المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحب الخالد .. اهداء الى "علاء أبو دهيم" فارس القدس



أحمد عيسى
07-03-2008, 02:05 PM
الحب الخالد
أطرقت رأسها أرضاً وجلس هو قبالتها ينظر إلى عينيها في حزن وقد تعلقت نظراته بدمعة ساخنة زحفت على وجنتها في بطء قبل أن تنساب في نعومة وتسقط أرضاً … راقب اختلاطها بالرمال القليلة المتناثرة على سطح منزله … كان النهار قد انتصف لكنه لم يكن يبالي بالشمس التي كانت تلفحهما بحرارتها…
رفعت رأسها إليه وأمسكت بيديه وقالت في ضراعة:
- هل أزعجتك في شيء ؟..
- أبداً .. كنت كالنسمة دوماً.
قالها وعيناه تحملان حزن الدنيا كلها … فأشرق وجهها هنيهة .. ثم قالت:
- إذن لم تريد أن تتركني.؟..
صمت لحظات وهو يستميت ليمنع دمعاته من الانهمار … فعاد الحزن يكسو ملامحها وهي تقول:
- لم يعد يعجبك شكلي … أعترف أنني لست جميلة..
تطلع إلى عينيها الواسعتين كبئر عميق … وإلى خصلة سمراء من شعرها تسللت خارج المنديل وإلى شفتيها الممتلئتين … تأمل كل هذا فاعتصر الحزن قلبه وهو يقول:
- أنت فاتنة … حلوة الملامح … رقيقة مكتملة الأنوثة … والأهم من هذا كله ملتزمة بدينك وتعرفين الله جيداً…
ثم اقترب من وجهها وقال:
- ألا زلت تصلين؟.
قالت بعصبية:
- نعم … وأنت تعرف هذا … إذن لماذا تريد أن تفسخ خطبتنا … لماذا وقد كنا نتغنى بالحب الذي جمعنا منذ عرفنا بعضنا … ليس من حقي أن أمنعك … لكن من حقي أن أعرف السبب.
دوي صوت انفجار قوي جفلت له في قوة..
غير انه ما اهتز إنما نظر لأعلى وقال:
- لا تخافي … إنها طائرة اخترقت جدار الصوت ، لا تنسي أنه مر يوم كامل دون أن يغتالوا أحداً … اليوم يواصلون ألعابهم معنا …
حانت منه التفاتة إلى الأطلال المتناثرة في كل مكان والبيوت المهدمة التي كانت يوماً مخيماً ما في مدينة ما … كان الصبية يعبثون بقطع من الأثاث الذي انهارت فوقه أسوار المنزل وحجارته … فاختلط الأثاث بالكتب المحترقة بدماء من كانوا يومها ينامون معاً ويلعبون معاً ويأكلون معاً قبل أن تهوي القذائف فوق رؤوسهم فتدفنهم أيضاً … معاً …
وأخيراً قال:
- أعترف أنني عشت معك أجمل أيام حياتي … أياماً كانت كلها فرحة وبهجة وأمل بالمستقبل … كنت أنت ملهمتي … وما كان يسعدني في الدنيا شيء قدر سعادتك..
قالت في لهفة:
- وإذن
أدار رأسه في ألم…
فقالت:
- ما الذي تغير …؟ هل وصلك عني كلام يسئ لي …؟ هل رأيت مني ما أزعجك…؟
هز رأسه نافياً…
فاتسعت عيناها كأنما أدركت فجأة سر تغيره … وقالت في لوعة :
- إذن هناك أخري …
- ………………
- لم أنت صامت هكذا ؟؟؟
- أجبني … هل هناك أخرى؟
لم يجب لكن صمته كان أبلغ من أي جواب …
فقالت بأسى:
- من هي؟ هل هي أجمل مني …؟ لا .. لا يهمني ذلك … فقط اخبرني متى أحببتها …؟ وكيف وقد كنت بجواري دوماً …؟ لم تكن تتركني إلا للجامعة أو المسجد…
قال:
- كنت أحبها دوماً … بل أستطيع القول إنني أحببتها قبل أن أعرفك … وإلى اليوم لازلت أحبها…
اعتدلت غاضبة … وقالت له وهي تهتز من الانفعال:
- كنت تخدعني إذن …
وهل ستخدع المسكينة مثلي … هل ستتركها حين تمل منها…
قال ودموعه تترقرق في عينيه:
- وكيف أتركها وزفافنا بعد أيام قلائل …
هزها قوله حتى الأعماق … فانتفضت في ألم قبل أن تدور على عقبيها … وهي تنصرف تاركة إياه وحده …
وعندما دخلت غرفتها أغلقت الباب المتهالك والتقطت رسائله من صوان ملابسها … وارتجفت يداها وهي تشعل النار فيها … راقبت الدخان المتصاعد وهو يرتفع في سماء الغرفة … وانهمرت دموعها مدراراً وهي تقول في أسى:
- لماذا يا حبيبي … لماذا؟
ومن بين دموعها أقسمت لنفسها أن تحضر زفافه بنفسها حتى ترى بعينيها من تركها لأجلها…
بقي على زفافه عشرة أيام ولم تكن هي تعلم ذلك …
بقي أسبوع ودموعها تنهمر خلسة في ساعات الليل…
بقى يومان … اختفى هو من المدينة كلها ولم تعد تسمع أخباره … لكنها لم تكن تبالي … ولم تعد تهتم…
يوم واحد … هذا هو الفستان الأسود الذي سأحضر فيه زفافه…
واليوم كانت تحتضن صورته وتقبلها في شوق وتهتف:
واحبيبي .. كم أحبك…
كان ذلك حين علمت نبأ استشهاده.
********************************

جوتيار تمر
07-03-2008, 03:45 PM
العزيز احمد...

لاانكر جمال اللغة والسردية من حيث بنائها والاخذ بتلابيب المتلقي للوصول الى حلقة الانفراج السدري ، لكني مع موضوع القصة لي وقفة ، اتمنى ان يسعني صدرك ، هنا ترعب بمفاهيم الانسانية ، وتوظيف ينكره القيم الانسانية ، ولطالما ناقشت البحيصي حول ذلك ، نحن نقول بأن الانسان اولا ، ومن ثم الارض ، هذه هي العقلانية والتي اوجد الانسان من اجله ، الارض للانسان ، لايمنع هذا ان نحب ارض وان ندافع عنه ،ونجاهد في سبيله ، لكن هذا يتم بصور اكثر انسانية من تلك التي احطم فيها انسانة ، واذا ما قسنا الزمكانية في النص ، فأننا بلاشك سنرى بأن الاحتلال قائم قبل ولادتهما ، اذا المصير مصير الارض واضح ، فلماذا نرتبط اذا بانسانة ونحن نعي مصير الارض ، ونحن نحبه قبل ان نلتقي بالاخرى الحبيبة ، هناك ازدواجية في المفاهيم علينا ان ننتبه اليها ، حتى لانغرسها بصور ةخاطئة في نفوس الاخرين ، كي نتجنب المثل، عذرا لكنها وجهة نظر شخصية.

محبتي
جوتيار

أحمد عيسى
07-03-2008, 05:51 PM
العزيز احمد...
لاانكر جمال اللغة والسردية من حيث بنائها والاخذ بتلابيب المتلقي للوصول الى حلقة الانفراج السدري ، لكني مع موضوع القصة لي وقفة ، اتمنى ان يسعني صدرك ، هنا ترعب بمفاهيم الانسانية ، وتوظيف ينكره القيم الانسانية ، ولطالما ناقشت البحيصي حول ذلك ، نحن نقول بأن الانسان اولا ، ومن ثم الارض ، هذه هي العقلانية والتي اوجد الانسان من اجله ، الارض للانسان ، لايمنع هذا ان نحب ارض وان ندافع عنه ،ونجاهد في سبيله ، لكن هذا يتم بصور اكثر انسانية من تلك التي احطم فيها انسانة ، واذا ما قسنا الزمكانية في النص ، فأننا بلاشك سنرى بأن الاحتلال قائم قبل ولادتهما ، اذا المصير مصير الارض واضح ، فلماذا نرتبط اذا بانسانة ونحن نعي مصير الارض ، ونحن نحبه قبل ان نلتقي بالاخرى الحبيبة ، هناك ازدواجية في المفاهيم علينا ان ننتبه اليها ، حتى لانغرسها بصور ةخاطئة في نفوس الاخرين ، كي نتجنب المثل، عذرا لكنها وجهة نظر شخصية.
محبتي
جوتيار
أخي الفاضل جو
أولاً النص "2003" ولكني وضعته لمناسبة ما حدث بالأمس في القدس من عملية انتقام لجراحات الثكالى في غزة
حيث ترك البطل علاء بيته وخطيبته التي يعتقلها الاحتلال الان ...
في النص وتمهيداً لما هو مقدم عليه يحاول البطل الانفصال بهدوء عن حبيبته حتى لا تكون الصدمة قاتلة بالفقد بمعنييه ...
وفي حياة الناس أخي جو ما يغير مفاهيم الناس ويزرع بداخلهم الرغبة في الانتقام من العدو حدث هذا بعد كل مجزرة قام بها الاحتلال ولا يزال يحدث الى يوم التحرر الوطني باذنه تعالى
كثير من الناس رأيتهم عاديين لا يهمهم وطن أو قضية ، لكني كنت أفاجأ بتنفيذهم لعملية تثخن في العدو الجراح ، وغالباً ما يأتي هذا بعد مجزرة للعدو تطال فيها أبرياء كثر
ما حدث ويحدث منذ أيام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن الناس يتخلون عن حب من أجل حب أسمى
يتخلون عن حب الحبيبة/ الأم / الدنيا / الشهوات / الرغبة في الحياة
من أجل حب الله / الجنة / الجهاد / الوطن

مهما اختلفنا في الرأي ان اختلفنا فانني أرحب بمرورك ورأيك أستاذنا الفاضل
دمت بخير دائماً

عدنان أحمد البحيصي
07-03-2008, 06:05 PM
اسمح لي أخي أحمد أن أقول بكل صدق : لقد دمعت عيناي ، بكيت ، حزنت
واسمح لي أخي جو ، عندما كنت تناقش البحيصي كنت تناقشه عن أحمد بطل قصصه في أغلبها ، عن أحمد في قصته" الوسادة الفارغة" ، لم يمنعه الجهاد من الزواج ، ولم يمنعه الزواج من تأدية مهمة الوطن ،مهما كلف الأمر ، من ابتعاد عن حبيبته زهرة التي التقاها يوماً في ميدان الجهاد وذلك في قصة " أحمد والعراقي " ثم تزوجها في قصة لاحقة "عودة أحمد " لذا فهي تتفهم طبيعة عمله ومهماته لأنها شريكته منذ البداية في دربه، وإنسانية الإنسان وتعلقه بزوجه وولده لا تنفي أبداً وطنيته
شكراً لسعة صدرك
وشكراً لأخي أحمد المبدع دوما

أحمد عيسى
08-03-2008, 10:59 PM
اسمح لي أخي أحمد أن أقول بكل صدق : لقد دمعت عيناي ، بكيت ، حزنت
واسمح لي أخي جو ، عندما كنت تناقش البحيصي كنت تناقشه عن أحمد بطل قصصه في أغلبها ، عن أحمد في قصته" الوسادة الفارغة" ، لم يمنعه الجهاد من الزواج ، ولم يمنعه الزواج من تأدية مهمة الوطن ،مهما كلف الأمر ، من ابتعاد عن حبيبته زهرة التي التقاها يوماً في ميدان الجهاد وذلك في قصة " أحمد والعراقي " ثم تزوجها في قصة لاحقة "عودة أحمد " لذا فهي تتفهم طبيعة عمله ومهماته لأنها شريكته منذ البداية في دربه، وإنسانية الإنسان وتعلقه بزوجه وولده لا تنفي أبداً وطنيته
شكراً لسعة صدرك
وشكراً لأخي أحمد المبدع دوما
الأخ الفاضل : عدنان

مرورك جميل أشكر لك حنوك البالغ ورقة مشاعرك

كيف لا ونحن نتحدث عن الاستشهاديين
أنبل ظاهرة في الوجود
شموع تحترق لتضئ لنا الطريق بالمعنى الحرفي للكلمة
لكن الشموع تحترق وتذهب سدى
أما الشهيد فلا يضيع ولا تضيع دماءه


تحيتي أخي

ربيحة الرفاعي
13-12-2012, 08:22 PM
قصة تضج بالصدق
شا القسم الأول منها شيئ من إسهاب، ثم ما لبثت أن تسارعت وتيرة الحدث والحس بكثافة متوائمة مع زخم الفكرة
وخاتمة استذرفت العين دمعتها رغم استعداد القارئ لها بوشاية العنوان

جميل حرفك وتوجهه أديبنا الرائع
دمت بألق

تحاياي

أحمد عيسى
16-12-2012, 04:58 PM
قصة تضج بالصدق
شاب القسم الأول منها شيئ من إسهاب،، ثم ما لبثت أن تسارعت وتيرة الحدث والحس بكثافة متوائمة مع زخم الفكرة
وخاتمة استذرفت العين دمعتها رغم استعداد القارئ لها بوشاية العنوان

جميل حرفك وتوجهه أديبنا الرائع
دمت بألق

تحاياي


القديرة : ربيحة الرفاعي

سعدت وحزنت في ذات الوقت حين رأيت هذا الموضوع
سعدت لأنك شرفتني بهذا المرور على موضوع قديم ، وأسعدني ردك واعجابك الذي أقدره
وحزنت لأنني رأيت آخر مشاركة للشهيد عدنان رحمه الله
تذكرت ابتسامته الجميلة ، واندفاعه الشديد في الدفاع عن الواحة والترويج لفكرها
تذكرت زيارته لي في منزلي لأول مرة ولم يكن يعرفني الا عبر الواحة
وتذكرت حين دعوته للصالون الأدبي فأدهش الجميع بشعره
رحمه الله
وأسكنه فسيح جناته

تقديري أيتها الغالية
وخالص والود لك ولقلبك الكبير

ناديه محمد الجابي
16-12-2012, 09:43 PM
جميل هو قلمك الحامل لهموم الوطن , والمعبر عنه بقصص رائعة
وقد قدمت لنا هنا قصة جميلة سبكت بالسرد والوصف والحوار
عميقة الفكرة , بلغة سلسة تجعلها قريبة من النفس
وخاتمة قوية ومؤثرة بالرغم من أننا استشعرناها
رحم الله كل الشهداء
ودمت مبدعا .

نداء غريب صبري
13-01-2013, 07:32 AM
قصة رائعة
مع أني لم افهم لماذا اختار أن يكسر قلبها بالفراق قبل أن يكسره برحيله الأبدي

شكرا لك أخي

بوركت

د. سمير العمري
30-04-2013, 12:02 AM
رغم قدم القصة ايها الحبيب إلا أنها لا تزال تحمل ألق حرفك ورساليته الوطنية التي أعتز بها ، وهنا رأيت قصة جميلة رغم رأيي بأنها كانت بحاجة لبعض العمق والبعد عن نمطية الطرح.

وتبقى أحد كتاب القصة المميزين في نظري وصاحب رسالة واضحة المعالم راقية الهدف!

دمت في ألق!

تحياتي

أحمد عيسى
06-05-2013, 08:17 AM
جميل هو قلمك الحامل لهموم الوطن , والمعبر عنه بقصص رائعة
وقد قدمت لنا هنا قصة جميلة سبكت بالسرد والوصف والحوار
عميقة الفكرة , بلغة سلسة تجعلها قريبة من النفس
وخاتمة قوية ومؤثرة بالرغم من أننا استشعرناها
رحم الله كل الشهداء
ودمت مبدعا .



القديرة : نادية

أعتز بك وبمرورك ، كما كنت أعتز بهذه القصة كونها من بدايات ما كتبت ، بل هي كانت أول قصة لي تخرج للعلن ويقرأها الجميع حين فازت بمركز أول في مسابقة للأدب المقاوم سلمني الدرع والشهادة يومها شهيد الأمة الشيخ أحمد ياسين ، ومهما شاب القصة من بساطة في الطرح أو مباشرة في الأسلوب الا أنها تحمل لي ذكرى طيبة لا تنسى

أشكرك أيتها الفاضلة ..
تقديري

أحمد عيسى
06-05-2013, 08:23 AM
قصة رائعة
مع أني لم افهم لماذا اختار أن يكسر قلبها بالفراق قبل أن يكسره برحيله الأبدي

شكرا لك أخي

بوركت

أهلا بك أستاذة نداء

لأنه آثر أن ينكسر حبها له ، فيكون الحزن على فراقه أقل ، أو لأنه أراد أن يقل ارتباط الناس به ، قبل أن يفارقهم للأبد ، وتلك هي التضحية قد تكون مبررة من جانب من يضحي ، بينما لا يفهم الناس سبب تضحيتهم ، كم من أب قرر أن يضحي فلا يخبر أبناءه بمرضه ، مع أن أولاده لا يقدرون أبداً هذه التضحية ولا يجدونها مبررة ، فلو أخبرهم لأودعوه المستشفى وتمكنوا من علاجه ، لذا فحتى لو رأيتِ أنت أو أنا أن تضحية هذا الشاب غير مبررة ، فانها كانت مبررة في نظره هو ...

تقديري

أحمد عيسى
06-05-2013, 08:27 AM
رغم قدم القصة ايها الحبيب إلا أنها لا تزال تحمل ألق حرفك ورساليته الوطنية التي أعتز بها ، وهنا رأيت قصة جميلة رغم رأيي بأنها كانت بحاجة لبعض العمق والبعد عن نمطية الطرح.

وتبقى أحد كتاب القصة المميزين في نظري وصاحب رسالة واضحة المعالم راقية الهدف!

دمت في ألق!

تحياتي


أستاذي الغالي أمير الواحة /د.سمير العمري

هي الوجهة التي اخترناها وكان للواحة دور في صقلها وشحذ الهمم تجاهها
رسالة نؤديها للأمة من خلال ما نكتب ، وليس استنزاف عاطفي وحسب ..
وقد قلتها مرة قبل ذلك ،
في كل مكان على وجه الأرض تكون الكتابة نوعاً من تفريغ العاطفة ، أما في فلسطين ، فهي لمن امتلك الموهبة والقدرة واجباً وطنياً ، وعملاً من أعمال الجهاد
حين يوثق الكاتب للمقاومة ، ويشحذ الهمم للصمود والتشبث بالأرض ..

تقديري أستاذي الغالي رغم بعض عتب لا يفارقني لعلك تعرف سببه !