مشاهدة النسخة كاملة : المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ
أبوبكر سليمان الزوي
26-01-2008, 07:11 PM
المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ
الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق .. ،
أما الجهادُ المقـدّسُ فهو أمـرٌ مفروضٌ ولكنه مُحـدّدٌ ومشروطٌ ومعلـوم .!
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم ( وما كان ربُّـك ليُهلِـكَ القُرى بِظُـلمٍ وأهلُهَـا مُصلِحُـونَ * ولو شَاءَ رَبُّـكَ لجعلَ الناسَ أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين * إلا مَنْ رَحِـمَ رَبُّـكَ ولذلك خَـلَقَـهُـم وَتَـمَّـتْ كَلِمَةُ رَبـِّكَ لأملأنَّ جهنمَ مِنَ الجِنّةِ والناسِ أجمعينَ ) هـود \ 117-118 -119 .
الثقـافـةُ : هي أسلوبٌ للحياةِ الأرضيةِ - أنتجه الفكـرُ البشريُّ – بما يكفل للإنسان التعايشَ الجَمَاعيّ – عن طريق التوفيق النسبي بين الاختلافات الطبيعية وتضارب المصالح بين البشر ، .. ولا أعلم للثقافة مفهومًا مُغايرًا لذلك .!
فالثقافةُ ليست أمـرًا فرديًا بأي حال .! ولولا ضرورةُ حياةِ الإنسانِ في جماعاتٍ - كما يفرض ذلك واقعُ الحالِ وتزايد أعداد البشر - لما كان لمفهومِ الثقافةِ معـنـًى ولا وجودًا في حياتنا ؛ في حين أن علاقة الإنسان بربه \ أي المعتقد الديني - هو أمرٌ فرديٌّ والتزامٌ شخصي بالدرجة الأولى ، وقد نشأ مفهوم المعتقد الديني مع بداية الخليقة \ مع خلقِِ آدم - عليه السلام .! ولم يكن حينها للثقافة وجـوداً .!
ومن هنا يتضح الخطأ الناجم عن الخلط بين المفهومين \ الثقافة والمعتقد الديني .! حيث أنه لا يصحُّ أن نقول ثقافة إسلامية أو مسيحية .. وإنما الصواب ثقافة عربية أو فارسية أو صينية ، أو ثقافة بشرية عامة ... الخ
فالثقافةُ لا تُـذكـرُ قرينَ الفردِ إلا من حيث انعكاسها سلبًا أو إيجابًا على سلوكه وفكـره ونجاحه وفشله – وذلك فقط - عند تفاعله وتواصله أو تصادمه مع الآخرين .! في حين أن المعتقد الديني يتصف به الفرد بغض النظر عن تواصله مع الآخرين أو اعتزالهم .! كما كان يفعل رسولنا الكريم بتعبّـده – حتى قبل نزول الوحي عليه .!
ولأن الثقافة تؤثـرُ في واقع الإنسان اليومي وتمس مصالحه مباشرة ، لذلك فهي مُلزمة للإنسان أكثر مما يفعل المعتقد الديني .. ، ولا يستطيع الإنسان تجاوز قيودها - فهي التي تُـحـدّد تطور حياته عبر الزمن ..، بينما المعتقد الديني هو أمـرٌ فوقي ثابت ولكن تأثيره غيرُ مباشرٍ ، وبالتالي يحـدث تجاوزه آنياً .!
ونحن عندما نَصِفُ فـردًا ما بأنه مُثقفٌ – فإننا بذلك إنما نَصِفُ الكمَّ المعلوماتي - الأدبي والفكري والتاريخي والعلمي ... الذي استطاع ذلك الفردُ تجميعه واكتسابه من معارف الآخرين وتجاربهم وإنتاجهم الفكري – خلال رحلة تواصله وتفاعله معهم .!
وعندما نَصِفُ أحـدَنا بأنه مُثقفٌ – فإننا بذلك لا نمنحه شهادةٌ- بأنه سوي الفطرة ورشيد الفكـر وقويم السلوك .. ، بقدر ما هو اعترافٌ مِنَّا بما لديه من حصيلةٍ معرفية – ليس إلا .! مع تسليمنا بأن المثقفَ بخبرته وحصيلته المعرفية ينبغي أن يكون الأقـربَ إلى لفطرةِ السويةِ وإلى المنطقِ والفكرِ الرشيدِ .! ولكننا نعلمُ أن هنالك المثقفُ المـؤمنُ وهنالك المثقف المُلحِـد والمُـشرِك .!
ولما كانت الثقافةُ تُخاطبُ العقلَ عن طريقِِ مدلولاتِ الألفاظِ - بواسطة المفردات والمصطلحات والحِكَمِ والأمثال والأشعار ، وما تدعو له من قيـَّمٍ ومبادئ ومحظورات ، وما يعكسها عملياً من عادات وتقاليد وأعراف – متداولة في المجتمع .! فمثلاً نجـد أن الحِكَـمَ والأمثالَ والمصطلحات المتداولة في الثقافة تُمثّلُ المنارات والرموز الفكرية التي يقتدي بها عقل الإنسان – ابتداءً - في تحديد مداخل التفكير والتحليل .!
وبذلك تكون الثقافة المحلية المُنغلقة هي : إطارٌ وسجنٌ يُحيطُ بالعقلِ .. دونما حسابٍ للتنوعِ الثقافي والتواصل والاختلاف البشري العام – الذي لا مناص منه في الحياة .!
ويأتي عنصرُ اللغةِ – ودقةُ الإنسانِ في فهم معاني مفرداتها ، وحرصه وإلمامه بدلالات ألفاظها .. يأتي كأهم الشروط لنجاحِ الثقافةِ الرشيدةِ في قيادة المجتمعات نحو الحياة الإنسانية العقلانية المتزنة والفاعلة .!
وحيث أنه لا توجد ثقافةٌ معياريةٌ - كي يستخدمها الإنسان لقياس انحراف ثقافته وتقويمها .!
لذلك وجب قياس الثقافة وتعريفها من خلال أثرها على الفكر ، حيث أن الفكر هو الذي يبني أو يهدم كيان الإنسان – فـردًا أو جماعةً .!
فنجد أن الثقافة الرشيدة هي قائدٌ ومحركٌ ومُصححٌ لمسار سفينةِ الأمـمِ والمجتمعاتِ - في بحور التواصل العقلاني والتفاعل الواعي - مع الوجود ، ومن ثمّ التعاطي المنطقي والمعرفي مع عواصف الحياة ، وابتكار السُبُلِ التي تقود إلى الاستقرار فالتقدم فالتحضّـر .. وصولاً إلى شواطئ الأمان والرفاهية .!
- ونجد أن الثقافةَ العقيمةَ ، هي تلك الثقافة التي تقودُ العقل إلى طريقِ الترددِ والمكابرةِ واختلاقِ الأعذارِ ومبرراتِ العجزِ ، وتأبـيدِ وتقديسِ الأفكارِ البشريةِ – وجعلها من ثوابتِ الوجودِ ، ومن ثـمّ التعاطي العقيم مع تطورات الحياة ، والاصطدام بمستجداتها ، واللجوء إلى خلط المفاهيم ، وتحويل الاختلافات الطبيعية إلى خلافات مصيرية - من أجل تغطية القصـور الفكري .. وصولاً إلى صحاري التخلف – ثم إلى مقابر الاندثار الحضاري .!
- وأن الثقافة الملوثة ، هي تلك الثقافةُ التي تفرضُ على العقلِ حَجـْـرًا معـرفيًا وجمـودًا فكريًا ، لينحصر دوره في ردود الأفعال - وفق موروثاته من المصطلحات اللغوية والقوالب الفكرية الجاهزة الثابتة الجامدة - التي تَصِفُ له الحياةَ برؤيةٍ ضبابيةٍ - غيرِ واقعيةٍ - ومن زاويةٍ يشوبها الغموضُ ، وتنظر إلى الإنسان من نافذة الخصم ، وهي تهـدف بذلك إلى المحافظة على وضعٍ قائمٍ ينخره الدهـر ببطء .. بدلاً من زرع الثقة في العقل وحضّه على التفكير من أجل إحياء كيان الإنسان – كعنصرٍ فاعلٍ في الوجود .!
وأنا عندما أستمعُ إلى مُثقفٍ عربيٍ مسلمٍ – وهو يُبدي تخوفه الشديد مما بات يُعرفُ اليوم بـ"العولمة الثقافية " ، أو مُفكّـرٍ مسلمٍ يعتقـدُ بقـدرته على توحيدِ الناسِ كافةً على أمـرٍ فكري أو عقائدي .. حتى لو كان ذلك الأمـرُ هو توحيدُ الله عـزّ وجل .. ؛ أو أجـد بين المسلمين من يعتقـدُ بأن رسالته في الحياة هي توحيد الناس كافةً على معتقده - وإلا معاداتهم ومقاتلتهم .!
فإنه لا يُخامرني أدنى شكٍ في أن هؤلاء المسلمين إما أنهم لم يقرئوا القرآن \ مثل هذه الآيات (هـود \ 117-118-119) ولم يسمعوا بها .. ،
وإما أنهم مُصابُون بـداءِ ثقافي تعليمي "أسميته : " داءُ خلطِ المفاهيم .!
وقد أشـار بعضُ المفكرين العرب إلى ضرورة الفصل بين مفهومي الصراع والجهاد .. مثلًا .!
( منهم \ الأستاذ محمد حسنين هيكل ) .
فتصادم المصالح بين البشرِ وما ينتج عنه من اختلافاتٍ وصراعاتٍ هو أمرٌ قـدريٌّ إلهيٌّ أزليٌّ مفتوحٌ ومحتوم – رغم أن المنطق يرفضه في وجود العقل والأخلاق .. ،
أما الجهادُ المقـدّسُ فهو أمـرٌ مفروضٌ ، ولكنه مُحـدّدٌ ومشروطٌ ومعلوم .!
والخلط بين المفاهيم يؤدي بالإنسان إلى الجهل ، وكأنه مرضٌ فكريٌّ يُصيب مركز صناعة الفكر لدى الإنسان بالشلل – فـيغـلق أمامه الآفاق الفكرية – الكونية والوجودية والإنسانية الواسعة .!
فالخلطُ بين المفاهيمِ هو المسببُ الرئيسي للتشوهات الفكريةِ التي تؤدي إلى انحرافاتٍ فاصلةٍ - قاتلةٍ - في حياةِ الإنسانِ .! لأن الخلط بين المفاهيم غالباً ما يقود إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
ونحن نعلم أن المفهومَ : هو لفـظٌ يُشار به إلى المعنى اللغوي للمفردات ، وإلى المدلول المنطقي للألفاظ والبُـعد الفلسفي للمصطلحات والمغزى الأدبي والفكري للجُـمَلِ والأحرف والإشارات – اللغوية .. وذلك على اعتبار أن المفهوم هنا - هو ما تعنيه الآيات في الكتاب المقـدّس ، وكذلك هو كل ما يقصده المتحدث أو الكاتب من البشـر .
ويتحقق المفهومُ ويؤدي رسالته .. عندما يذهب عقلُ المُتلقي - قارئًا أو مستمعًا – إلى ذاتِ القصدِ وبذاتِ الدقةِ التي سيق بها اللفظ - وذلك في مختلف الساحات والمجالات وبمختلف اللغات .!
فمثـلاً ، عندما نقول :
قُـدرةُ الإله \ والأزل والأبـد ، ومشيئة الله \ وبداية الوجود والخلود ونهاية الحياة ، ومفهوم الإنسان في الأديان \ ومفهوم الأديان لدى الإنسان ، والإسلام والدين ، المسلم والإنسان ، الكفر والشرك والإلحاد - والمنطق والعقل والإيمان ، الدولة والأمّـة ، الشعب والمجتمع ، الصراع البشري الواسع \ والجهاد المقدّس المُحـدّد ، المصالح والمبادئ والأولويات ، اختلاف البشر وضعفهم \ وشرائع السماء ، الفكـر والتفكير والثقافة والمعرفة ، الأنا والآخـر\ الفارق الطبيعي والفاصل المصطنع ، المعتقد والأمانة والرسالة ، حياة الجماعة ومسئولية الفـرد ، نطاق الحرية وحـدود العبودية ... الخ
فإننا بذلك إنما نُشير إلى عددٍ من المفاهيم الإنسانية التي يصح بينها الاختلاط ولا يجوز الخلط بينها ، كما أنه يُقبل حولها الاختلاف ولا يُعقل الخلاف حولها .! .. بمعنى أن التشابه الظاهري موجودٌ ولا يمكن إلغاؤه ، ويجوز الاختلاف فيه حول طاولة المنطق والمعرفة ، ولكن الاشتباه في المدلولات يجب انتفاؤه - ولا يمكن أن يؤدي الاختلاف إلى خلاف إلا في ساحة الجهل .!
فمثـلًا : الثقافة كـ( لفـظٍ ) هي من أكثر المفـردات استخدامًا وحضورًا على ألسنة المتحدثين وخلف أقلامِ الكُتـّاب .. ، وفي هذه الحال فإن المنطق يقول : إن الثقافة كـ( مفهـوم ) يجب أن تكون واضحة في مدلولها ومتفقًا عليها - بقدر ما هي مستعملة - بلفظها ، ويجب ألا يكون مدلول الثقافة محل خلاف .!
وأنا أفهمُ ثقافةَ أي مجتمعٍ على أنها المصدرُ الذي يستقي منه - ابتداءً - كل أفراد المجتمع - أساسيات المفاهيم الإنسانية والحياتية - النظرية والتطبيقية .
ويرجعُ الفضلُ إلى الثقافةِ المحليةِ لأي مجتمع - في حال صواب فكر الجماعة في ذلك المجتمع ؛ كما أن للثقافة من الوزرِ نصيبٌ كبيرٌ في حالِ انحرافِ فكرِ الفرد .! ذلك بأن ثقافةَ المجتمعِ في عصرنا هي أولُ مُتحدثٍ في حياة الفـرد - نُصحًا أو تضليلًا ، كما أنها أولُ مستمعٍ للإنسان - نقدًا أو تأييدًا .! وهي بذلك تكون المؤسِّس والموجِّـه والحاضِـن - لفكر الإنسان في بدايات تكوينه .
ولا يختلف عاقلان على أولويةِ عنصرِ اللغةِ - بل وتفـرّده - في تحديد وتوحيد المفاهيم .! ومن هنا تأتي أهمية وضرورة اهتمام الأفراد والمؤسسات - التعليمية والتثقيفية - بفـرز وتدقيق - دلالات الألفاظ ، والاتفاقِ حول مفاهيمها ، وتأصيلها في حياة الإنسان – فـردًا وجماعةً .!
أخيراً ، فإنني أرى أنّ ما نعيشه نحن العربَ - اليومَ - من تطورٍ وتأزّمٍ مستفحلٍ لأزماتنا ، وتحولنا إلى مهزومين في كل قضايانا ومُدانين في نظر العالم ، وبقائنا محط تساؤلٍ وسخرية أمام كل الثقافات ، واعتمادنا المطلق على لغة الدين والجهاد ، وعدم فصلنا بين اختلاف البشر الحتمي وصراعهم وتدافعهم وتضارب مصالحهم .. وبين .. الجهاد المقدّس الذي له شروطه وبيئته وإمكانياته ومعداته الضرورية ، ووصفنا لكل مَـنْ نختلف معه بأنه عـدوٌ يستهدف وجودنا وديننا ، .. إنما ذلك كله بسبب خللٍ كبيرٍ يعتري ثقافتنا ومنها انتقل إلى الفكر العربي ومنه إلى تأويل الآيات القرآنية .. ، الأمـرُ الذي أوصلنا إلى هاوية الصدام والخلاف - بعد مرحلة الخصام والاختلاف - مع كل الثقافات الأخرى – بل وحتى فيما بيننا .!
وإنه لمن واجبنا - في هذا المنبر الثقافي الحـر - المساهمة الفاعلة في إعادة صياغة ثقافتنا بلغة العصر والعقل والمنطق وتوحيد المفاهيم ، لا بلغة التفاخـر الخرافي بالماضي والحـذر المميت من التواصل والاختلاف مع الآخـر .!
وعلينا مخاطبة القارئ بحقائق الأمـور ، وفتح قنوات للتواصل الفكري مع المواقع والمنابر الإعلامية والثقافية الأخرى - قدر المستطاع ، لإيصال رسالتنا إلى أكبر عـددٍ ممكن من القُــرّاءِ العرب ، وحثهم على النظر إلى العالم والوجود برؤية عقلانية واسعة قابلة للفهم – قادرة على المنافسة .. تستوعب الاختلاف بين الثقافات .!
وإنني لأجـزم بأن ترسيخَ حقيقةٍ فكريةٍ – مُستقاةٍ من كتابِ الله - مفادها أن مشيئة الله قد أرادت للصراع والاختلاف - بين بني البشر أن يظلَّ كأحـدِ سُننِ الحياةِ إلى ما شاء الله ..، أقول إن ترسيخ مثل هذه الحقيقة في الثقافة العربية لَهُـوَ أمـرٌ كفيلٌ بأن يُصحح قواعد اللعبة لدى العقل العربي ويقوده إلى رشده ، وسيُنتج حينها فكرًا منتصراً في صراعاته البشرية بما يتناسب مع واقعه وقُـدُرَاته وقضاء الله وقدره وفطرة الاختلاف التي فطر اللهُ الناسَ عليها ، .. ولن يظلَّ بعدها العقل ُ العربي أسيرًا لأحـلامِ البطولات الوهمية وآمال الأمجاد الكونية ، ولا رهينة لثقافة العنف والعداوات الدينية - بانتظار اليوم الموعود المغلوط – يوم النصر الشامل للعرب المسلمين على كل من سواهم – الأمـر الذي رسخته - ولا تزال - الثقافة العربية السائدة في ذاكرة الأجيال العربية المسلمة ، فأضحى العربُ رمزاً للحرب - بانتظار النصر الشامل ، ولم يعيشوا واقعهم ولم ينتبهوا للتطورات والتحالفات من حولهم .. وأخشى أن يكون القادمُ ضياعَ ما بين أيديهم .!
محمد المختار زادني
17-02-2008, 08:17 PM
أشكر لك هذه البادرة الطيبة لإثارتك هذا الموضوع
الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
أسباب الخلط بين المفاهيم: لم أقف في واقع الحال على سبب واحد، بل هي مجموعة من العوامل التي تحيط بالشخص منذ حداثة سنه وترافقه في مراحل حياته. ولعل أول تلك العوامل تربيته حين كان طفلا على أن القرار يجب أو يكون دائما ممن يرعونه ويقومون على تنشئته فهم الذين يعرفون مضارّ ومنافع كل ما يحيط به وهم الذين يتصرفون في ما يملك من حواس بل يذهبون إلى حد التذوق بدلا عنه! ومتى بلغ سن التمدرس، سلكوا معه ما يسلك مربي الخيول في أحسن الأحوال فإن حصل على درجات ترضيهم كافئوه وأحسنوا إليه وإلا فهم يحقرونه لدرجة تجعله يخجل من نفسه ليعتبر تدني درجات الامتحان ذنب لا يغتفر... تأتي بعد ذلك مجابهته لأقرانه في ساحة اللعب، فاللعب ممنوع، وإن تسلل في غفلة من والديه ليلعب، تبدو عليه علامات الارتباك وبساطة المشاركة مع الصبية؛ فيكون دائما إما منهيا أو مأمورا – لأنه لا يعرف كيف يتصرف – مما يكرس لديه الاعتماد على شخصية من يأمره أو ينهاه، وتتعاظم عنده نظرة الإكبار والإجلال لمثل تلك الشخصيات، يضاف إليها عامل وسائل الإعلام بما تعرضه من مسلسلات. وقبل بلوغه العشر سنوات، يمر بمرحلة التساؤلات "الميتافيزيقية " وما تحمله من مسلمات بأمور ما وراء الطبيعة، مرورا لا يخلو من الضغط على فكر لا يجد متنفسا للإفضاء بما يعج بداخله من تساؤلات، ناهيك عما يلاقيه من تناقض بين ما يسمع من الشيوخ والأئمة من وعظ وإرشاد وما يشاد به من قيم نبيلة وأخلاق فاضلة، وما يجد في الواقع من رواج للأكاذيب والخدع ! وما يزال بعد لم يدخل مرحلة السماح له بنقاش ولا بالحوار لأنه مجبر أن يجيب في الفصل على أسئلة محصورة في ما لقّنوه من دروس التاريخ أو الجغرافيا أو الحساب ولا حق له في الحوار. وفي المرحلة التي تليها وهي أصعب المراحل – المراهقة- يحاول فرض شخصيته المهلهلة على المحيط الدائر به بفرض رأيه ولو بالصراخ. وقد يستقبل المرحلة الجديدة – النضج- متأخرا لأنه لم يعرف الاستقلال بالرأي قبلها، ثم إن البيئة التي يعيش فيها قد تزيد الأمور تعقيدا بتوفير وسائل الركون إلى أخذ الأمور الجاهزة واعتبار التفكير ضربا من الهموم!
آلياته:
من أنجع الآليات وأخطرها أن يلجأ الشخص إلى وسائل وحيل دفاعية تنشأ من داخله وتتجسد في البحث عن تبريرات وأسس يبني عليها صرحا أوهى من خيط العنكبوت وهو يعتقد أن المصداقية ليست خارجة عن ذاته فهو الأصح وكل من عداه خطأ وإلا فقد يلبس شخصية تناسب ما رسخ في ذهنه من معالم كقالب تأثر به خلال مراحل حياته السابقة، ليواجه العالم بمنطق لم يتعلم أسسه ولا مبادئه، ولم يمارس تجارب حوارية تثري فكره وتكسبه مرونة الأخذ والعطاء وراحة الاقتناع بإرجاع الوقائع إلى مسبباتها الحقيقية وتحرّي دلالة المفاهيم وإعمال الفكر بطريقة ينفذ بها في أعماق الظواهر اجتماعية كانت أم ثقافية أو غيرها، لنبذ الطالح والأخذ بالصالح ...
ثم إن الأسس التي يبني عليها الشخص تصوراته للحياة وللكائنات والمقدّسات والقيم الأخلاقية ليست وليدة التجارب والتفاعلات مع النتائج الفكرية والعلمية، بل بني نسيجها على مسلمات تلفّظ بها الإعلام أو نطقت بها شخصية "مرموقة" اتخذها مصدرا موثوقا لا يقبل النقاش! وإن قدّر أن يناقش رأي تلك "الشخصية المثال" فإن صاحبنا سيعتبر المحاور سفيها لتجرّئه على "المثال" الذي يعدّ وثناً أو طوطما يجب أن يقدّس لمكانته في نفس مريديه.
وتتألق كل الآليات في ظلّ الخرافات والمغالطات التاريخية واعتماد الرّواة منزهين عن الجنوح "للهوى" وعدم اتسامهم بالركون إلى النزعة الذاتية وكأنهم ليسوا بشراً ! بينما يغذّي ذاك التّألق الجهلُ بالتطور التاريخي لمراحل الفكر البشري.
وكنتيجة أولية لخلط المفاهيم نجد الشخص يبرر تصرفاته بالرجوع إلى نيته، فهو الأمين وهو الصادق ولا وجود للحقيقة إلا في ذاته هو لأنها تتخذ مرجعاً منزّها عن الخطأ سواء في روايته للتاريخ، أو في تفسيره للنصوص... وإن من يعاني من الخلط يحمل كما هائلا من الرواسب العالقة بعقله منذ نعومة الأظافر ولا سبيل إلى مناقشتها أمام الباب الموصد "باليقينيات" وبالتالي فإنه يشعر بالمسؤولية أمام الانحرافات التي يعايشها في واقعه، وعليه أن يقاومها ويردّ الناس إلى الصواب –حسب تصوره الخاص- فهو ينصر الحقّ في مجتمعه الصغير (الأسرة) ثم ينطلق نحو أي فريق يحمل شعار "إقامة العدل" لينضمّ إليه! دون النظر في الأهداف الخفية وراء ذلك الشعار إذ يكفيه أن نيته حسنة ولا يريد للناس إلا خيراً...
واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق-
اختلاف البشر هنا يعني ما يعبّر عنه علماء النفس وعلماء الاجتماع "بالفروق الفردية" وهي سمة أصلها أن الفرد يولد ليموت وحده من الناحية "البيولوجية" وأن هويته خاصة به في حياته إذ ليس ضروريا أن يشترك شخصان في كل التصرفات حيال كل موقف مماثل وفي ظروف مماثلة مهما تشابه هذان الشخصان خلقة وأفكارا؛ فهُما لن يجوعا دائما في نفس الوقت ولن يشعرا دائما بنفس الدرجة من التعب ولن يكرها أمراً ما بنفس الحدّة! وبالتالي ستبدو لديهما حاجات ومصالح مختلفة ومع اختلاف المصالح والمنافع يظهر الإطار الاقتصادي الذي سيولد تفاعلا قد يجرّ إلى التنافر والصراع مثلما قد يؤول إلى التعاون داخل المجتمع الواحد... وإن تلك الاختلافات تزداد تباينا بتدخّل العادات والتقاليد والمعتقدات. ومن اختلاف الرؤى التي تنشأ عن المعتقدات أن يرى بعض الناس تصرفا ما طبيعيا بينما يكون لدى غيرهم ممنوعا أو حراما مثل ذبح الأبقار المحرم عند معظم سكان شبه القارة الهندية بينما نجده أمرا عاديا لدى باقي الشعوب. أما أن المنطق لا يفهم الاختلاف في وجود العقل والأخلاق، فهذه جملة تحتاج وقفة طويلة للعودة إلى ما يمثله مفهوم الأخلاق في حدّ ذاته عند التجمعات البشرية؛ حيث نجد سجلاًّ حافلا بالنواهي والأوامر خاصا بعشيرة أو قبيلة دون أخرى، وما اتُّفق عليه من الأوامر أو النواهي بين مجموعة من العشائر أو القبائل يشكِّلُ سجلاً آخر لمجموعة أكبر يحدّد أخلاقياتها وهكذا إلى أن نصل في يوم ما إلى سجلٍّ عالمي يضبط أخلاقياته.
وما دامت الأخلاق لم توجد إلا في إطار ديني في بدايتها – على الأقل- فإننا سنتحدث عن "الناس" أي كل من تشملهم لفظة إنسان لنتخذ مرجعا أقدس وهو الكتاب المنزّل الذي يخاطب الناس ليأمرهم بنهج سلوك ما وترك السلوك المخالف له. ولست أرى أقوى حجة مما جاء في كتاب الله مؤكِّداً لاختلاف الناس واعتبار الفروق الفردية أمراً طبيعياً:
قال تعالى في سورة هـود: وما كان ربُّـك ليُهلِـكَ القُرى بِظُـلمٍ وأهلُهَـا مُصلِحُـونَ (117) ولو شَاءَ رَبُّـكَ لجعلَ الناسَ أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين (118) إلا مَنْ رَحِـمَ رَبُّـكَ ولذلك خَـلَقَـهُـم وَتَـمَّـتْ كَلِمَةُ رَبـِّكَ لأملأنَّ جهنمَ مِنَ الجِنّةِ والناسِ أجمعينَ(119) .
أما الجهادُ المقـدّسُ فهو أمـرٌ مفروضٌ ولكنه مُحـدّدٌ ومشروطٌ ومعلـوم .!
كل الديانات السابقة للإسلام نادت بالقتال عند الضرورة نقرأ من سورة البقرة : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216) ومن سورة النساء: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) ومن سورة محمد وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) نقف هنا على حقيقة الجهاد المقدّس الذي وردت فيه المحكمات من السّور لحسم الأمر فيه؛ فبيّنتْ شروطه وظروف وجوبه كما نزلت آية في اقتتال الإخوة المؤمنين بنفس الكتاب المقدّس، وأكملت السنّة بيان التعامل مع القتلى ومع الأسرى .
فهي الحرب بكل أهوالها ومآسيها، ولا يمكننا وصف الجندي في الحرب بأنه قاتل أو مجرم بل هو مدافع عن مقدّس يؤدي واجبا نحو مجتمعه ودينه؛ دعت إليه ضرورة. وإن نحن بحثنا عن عبارة "الجهاد" في نص القرآن الكريم فلن نجدها وإنما نجد فعل "جاهد" قد ورد 31 مرة ! واقترن الفعل في أكثر الآيات بكلمتي " الأموال والأنفس" جاء بعدها "في سبيل الله" وهذا ما يدعو للتأمل والتّدبر أكثر حتى لا نقلب الخير شرّاً ولا نحوّل ما يُرسي أسس النّظام إلى مصدر فوضى ... وقد أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلِموا ولم يفرض عليهم القتال من السماء بادئ الأمر، بل فُرض عليهم لحفظ الأنفس؛ لأنهم حوصروا وأخرجوا من ديارهم وأُودوا في الأنفس والممتلكات، لخروجهم عن عبادة الأوثان إلى عبادة الله.
ثم توالت الأحداث بعد ذلك حتى كاد مسار مجاهدة الظالمين أن يحيد عن الصواب فجاءت الآية في سورة النساء : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) من هنا يظهر لنا أن الذين آمنوا – حتى في تلك الفترة من الزمن – لم يكونوا دائما على حقّ! فهم بشر يصيبون ويخطئون. ولولا ارتكابهم خطأً لما نزلت الآية الكريمة بالنّهي الرّادع عن فعل لا يرضاه الإسلام كدين سلام ! وقد يكون النداء : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا... شاملا لمن صحبوا رسول الله إذ ورد في تفسير ابن كثير للآية (روى أحمد عن ابن عباس قال: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يرعى غنماً له فسلم عليهم فقالوا: لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا} إلى آخرها (رواه أحمد والترمذي والحاكم) وقال البخاري عن عطاء عن ابن عباس {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} قال: قال ابن عباس: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته، فأنزل اللّه في ذلك: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناْ قال ابن عباس: عرض الدنيا تلك الغنيمة وقرأ ابن عباس (السلام)، وقال الحافظ أبو بكر البزار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سرية فيه (المقداد بن الأسود) فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير ولم يبرح فقال أشهد أن لا إله إلا اللّه وأهوى إليه المقداد فقتله فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا اللّه ؟ واللّه لأذكرن ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا يا رسول اللّه إن رجلاً شهد أن لا إله إلا اللّه فقتله المقداد فقال: "ادعوا لي المقداد، يا مقداد أقتلت رجلاً يقول لا إله إلا اللّه ؟ فكيف لك بلا إله إلا اللّه غداً؟" قال: فأنزل اللّه : {يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم في سبيل اللّه فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند اللّه مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن اللّه عليكم فتبينوا}، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل" (أخرجه الحافظ البزار من حديث ابن عباس) وقوله: {فعند اللّه مغانم كثيرة} أي خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام، وأظهر لكم الإيمان فتغافلتم عنه واتهمتموه بالمصانعة والتقية لتبتغوا عرض الحياة الدنيا فما عند اللّه من الرزق الحلال خير لكم من مال هذا.) فبأي تفسير وبأي مرجع يأتينا من يقتل إخوته عمداً لبلوغ هدف سياسي أو ما شابهه؟ يبدو لنا خلط المفاهيم كيف يؤدّي إلى التضارب مع تعاليم الدين، ومن حكّم هواه في دينه فقد سعى إلى الهلاك دون شكّ.
ولي عودة بحول الله
محمد المختار زادني
18-02-2008, 08:48 PM
الثقـافـةُ : هي أسلوبٌ للحياةِ الأرضويةِ - أنتجه الفكـرُ البشريُّ – بما يكفل للإنسان التعايشَ الجَمَاعيّ – عن طريق التوفيق النسبي بين الاختلافات الطبيعية وتضارب المصالح بين البشر ... ولا أعلم للثقافة مفهومًا مُغايرًا لذلك!
أرى أن مصطلح الثقافة مازال يُعاني من صعوبة التّعريف رغم كل المحاولات التي قرّبته من مصطلح culture الأوروبي. وقد استعير معنى كلمة "ثقافة" من الفعل الثلاثي "ثَقَّفَ" يعني لغةً سوّى وقَوَّمَ، درج التعبير به عن تقويم الرّماح وتسويّتها. وأُطْلِقَ وصفُ "المثقّف على الإنسان للدّلالة على تمكّنه من المعارف الأدبية والفنّية والعلمية وسلوكه المهذّب.
ويقصد بهذا الوصف تجمع بشري يُعْنَى به رصيدٌ متكاملٌ من العادات والتقاليد والقيّم التي تعطي التّجمع البشري طابعه المميّز في سلوكيات عامة ينتهجها الأفراد طوال حياتهم في تفاعلهم مع الطبيعة ومع الآخرين من غير بني جلدتهم.
فإكرام الضيف يمثل جانبا ثقافيا لدى شعوب الجزيرة العربية مثلا ولكنه قد يكون عند غيرهم في أي مكان من العالم. وإن أضفنا لهذه السّمة الاستمتاع بجلسات شعراء الرّبابة نكون قد حدّدنا صفة من ثقافة الجزيرة العربية تميّزها عن عرب شمال أفريقيا حيث لا وجود لشعراء الرّبابة. إلى جانب عادات الاحتفال بمراسيم الزواج، والأهازيج الشعبية، وإقامة ولائم ذكرى للأموات، هناك وسائل وأدوات تستعمل عند تجمعات بشرية خاصة بينما توجد لها بدائل لدى شعوب أخرى سواء كانت لباسا أو آلة موسيقية أو من أدوات الطبخ؛ وتمثل تلك الأشياء -عند الدارسين لعلم الاجتماع- جزءا من ثقافة الشعب محل الدراسة محددا لهويته.
نضيف إلى الخصائص السابقة خاصية التَّوَارُث، فنجد أن السمات الثقافية تتوارثها الأجيال بشكل انتقائي لما يستسيغه الذوق العام لأي مجتمع، فيحتفظ بما يحبب ويترك ما دونه، كان يتخلى عن استعمال أداة أو عن سلوك يصبح ضارا به في ظروف معينة. وتدخل في هذا الإطار مراسيم الطقوس الدينية في صورة قد لا تكون من تعاليم الدين نفسه. ونجد أبرز دليل في مراسيم عيد النيروز لدى الشعوب التي كانت تدين "بالزرادشتية"، قد انتقلت بالعادة والموروث صورة ذاك العيد إلى ثقافة شعوب مسلمة !
سيلفا حنا حنا
19-02-2008, 06:47 PM
أبو بكر سليمان الزوي
المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ
الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق .. ،
لله درك أيها الرائع
قرأت ما كتبته هاهنا بسرعة , موضوع في قمة الروعة ........
وأقول ,ماأحلى الحياة لو أننا نفهمها ، والأحلى منها أن نعلو عليها,لا أن تجرفنا معها
لذلك سأكتفي بهذه الكلمات ولي عودة فيما بعد باذن الله تعالى
وكما أشكر فارس الكلمة الشاعر المميز وصاحب أطيب قلب (محمد المختار زادني )
لتفاعله مع مقالك الفلسفي ,وعلى وضعه بعض النقاط وفتح الافاق نحو الرؤية
هكذا هم الاحرار ,بارك الله فيكم يا أحباب الله
ليحميك الله عز وجل ,,,,, تمنيت ان يتفاعل كل حر كريم في هذا الموضوع
عموما لي عودة ,لأتمعن أكثر في هذا النص المبهر
ليوفقنا الله
عبدالصمد حسن زيبار
25-02-2008, 12:02 AM
الحبيب الغالي ابو بكر
لك جزيل الشكر و كامل التقدير
مقال مفصلي يعالج واحدة من أشد ازماتنا الفكرية و التصورية
\
اعتقد ان الفلاسفة و أهل الفكر و الثقافة اختلفوا في تحديد كثير من المصطلحات و منها الثقافة
لكن تعريفك كان جامعا مانعا كما يقال
أود أن أشير الى أن المفهوم يتغير عبر الزمن فقد يختلف في قول للرسول صلى الله عليه و سلم و المراد به وقت الرسالة
و كذلك عند نقل المفهوم من لغة الى أخرى
فاللغة وعاء للثقافة
\
أوافقك تماما :
وإنني لأجـزم بأن ترسيخَ حقيقةٍ فكريةٍ – مُستقاةٍ من كتابِ الله - مفادها أن مشيئة الله قد أرادت للصراع والاختلاف - بين بني البشر أن يظلَّ كأحـدِ سُننِ الحياةِ إلى ما شاء الله ..، أقول إن ترسيخ مثل هذه الحقيقة في الثقافة العربية لَهُـوَ أمـرٌ كفيلٌ بأن يُصحح قواعد اللعبة لدى العقل العربي ويقوده إلى رشده ، وسيُنتج حينها فكرًا منتصراً في صراعاته البشرية بما يتناسب مع واقعه وقُـدُرَاته وقضاء الله وقدره وفطرة الاختلاف التي فطر اللهُ الناسَ عليها.
\
لي عودة
خليل حلاوجي
02-04-2008, 09:41 AM
كذلك ... الدين وهو منجم أي ثقافة ... لادخل له بالتعلم والتعليم ... إنه غريزة إنسانية
وبمصطلح القرآن .. هو فطرة
قال تعالى :
فطرة الله التي فطر الناس عليها ...
أبوبكر سليمان الزوي
24-09-2008, 01:32 AM
الأعـزّاء الأحباب الكرام .. محمد المختار زادني، سيلفا حنا حنا، عبد الصمد حسن زيبار، خليل حلاوجي، .. وكل كريمٍ تفضّل ببضعٍ من وقته الثمين في قراءة أحرفي المتواضعة !
أطمع في رحابة صدوركم، وطيب قلوبكم، ليجد أسفي واعتذاري - لتأخّـري عنكم- سبيلاً ومكاناً ومعنىً له في خواطركم ..
لا مجال لذكر أسبابي، فإخفاقي في واجبكم .. أجده أعظم - وإن كَبُرتْ وتعددتْ وتنوعتْ أسبابي ..
كم كنتم أوفياء، وكم كنتُ مقصّراً !
سرّني مروركم، وقرأتُ كلماتكم الغالية، وملاحظاتكم الثمينة، وسأتناولها بما يليق بعظيم قدرها وقدركم الكبير عندي ..
شكرٌ واعتذارٌ ووعد ..
أبوبكر سليمان الزوي
24-09-2008, 08:21 PM
أشكر لك هذه البادرة الطيبة لإثارتك هذا الموضوع
الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
أسباب الخلط بين المفاهيم: لم أقف في واقع الحال على سبب واحد، بل هي مجموعة من العوامل التي تحيط بالشخص منذ حداثة سنه وترافقه في مراحل حياته. ولعل أول تلك العوامل تربيته حين كان طفلا على أن القرار يجب أو يكون دائما ممن يرعونه ويقومون على تنشئته فهم الذين يعرفون مضارّ ومنافع كل ما يحيط به وهم الذين يتصرفون في ما يملك من حواس بل يذهبون إلى حد التذوق بدلا عنه! ومتى بلغ سن التمدرس، سلكوا معه ما يسلك مربي الخيول في أحسن الأحوال فإن حصل على درجات ترضيهم كافئوه وأحسنوا إليه وإلا فهم يحقرونه لدرجة تجعله يخجل من نفسه ليعتبر تدني درجات الامتحان ذنب لا يغتفر... تأتي بعد ذلك مجابهته لأقرانه في ساحة اللعب، فاللعب ممنوع، وإن تسلل في غفلة من والديه ليلعب، تبدو عليه علامات الارتباك وبساطة المشاركة مع الصبية؛ فيكون دائما إما منهيا أو مأمورا – لأنه لا يعرف كيف يتصرف – مما يكرس لديه الاعتماد على شخصية من يأمره أو ينهاه، وتتعاظم عنده نظرة الإكبار والإجلال لمثل تلك الشخصيات،
ولي عودة بحول الله
هنا أنت تضع درساً متكاملاً قيّماً شاملاً .. في أصول تربية النشء، وأسباب تخلفهم ..
فبما أشرتَ إليه، وضربت له المثل .. ينشأ "فيروس خلط المفاهيم"، ويبدأ عمله الخبيث، فيأخذ مكانه في دماغ الإنسان، ليربك قدرته على اتخاذ القرار، ويزرع في نفسه الشك والتردد، ومن ثمَّ يتدرج الطفل في حياته مُهيأً لقبول اللا معقول ..
من هنا تبدأ محنة الإنسان بسبب الإنسان، بحجة الرعاية والخوف والحنان.
وهكذا نزرع الجهل والخوف في عقول أبنائنا، لنجعل منهم أعداءاً لأنفسهم .. ونحن الذين ندّعي حبهم ..
جزاك الله خيراً على هذه الإفاضة الكريمة الدسمة .. أخي وأستاذي \ زادني ..
أبوبكر سليمان الزوي
24-09-2008, 08:30 PM
لله درك أيها الرائع
قرأت ما كتبته هاهنا بسرعة , موضوع في قمة الروعة ........
وأقول ,ماأحلى الحياة لو أننا نفهمها ، والأحلى منها أن نعلو عليها,لا أن تجرفنا معها
لذلك سأكتفي بهذه الكلمات ولي عودة فيما بعد باذن الله تعالى
ليوفقنا الله
الحكمة لا تصدر إلا عن حكيمٍ، ولا يتذكرها في موضعها السليم إلا لبيب ..
سرّني مرورك أيتها الإنسانة الكبيرة الرائعة ..
أشكرك من القلب، أختي \ سيلفا .. وأرجو ألا نفتقد حضورك ومرورك وأفكارك في كل ربوع الواحة ..
أبوبكر سليمان الزوي
24-09-2008, 09:01 PM
الحبيب الغالي ابو بكر
لك جزيل الشكر و كامل التقدير
مقال مفصلي يعالج واحدة من أشد ازماتنا الفكرية و التصورية
\
اعتقد ان الفلاسفة و أهل الفكر و الثقافة اختلفوا في تحديد كثير من المصطلحات و منها الثقافة
لكن تعريفك كان جامعا مانعا كما يقال
أود أن أشير الى أن المفهوم يتغير عبر الزمن فقد يختلف في قول للرسول صلى الله عليه و سلم و المراد به وقت الرسالة
و كذلك عند نقل المفهوم من لغة الى أخرى
فاللغة وعاء للثقافة
\
أوافقك تماما :
وإنني لأجـزم بأن ترسيخَ حقيقةٍ فكريةٍ – مُستقاةٍ من كتابِ الله - مفادها أن مشيئة الله قد أرادت للصراع والاختلاف - بين بني البشر أن يظلَّ كأحـدِ سُننِ الحياةِ إلى ما شاء الله ..، أقول إن ترسيخ مثل هذه الحقيقة في الثقافة العربية لَهُـوَ أمـرٌ كفيلٌ بأن يُصحح قواعد اللعبة لدى العقل العربي ويقوده إلى رشده ، وسيُنتج حينها فكرًا منتصراً في صراعاته البشرية بما يتناسب مع واقعه وقُـدُرَاته وقضاء الله وقدره وفطرة الاختلاف التي فطر اللهُ الناسَ عليها.
\
لي عودة
ملاحظاتك الدقيقة القيّمة، تدل على قراءتك المتأنية .. وهذا شأن المفكرين ودأبهم !
دمتَ بكل ود ومحبة أيها الأخ الحبيب، والرفيق العزيز ..
مرورك له طعمٌ خاص، وجهدك في المتابعات ملحوظٌ، وفقك الله لكل خير ..
أبوبكر سليمان الزوي
24-09-2008, 09:15 PM
كذلك ... الدين وهو منجم أي ثقافة ... لادخل له بالتعلم والتعليم ... إنه غريزة إنسانية
وبمصطلح القرآن .. هو فطرة
قال تعالى :
فطرة الله التي فطر الناس عليها ...
هو ذاك، أيها الخليل الحبيب النجيب ..
فالناسٌ مفطورون على حب الصواب، واجتناب الخطأ .. ورسالة الأديان هي التأكيد والتذكير بتلك الفطرة السوية ..
تلك الفطرة التي هي عرضة للعبث من جانب الهوى وانحراف النفس، والشهوات، والشيطان ..
فجاءت الثقافات - وهي أعرافٌ من صناعة البشر -، لتُوهِم الإنسان وتسحبه من حيث لا يدري .. فيعتقد بأن الصواب قرينٌ للأنا، وأن الخطأ ملازمٌ للآخـر .. عند تضارب المنافع .
سيف الدين
24-09-2008, 11:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفـاهيمُ تقبلُ الاختـلاطَ والاختـلافَ .. ولا تحتملُ الخلـطَ والخـلافَ
الخلطُ بين المفاهيمِ هـو خللٌ ثقافيٌّ تعليمي - يقود الإنسان غالبًا إلى الضلال والهلاك - بحجةِ نُصْـرَةِ الحقِ وإقامةِ العـدلِ .!
واختلافُ البشرِ وصراعاتهم وتدافعهم هو أمـرٌ إلهيٌّ قَـدَرِيٌّ أزليٌّ أبديٌّ محتـوم – رغم أن المنطق لا يفهمه في وجود العقل والأخلاق .. ،
الأخ الكريم أبو بكر / أسعد الله أوقاتكم
أخي الحبيب دعني أختلف معك فيما ذهبت إليه للأسباب التالية
أما المفاهيم فهي لفظة لها دلالة وواقع , فحتى نحكم عليها أنها تقبل الاختلاط والاختلاف أو لا أو أنها لا تحتمل الخلط والخلاف أو لا , فلا بد لنا بداية أن نعي على حقيقة المعنى كواقع محسوس
فالمفاهيم هي معاني الأفكار لا معاني الألفاظ , فاللفظ كلام دلّ على معان قد تكون موجودة في الواقع وقد لا تكون , وعلى هذه المعاني تقع مسؤولية السلوك الانساتي , لأن السلوك مربوط ربطا حتميا في المفاهيم , فلا يوجد سلوك إلا و خلفه مفهوم دفع الشخص للقيام بهذا السلوك
فسلوكك مع شخص عندك عنه مفاهيم الحب و تختلف عن سلوكك مع شخص عندك مفاهيم البغض عنه , ويختلف سلوكك مع شخص لا يوجد في ذهنك أي مفهوم عنه , فالسلوك الإنساني مربوط حتما بالمفاهيم
وأما معنى الفكر فهو أنه إذا كان لهذا المعنى الذي تضمنه اللفظ واقع يقع عليه الحس أو يتصوره الذهن كشيء محسوس ويصدقه، كان هذا المعنى مفهوماً عند من يحسه أو يتصوره ويصدقه، ولا يكون مفهوماً عند من لا يحسه ولا يتصوره، وعلى ذلك فالمفاهيم هي المعاني المدرك لها واقع في الذهن سواء أكان واقعاً محسوساً في الخارج أم واقعاً مسلماً به أنه موجود في الخارج تسليماً مبنياً على واقع محسوس. وماعدا ذلك من معاني الألفاظ والجمل لا يسمى مفهوماً، وإنما هو مجرد معلومات.
وهكذا تبدا المفاهيم بالتشكل في الذهن , فهي تبدأ من مجرد معلومة , فإذا أُعمل فيها الفكر تصبح فكرا , فإذا جرى التصديق على هذا الفكر صار مفهوما يؤثر في السلوك , ولذلك فإن الفكر الشيوعي على سبيل المثال يبقى عندي مجرد معلومات لا تؤثر فيَّ أبدا , ولكن إن صدقت بها صارت تؤثر في سلوكي , ولكنني لا يمكن أن أصدق بها إلا إذا كانت الفكرة مقنعة للعقل وموافقة لفطرة الإنسان , أي أنه جرى إعمال الفكر فيها بناء على القواعد الفكرية التي لا يختلف عليها اثنان من العقلاء , شريطة أن لا تلغي غريزة التدين في النفس البشرية التي تقر بالعجز والنقص والاحتياج إلى خالق مدبر تلجأ إليه كلما شعرت بالحاجة إليه وهذه هي الفطرة
وخلط المفاهيم عند الشخص الواحد آت من أنه صدق بشيئ لا واقع له فتأثر به أي أنه صدق بوهم , وهذا هو عين الذي نعاني منه في مجتمعاتنا الإسلاميه , ففي الوقت الذي يؤمنون به بالإسلام تراهم يقومون بفصل أفكار الإسلام عن معالجة مشاكلهم المتجددة ويلجؤون إلى غير أفكار الإسلام سواء الرأسمالية أو الشيوعية أو غيرها فصار واقعهم كالذي يعاني من فصام في الشخصية , فلا إسلاما أبقى , ولا اندمج بغيره من الأفكار
ومن هنا كان لابد على مريدي النهضة والرقي في العالم الإسلامي أن يجعلوا الإسلام مبدءً , عقيدة عقلية ينبثق عنها نظلم شامل لكل نواحي الإنسان , وأن يأخذوا على عاتقهم نشر ثقافته بين الناس حتى تصير مفاهيم مؤثرة في السلوك
غير أن المعيقات كثيرة , منها قيام ذوي الجاه والسلطان بالسماح بضخ الأفكار والمفاهيم عبر وسائل الإعلام , ومنع أصحاب الأفكار والمفاهيم الصحيحة من نشر أفكارهم , وتجنيد الآلاف من المثقفين الذين يتبنون وجهة النظر الغربية , وقيام علماء السلاطين بتشويه أفكار الإسلام , والأمثلة على ذلك كثيرة
ولكن , لابد أن ينبري المفكرون الأنقياء ويبذلوا جهدهم مهما كانت المخاطر من وراء ذلك
فالمفاهيم على ذلك لا تقبل الاختلاط ولا الخلط , ولا الإختلاف ولا الخلاف عند الشخص الواحد
وإذا حصل ذلك فلأنه مرض بحاجة إلى علاج
أما أنها مختلفة عند الأمم فهذا أمر واقع , لذلك كان التدافع والصراع بينالحق والباطل
دمت بخير
أبوبكر سليمان الزوي
25-09-2008, 02:16 AM
الأخ الكريم \ سيف الدين ..
إسمح لي أولاً ، بأن أُهنئ نفسي، ورابطة الواحة وملتقاها، ومنابر الفكر والحوار فيها .. بانظمامك لنا ووجودك بيننا .
وأن أُعبّـر لك عن بالغ سروري وعظيم إعجابي بما قرأت لك هنا .
فمثلك ممن يحملون لواء الفكر بجديّة، وبقوة الحجة ووضوح الفكرة ونبل الغاية، ولا يبخسون الكلمة حقها، ولا يضنون بجهدهم ووقتهم ..
أولئك الذين نفتقدهم ونبحث عنهم، فأرجو أن أجد حرفك حيثما وُجد الفكر، في منابر واحتك التي يحق لها أن تفخر بك .
أحببتك في الله - والله، فلا تتردد يا أخي - جزاك الله خيراً - في طرح التساؤل، وتوجيه النقد - حيثما وأينما وجدت لهما مكاناً .. فبذلك تؤكد حضورك في ساحة الصادقين والمخلصين .
ثانياً .. بخصوص تحفظاتك - التي أُرحبُ بها أيما ترحيب .. أقول :
1- لا يتم تناول المفاهيم والأفكار والآراء والاختلاف والخلاف والخلط والاختلاط - لدى الإنسان- إلا بسبب تأثيرها في حياته ومصالحه .. المرتبطة بالضرورة بوجود الآخر وحقوقه.
وأظنك لا حظت بأنني استخدمت في العنوان : كلمتي تقبل وتحتمل .. ولذلك مدلوله الذي لا يغفله من هو مثلك .
2- ولعلك لاحظت، بأنني قلت عن خلط المفاهيم، إنه خللٌ ثقافي تعليمي، في إشارة إلى اختلاف أساليب ومعايير التعليم، ومصداقية وحيادية مصادر ثقافات المجتمعات في مفهومها .. للعقل، وحرية الفكر، وللآخر، وللوجود البشري ككل ...الخ ؛ حيث لا تكون المآسي إلا بسبب عدم الاتفاق في المفاهيم .
3- أنت تعلم أنّ كلمة "الاختلاف" تشير إلى وجود مادة أو موضوع يستوجب الحوار .. وهذا لا يكون إلا بين طرفين أو أكثر - مما يعني أني لا أقصد الإنسان لنفسه - كفرد لوحده .
أما الخلاف، فهو الوصول إلى نقطة اللا تفاهم .. وهذا ما لا أراه جائزاً في عالم العقلاء .
4- تعلم أن الخلط، إنما يكون عمداً - عناداً، أو نتيجة جهلٍ أو تسرّعٍ .. وهو ما يؤدي إلى الخلاف . ولا أعتقد بجواز ذلك للعقلاء المفكرين .
أما الاختلاط، فهو المزج الخاطئ والغير متعمد للمعاني، ويحصل ذلك نتيجة التداخل والتشابه الكبير بين مدلولات الألفاظ - التي هي أساس المفاهيم، وما يترتب عليه من سلوكٍ غير سوي - يكون مؤقتاً عادة - حيث يزول مع توسع المدارك المعرفية، والإلمام باللغة، وحرص الإنسان على تحرّي الصواب والإنصاف .. إذا كان يستعمل عقله باحثاً عن الحقيقة، معافىً من داء التعصب .
أما عن حال المسلمين وأوضاع العقل والمفاهيم عندهم .. فأنا لا أميل إلى فكرة أن الغرب أو عملاءهم أو سواهم، هم من يقفون وراء الارتباك الحاصل في ساحتنا الفكرية.
وإنما أُرجع السبب إلى الحصار المضروب على العقل المسلم، واستبداله بالنقل، ومنعه من التفكير، بحجة عدم أهليته لفهم رسالته في الحياة دون وصاية دينية وفكرية وثقافية - موجهة - عليه .
فنحن نعلم بأن الفتنة الكبرى وانقسام المسلمين إلى طوائف - يُكفّـر ويلعن بعضهم بعضاً .. لم يكن بسبب الغرب .
ويمكنني القول إن إقحام الإسلام- كدين توحيد - جاء ليحدد علاقة الإنسان بربه بالأساس، والزج بمفهوم الجهاد في الصراعات السياسية الإقليمية بين الدول، وعند تضارب المصالح الاقتصادية، وأثناء التدافعات البشرية الطبيعية، والخلافات الحدودية .. هي من قبيل خلط المفاهيم والتلاعب بعواطف ومشاعر البسطاء، من أجل شحذ هممهم، للخلاف والصدام مع الآخر .. بسبب ظاهري - ليس هو السبب الحقيقي .
أشكر مرورك وحضورك، أيها الأخ الحبيب، والمفكر النجيب، وأُجدد ترحيبي بك في منابر الفكر .
سيف الدين
27-09-2008, 11:33 PM
الأخ الكريم \ سيف الدين ..
إسمح لي أولاً ، بأن أُهنئ نفسي، ورابطة الواحة وملتقاها، ومنابر الفكر والحوار فيها .. بانظمامك لنا ووجودك بيننا .
وأن أُعبّـر لك عن بالغ سروري وعظيم إعجابي بما قرأت لك هنا .
فمثلك ممن يحملون لواء الفكر بجديّة، وبقوة الحجة ووضوح الفكرة ونبل الغاية، ولا يبخسون الكلمة حقها، ولا يضنون بجهدهم ووقتهم ..
أولئك الذين نفتقدهم ونبحث عنهم، فأرجو أن أجد حرفك حيثما وُجد الفكر، في منابر واحتك التي يحق لها أن تفخر بك .
بارك الله بك أخي الحبيب أحرجتني والله يا أخي
وما أنا إلا رجل أتعلم منكم , ولا أدعي بأنني آتي بجديد , ولكنه فكر تعلمناه من مفكرينا المسلمين ومن مبدعينا الذين نوروا لنا الدرب فنحن نحمل لواءهم ونحاول نشره ما استطعنا إلى ذلك سبيلا , وما ذلك إلا لأن المفكرين هم القادرون على فعل التغيير
وأنا سعيد بالعثور على مثل هذه الواحة الجميلة التي تضم أمثالكم من حملة لواء التغيير , راجيا الله الاستفادة قبل الإفادة
فبارك الله بكم
أحببتك في الله - والله، فلا تتردد يا أخي - جزاك الله خيراً - في طرح التساؤل، وتوجيه النقد - حيثما وأينما وجدت لهما مكاناً .. فبذلك تؤكد حضورك في ساحة الصادقين والمخلصين .
أحبك الله الذي أحببتني من أجله , وتأكد أخي الحبيب بأنني لن أتردد في طرح أي سؤال " فإنما شفاء العي السؤال " , وسأبقى معكم إن شاء الله في ساحة الصادقين المخلصين .
- لا يتم تناول المفاهيم والأفكار والآراء والاختلاف والخلاف والخلط والاختلاط - لدى الإنسان- إلا بسبب تأثيرها في حياته ومصالحه .. المرتبطة بالضرورة بوجود الآخر وحقوقه.
وأظنك لا حظت بأنني استخدمت في العنوان : كلمتي تقبل وتحتمل .. ولذلك مدلوله الذي لا يغفله من هو مثلك .
نعم أخي الحبيب لاحظت ذلك ولكنني أردت مزيدا من التوضيح حتى لا يحصل أي التباس
أما كونها تُتناول بسبب تأثيرها في حياة الإنسان ومصالحة المرتبطة بوجود الآخر , فذلك حق
فالله تعالى يقول " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فمن غير شك أن تغيير ما بالنفس ليس المقصود منه تغيير الأحشاء الداخلية , من معدة وكلاوي وما إلى ذلك , بل المقصود قطعا تغيير الأفكار والمفاهيم , فإن حصل ذلك حصل التغيير وهذا ما نصبو إليه
أما كونها مرتبطة بالآخر فهذا يحتاج إلى بيان
وذلك أن الإنسان كما يقولون كائن اجتماعي , أي أنه لا يستطيع العيش بمعزل عن غيره , ولما كان اجتماع الناس أمر طبيعي , كان أمرا طبيعيا أن يحدث من جراء هذا الاجتماع علاقات بين الناس , وحتى لا تكون هذه العلاقات محكومة بالفوضى , كان لا بد من وجود النظام الذي ينظم للناس هذه العلاقات , والنظام أحد أمرين , إما أن يكون من وضع البشر , وإما أن يكون من الله عز وجل
أما أنه من البشر فهو نظام فاشل لأنه ناشئ من عقل محدود لا يستطيع الإحاطة بكل مشاكل البشرية , كما أنه عرضة للاختلاف والتناقض والتأثر في البيئة
لذلك فلا بد أن يكون النظام من الله عز وجل خالق الكون والحياة والإنسان نظام قادر أن يُسعد البشرية لأنه الأعرف بمشاكل البشرية والأقدر على حلها نظام لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وما شقيت البشرية إلا يوم أن انحرفت عن نظام الله واتبعت أنظمة البشر القاصرة , فانحدرت هذا الانحدار الهائل
فارتباط الناس بالمفاهيم , يتنازعه الارتباط بأحد النظامين , وهما نظامان مختلفان متناقضان كل التناقض ولا يمكن الجمع بينهما , لأن اجتماع النقيضين محال قطعا , وهي مسلمة لا ينتطح فيها عنزان
-
ولعلك لاحظت، بأنني قلت عن خلط المفاهيم، إنه خللٌ ثقافي تعليمي، في إشارة إلى اختلاف أساليب ومعايير التعليم، ومصداقية وحيادية مصادر ثقافات المجتمعات في مفهومها .. للعقل، وحرية الفكر، وللآخر، وللوجود البشري ككل ...الخ ؛ حيث لا تكون المآسي إلا بسبب عدم الاتفاق في المفاهيم .
أتفق معك
-
أنت تعلم أنّ كلمة "الاختلاف" تشير إلى وجود مادة أو موضوع يستوجب الحوار .. وهذا لا يكون إلا بين طرفين أو أكثر - مما يعني أني لا أقصد الإنسان لنفسه - كفرد لوحده .
أما الخلاف، فهو الوصول إلى نقطة اللا تفاهم .. وهذا ما لا أراه جائزاً في عالم العقلاء .
صدقت
أما كون الخلاف هو الوصول إلى نقطة اللاتفاهم , فبالرغم من أنه لا يجوز في عالم العقلاء فإنه أمر واقع لا مناص منه , وكما ذكرتم في النقطة الرابعة , فإنه يحصل بسبب العناد أو الجهل أو التسرع
فإن الحقيقة إذا عرضت أمام العقل فإن العقل لا يستطيع إلا أن يسلم بها , ولكن إن تم رفض هذه الحقيقة , فكيف يتم معالجتها ؟؟ ومن أين نأخذ طريقة معالجتها ؟
كل هذا وأكثر قد تم فصله في النظام الإلهي وتمت معالجته إما بالاستئصال وإما بالدعوة والموعظة الحسنة حتى يفضي كل امرئ إلى ربه .
أما الاختلاط، فهو المزج الخاطئ والغير متعمد للمعاني، ويحصل ذلك نتيجة التداخل والتشابه الكبير بين مدلولات الألفاظ - التي هي أساس المفاهيم، وما يترتب عليه من سلوكٍ غير سوي - يكون مؤقتاً عادة - حيث يزول مع توسع المدارك المعرفية، والإلمام باللغة، وحرص الإنسان على تحرّي الصواب والإنصاف .. إذا كان يستعمل عقله باحثاً عن الحقيقة، معافىً من داء التعصب .
الاختلاط ناشئ من أمرين والله أعلم
الأول : عدم الوعي على الألفاظ والمعاني , ولو دقق الإنسان في الألفاظ والمعاني لتوصل إلى مفهوم صحيح , كما أن الوهم قد يعطي مفهوما مضللا , فإنك ربما تكون في مكان مظلم , فترى شيئا يتحرك في الظلام , فإذا توهمت أن ما رأيته وحشا فإنك تخاف منه وتهرب , ولكن إذا دققت فيه فربما يكون قطا أو نعجة , لا تستدعي كل هذا الخوف , والمعنى أن تدقق فيما ترى قبل أن تحكم عليه
الثاني : وهو مفاهيم الأعماق , وهي المفاهيم عن الأشياء بأنها تشبع عندك حاجة عضوية أو غريزة , وهذه المفاهيم عند البشر واحدة , ولكنها تختلف من أمة إلى أخرى بكيفية الإشباع , هل هو إشباع صحيح أو خاطئ , فإنك تستطيع أن تشبع غريزة النوع بالزنى , أو بالزواج , أو بالمثلية , أو بأية طريقة أخرى , ولكن من الذي يحدد أن طريقة الإشباع هذه صحيحة أو باطلة ؟؟
لا شك أنه النظام الذي اخترته في الإشباع
فالمسلم يعلم أن الزنى محرم , فلذلك هذه الطريقة في الإشباع عنده غير واردة بالمرة و إذا حصل أن مسلما أشبع هذه الغريزة بالزنى , فإنه يكون بذلك قد غيب مفاهيم الحلال والحرام وحل محلها مفاهيم الأعماق , عن هذا الشيئ الذي يشبع , ولذلك فإن المسلم بعدما يرتكب المحرم تهدأ عنده مفاهيم الأعماق , وتطفو إلى السطح عنده مفاهيم الحلال والحرام أي الصواب والخطا , فتقرصه المعصية فتراه يهرع إلى الله عز وجل طالبا منه المغفرة والصفح
فتكون هذه ثغرة في السلوك تحتاج إلى علاج وتقويم
أما عن حال المسلمين وأوضاع العقل والمفاهيم عندهم .. فأنا لا أميل إلى فكرة أن الغرب أو عملاءهم أو سواهم، هم من يقفون وراء الارتباك الحاصل في ساحتنا الفكرية.
وإنما أُرجع السبب إلى الحصار المضروب على العقل المسلم، واستبداله بالنقل، ومنعه من التفكير، بحجة عدم أهليته لفهم رسالته في الحياة دون وصاية دينية وفكرية وثقافية - موجهة - عليه .
أخي الحبيب أنا ذكرت أنه أحد الأسباب وليس هو فقط وإن كان أبرزه وأحد أسبابه أيضا ما تفضلتم وذكرتم , بأنه حصار مضروب على العقل المسلم , إنما لم أفهم ما تقصده من النقل , فأنا لا أرى عيبا أو نقيصة أو حصارا للعقل إن نقلت من عالم أو مفكر رأيا صوابا
ثم إن اختلاف الأفهام أمر لا مفر منه وهناك من هو مؤهل لذلك وهناك ومن هو غير مؤهل في قدرته على استنباط الأحكام الشرعية والاجتهاد , إنما الذي هو غير مقبول أن يُفَهمك أحد فلا تفهم , فأحكام الإسلام قابة للفهم , سواء توصلت أنت إلى هذا الفهم , أو أوصلك أحد إليه , والله تعالى يقول " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "
والله تعالى أعلم
ويمكنني القول إن إقحام الإسلام- كدين توحيد - جاء ليحدد علاقة الإنسان بربه بالأساس، والزج بمفهوم الجهاد في الصراعات السياسية الإقليمية بين الدول، وعند تضارب المصالح الاقتصادية، وأثناء التدافعات البشرية الطبيعية، والخلافات الحدودية .. هي من قبيل خلط المفاهيم والتلاعب بعواطف ومشاعر البسطاء، من أجل شحذ هممهم، للخلاف والصدام مع الآخر .. بسبب ظاهري - ليس هو السبب الحقيقي .
الإسلام أخي الحبيب , أتى به الله عز وجل , ليحدد به العلاقة بين الخالق والمخلوق في العبادة والاعتقاد
وعلاقة العبد بنفسه في أكله وشربه وملبسه ومسكنه
وعلاقة العبد بغيره من بني البشر في الأحوال الشخصية والعقوبات والاقتصاد والحرب والسياسة
وما أنزل الله فرض الجهاد الذي لا مناص لنا منه وهو كره , إلا ليكسر العوائق والحواجز المادية التي تحول بين الإسلام ونشره للعالمين هذا الفرض الذي أمرنا به الله عز وجل
فالجهاد فرض له شروط لا نتستطيع إلا أن نطبقه وإلا لحقنا الإثم والذل
أشكر مرورك وحضورك، أيها الأخ الحبيب، والمفكر النجيب، وأُجدد ترحيبي بك في منابر الفكر .
وأشكر ترحيبك وسعة صدرك , وما أسبغته علي من عبارات يعجز لساني أن أرد لك مثلها
ولا أقول لك إلا جزاك الله عنا كل خير
دمت بفضل من الله ونعمة
أبوبكر سليمان الزوي
28-09-2008, 05:13 AM
السلام عليكم ..
... إنما لم أفهم ما تقصده من النقل , فأنا لا أرى عيبا أو نقيصة أو حصارا للعقل إن نقلت من عالم أو مفكر رأيا صوابا
ثم إن اختلاف الأفهام أمر لا مفر منه وهناك من هو مؤهل لذلك وهناك ومن هو غير مؤهل في قدرته على استنباط الأحكام الشرعية والاجتهاد , إنما الذي هو غير مقبول أن يُفَهمك أحد فلا تفهم , فأحكام الإسلام قابة للفهم , سواء توصلت أنت إلى هذا الفهم , أو أوصلك أحد إليه , والله تعالى يقول " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "
ما قصدته بالنقل المرفوض، وغير المقبول لدي، هو كل ما لا يجوز أن ترفضه عقولنا من المنقول لنا من أقوال البشر أمثالنا .. أي هو تقديس أفكار وآراء السابقين في فهمهم للدين .
حيث إنه توجد قاعدة( يعتبرها البعض شرعية)، مفادها أن الإسلام يجب أن يؤخذ بالنقل وليس بالعقل .
ويُقصد بالنقل هنا، ما نُقل من تفاسير - عن السابقين - في القرون الأولى للإسلام .
أي أنك، ولكي تتحدث في أمور الدين، فإنه يجب عليك أن تستشهد بآراء السابقين، ولا يكفي أن تستشهد بآية صريحة من القرآن الميسّر للذكر !!!
وبمعنى أنه لا يجوز شرعاً - لي و لك أو للشيخ القرضاوي - مثلاً، أن نبدي رأياً أو نقول وجهة نظرٍ مغايرة - لتفسير ابن تيمية أو البخاري - مثلاً .. لهذه الآية أو تلك، أو حول استباطه لهذا الحكم أو ذاك. أو نتساءل عن مدى صحة هذا الحديث أو ذاك !!
ونحن إذا تساءلنا فلن يكون ذلك بقصد تحليل الزنا أو قتل النفس بغير الحق، أو الإفطار في نهار رمضان ...الخ، فهذه حدودٌ، فيها نصوص قطعية وصريحة لا تحتمل الخلط ولا الاختلاط ! ولكن تساؤلاتنا فيما هو موضع اجتهاد !
وحُجّتهم دائماً، هي أننا مخطئون لأننا نستعمل عقولنا لأجل فهم الدين .. وكأن ابن تيمية، أو سواه من المفكرين، قد استعملوا قدراتٍ استثنائية أخرى خاصة- ليست عقولهم - في فهم الدين .. أو كأنهم رُسلٌ معصومون .
ولا أقصد هنا، رفض النقل لمجرد أن هذا التفسير من فلان أو سواه، .. فهم مجتهدون قالوا ما عندهم، وأجرهم وحسابهم على الله.
ولكن أرفض، ولا أقبل، بأن تُفـرضَ آراؤهم وأفكارهم واستنباطاتهم، على أنها جزء أساسي من العقيدة أو الشريعة، بحيث لا يجوز مناقشتها أو انتقادها أو رفضها أو تغييرها .. كما لو كانت جزءاً من القرآن !
أما أن تنقل رأياً صائباً - لعالمٍ أو مفكرٍ- فهذا ليس عيباً ولا نقيصة، بل هو مطلوب.. شريطة أن نتفق على صوابه- لا أن يفرضه أحدنا على الآخر؛ وأن يكون قابلاً للفهم خاضعاً للنقاش، .. وليس مُقدساً - وهو رأي بشر !
أما قولك بأن هناك من هو مؤهلٌ لاستباط الأحكام، وهناك من ليس مؤهلاً .. فهذا كلام صحيح. ولكن من هو المؤهل لوضع شروط الأجتهاد والاستنباط، في ضوء الآية التي ذكرتها .. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر !
فكيف بدأ الأوائل كتاباتهم واستنباطاتهم وتفسيراتهم.. ماذا كان متوفراً بين أيديهم - غير القرآن ولغتهم وعقولهم !
فلماذا يُفرض على مُفكري اليوم ضرورة عدم الخروج على أفكار السابقين !
ولماذا يُفرض على أجيال اليوم، إتّباع أفكار السابقين، وهي التي لم تُفلح في درء الفتنة والانقسام والاقتتال بين المسلمين - في عصورهم!
الإسلام أخي الحبيب , أتى به الله عز وجل , ليحدد به العلاقة بين الخالق والمخلوق في العبادة والاعتقاد
وعلاقة العبد بنفسه في أكله وشربه وملبسه ومسكنه
وعلاقة العبد بغيره من بني البشر في الأحوال الشخصية والعقوبات والاقتصاد والحرب والسياسة
وما أنزل الله فرض الجهاد الذي لا مناص لنا منه وهو كره , إلا ليكسر العوائق والحواجز المادية التي تحول بين الإسلام ونشره للعالمين هذا الفرض الذي أمرنا به الله عز وجل
فالجهاد فرض له شروط لا نتستطيع إلا أن نطبقه وإلا لحقنا الإثم والذل
هل تعني أن من مقاصد الجهاد هو إكراه الناس على الدخول في الإسلام ! وهل تقصد بأن الإسلام انتشر وينتشر بالسيف !
ثم، أليست كل الأبواب والوسائل متوفرة، وكل الدول - اليوم - مفتوحة للدعوة إلى الإسلام، مما يوجب الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة .. ثم يُترك أمر العباد لرب العباد فهو القائل .. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي؛ ولست عليهم بوكيل؛ ولست عليهم بمسيطر؛ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة؛ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين .!
دمت بكل خير أيها الزميل العزيز والأخ الكريم ..
سيف الدين
03-10-2008, 09:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب أبو بكر , تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتم بخير , وأسأل الله أن يعيد علينا عيدنا وقد تحققت آمالنا , وتحررت مقدساتنا , ونعمنا بعزة الإسلام
وأعتذر منك على التأخر في الرد لمشاغل أشغلتني
فبارك الله بكم
واسمح لي أن أقسم الرد إلى قسمين منعا للإطالة والملل
أولا
أخي الحبيب أتفق معكم في كثير مما تفضلتم وذكرتم , ولكنني أرى أننا بحاجة إلى توضيح المفاهيم المتعلقة في مسألتي العقل والنقل لأنهما أساسان يبنى عليهما كل الأفعال والأقوال والتصرفات الخارجة من الإنسان
فما هي حدود العقل وأين يقف ؟ أم أنه لا حدود له ؟ وأين حدود النقل وأين يقف ؟ أم أنه لا حد له ؟
بمعنى آخر فإننا بحاجة إلى إلقاء الضوء وإزالة اللبس حول مفهومي العقل والنقل
أما العقل فإنه يشترط فيه حتى تحدث العملية العقلية إلى أربعة أشياء لا بد من وجودها وإلا فلن يحدث عقل , أو عملية عقلية , التي يقصد من ورائها الحكم على الأشياء
أولها : توفر حس صالح للإحساس , وهو السمع والبصر والشم والتذوق واللمس
إذ أنه بدون وجود إحساس صالح فلن تحصل عملية فكرية مطلقا , فلو قلت لك مثلا أن بيدي شيئ أحمله , ولو أجريت كل عملية فكرية لتعرف ما الشيئ الذي أحمله فلن تستطيع أن تعرف
ثانيها : وجود واقع يُحس , فبدون هذا الواقع والإحساس به فلن تستطيع إصدار الحكم على هذا الواقع , ودليله المثال السابق
ثالثها : وجود معلومات سابقة في الدماغ عن هذا الواقع , وبدونها أيضا لا يمكن أن تحدث العملية الفكريه , فلو أعطيتك عبارة عبرانية أو سريانيه , وقلت لك ما المكتوب في هذه العبارة , فلن تستطيع , رغم أنها واقع موجود وتحسه بالحواس , ولكن إذا أعطيتك معلومات عن هذه الأحرف ومدلولاتها , أو أنك تتقن هذه اللغة فسوف تقرؤها بكل يسر وسهوله , فالمعلومة السابقة ركن لا بد من توفره حتى تحدث العملية الفكرية
رابعها : وجود دماغ صالح للربط , ينقل الواقع المحسوس , ويربطه بالمعلومات السابقة في الدماغ
واختلاف الناس في القدرة على التفكير آت من جهة قوة الربط في الدماغ نفسه , فكلما كانت قوة الربط عالية كانت قدرة التفكير أدق وأسرع , والعكس صحيح , وقوة الربط هذه هبة من الله عز وجل , لا دخل للإنسان فيها , فكلما زادت قوة الربط جنح صاحبها نحو العبقرية , وكلما قلت جنح نحو البلادة والغباء , لذلك يقال بأن الغباء داء لا يعالج .
بعد هذا , يتضح أخي الحبيب , أن العقل مجاله هو التفكير في الواقع , وأن الواقع فقط هو محل التفكير
فوظيفة العقل هي إعمال الفكر في الواقع والحكم عليه بوجود المعلومات السابقة .
من هنا كان خطأ فلاسفتنا المسلمين رحمهم الله , حيث بالغوا في التفكير بأشياء غيبية وبالغوا في قياس الغائب على الشاهد فوقعوا بالخطأ , والمسألة فيها تفصيل أكثر لا يتسع المجال للاستفاضة فيه ها هنا .
أما النقل فإنه ينقسم إلى قسمين أحدهما ما يرجع إلى النقل المحض، وهو الذي يرجع إلى النص المحض، أي إلى ألفاظ النص وما يدل عليه منطوقها ومفهومها.
والثاني ما يرجع إلى الرأي المحض وهو الذي يرجع إلى معقول النص أي يرجع إلى العلّة الشرعية.
فأمّا النقل المحض فهو الكتاب والسنّة وإجماع الصحابة، وهو يحتاج إلى الفهم والنظر.
وأمّا الرأي فهو القياس، وهو يحتاج إلى العلّة الشرعية التي دلّ عليها النص الشرعي.
والخلاف الحاصل هاهنا في النقل بالرأي , وهذا لا خلاف بجواز الاختلاف فيه لأنه إنما يصدر من عالم أو مجتهد سواء كان صحابيا أو تابعيا أو غيرهما رضي الله عنهم جميعا , واختلاف الصحابة في الاجتهاد أمر مشهور كاختلاف ابي بكر وعمر رضي الله عنهما في قتال أهل الردة , وغيرها , وإنما نحن نستأنس بأقوال هؤلاء العلماء والمجتهدين , فإن كان اجتهادهم صادرا عن إعمال عقل وإنعام نظر في النصوص المعللة , وقادهم إلى رأي صحيح , أخذنا رأيهم , ويعتبر هذا الرأي هو حكم الله في المسألة , لأن المجتهد إنما , يبذل وسعه في فهم مراد الله عز وجل في خطابه , وضعا أو اقتضاء أو طلبا
وإن قادهم إلى رأي خاطئ رددناه عليهم بقوة الدليل إلى الرأي الصواب , وهم مأجورون في كل الأحوال .
سيف الدين
03-10-2008, 09:32 PM
والقسم الثاني
قولكم
أما قولك بأن هناك من هو مؤهلٌ لاستباط الأحكام، وهناك من ليس مؤهلاً .. فهذا كلام صحيح. ولكن من هو المؤهل لوضع شروط الأجتهاد والاستنباط، في ضوء الآية التي ذكرتها .. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر !
أخي الحبيب , لقد خاطب الله في رسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - الناس جميعاً، قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } وقال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ } وقال { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ } . وخاطب بأحكامه الناس والمؤمنين، قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ، إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } وقال { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } وقال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً } وقال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } وقال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا } وقال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ } . فصار على من سمع الخطاب أن يفهمه، ويؤمن به، وعلى من آمن به أن يفهمه ويعمل به، لأنه هو الحكم الشرعي. ولهذا كان الأصل في المسلم أن يفهم بنفسه حكم الله بخطاب الشارع، لأن الخطاب موجه مباشرة من الشارع للجميع، وليس هو موجها للمجتهدين ولا للعلماء، بل موجه لجميع المكلفين. فصار فرضاً على المكلفين أن يفهموا هذا الخطاب حتى يتأتى أن يعملوا به، لأنه يستحيل العمل بالخطاب دون فهمه. فصار استنباط حكم الله فرضاً على المكلفين جميعاً، أي صار الاجتهاد فرضاً على جميع المكلفين. ومن هنا كان الأصل في المكلف أن يأخذ حكم الله بنفسه من خطاب الشارع لأنه مخاطب بهذا الخطاب، وهو حكم الله.
غير أن واقع المكلفين أنهم يتفاوتون في الفهم والإدراك، ويتفاوتون في التعلم، ويختلفون من حيث العلم والجهل. ولذلك كان من المتعذر على الجميع استنباط جميع الأحكام الشرعية من الأدلة، أي متعذّر أن يكون جميع المكلفين مجتهدين. ولما كان الغرض هو فهم الخطاب والعمل به، كان فهم الخطاب أي الاجتهاد فرضاً على جميع المكلفين. ولما كان يتعذر على جميع المكلفين فهم الخطاب بأنفسهم لتفاوتهم في الفهم والإدراك وتفاوتهم في التعلم، كانت فرضية الاجتهاد على الكفاية، إن قام به البعض سقط عن الباقين. ومن هنا كان فرضاً على المكلفين المسلمين أن يكون فيهم مجتهدون يستنبطون الأحكام الشرعية.
وعلى ذلك فالمسلمون إما مجتهدون أو مقلدون , ومعنى كونه مقلداً أي أخذ الحكم الشرعي عن طريق شخص ولم يستنبطه هو , وليس من التقليد الشرعي أخذ رأي زيد من الناس باعتباره رأياً له من عنده، أو باعتباره رأياً للعالم الفلاني أو للمفكر الفلاني أو للفيلسوف الفلاني، فهذا كله ليس تقليداً شرعياً، وإنما هو أخذ لغير الإسلام وهو حرام شرعاً، لا يحل لمسلم أن يفعله لأن أمر الله لنا أن نأخذ عن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - لا عن غيره أياً كان. قال تعالى { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } . بل العبرة باعتبار الرأي رأي شرعي أنه أخذ من مصدر شرعي بطريقة شرعية .
وقد ورد النهي عن الأخذ بالرأي الذي من عند الناس. ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو :(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعاً وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ) أي يُفتون برأيهم الذي هو من عندهم. ولا يعتبر الرأي المستنبط رأياً من عند المستنبط، بل هو حكم شرعي. أما الذي يعتبر رأياً فهو الرأي الذي من عند الشخص .
أما الاجتهاد وشروطه
فالاجتهاد في اللغة هو استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور مستلزم للكلفة والمشقة. وأما في اصطلاح الأصوليين فمخصوص باستفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يُحس من النفس العجز عن المزيد فيه.
وما دام الاجتهاد من النص , فلا بد من فهم النص , أي أمتلاك الآلة التي تفهم من خلالها النص أو تعين على فهم النص ، إما من منطوقه أو من مفهومه أو من دلالته أو من العلة التي وردت في النص، سواء أكان ذلك استنباط حكم كلي من دليل كلي ، أم كان استنباط حكم جزئي من دليل جزئي
أي أن تكون عالما في مرامي الكلام وأساليبه ودلالاته , أي عالم في اللغة , وهذا شرط أساسي عقلي لا خلاف عليه , والشرط الثاني أن يكون متمكنا عالما في المعارف الشرعية , التي ترد في النص وفي غيره حتى لا يأخذ نصا منسوخ الحكم أو لفظة نُسي معناها اللغوي أثبت لها معنى شرعيا كلفظة (المُفْلِسْ ) مثلا
ومن هنا كانت شروط الاجتهاد كلها تدور حول هذين الأمرين وهما: توفر المعارف اللغوية، والمعارف الشرعية , ولا يمكن أن يحدث اجتهاد من دونهما .
وقد كان المسلمون في فجر الإسلام حتى نهاية القرن الثاني، لا يحتاجون إلى قواعد معينة لفهم النصوص الشرعية، لا من الناحية اللغوية، ولا من الناحية الشرعية، نظراً لقرب عهدهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصرف عنايتهم في الحياة إلى الدين، ونظراً لسلامة سليقتهم اللغوية وبعدهم عن فساد اللسان. ولذلك لم تكن هنالك أي شروط معروفة للاجتهاد، وكان الاجتهاد أمراً معروفاً. فكان المجتهدون يعدون بالآلاف. فقد كان كافة الصحابة مجتهدين، ويكاد يكون أكثر الحكام والولاة والقضاة من المجتهدين. إلا أنه لما فسد اللسان العربي ووضعت قواعد معينة لضبطه وشغل الناس بالدنيا، وقلَّ من يفرغ أكثر وقته للدين، وفشا الكذب في الأحاديث على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووضعت قواعد للناسخ والمنسوخ، ولأخذ الحديث أو رفضه، ولفهم كيفية استنباط الحكم من الآية أو الحديث، لما حصل ذلك قل عدد المجتهدين وصار المجتهد يسير باجتهاده على قواعد معينة يصل منها إلى استنباطات معينة تخالف قواعد غيره، وتكونت هذه القواعد عنده، إما من كثرة ممارسته لاستنباط الأحكام من النصوص فصارت كأنها موضوعة لسيره على طريقة واحدة حسبها، وإما أن يكون اتبع قواعد معينة وصار يستنبط بحسبها. فنتج عن ذلك أن صار المجتهد مجتهداً في طريقة معينة لفهم النصوص الشرعية ومجتهداً في أخذ الحكم الشرعي من النصوص الشرعية، وصار بعض المجتهدين يقلدون شخصاً في طريقته في الاجتهاد، ولكنهم لا يقلدونه في الأحكام، بل يستنبطون الأحكام بأنفسهم على طريقة ذلك الشخص. وصار بعض المسلمين الملمّين بشيء من المعارف الشرعية، يبذلون الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية في مسائل معينة تعرض لهم، لا في جميع المسائل. فوجد بذلك واقعياً بين المسلمين ثلاثة أنواع من المجتهدين: مجتهد مطلق، ومجتهد مذهب، ومجتهد مسألة.
وفي المسألة تفصيل اكثر لا حاجة لنا به الآن
وبقيت مسأله وهي قولكم
هل تعني أن من مقاصد الجهاد هو إكراه الناس على الدخول في الإسلام ! وهل تقصد بأن الإسلام انتشر وينتشر بالسيف !
ثم، أليست كل الأبواب والوسائل متوفرة، وكل الدول - اليوم - مفتوحة للدعوة إلى الإسلام، مما يوجب الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة .. ثم يُترك أمر العباد لرب العباد فهو القائل .. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي؛ ولست عليهم بوكيل؛ ولست عليهم بمسيطر؛ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة؛ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين .!
دمت بكل خير أيها الزميل العزيز والأخ الكريم ..
أخي الحبيب , سأفرد بإذن الله تعالى موضوعا منفصلا حول الجهاد وشروطه وما يتعلق به من أمور الدعوة والفتح , حتى يتم التركيز على موضوع البحث ولا نتشعب كثيرا في فرعياته أو ما يتولد عنه .
وأعتذر على الإطالة
ودمت بفضل من الله عز وجل , وتقبل الله طاعتكم .
أبوبكر سليمان الزوي
12-10-2008, 12:57 AM
الأخ العزيز \ سيف الدين ..
أعتذر أولاً، عن انقطاعي وتأخري عن المواصلة ..
وأعود لأقول :
أجدك قد أسهبتَ وأطلتَ قليلاً، مما قد يؤدي بي إلى أن أسهو عن بعض ملاحظاتك ..
أما العقل فإنه يشترط فيه حتى تحدث العملية العقلية إلى أربعة أشياء لا بد من وجودها وإلا فلن يحدث عقل , أو عملية عقلية , التي يقصد من ورائها الحكم على الأشياء
أولها : توفر حس صالح للإحساس , وهو السمع والبصر والشم والتذوق واللمس
إذ أنه بدون وجود إحساس صالح فلن تحصل عملية فكرية مطلقا ,
أعتقد بأنك ابتعدت قليلاً - بهذا القياس -عن موضوعنا بخصوص العقل وعلاقته بالنقل ..
أو إسمح لي أن أقول لك، إن تحليلك ووصفك ليس دقيقاً، وليس في محله، وليس في زمانه ..
حيث إنه، يوجد اليوم العديد من المفكرين والعلماء ذوي الشأن والرأي والحكمة -وفي مختلف المجالات-، وهم لا يتمتعون بكل الحواس .. فهل معنى هذا أنه لم يكن من حقهم أو ليس بإمكانهم التفكير واستعمال عقولهم، وبالتالي فليس من حقهم إبداء آرائهم فيما يدور حولهم، وفيما يُنقل لهم من أفكار وآراء السابقين ..!!
فأنت تعلم أننا في زمان يستطيع فيه الأعمى والأصم وفاقد اليدين .. أن يقرأ ويكتب ويُفكر .. ويُبدع .!
وحتى قديماً، كان من ذوي الإعاقات من هم مُفكرون وحكماء .!
... حتى لا يأخذ نصا منسوخ الحكم أو لفظة نُسي معناها اللغوي أثبت لها معنى شرعيا كلفظة (المُفْلِسْ ) مثلا ..
من قال بأن لفظة ( المُفلِسْ ) قد تغير أو نُسي معناها !
فالمفلس هو من لا مال له - لا نقود له ! هكذا أجاب الصحابة حينما سألهم الرسول ! وهي لا تزال بهذا المعنى حتى يومنا !
وأما استعمالها في مجال آخر فإنه لا يُغيّر معناها ولا يُنسيه !
فهناك مفلس الصحة، ومفلس الفكر، ومفلس الثقافة، ومفلس المعرفة، ومفلس الأصدقاء،و مفلس الحكمة، ...الخ !
وإذا كان الرسول قد استعملها لواقع الآخرة، فليس في ذلك تغيير لمعناها، وإنما ذلك لأن العملة والمعاملة يومئذ، تكون بالحسنات والسيئات، وليست بالنقود كما هو الحال في الدنيا ..!
ثم من قال بوجود الناسخ والمنسوخ في كتاب الله .!
وهذا مثال جيد على النقل، والذي هو ليس من قول العقل .!
فهل تؤمن أنت بأنه لايجوز لنا مخالفة هذه القاعدة الموضوعة بواسطة السلف !
حتى لو أثبتنا بالعقل - بالتدبر في نصوص القرآن - أنها ليست صحيحة !
أخي الكريم .. لا غنى عن استعمال العقل ! فالتكليف لا يكون لغير العاقل !
ولو جاز الوقوف عند النقل، لما وُجد غير القرآن مكتوباً !
فحتى الأحاديث المنسوبة للرسول، لم تُكتب في عصر الخلفاء والصحابة، ولم يسمحوا بكتابتها !
وأنت تعلم، بأنه حتى جمع القرآن، وكتابته بغرض الاحتفاظ به في مكان واحد، هي فكرة قد عرضها عمر بن الخطاب، وعارضها - أول الأمر- الخليفة أبوبكر الصديق، وزيد بن ثابت .. بقولهما: كيف نفعل ما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم !
فهل نوقف نحن - اليوم - استعمال العقل، ونحتكم إلى قواعد فكرية وفقهية وبحثية وإجرائية - طائفية... وضعها بشرٌ أمثالنا - بعد قرون من وفاة الرسول !
وهل يجب على الإنسان أن يكون مسلماً مؤمناً لأنه عاقل، ولأنه سمع الخطاب .. دون حاجة لأن يكون مالكياً أو حنفياً أو حنبلياً أو شافعياً أو أزهرياً أو شيعياً ... الخ،
أم أن الإسلام والقرآن هما من الصعوبة والتعقيد والغموض بحيث إن الإنسان يحتاج لمن يُؤكد له إسلامه وإيمانه - من البشر !!
فإذا كنا نتحدث هنا عن أنفسنا - ونحن العرب-، فماذا نقول عن غير العرب .. والحال أن الإسلام قد جاء لكل الناس !
أشكر لك متابعتك وحسن حوارك ..
معروف محمد آل جلول
12-10-2008, 03:20 AM
أستاذي الكريم :أبوبكرسليمان الزوي .
أساتذتي الكرام ..تابعت حواركم الشيق ..
ولكن اسمحوا لي ..إذا كان لي حق في التدخل ..
لم تستسغ نفسي فصل الثقافة عن المعتقد ..الثقافة نتاج معتقد ما ..
العقيدة ..هي المصدر ..هي المنطلق الفكري لكل توجه ..هي الأرضية الصلبة التي تبنى عليها الثقافة ..
الثقافة الراشدة لن تبلغ رشدها في غياب العقيدة الصحيحة ..المؤمن يؤسس ثقافته على عقيدة التوحيد ..المشرك على عقيدة الشرك ..الملحد على عقيدة لاأحد ..
هذه العقيدة هي التي توجه السلوكات ..وتحدد المعارف التي ينبغي أن يعلمها الإنسان ..أو يعمل بها أو لايعمل ..
والعقل إنما يهتدي بتمييزه بين متناقضي الخطأ و الصواب إلى ماهو حق ــ أن تجرد ــ من الأهواء الذاتية ..
ومن هنا لابد منه ..إنه مصدر القناعة ..ومنطلق التمييز ..
أما الصراع بين البشر فهو فطرة بشرية ..أول من جسده هو إبليس اللعين ..في مجادلته أمر الله تعالى ..وحجته براقة لذاته ..واهية في منظور العقلية المؤمنة ..خلقتني من نار ..وخلقته من طين ..اعتقادا منه أن النار أفضل من الطين ..و أن المخلوفات تختلف عن بعضها في مادة الخلق ..وهي مجرد موجودات
وليس ــ في رأيه ــ تختلف في الطاعة و المعصية ..
إبليس أكفر مخلوقات الله ..لأنه يعرفه جيدا ..وتعمدت أنانيته .وهي مبعث أهوائه.. رفض السجود ..
وشكل آدم ــ عليه السلام ــ حزب الرحمن ..ورافقه أثناء نزوله حزب الشيطان ..
والحرب سجال ..والصراع منذ بدء الخليقة مستمر إلى يوم الدين ..صراع سرمي أبدي بين الحق و الباطل ..نعم هكذا يخبرنا القرآن ..
الجماعة المشركة ..لما جهرالرسول ــصلى الله عليه وسلم ــ بالدعوة بدأت تتدرج في صراعها للحق ..بالجدل ..وكلما جاءت بحجة منبعها الانفعال ..جاء رد القرآن الكريم متحديا بحجةالحق الدامغة ..
ولما عجزوا قالوا ://وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ..//
وهذا اللغو مستمر بيننا ..كبشر لاكمؤمنين ..و القرآن منعنا موالات الكافرين دون المؤمنين ..
حتى أثنا ء التعامل ومحاورة الكافر ..خاصة فيما يخص العقيدة ..أمرنا سبحانه بأن لانثير انفعال الجاهل ..
فتأخذه العزة بالإثم ..// وجادلهم بالتي هي أحسن //..
في مقدوري أن أضيف ..ولكن ..
حاجتنا ـأيها الأساتذة الذتن نحترمهم لعلمهم الوافر ــ إلى الحوار بيننا أولا ..
// ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيئ جدلا.//
احتراماتي في انتظار تصويب عثراتي ..هذا مصير أمة فلا ترحموني ..
تحياتي لإخواني ..
سيف الدين
12-10-2008, 10:10 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب أبو بكر حفظك الله
يبدو أنني اخطئت في التعبير فلم أحسن إيصال الفكرة
أخي الحبيب قولكم
أعتقد بأنك ابتعدت قليلاً - بهذا القياس -عن موضوعنا بخصوص العقل وعلاقته بالنقل ..
أو إسمح لي أن أقول لك، إن تحليلك ووصفك ليس دقيقاً، وليس في محله، وليس في زمانه ..
حيث إنه، يوجد اليوم العديد من المفكرين والعلماء ذوي الشأن والرأي والحكمة -وفي مختلف المجالات-، وهم لا يتمتعون بكل الحواس .. فهل معنى هذا أنه لم يكن من حقهم أو ليس بإمكانهم التفكير واستعمال عقولهم، وبالتالي فليس من حقهم إبداء آرائهم فيما يدور حولهم، وفيما يُنقل لهم من أفكار وآراء السابقين ..!!
فأنت تعلم أننا في زمان يستطيع فيه الأعمى والأصم وفاقد اليدين .. أن يقرأ ويكتب ويُفكر .. ويُبدع .!
وحتى قديماً، كان من ذوي الإعاقات من هم مُفكرون وحكماء .!
اخي الحبيب
ذكرتُ أن العملية الفكرية لا تحصل إلا بوجود الأربعة عناصر , وهي الإحساس , ووجود واقع يُمكن أن يُحس , ونقل الإحساس بالواقع إلى دماغ صالح للربط , ومعلومات سابقة تفسر هذا الواقع المُحس
فإنه يمكنك أن تحس بالواقع بأي حاسة حسب نوعية هذا الواقع , المهم أن يتم الإحساس بهذا الواقع
فلو أعطيتك شرابا في كأس وقلت لك هل هذا الشراب حلو أو مر أو حامض ؟ فإنك بالرغم من وجود السمع والبصر والشم واللمس , فلا يمكنك أن تعرف إلا إذا استعملت حاسة التذوق أليس كذلك ؟
وكذلك الأمر بالنسبة للواقع الذي يحتاج إلى حاسة البصر , فلو قلت لرجل بوذي أن يصف لك الملائكة , فإنه لا يستطيع لأنه لم يسبق له أن رأى ملكا , , ولا أستطيع أنا أو أنت أن نصف ملكا لأنه لم يسبق أن وقع هذا الملك تحت الإحساس عندنا , وكذلك الجنة والنار والجن وما شاكل ذلك من الأشياء التي لا تقع تحت الإحساس , فوجود الإحساس أمر لازم لحصول العملية الفكرية .
أما من تفضلت بذكر الأمثلة عليهم من العلماء والمفكرين ممن فقدوا بعضا من حواسهم , فإن فقدهم لبعض منها لا يعني أنهم لا يحسون بغيرها , فالضرير مثلا يقرأ ولكن ليس ببصره بل باللمس بأصابعه ,
ولكن هب أن رجلا ضريرا , أطرشا وفاقدا لكل حاسة , فماذا يكون حاله ؟؟؟ وأي فكر يمكن أن يحصل عليه
الجواب قطعا , لا شيئ
من قال بأن لفظة ( المُفلِسْ ) قد تغير أو نُسي معناها !
فالمفلس هو من لا مال له - لا نقود له ! هكذا أجاب الصحابة حينما سألهم الرسول ! وهي لا تزال بهذا المعنى حتى يومنا !
وأما استعمالها في مجال آخر فإنه لا يُغيّر معناها ولا يُنسيه !
فهناك مفلس الصحة، ومفلس الفكر، ومفلس الثقافة، ومفلس المعرفة، ومفلس الأصدقاء،و مفلس الحكمة، ...الخ !
وإذا كان الرسول قد استعملها لواقع الآخرة، فليس في ذلك تغيير لمعناها، وإنما ذلك لأن العملة والمعاملة يومئذ، تكون بالحسنات والسيئات، وليست بالنقود كما هو الحال في الدنيا ..!
أخي الكريم
لفظة الصلاة مثلا , لها معنيان أحدهما لغوي وآخر شرعي , ونحن عندما تُذكر لفظة الصلاة عندنا فإن المعنى الذي ينصرف إليه الذهن مباشرة هو تلك الحركات المقصودة التي يقوم بها المسلم متوجها بالعبادة إلى الله عز وجل
فإذا قرأت قول الله عز وجل " إن الله وملائكته يصلون على النبي ... " فلا يجوز أن تعطي المعنى للصلاة بأداء هذا الحركات -- حاشى لله -- للنبي صلى الله عليه وسلم بل يؤخذ المعنى اللغوي ولا شك وهو بمعنى الدعاء
المقصود من ذلك , أن المعنى الشرعي مقدم على المعنى اللغوي إلا إذا كانت القرائن تشير إلى المعنى اللغوى فعند ذلك , نقدم المعنى اللغوي على الشرعي
ومثال آخر
لفظة الغائط , معناها مكان الخلاء وهو معنى شرعي لا لغوي , واللفظة في أصل اللغة قد تنوسي معناها وصارت تطلق على هذا المعنى الشرعي الذي ارتبط بأحكام معينة وآداب معينة
أما قولكم
ثم من قال بوجود الناسخ والمنسوخ في كتاب الله .!
وهذا مثال جيد على النقل، والذي هو ليس من قول العقل .!
الذي قال بذلك هو القرآن الكريم , وإجماع الصحابة , ووقوع النسخ بالفعل
فهل تؤمن أنت بأنه لايجوز لنا مخالفة هذه القاعدة الموضوعة بواسطة السلف !
أخي الحبيب , القاعدة ليست موضوعة من قبل السلف , ولا يجوز في حق أي كان حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينسخ آية من تلقاء نفسه , بل هي حكم أمر به الحق سبحانه وتعالى , وليس لنا إلا أن نفهم مراد الله عز وجل والالتزام بأمره .
حتى لو أثبتنا بالعقل - بالتدبر في نصوص القرآن - أنها ليست صحيحة !
ليتك تثبت لي ذلك أخي الحبيب , فإن أثبتَ ذلك , تراجعتُ عن رايي لرأيك ,
أخي الكريم .. لا غنى عن استعمال العقل ! فالتكليف لا يكون لغير العاقل !
ومن قال غير ذلك ؟؟ العقل مناط التكليف , ولا تكليف على مجنون , بديهية اتفق عليها كل العلماء وغير العلماء من السلف والخلف .
ولو جاز الوقوف عند النقل، لما وُجد غير القرآن مكتوباً !
فحتى الأحاديث المنسوبة للرسول، لم تُكتب في عصر الخلفاء والصحابة، ولم يسمحوا بكتابتها !
أخي الحبيب
أراك هنا قد تراجعت عن معنى النقل الذي ذكرته في مشاركة سابقة , عندما سألتك عما تقصده من النقل وقلت
ويُقصد بالنقل هنا، ما نُقل من تفاسير - عن السابقين - في القرون الأولى للإسلام
فما شأن نقل القرآن والأحاديث , بنقل تفسير المفسرين للقرآن والأحاديث ؟؟؟
أرجو التوضيح , وشاكر لك سعة صدرك
عبدالصمد حسن زيبار
13-10-2008, 08:09 PM
الأحبة الكرام براك الله فيكم على مجهوداتكم الطيبة
الحوار أصل من الأصول الكبرى التي دعا لها الدين فالفرد مهما زاد علمه و فكره محتاج يقينا للتحاور فهو طريق العلم و الفهم
القرآن الكريم أنزل بلغة العرب وفق قواعدها ومآلاتها و ضوابطها فاللغة محورية في الخطاب القرآني
من هنا يخضع تاويل القرآن لضوابط اللغة و هذا بخلاف منهج الانتقائيين الذين يأخدون المعاني بدون العودة لهذه الضوابط
هناك من يبني في ذهنه و اقتناعه أفكارا و تصورات ثم يبحث لها في النص قرآنا او سنة عما يعضدها إن لم يجد نص صريح يلتجئ للتأويل المبتذل وهو منهج خاطئ إذ يخضع القرآن للرأي و الأصل أن ننطلق من النص فيكون هو المنطلق و المرجع و الغاية و المآل
إذا ما مرضت أبحث عن الطبيب المختص الماهر و إذا أصاب سيارتي عطب ألتجئ للميكانيكي المختص الماهر فما بالنا في فهم تعلم الدين و الأصول و المقاصد و الشريعة و غيرها نقول بآرائنا و إن لم نكن من أهل الإختصاصأليست هي اختصاص تعطى فيه الدرجات و الإجازات
اليس المطلب حدا من العلم حتى يفهم القصد لا اتحدث هنا عن الدين كفطرة و إيمان يفهمه الناس حتى الأمي بل على ما يتطلب العلم
قال تعالى : ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)
و قال تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)
قال سبحانه (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)
و في العقيدة قال المولى تبارك و تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات )
تحياتي الصادقة على هذا الحوار المثمر
أبوبكر سليمان الزوي
22-10-2008, 06:30 PM
أستاذي الكريم :أبوبكرسليمان الزوي .
أساتذتي الكرام ..تابعت حواركم الشيق ..
ولكن اسمحوا لي ..إذا كان لي حق في التدخل ..
لم تستسغ نفسي فصل الثقافة عن المعتقد ..الثقافة نتاج معتقد ما ..
العقيدة ..هي المصدر ..هي المنطلق الفكري لكل توجه ..هي الأرضية الصلبة التي تبنى عليها الثقافة ..
الثقافة الراشدة لن تبلغ رشدها في غياب العقيدة الصحيحة ..المؤمن يؤسس ثقافته على عقيدة التوحيد ..المشرك على عقيدة الشرك ..الملحد على عقيدة لاأحد ..
هذه العقيدة هي التي توجه السلوكات ..وتحدد المعارف التي ينبغي أن يعلمها الإنسان ..أو يعمل بها أو لايعمل ..
والعقل إنما يهتدي بتمييزه بين متناقضي الخطأ و الصواب إلى ماهو حق ــ أن تجرد ــ من الأهواء الذاتية ..
ومن هنا لابد منه ..إنه مصدر القناعة ..ومنطلق التمييز ..
...
إبليس أكفر مخلوقات الله ..لأنه يعرفه جيدا ..وتعمدت أنانيته .وهي مبعث أهوائه.. رفض السجود ..
وشكل آدم ــ عليه السلام ــ حزب الرحمن ..ورافقه أثناء نزوله حزب الشيطان ..
...
حاجتنا ـأيها الأساتذة الذتن نحترمهم لعلمهم الوافر ــ إلى الحوار بيننا أولا ..
// ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيئ جدلا.//
احتراماتي في انتظار تصويب عثراتي ..هذا مصير أمة فلا ترحموني ..
تحياتي لإخواني ..
أشكرك أخي الكريم الفاضل على مشاركتك القيّمة هذه .. وأقول:
لم تستسغ نفسي فصل الثقافة عن المعتقد ..الثقافة نتاج معتقد ما ..
العقيدة ..هي المصدر ..هي المنطلق الفكري لكل توجه ..هي الأرضية الصلبة التي تبنى عليها الثقافة ..
تعريفي وفهمي الشخصي للثقافة هو كالتالي: الثقافة هي أعراف وقواعد فكرية يُنتجها البشر في مجتمع ما، من أجل تحقيق مصالحهم وحل مشاكلهم، وتبرز فيها طبيعة حياتهم وما يُميّزهم عن غيرهم من أعراق البشر، .. بغض النظر عن طبيعة معتقداتهم واختلافها في المجتمع الواحد.
والثقافة تختلف وتتطور من حقبة تاريخية لأخرى، ومن مجتمع لآخر بحسب الظروف البيئية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ... الخ،
فمثلاً: الزواج الجماعي .. هو ظاهرة ثقافية فرضتها ظروف اقتصادية واجتماعية، في بعض المجتمعات، وقد تجدها في المجتمع المسلم، والمجتمع الملحد على حدٍّ سواء !
ومثلٌ آخـر، تجد في "موريتانيا" ( البلد العربي المسلم) أن حظوظ المرأة المطلقة في الزواج هي 100%- في أغلب الأحيان..، بينما تكون حظوظ الفتاة البكر في الزواج ضئيلة وتخضع لظروف وشروط معقدة! .. (1).
هذه ثقافة المجتمع الموريتاني، وهو يختلف بذلك اختلافاً جذرياً، عن كل المجتمعات العربية والمسلمة - تقريباً.
فما علاقة المعتقد بمثل هذه الثقافة- سواء كانت سلبية أو إيجابية.. ولماذا لا توجد في باقِ المجتمعات المسلمة، إذا كانت ترتبط بالمعتقد؟.
فالثاقفة هي ما يتفق عليه الناس، لمواجهة ما تفرضه عليهم الحياة من أعباء واختلافات، من أجل بلوغ الحد الأدنى من التعايش الجماعي - باعتباره ضرورة بشرية.
والثقافة تتغير وتتطور حسب متغيرات الحياة وضروراتها ومستجداتها !
ومن هنا تكون الثقافة، هي كل ما يحمله الإنسان من قناعات مُستمدة من المجتمع، ومعلومات ومفاهيم عامة، يؤمن بصوابها وصلاحيتها، فتنعكس على سلوكه، وتظهر في ممارساته العملية تجاه البيئة التي يعيش فيها .. بما في ذلك دقة التزامه بالقوانين والأعراف والقيم التي تحكم العلاقات العامة للناس في مجتمعه!
فكل ما يفعله الإنسان من صواب وخير .. حباً وخدمة ووفاءً للمجتمع، وطمعاً في الشهرة والانتفاع!
وكل ما يجتنبه الإنسان من الأخطاء والشرور .. خوفاً من عقاب المجتمع له .. كل ذلك يدخل تحت مسمى الثقافة!
فمثلاً، الكذب والغيبة .. يُحرمهما الدين، وتجرمهما بعض الثقافات( بعض المجتمعات)!
ولكن نجد الإنسان المسلم، يكذب ويغتاب .. لأنه لا توجد عقوبات دنيوية صريحة صارمة للكذب والغيبة- باسم الدين- رغم تحريمه لهما!
بينما لا يستطيع الإنسان أن يكذب أو يغتاب، عندما تكون ثقافة المجتمع وأعرافه هي التي تُجرّم ذلك وتعـدّه نقيصة، لأنه يُدرك أنه إن فعل، فسيُجرّم، ويُعاقب فوراً .. كمن يجتاز الإشارة الضوئية الحمراء للمرور!
العقيدة هي التي توجه السلوكيات ..وتحدد المعارف التي ينبغي أن يعلمها الإنسان ..أو يعمل بها أو لايعمل ..
إذا كانت العقيدة هي التي تحدد السلوكيات والمعارف، فلماذا لا تستقيم سلوكيات كل مسلم ومعارفه !
فهل ترى أنت، أن أخطاء وانحرافات الإنسان العربي المسلم، محسوبة على عقيدته - الإسلام .. أم على ثقافته العربية !
أما القول بأن ذلك ما ينبغي أن يكون، وأن ما يجري لا ينبغي أن يحصل .. فهذا أمر غير واقعي وغير منطقي .. إذ لو فتحنا باب ما ينبغي وما لا ينبغي.. فقد نصل إلى أنه ما كان ينبغي لآدم الأكل من الشجرة والخروج من الجنة، وما كان ينبغي لإبليس الامتناع عن السجود، وما كان لقابيل أن يقتل هابيل !!!!
والعقل إنما يهتدي بتمييزه بين متناقضي الخطأ و الصواب إلى ماهو حق ــ أن تجرد ــ من الأهواء الذاتية ..
ومن هنا لابد منه ..إنه مصدر القناعة ..ومنطلق التمييز .. هذا الشرط( التجرد من الأهواء) هو مستندٌ فكري، يستعمله كل من يتكلم باسم الدين والحق - لصالحه، وضد خصمه ..
لأنك لن تجد من يقول لك، بأنه يتبع هواه، فالكل يدّعي التجرد من الهوى، ويتهم الآخر باتباع الهوى !
وإذا كان العقل هو الذي يُميّز الخطأ من الصواب، فعلى الإنسان إذاً، أن يتبع عقله.. ولا يُعقل أن يُطلب من الإنسان أن يُصلح عقله .. .. فمن هو الإنسان، وما هو العقل .. وأيهما يقود الآخر !!!
وشكل آدم ــ عليه السلام ــ حزب الرحمن ..ورافقه أثناء نزوله حزب الشيطان ..
سبب خروج آدم من الجنة، هو عصيانه لله. (... وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) طه121 .
وأثناء نزول آدم إلى الأرض، لم يكن يُشكّل حزب الرحمن، ولم يكن الله قد تاب عليه حينها، فهو قد هبط بسبب معصية، ثم تاب الله عليه فيما بعد .. ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ{35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{37} قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{38}.. البقرة) .
احتراماتي في انتظار تصويب عثراتي ..هذا مصير أمة فلا ترحموني ..
هذا نُبلٌ منك، وكرم أخلاق، ودليل وعي بالمسئولية .. أرجو الهداية والتوفيق لنا جميعاً .. ومعذرة على تأخر الرد، وأرجو أن أكون قد أضفت شيئاً جديداً..
(1) .. وردت هذه المعلومة، في استطلاع لرأي الشارع العربي (ومنه الموريتاني)، حول مسألة الطلاق- من حيث هي حل أم مشكلة-، وقد بُثت في قناة الجزيرة، في برنامج الشريعة والحياة، وقد تفاجأ بها مُقدمو البرنامج وعلقوا عليها ..!
أبوبكر سليمان الزوي
22-10-2008, 07:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب أبو بكر حفظك الله
يبدو أنني اخطئت في التعبير فلم أحسن إيصال الفكرة
...
...
فما شأن نقل القرآن والأحاديث , بنقل تفسير المفسرين للقرآن والأحاديث ؟؟؟
أرجو التوضيح , وشاكر لك سعة صدرك
أخي الفاضل، بعد التحية .. أرجو منك إعادة قراءة ردي السابق، إذ يبدو أن مرورك عليه كان سريعاً. ولو قرأته برويّة لما طلبت توضيحاً، ولما اتهمتني بالتراجع عن شيء قلته سابقاً ..
جزء من الرد السابق(... لو جاز الوقوف عند النقل، لما وُجد غير القرآن مكتوباً !
فحتى الأحاديث المنسوبة للرسول، لم تُكتب في عصر الخلفاء والصحابة، ولم يسمحوا بكتابتها !
وأنت تعلم، بأنه حتى جمع القرآن، وكتابته بغرض الاحتفاظ به في مكان واحد، هي فكرة قد عرضها عمر بن الخطاب، وعارضها - أول الأمر- الخليفة أبوبكر الصديق، وزيد بن ثابت .. بقولهما: كيف نفعل ما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم !
فهل نوقف نحن - اليوم - استعمال العقل، ونحتكم إلى قواعد فكرية وفقهية وبحثية وإجرائية - طائفية... وضعها بشرٌ أمثالنا - بعد قرون من وفاة الرسول !
وهل يجب على الإنسان أن يكون مسلماً مؤمناً لأنه عاقل، ولأنه سمع الخطاب .. دون حاجة لأن يكون مالكياً أو حنفياً أو حنبلياً أو شافعياً أو أزهرياً أو شيعياً ... الخ،
أم أن الإسلام والقرآن هما من الصعوبة والتعقيد والغموض بحيث إن الإنسان يحتاج لمن يُؤكد له إسلامه وإيمانه - من البشر !!
فإذا كنا نتحدث هنا عن أنفسنا - ونحن العرب-، فماذا نقول عن غير العرب .. والحال أن الإسلام قد جاء لكل الناس !
...) .
شكراً لتواصلك واهتمامك ..
معروف محمد آل جلول
22-10-2008, 08:14 PM
المحترم أبو بكر الذي نحب..
أشكرك جزيل الشكر على هذا الموضوع.. الدسم ..القيم ..
أعدكم بالرد على كل أقوالكم المفيدة كلها.. للتوكيد...
تحياتي أستاذي الكريم ..
معروف محمد آل جلول
24-10-2008, 03:26 PM
المحترم أبوبكر..
اقف كالبلوحة في عرجون التمر ..أمام هذا المستوى العالي في النقاش ..معكم و مع جميع الأساتذة المحترمين المتدخلين ..
نعم أخي الأريب ..أضفتم وردة إلى البستان ..
شكر الله اجتهادكم..وجميع أحبتي الأساتذة الذين أحترم..وأملي أن يطلع القارئ الكريم..
هذا موضوع ـ صميم ـ جدير بمزيد النقاش..؟؟
ولــــــــكن ..
لغة ثقفت العود..اليس قومت اعوجاجه..؟؟
وقومت الفكرة ..أليس كشفت انحرافاتها..؟؟
وما هو ميزان التقويم ..أليست العقيدة ..ــ كيفما كانت.. وما ترتب عنهامن قوانين تشريعية ..؟؟
أليست العقيدة هي المنطلق الفكري لأي مجتمع ؟؟
العقيدة منبع التوجه في الحياة ..لايعلو عليها شيء..
ولن يتجرد منها مخلوق ..إنها زاده الفكري ..وما يفرز من عواطف ..؟؟
مهما كان تجرد البشر ..فسلوكاتهم ..وأقوالهم ..هي حصيلة عقيدة ..توحيد ..كفر وشرك ..إلحاد..
وقد ذكرتم أستاذي الكريم ..
//الثقافة هي أعراف وقواعد فكرية ..//
لماذا ظل العلماء الأجلاء يتابعون مستجدات الحياة ..ويصدرون فتاويهم ؟؟لماذا ظلت اجتهاداتهم تسقط الواقع على الشريعة الإسلامية ..ومازالت ..وستبقى إلى يوم الدين ..تصحح ..تعيد ..؟؟
أليس لتتواصل الثقافة الإسلامية ..فلا يخرج الناس عن الشريعة السمحة؟؟
هذه الفتاوى ألا أخضع لها أنا وأنت و القارئ؟؟
هل يسمح لنا بثقافة تتجاوزها؟؟
الثقافة نفسها تقوم ما اعوج من فكر و سلوك..لأنها نتاج فكر إسلامي..
كل ماذكرته من كلام حول الثقافة..أستاذي الكريم..
إما أن يكون في صميم الشريعة أوبدعة ..تحارب وتصحح؟؟
الزواج الجماعي حل إسلامي..حان وقته للتنفيذ..؟؟أولم يفتي فيه العلماء..؟؟الكافر هو الذي يأخذ ما ينفع ..فقط ..دون قيد..
إذا .. الزواج الجماعي هو وليد ثقافة ..بل هو مستجدات حياة ..تطلبتها الظروف وفق المنظور الإسلامي..
اماالزواج في موريطانيا ..فتمنيت لو ساقتني الأقدار لأتزوج بكرا مسلمة أصيلة موريطانية ..بأي ثمن ..وبأي شروط؟؟
إنه يا أستاذي الذي بدأت بصدق أحترم..
معتقد الإنسان في النظر إلى الوجود من حوله..وإلى سبل عيش الحياة الدنيا......هذا كله ..جعله يعتقد في صحة فعله..؟؟
انحرف عن الشريعة الصحيحة.. المرنة..اللينة..الميسرة ..المتفتحة ..الواسعة الأبعاد..
عندماتشدد..وتطرف في تشدده ..واتهم بالعصبية ..هذه حقيقة تمثل قناعتي ..
وكل العالم يدرك مدى تعصب الشعب الموريطاني لدينه الحنيف ..؟؟
لو تدققون ياأستاذي في الزواج كقضية ..تجدون بدايته الغيرة على الدين ..
ولما كان المنهج الرباني ــ كتابا وسنة ــهو الميزان الصحيح الذي نضع في حمولته سلوكاتنا..فإن الكائن الممثل للواقع المعيش..يحال إلى ما ينبغي أن يكون..من اعتدال ؟؟
أنتم أدرى أيها الأريب المفكر ..بحال الزواج في الحبيبة موريطانية ويمكنكم إثارة الموضوع من جديد..تيداول للنقاش..يغربل ..ويتم التغييروفقا لسنة مطردة ..تدريجيا..
والحجة أن سيد البشرية حث على الزواج بالبكر..
وهي ههنا ضحية الطرفين ..ولي متعصب ..غيور ..رجل راغب فيها أو عنها ..
وهذا يثبت أن الثقافة ينبغي أن تنبثق عن عقيدة..هذه العقيدة هي باعث تشريعات الدنيا و..وقطاف الآخرة..
وذكرتم أيضا أستاذي الحبيب ..
....//الثقافة تتغير وتتطور حسب متغيرات الحياة وضروراتهاومستجداتها..//
الفتيا.. تتغير بتغير أحداث الحياة..والثقافة مجرد ترجمان فتيا ..والفتيا نتاج اجتهاد سادتي العلماء ..ومرجعيتها مصادر التشريع الإسلامي..
أستاذي الذي أحب وأحترم ..
لكثرة الكلام نترك آدم والمتناقضين في نفسه إلى وقت قريب ..أعتذر عن الطول وليس عادتي ؟؟
أستاذي ..أساتذتي ألف شكر ..دمتم ذخرا لأمتكم.
.ولاترحموني ..مصير أمة ..
أبوبكر سليمان الزوي
25-10-2008, 12:35 AM
الأخ المحترم\معروف محمد آل جلول ..
أشكر لك الاهتمام والمتابعة، وأُحيي فيك دماثة الأخلاق، ورُقِي الأسلوب، وجمال الطرح..، وأرجو أن نكون جميعاً عند حسن الظن دائماً .. وأقول :
أولاً، سأتوقف قليلاً عند مفهوم كلمة "مُعتقد أو عقيدة".. كيف نفهمه !
أقول: إن الثقافة هي التي تنتج الاعتقاد، وليس العكس !
فاعتقاد الإنسان بأي أمر، هو رأيه وفهمه وقناعته بذلك الأمر !
فإذا كان الظن هو عدم الجزم، فإن الاعتقاد هو الجزم .. بغض النظر عن طبيعة الموضوع !
ولعلنا جميعاً نلاحظ أن استعمالنا للفعل "أعتقد"، يأتي دائماً على لسان المتحدث ليدل على قناعته بأمر ما، من حيث صواب ذلك الأمر من خطئه ! وهو ما قد يختلف فيه أتباع الدين الواحد!
وكمثال على ذلك، اختلاف آراء وفتاوى الفقهاء !
فعندما يختلف أكثر من فقيه أو عالم، حول رأي الدين في مسألة واحدة .. فيتشدد هذا الفقيه في تلك المسالة- بما قد يصل به إلى التحريم أو التكفير، ويتساهل فيها الآخر .. فهذا اختلاف في الاعتقاد، ناجم عن اختلاف في الثقافات !
ولذلك ظهرت المذاهب والطوائف المتعددة بين المسلمين .. منذ فجر الإسلام.!
ومن أمثلة ذلك، اتهامهم للخليفة ( عثمان بن عفان)، بأن ثقافته القبلية والعشائرية، قد غلبت على معتقده الديني.. فاتهموه بأنه كان يُحابي أقرباءه - من أفراد عشيرته، ويوليهم المناصب العليا في الدولة، على حساب حقوق المسلمين الآخرين .. وبذلك قُتل في منزله - وهو خليفة المسملين .. وقامت إثر ذلك الفتنة الكبرى !
ثانياً.. أثر الثقافة على الدين ..
نحن كُنا قبل الإسلام عرباً، لنا ثقافتنا الخاصة، التي يغلب عليها حب الشعر مدحاً وهجاءً وغزلاً، والتفاخر بالأنساب والكرم والشجاعة، وتمجيد الثأر والغزو والبطولات والسيف .. هكذا كان يعرفنا العالم حينها!
وكان ذلك مُستمداً من صعوبة الحياة في البيئة الصحراوية، ومن استحقاقات واقع الحياة القبلية .. ولم يكن المعتقد الديني هو مصدر هذه الثقافة أو أساسها !
ثم صُرنا - بعد الإسلام -عرباً مسلمين .! .. أي تغيّرت معتقداتنا، وكان من الواجب والمنطقي والأصلح لنا، أن تتغير وتتهذب ثقافتنا تبعاً لمعتقدنا الجديد!
حيث إن معنى "مسلم" هو التسليم الكامل لله.. بمعنى أن ما كُنا نعتقده صواباً، ثم قرر الإسلام أنه خطأ، يجب على المسلم تركه .. ولكن هل حصل ذلك بصورة صحيحة وكاملة .. أم لا .. هذا هو السؤال !
الإجابة.. ما نحلم به، وما ينبغي أن يكون - شيء، .. والحقيقة والواقع شيء آخـر.!
مثال على تصادم الثقافة مع الدين .. يقول الحق تبارك وتعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام .. دمه ماله وعرضه .
فماذا فعلت ثقافة العنف والبطولات، لتجاوز هذه الحواجز الدينية ؟ لقد استحدثت الثقافة العربية " فكر التكفير"، ومحاسبة الناس على نواياهم - التي لا يعلمها إلا الله، من أجل استحلال دمائهم!
ومازال التعصب الأعمى للعادات الاجتماعية، وللقبيلة والعشيرة والطائفة.. مثلاً، هو سيد الموقف في المجتمعات المسلمة؛ ومازالت الثقافة العربية - التي يغلب عليها تقديم الشجاعة وإظهار البطولة، على حساب الحكمة -هي التي تحكم العقل العربي حتى بعد إسلامه .. إلا من رحم ربي !
أعتذر عن الإطالة، وأشكر لك اهتمامك .. والله ولي التوفيق ..
معروف محمد آل جلول
02-11-2008, 02:30 PM
أستاذي الذي أحترم..أبوبكر..
أما قولكم:
/الثقافة هي التي تنتج الإعتقاد وليس العكس/
فالمولوديولد على الفطرة ..والإسلام دين الفطرة..
من هنا ..ينشأ الطفل على الثقافة الإسلامية ..ولاشيء غيرها..
تربى ـ إذا ـ على المنهج الرباني..
العقيدة منذ نشأته..تكاملت بداخله مع العبادة ..مع التشريع..
كل المعارف التي يتلقاها ..تكون نتاج عقيدة..
الثقافة ـ إذا ـ نتاج عقيدة..كل شيء منبثق عن التوحيد..
أما غير المسلم..
مهما كانت ثقافته هائمة..فإنه بعد الإسلام..والهداية من الله وليس من الثقافة..يتبع الثقافة الإسلامية ..
وإلا فما الفائدة من إسلامه..
الخطأ..الفسوق ..الكفر..الشرك....اسميه:انــح اف ثــقافــي.
الجد في المحاولة الدائمة..الدؤوبة ..دون كلل ..ولا ملل..على..
أســــقاط الواقع على الشريعة..وإخضاعه لهــا..
هي القائد..هو المقود..
/اختلاف آراء وفتاوى الفقهاء../
الثقافة إسلامية..واحدة..كلاهما له أدلته من الكتاب والسنة..
هذا متشدد خوفا من الله ..غيور على دينه..راهب ميال إلى الترهيب..
هذا معتدل يملك نفس مقاييس الأول..لكنه ييسر ..رغبة في الترغيب..والتخفيف على الناس..يراعي الحالات والظروف..
حتى المخطئ له أجر الاجتهاد..العبرة بالنية والقصد..
/اتهامهم للخليفة عثمان ابن عفان..../
اتهام..العدو الأخ..
الرغبة في مآرب ..
لاتعلل التفريق بين الثقافة والعقيدة..
وإذا قرب ذويه..
فالإسلام يشترط عليه مقاييس..للحكم.....
.الصدق ..الأمانة..التفاني..
غير مقبول تماما ..اتهام ثالث الخلفاء الراشدين ..
إنما الغريم ..يلفق أي تهمة للتبرير..
أستاذنا الكريم..زدنا مما أفاء به عليك الرحمن..
سأواصل..آدم ـ عليه السلام ـ..
معروف محمد آل جلول
03-11-2008, 09:54 AM
أستاذي الكريم..
ثقافتنا الإسلامية تقف عند حدود الشريعة الإسلامية..
كل ما أقره الإسلام فهو ثقافة..والدليل..
ما ورد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
//إن شر الأمور محدثاتها ؛وكل محدثة بدعة ؛وكل بدعة ضلالة ؛ وكل ضلالة في النار..//
فلا يجوز تسمية الانحرافات ثقافة..
هذه الحدود هي الميزان..
دمتم ذخرا لأمتكم ..
موضوع منطلق..
أبوبكر سليمان الزوي
06-11-2008, 02:01 AM
السلام عليكم ..
أخي الكريم\ معروف محمد آل جلول .. تحية طيبة صادقة،
فالمولود يولد على الفطرة .. والإسلام دين الفطرة..
أرجو أخي الفاضل، أن تشرح لي - وبشكل دقيق ومفصّل، كيف تفهم أنت، هذين المفهومين أو المصطلحين .. بلغة العقل والمنطق، وعلى أرض الواقع !
غير مقبول تماما ..اتهام ثالث الخلفاء الراشدين ..
إنما الغريم ..يلفق أي تهمة للتبرير..
ماذا تقصد بـ(غير مقبول تماما اتهام .. ثالث الخلفاء الراشدين)؟
هل تقصد أن الخلفاء مُنزهون معصومون عن الخطأ، وأنهم مُقـدَّسون .. مثلاً !
ثم، ماذا تقصد بالاتهام! هل ترانا نخترع ونبتدع الاتهامات لهم! أم أن هذا هو تراثنا الإسلامي كما وصلنا، ومن ذات الطريق التي وصلنا منها القرآن، والأحاديث المنسوبة للرسول !
ألم تقرأ في التراث والتاريخ الإسلامي، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان قد أهدر دم" عبدالله بن أبي السرح". وهو أخٌ للخليفة "عثمان بن عفان" من الرضاعة.
وأن سبب إهدار دمه، أنه كان من كتبة الوحي عند الرسول، وأنه كان يقوم بتغيير بعض ما يُملى عليه من القرآن .. ليختبر حقيقة نبؤة الرسول.
ثم هرب، وقال إنه كان يُغير بعض ما يُملى عليه، وأن الرسول كان يُقرّه فيما يكتب !
وظل هارباً، ودمه مهدوراً، حتى فتح مكة، حيث قال الرسول فيه، وفي تسعة آخرين كانو مثله- مهدرة دماؤهم- .. قال اقتلوهم وإن تعلقوا بجدار الكعبة، وأن أحدهم قُتل عند جدار الكعبة فعلاً .
وأن عبد الله بن أبي السرح، قد التجأ إلى أخيه عثمان بن عفان، ليطلب له الصفح من الرسول، فذهب معه إلى الرسول، وطلب له العفو، فأعرض الرسول عنه مراراً، ثم أعطاه الأمان بسبب إصرار عثمان.
وأن الرسول قد قال لأصحابه، أليس بينكم رجلاً سديداً ليقتل هذا الفاسق، وأخبرهم بأنه ما تأخر في إعطائه الأمان إلا ليفسح المجال أمامهم لقتله، ولكنهم لم ينتبهوا لذلك !
ألم تقرأ في التراث، بأن الخليفة" عثمان بن عفان" قد ولى أخيه هذا " عبد الله بن أبي السرح" على مصر، وأن ولايته كانت هي السبب المباشر في غضب المسلمين الذين ثاروا على الخليفة "عثمان" وحاصروه أربعين يوماً، حتى منعوا عنه الماء، ومنعوه من الصلاة في المسجد، ثم قتلوه ! .. رحمه الله، وغفر لنا وله،
ثم إن بعضاً ممن قتلوا الخليفة عثمان، قد انضموا إلى جيش "علي بن أبي طالب" وقاتلوا معه ضد معاوية. وثارت بذلك الفتنة الكبرى!
فمن هو الغريم الذي يُلفق أي تهمة للتبرير .. أليسوا مسلمين جميعهم! ألم ترد هذه الأخبار في كتب السنة وعلى ألسنة الفقهاء الأوائل ! وهل قلنا نحن اليوم شيئاً من عندنا!
يُمكنك أن تقول، إن تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت، ولنا ما كسبنا، ولا نُسأل عما فعلوا !
ولكن في هذه الحال، يلزمنا إغلاق كل الملفات المشكوك في صحتها، والتي تُثير الحساسيات بين المسلمين !
وعلينا حينها، أن ندعو لبدء البناء، وليس لإعادة البناء! لأن إعادة البناء ستستدرجنا لفتح كافة الملفات!
أشكر تواصلك واهتمامك، وأرجو ألا تنسى الإجابة عن التساؤلات التي بدأتُ بها هذه المشاركة، فهي تساؤلات جوهرية في موضوع خلط المفاهيم واختلاطها !
معروف محمد آل جلول
06-11-2008, 09:41 AM
أستاذي الكريم ..
أشكر لكم ردكم القيم ..
سأرد أستاذ ..
لاتتعجل علي..
حاشا لله أن يتهم أمثالكم الطاهرون الخلفاء الراشدين ..
وهم غير معصومين..اتهمه معاصروه..
سأرد أستاذي الكريم..
ولكن منكم نستفيد ..وقد أفدتمونا فعلا..
ضفاف أماني
06-11-2008, 12:38 PM
ماذا تقصد بـ(غير مقبول تماما اتهام .. ثالث الخلفاء الراشدين)؟
هل تقصد أن الخلفاء مُنزهون معصومون عن الخطأ، وأنهم مُقـدَّسون .. مثلاً !
ثم، ماذا تقصد بالاتهام! هل ترانا نخترع ونبتدع الاتهامات لهم! أم أن هذا هو تراثنا الإسلامي كما وصلنا، ومن ذات الطريق التي وصلنا منها القرآن، والأحاديث المنسوبة للرسول !
ألم تقرأ في التراث والتاريخ الإسلامي، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان قد أهدر دم" عبدالله بن أبي السرح". وهو أخٌ للخليفة "عثمان بن عفان" من الرضاعة.
وأن سبب إهدار دمه، أنه كان من كتبة الوحي عند الرسول، وأنه كان يقوم بتغيير بعض ما يُملى عليه من القرآن .. ليختبر حقيقة نبؤة الرسول.
ثم هرب، وقال إنه كان يُغير بعض ما يُملى عليه، وأن الرسول كان يُقرّه فيما يكتب !
وظل هارباً، ودمه مهدوراً، حتى فتح مكة، حيث قال الرسول فيه، وفي تسعة آخرين كانو مثله- مهدرة دماؤهم- .. قال اقتلوهم وإن تعلقوا بجدار الكعبة، وأن أحدهم قُتل عند جدار الكعبة فعلاً .
وأن عبد الله بن أبي السرح، قد التجأ إلى أخيه عثمان بن عفان، ليطلب له الصفح من الرسول، فذهب معه إلى الرسول، وطلب له العفو، فأعرض الرسول عنه مراراً، ثم أعطاه الأمان بسبب إصرار عثمان.
وأن الرسول قد قال لأصحابه، أليس بينكم رجلاً سديداً ليقتل هذا الفاسق، وأخبرهم بأنه ما تأخر في إعطائه الأمان إلا ليفسح المجال أمامهم لقتله، ولكنهم لم ينتبهوا لذلك !
ألم تقرأ في التراث، بأن الخليفة" عثمان بن عفان" قد ولى أخيه هذا " عبد الله بن أبي السرح" على مصر، وأن ولايته كانت هي السبب المباشر في غضب المسلمين الذين ثاروا على الخليفة "عثمان" وحاصروه أربعين يوماً، حتى منعوا عنه الماء، ومنعوه من الصلاة في المسجد، ثم قتلوه ! .. رحمه الله، وغفر لنا وله،
ثم إن بعضاً ممن قتلوا الخليفة عثمان، قد انضموا إلى جيش "علي بن أبي طالب" وقاتلوا معه ضد معاوية. وثارت بذلك الفتنة الكبرى!
فمن هو الغريم الذي يُلفق أي تهمة للتبرير .. أليسوا مسلمين جميعهم! ألم ترد هذه الأخبار في كتب السنة وعلى ألسنة الفقهاء الأوائل ! وهل قلنا نحن اليوم شيئاً من عندنا!
يُمكنك أن تقول، إن تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت، ولنا ما كسبنا، ولا نُسأل عما فعلوا !
ولكن في هذه الحال، يلزمنا إغلاق كل الملفات المشكوك في صحتها، والتي تُثير الحساسيات بين المسلمين !
وعلينا حينها، أن ندعو لبدء البناء، وليس لإعادة البناء! لأن إعادة البناء ستستدرجنا لفتح كافة الملفات!
أشكر تواصلك واهتمامك، وأرجو ألا تنسى الإجابة عن التساؤلات التي بدأتُ بها هذه المشاركة، فهي تساؤلات جوهرية في موضوع خلط المفاهيم واختلاطها !
لاحول ولاقوة الا بالله كل هذا الغل على الطاهر عثمان بن عفان
رضي الله عنه وارضاه
اخونا في الله تنزه عن هتك اناس مثل هؤلاء هؤلاء ليسوا معصومين نعم لكن من تكون انت او انا او غيرنا حتى يتتبع خطاياهم
فلنتتبع اخطاءنا قبل ان تهتك وتتهم فيهم
وان شاء الله
سأكون هنا لدي مشغوليات وسأعود بالتأكيد ان شاء الله
وانا اؤكد انه غير مقبول اتهام اي من الخلفاء الراشدون
أبوبكر سليمان الزوي
06-11-2008, 12:46 PM
أهلاً بك أخي الحبيب\ معروف ..
لاتتعجل علي..
لا تعجل، بل خذ ما يكفيك من الوقت، وابحث في كل ما يُتاح لك من مصادر المعرفة.
واعلم بأننا لسنا في ميدان تنافس ليُثبت أحدنا خطأ الآخـر، ولسنا هنا للحط من قدر أسلافنا، ولا نبحث عن زلاتهم ولا نتتبع خطاياهم، ولسنا من يُحاسبهم، وليسوا بحاجة لمديحنا!
وإنما نحن في ساحة عنوانها إعادة الصياغة، ومنبر للتعارف والتناصح، وتبادل الخبرات وطرح الجديد والسديد المفيد من الأفكار؛ وكلنا في طور البحث عن المعرفة الحقّـة، ولا أحد مِنا يـدّعي امتلاك الحقيقة الكاملة!
أشكرك كثيراً ..
معروف محمد آل جلول
06-11-2008, 01:38 PM
صدقني..
أستاذي.. نحن هنا لتفيدنا.. وتفيد القارئ الكريم..
التلميذ لاينافس أستاذه..
أبوبكر سليمان الزوي
06-11-2008, 03:18 PM
لاحول ولاقوة الا بالله كل هذا الغل على الطاهر عثمان بن عفان
رضي الله عنه وارضاه
اخونا في الله تنزه عن هتك اناس مثل هؤلاء هؤلاء ليسوا معصومين نعم لكن من تكون انت او انا او غيرنا حتى يتتبع خطاياهم
فلنتتبع اخطاءنا قبل ان تهتك وتتهم فيهم
وان شاء الله
سأكون هنا لدي مشغوليات وسأعود بالتأكيد ان شاء الله
وانا اؤكد انه غير مقبول اتهام اي من الخلفاء الراشدون
الأخت الكريمة\ أماني حرب، أهلاً بكِ ..
قولك أنه غير مقبول اتهام أي من الخلفاء الراشدين، يعني أنك لم تسمعي بهذه القصة من قبل، وإذا كنتِ قرأتِ عنها من مصادرها الأساسية، فإنه من خلط المفاهيم أن تقولي لمن يذكر هذه القصة التاريخية المشهورة بأنه يتهم الخلفاء الراشدين!
وكان الأجدر بك أن تقولي لا تذكرها، بدل أن تقولي لا تتهم، فأنا اذكر ما هو موجود في التراث، ولا أتهم أحداً !!
ثم ..
سامحكِ الله أختي المسلمة .. ماذا تعرفي عني حتى تحطي من قدري، وتقولي لي من تكون أنت!
أليست هذه هي لغة السياسة التي نحاربها .. حيث يقولون للكاتب، من تكون أنت، وماذا تكون، حتى تنتقد الرئيس، وتتكلم في السياسة! .. وما تقولينه أنتِ هو ذات الثقافة مع بالغ السف!
مذا تعرفي عن إيماني ومدى صدقي وأمانتي، حتى تصدحي بهذه الكلمات الكبيرة، لتهمسي للقارئ بأنني أُخفي أخطائي، وأتظاهر بالشرف والكرامة!
ماذا تعرفي عني حتى تجزمي بأنني أقل من أن استشهد بقصة في تراثنا يعرفها الكبير والصغير!
ولكن لا بأس عليكِ، فأنا أُحيي فيكِ وأُقدر لكِ غيرتكِ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعلمي أنني لا أقصد الإساءة، فأنا مثلكِ مسلم مؤمن إن شاء الله، ولكن لكل منا أفكاره وقناعاته وحدوده الخاصة، فمنا من يتبع مدرسة فكرية بعينها، فيُقلدها ويدعو لها، ولا يستطيع عنها حولا .. وهو حر فيما اختار لنفسه.
ومنا من يتبع منهج الفكر الحر، المعتمد على العقل مناط التكليف الإلهي، فيقرأ كل ما يُتاح له من المعرفة، ثم ينتهج ما يراه صواباً .. وهو حر فيما اختار لنفسه!
ما يهمنا أنه ليس من حق أحدهم أن يدعي امتلاك الحقيقة الكاملة، وممارسة الإرهاب الفكري والوصاية الدينية على الآخر .. فكل حر فيما اختار لنفسه، والملتقى عند الله، فيفصل بيننا، وليس من حق غيره حساب عباده على نواياهم!
أقول:
أولاً، على رسلكِ أختي الفاضلة، لا أرى ضرورة لهذا الأسلوب الهجومي المستفز، واعتقد أنه كان ينبغي عليك التريث، واتباع أسلوب المناصحة بالحكمة والموعظة الحسنة، والمُحاججة العقلانية المنطقية.. إذا كُنتِ قد وجدتِ في كلامي شيئاً منافياً للحقيقة، أو إذا كنتِ قد لاحظتِ أنني تجاوزتُ حداً من حدود الله. أما القناعات الشخصية فإنها تبقى من خصوصيات أشخاصها، ولا دخل للآخرين بها !
ثانياَ، سامحكِ الله، كيف تتهمينني بأنني أحمل غلاً للخليفة عثمان أو لسواه! ألا تعلمين أن ما قلته حول مقتل الخليفة عثمان، هو أمرٌ مُعلنٌ يعلمه القاصي والداني، والخاص والعام، فهو يُدرّسُ في دور التعليم، وتعج به كل المنتديات الإسلامية، ولم يُنكره الفقهاء!
فهل ذعتُ أنا سراً، أم هل تقوّلتُ أنا على الخليفة عثمان كذباً وبهتاناً، أم هل ادّعيتُ بأنني أملك ما يؤكد صحة هذه القصة أو سواها. أم هل وجدتِ في كلامي ما يُفيد حملي للكراهية والغل له .. كما تتصورين وتظنين وتتهمينني!
ثالثاً، اعلمي أنني أربو بنفسي عن أسلوب المشاحنات وشخصنة الأمور العامة- وأحسبكِ كذلك-، وأمقتُ ثقافة تكميم الأفواه، وأؤمن بأن النوايا لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز محاسبة الناس واتهامهم على نواياهم وتجاهل كلامهم الصريح والمنقول من مصادر عامة متاحة للجميع، ولا أؤمن بتهميش وتحقير عباد الله، وتقديس آخرين !
رابعاً، إذا كُنتِ تعتقدين بأن الإسلام يُطالبنا بإخفاء الحقائق، وأن استغفال الناس وحجب المعلومات عنهم سيقوي إيمانهم، ويخدم الإسلام .. فاعلمي بأنك مُخطيئة ولا شك!
إنه أن يعلم المسلم الخبر من أخيه المسلم .. مهما كان ذلك الخبر مُؤلماً، فيسأل عنه ويُلمُّ بكل جزئياته، لهو أفضل مائة مرة من أن يُفاجأ به من غير المسلم!
ألم تقرأي في القرآن، عتاب الله لرسوله حول كتمان المشاعر، حيث يقول تعالى: ( ... وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ... وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً . الأحزاب37 ) .
خامساً، أنا أدري من أكون، ولستُ بحاجة لمن يُعـرّفني بنفسي، ولا أبخس غيري أقدارهم، خاصة من لا أعرف عنهم شيئاً، ولا أحط من مكانتهم وقدراتهم التي منحها الله لهم وكرمهم بنفخةٍ من روحه، وجعلهم سواسية أمامه، مستخلفين في أرضه!
ومَثَلي في ذلك وقدوتي وأسوتي، هو الرسول الكريم، الذي نقل لنا عن ربه سبحانه وتعالى، قوله : { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الأحقاف9
سادساً، لم يكن موضوعنا الأساسي هو ذكر مناقب أو مساوئ هذا الخليفة أو ذاك، ولكن دواعي الحوار هي التي أوصلتنا إلى ذكر هذه الحوادث التاريخية، .. ولم نخالف بذلك شرعاً، ولم نرتكب بذلك كبيرة، ولم نتجاوز حداً من حدود الله!
سابعاً، إن مقتل عثمان، وعلي، والحسين بن علي، والزبير، وعبدالله بن الزبير ... وغيرهم الكثير من أوائل المسلمين المؤمنين .. إن مقتلهم على أيدي مسلمين، هو وصمة عار في تاريخنا العربي الإسلامي .. ولكنها حقائق لا ينبغي تجاهلها، بما خلفته من جراح دامية لم تندمل حتى يومنا هذا.
وليس من العيب ولا يُعدُّ جريمة، أن ندرس تلك المآسي، لنقف على أسباب تشتتنا وأحقادنا، لعلنا نفتح صفحة جديدة مشرقة، قد يصل نورها إليهم فيغفر الله لمن أساء منهم !
ثامناً، إذا كنتِ ممن يُقدسون التراث والبشر فذلك شأنك، ولا أحد يفرض عليكِ رأيه. ولكن بالمقابل فإنه ليس من حقكِ ممارسة الوصاية الدينية والفكرية على الآخرين، واستحداث حدود وخطوط حمراء في دين الله، أمام عباده، لم يأمر بها الله ..
أخيراً، وليس آخراً، أهل بكِ ومرحباً بحوار الحجة والمعلومة الهادف، الذي يحترم الآخرين ولا يبخسهم قدرهم ..
معروف محمد آل جلول
06-11-2008, 03:54 PM
أستاذي أبوبكر..
المحترمة أماني..
سأتكفل بموضوع عثمان ابن عفان ـ رضي الله عنه ـ ..
سأرد بحجة العقل ..إن شاء الله ..
اليوم أو غدا..
ولكما كل الإحترام ..
ضفاف أماني
06-11-2008, 08:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
اهلا بك الاستاذ ابو بكر الزوي ..
اولا انا لا امارس عليك الارهاب ابدا..لكن ساتحدث بعقلانية كبيرة فلامر الذي تحدثت عنه عن قصة الصحابي ابي السرح رضي الله عنه
هي تاريخيا موثقة ولا احد ينكرها
لكنك تناولتها كانها خطأ في حق عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه
استاذنا الكريم
الا تعلم ان الاسلام يجب ما قبله وهذا شيء قرأني منتهي الحد فيه
الصحابي الكريم بعد ان حدث منه ما حدث اعلن اسلامه وطلب على اساسه العفو
و عثمان بن عفان ما كان يضع يده في امر كهذا لأجل رجل يريد العفو للعفو
الامر يا استاذ انه اردا ان يعود لدائرة الاسلام
وقد عرف عنه ان حسن اسلامه
شارك عبد الله في الفتوح بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم ، و ولاه عمر بن الخطاب إمارة الصعيد ففتح فتوحاً في النوبة و السودان ، ثم ولي مصر في خلافة عثمان بن عفان و ذلك سنة 27هـ ، و في ولايته و فتح النوبة فتحاً عظيماً سنة 31هـ و عقد عهداً بينه و بين ملك النوبة يؤمن التجارو يحافظ على المسجد الذي بناه المسلمون في دنقلة .
تولى بناء و قيادة الاسطول الاسلامي في معركة ذات الصواري . و انتصر على البيزنطيين و أغرق 900 سفينة من اسطول قنسطنس الثاني. كما غزا إفريقية عدة مرات سنة 31هـ ، و 33هـ حتى بلغ تونس
بعد استشهاد عثمان اعتزل عبد الله السياسة و نجا بنفسه من الفتنة ، و خرج إلى عسقلان فظل فيها عابداً حتى توفي سنة 37هـ . وتوفى عبدالله ابن ابي السرح في مدينة أوجلة بليبيا ودفن في مدينة أوجلة.
هذا عبدالله بن ابي السرح
يا استاذنا
الاسلام دين عفو وسماحة
دين لا يقف عند عثرة لإنسان ويجعلها لوثة له مدى حياته
استاذنا الكريم
عثمان بن عفان ترك قريش واقرباءه وذهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
عثمان بن عفان
تبرع بأمواله لجيش العسرة ايفعل ذلك من في قلبه حب للدنيا
يا استاذنا الكريم هؤلاء اناس مضوا
وانتهوا امة قد خلت فلايكون في قلوبنا غلا عليهم
هو بشر وهذا ما يجب ان يحدث وان اراد الله ان ياتي بملائكة لما تقبلنا الامر منهم
يا استاذنا الكريم
ان كنا نطعن في هؤلاء ونصدق ولانجعل قلوبنا ملئ حب لهم ماذا نفعل بانفسنا
هؤلاء الرجال نقلوا لنا الدين نقلوه بكل امانة
نقلوه بكل حب
نشروا دين الله في ارجاء المعمورة طلبا لرضا الله وحبا لرسوله
يا ستاذنا الكريم
انت تقول انني لا اعرفك حينما اقول من انت حتى تتهم عثمان
اتعرف ما قصدته انا اقول من انا ومن انت
امام هؤلاء وليس قصدا مني ان اتنقصك ان كنت اتنقصك فقد تنقصت نفسي اذن
هؤلاء احب الناس الى قلب نبينا محمد
هؤلاء رضي الله عنهم وارضاهم
قال تعالي ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم مافي قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا )
هؤلاء الذين خاضوا الحروب من اجلنا
والان الثمن الذي يجدونه منا نقف عند كل موقف ونفند ووووو ونقول نحن اصحاب فكر حر
عموما اتوقف
ولي موضوع ان شاء الله في خضم هذا الامر ان شاء الله ان جمعت له مادته
استاذنا الكريم ابو بكر ا لزوي انا لا امارس عليك ارهابا بل اقول لك هؤلاء رضي الله عنهم وكفى الله يرضى عليهم اذن نحن نقول سمعا وطاعة
نتوقف عند كل ما قد بدر بينهم من امر الفتنة المعروفة
وقتها انا متاكدة انننا كمسلمين سنمضي قدما الى حيث ننجز افضل دون ان نلتفت ونفتت في الماضي الماضي الذي قد مضى وولى وهم الان قد تكون ركابهم حطت في الجنان
فقد بشرهم رسول الله بها
اخي في الله الكريم ابو بكر الزوي
حينما نقرأ التاريخ
نقرأه ونحن نعقل ان الحياة لها مفهوم اوسع
اي الانسان حتى لو اخطأ هنا سيصيب هنا
هذا مفهوم بشري يقع على كل انسان
لكن هؤلاء افضل البشر بعد الانبياء
شكرا
أبوبكر سليمان الزوي
06-11-2008, 10:25 PM
الأخت الكريمة\ أماني حرب .. السلام عليكم ..
الأخت الفاضلة: كفانا استخفافاً بعقل الإنسان، وكفانا تلقيناً للإنسان العربي المسلم وكأنه لم أو لن يبلغ الرشد، وكفانا تفكيراً نيابة عنه وكأنه محكوم عليه بالجهل مدى الحياة ..
ياسيدتي الفاضلة، إن الإنصاف والصدق والأمانة واحترام الذات واحترام المُحاورين والقراء، تُحتّم علينا أن نقول الحقيقة كاملة أو لنصمت!
ولا داعي للقلق، فالذين تحاورينهم، والذين تخاطبينهم .. ليسوا سُذجاً، وليسوا أطفالاً، وليسوا عبيداً، وليسوا منافقين، وليسوا مسملين بالمخالطة، وليسوا أعداءاً للإسلام .. إنما هم مسلمون عن قناعة، ومؤمنون عن بينة، عقلاء واعون، يدركون ما لهم وما عليهم، وليسوا في حاجة لمن يُرشّدهم ماذا يقرأون وماذا يتركون، والمعرفة لم تعد حكراً على أحد!
من أراد أن يقرأ التاريخ أو يتحدث به بقصد العبرة والاستفادة، فعليه قراءته كاملاً وكما هو دون انتقاء .. لا أن يجتزئ منه ما يحلو له، وما يُشبع عاداته القبلية في الفخر والاعتزاز بأسلافه، ويغض الطرف عن حقائق هو يُدركها، ويعلم أنها بداية مأساته التي يعيشها!
أنتِ لم تأتِ بجديد، ولم تبرري لهجتكِ الهجومية الإقصائية العدائية الاستفزازية .. فهل قولك بأنه فتح النوبة، ينفي واقعته مع الرسول!
وعندما تقولين إن "عبد الله بن أبي السرح" كان في عهد عمر بن الخطاب، والياً على الصعيد، ثم تولى مصر في عهد عثمان .. لماذا تتجاهلين الصحابي الجليل الآخر "عمرو بن العاص"، ألم يكن في عهد عمر بن الخطاب والياً على مصر، ثم عزله الخليفة عثمان، وولى عبدالله مكانه، وأن ذلك كان بداية الفتنة!
ياسيدتي، مصادر المعلومات متوفرة ومتاحة للجميع، ونحن لسنا موكلين بمحاكمتهم، ولسنا فخورين بذكر عثراتهم، .. ولكن التركيز على إنجازات السلف، وكأن كل أفعالهم كانت صواباً، وكأنهم معصومون-بما يقترب من تقديسهم، والتستر على الأخطاء أو محاولة تبريرها .. لن يزيد في حسناتهم، ولن يُغير من الحقيقة الأليمة التي نعيشها شيئاً!
نحن في مأساة تحتّم علينا فتح الملفات كافة، أو غلقها كافة. فلسنا غوغائيين متعصبين منتصرين في ساحة احتفال نتغنى فيها بالمناقب، ونغض الطرف عن المساوئ!
لم أكن أرغب في ذكر المزيد من المآسي، ولكن أجدني مضطراً للقول: إن تاريخنا العربي والإسلامي حافلٌ بالمآسي .. فمنذ عهد الخليفة الثاني " عمر بن الخطاب"، لم يتنازل خليفة مسلم، أو رئيس عربي عن الحكم إلا بالاغتيال أو بالتوريث لأفراد عائلته .. ولا مكان للشورى في تاريخنا .. حتى يومنا هذا .. أليست هذه هي أم مآسينا التي ورثناها عن أسلافنا !!!
أهلاً بحوار منطقي، يحترم عقول المتحاورين والقراء ..
ضفاف أماني
06-11-2008, 11:37 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كل ما قلته يكفيني منه شيء واحد قوله تعالى والله بالنسبة لي لن اقف عند كتب وتاريخ وووو
قول الله في رضاه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه والله هذه كفاية لي وفوق هذا وذاك ان الله علم ما في قلوبهم والله عالم الغيب ومحيط بكل شيء وهو المطلع على السرائر اما بالنسبة لقضية عمرو بن العاص ..فهذه جذاذة تحمل سيرة الامر ,,
عزل عمرو بن العاص عن مصر
[الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 5/ص 48، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 2/ص 480] وفتح أفريقية (سنة 26 هـ/ 647 م): لما ولي عثمان أقر عمرو بن العاص على عمله، وكان لا يعزل أحدًا إلا عن شكاة، أو استعفاء من غير شكاة، ثم عزل عمرو بن العاص عن خراج مصر، واستعمل عليه عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح أمير الصعيد في زمن عمر بن الخطاب.
كان عمرو بن العاص صاحب السلطة في مصر زمن عمر ـ رضي اللَّه عنه ـ، فكان قائد الجيش، وصاحب الخراج، لكن عمر كان يستبطئ عمرًا في جمع الخراج، ويستقل ما يجبيه من مصر. ومما كتبه له في هذا الشأن: "وأعجب ما عجبت أنها ـ أي مصر ـ لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه من الخراج قبل ذلك على غير قحط ولا جدب". لكن يلاحظ أن عمرو بن العاص ألغى كثيرًا من الضرائب التي كانت تجبى في عهد الدولة الرومانية، وكانت سبب شكوى المصريين وتألمهم من الحكم الروماني.
وعلى كل حال لم يفكر عمر بن الخطاب في نزع الخراج من عمرو وقصره على الحرب مع تشدده عليه في جباية الخراج. فلما ولي عثمان رأى إسناد الخراج إلى عبد اللَّه بن سعد أبي سرح [أسلم عبد اللَّه بن سعد قبل الفتح وهاجر إلى رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ، وكان يكتب الوحي لرسول الله ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ ثم ارتد مشركًا، وسار إلى قريش بمكة فقال لهم: إني كنت أصرف محمدًا حيث أريد، كان يملي عليَّ {عزيز حكيم} [البقرة: 209]. فأقول: أو عليم حكيم فيقول: نعم كل صواب. فلما كان يوم الفتح أمر رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ بقتله ولو وجد تحت أستار الكعبة، ففر عبد اللَّه بن سعد إلى عثمان بن عفان فتبعه عثمان حتى أتى به إلى رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ بعد ما اطمأن أهل مكة فاستأمنه له فصمت رسول اللَّه طويلًا ثم قال: نعم، فلما انصرف عثمان قال رسول اللَّه لمن حوله: ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه، فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول اللَّه؟ فقال: إن النبي لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين، وأسلم ذلك اليوم فحسن إسلامه ولم يظهر منه بعد ذلك ما ينكر عليه] وكان أخا عثمان من الرضاعة (أرضعت أمه عثمان)، فكتب عبد اللَّه إلى عثمان يقول: إن عمرًا كسر عليَّ الخراج، وكتب عمرو يقول: إن عبد الله قد كسر عليَّ مكيدة الحرب، فعزل عثمان عمرًا واستقدمه واستعمل بدله عبد اللَّه على حرب مصر وخراجها، أي أنه أعطاه السلطة التي كانت مخولة لعمرو من قبل، فقدم عمرو مغضبًا، فدخل على عثمان وعليه جبة محشوة فقال: ما حشو جبتك؟ قال: عمرو، فقال عثمان: قد علمت أن حشوها عمرو ولم أرد هذا، إنما سألتك أقطن هو أم غيره؟ ثم بعث عبد اللَّه بن سعد إلى عثمان بمال من مصر قد حشد فيه، فدخل عمرو على عثمان فقال عثمان: يا عمرو هل تعلم أن تلك اللقاح [اللقاح: جمع اللقحة وهي الناقة الحلوب الغزيرة اللبن، وقد شبَّه مصر بها، ودرَّت أي أخرجت لبنها. [القاموس المحيط، مادة: لقح]. درَّت بعدك؟ فقال عمرو: إن فصالها هلكت. يريد عثمان أن مصر قد كثر خراجها على يد عبد اللَّه بن سعد، فقال له عمرو: إن فصالها هلكت أي أن أولاد اللقاح قد هلكت بحرمانها من اللبن، يريد أن في ذلك إرهاقًا لأهالي مصر وتحميلهم ما لا يطاق [ص 61].
وهذه الزيادة التي أخذها عبد اللَّه، إنما هي على الجماجم فإنه أخذ عن كل رأس دينارًا خراجًا عن الخراج فحصل لأهل مصر بسبب ذلك الضرر الشامل. وكانت هذه أول شدة وقعت لأهل مصر في مبتدأ الإسلام، ويقال: إن عبد اللَّه جبى خراج مصر في تلك السنة 14.000.000 دينارًا بعد أن كان 12.000.000 زمن عمرو بن العاص، وهذا ما دعا عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ إلى توجيه اللوم إلى عمرو، فكان جوابه ما ذكر.
كان عبد اللَّه من جند مصر، وكان قد أمره عثمان بغزو أفريقية سنة خمس وعشرين وقال له عثمان: إن فتح اللَّه عليك فلك من الفيء خمس الخمس نفلًا. وأمر عبد اللَّه بن نافع بن عبد القيس وعبد اللَّه بن نافع بن الحارث[هو نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي الطائفي، أول من ابتنى دارًا، واقتنى الخيل بالبصرة، كان من رقيق أهل الطائف أمه مولاة للحارث، واعترف الحارث أنه ولده فنسب إليه، ولما ظهر الإسلام، نزل من الطائف إلى النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ وأسلم، شهد الحروب ثم كان مع عتبة بن غزوان حين وجهه عمر إلى الأهواز والأبله، نزل عتبة بأرض البصرة قبل أن تُبنى، فتح الأبله فوجد فيها غنائم كثيرة، فكتب بخبرها إلى عمر، وأرسل الكتاب مع نافع فسر عمر والمسلمون. للاستزادة راجع: الأخبار الطوال ص 123، الإصابة ترجمة 8654، الاستيعاب ج 3/ص 512، فتوح البلدان للبلاذري ص 359، معجم البلدان ج 2/ص 192] على جند وسرّحهما، وأمرهما بالاجتماع مع عبد اللَّه بن سعد صاحب أفريقية، ثم يقيم عبد اللَّه في عمله، فخرجوا حتى قطعوا أرض مصر، وكان من بين الجيش الذي أرسله عثمان جماعة من أعيان الصحابة منهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو بن العاص، وابن جعفر، والحسن، والحسين، فسار بهم عبد اللَّه بن سعد إلى أن وصلوا برقة فلقيهم عقبة بن نافع [هو عقبة بن نافع بن عبد القيس الأموي، القرشي، الفهري، فاتح من كبار القادة في صدر الإسلام، هو باني مدينة القيروان، ولد في حياة النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ سنة 1 ق. هـ، ولا صحبة له، شهد فتح مصر وهو ابن خالة عمرو بن العاص، فوجهه عمرو إلى أفريقية سنة 42 هـ واليًا، فافتتح كثيرًا من تخوم السودان وكُوَرها في طريقه، وعلا ذكره، فولاه معاوية أفريقية سنة 50 هـ، فأوغل في بلاد أفريقية حتى أتى وادي القيروان، فأعجبه، فبنى فيه مسجدًا لا يزال إلى اليوم يُعرف بجامع عقبة، وأمر من معه فبنوا فيه مساكنهم، عزله معاوية سنة 55 هـ، فعاد إلى المشرق، ولما توفي معاوية ولاه يزيد على المغرب سنة 62 هـ، فقصد القيروان وخرج منها بجيش كثيف، ففتح حصونًا ومدنًا، تقدم إلى المغرب الأقصى، فبلغ البحر المحيط، وعاد فلما كان في تهودة وهي من أرض الزاب تقدمته العساكر إلى القيروان وبقي في عدد قليل، فطمع به الفرنج، فأطبقوا عليه فقتلوه ومن معه ودفن بالزاب سنة 63 هـ. للاستزادة راجع: الاستقصا ج 1/ص 36، البيان المغرب ج 1/ص 19، فتح العرب للمغرب ص 130، بغية الرواد ج 1/ص 76] فيمن معه من المسلمين، وساروا إلى طرابلس الغرب في جيش عدده [ص 62] 40.000 فنهبوا من عندَها من الروم، وسار نحو شمال أفريقية وبث السرايا في كل ناحية، وكان ملكهم اسمه جرجير (Greaorius) وملكه من طرابلس إلى طنجة [قال مستر ج.ب. بري الذي علَّق على كتاب جيبون في سقوط الإمبراطورية الرومانية ـ طبعة سنة 1911 م، ج 5/ص 490، بالهامش ـ: "ولا شك في أن جريجوري ثار على كوتستانس وأعلن نفسه إمبراطورًا] فلما بلغه خبر المسلمين، تجهَّز وجمع العساكر وأهالي البلاد من قبائل البربر غير المدربين على القتال فبلغ عسكره 120.000، والتقى هو والمسلمون في مكان بينه وبين سُبَيطلة يوم وليلة، وهذه المدينة كانت في ذلك الوقت دار الملك (Sujetula)، بينها وبين القيروان سبعون ميلًا، وكان بها حصن قوي، فأقاموا هناك يقتتلون كل يوم. وراسله عبد اللَّه بن سعد يدعوه إلى الإسلام، أو الجزية فامتنع منهما وتكبَّر عن قبول أحدهما. وقيل: كان عدد جيش المسلمين 20.000 وانقطع خبر المسلمين عن عثمان فسيَّر عبد اللَّه بن الزبير [هو عبد اللَّه بن الزبير بن العوام، القرشي، الأسدي، أبو بكر، فارس قريش في زمنه، أول مولود في المدينة بعد الهجرة ولد سنة 1 هـ، شهد فتح أفريقية زمن عثمان، بويع له بالخلافة سنة 64 هـ، عقيب موت يزيد بن معاوية، فحكم مصر، والحجاز، واليمن، وخراسان، والعراق، وأكثر الشام، وجعل قاعدة ملكه المدينة، كانت له مع الأمويين مواقع هائلة حتى سيَّروا إليه الحجاج بن يوسف الثقفي في أيام عبد الملك بن مروان، فانتقل إلى مكة، نشبت بينهما حروب انتهت بمقتل ابن الزبير بعد ما خذله أصحابه، وهو في عشر الثمانين سنة 73 هـ، كان من الخطباء المعدودين في قريش، يشبه بذلك بأبي بكر، كانت مدة خلافته تسع سنين، نقش في أيامه الدراهم وكتب على وجه "محمد رسول اللَّه" وعلى الآخر "أمر اللَّه بالوفاء والعدل"، وهو أول من ضرب الدراهم المستديرة. للاستزادة راجع: ج 4/ص 135، فوات الوفيات ج 1/ص 210، تاريخ الخميس ج 2/ص 301، حلية الأولياء ج 1/ص 329، اليعقوبي ج 3/ص 2، صفة الصفوة ج 1/ص 322، الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 7/ص 202، تهذيب ابن عساكر ج 7/ص 396، شذور العقود للمقريزي ص 6، جمهرة الأنساب ص 113] في جماعة إليهم ليأتيه بأخبارهم. فسار مجدًّا ووصل إليهم، وأقام، ولما وصل كثر الصياح والتكبير في المسلمين، فسأل جرجير عن الخبر! فقيل: قد أتاهم عسكر ففت ذلك في عضده. ورأى عبد اللَّه بن الزبير قتال المسلمين كل يوم من الصباح إلى الظهر فإذا أذن بالظهر عاد كل فريق إلى خيامه وشهد القتال من الغد فلم يرَ ابن أبي سرح معهم، فسأل عنه، فقيل: إنه [ص 63] سمع منادي جرجير يقول: من قتل عبد اللَّه بن سعد، فله مائة ألف دينار وأزوَّجه ابنتي، وهو يخاف. فحضر عنده (في خيمته) وقال له: تأمر مناديًا ينادي من أتاني برأس جرجير نفلته مائة ألف، وزوَّجته ابنتك، واستعملته على بلاده، ففعل ذلك، فصار جرجير يخاف أشد من عبد اللَّه.
ثم إن عبد اللَّه بن الزبير قال لعبد اللَّه بن سعد: إن أمرنا يطول مع هؤلاء وهم في أمداد متصلة وبلادهم لهم، ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم، وقد رأيت أن نترك غدًا جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهبين ونقاتل نحن الروم في باقي العسكر إلى أن يضجروا أو يملوا، فإذا رجعوا إلى خيامهم ورجع المسلمون ركب من كان في الخيام من المسلمين ولم يشهدوا القتال وهم مستريحون، ونقصدهم على غرة، فلعل اللَّه ينصرنا عليهم. فأحضر جماعة من أعيان الصحابة واستشارهم، فوافقوه على ذلك، فلما كان الغد فعل عبد اللَّه ما اتفقوا عليه، وأقام جميع شجعان المسلمين في خيامهم وخيولهم عندهم مسرجة، ومضى الباقون فقاتلوا الروم إلى الظهر قتالًا شديدًا. فلما أذن بالظهر همَّ الروم بالانصراف على العادة فلم يمكنهم ابن الزبير وألح عليهم بالقتال حتى أتعبهم، ثم عاد عنهم هو والمسلمون فكل من الطرفين ألقى سلاحه ووقع تعبًا فعند ذلك أخذ عبد اللَّه بن الزبير من كان مستريحًا من شجعان المسلمين وقصد الروم، فلم يشعروا بهم حتى خالطوهم وحملوا عليهم حملة رجل واحد وكبَّروا فلم يتمكن الروم من لبس السلاح حتى غشيهم المسلمون.
انا يا استاذنا القدير لم انتقي من التاريخ
والكل يعلم ان تاريخنا الاسلامي دلس عليه الكثير والكثير من اصحاب الاهواء
وفرقة الامة كله بسبب الدس عليها ولو اننا امتثلنا امر الله ما كان احد يدخل بيينا ويفرقنا
ونتوقف عند كل امر بدر بين الصحابة هذا والله الخير والخير كله للامة جمعاء
وقد قال صلى الله عليه وسلم لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ "اي ان الفئتين قد تم الصلح بينهما والى الآن هناك من ينبش في ماضيها وما نابنا منها الا الفرقة
فحينما يضع لنا الله ورسوله النهج القويم وجب علينا الإتباع ونحن مذعنين لانه النجد الذي نعبر به دنيانا ونحن نطلب الجنة وما وجودنا هنا في الارض الا لننفذ امر الله
ليس لدي اكثر مما قلت
اشكركم ايها الاستاذ
القدير ابوبكر الزوي
دمتم في رعاية الله
أبوبكر سليمان الزوي
07-11-2008, 12:07 AM
أشكركِ أختي الكريمة\ أماني حرب ..
نفع الله بكِ الإسلام، وهدانا جميعاً سواء السبيل، ورحم الله أسلافنا السابقين، وغفر لنا ولهم، وأنار طريق العلم والإيمان للاحقين، ووحد كلمتهم .. اللهم آمين.
ملاحظة، لعلها الأخيرة: لم أفهم ماذا تقصدين بقولكِ إنه يكفيك قول الله في رضاه عن عثمان!!
فإذا كنتِ تقصدين بيعة الرضوان( بيعةالشجرة)، فإن عثمان لم يكن حاضراً في تلك البيعة- لسوء الحظ-، كما تعلمين. فقد كانت البيعة من أجل الثأر لعثمان، حيث شاعت الشائعة بأنه قد قُتل!
تحياتي أختي الفاضلة، وأعتذر إن كان قد بدر مني ما أساءك .. اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.
ضفاف أماني
07-11-2008, 12:49 AM
اولا لا تعتذر مطلقا نحن نتحاور في ما يجلب علينا الخير ونسأل الله ان يهدينا الى طريق الصواب وان ينير دربنا
ما كان ان شاء الله فيه خير لي ولكم
وبحثت عن نص لما جرى في تلك البيعة فهو افضل من ان اسردها حيث ان الرسول صلى الله عليه وسلم اخذ بيده وقال هذه عن عثمان
وفي المقالة التالية الكلام في سيرة البيعة مطولا
وشكرا مرة اخرى استاذنا القدير
القارئ لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتاريخ دعوة الإسلام يجد ارتباطًا وثيقًا بين أحداثها ومجرياتها، وخير ما يشهد لهذه المقولة بيعة الرضوان، إذ كانت ذات علاقة وثيقة بصلح الحديبية، وربما كانت سببًا مباشرًا لهذا الصلح، الذي كان خيرًا للمسلمين، وفتحًا مبينًا للجماعة المؤمنة. وفيما يلي شيء من تفصيل مجريات وملابسات بيعة الرضوان، ذلك الحدث الجلل في حياة الدعوة الإسلامية وتاريخها المجيد .
ذلك أنه لما استقر أمر المسلمين بالمدينة، وأسسوا دولتهم الفتية، وأخذت الأمور تسير إلى حد كبير لصالحهم، بدأت طلائع الفتح الإسلامي، ورايات الدعوة الإسلامية تبدو شيئًا فشيئًا، وبدأت التمهيدات والاستعدادات لإقرار حق المسلمين في أداء عبادتهم في المسجد الحرام، الذي كان قد صد عنه المشركون منذ ستة أعوام .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام، وهو بالمدينة، أنه داخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وآخذ مفتاح الكعبة، وطائف بالبيت العتيق. فأخبر بذلك أصحابه، ففرحوا بهذه الرؤية فرحًا شديدًا، وتشوَّقت نفوسهم لتلك الساعة، وحسبوا أنهم داخلو مكة خلال وقت ليس بالبعيد .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى إثر تلك الرؤيا المبشرة، أخبر أصحابه أنه معتمر، وطلب منهم أن يأخذوا أهبة السفر، فتجهزوا لما أمرهم به، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة ابن أم مكتوم . وخرج قاصدًا مكة غرة ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة، وصحبته في هذا السفر زوجته أم سلمة رضي الله عنها، وكان عدد الذين خرجوا معه يريدون مكة قد قاربوا ألفًا وأربعمائة رجل، ولم يخرج معه أحد بسلاح المعركة، بل خرج الجميع بسلاح المسافر فحسب .
وكانت قريش لما سمعت بخروج النبي صلى الله عليه وسلم قد عقدت جلسة طارئة، لبحث الموقف وتداعياته، وخرجت من تلك الجلسة بقرار جماعي، حاصله صد المسلمين عن البيت الحرام كيفما كان، ومهما كلفها ذلك من ثمن .
ثم إن قريشًا بدأت خطواتها التنفيذية، وإجراءاتها العملية لمواجهة الموقف؛ بإرسال الرسل للمفاوضة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عسى أن تثمر تلك المفاوضات عن ثنيه عن عزمه وقصده من دخول البيت الحرام .
ولما رأى شباب قريش الطائشون، الطامحون إلى الحرب، رغبة زعمائهم في الصلح، فكروا في خطة تحول بينهم وبين الصلح، وأخذوا زمام المبادرة، إذ إن الموقف - حسب منطق هؤلاء - لم يكن يحتمل المفاوضة، ولا يتسع للأخذ والمناورة، فقرروا - حسمًا للموقف - أن يخرجوا ليلاً، ويتسللوا إلى معسكر المسلمين، ويحدثوا أحداثًا تشعل نار الحرب، وتؤجج سعير المعركة. وفعلاً قاموا بتنفيذ هذا القرار، واتخذوا خطوات عملية وميدانية في هذه الاتجاه، فخرج منهم سبعون أو ثمانون رجلاً ليلاً، وهبطوا من جبل التنعيم، وحاولوا التسلل إلى معسكر المسلمين .
بيد أن عيون المسلمين كانت لهم بالمرصاد، فحالما تسلل أولئك النفر إلى المكان الذي كان ينـزل فيه المسلمون اعتقلوا جميعًا، وفشلت محاولتهم التي كانوا يرمون إليها، وأخذوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرر في أمرهم ما يراه مناسبًا للموقف .
ورغبة منه صلى الله عليه وسلم في الصلح، وتمشيًا مع القصد الذي خرج صلى الله عليه وسلم لأجله، فقد أطلـق سراحهم وعفا عنـهم، وفي ذلك أنزل الله قوله الكريم: { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم } (الفتح:24) .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يبلغ قريشًا موقفه وهدفه وغايته من هذا السفر؛ فعزم على أن يبعث إليها سفيراً يؤكد لها موقفه ذلك، فانتدب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليرسله إليهم، فاعتذر عمر رضي الله عنه قائلاً: يا رسول الله، ليس لي أحد بمكة من بني عدي بن كعب ، يغضب لي إن أوذيت، فأرسلْ عثمان بن عفان ، فإن عشيرته بها، وإنه مبلِّغ ما أردت. فدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه، وأرسله إلى قريش، وقال: أخبرهم أنا لم نأتِ لقتال وحرب، وإنما جئنا عُمَّارًا - أي: نبتغي العمرة - وادعهم إلى الإسلام، وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين، ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله عز وجل مظهر دينه بمكة، حتى لا يستخفي فيها أحد بالإيمان .
فانطلق عثمان رضي الله عنه لما وجَّهه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتى قريشًا، وبلَّغ زعماءها الرسالة التي حمَّله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من إبلاغ رسالته، عرضوا عليه أن يطوف بالبيت، فرفض هذا العرض، وأبي أن يطوف إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما رأت قريش هذا الموقف من عثمان رضي الله عنه، وهو موقف لم يَرُقْ لها بحال، لجأت إلى أسلوب الضغط والتهديد، فاحتبست عثمان عندها - ولعلها أرادت من وراء هذه الخطوة، أن تتشاور فيما بينها في الوضع الراهن، وتبرم أمرها. أو لعلها أرادت أن تتخذ من عملية اعتقال عثمان رضي الله عنه ورقة ضغط في وجه المسلمين - وأشاعت خبر ذلك بين المسلمين، وطال احتباس عثمان رضي الله عنه، حتى شاع بين المسلمين أنه قتل. فلم بلغ خبر تلك الإشاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا نبرح حتى نناجز القوم ) ثم دعا أصحابه إلى البيعة، فثاروا إليه يبايعونه على ألا يفروا، وبايعته جماعة على الموت، وأول من بايعه أبو سنان الأسدي، وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات، في أول الناس ووسطهم وآخرهم، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد نفسه وقال: ( هذه عن عثمان ). ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين يقال له: جَدُّ بن قَيْس .
وقد ذكر القرآن الكريم خبر هذه البيعة، ومدح أصحابها، ورضا الله عنهم، قال تعالى في ذلك: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } (الفتح:18) ولأجل ما ذكر الله، سميت هذه البيعة ( بيعة الرضوان ) وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيعة من صحابته رضوان الله عليهم تحت شجرة، وكان عمر رضي الله عنه آخذًا بيده، و مَعْقِل بن يسار آخذًا بغصن الشجرة، يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكرت كتب السيرة خبر هذه البيعة بطرق متعددة، وبألفاظ متقاربة؛ من ذلك ما رواه الطبري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: بينما نحن قافلون من الحديبية، نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، البيعة البيعة ! نزل روح القدس. قال: فسرنا إلى رسول الله، وهو تحت شجرة سمرة، قال: فبايعناه، قال: وذلك قول الله تعالى: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } فأخبر سبحانه نبيه أنه قد رضي عن أصحابك المؤمنين، لمبايعتهم إياك على الجهاد، ومواجهة قريش في موقفها العنيد، وعلى أن لا يفروا ولا يولوهم الأدبار، مهما كلفهم ذلك من التضحيات .
وكان أول من بايع بيعة الرضوان رجل يقال له أبو سنان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أبسط يديك حتى أبايعك، فقال: على ماذا، قال: على ما في نفسك، قال: وما في نفسي، قال: الفتح أو الشهادة. فبايعه، وكان الناس يجيئون فيقولون: نبايع على بيعة أبي سنان .
قال ابن اسحاق صاحب السيرة: فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها، إلا الجد بن قيس ، أخو بني سلمة، قال: كان جابر بن عبد الله رضي الله عنه، يقول: لكأني أنظر إليه، لاصقًا بإبط ناقته، قد ضبأ ( أي: لصق بها واختبأ ) إليها، يستتر بها من الناس .
ولما تمت البيعة المرضية، رجع عثمان رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له بعضهم: اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت؟ فقال: بئس ما ظننتم بي، والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها، حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت، فقال المسلمون: رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعلمنا بالله، وأحسننا ظنًا .
وقد ثبت في صحيح الحديث - ناهيك على ما جاء في القرآن - الشهادة بالجنة لجميع من شهد بيعة الرضوان عام الحديبية؛ فعن أم مبشر رضي الله عنها: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة رضي الله عنها: ( لا يدخل النار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها ، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة : { وإن منكم إلا واردها } (مريم:71) فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قال الله عز وجل: { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } (مريم:72) رواه مسلم ، وفي "سنن" أبي داود : ( لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة ) وفي "المصنف" ل ابن أبي شيبة ،قال: السابقون الأولون، من أدرك بيعة الرضوان. وقد وعد سبحانه هؤلاء بالجنة، قال الله تعالى: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } (التوبة:100) .
وعلى العموم، فإن وقائع هذه البيعة تفيد العديد من العبر، ويُستنتج منها الكثير من الفوائد، وهاك بعضًا من ذلك:
- صحة إيمان الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، وصدق بصائرهم, وأنهم كانوا مؤمنين على الحقيقة أولياء لله; إذ من غير الجائز أن يخبر الله برضاه عن قوم بأعيانهم، إلا وباطنهم كظاهرهم في صحة البصيرة، وصدق الإيمان, وقد أكد ذلك المعنى سبحانه، بقوله: { فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم } (الفتح:18) وهذا يدل دلالة واضحة على أن التوفيق والتسديد والتأييد مصاحب وملازم لمن صَدَق النية مع الله, وهذا الملحظ في معنى قوله تعالى: { إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } (النساء:35) .
- كانت تلك البيعة مقدمة وتمهيدًا وسببًا مباشرًا لإبرام صلح الحديبية، ذلك الصلح الذي كان فتحًا مبينًا، وكسبًا عظيمًا للمسلمين. فعندما علمت قريش بتلك البيعة، ومدى صلابة المسلمين في موقفهم، وقوتهم، وصبرهم، وثباتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمت أن ذلك هو الحق، فأرسلت إلى المسلمين فريقًا للتفاوض معهم، وإبرام الصلح .
- ومما يستفاد من هذه الحادثة قوة العلاقة والترابط والتلاحم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام؛ إذ إنهم بايعوه على الثبات والمصابرة وعدم التولي، ومواجهة الموقف بكل ما يقتضيه من إيمان وإخلاص؛ يتجلى ذلك في سرعة استجابة الصحابة لما دعاهم إليه رسول الله، ومسارعتهم لتلبية متطلبات ومستحقات الإيمان بالله، وبرسالة نبيه عليه الصلاة والسلام، إذ إن الصدق في الإيمان سبيل إلى تحصيل رضا الرحمن أولاً، وهو طريق أيضًا لحصول نصره وتأييده { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز } (الحج:40) .
- على أن من الدلالات المهمة في هذه البيعة، والتي تدل على كل ما سبق وتدعمه، ما يستفاد من مواقف الصحابة رضوان الله عليهم من رسولهم صلى الله عليه وسلم، فيما ذكره أصحاب السِّيَر من أن عروة - وهو أحد أعضاء وفد قريش، الذين ذهبوا للمفاوضة والمصالحة - وكان قد رجع إلى أصحابه يصف لهم ما رأى، قال: أي قوم !! والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى و قيصر والنجاشي ، والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه، ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله إن تنخَّم نخامة، إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدِّون إليه النظر تعظيما له. وفي فعل الصحابة هذا على ما وصف عروة ما يدل على أنه لا إيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم دون محبة له، وأن هذه المحبة ليست معنى عقلانيًا مجردًا، وإنما هي أثر ملموس، وسلوك مشهود، يستحوذ على القلب، فيطبع صاحبه، بمثل الطابع الذي وصف به عروة بن مسعود أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومما يتصل بهذا الحدث، ويحمل من الدلالة ما يحمل، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في "الصحيحين" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: ( أنتم خير أهل الأرض ) قال جابر - وكان قد كفَّ بصره -: ولو كنت أبصر اليوم، لأريتكم مكان الشجرة .
وقد قُطعت هذه الشجرة ونسي مكانها، وكان في ذلك خير للمسلمين؛ إذ لو بقيت إلى اليوم، لشُدت إليها الرحال، ولضُربت عليها القباب، ولظن الناس فيها الظنونا، ولربما كانت قِبلة لبعض الجهال، ولكن الله { غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .
مصدر المقالة الشبكة الاسلامية
أبوبكر سليمان الزوي
07-11-2008, 02:12 AM
الأخت الكريمة المحترمة\ أماني .. تحية أخوية صادقة ..
أقول: إن حبنا للصحابة، وتقديرنا لهم، لا ينبغي أن يُعمي بصائرنا، ويُشككنا في بديهيات الأمور والفطرة، ويصل بنا إلى ما يُشبه الدروشة .. فنقول في حقهم ما لا يقبله العقل، ويتنافى مع الإيمان وعقيدة التوحيد!
هل من المسلمين من يعتقد بأن الرسول كان يعلم الغيب، فيعلم - مثلاً -مسبقاً ما سيُنزّل عليه من القرآن قبل نزوله!
وهل منهم من يقول إنه كان يعلم بأن تلك الآية (آية الرضوان) ستنزل عليه، وبهذه الصيغة!
ألا نؤمن بقول الله:
{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50 .
أم هل نزلت آية الرضوان قبل حصول البيعة، حتى يُضيف لها الرسول نصيب عثمان!
ثم، لماذا كانت البيعة بالأساس، وما هو فحواها!
ألم تكن البيعة بسبب اعتقاد الرسول والمسلمين بأن عثمان قد قُتل! فهل يُعقل أن يأخذ الرسول البيعة من عثمان بعدم الفرار من معركة هو لن يحضرها!
ألم يكن فحوى البيعة، هو عدم الفرار من المعركة المنتظرة - حينها - مع قريش، بسبب قتلهم لعثمان .. كما اعتقد المسلمون!
والدليل أن المعركة لم تقم، عندما علم المسلمون بأن عثمان لم يُقتل، واستبدلت بصلح الحديبية!
ندعو الله أن يُثبت علينا العقل، فالعقل هو مناط التكليف بالدين، وإذا اختل ميزان العقل والفطرة، فإن الإنسان لا يختلف حينها عن غيره من الدواب، بل سيكون أشـرّها .. كما قال الله تعالى:
{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }الأنفال 22.
وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2.
فهل يصح أن نتجاهل بديهيات العقل والفطرة البشرية، ونتعاطى مع الأمور بمنطق (عنزة ولو طارت) .. كما يقولون!
أشكر لكِ إثراءك للموضوع، ومواصلتك للحوار ..
تقبلي تحياتي الصادقة وتقديري ..
ضفاف أماني
07-11-2008, 02:34 PM
وكانت الادلة عقلية بحتة التي قمت بسردها سواء في امر الصحابي ابي السرح او امر بيعة الرضوان نعم رسولنا ليس بعالم غيب انما ما يؤتى به فهو عن وحي يوحى به
ولكنه اخذ البيعة لعثمان الذي لو صدقت في حقه الاشاعة رغم عدم تأكدهم في تلك الحالة من موته لأنهم لم يروا جثته
لكن الله عالم بالحال فجاءت كما هي منصوصه في التاريخ الرسول اخذ له البيعة وانتهى
هذا دليل دامغ وعقلي لأن رسولنا ما ينطق عن الهوى
الامر منتهي عند فعل النبي فعندما نفند في هذا الأمر كأننا نقول ان فعلك يا رسول الله رد معاذ الله ان نقول ذلك لو حتى حديث نفس اتحدث عن نفسي هنا
وعثمان ذهب في امر جلل يعلم انه قد يقتل دونه فكيف يفادي بنفسه اليس هذا دليل عقلي اخر ان نتوقف عنده
ان نجمله مع الصورة التامة لعثمان بن عفان
لم انطق حرفا كان فيه دروشة واسلامنا دين عقلي خصوصا وقت صدور الاحكام
هؤلاء صحابة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم اي حينما نؤذيهم فنحن نؤذي حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وان نحّمل مواقف تبع لسرديات اُخذتْ تُدرس من نطاقات ضيقة من قبل بعض المندسين في الامة وأولت وشوهت وهم كثرة يا استاذنا الذين كانت لهم اغراض
دنيوية في اغلبها
وجعلتها تحت المجهر لتفرق الصحابة كما فعل الشيعة لإثبات حق الخلافة والخ الخ من امر الخمس
استاذنا حينما نحسن الظن بهؤلاء العظماء ونتوقف عند اي امر في شانهم يكون فيه طاعة لله ورسوله اولا ثم خلاصا لنا لنتقدم يدا بيد وليس متفرقين الى الان شعوبنا تتناحر عند ما حدث في امة رحلت وانتهت
كل من يجدع في التاريخ..
واخرون يسبون ويشتمون في صحابتنا وامنا عائشة وحقدهم بلغ منتهاه بهم اين هو حسن الظن الذي امرنا ان نتبعه اين لاخوتنا الذين سبقونا بلإيمان الذين لهم فضل علينا بعد الله ورسوله في تبليغ الرسالة
الى هنا اتوقف وبالله استعين في امري كله واشد به ازري
-
واتمنى ان تتطلع الى هذا الموضوع استاذنا الكريم
اتهم رأيك (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=32577)
معروف محمد آل جلول
07-11-2008, 04:09 PM
أستاذي الذي أحترم..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
حينما يصير موضوعنا ..الفطرة ..
أتحدث عن الفطرة لغة من المعاجم..
..شرعا..
..آيات الفطرة ..
أحاديث الفطرة ..
مأثورات عن الفطرة..
تفاسيرها..من مصادر التفسير..
أقوال الفلاسفة لدحضها بالحجة حينما تخالف الشرع..
وأثبت دائما ...أبداأن العقل كلما ما خالف.الإسلام...
زاغ بثقافته المنحرفة ..الباطلة ..
عن الحق..إذا تجاوز حدود الشريعة الإسلامية ..فهو عقل ضال مضل..
نكرهه ..ونحب أهله ..ونحسن إليهم ما استطعنا ..معاندتهم ليست من ثقافتنا..
لتبقى الثقافة مقيدة بالشرع..
منضبطة بضوابط الشريعة الإسلامية..
لاثقافة إسلامية خارج حدود الشرع ..
أتنم ـ أستاذي الكريم ـ أشرتم إلى أن العادات والتقاليد ..والحياة اليومية المعيشية بكل همومها واهتمامها..
ثـقـافـة واقـعـة..
أنا رجل ميدان..
// إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض...وحملها الإنسان ...//المغفورله..الشيخ الجليل ..متولي شعراوي..ذكر أن ...الأمانة التي حملها الإنسان..هي
...حرية الإختيار..في ...افعل..لاتفعل..الأوامر ..والنواهي..
فهي في فلك..
الحق والباطل..
الخير والشر..
الخطيئة ...التوبة..
النفس والشيطان..
أنا أقول :القرآن الكريم ..
علمنا كيف نبدل الانحراف..في.. سلوك الإنسان.. إلى استقامة ..بالمعاملة ..الصادقة ..التي تراعي حق الله..
نملكه بالحب..والتاريخ الإسلامي زاخر بالتقات..علينا بسيرهم..
نغير سلوك المنحرف..
وهذه تدرج ضمن استراتيجيات التربية ..
ولها شروطها ..خصائصها..مناهجها..
وأعتبر هذه الانحرافات ..
لاثقافة..أو ثقافة الباطل..
كلانا يعرف بيئته ..وأجزم أن الانحرافات مشتركة في العالم الإسلامي..بتفاوت نسب..
وهذه الانحرافات عاشت حتى مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ومثلها ..مشركو مكة..اليهودفي المدينة..المنافقون..
وقد صححها سيد البشرية ..
ووضع لنا منهجية تقويمها..
لذا تجد الحركة الاسلامية الجادة في الميدان ..
تعمل على استحضار الخطة الإسلامية ..الـبـديـلـة..لكل قضية تعرض ..وفي أي مجال..
وهذا نمط لكيفية حصر ثقافة الباطل..
هذا نهجنا ..وهذه فلسفتنا..
العقيدة تاج فوق رأس المسلم..من الله مباشرة بلا واسطة..
وهي قلب الرسالات السماوية..
لذا تجد ذوق المسلم يمج كل ما عارض عقيدته..
أنت وأنا ..أستاذي الكريم..الا نكره الانحراف ..حتى حينما نرتكب المعاصي؟؟
إذا كيف نتحدث عن لاثقافة. رأيي...نتحدث عن عيوب الثقافة قصد معرفتها ..وتصويبها فقط..
أما الثقافة الإسلامية ..فواجبنا ..إعادة الصياغة..؟؟
أعتذر عن الإطالة ..
أستاذي الكريم..
نحن متوافقان ..تماما..المضمون واحد..طريقة التعبير مختلفة..
وقدطالبتموني بالعقل..أما المنطق ..سأتحدث عنه..إن شاء الله..
حفظكم الله للمسلمين..
أشكر سعة صدركم..
تحياتنا الخالصة..
يتبع..
أبوبكر سليمان الزوي
08-11-2008, 02:53 AM
السلام عليكم ..
الأخت الكريمة\ أماني ..
قلتِ في إحدى مشاركاتكِ ( كل ما قلته يكفيني منه شيء واحد قوله تعالى والله بالنسبة لي لن اقف عند كتب وتاريخ وووو)
جميلٌ ومنطقيٌ وعقلانيٌ وإيمانيٌ هذا القول، وهذا القسم بالله.. ولكن، قصة البيعة التي يُقال إن الرسول قد أخذها نيابة عن عثمان، هل وردت في كتاب الله !
ما هو مصدر هذه القصة، أليست الكتب والتاريخ .. التي لا تقفين عندها كما تقولين، وتقسمين هنا!
وها أنت في مشاركتك الأخيرة تقولين: (لكن الله عالم بالحال فجاءت كما هي منصوصه في التاريخ الرسول اخذ له البيعة وانتهى
هذا دليل دامغ وعقلي لأن رسولنا ما ينطق عن الهوى) . فهل نعود إلى التاريخ والكتب كلما كانت في صالحنا، وننبذها إذا كانت ضدنا، سبحان الله، مالكم كيف تحكمون!
وهنا تعودين - مع بالغ الأسف- إلى التدليل بذكر جزء من المعلومة وإخفاء البقيّة، وذلك حينما تقولين:(وعثمان ذهب في امر جلل يعلم انه قد يقتل دونه فكيف يفادي بنفسه اليس هذا دليل عقلي اخر ان نتوقف عنده ان نجمله مع الصورة التامة لعثمان بن عفان) .
أنا لا أحط من قدر "عثمان بن عفان"، ولكن يهمني احترام عقل القارئ والمحاور، وذلك بذكر الحقيقة كما هي.
فأنتِ تعلمين بأن الرسول قد اختار لهذه المهمة "عمر بن الخطاب"، ولكنه اعتذر خشية أن يُقتل لأن عشيرته قليلة بين المشركين، ولأن له مواقف عدائية كثيرة ضد المشركين ... ولم تكن خشيته بسبب أن الأمر المبعوث من أجله جلل!! .. فهل معنى هذا أن عثمان أفضل إيماناً من عمر !!
ألا تعلمين بأن "عمر" هو الذي نصح الرسول بإرسال "عثمان" لأن عشيرته في مكة كثيرة( بني أميّة)، ولن يسمحوا بإذائه رغم أنهم مشركون .. وذلك بدافع التقاليد القبلية!
ثم أن الأمر الذي ذهب من أجله هو أمرٌ سلمي، وليس جللاً في حد ذاته، فهو قد ذهب فقط ليقول لقريش بأن الرسول لم يأت لقتالهم، وإنما أتى بقصد العمرة!
بدليل أن قريش قد سمحت لعثمان بالطواف حول الكعبة إن هو أراد!!!
إن حبنا للصحابة، لا ينبغي أن يصل بنا إلى درجة تعظيمهم لغرض التعظيم .. فذلك منزلق خطير على عقيدة المسلم! فالعظمة لله سبحانه وتعالى وحده..
إعلمي\ أختي الكريمة .. أنه لا يُشرفني أن أذكر مثالب الصحابة والتابعين وكل المسلمين! وليست مهمتي ولا رسالتي ولا قناعتي أن أتتبع عثراتهم.
ولا يُشرفني أن أبدو كمن يُهاجم الصحابة، وغيري يُدافع عنهم. فأنا أولاً أحترم آدمية الإنسان التي كرّمها الله بالعقل! وأحترم الرسول وكل أصحابه وجميع المسلمين!
ولكن من واجبي الأمانة، وذلك باحترام الكلمة، واحترام عقل القارئ والمحاور كإنسان يحمل أمانة، لست أنا من حمّله إياها!
وأنا أقول إنه علينا الدعوة لهم بالمغفرة، ولا يجوز لنا الجزم بدخولهم الجنة، وليس ذلك من شأننا ولا علم لنا به، والأمر ليس بالأمنيات ولا بالمحبة والتمجيد!
فالله سبحانه وتعالى يقول:{ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء123.
ويقول:{ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الأحقاف9
فتعظيم الصحابة وتمجيدهم .. هي مشاعر وأحاسيس يُبالغ فيها بعض المسلمين، أرجو أن ينتبهوا إلى حدود الإيمان والتوحيد فلا يتجاوزونها..
فتلك المشاعر والأحاسيس ليست من أركان الإيمان، ولا من شروط الإسلام، وليس من حق أحدٍ فرضها على المسلمين، أو جعلها مقياساً يُقاس به إيمان الناس!
فالإسلام - أولاً وأخيراً- معناه توحيد الله، وامتثال أوامره المحددة في كتابه العزيز المحفوظ!
والمؤمن العاقل المنصف المتبصّر الحريص على توحيد الله، وعلى بناء الإسلام، .. لا تفوته ملاحظة أن كل طائفة من طوائف المسلمين، اتخذت من أحد الصحابة أو من بعضهم رموزاً تُعظمهم وتمجّـدهم وتقدسهم - على حساب توحيد الله! وكأنهم يحتاجون واسطة بينهم وبين الله!
وكل طائفة أصبحت تعيب على غيرها من الطوائف ما تفعله، وتتجاهل حالها، أو تبرره! .. وهذا من أكبر أسباب تخلّف وتفرّق المسلمين!
حيث نلاحظ، أنه لا خلاف ولا اختلاف بين كل طوائف المسلمين على القبلة وتوحيد الله، والقرآن الذي حفظه الله!
بينما نجد أسباب ومنابع الخلاف والاختلاف في كتب التراث التي تمجّـد رموز هذه الطائفة، وتطعن في رموز الأخرى!
أما القول بأنهم أصحاب فضل علينا في إيصال الرسالة، فإن أجرهم وحسابهم على الله، فهوالذي كلفهم بهذه الأمانة!
وقد وصلتنا الرسالة، فما هو دورنا نحن! هل نولي اهتمامنا لذكر مناقبهم، ونمضي أعمارنا في تعظيمهم .. وننسى الرسالة ذاتها!
أشكرك على حسن الحوار، وقد قرأت المقالة التي أشرت لها، وذلك قبل أن أن أقرأ إشارتك لها هنا.
طاب وقتكِ ..
معروف محمد آل جلول
08-11-2008, 01:44 PM
أستاذي أبوبكر..
المحترمة أماني..
سأتكفل بموضوع عثمان ابن عفان ـ رضي الله عنه ـ ..
سأرد بحجة العقل ..إن شاء الله ..
اليوم أو غدا..
ولكما كل الإحترام ..
الأستاذان المحترمان..
أبو بكر ..
أماني..
حواركما كان مثمرا ..غربل المعلومات ..
ليت القارئ يطلع..
المؤمن عزيز النفس ..يحافظ عليها قدر المستطاع ..
يطلب الحياة لتتضاعف أعماله ..
ويسأل الله العفو..ويعيش يبني ..
وهذا دافع عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه..
عثمان ابن عفان ..جاء دوره الطبيعي ليؤدي مهمته..
فهل يعصى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيرتد ..رغم خطورة الموقف؟؟
بلغ قمة الابتلاء حينما هدد..ورفض الطواف بالكعبة قبل الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ
تبعية مطلقة لحبيبنا المصطفى..لاأتصور أن الله سبحانه وتعالى قد أقصاه من بيعة الرضوان..وقد تمت بسببه..
هو السبب ..قيل قتل ..فوقف نبي الرحمة مع الصحابة ..عاى قدم وساق..؟؟
أيقبل العقل ..أن عثمان الذي جلب لقمة المساكين في المجاعة ..يميل إلى المحسوبية ..
عثمان الذي سخر ماله للمسلمين ..طاعة لله ولرسوله..
يشتري البئر من اليهودي..ويهبه للمؤمنين ..
يحاصر ..يفضله بارئه شهيدا لتتم رسالته..
يحرم حتى من شرب ماء بئره..
ومن هنا..
أنا من هذا المتصفح..أعلن أن هذه الرواية المخالفة لطبيعةنفسية عثمان ـ رضي الله عنه.ـ مجرد تهمة صاغها الساسة ..قاتلوه ..بطريقة أو بأخرى..
مــر دودة عاى أهلها..
كل البشر عدا الأنبياء ـ عليهم السلام ـ يخطئون..والصحابة يخطئون..
ولكن ليس إلى درجة قلب المنهج الإسلامي إلى ردة جاهلية ..
والحكم على ثالث الخلفاء الراشدين..بالمحسوبية ..طعن لعقيدته ..يرفضها العقل ..رفضا تاما..
تأباها سيرته المعطرة ..
عثمان ابن عفان الذي استحيت منه الملائكة ..وفي حضرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
إذا كان التاريخ بيننا اليوم نحن نعيش أحداثه.. ويزيف بطريقة أو بأخرى فما البال بأعداء يكتبون عن عدوهم..
إذا كان حتى الأحاديث المزيفة ..اندست ونسبت إلى نبي الرحمة..
وما قولنا في الآية ..
//والسابقون السابقون أولئك المقربون//
أوليس عثمان منهم؟؟
وما قولنا في الحديثين الشريفين:
//عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين //وهو يدرس في مدارسنا ..
//أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم//
هل هما حديثان موضوعان ..؟؟
أيها المحترمون ..
// قل لاأسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى//
آل البيت ..رضي الله عنهم ـ والمقربون من الصحابة ..حتى سلمان ت رضي الله عنه ـ
نعم لهم الاحترام كله ..غير منقوص..
نشروا رسالة الله في الأرض..
ماذا فعلنا نحن؟؟
علينا الاقتداء بسيرهم عسى أن نبلغ شيئا يحسب لنا..؟؟
والله من وراء القصد..
أستاذاي ..
لكما كل الاحترام....
يتبع في وقته..
أبوبكر سليمان الزوي
08-11-2008, 10:48 PM
أخي الفاضل الحبيب\ معروف .. بارك الله لك في إيمانك وعقلك ..
أخي\ والله الذي لا إله غيره، ما حاورتك، لو لم أجد فيك عقلاً راجحاً قادراً على استيعاب الحقيقة كيفما كانت.. ، وأنت كذلك ما كنت لتحاورني لو لم تجد الأمر ذاته!
وعندما يُحاور العاقل عاقلاً، فإنه لا يجوز لأحدهما أن يطلب من الآخر التسليم بما يُخالف بديهيات المنطق!
يا أخي \ الإنسان مَـنَّ الله عليه بنعمة العقل، فميّزه بها وكلفه بسببها، ولم يُكلّف من لا عقل له .. إنساناً أو غير إنسان. فهل يجوز لنا أن نتجاهل هذه الحقيقة، وكأننا نطعن في العقل الذي هو نعمة الله للإنسان ومناط التكليف!
ولا يملك أحدنا شرعية تؤهله لأن يجعل من عقله معياراً وحكماً على عقول الآخرين!
فمنطق الاتفاق على البديهيات هو الفيصل والحكم بين البشر العقلاء!
وهذا هو ديدن الرُسُل في محاجّة المخالفين والمشككين منذ أن كان الرُسُل.
الجزء أصغر من الكل .. مثلاً. لا يختلف في ذلك عاقلان كفاراً أو مؤمنين!
فنبي الله إبراهيم عليه السلام، حاور أعداءه بمنطق البديهيات( الله يُحيي ويُميت، ويأتي بالشمس من المشرق)!
إن الذي جعل حُجتنا ضعيفة اليوم ومنذ زمن، أمام غير المؤمنين هو رفضنا لبديهيات المنطق البشري!
فهل من العقل أن يرفض حُجّتك إنسانٌ، بالطعن في مصدرها( كُتب التراث والتاريخ)، ويطلب منك أن تقبل بحجته التي أتى بها من ذات المصدر ومن ذات الكتاب الذي سبق له أن طعن في نزاهته!
أما عندما تقول:( //والسابقون السابقون أولئك المقربون// أوليس عثمان منهم؟؟ )
أقول لك نعم، هو منهم إن شاء الله.
وأقول لك أيضاً، ومن ذات المصدر المُقدّس المحفوظ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144.
فهل ستقول لي بأن عثمان أو أيّاً من الصحابة معصومٌ، ولا يُمكن أن تنطبق عليه هذه الآية !!
أخي أنا أبحث عن الأمانة واحترام الكلمة والعقل، لكي تستقيم الفطرة، وينضج الفكر، ويكون الدين والتقديس والتعظيم خالصاً لله وحده سبحانه!
ولا أبحث عن عثرات الصحابة ... رضي الله عنهم أجمعين وغفر لنا ولهم.
فنحن و هم بشرٌ نُصيب ونُخطئ ونُفتتن. وأقول عسى الله أن يُجزيهم بأحسن ما كانوا يفعلون!
وعندما يُخطئ أحد المسلمين في أُمور الدين، فإن من حق كل المسلمين-بل ومن واجبهم-، أن يقولوا له إنك مُخطئ!
ولكن ليس من حقهم، أن يقولوا له إن ما تقوله صحيح، ولكن أنت ليس من حقك أنت تقوله .. فهذه وصاية باسم الدين لا تجوز إلا للرسل!
والأهم هو أن تُسمّى الأمور بمسمياتها، وتُقرأ وتُكتب وتُستعمل الألفاظ بحسب دلالاتها المُتعارف عليها، ولا يجوز أن يعمد العاقل إلى خلط المفاهيم، و لي أعناق الألفاظ لتغيير دلالاتها!!
فالكاتب أو المحاور الذي يذكر معلومة مُوثقة عامة، يعلمها الجميع، في حق كائنٍ من كان من البشر! لا يجوز وصفه بأنه يتهم ذلك الإنسان!
فلا يحق للآخرين أن يقولوا له أنت تتهم ذاك الكائن من كان!!
فقولهم هنا هو الاتهام، وليس قوله هو!! فهو قال معلومة يعلمونها هم أيضاً، ولم يتهم ولم يبتلي من عنده !
فالإنسان رسالة، والأمة دين وفكر، والفكر عقل ناضج، والدين لغة أمينة، واللغة كلمة صادقة!!
إنه لن يُدافع عن الدين كما ينبغي، إلا من يفهم الدين كما ينبغي!
ولو كان فهْمُ الدين مُخالفاً للعقل والمنطق، لما فهمه إلا من يُخالف العقل والمنطق!
ولو كان فهْمُ الدين مقتصراً على أحدٍ دون أحد، لكان الدفاعُ عنه فرضُ عين على من يفهمونه دون الآخرين! ولكان التكليف مقصوراً عليهم كذلك!
فلا يجوز لإنسان أن يُزكّي نفسه، ويـدّعي امتلاك ناصية الصواب دون غيره. فالهدف واحد، وهو إعلاء منطق الحق، ولكن الاختلاف في السُبل!
فلا يجوز تشكيك الناس في عقولهم .. فهي هبة الله لهم التي أرادهم أن يعرفوه بها ( {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }المؤمنون80. )
ولا يجوز اتهام الناس ومحاسبتهم على نواياهم.. فذلك قذفٌ وادعاء بعلم الغيب!
أشكرك أخي العزيز \معروف، وأشكر كل من شارك قارئاً أو كاتباً..
معروف محمد آل جلول
08-11-2008, 11:01 PM
أستاذي المحترم ..أبوبكر ..
أنا والقارئ الكريم ..نفهمكم جيدا..جدا..
أنت لم تقل ما يسوء..
وياليت القرئ الكريم يعود يوما إلى هذا الحوار الشيق..
من بدايته ..إلى ..نهايته..
جزاك الله خيرا..
المرحوم ..عملاق الفكر..عباس محمود العقاد ..كتب كتابا بعنوان..
// التفكير فريضة إسلامية//
العقل معول عليه في التبعات والتكليف ..
وقد صدقتم ..نرفض القدرية ا التي تجهض العقل..
وهذا دعم لكل آرائكم ..وسوف أتحدث عن العقل في إحدى المقالات اللاحقة ..
المحترمة أماني ..وترت أعصابكم نوعا ما ..لكنك تدرك أنها أفادتنا ..
وهذه هي الثمرة المرجوة من الحوار..
كلامها يدل أنها تغار كثيرا على دينها ..وتحترمكم..
الرواية الملفقة..عن الصحابي الجليل هي التي وترتها..
وقد أحسن الله إلينا أن ذكرتم الرواية ..فجاءتنا بالمصدر..
شكرا لكم ولها..كلنا إخوة ..والغيرة مطلوبة ..والتصويب منكم ومنا واجب..
ونحن في تكوين مستمر..
دمتم أستاذي الحبيب بألف خير ..
لكم مني ..كل الاحترام والتقدير..سأواصل معكم..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir