تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فوق سريرين كنا ... والقلب واحد



محمد نديم
25-03-2008, 04:04 AM
فوق سريرين كنا ... والقلب واحد
محمد نديم علي
وصلني وأنا على فراش المرض نص رسالة الأديب العالمي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز.
قرأتها مرات ، وكنت أرى فيها ذاتي وعالمي المحيط ، وكل من يعيشون حولي، قرأتها وكأنني أمليها عليه أو الذي يمليها علي ، قرأتها وكأنني أنطقها بلسانه أو هو الذي ينطقها بلساني ، قرأتها واكتشفت كم نحن مساكين ، مغرورون ، تائهون ، ضائعون ، ولا نصحو إلا ساعة أن تهرب منا خيوط الحياة وتنفلت من بين أصابعنا كالماء الهارب.في هذه اللحظات التي قد نشعر فيها أننا نودع الحياة ، تتابع صور ما عشناه كشريط سينمائي متتابع سريع الإيقاع ، وتتملكنا معها مشاعر متداخلة ، لحظتها نشعر كمِ أخطانا ، وكم أهملنا وكم تناسينا ،وكم تجاهلنا ـوكم كتمنا كلمات كانت يجب أن تقال، وكم تلفظنا بغيرها كان يجب ألا نقولها ، وكم خسرنا بحماقاتنا راحة البال ، وكسبنا بغبائنا المزيد من الهموم.
قرأت النص بل عشته بكل جوارحي ، واكتشفت أننا لم نتعلم شيئا في خضم حياتنا الصاخبة ، وأن لحظة هدوء وتأمل صادقة وبسيطة أروع من كل الأزمنة التي عشناها ونحن نتصارع دون رحمة .
رأيتنا جميعا في خضم صراعنا المحموم ، ندوس الزهور، ونمزق أواصر الحب بيننا ،ونكسر آنية الماء رغم أننا في زمن العطش ، وندمر أحواض القمح ونحن نعاني الجوع، وتخنق أيادينا العصافير الصغيرة ونحن نتوق إلى نغمة جميلة، وندنس قلوبا كثيرة فتحت أبوابها لنا دون قيد أو شرط ، ونشوه مرايا الحقيقة بسواد الكبر والغرور وعدم التحلي بالصبر والحياد والتسامح والغفران.
تمنيت لو تعود بى الأيام لأعيد تشكيل ما أفسدته يداي.وأعيش تفاصيل حياتي ببساطة أكثر وحب أكثر وجمال أكثر ، وكراهية أقل.
في لحظة فارقة بين الحياة والموت، أدركت مدى غبائي ، أدركت أنه لم يكن لي يد في لقمة تلذذ ت بها، ولا إرادة في ملبس تباهيت به ،ولا قدرة علي صحة كنت اعتد بها.كلها كانت هبات من يد الرحمن ،لكن غروري أوحى لي ، أنني قد أوتيتها على علم عندي.
قرأت ماركيز وكأنني أقرأ ذاتي التي أدركت كم أن عظمة الحياة في بساطتها ، وقيمتها هي فعل الخير فيها دون انتظار مقابل،وأن علي التمتع بروح الجمال التي تحوطني وأنا عنها من الغافلين.
في لحظة فارقة بين الحياة والموت، أدركت كم أنا ملوث وحقير.
كم تمنيت لحظة سجود صافية فوق بساط من العشب الأخضر تحت سماء زرقاء ،برادئي الأبيض ، وعطري الزكي ، وجسدي الطاهر ، وعقلي الصامت إلا عن التفكر في الله ، وقلبي الذي لا ينبض سوى باسمه الأعلى ، لحظة تذوب فيها ذاتي في ذاته العليا.
حين رأيتني في مرآة الحقيقة ، كنت كائنا ذاهلا ،ذابلا كعود قصب ممصوص.
فقرأت ماركيز ، ورأيتني في مرآة حروفه ، كائنا جديدا أدرك معنى الدرس ، ورغم ضعفه الجسدي إلا أنه يملك قلبا يسع العالم كله طالما بقي في صدره نفس يتردد.
.متشبثا بآخر خيوط حياته ،وتتملكه إرادة أن يعيش كل ثانية في ما تبقى له من عمر، بكل ما يملك من قوة الروح التي حباها الله له.ليثبت أنه إنسان حقيقي، يدرك سر الحب والخير والجمال ، قبل أن يمضي كما مضى السابقون.
رسالة من فراش المرض
بقلم غابرييل غارسيا ماركيز
على فراش المرض، غابرييل غارسيا ماركيز، بعدما أنهكه الداء الخبيث، كتب رسالة إلى أصدقائه ومحبيه سرعان ما انتقلت الكترونياً إلى ملايين الأصدقاء والمحبين حول العالم. هنا ما جاء في الرسالة بحسب الانترنت:
«لو شاء الله أن ألا يجعلني دمية من خرق, وشاء أن يهبني حفنة حياة أخرى، سوف أستغلها بكل قواي. ربما ما قلت كل ما أفكر فيه لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. وسأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه، سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نوم خسارة لستين ثانية من النور. وسوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام، لو شاء ربي أن يهبني حفنة حياة أخرى سأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على وجه الأرض عارياً ليس من جسدي وحسب بل من روحي أيضاً، وسأبرهن للناس كم يخطئون لو اعتقدوا أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، فهم لا يدرون أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق.
للطفـــل ســـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده، وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي بسبب السنّ بل بفعل النسيان.
لقد تعلمت منكم كثيراً أيها البشر... تعلمت أن الجميع يريدون العيش في القمة غير مدركين أن سرّ السعادة في كيف نهبط من فوق. وتعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى يعني انه أمسك بها إلى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف.
بل تعلمت منكم أكثر! لكن، قليلاً ما سيسعفني ذلك، فما أن أنهي ترتيب معارفي سأكون على شفير الوداع.
قل دائماً ما تشعر به وافعل ما تفكّر فيه.
لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة أراكِ نائمة كنت آخذك في ذراعيّ وأصلّي أن يجعلني الله حارساً لروحك. لو كنت أعرف أنها دقائقي الأخيرة معك لقلت «أحبك» ولتجاهلت، بخجل، انك تعرفين ذلك.
هناك بالطبع يوم آخر، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل خيراً، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير أحب أن أقول كم أحبك، وكم أنني لن أنساكِ. لأن الغد ليس مؤكداً لا للشاب ولا للكهل. ربما هذا آخر يوم نرى فيه من نحب. فلنتصرّف، لئلا نندم لأننا لم نبذل الجهد الكافي لنبتسم، لنحنّ، لنطبع قبلة، أو لأننا مشغولون عن قول كلمة فيها أمل.
أحفظوا قربكم ممن يحبكم وتحبّون، قولوا لهم همساً أنكم في حاجة إليهم، أحبوهم واهتموا بهم، وخذوا الوقت الكافي كي تقولوا: نفهمكم، سامحونا، من فضلكم، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفونها.
لن يتذكر أحد أفكاركم المضمرة، فاطلبوا من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهنوا لأصدقائكم وأحبائكم محبتكم لهم».

عطاف سالم
25-03-2008, 05:08 AM
أسعد الله صباحك وكل أوقاتك أستاذي العزيز الفاضل / محمد نديم
وألف الحمد لله على سلامتك
لابأس أخي الكريم , طهورٌ إن شاء الله تعالى , وأسأله سبحانه في هذا الصباح الرائق أن يتم عليك شفاءك ويعجل به فتسعد بالحياة وطول العمر وحسن العمل في صحة وعافية ومعافاة دائمة أبدا
.........
قرأت نصك وكأنه كان محبوساً في نفسي فما استطعت التعبير عنه فجئت أنت وقلت ماعجزت عن قوله
قد تهون الارض إلا موضعا ويهون العمر إلا ساعةً ..
يا الله كم لامس نصك الشغاف من قلبي لأنه كان غارقاً في الصدق حتى النهاية وغارقاً في التجربة الحية حتى النخاع ..
وماذا أقول بعد ..
ماذا ؟؟
لقد أذهلني نصك وهزني من الأعماق جداً وجداً وجداً
أقرأ وأعي تماماً أن تجربة المرض التي عشتها وكأنها قد تكشفت لك عن الغيب وبدأت ترى الحياة ذبابة والناس حولها كالأغبياء يتهالكون ويتصارعون ..
وكأني بك قد ارتفعت فوق مستوى الأرض الشائبة إلى حيث الروحانية والشفافية وملامسة نفحات الرحمن الرحيم ..
أخي العزيز / محمد نديم
لاحرمنا الله منك ولا من إبداعك البديع حقاً بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى !!
أدامك الله وأعزك ورعاك وحفظك ووفقك
سعيدة جدا هذا الصباح أن استفقت على خبر عودتك الحميدة ونصك الحميد هذا
لله درك أخي كريم الحبر والعنصر والروح والقلب
وأخيراً
تقبل أخي العزيز الفاضل / محمد نديم
خالص تحاياي الصادقة وأبرها وأصدقها راجية من المولى عزوجل أن يحفظك بعينه التي لاتنام وأن يتم عليك الشفاء ويرزقك طول العمر وحسن العمل
تقديري واحترامي
واعتزازي الدائم بك وبحرفك الراقي الكبير
كن بخير أخي
والله معك
ونحن بقلوبنا الطاهرة المحبة لك

وفاء شوكت خضر
25-03-2008, 02:41 PM
مرور على عجل لأقول ..
حمدا لله على سلامتك ، طهور إن شاءالله أيها الأديب الشفيف الروح الرقيق الحس ..

ما أسعدني بعودتك أيها الأخ الرائع برفيع وكريم خلقه ..

لي عودة لهذا النص الرائع الذي يحمل كل صور ومعاني الحياة الجميلة الصحيحة
التي تمنح السعادة الحقيقية ..

أيها النديم ..
طاقة ورد تهنئة بعودتك لنا سالما ..
وباقات تحايا لتواجدك بيننا ولهذا النص الذي فاق الروعة ..


تحيتي وصادق الود .

جوتيار تمر
25-03-2008, 03:12 PM
النديم ......

حمدا على السلامة ، والشفاء الدائم اتمناه لك.

غارسيا كان في كل نصوصه ورواياته وقصصه ، نموذجا انسانيا فريدا ، حيث كانت الحياة تتكشف بين يديه وكأنها تمهله وتهديه سبل القول عنها وزالكتابة فيها ولها ومنها ، ولايخفى على احد ان معاينته ومعايشته لأغلب من سطر كان جذريا وعميقا وعيانيا ، اضاف اليها من خياله الخصب الكثير ، وها انا اجدك تنهل من معينه هذا النص الزاخر ، بالمعاني والمداليل والرؤى التي تبيح للمتلقي الغوص اللامحدود ، فكأن تجربة السرير والمرض نفذت في ملكاتك الحرفية فاخرجت هذه الصور طبيعية منها بدون رتوش او زيادة ، فجاءت وكانها تصور الحال على ماكان عليه ، وهو الادب ايها الاديب دائما ينزف من رحم المعاناة .

حمدا على عودتك ......وسلامتك........

محبتي لك
جوتيار

سهير ابراهيم
25-03-2008, 04:56 PM
الحمدالله على السلامة
سعداء انك بخير ومعنا من جديد
عودة رائعة ونص مميز صادق من القلب
احترامي وتقديري

سحر الليالي
25-03-2008, 05:56 PM
الفاضل [ محمد النديم]

عودا حميدا ...وطهورا ان شاء الله
افتقدناك بحق وافتقدنا حرفك
ويا أيها النديم بأي نص عدت وبأي نبض وبأي ألق ..!!!
حرف باذخ أيها النديم باذخ وأكثر ..!


طبت وطاب حرفك

تقبل خالص تقديري و تراتيل ورد

هشام عزاس
25-03-2008, 07:37 PM
الأديب / محمد نديم

حمدا لله على عودتك سالما معافى محملاً بحرف ينطق عن تجربة حقا لا يعرف حقيقتها إلا من عاشها و أحس بتلك اللحظات التي تجعلنا نرى كل شيء بمنظار مختلف عن ما كنا نراه من قبل أو نحسه .
هو احساس يتولد من أعماق وجداننا نعيشه بصدق مع الذات التي تتفتح أمام عيونها أبواب طالما وجلنا من خلالها و لكننا لم نحسن الولوج أو لم نقدر تلك الخطوات و لم نثمنها ظنا منا أنها لا تستحق ذلك أو لأننا اعتدنا أن نمر من خلالها كنوع من الروتين .
العاقل هو من يفكر حقا في هذه المحطات التي لا بد أن يتوقف عندها ليعيد ترتيب منظوره للأشياء التي كان يمر بها دون أن يدرك فعلا حقيقتها و أهميتها بالنسبة إليه سواء على الصعيد العاطفي أو الفكري .
هذه التجارب بقدر ما تحمله من وجع و معاناة إلا أننا نكتشف أن لها أجنحة خفية تطير بنا إلى عوالم أخرى
تكون أكثر اشراقا و أوضح رؤية .
شكرا على هذه المساحة الوجدانية الصادقة . و حمدا لله على سلامتك سيدي

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــــام

حسنية تدركيت
25-03-2008, 07:59 PM
أخي الفاضل الحمدلله على سلامتك , طهور إن شاء الله وربي يعطيك الصحة والعافية ..
هذا النص الصادق والمميز يذكرني بأيام المستشفى وبالألم , الألم الذي يعلمنا أن نحس بمعنى الحياة وبمعانات الآخرين ويجعلنا نعيد حساباتنا مع ذواتنا ونحدد أهدافنا ولكننا سرعان ما ننسى ونعود كما كنا تسحرنا الحياة بمباهجها وسرابها الآسر ..
أسأل الله أن يجزيك عنا خير الجزاء فنحن بحاجة ماسة إلى هكذا نصوص تعيدنا إلى حقيقة الحياة

ناديه محمد الجابي
09-03-2022, 06:54 PM
حمد لله على سلامتك أخي محمد
أنا أيضا مررت بمثل هذه التجربة ـ تلك اللحظة الفارقة بين الموت والحياة
لحظات تتجلى فيها الروح فتبصر بالقلب مالم تبصره بالعين
ويتعلم فيها الإنسان الحكمة والموعظة وفلسفة الحياة
ومن الألم يطل شعاع الأمل ـ ومن المرض تشعر كم هى الصحة غالية، وكم هو الإنسان ضعيف
والشعور بقرب الرحيل يجعله يتنسم المودة ودفء القلوب
وتسمو الروح فتتعلق بربها متوكلة عليه راضية بقضاءه
فيضئ في النفس شعاع من نور الحكمة والتعمق في فهم فلسفة الحياة
تلك هى اللحظات الفارقة في حياة الإنسان.
شكرا لك أخي على ما عزفت من لحن جميل بناي الروح فلامستأرواحنا.
لك قلم من ذهب بمداد من نور.
تحياتي وودي.
:vio::vio: