=بابِ الرصاصِ و فَيْلقِ الطيَرانِ
115. لوددْتُ طبْعاً عن فحولِ الشعرِ كالصْـ=صُعلوكِ والكِنْديّ والحَمَداني
116. درويشُ و السيّابُ و العقّادُ أهـ=ـلُ النّقدِ و التبيينِ و التِبيانِ
117. الشعرُ ويلي صيّروهُ بضاعةً=تُشرى تُباعُ بأبخسِ الاثمانِ
118. فردْدتُ أصلَ الشعرِ شدواً للورى=و أنا ربيعُ الشّدو و التحنانِ
119. فاقرأ قصيدَتَنا العفيفةَ أصلُها="سالت دموعي و اقشعرّ جَناني"