تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أمر القيام بالدعوة إلى الله وموادها



زبيدة عبد الحليم
27-01-2008, 12:17 PM
تلقى النبي أوامر عديدة في قولة تعالى يا أيها المدثر(1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر (4) والرجز فاهجر (5) ولا تمنن تستكثر (6) ولربك فاصبر أوامر بسيطة ساذجة في الظاهر ، بعيدة المدى والغاية ، قوية الأثر والفعل في الحقيقة ونفس الأمر .

1_ فغاية القيام بالإنذار أن لا يترك أحداً ممن يخالف مرضاة الله في عالم الوجود إلا وينذره بعواقبه الوخيمة حتى تقع رجفة وزلزال في قلبه وروعه .

2_ وغاية تكبير الرب أن لا يترك لأحد كبرياء في الأرض إلا وتكسر شوكتها وتقلب ظهراً لبطن ، حتى لا يبقى في الأرض إلا كبرياء الله تعالى .

3_ وغاية تطهير الثياب وهجران الرجز أن يبلغ في تطهير الظاهر والباطن وفي تزيكة النفس من جميع الشوائب والألواث إلى أقصى حد وكمال يمكن لنفس بشرية تحت ظلال رحمة الله الوارفة وحفظه وكلئه وهدايته ونوره حتى يكون أعلى مثل في المجتمع البشري تجتذب إليه القلوب السليمة وتحس بهيبته وفخامته القلوب الزائغة حتى ترتكز إليه الدنيا بأسرها وفاقا أو خلافاً .

4_ وغاية عدم الإستكثار بالمنة أن لا يعد فعالاته وجهوده فخيمة عظيمة بل لا يزال يجتهد في عمل بعد عمل ويبذل الكثير من الجهد والتضحية والفناء ثم ينسى كل ذلك بل يفنى بالشعور بالله بحيث لا يحس ولا يشعر بما بذل وقدم .

5_ وفي الآية الأخيرة إشارة إلى ما سيلقاه من أذى المعاندين من المخالفة والإستهزاء والسخرية إلى الجد والإجتهاد في قتله وقتل أصحابه وإبادة كل من التف حوله من المؤمنين يأمر الله تعالى أن يصبر على كل من ذلك بقوة وجلادة لا لينال حظاً من حظوظ نفسه بل لمجرد مرضاة ربه .

الله أكبر ما أبسط هذه الأوامر في صورتها الظاهرة وما أروعها في إيقاعاتها الهادئة الخلابة ولكن ما أكبرها وأفخمها وأشدها في العمل وما أعظمها إثارة لعاصفة هوجاء تحضر جوانب العالم كله وتتركها يتلاحم بعضها في بعض .

والآيات نفسها تشتمل على مواد الدعوة والتبليغ فالإنذار نفسه يقتضي أن هناك أعمالاً لها عاقبة سوأى يلقاها أصحابها ونظراً لما يعرفه كل أحد أن الدنيا لا يجازى فيها بكل ما يعمل الناس بل ربما لا يمكن المجازاة بجميع الأعمال . فالإنذار يقتضي يوماً للمجازاة غير أيام الدنيا وهو الذي يسمى بيوم القيامة ويوم الجزاء والدين وهذا يستلزم حياة أخرى غير الحياة التي نعيشها في الدنيا .

وسائر الآيات تطلب من العباد التوحيد الصريح وتفويض الأمور كلها إلى الله تعالى وترك مرضاة النفس ومرضاة العباد إلى مرضاة الله تعالى .

فإذن تتلخص هذه المواد في :

أ _ التوحيد .

ب _ الإيمان بيوم الآخرة .

ج _ القيام بتزكية النفس بأن تتناهى عن المنكرات والفواحش التي تفضي إلى سوء العاقبة وبأن تقوم باكتساب الفضائل والكمالات وأعمال الخير .

د _ تفويض الأمور كلها إلى الله تعالى .

هـ _ وكل ذلك بعد الإيمان برسالة محمد وتحت قيادته النبيلة وتوجيهاته الرشيدة .

ثم إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوي _ في صوت الكبير المتعال _ بانتداب النبي لهذا الأمر الجلل وانتزعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة يا أيها المدثر (1) قم فأنذر (2) كأنه قيل : إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فمالك والنوم ؟ وما لك والراحة ؟ ومالك والفراش الدافئ ؟ والعيش الهادئ ؟ والمتاع المريح ! قم للأمر العظيم الذي ينتظرك والعبء الثقيل المهيأ لك قم للجهد والنصب والكد والتعب . قم فقد مضى وقت النوم والراحة وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل والجهاد الطويل الشاق قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد .

إنها لكلمة عظيمة رهيبة تنزعه من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن الدافئ لتدفع به في الخضم بين الزعازع والأنواء وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء .

وقام رسول الله فظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً ! لم يسترح ولم يسكن ولم يعش لنفسه ولا لأهله قام وظل قائماً على دعوة الله يحمل على عاتقة العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به ، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض ، عبء البشرية كلها ، عبء العقيدة كلها ، عبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى ، عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد منذ أن سمع النداء العلوي الجليل وتلقى منه التكليف الرهيب .. جزاه الله عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء .

منقول

صهيب توفيق
27-01-2008, 12:56 PM
الاخت زبيدة عبد الحليم/

مشكورة على هذا النقل الرائع والمفيد
فلك من الله الاجر والثواب
ولك منا كل الدعاء بقبول هذا العمل في ميزان حسناتك

ولك ايضا من الفاضل تحية

زبيدة عبد الحليم
27-01-2008, 01:05 PM
اللهم امين اللهم امين


اشكرك جزيل الشكر اخ فاضل على مرورك الكريم
والدعوة الرائعة ولك بالمثل ان شاء الله

عبدالصمد حسن زيبار
04-02-2008, 01:26 PM
الاخت زبيدة عبد الحليم
جزيت الجنة
الدعوة صنعة الانبياء و الصالحين
البلاغ المبين
دعوة للرشد و الخير و الصلاح
يا لها من صناعة
و لا بد للممتهنين لها من خصال و أخلاق و معارف
و الأسوة أنبياء الله عز وجل

رنده يوسف
15-02-2008, 09:56 PM
الرقيقه / زبيده عبد الحليم
شكرا لك على مجهودك ونقل موفق ورائع جزاك الله الخير
وجعله في ميزان حسناتك
مودتى

وفاء شوكت خضر
15-02-2008, 10:53 PM
وهي أمانةورثناها ..
وما رعيناها حق رعايتها ..
فلله هو فداه أبي وأمي ..
عليه صلاة الله وسلامه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم أجمعين ..

بارك الله بك أخية على نقل رائع فيه الدعوة إلى الجد والاجتهاد لأعادة أهل هذا الدين إلا جادة الصواب ..

جزاك الله الخير وجعله في ميزان حسناتك ..

تحيتي والود ..

زبيدة عبد الحليم
17-02-2008, 04:25 PM
الاخ عبد الصمد
بارك الله بك
شكرا على مرورك الكريم
لك الشكر

خليل حلاوجي
03-06-2008, 08:48 AM
نستطيع تلخيص فلسفة الدعوة بأمر جوهري ...


هو


أن الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام أراد تعليمنا



فن الرفض

بأن لاطاعة لأحد في معصية ربنا ... مهما كان هذا الأحد حتى لو كانت ذواتنا نحن .