تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مشاهد فلسطينية-الجزء الثاني



ياسمين شملاوي
11-02-2008, 07:41 PM
مشاهد 2- - قصص ليست بالصغيرة.
للكاتبة : ياسمين شملاوي .


الساعة :
الاسم " أبو رياض " مجهول النسب والهوية..تاه عن أسرته ايام النكبة الوحشية.. وتبنته عجوز نابلسية ..يعتاش من الشؤون ويبيع ماء الزهر وكحل العيون ..
يرتدي أكثر من خمس ساعات في كل يد ، واحدة تحمل توقيت لندن وأختها توقيت طوكيو وأمها نيويورك وأقاربها توقيت هنا وهناك.. وعقاربها ترفض الاعتراف بالقدس أو مصر أو الشام....كل ساعة منها تحمل منقوشة جميله ،على اسم مدينة.. يلبسها يعبؤها..يفرغها ..يلمعها ويمرح فيها ويختال..
فجأة يقترب من بعيد رجل عجوز.. . أضاع الحال والأحوال. ..ويهمس بالسؤال الذي ما كان على الخاطر أو البال" ما الساعة يا ولدي " احمر وجهه..وتسارعت نبضات قلبه .. وتمتم يداري سوأته....""علمها عند ربي أبتاه..""


الحلاق :
الاسم أبو المنتصر .. يعمل بصالون الحلاقة وسط السوق القديمة .. لمهنة ورثها عن الآباء ورفض توريثها للأبناء.. بالكاد يرى .. من ضعف النظر أو طوله .. وباقي الأمراض .. دوما يغالبه النعاس .. يحفظ خريطة الراس .. ويعمل بالمقص بالفطرة والإحساس .. لديه كل الأخبار وما قيل وما لم يقال ...
يحدثك عن الحلال والحرام .. والحرب والسلام .. والحب والانتقام ..
عن فتح وحماس .. وهنيه وعباس ..وبوش ورايس ..
وفوق المرآة السينية.. كتب بخط كوفي جميل
( الزبائن الكرام بدون إحراج... الدين ممنوع .. والحديث بالسياسة حرام ..)


المفصوم :
الاسم هاني واللقب ( الراعي ) .. يحدث عنه من عايشه .. بأنه كان طفلا عاديا .. ارتاد المدرسة .. ودخل المسجد ... ولعب كرة القدم .. وقذف الجنود بالحجارة .. باختصار كان محبوبا قبل أن يصبح مخلولا .. إحتار فيه الدواء فمن طبيب إلى عطار إلى فتاح إلى قارئة الفنجان .. ومن عقار إلى سمية إلى حجاب .. والحال كما الحال ....
اليوم هاني ... يمشي بنفس الأماكن .. يضرب الأشياء ... يعدو من الأشياء .. يخشى الصغار والقطط والكلاب... يبول على نفسه .. يرفض الصدقة والإحسان .
ويقسم البعض بأنهم شاهدوه مرات ومرات ... في بلاد السحاب وبلاد السندباد وحتى في بلاد الحجاز .. ولكن اسمه هناك داود.... ويلقب بــ " التاجر " .


الخبز :
" الطحان " بائع خبز .. يطحن ويعجن ويخبز .. ويسوق عربته وينادي " بلدي يا خبز " اعتاد على الناس واعتادوا عليه...يشترون .. يدفعون .. يأكلون .. يسعدون .. ولا يناقشون.
أبو عطا ... تعب ومل رائحة القمح وحرارة المكان .. وضيق الحال .. فقرر أن يصبح بائع دخان .. وفتح محلا اسماه "الجنتلمان" .. تجد فيه ما لذ وطاب ... شوكولاته ايطالية ، عطور فرنسية ، ملابس تركية .. كل شيء إلا ما يبيعه الفران ..
نسيت أن أخبركم بأنه أصبح الآن يملك سيارة وعمارة وزوجتين .. ولافته كتب عليها بالعبرية "شلوم..على قحطان وعدنان "


الطفل :
أرادوا تسميته "صابر " فاعترضت الممرضة وأسموه "سامر " كبر ليس كباقي الأطفال كان سعيدا ويسعد من حوله .. ولد وله أسنان .. وكانت أولى كلماته "سلام " .. زحف ومشى وركض وكل شيء مسجل بالأماكن والأزمان ...
مات الوالد والوالدة وبعض الأقارب والجيران بصاروخ أباتشي له عيون وآذان ...
دخل مدرسة الأيتام .. تعلم وأصبح معلما وفي أوقات فراغه بائع خضروات ..
ومازال يلعن الممرضة ويسمي أبناءه ... ياسر .. وخالد.. وجمال ..ونصر الله..


العدل :
" أم نكير " امرأة ذات ملامح عفنة خشنة تظهر عليها آثار الإعياء وعثرات الهرب من شبح الجوع إلى التسول والخداع ، جاءت إلى الحي بكت شكت و ادعت عسر الحال ونقص المال وجوع الأطفال ، تسابقت الأيدي بالهبات والأموال.. فهذا يقدم .. وذاك يعطي.. كل بما تيسر به الحال ...
وكان في البال ما كان .. وعند حلول الظلام أخذتها إلى بيتها أرملة وحيدة تواسيها وتكفيها وتأويها لتداوي لها بعض الجراح ، وفي الصباح المباح..سمع الصراخ من هنا والعويل من هناك هذا يقول ويلتي مالي.. وتلك تقول واذهباه ...
أما صديقتنا وبعد ايام وجدت في أحد الوديان وقد قطع عنقها وأفرغ كيسها " أما ابنتها فلا يعرف احد ما آلت إليه من الأحوال " وهل سارت على نفس المنوال ..!...


الشارع :
في بلادي هو بيت لكل يائس بائس مخذول .. وهو ايضا مسكن " لأبي فاروق " يفترش الأرض ويلتحف السماء ويراقب الفضاء ، ويحفظ بعض آيات الذكر والفرقان يتمتمها يدمدمها وينشر بها البركات ...يحب الجميع ويعشق السميع، يداعب الصغار والكبار والأشجار والأحجار ...!
يحمل الأقلام ويكتب الأشعار...ولا يتابع الأخبار..وليس له اهل ولا مال ولا دار..
يكتفي بأكل القليل ولبس الكثير..وفي يوم من ايام الشتاء والثلج الذي ملأ الأرض..والفناء..
وجد أبو فاروق مفارقا إلى العلياء ..يجلس إلى جذع النخلة مبتسما.. قابضا على قلمه وقد خط آخر وصاياه.."".ما أجمل الحياة..""


الشيخ :
الاسم علي واللقب " الشيخ " طويل نحيل ذو لحية بيضاء شعثاء يضع عمامة خضراء .. يصول ويجول بالأسواق من الصباح إلى المساء .. اعتاد عليه جميع الناس ... يدخل جميع الحوانيت يسلم ويتمتم "حي.. حي " لا يدرك ما حوله من الأحداث ... لا يتحدث بالسياسة ولا بغلاء الأسعار.. لا يريد زوجه ولا أولاد .. كل ما يستهويه قطعة نقد كتب عليها "مل فلسطيني " ينشر أطرافها .. يضربها .. يعلمها .. يجمعها ثم يوزعها ...
وبعد أسبوع من منع التجوال ... افتقده التجار والصياغ وبائعو الخضار ..
ذهبوا لبيبته لم يجدوه ..نادوا عليه .. وما عادوا سمعوه ..
اليوم يحدث أهل حارته بأن زوجته الجنية أخذته لأقاصي الجبال.. وآخرون يؤكدون بأنه اعتقل من قبل جنود الاحتلال ...


ياسمين شملاوي – أصغر كاتبه فلسطينية –

وفاء شوكت خضر
11-02-2008, 07:53 PM
الرائعة ياسمين شملاوي ..

مرحبا بك بيننا في واحة الخير ..

قصص قصيرة مكثفة ، كتبت بأسلوب أكثر من رائع ..
لا أدري لم نشرت هذه المقتطفات القصصية الرائعة في النثر ..
اسمحي لي بنقله لمنتدى القصه حيث مكانه ..

للتثبيت
احتفا بأصغر أديبة فلسطينية ..

باقة ورد ترحيبا بك بيننا أيتها الصغيرة الكبيرة ..
كل الود والحب .

ياسمين شملاوي
11-02-2008, 08:04 PM
الفاضلة وفاء ..هي فاتحة خير ان يكون اول من بدلف دربي ..رقيقة عذبة مثلك..
اشكرك.. فلقد اسعدني ما كتبته..وبهذه السرعة..
هذه القصص بمجملها قصص حقيقة مع بعض التعديلات على الحبكة..لتخدم الفكرة والغرض
وقد نشرت الجزء الاول منها منذ الشهر..وانتهيت من الجزء الثالث الليلة ..وسانشره قريبا
اتمنى..ان يصل هدفها..وغرضها لكل من يتذوق الجمال..
ياسمين الفلسطينية..التي تتمنى التواصل مع جميع المخلصين...

أحمو الحسن الإحمدي
11-02-2008, 08:07 PM
مرحبــا بالرائعــة ياسمين شملاوي

في واحة الخير و النمـــاء


لنصوصك نكهة لا تضاهى ...


دمت للإبداع الجميل و الكلمة الرصينة


تقديري الكبير ...

دام قلمــك ..

ياسمين شملاوي
11-02-2008, 08:18 PM
الفاضل احمد..
اشكر لك هذه النافذة الجيلة من المبدعون الذين تشرفت لاكون بين قوافلهم
وكل ذلك ..بحسن بصيرتك وارشادك ..اتمنى ان اكون زهرة خير في حديقتكم
سلمت بهيا

أنس إبراهيم
12-02-2008, 11:18 AM
أختي ياسمين

ذكرت أن هذه القصص من الواقع مع بعض التعديلات
أشكرك إنه نصٌ رائع

ولكن

كانت التعديلات على الورق وبالقلم
أما أنا أقول أنه إذا أردنا تعديل شيءٍ من الواقع
فلربما نعدل الواقع بواقعٍ آخر ذلك أفضل

ما كتبته رائعٌ وجميلٌ ومتقن الحبكة
أحييك بيننا اختي الصغيرة الكبيرة بقلمها

تحيتي واحترامي

ماجدة ماجد صبّاح
12-02-2008, 12:53 PM
الصغيرة الكبيرة: ياسمين،
كم أسعدني التيه بين لفحات حروفك!
بداية: أهلا بكِ في واحة الخير,,
وجعله الله لكِ دار حبور لا مركب عبور..
وجعلها لكِ دار إخلادٍ لا محلُّ نفادٍ
إلى النصوص:
قد ازّين حصيد قلمك، فبرق الفجر وقد تضاغن القمر،
فأنا أقرأ..ثم أرح على ما قرأتُ فأكرر ، وأعيد النظر،
قد كوّرتِ الألم تلو الألم، على الفرحة على السمر،
قد تنكّر في نفسي لي .. مين أين تلك الفتاة؟
قد تسوّرتِ حقاً سور الجمال، واعتليت فعلا كرسي البهاء..
إني لا أزال أرد على ما أسلفتِ مستلبثةً ما كتبتِ، أضحكُ إليكِ
فكأنك بالناقة العشراء، وأنا قد قطعت بي الأحبال..
اخترط الحرف وانمزج بالخوف،
إنه الموطن: ألف ألم..وياؤه الحنين...
بوركتِ..
همسة: سنك يقرب من سني شيئا، لعلنا نكون صديقات!

ياسمين شملاوي
12-02-2008, 07:23 PM
الفاضل انس ابراهيم..
اشكرك على هذا الانس الذي منحتني اياه بمروركم بقصصي الصغيرة
واتفق معك اننا بحاجة لتغير الواقع...وحتما تتفق معي ان الكلمة الحرة المعبرة
تساهم مع الامل والحق...والقوة بتغير الواقع..
((هي قصة كانت دمعة ودمعة على دمعة ..عملوا حكاية...))
دمت بهيا...ياسمين..

ياسمين شملاوي
12-02-2008, 07:24 PM
الفاضل انس ابراهيم..
اشكرك على هذا الانس الذي منحتني اياه بمروركم بقصصي الصغيرة
واتفق معك اننا بحاجة لتغير الواقع...وحتما تتفق معي ان الكلمة الحرة المعبرة
تساهم مع الامل والحق...والقوة بتغير الواقع..
((هي قصة كانت دمعة ودمعة على دمعة ..عملوا حكاية..))
دمت بهيا...ياسمين..

ياسمين شملاوي
12-02-2008, 07:29 PM
البهية ماجدة:
اسعدني حرارة تشجيعك ووصلتني لبيتنا بنابلس رغم شدة البرودة بالخارج..
واعجبت ببيانك ومنطقك..ومفرداتك الجميلة..
يشرفني بدون همس ان نكون اصدقاء تواصل ونقاء ومحضر خير وصفاء
المحبة ياسمين..

آمال المصري
16-11-2013, 10:02 AM
مشاهد رائعة أتقنت صياغتها بالقلم فكانت ناطقة متحركة
أتمنى أن أقرأ باقي الأجزاء أيتها الرائعة
بوركت