المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية المرأة التي أكلت طفلها



علاء الدين حسو
20-04-2008, 02:11 PM
حكاية المرأة التي أكلت طفلها
هتف الطفلُ وليد صباح اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك
- ماما، بابا يقول: الضحية ضحيتين.
مدّت الأمُّ رأسها من شرفة بيتها المطلّ على الشارع، تشهدُ أضحيتها، فرأت الأب يحمل الجنين الصغير الخارج من بطن النعجة مشيراً إليها فهمست :
- اللهم تقبلها يا أرحم الراحمين.
وقبل أن تنسحب لتحضر الأواني وأكياس (النايلون) لتوزيع الحصص سمعت زوجها يقول:
- سيكون لحم الوليد أطيب لحم نأكله.. إنه كالفستق.
سبع سنوات انتظرت ، حتى تيسر لها هذا العام بفضل الله أن تضحي ، كان بودها أن تضحي بكبش أقرن، لولا الحالة المادية وسمعت أنه يمكن أن تكون نعجة .
- هل جائز ذبح النعجة الحامل؟
رمى الأب (الطشت) الذي حوى اللحم المقطّع وعلّق:
- إنه برقبة البائع ، فنحن لا نعرف بحمل النعجة ..و هذا فضلٌ وهديةٌ من ربِّ العالمين، هاتي الأكياس لنوزع الحصص ولنحتفظ بالوليد لك، أريد الذي في بطنك يشبع منه ..
تطلّع الطفل في الجنين وسأل أباه:
- ما اسمه ؟
ضحك الأب وقبل ولده وقال :
- اسمه الوليد يا وليد.
أخذ الطفل الحصص ليوزعها على الجيران، وكلّما طرق باباً سُئل:
- هل صحيح أضحيتكم كانت حاملاً؟
فيجيب الطفل فرحا ً:
- نعم ، وماما سـتأكل الوليد.
الجيران حين استقبلوا الهدية برضا مشوب بالغيرة، استنكروا احتفاظ الأم بالوليد، وخلال تبادل الزيارات للتهاني بالعيد، تناقش الرجال في صحة الأضحية وشروطها، وتناقشت النسوة في حظّ الأم التي أكلت الوليد بأكمله .
أهالي الجيران نشروا قصة الوليد إلى معارفهم الآخرين، وخلال الحديث تم اختصار الخبر بأكل الأم للوليد، وأنها أكلت نصفه دون طبخ أو شوي، و أن حجمه لا يقل عن عشرة كيلو غرامات، ووصل الأمر إلى نصف وزن النعجة الأم .
صحفيٌ مبتدئ، التقط الخبر في بيت أخته لما سمعها تقول:
- أم الوليد أكلت الوليد بوقعة واحدة دون شواء.
قطع الصحفي هاتفه وسأل أخته:
- الأم تأكل وليدها؟..
- نعم ..وبدون طبخ .
- أين حدث ذلك ؟
- في حارة زارتها ابنة خالتي التي زارتنا .
همّ الصحفي بإخبار صحيفته لنشر خبر أم تأكل وليدها فنهره صهره منبهاً:
- كم شخصاً يقرأ جريدتك المحلية؟.. راسل محطة فضائية تدفع لك بالأخضر.
بكى وليد حين منعه الأب من متابعة (توم وجيري) لمتابعة الأخبار على محطة عالمية، وكانت الأم منشغلة بإعداد القهوة فسمعت زوجها يقول :
- أتركي القهوة وتعالي تفرجي على أم أكلت وليدها .
علاء الدين حسو
قاص سوري

جوتيار تمر
20-04-2008, 09:26 PM
العزيز علاء الدين...

اجدني هنا امام نص يبحث في الموروث الديني الشعبي ، كمحور في السردية ، ومن خلال هذا المحور يتفرع النص الى نصوص ضمن النص الاساس ، من مشكلة الفقر ، ومشكلة النحر الذي اصبح عادة وليس عبادة ، ومن ثم مشكلة اجتماعية بل آفة اجتماعية تتمثل في سرعة انتقال الخبر الذي لايبقى على هيئته وصورته الاصلية فيُضخم من فم الى فم ، حتى يغدو في النهاية مشكلة تهتم الرأي العام ، في مجتمعات تترصد الخطأ ولاتبحث الصحيح ، انما يستغل كل شيء من اجل مكاسبه ، لغتك الحكائية هنا ترصد الكثير ، وتستفز العقل ، وتجعلنا امام صور قد صقلت منذ امد طويل في اذهاننا.

دم بخير
محبتي
جوتيار

علاء الدين حسو
24-04-2008, 01:46 PM
العزيز علاء الدين...
اجدني هنا امام نص يبحث في الموروث الديني الشعبي ، كمحور في السردية ، ومن خلال هذا المحور يتفرع النص الى نصوص ضمن النص الاساس ، من مشكلة الفقر ، ومشكلة النحر الذي اصبح عادة وليس عبادة ، ومن ثم مشكلة اجتماعية بل آفة اجتماعية تتمثل في سرعة انتقال الخبر الذي لايبقى على هيئته وصورته الاصلية فيُضخم من فم الى فم ، حتى يغدو في النهاية مشكلة تهتم الرأي العام ، في مجتمعات تترصد الخطأ ولاتبحث الصحيح ، انما يستغل كل شيء من اجل مكاسبه ، لغتك الحكائية هنا ترصد الكثير ، وتستفز العقل ، وتجعلنا امام صور قد صقلت منذ امد طويل في اذهاننا.
دم بخير
محبتي
جوتيار
جوتيار الغالي المحترم
هي الشائعات تكبر من نفسها كالكرة الثلجية ..
شكرا لتشجعيك المتواصل
مودتي

ابتسام تريسي
25-04-2008, 10:05 PM
نعم هي الشائعات ، تبدأ تافهة وصغيرة ، وتنتهي بمصيبة .
الحكاية جميلة أخ علاء ، وقد صغتها بأسلوب جميل .
تحياتي .

علاء الدين حسو
29-04-2008, 10:48 AM
مرحبا بالمبدعة ابتسام
شكرا لمرورك ودعمك
مودتي

آمال المصري
02-04-2013, 05:38 PM
هناك مثل شعبي شهير يقول " كل شيء تقلبه ينقص إلا الشائعات تزيد "
فالشائعات لاتقف عند حد ولكنها تتطور وتتنقل وتزداد رقعة واتساعا
وما أشهاها إذا ماتناولها إعلام فاسد ليجعل منها سلعة رائجة
قدرة فائقة على الصياغة والسرد بأسلوب السهل الممتنع
بوركت واليراع أديبنا القدير
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

براءة الجودي
02-04-2013, 09:43 PM
قصة تحمل فائدة مهمة وتنبيه لكل المجتمعات , الشائعات أمرها خطير وفسد مالم تكن هناك إيضاح وتيقن بالخبر والتأكد من صحته
قال الله تعالى ( وإذا جاءكم فاسق بنب فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين )
تقديري

ناديه محمد الجابي
02-04-2013, 10:49 PM
إن الأشاعة مهما كانت غير منطقية , ومهما كانت باطلة
فإنها قابلة للأ نتشار التصاعدي ككرة الثلج .. فيضيف عليها
كل من تمر عليه حتى تصبح شيئا غير معقولا بالمرة.
ولو فكر كل شخص في مضمون الأشاعة الذي يحمل في طياته
كذب تلك الأشاعة.. لو فكر لحظات لما أنتشرت إشاعة أبدا.

قصة لطيفة, وقد صيغت الفكرة بسرد متقن, وحوار عفوي سلس.
تحية بحجم الأبداع. D::os:

محمد ذيب سليمان
03-04-2013, 08:53 PM
نص سردي جميل بمحموله ويكفي اشاراته القوية
عن الإشاعلة وانتقالها بسرعة البرق
مع تضخم حجمها بين ناقل وآخر
شكرا لك

فاتن دراوشة
04-04-2013, 10:27 AM
كم تُشَوّه الحقائق بانتقالها من شخص إلى آخر

قصّة عميقة المغزى والعبرة

دام إبداعك أخي

مودّتي

ربيحة الرفاعي
29-04-2013, 03:47 PM
مشكلات اجتماعية واقتصادية متعددة أشار إليها النص ضمن إطاره الرئيس متمحورا حول الفهم الاجتماعي الخاطئ للدين وأثر سرعة سريان الشائعة بين الناس
السرد جميل شائق والطرح عقلاني يدعو للتامل

قصة ماتعة
دمت بخير

تحاياي

نداء غريب صبري
16-08-2013, 01:57 AM
نعم أخي
هي الشائعات تبدأ صغيرة وتغطي الدنيا
تبدأها مذيعة ساقطة أو مذيع منحرف ويتناقلها الناس لتشتعل أوطاننا ويموت أهلنا

قصة جميلة شكرا لك

بوركت

علاء الدين حسو
30-11-2014, 10:04 PM
مشكلات اجتماعية واقتصادية متعددة أشار إليها النص ضمن إطاره الرئيس متمحورا حول الفهم الاجتماعي الخاطئ للدين وأثر سرعة سريان الشائعة بين الناس
السرد جميل شائق والطرح عقلاني يدعو للتامل

قصة ماتعة
دمت بخير

تحاياي

الفهم الخاطئ مشكلتنا الكبرى، وحلها مفتاح كل الحلول، شكرا لاهتمامك سيدتي

ناديه محمد الجابي
07-05-2024, 08:02 PM
الشائعات نيران تحرق وتدمر فهى تشبه النار في سرعتها
إذا توفرت لديها عوامل الإنتشار
إن أضرار الإشاعات جسيمة، فكم فرقت بين الأحبة ،وكم فككت من أسر،
وكم دمرت من مجتمعات، وكم نشرت من الحسد والبغضاء والتنافر بين الناس،
وكم أشعلت من نار الفتنة بين الأنقياء والأصدقاء.
بديع كان نصك قصا وحسا وفكرة.
دمت بكل خير.
:007::007: