تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شيكولاتة



عصام عبد الحميد
04-05-2008, 11:28 AM
جاءنى صوتها المقتحم الواضح الحروف كشخصيتها مرحبا بى سعيدا كعادته عند سماع صوتى فخفق قلبى خفقة حميمة لتلك السعادة التى نتبادلها كلما تحادثنا عبر الهاتف.
- أمازلت تصلين الجمعة فى القائد إبراهيم؟
شعرت بابتسامتها وهى ترد بفرح مدهش
- سنلتقى هناك
ملأت جيوبى بأنواع جميلة من الشيكولاتة التى تعشقها ومشيت أتخيل لقاءنا وكيف سأهديها قطع الشيكولاتة قطعة قطعة طول حديثنا الحميم لأمنحها سعادة استثنائية... كيف سأباغتها بجيوش الحب وأكسر هذا الجدار العازل الذى تعيش خلفه... هذه المرأة لايصلح معها الطرق المعتادة فى إعلان الحب... امرأة تريد رجلا يقتحمها دفعة واحدة... لاتحب تردد البدايات وتكره لعثمة المقدمات... امرأة لاتحب أن ترى الرجل أمامها ضعيفا مترددا.
ربما كنت الرجل الوحيد الذى فتحت له قلبها ومنحته مساحة واسعة للاقتراب من مشاعرها... عشت فى هذه المساحة سنتان هما عمر علاقتنا... كان شوقنا للقاء ودودا دافئا تظلله لهفة لاتخفى علينا وإذا مالتقينا نتبادل السلامات بود جميل ثم ننجرف فى أحاديث كثيرة عما فعله كل منا فى غياب الأخر نستمع لبعضنا باهتمام ونتبادل الآراء الناضجة فى المشكلات التى واجهتنا... أما الحب فكان له حديث آخر لاعلاقة له بالكلمات... حديث نظرة دافئة عابرة... لفتة حانية... اتساع حدقة العين اهتماما بحديث الآخر... خفقة قلب نتبادلها حين نتفق على معنى أو كلمة نقولها بشكل عفوى فى نفس اللحظة... فنبتسم لمعنى واحد دار بخلدينا فى ذات اللحظة... الشوق الجارف الذى نراه فى اللهفة على اللقاء... والراحة الغامرة والأمان العام وإحساس بامتلاك الدنيا لمجرد تجاورنا فى المجلس... أى مجلس.
غير أنها لم تكن بنتا عادية مثل كل البنات لها ألف طريق للوصول إلى قلبها كان الطريق إليها واحد... مبادرة مباشرة وواضحة وقوية... وذلك ماجعلنى مترددا فى كل الأوقات التى هممت أن أبادرها... والغريب أنها صبرت كثيرا فى انتظار مبادرتى كان صبرها جميلا مفعما بالأمل فى كل لقاء لنا أن أبادرها...
أخذت وقتا طويلا حتى عصر الحب قلبى عصرا... فلم يعد يطيق بعدها أبدا فقررت كسر هذا التردد واقتحام تلك القلاع... هاهى اللحظة الفارقة قد شملتنى... حددت بوضح أول كلمة سأقولها حين تبادرنى بتحيتها المبتسمة...
- تتزوجينى؟
ما أجمل عينيها حين تندهش... ما أروعها حين يتحول الاندهاش إلى ابتسام... ربما لا أعرف كيف أحدد رد فعلها ولكنى أتصور أننى سأكبر فى عينيها أكثر... سنسير على البحر كما اعتدنا من مسجد القائد إبراهيم وحتى المنتزه ونعود سيرا دون أن نشعر بالزمن ولا التعب... يكفينا هذه الفرحة العارمة التى ستجتاحنا...
كانت الشمس ساطعة ففرشت جوا من الدفء العام على الناس كسر حدة البرد الذى صاحب الإسكندرية فى الليل... طال انتظارى وتصفحى للوجوه... كنت أشعر بها وسط الناس وأنها ستفاجئنى كعادتها فأراها مقبلة من حيث لا أحتسب بسمرتها الفاتنة فيخفق قلبى خفقته الحميمة لرؤيتها...
عند حديقة الخالدين وكشك الكتب الدينية وعلى شريط الترام وفى كل الأماكن التى اعتدنا أن نتقابل عندها لم أجدها ركبنى الضيق قليلا ولكن يقينى بقدومها أعاد الفرحة إلى نفسى... حتى جاءنى صوتها عبر الهاتف محملا بالاعتذار قائلة :
- جاءنى موعد مفاجئ ومباغت وهام وجميل سيغير مجرى حياتى وجدته أهم من لقائنا.
انغرست كلماتها كلمة كلمة فى صدرى حتى شعرت بوخزها... فلم أرد فتداركت صمتى قائلة :
- سأتصل بك لن يمر اليوم حتى أحكى لك كل شيئ ربما لن أستطيع أن أراك ولكن انتظر اتصالى.
تجولت طويلا فى شارع سعد زغلول غارقا فى الزحام بلا تفكير فى شئ ما حتى تعبت... حين تخلصت من كل قطع الشيكولاتة قررت العودة من حيث أتيت.

د. نجلاء طمان
04-05-2008, 12:51 PM
شيكولاتة, قصة اجتماعية نفسية أكثر من رائعة. السلبية والصمت ومعاناة الكثيرين ومشانق من الألم للأكثر. لقد اعتمد البطل دومًا على قطعة الشيكولاتة كهدية تحبها البطلة, ونسي أن عامين من الصمت يمكنا أن يذيبا جبالاً من الشيكولاتة. لست أفهم ما إصرار الكثيرين ممن يحبوا على اختيار الصمت والتشبث به مع كل ما يصيب الآخر من ألم وعذاب نتيجة لهذا الصمت؟؟ إن السلبية وتأخير القرار لدى البطل كان نتيجته وبالًا عليه, فليست كل حبيبة تتميز بالصبر.

شيكولاتة وقصة أتت كصفعة على وجه كل سلبي ومتردد, وهي دعوة للإجابية , بطعم الشيكولاتة,

ولأنني أحب الشيكولاتة فقد أحببت القصة جدًا

دمتَ أخي عصام في حفظ الرحمن

جوتيار تمر
04-05-2008, 04:48 PM
العزيز عصام ..
غياب طويل وحضور بهي ....
نص حمل من خلال عنوانه الدافع للولوج في طياته ، فبحث المضمون عن اشكالية اجتماعية يمكن ان تكون نتيجة حتمية لكل العلاقات التي تبنى على اسس لاتمت بالواقع العياني ، وانما تعتمد في مجملها على الخيالي الرومانسي ، العائم فوق مطبات هوائية ، يمكن ان تتبدد في غضون هزة بسيطة ، ما اعجبني في النص كونه اثث لعوالم يمكن ان نعدها ثابتة من الناحية الفرضية ، لذا بالامكان تجنبها في الواقع العياني ، وتأثيث عوالم اخرى اكثر تماسكا واندماجا بالواقع البشري نفسه.

محبتي
جوتيار

عصام عبد الحميد
31-05-2008, 09:41 AM
شيكولاتة, قصة اجتماعية نفسية أكثر من رائعة. السلبية والصمت ومعاناة الكثيرين ومشانق من الألم للأكثر. لقد اعتمد البطل دومًا على قطعة الشيكولاتة كهدية تحبها البطلة, ونسي أن عامين من الصمت يمكنا أن يذيبا جبالاً من الشيكولاتة. لست أفهم ما إصرار الكثيرين ممن يحبوا على اختيار الصمت والتشبث به مع كل ما يصيب الآخر من ألم وعذاب نتيجة لهذا الصمت؟؟ إن السلبية وتأخير القرار لدى البطل كان نتيجته وبالًا عليه, فليست كل حبيبة تتميز بالصبر.
شيكولاتة وقصة أتت كصفعة على وجه كل سلبي ومتردد, وهي دعوة للإجابية , بطعم الشيكولاتة,
ولأنني أحب الشيكولاتة فقد أحببت القصة جدًا
دمتَ أخي عصام في حفظ الرحمن
د.نجلاء طمان
أشكر لك حضورك البهى فى قصصى
وقراءتك الجميلة للنص
نعم تأخير القرار لايضيع فرصة فحسب ولكن قد يضيع عمرا بأكمله
شكرا جزيلا أختى الفاضلة

دكتور محمد فؤاد
31-05-2008, 01:06 PM
أخي العزيز عصام
جميل جدا ماخطه قلمك هاهنا من مشاعر دافئة وحب لم يتجاوز قطع الشيكولاتة المهداة إلى الحبيبة المتطلعة إلى ماهو أكثر من قطع الشيكولاتة بالتأكيد ..وقع الحبيب بتردده الزائد في خطأ الظن بان مايشعر به هو قد تشعر به الحبيبة المنتظرة للحسم منذ أول لقاء ..لكنه عوضاً عن اقتحام عالمها المسكون بالأحلام راح يعذبها بالسير على الأقدام ذهاباً وإياباً من جامع إبراهيم وحتى المنتزة!! وهى مسافة طويلة لمن لايعرف الأسكندرية لاأظن ان عاشقاً مهما بلغ تدلهه فى العشق سيرضى بها دون ان يشعر أن الطرف الآخر يقوم بتعذيبه بل والإجهاز عليه.. ومع ذلك وقع المحب فى الخطأ الثاني وهو أن حبيبته التي طال انتظارها مشت مسافات طويلة دون أن تحصل على الوعد المنتظر.. إنه درس جديد للمحبين وهو أنه ليس كل مايمتعك يمتع طرف العلاقة الآخر بالضرورة..وفي النهاية يفوز باللذة الجسور كما يقال..والرابح دائماً هو من يسبق بخطوة واحدة ..
أخي عصام
استمتعت بنصك الجميل ولغتك الحالمة ....تقبل تحياتي.
د. محمد فؤاد منصور
الأسكندرية

ندى يزوغ
03-06-2008, 09:33 PM
التردد في اتخاذ القرارات المصيرية له سلبيات متعددة
حبكة قصصية جميلة و مشوقة
استمتعت هنا كثيرا

عصام عبد الحميد
03-06-2008, 11:21 PM
العزيز عصام ..
غياب طويل وحضور بهي ....
نص حمل من خلال عنوانه الدافع للولوج في طياته ، فبحث المضمون عن اشكالية اجتماعية يمكن ان تكون نتيجة حتمية لكل العلاقات التي تبنى على اسس لاتمت بالواقع العياني ، وانما تعتمد في مجملها على الخيالي الرومانسي ، العائم فوق مطبات هوائية ، يمكن ان تتبدد في غضون هزة بسيطة ، ما اعجبني في النص كونه اثث لعوالم يمكن ان نعدها ثابتة من الناحية الفرضية ، لذا بالامكان تجنبها في الواقع العياني ، وتأثيث عوالم اخرى اكثر تماسكا واندماجا بالواقع البشري نفسه.
محبتي
جوتيار

الأخ الحبيب جو
نعم نحن عادة نؤثث لعوالم افتراضية ثم نثبتها فى الوعى على أنها من ثوابت الحياة
ومن ثم نعيش حالة مروعة من السقوط عند أول مطب هوائى كما تشبه
تجعلنا جميعا فى حالة ضياع
أشكر لك مرورك الكريم
وحرصك على التواجد معنا

عصام عبد الحميد
08-06-2008, 12:40 AM
أخي العزيز عصام
جميل جدا ماخطه قلمك هاهنا من مشاعر دافئة وحب لم يتجاوز قطع الشيكولاتة المهداة إلى الحبيبة المتطلعة إلى ماهو أكثر من قطع الشيكولاتة بالتأكيد ..وقع الحبيب بتردده الزائد في خطأ الظن بان مايشعر به هو قد تشعر به الحبيبة المنتظرة للحسم منذ أول لقاء ..لكنه عوضاً عن اقتحام عالمها المسكون بالأحلام راح يعذبها بالسير على الأقدام ذهاباً وإياباً من جامع إبراهيم وحتى المنتزة!! وهى مسافة طويلة لمن لايعرف الأسكندرية لاأظن ان عاشقاً مهما بلغ تدلهه فى العشق سيرضى بها دون ان يشعر أن الطرف الآخر يقوم بتعذيبه بل والإجهاز عليه.. ومع ذلك وقع المحب فى الخطأ الثاني وهو أن حبيبته التي طال انتظارها مشت مسافات طويلة دون أن تحصل على الوعد المنتظر.. إنه درس جديد للمحبين وهو أنه ليس كل مايمتعك يمتع طرف العلاقة الآخر بالضرورة..وفي النهاية يفوز باللذة الجسور كما يقال..والرابح دائماً هو من يسبق بخطوة واحدة ..
أخي عصام
استمتعت بنصك الجميل ولغتك الحالمة ....تقبل تحياتي.
د. محمد فؤاد منصور
الأسكندرية
الدكتور والقاص المبدع محمد فؤاد منصور
عاتبنى أحد الاسكندرانية وقال المسافة طويلة جدا من القائد إبراهيم للمنتزه لايعقل هذا
قلت له المعنى أكبر من المسافة المادية
نعم سيدى الفاضل
هناك أبعاد أخرى هامة كما قلت فى تعليقك
قراءتك للنص جميلة وعميقة
وتزيدنى شرفا
أشكر لك مرورك وتعليقك
ودمت بخير

عصام عبد الحميد
08-06-2008, 12:43 AM
التردد في اتخاذ القرارات المصيرية له سلبيات متعددة
حبكة قصصية جميلة و مشوقة
استمتعت هنا كثيرا
شكر جزيلا ندى على مرورك
وقراءتك الجميلة للنص

ربيحة الرفاعي
26-02-2014, 12:27 AM
بين أن " يمشورها " المسافات الطويلة في انتظار الوعد حالما بأن تجد في حبات الشوكولاته ما يرضيها وهي الحالمة بغير ذلك، وأن يأتيها المنتظر عن من لم يلجمه تردده ولم تعقه سلبيته عن المبادرة، حمل الكاتب المتلقي في جولة عبر دراما نفسية في قص إجتماعي القالب ماتع شائق السرد

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

خلود محمد جمعة
28-02-2014, 10:50 PM
تموت اللهفة على ابواب الانتظار
اسجل اعجابي
دمت بخير
مودتي وتقديري

آمال المصري
04-03-2014, 10:59 PM
حبات الشيكولاتة وحدها لاتكفي
كان عليه كسر جدار الصمت الذي طال بنيانه مع الوقت حتى وخزته بكلماتها
نص ماتع بلغة طيعة وسرد شائق وخاتمة مباغتة
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
تحاياي

نداء غريب صبري
03-07-2014, 03:11 PM
من قال أنها انتظرت وملّت أوة يأست
من قال أنها كانت تحبه
ربما كان بالنسبة لها صديقا فقط، وتوقعت أن يفرح لارتباطها كما فرحت

قصة جميلة ووميزة

شكرا لك أخي

بوركت

د.حسين جاسم
28-08-2014, 01:40 AM
قدم الشيكولاته فلم يستحق أكثر من الذي قدمته له
فقلبها لم يقدم أحلام الحياة ووعدها
أنت قاص تستحق المتابعة
أحييك

ناديه محمد الجابي
21-01-2019, 08:15 PM
السلبية والتردد وعدم القدرة على سرعة إتخاذ القرار أضاعوا منه حلم عمره
الشكولاتة وحدها لا تسمن ولا تغني من جوع
كانت تطمع منه في أكثر من هذا ، وكان يجب عليه ان يكون أكثر إيجابية
وحرصا على من أحبها قلبه.
نص عميق الفكرة ، رائع السرد والتشويق حتى القفلة المفاجئة
والمغايرة للتوقعات.
سلمت وسلم قلم قلبك.
:nj::pr: