تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وجهة نظر



صبيحة شبر
16-03-2008, 08:11 PM
وجهة نظر

تأخرت في العودة الى منزلي ، ككل مرة يستغرقني العمل النهاري ، فأظل أتابع الطلاب ، الى ان ينصرف آخرهم ، بصحبة احد أبويه ، أيمم وجهي شطر المنزل ، الذي اطمح ان أجد فيه راحة ، من عناء عمل يستغرق الكثير من جهدي ، حارقا أعصابي ، أتوجه ماشية على قدمي ، فالمنزل قريب جدا من مكان عملي ، ولا يتطلب مني وسيلة أخرى للنقل ، سوى قدمي اللتين أوصاني الطبيب بحسن استخدامهما
كل شيء مهيأ في المنزل ، وليس علي الا عمل السلطة ، التي لايمكن تجهيزها في وقت سابق ، على موعد تناول الطعام ، غسلت الخضر اللازمة لعمل تلك السلطة ، وأوصيت ولدي اليافع ، البالغ من العمر أربعة عشر ربيعا ، الا يسرع في تناول الطعام لأني احرص على ان يكون طعامه كاملا
هالني ان أجد في منزلي شخصا آخر ، لم أكن أتوقع ان يكون اليوم حاضرا ، وفي غيابي ، اخبرني ابني انه سمع دقا خافتا على الباب ، وحين استفسر عمن يكون الطارق ، وجد امرأة لايعرفها ، أخبرته أنها صديقة أمه ، وهي تريد ان تكون وقت تناول الغداء ، ولان ولدي قد علمناه منذ الصغر ان يحسن استقبال الضيوف ، فلم يعرف كيف يرد على الضيفة ، فرحب بها ، داعيا إياها الى الدخول والانتظار ، فعودتي أصبحت وشيكة.
سألت الضيفة ماذا يكون طعام الغداء ؟
لم يكن ولدي يعرف ، دخلت مطبخي ، وفتحت القدور ، و عرفت ما هو موجود فيها ، فأرادت ان تضيف صنفا آخر تحبه ، لم يكن من الأطعمة المتوفرة ، فتناولت لحما من مجمدة الثلاجة ، وأنواعا من الخضر ، وشرعت في تقطيعها ، وضعتها على النار ، وشرعت تنتظر أوبتي ، وهي تشكو الجوع ، و تأخري في العودة
كان أبي في زيارتي ، وقد خرج من المنزل تلك الآونة ، وعاد رفقة زوجي ، والاثنان لايعلمان ان شخصا آخر في المنزل ، قد دعا نفسه على طعام الغداء ، وشرع في عمل أصناف لم تكن ربة المنزل قد هيأتها.
الطريق طويل ، والسيارات تملأ المكان ، وعبور المشاة عسير جدا ، فالسائقون يحبون ان يصلوا الى منازلهم في أقل وقت ، بعد ان امضوا نهاراتهم في عمل مضني ، آن لهم أن يستريحوا منه
- أف ، تأخرت أمك ، أين تمضي بعد العمل ؟
- لااحد لها غيرنا ، والطريق متعب
- ان تأخرت سوف أتناول طعامي ، أنا جائعة
وصلت المنزل ، فاجأني الوضع ، السيدة رأيتها مرتين فقط ، وفي مناسبات متباعدة
سمعت شكوى ولدي الصامتة ، وهدأت من غضبه ، فنحن أسرة تحسن استقبال ضيوفها ، رغم عدم معرفتها بهم
وضعت القدور على النار ، ليسخن الطعام ، ريثما أغير ملابسي ، جهزت المائدة ، وضعت عليها الصحون والملاعق ، نقلت الأطعمة المطبوخة ، دعوت أفراد عائلتي
جميعنا كان صامتا ، لايعلم ماذا يقول ؟ في وضع لم يكن يعلم انه سيكون مجبرا عليه ، ضيفتنا كانت تتكلم باستمرار ، شاكية من بؤس حالتها ، ونحن نحاول أن نطمئنها ، ان كل شيء سيتبدل ، وانه بالجهد يحقق المرء أحلامه
طرحت علينا الضيفة سؤالا ، لم اعرف كيف أجيبها عنه
- أنت لديك ثلاثة رجال ، ولا واحد لي ، أعطيني واحدا منهم
فكرت فليلا ، فلم أجد الجواب الشافي ، لكني نطقت أخيرا
- ولدي ما زال صغيرا ، وليس بمقدوري ان أنجب غيره ، وأبي لايمكنني ان امنحه لغير أمي ، وزوجي خذيه إن كان يرغب
نظر إلي زوجي باستنكار ، وقام دون ان ينبس بشفة ، نظر أبي بعتاب
صرخ ولدي :
- لا أريد






صبيحة شبر
9 مارس 2008

جوتيار تمر
16-03-2008, 09:26 PM
العزيزة الشبر.......
القصة توسلت بالواقع العياني المعيشي مادة للحكاية ، فاستعرضت بتفاصيل واستطرادات في الوصف ، عبر لغة سردية تتوسل في التعبير والتصوير بالواقع ، اعتمادا على ما يترسب في الذهن من انعكاسات ذلك الواقع العيني ، فيعمد إلى وصفه و متابعة صفاته كما هي الحس و الوجدان ،وضمن سياق الوصف والتصوير تطرح فكرتها الاساس التي تمثل عقدة تكاد ملازمة لاغلب المجتمعات ، بل للانسان ذاته عندما يعيش بين اللاانا واللاانا الاخرى في نفسه، ومن ثم الختمة بوقفة تأمل واستفهامية قد لاتجد لها في نفس المتلقي الكثير من الاجوبة ، لكنها تظل عالقة في ذهنه ولو بعد حين.
دمت بخير
محبتي
جوتيار

ريمة الخاني
19-03-2008, 04:31 PM
يسعدني ان اقراها لك ثانية قصه يمكننا ان نغوض عبرها لمئة دهليز ودهليز...
وجهة نظر فريدة واجابه غريبه
تحيه وتقدير

خالد ابراهيم
20-03-2008, 12:38 PM
المبدعة المميزة صبيحة شبر
أسعد الله صبحك ومسائك
ليست هناك لغة محددة يعرفها الكرام مع الثقلاء والمتطفلين
الإستفهام .... الإستغراب .....
أنضم لصفوف المعجبين لكتاباتك وسأعاود القرأة مجددا
دمتى مبدعة جميلة
خالد ابراهيم

صبيحة شبر
24-03-2008, 08:37 PM
العزيزة الشبر.......
القصة توسلت بالواقع العياني المعيشي مادة للحكاية ، فاستعرضت بتفاصيل واستطرادات في الوصف ، عبر لغة سردية تتوسل في التعبير والتصوير بالواقع ، اعتمادا على ما يترسب في الذهن من انعكاسات ذلك الواقع العيني ، فيعمد إلى وصفه و متابعة صفاته كما هي الحس و الوجدان ،وضمن سياق الوصف والتصوير تطرح فكرتها الاساس التي تمثل عقدة تكاد ملازمة لاغلب المجتمعات ، بل للانسان ذاته عندما يعيش بين اللاانا واللاانا الاخرى في نفسه، ومن ثم الختمة بوقفة تأمل واستفهامية قد لاتجد لها في نفس المتلقي الكثير من الاجوبة ، لكنها تظل عالقة في ذهنه ولو بعد حين.
دمت بخير
محبتي
جوتيار

العزيز جوتيار
قراءة واعية للنص وتحليل دقيق
مرتبط بواقع الحياة والاستفسارات التي تحدثها في نفوس الناس
اسعدني تحليلك
الشكر الجزيل لك
دمت بخير

صبيحة شبر
24-03-2008, 08:38 PM
يسعدني ان اقراها لك ثانية قصه يمكننا ان نغوض عبرها لمئة دهليز ودهليز...
وجهة نظر فريدة واجابه غريبه
تحيه وتقدير

الأخت العزيزة ريمة الخاني
الشكر الجزيل على المرور الكريم
اسعدتني ملاحظتك
دمت بخير

صبيحة شبر
24-03-2008, 08:40 PM
المبدعة المميزة صبيحة شبر
أسعد الله صبحك ومسائك
ليست هناك لغة محددة يعرفها الكرام مع الثقلاء والمتطفلين
الإستفهام .... الإستغراب .....
أنضم لصفوف المعجبين لكتاباتك وسأعاود القرأة مجددا
دمتى مبدعة جميلة
خالد ابراهيم

الأخ العزيز خالد ابراهيم
الشكر الجزيل على الاطلالة الجميلة
أنتظر عودتك للقراءة
دمت بخير

ربيحة الرفاعي
15-12-2012, 10:46 PM
نص قوي وفكرة واقعية الحدثية عميقة التحليل عبر سرد ماتع فتح أبواب القراءة على الكثير مما لم ينطق به الحرف

جميل نصك أديبتنا
دمت بألق

تحاياي

آمال المصري
25-06-2013, 09:17 PM
حقيقة كان النص رائعا وههمت بالرد ولكن جاء جواب الزوجة على تلك المتطفلة المتفلحسة ليعجز القلم
نص بديع البيان والبنيان قوي ونهاية احتلت من الدهشة مسكنا
بوركت واليراع أديبتنا الفاضلة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ناصر أبو الحارث
21-07-2013, 05:46 PM
هذه ليست أول قصة أقرأها لك
ولكنها أثرت بي أكثر من غيرها لواقعيتها وجمال سردها

لانا عبد الستار
23-07-2014, 12:08 AM
قصة ناجحة بسرد متقن وأسلوب جميل
رد الزوجة مذهل

أشكرك

ناديه محمد الجابي
07-10-2021, 04:31 PM
رأيت الكثير من المتطفلين وسمعت العديد من قصصهم لكن إلى هذه الدرجة لم أر أبدا
فتلك التي لم تكتف بأنها عزمت نفسها حتى تدخل إلى المطبخ وتفعل به ما تريد دون إذن من صاحبته
لم تكتف بذلك ـ بل طمعت أيضا في أحد رجال البيت
أخالف من سبقني في أن رد الزوجة موفق ـ فإن مثل هذه المتطفلة ستعمل المستحيل حتى تحصل على الرجل.
شكرا على القص الواقعي ، والسرد الرائع والوصف الممتع.
دمت بكل خير.
:002::003::004: