المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بسمة الرضى تطفئ الأحزان



علي أحمد معشي
29-03-2008, 09:37 AM
مع إطلالة ذلك الصباح المشرق وبعد ركعات الإيمان الخاشعة جلست الأسرة السعيدة حول مائدة الافطار
وقد بدا الصغار كأزاهير الربيع المتفتحة، أمام أكواب الحليب ويرشفون تلك الرشفات الساخنة
وهم يراقبون خفية تلك النظرات المختلسة بين الوالدين، كل منهما يرقب صاحبه،
وفي أحاديث العيون أخبار وأخبار، ينظر هو إليها وتختلج في قلبه مشاعر الحب والعاطفة الجياشة والرحمة المنسكبة في قلبه فهي في أيام حملها الأخيرة،
تطول زفراتها وتجلس مائلة وهي تحاول إخفاء ما يعتصر في أحشائها من الألم
تبادله نظرات متكسرة متحاملة على آلامها، يلاحظ ما تخفيه من الألم فيعلم أنها البشرى المنتظرة
إنه المولود الجديد والضيف الذي ربما حل هذا المساء فتبدأ أسارير الفرح تتفتح في وجهه
وبمسحة حانية على وجنة الحبيبة يفتر الثغر عن بسمة غالية تتلاشى معها أنات الألم
غادر الصغار المائدة إلى المدرسة، أما الأم فقد تم نقلها إلى المتشفى.
لحظات الولادة متثاقلة بحجم الألم
وتمضي دقات الساعة وهي تستعد لإعلان ساعة الصفر.
يطول الانتظار ويتصبب العرق ويكتئب الجو ويعلو الصمت المكان
وإذا صرخة الضيف الصغير تبدد ذلك الصمت ويدوي صداها.
نظرت الأم رغم الإعياء وشدة الألم لترى صغيرها وتتابع مصدر الصوت
إنها طفلة كأنها توأم للقمر أرسلتها السماء.
تمنت الأم أن ترى زوجها، تمنت أن يأتي في تلك اللحظة في أسرع وقت..
آه لو حظر الآن لتزف إليه البشرى بنفسها
فإنها ينتابها شعور غريب وهي تكرر النظر إلى ابنتها الصغيرة.
وضع الأم الصحي غير مطمئن،
باءت محاولات الأطباء لإيقاف النزيف بالفشل،
بدأ الجسم يبرد وتعلوه صفرة، يتسارع النفس
ويرفع الإصبع ليعلن الشهادة لتكون مسك الختام لحياة أم كانت آخر نظرتها لابنتها التي ترسلها تذكارا لحياة ملئت بالوفاء والحب الجميل.
الزوج في الخارج ينتظر البشائر
وقد سرح بعيداً يقلب صفحات الأسماء وتذهب به مناغاة المولود الجديد بعيداً عن واقع الأحداث
ويحلم بابتسامات الرضى التي ستعلو محيا حبيبته وكيف سيكون العناق الدفئ عندما يراها.
وتخرج الطبيبة فيهرع مسرعاً لتلقي البشائر،
ولكنه يلاحظ كلمات تتردد في شفتيها وتتلعثم وهي تردد (إنا لله وإنا إليه راجعون)،
تراجع خطوات متعثرة للوراء وقد أصابته الدهشة،
لا يفهم هذه العبارة وما المقصود بها
وتظهر أمام عينيه علامات استفهام كبيرة حتى وصلت إليه كلمات الطبيبة التي تحمل في ثناياها خبر الفراق،
رحلت حبيبتك، رحلت بسمات الرضى وكلمات الحنان لم يبق منها شيء..
لا .. بل بقيت أغلى ذكرى، بقيت لك هذه الوردة الرياء لتحيي لك الأمل.
تراجع ليجلس إلى أحد المقاعد القريبة وبدأ يردد (إنا لله وإنا إليه راجعون).
ثم نهض وتمالك نفسه وخرج بخطوات متثاقلة حاملاً ما بقي معه من أمل..
يحمل ابنته الصغيرة، يراقب تحركانها
و قسمات وجهها إنها نسخة من ذلك القمر الذيأ فل.
يرفع رأسه إلى السماء تعلوه بسمة راضية عن ربه الذي اختار له هذا البلاء ليتجلى فيه صدق إيمانه ويمضي وهو يلهج بلسان الحمد لله رب العالمين،
وأمل اللقاء في الجنة يحدوه عبر الطريق.

جوتيار تمر
29-03-2008, 07:12 PM
المعشي المبدع...

سرد وجداني ، يجعل من المتلقي ان يمسك نفسه من كثرة الاشتغال على اهم رؤى الوجود لديه ، الوالدين ، ومن ثم العلاقة بينهما ، ومن ثم مجيئ من يشاركهم حبهما ، لقد وصفت لنا الحالة بشكل دقيق ، والخاتمة جاءت تقول ، لااحد يستمر للابد ، والحقيقة التي دائما ندركها ولانعي كينونتها ، ان الحياة عندما تهب ، يكون ثمنها حياة اخرى تفنى .

دم بخير
محبتي
جوتيار

وفاء شوكت خضر
30-03-2008, 12:04 AM
صورت الحياة الأسرية بأجمل صورها ، وخاصة الأسرة المؤمنة ،التي وعت وفهمت العلاقة الصحيحة بين الزوجين والأبناء ..
النهاية أتت فيها العبرة ، فالمؤمن كل أمره خير ..
إن أعطي شكر وإن باتلي صبر ..
والصبر عند النوازل هو خير الصبر ..

بحق شدني هذا النص بأسلوبه وفكرته والغاية منه ..

تحيتي أخي الكريم ..

علي أحمد معشي
30-03-2008, 10:03 AM
عزيزي / جوتيار وفقه الله
كل التقدير والاحترام لشخصك الكريم
وشكرا جزيلا لاهتمامك


لك ودي

علي أحمد معشي
30-03-2008, 10:06 AM
الشكر لك أخت وفاء
وعندما يشدك هذا النص
يشدني اعجاب مثلك بمثل نصي
كيف لا وأنتي صاحبة القلم المتألق

لك احترامي

سحر الليالي
30-03-2008, 12:52 PM
الفاضل " علي أحمد"

قصة رائعة ..
سعدت بـ مصافحة قلمك المبدع...

سلمت ودمت

تقبل خالص تقديري وتراتيل ورد

علي أحمد معشي
01-04-2008, 09:00 AM
الكاتبة المبدعة سحر الليالي
شكرا لمصافحتك الكريمة ولمرورك الرائع
دمتي بألف خير

ربيحة الرفاعي
14-09-2014, 09:21 PM
قص اجتماعي وعظي المحمول بروح إيمانية أطلقت الفكرة والحرف

دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
15-09-2014, 05:12 PM
بسرد جميل وأسلوب رصين ولغة بسيطة أوضحت كيف
يكون المؤمن .. إن أصابه سراء شكر فكان خيرله
وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له
رائعة المعنى ، سامية الهدف مؤثرة
دمت بكل خير.

روقي صامطه
21-09-2014, 11:17 PM
جمييييييييييييييييييييييي يييييييل

خلود محمد جمعة
17-11-2014, 07:56 AM
سلاسة في السرد وجمال في الاسلوب وهدوء وقوة في الطرح وايصال الرسالة بكل وضوح وعمق
يغلف حرفك نور يسبر الروح
دمت بكل الخير
وكل التقدير

كاملة بدارنه
17-11-2014, 02:00 PM
يرفع رأسه إلى السماء تعلوه بسمة راضية عن ربه الذي اختار له هذا البلاء ليتجلى فيه صدق إيمانه ويمضي وهو يلهج بلسان الحمد لله رب العالمين،
وأمل اللقاء في الجنة يحدوه عبر الطريق.
هذه هي صفات المؤمن... الصّبر واللّجوء إلى الله بعين الرّضا
قصّة محزنة وسرد مؤثّر
بوركت
تقديري وتحيّتي
(أحببت أن يكون العنوان: بسمة الرّضا)

وليد مجاهد
24-02-2015, 06:29 PM
قصة ناجحة في تصويرالأسرة المسلمة
أعجبتني القصة وأمتعتني قراءتها

لك تقديري