المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ميلادٌ جَديد



محمد المختار زادني
27-01-2008, 02:39 PM
ميلادٌ جَديد
عيناك كانتا وطني الذي حلمت به في غفوة الزمن المسروق، عشية حطّمت على صخور الرغبة زورق زهدي، وهجعتُ على رمْل وَهْمي أستشفّ في رسوم كثبانه سبيل نجاتي... عانقتني الغيوم آن الأصيل، وبكت معي فراق شمسي وحرقة انتظار صبح غدي.
عيناك كانتا مهدا على متن الريح، عائما في حُباب خيالاتي، حين جاءت تداعبني ثَوْأباءُ الفجر، توقظ أحلامي وتكْسر في الضباب خمول التّلاشي بأطياف السّنا الورديّ، فتهزم دابر لون الرّماد على هامات الصّنوبر في الوادي.
ما أحدٌ كان يحسب ذاك يوم وفاتي! وكم كان طعم الموت حلوا على شفاه ذاتي ...
بعدها وُلدتُ اليوم هاهنا في خدر شمس هذا الربيع، وتعلمتْ أصابعي تغزل من خيوط الشّمس أبهى حلل المعاني، وتفرغها على صدف الحروف حيث تولدُ الكلمات. غداً أنسى حضن الموت الجليدي، وأعبث بكل أصابع الميلاد المرتعشة، وسأحبو صوب العين لأرشف عذب رحيق النبات البري، وغداً يعلمني الرّعد أنشودة المجد بألحان الحياة. وغداً يلمّ البرق أشلاء الأحلام بعد شتات، ويعصر في جفون الغيم دمع أفراح تحيك منه الريح سيولاً تُساق في منحدر الشلاّل، حيث يروي الشّدو أنضر ما كتب التاريخ على الرّبوات؛ وسينبري التاريخ ينفخ عن التلال رماد الأيام ويبرئُ الحروف من صدإ غطى فيها الألق. وستجمع الصّبا ما انتثر من كلمات في حلق الضياع وباقة من صرخات المظلومين، وأنّات المحرومين لتبذرها في رؤوس القاعدين على فرُش الهذيان بين سرادق الخنوع، تذكّرهم بعاصفة مضغت آمال زماننا ورمت بعظامه في خليج المذلّة... تلك ريح بَرَتْ لساني من سعف النّخل، يوم وضعت قلبي في تابوت الأمل وأودعته بين دواليب الغد المبهم. يوم أفقت على بريق المناجل وأريج الأقحوان يضوع من كفيك حين كانا يتداولان قبضة الرحى الدائرة في رتابة كرتابة الأيام ... سمعتك يومها تترنمين تارة وتتمتمين أخرى بكلمات جميلة غير أن ما علق منها كالشوك بتلابيب شعري الأغبر حينذاك، لم يبرح ذاكرتي إلا وقد حفر أخدودا ما لبثت أن احتلته أشواك الحسك بين تجاويف دماغي ! وكأني أسمعك الآن ترددين...
إنْ ظمئتْ بالمشرق نغمةٌ من (فاس) سيق لها الغمام سلافا...
(وهران) أهلوك كم لواءِ شهامة حملوا ...
و(القيروانُ) لاح في أفق السنين منارها...
وكم أهدت زمر الكُماة (طرابلس) ثمورها وسقياها ...
وعلى مصبّ النيل ألقى البديع قصيده فأشجاها...
سلوا بحرا قد لوّنت الشقائق ذكرهُ؛
كم حضرميا على زورق الأمجاد شقّ عبابه شوقا (لأم درمان) ...
وفي (عمان) شواهد الفنّ لم تزل نشوى ...
أرى في هاتيك الفيافي رحالا مشدودة (لأم القرى) والخشوع من فوقها غلالة ...
ومنابر الشّام كلّلها البيان سحرا...
ومكامن الفيروز تحضنها (بيروت)...
ومعين دجلة ينساب نشوان من طيب (بغداد) وراحها...
وموطن المعراج أنبت سهله عِبَراً وفكرا...
ترنيمة خفيفة كانت تصبّ النوم في جفنيّ الصّغيرين حينها، ويلفني خيال لأجداث العزائم والهمم، وأسراب الحمائم تجوب تلك الربوع قبل توالي عُقد الزمن المسروق!
ترى، أمازلت تحلمين يقظة تحت ركام الدار البالية بعدما هدموا ذاك الجدار المحاذي لمنابت الحناء، وجلجلة غربان القصدير تحوم بشؤمها حول (حيفا)؟
أمازال (الفرات) رقراقا عذبا كما شهدتْهُ جيوش الفاتحين؟
أمازال طعم البنّ اليمني ينشي دروب (صنعاء)؟
أرى عينيك تسمّرتا شاخصتين نحو سماء يخنقها ضباب اليأس... ألم تعلمي أني ولدت من جديد لأسمع ترنيماتك الجميلة؟ وُلدتُ ومعي رقاقة مسحورة ترصد الأحاسيس وتكشف خبايا الأفكار وتشتم عفن الدسائس. يطرد لمعانها الذئاب وأبناء آوى ويخنق طيبها الفطر والعفن. شفرتها نص مكتوب على الأثير وسيبقى غير منظور حتى يعود لعينيك بريقهما!

وفاء شوكت خضر
27-01-2008, 11:30 PM
إنْ ظمئتْ بالمشرق نغمةٌ من (فاس) سيق لها الغمام سلافا...
(وهران) أهلوك كم لواءِ شهامة حملوا ...
و(القيروانُ) لاح في أفق السنين منارها...
وكم أهدت زمر الكُماة (طرابلس) ثمورها وسقياها ...
وعلى مصبّ النيل ألقى البديع قصيده فأشجاها...
سلوا بحرا قد لوّنت الشقائق ذكرهُ؛
كم حضرميا على زورق الأمجاد شقّ عبابه شوقا (لأم درمان) ...
وفي (عمان) شواهد الفنّ لم تزل نشوى ...
أرى في هاتيك الفيافي رحالا مشدودة (لأم القرى) والخشوع من فوقها غلالة ...
ومنابر الشّام كلّلها البيان سحرا...
ومكامن الفيروز تحضنها (بيروت)...
ومعين دجلة ينساب نشوان من طيب (بغداد) وراحها...
وموطن المعراج أنبت سهله عِبَراً وفكرا...


أخي الفاضل زادني ..

يكفي أن اقتبس هذه الكلمات ..
نص أبدعت فيه التصوير بلغة أدبية راقية ..

تساؤل بأمل ..

ترى، أمازلت تحلمين يقظة تحت ركام الدار البالية بعدما هدموا ذاك الجدار المحاذي لمنابت الحناء، وجلجلة غربان القصدير تحوم بشؤمها حول (حيفا)؟
أمازال (الفرات) رقراقا عذبا كما شهدتْهُ جيوش الفاتحين؟
أمازال طعم البنّ اليمني ينشي دروب (صنعاء)؟




أسأل الله أن تسمع تلك الترنيمة التي تنتظر ..

حسنية تدركيت
28-01-2008, 12:04 AM
نص فاق الروعة والجمال وكأنني أمام لوحة متجانسة الألوان والأشكال
كل التقدير والاحترام لك أخي الفاضل على ما خطه قلمك المبدع

أنس إبراهيم
28-01-2008, 01:00 AM
أخي محمد المختار زادني

حرفٌ جميل ورقيق

إيداعٌ رائع

تصاوير جميلة

تحيتي لك

جوتيار تمر
28-01-2008, 03:02 PM
الزادني الكبير..
وقفت عند ابواب الحرف هنا ، فتأملت ، واذا به يأخذني الى اغوار الماضي والحاضر ، ويرسم في مخيلتي صورة الاتي ، صورة رغم ملامح الوجيعة البادية عليها الا انها جمعت اصنافها ، فكانت ذا قيمة ، النص بليغ وذا مساحة ذهنية واسعة ، يجبر المتلقي على اتباع المنطق المخصوص منه ، لايصاله الى نهاية ضمنية واخرى ظاهرة ويتركه يتسائل في ذاته عن ماهيات لاجواب لديها في وقتنا هذا.

بيروت..
بغداد...
القدس...


محبتي

جوتيار

سهير ابراهيم
28-01-2008, 05:35 PM
اخي الكريم محمد المختار زادني
نص رائع متكامل
تحيتي واحترامي

محمد المختار زادني
30-01-2008, 06:19 PM
إنْ ظمئتْ بالمشرق نغمةٌ من (فاس) سيق لها الغمام سلافا...
(وهران) أهلوك كم لواءِ شهامة حملوا ...
و(القيروانُ) لاح في أفق السنين منارها...
وكم أهدت زمر الكُماة (طرابلس) ثمورها وسقياها ...
وعلى مصبّ النيل ألقى البديع قصيده فأشجاها...
سلوا بحرا قد لوّنت الشقائق ذكرهُ؛
كم حضرميا على زورق الأمجاد شقّ عبابه شوقا (لأم درمان) ...
وفي (عمان) شواهد الفنّ لم تزل نشوى ...
أرى في هاتيك الفيافي رحالا مشدودة (لأم القرى) والخشوع من فوقها غلالة ...
ومنابر الشّام كلّلها البيان سحرا...
ومكامن الفيروز تحضنها (بيروت)...
ومعين دجلة ينساب نشوان من طيب (بغداد) وراحها...
وموطن المعراج أنبت سهله عِبَراً وفكرا...
أخي الفاضل زادني ..
يكفي أن اقتبس هذه الكلمات ..
نص أبدعت فيه التصوير بلغة أدبية راقية ..
تساؤل بأمل ..
ترى، أمازلت تحلمين يقظة تحت ركام الدار البالية بعدما هدموا ذاك الجدار المحاذي لمنابت الحناء، وجلجلة غربان القصدير تحوم بشؤمها حول (حيفا)؟
أمازال (الفرات) رقراقا عذبا كما شهدتْهُ جيوش الفاتحين؟
أمازال طعم البنّ اليمني ينشي دروب (صنعاء)؟
أسأل الله أن تسمع تلك الترنيمة التي تنتظر ..

لو تعلمين كم أسعدني مرورك يا ذات القلب الكبير!
بورك قلمك أختي الكريمة

محمد المختار زادني
30-01-2008, 06:25 PM
نص فاق الروعة والجمال وكأنني أمام لوحة متجانسة الألوان والأشكال
كل التقدير والاحترام لك أخي الفاضل على ما خطه قلمك المبدع


هو ألم عام يعصر كل القلوب فتنز حروفا جمالها وعذوبتها

مرارة ما تسقينا من ألم، غير أن لنا ركنا غير منهدم

يربى فيه أملنا الكبير

وعسى الله أن يجعل لأمتنا بعد عسر يسرا

دمت رائعة

محمد المختار زادني
30-01-2008, 06:27 PM
أخي محمد المختار زادني
حرفٌ جميل ورقيق
إيداعٌ رائع
تصاوير جميلة
تحيتي لك


بوركت أخي أنس
هو قلب واحد يسري صدى نبضه
بين المحيط والخليج

تحياتي

محمد المختار زادني
30-01-2008, 06:30 PM
الزادني الكبير..
وقفت عند ابواب الحرف هنا ، فتأملت ، واذا به يأخذني الى اغوار الماضي والحاضر ، ويرسم في مخيلتي صورة الاتي ، صورة رغم ملامح الوجيعة البادية عليها الا انها جمعت اصنافها ، فكانت ذا قيمة ، النص بليغ وذا مساحة ذهنية واسعة ، يجبر المتلقي على اتباع المنطق المخصوص منه ، لايصاله الى نهاية ضمنية واخرى ظاهرة ويتركه يتسائل في ذاته عن ماهيات لاجواب لديها في وقتنا هذا.
بيروت..
بغداد...
القدس...
محبتي
جوتيار


من لم يهمه شأن أمته فهو محسوبا عليها زورا

وإن الحرف ليرنّ بألحان لا يعيها إلا ذو قلب نقي

لك أجمل عبارات تقديري

محمد المختار زادني
30-01-2008, 06:32 PM
اخي الكريم محمد المختار زادني
نص رائع متكامل
تحيتي واحترامي


وقد تكامل حين لامس أذواقا راقية كذوقك

مع عبارات تقديري

نور سمحان
30-01-2008, 09:07 PM
نص رائع وبوح معبر
تقديري لحرف أحترمه

سحر الليالي
30-01-2008, 11:23 PM
الفاضل " محمد مختار الـ زادني "

وأي حرف حلق بنا الي حيث السحب ..!!
نثر باذخ ..متعرع بـ الجمال ...فـ لله در ما أجمل ما صافح ــت..!!

سلم بيانك وطبت بـ بذخ
لك خالص تقديري وتراتيل ورد

محمد المختار زادني
31-01-2008, 06:25 PM
نص رائع وبوح معبر
تقديري لحرف أحترمه


شكرا لمرورك اللطيف أختي الكريمة

مع أجمل عبارات التقدير

محمد المختار زادني
31-01-2008, 06:28 PM
الفاضل " محمد الـمختار زادني "
وأي حرف حلق بنا الي حيث السحب ..!!
نثر باذخ ..متعرع بـ الجمال ...فـ لله در ما أجمل ما صافح ــت..!!
سلم بيانك وطبت بـ بذخ
لك خالص تقديري وتراتيل ورد


لك أجمل عبارات الشكر

أسعدني تعليقك

وبورك قلمك

سيلفا حنا حنا
01-02-2008, 07:19 AM
الشاعر الفحــــــل والمميز
محمد المتخار زادني
:os::0014::os:

هكذا أنت ألق دائما يا أستاذي الكريم

منذ قراءتي لأول حرف

وجدت إبداعاً رغم الألم

رغم البكاء كان لحرفك السطو والبهاء

لك لغة مميزة قادر على خلق الجمــال

في كل ابداع تقدمه لنا .أستاذي المميز .

دعني أقول كلمة بحق الوطن

لم ولن نؤدي ما علينا تجاة أمتنا,

لكن لعل القلم يشهد بمداد أننا لم نسكت

بارك الله فيك أيها الغالي

ليوفقنا الله

محمد المختار زادني
02-02-2008, 06:51 PM
الشاعر الفحــــــل والمميز
محمد المتخار زادني
:os::0014::os:
هكذا أنت ألق دائما يا أستاذي الكريم
منذ قراءتي لأول حرف
وجدت إبداعاً رغم الألم
رغم البكاء كان لحرفك السطو والبهاء
لك لغة مميزة قادر على خلق الجمــال
في كل ابداع تقدمه لنا .أستاذي المميز .
دعني أقول كلمة بحق الوطن
لم ولن نؤدي ما علينا تجاة أمتنا,
لكن لعل القلم يشهد بمداد أننا لم نسكت
بارك الله فيك أيها الغالي
ليوفقنا الله

مرورك لطيف جدا

وقد بعث السرور في نفسي

لك أجمل تحياتي

صبيحة شبر
14-03-2009, 08:25 PM
أخي العزيز محمد المختار زادني
نص يضوع جمالا وفتنة ، ابدع الكاتب في انتقاء الألفاظ التي تضفي
البهاء على النص ، وازدانت المعاني تعبق بالأريج
تحية لك ايها المبدع الكريم

راضي الضميري
14-03-2009, 08:51 PM
رحلة بطوطية نثرها حرف باذخ غنّاء ، لحّنه مغربي أصيل شرقيّ الهوى ، لينعش الروح ، ويداوي جراح البعاد ؛ و يطوي مسافات ما كان لها أنْ تحول بين أحبة وحدتهم لغة الضاد ونعمة الإسلام .

لك الشكر كله أيها الشاعر الأديب أخي الحبيب محمد المختار زادني .

تقديري واحترامي

فاطمه عبد القادر
14-03-2009, 08:53 PM
أرى عينيك تسمّرتا شاخصتين نحو سماء يخنقها ضباب اليأس... ألم تعلمي أني ولدت من جديد لأسمع ترنيماتك الجميلة؟ وُلدتُ ومعي رقاقة مسحورة ترصد الأحاسيس وتكشف خبايا الأفكار وتشتم عفن الدسائس. يطرد لمعانها الذئاب وأبناء آوى ويخنق طيبها الفطر والعفن. شفرتها نص مكتوب على الأثير وسيبقى غير منظور حتى يعود لعينيك بريقهما!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى أن يعود بريق تلك العينين قريبا
ويعود بريق النجاة والخلاص من الذئاب وأبناء آوى
ويعود للنيل ولدجلة وصنعاء وحيفا وأم القرى خيرها المسلوب ومجدها المنهوب
نصك في غاية الجمال والروعة أخي محمد
كن بخير
ماسة

محمد المختار زادني
14-03-2009, 09:06 PM
رحلة بطوطية نثرها حرف باذخ غنّاء ، لحّنه مغربي أصيل شرقيّ الهوى ، لينعش الروح ، ويداوي جراح البعاد ؛ و يطوي مسافات ما كان لها أنْ تحول بين أحبة وحدتهم لغة الضاد ونعمة الإسلام .
لك الشكر كله أيها الشاعر الأديب أخي الحبيب محمد المختار زادني .
تقديري واحترامي

وما تفاعلكم مع نص كهذا إلا دليل دامغ على وحدة الفكر وصلة الأصالة

كل ما يجب على شباب حي أن يخلع ثوب الماضي ويلبس حلة حرية الفكر

ويخوض غمار التحديات بما يقتضيه الموقف من الجدية واستعمال العقل.

وكلنا أمل في شباب سيولد ليقود المسيرة ...

محبتي وتقديري

محمد المختار زادني
14-03-2009, 09:09 PM
أرى عينيك تسمّرتا شاخصتين نحو سماء يخنقها ضباب اليأس... ألم تعلمي أني ولدت من جديد لأسمع ترنيماتك الجميلة؟ وُلدتُ ومعي رقاقة مسحورة ترصد الأحاسيس وتكشف خبايا الأفكار وتشتم عفن الدسائس. يطرد لمعانها الذئاب وأبناء آوى ويخنق طيبها الفطر والعفن. شفرتها نص مكتوب على الأثير وسيبقى غير منظور حتى يعود لعينيك بريقهما!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى أن يعود بريق تلك العينين قريبا
ويعود بريق النجاة والخلاص من الذئاب وأبناء آوى
ويعود للنيل ولدجلة وصنعاء وحيفا وأم القرى خيرها المسلوب ومجدها المنهوب
نصك في غاية الجمال والروعة أخي محمد
كن بخير
ماسة

قد لاحت تباشير الأمل المزهر

وسيشهدها الجيل الجاد الحازم

تحياتي الخالصة