المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطريق الطويــــــــــل.....



حسنية تدركيت
19-05-2008, 06:00 PM
الطريق الطويــــــــــل
أخذ يراقب الوجوه الصغيرة, والأيادي الفتية وهي تنقل ما كتب على السبورة إلى الدفتر , اتجه نحو النافذة وفتح عينيه ليملأ خياله من هذه الطبيعة الجميلة, أخذ نفسا عميقا,فأحس أن رئتيه تتسعان أكثر من ذي قبل , صمت عجيب يلف الجمال , وعلى بعد كيلومترات من هنا تضج الحياة بالناس وبكل ما تتميز به الحضارة , هنا كل شيء بدائي , عالم ساذج بعيد عن كل تغيير ,لا أنيس فيه غير الكتاب والمذياع , رفع عينيه إلى السقف ثم نقل نظره إلى الأطفال ؛ المدرسة ستنهار على رؤوس الصغار, لذا ستغلق بابها في وجوههم المتعطشة للمعرفة,"حجة مقنعة"سيعودون إلى الفضاء الواسع ,إلى ثغاء الأغنام ,إلى الشمس ,إلى البيوت الطينية ...
يعود من المدرسة إلى بيت يشبه الكوخ , يتودد إلى كتاب لعله يؤنسه , يلقي به في ملل وضجر, يشغل المذياع عله يجد ما يسليه .يضع أمامه دفاتر الصغار باحثا عن أخطاء لأطفال لا يعرفون غير صوت الأغنام وخرير المياه ,والحرث والحصاد, والمطر والشمس ,هنا يعيش الإنسان بعيدا عن السلبيات الحضارية,هناك نتسلى ونتسابق إلى المراكز العالية للمزيد من المال .والمزيد من القيود, ويمر العمر ونحن نطمح إلى المزيد...هناك أحلام ثاوية..وهناك ؟...استله نداء طفل من هدوئه ,التفت إليه إلى العينين المعلقتين به في رجاء..
-أبي يريدك أن تقرأ له رسالة وصلت من عمي ..قفز السؤال إلى مخيلته , ألا يوجد من يقرأها ؟؟
ربت على كتفه ثم رافقه إلى البيت المفتقد لأدنى أسباب الراحة ,عالم تعمه الفوضى, أطفال يشيخون قبل الأوان , يحملون على أكتافهم هموم الكبار..عالم الطفولة قلما تجده في القرية
يتأمل إبراهيم وهو يسبقه لا تثني عزيمته على إكمال المشوار الحجارة والأرض الصلبة المتشققة , يسرع الخطى فيترك وراءه غبارا كثيفا يحجب الرؤية,جلس بالقرب من السيد "الطاهر" والحديث عن الأرض يحرك داخله ذكريات بعيدة, والده أيضا كان في يوم من الأيام يملك بقعة أرضية في ضواحي "الدار البيضاء "لكنه باع الأرض عندما تأكد أن مستقبل أبنائه يتوقف على التعليم , لم تكن هناك مدرسة في القرية التي كانوا يقطنونها , هنا توجد, لكنهم يودون إغلاقها بحجج واهية , يغضون الطرف عن أرقام الأميين التي تتزايد يوما عن يوم.
مجتمع القرية في حاجة ماسة إليك يا ابن القرية ! أطلق قدميه للريح , عله ينفض عنه الأفكار , وفي طريقه التقى صديقه أحمد و وسؤال معلق على شفتيه متى سنبعث بالشكوى ؟
نظر إلى الأفق البعيد وسؤال رابض في أعماقه,يلح عليه من سينير طريق إبراهيم والعقول المتعطشة للعلم والمعرفة ...؟؟!
-بعدلأي أجابه بصوت مرتفع :
-لا أعرف , قد أعدل عن فكرتي !..
-كيف؟؟ ياهشام لقد اتفقنا!..
أشار بيده إلى مجموعة من الفتيان والفتيات وهم عائدون بأغنامهم إلى بيوتهم , أنظر إلى هؤلاء من لهم إذا رحلنا نحن ؟؟!..
-لقد عاشوا مئات السنين على هذا المنوال , إرث خلفه الأجداد للأحفاد .
-ألاترى أن العالم من حولنا يتطورويتغير لإسعاد البشرية ؟؟!..ونحن مازلنا ننظر إلى العالم القروي باستعلاء !!!..
أبلس أحمد,وصمت هشام وأخذا يستمعان إلى لحن الطبيعة, العصافير العائدة إلى أعشاشها وثغاء الأغنام وهي تحنو على صغارها . وصوت الراعي الصغير ينشد ليزفها إلى الحضيرة .
سجت نفس هشام بحلول الليل , ليل القرية وأصوات المخلوقات يناجي بعضها بعضا , ونباح الكلاب ,ونقيق الضفاضع وصوت الفلاحين ينادي بعضهم بعضا ,خلفت في نفسه آحاسيس لتذوق جمال منسجم إلى حد بعيد ..
ليل حافل بأشياء رائعة الجمال, يعود الفلاح ليتناول وجبة خفيفة ويخفف من وطأة التعب بأحاديث عن الأرض ومواسيم جني الثمار,لم تدخل عالمه بعد التلفزة ومازال يعيش للأرض , للعطاء, ونادرا ماتجد في بيت أحدهم مذياعا يعمل ببطارية ..
تغيب إبراهيم عن المدرسة ’ فجاءت أخته تصحبه لعل المعلم يقبل اعتذارها,كانت تتحدث وهي مطرقة الرأس في خجل :
-إنه مريض "ياسيدي " ومع ذلك يصر على الحضور..
أشار له بالدخول , ثم التفت إليها, فتاة واقفة أمامه مطرقة في خجل تثقل كاهلها بأسمال بالية , استحال لونها إلى لون باهت ,اختفت الفتاة لتظهر أمامه فتاة أخرى ترتدي لباسا نظيفا
تشرق من عينيها نظرات توحي بالثقة وحب المعرفة ,عاد بخياله إليها ابتسامة بلهاء معلقة على شفتيها , اقترب منها وسألها :
-مااسمك ؟!
-وبصوت هامس أجابته :
- عائشة "ياسيدي "
تأملها للحظات ثم عاد ليسأل من جديد :
-ألاتريدين أن تدخلي المدرسة ياعائشة ؟؟!..
-ومن سيرعى الغنم "ياسيدي"؟؟...
كل يوم يتعلم العبر من المجتمع القوري ....
مازالوا يعيشون للعطاء, وقلما يأخذون , الإيثار يتحكم في علاقاتهم ببعض , في المدينة تطفح الأنانية , وحب الذات ....
عائشة ترعى الغنم , تطحن الحبوب بالرحى ,تكنس تنظف ,وتجلب الماء من البئر,تتزوج لتلد أطفالا كثر تعلمهم معنى العطاء ........
يأتي الليل من جديد ليجد نفسه وحيدا,تنجلي عن ناظريه الغشاوة ليرى الصورة واضحة ...
إبراهيم مرض لأن طفل القرية بعيد عن المنظمات التي ترفع عقيرتها عن ما يسمونه حقوق الطفل " يهرفون بما لا يعرفون "..
عادت الأسئلة تلح عليه من جديد :
ـ أنت معلم ولست مصلحا اجتماعيا !...
ـ ماذ ستصنع بأناس مازالت عقولهم متحجرة ؟؟..
يصرون على تكرار التجربة , العالم يتغير من حولهم وهم لايبرحون مكانهم ...
وقف يستنشق الهواء ,عقله يحثه على النزول من برجه العالي , ليعيش في الواقع المحيط به ...
لابد من أن تجالسهم , أن تأكل معهم , وتجعل الثقة في العلم تعود إلى نفوسهم حبة ,حبة ’ ستكسب الرهان مع الإنسان المعلم ..
في الخيمة كان إبراهيم يخبر والده " السيد طاهر " عن ما قاله المعلم "التعليم من حقوق كل الناس حتى الفتيات أيضا لقد حدثهم عن محو الأمية .
تمتمت فاطمة :
ـ محو الأمية ؟؟
ابتسم إبراهيم وتابع قائلا :
ـ إنه تعليم الكبار,حتى يصبح المجتمع متحضرا"هذا ماقاله المعلم "سافر هشام "المعلم" إلى المدينة وأحلام كثيرة تربض داخله عن القرية ,والحياة فيها .........
مدت له فنجان القهوة وقالت متسائلة :
ـ متى ستعود ؟؟؟..
نظر إليها للحظات, ثم أجاب باصرار:
ـ لن أعود ..
ارتسمت علامة الغضب على وجهها وتمتمت :
ـ ألا تريد أن تعود إلى أحضان أمك , إلى إخوانك ..؟؟
أحس بأنه قد يضعف أمام لهفتها وتعلقها به,لكن شيئا ما وقر في نفسه ,أعاد إلى سمعه سؤال إبراهيم وهو يتسائل بخوف ورجاء :
ـ هل هل ستقفل المدرسة ؟؟وترحلون ونعود إلى الغنم والفضاء الواسع ؟؟!!
ازدرد ريقه ثم أجابه:
ـ سنعود إن شاء الله إلى القرية, ولكن !
لاتقولي شيئا ,المدرسة سيعاد بناؤها ,وعندما يكبر الصغار سيشق كل منهم طريقه الصحيح ...
وعندالعودة , أصر أن يبحث عن عائشة , فوجدها تجلس فوق التلة تعانق جديا صغيرا ..
أشار إليها بيده أن تعالي ..
وقفت عائشة أمام المعلم, يده ممتدة بهدية ما أتأخذها أم ترفض ؟؟..
طفق يستحثها على أن تأخذها وخواطر عدة تمر من مكان ما من فؤاده , عائشة ستنقل إلى نساء القرية أفكاره , بذكائها وطريقتها البسيطة معهن سيقتنعن بأن طلب العلم فريضة , كانت رائعة وهي تتأمل الهدية " الكتاب " بشوق ونهم شديد تحاول جاهدة أن تقرأ حروفه المستعصية على فهمها ...
بدأت المدرسة تأخذ مكانها في قلوب القرويين , لكن الصورة ماتزال ناقصة أمام عينيه , إذا مرض أحدهم فالعدوى ستنتقل بسرعة, لابد أن يكون بجوار المدرسة مستوصفا ," المعلم " والطبيب يكملان الصورة ..
ترتسم أمامه ترتسم على ثغرها ابتسامة مضطربة , ترنوإليه بصمت مترقب ,تحثه على السير في طريق صعبة ...
أشعتها لاتصطدم بجدار, نورها يملأ أرجاء القرية بالحياة والأمل ...
فتح النافذة يستنشق الهواء النقي وردد بثقة كبيرة :
بنيان المدرسة أقوى من أن ينهار.............

حسام القاضي
19-05-2008, 06:29 PM
أختي الفاضلة الأديبة / حسنية تدريكيت (ندى الصبار)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أقرأ لك منذ زمن ، وللحق فقد فوجئت
قرات هنا قصة قصيرة مكتملة عناصرها
نجحت في إدارة احداثها بمهارة..
مقابلات بين المدنية الملوثة والبدائية النقية البكر
والصراع من أجل بث العلم هناك دون سلبيات
على تلك البيئة ..
تعبيرك عما يعتمل في نفس المعلم من صراعات كان موفقاً للغاية
وخاصة في مناطق الحوار القوي المميز ، والذي إختصر الزمن
في نقلة سريعة بين القرية و المدينة (حديثه مع أمه)
قصة هادفة نجحت في طرحها بإقتدار
وكانت الخاتمة مكللة لهذا العمل
"فتح النافذة يستنشق الهواء النقي وردد بثقة كبيرة :
بنيان المدرسة أقوى من أن ينهار.............
نهاية اكثر من رائعة.
أحييك على هذا العمل المميز والمستوى المتقدم.

محمد المختار زادني
19-05-2008, 06:38 PM
نص جميل جدا بما فيه من صدق التصوير

أسلوبه مشوّق في رسم واقع مؤلم يتفتق عن

بشارة خفية تتبدى تدريجيا كالفجر الصبوح

لله درك أختي الكريمة

جوتيار تمر
19-05-2008, 10:50 PM
الندية حسنية..

هل قرأت لك قصة من قبل ...؟


الطريق طويل ، نص سردي ينهل معينه من واقع انساني ، يثير زوبعة من القضايا التي تمس الانسان في تكوينه الاساسي الوجداني ،الفكري، البيئي ، وحتى التكوين المقارن بين اصناف البيئة وتأثيراتها الفكرية والوجدانية والنفسية على المدى القريب البعيد معا،نص سردي دائري تحكم فيه حضور واع للذات من خلال همومها الجماعية ، هنا جمال نلامسه في السردية على مستوى البناء ، ما دام مجال الاشتغال في القصة مرهونا بمدى التجديد المطلوب ، رغم أن الرؤية في النهاية قد تبدو أقل إقناعا بالمقارنة مع قوة الحبكة والصياغة الفنية ، نص يستحق التوقف عنده لما فيه من قيمة فكرية وادبية.

دمت بالف خير
محبتي
جوتيار

راضي الضميري
19-05-2008, 11:01 PM
حسنية الرائعة

نص جميل وفيه رؤية جميلة وواضحة عن معاناة لا زالت قائمة ، كانت وما زالت سببًا أساسيًا من أسباب هذا الجهل وهذا التخبط الذي نعيش فيه.

رؤية عميقة وقلب كبير نسج بانامل أديبة أنيقة مخطوطة رائعة.

عمل راقي أهنئك عليه .

تقبلي تقديري واحترامي

د. مصطفى عراقي
19-05-2008, 11:03 PM
أديبتنا الصادقة السامقة الأستاذة حسنية

ما أجملها من قصة جمعت ببراعة بين جمال الشكل الفني وإتقان أدواته ، وبين جلال الرسالة وسمو الهدف في تلاحم جميل بين المظهر الإبداعي والجوهر الاجتماعي

للتثبيت إعجابا وتقديرا

سحر الليالي
19-05-2008, 11:42 PM
جميلة بحق حسنية ..قصة سردت ببــراعة
سلمت ودمت مبدعة

لك ودي وترتيل ورد

حسنية تدركيت
20-05-2008, 10:59 PM
أختي الفاضلة الأديبة / حسنية تدريكيت (ندى الصبار)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أقرأ لك منذ زمن ، وللحق فقد فوجئت
قرات هنا قصة قصيرة مكتملة عناصرها
نجحت في إدارة احداثها بمهارة..
مقابلات بين المدنية الملوثة والبدائية النقية البكر
والصراع من أجل بث العلم هناك دون سلبيات
على تلك البيئة ..
تعبيرك عما يعتمل في نفس المعلم من صراعات كان موفقاً للغاية
وخاصة في مناطق الحوار القوي المميز ، والذي إختصر الزمن
في نقلة سريعة بين القرية و المدينة (حديثه مع أمه)
قصة هادفة نجحت في طرحها بإقتدار
وكانت الخاتمة مكللة لهذا العمل
"فتح النافذة يستنشق الهواء النقي وردد بثقة كبيرة :
بنيان المدرسة أقوى من أن ينهار.............
نهاية اكثر من رائعة.
أحييك على هذا العمل المميز والمستوى المتقدم.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل حسام القاضي جزاك الله خيرا
شكرا جزيلا على هذا الحضور المتميز

حسنية تدركيت
20-05-2008, 11:01 PM
نص جميل جدا بما فيه من صدق التصوير
أسلوبه مشوّق في رسم واقع مؤلم يتفتق عن
بشارة خفية تتبدى تدريجيا كالفجر الصبوح
لله درك أختي الكريمة
أخي الفاضل محمد مختار زادني جزاك الله خيرا

شكرا لك جزيلا , دمت بخير

حسنية تدركيت
22-05-2008, 09:54 PM
الندية حسنية..
هل قرأت لك قصة من قبل ...؟
الطريق طويل ، نص سردي ينهل معينه من واقع انساني ، يثير زوبعة من القضايا التي تمس الانسان في تكوينه الاساسي الوجداني ،الفكري، البيئي ، وحتى التكوين المقارن بين اصناف البيئة وتأثيراتها الفكرية والوجدانية والنفسية على المدى القريب البعيد معا،نص سردي دائري تحكم فيه حضور واع للذات من خلال همومها الجماعية ، هنا جمال نلامسه في السردية على مستوى البناء ، ما دام مجال الاشتغال في القصة مرهونا بمدى التجديد المطلوب ، رغم أن الرؤية في النهاية قد تبدو أقل إقناعا بالمقارنة مع قوة الحبكة والصياغة الفنية ، نص يستحق التوقف عنده لما فيه من قيمة فكرية وادبية.
دمت بالف خير
محبتي
جوتيار

اخي الفاضل جوتيار شكرا لك

جزيلا على التعليق الجميل

دمت بخير وسعادة

حسنية تدركيت
22-05-2008, 09:59 PM
حسنية الرائعة
نص جميل وفيه رؤية جميلة وواضحة عن معاناة لا زالت قائمة ، كانت وما زالت سببًا أساسيًا من أسباب هذا الجهل وهذا التخبط الذي نعيش فيه.
رؤية عميقة وقلب كبير نسج بانامل أديبة أنيقة مخطوطة رائعة.
عمل راقي أهنئك عليه .
تقبلي تقديري واحترامي

اخي راضي الضميري جزاك الله خيرا

شكرا جزيلا لك على المرور العطر

وفاء شوكت خضر
23-05-2008, 01:52 AM
أيتها الندية ..

لم يكن غيابي طويلا ، كي افاجا بهذا النص القصصي المتميز بسمو فكرته وسرده الجميل ، ولغته القوية ..
لعل من سبقوني هنا لم يتركوا لي شيء أقوله ..
إلا أنني سعيدة أنك عدت لكتابة القصة القصيرة ، وأتمنى أن تستمري ..

نص يستحق التثبيت بحق ..

تحيتي وصادق ودي وطاقة ورد لقلبك ..
لك محبتي في الله يا غالية ..

حسنية تدركيت
23-05-2008, 07:40 PM
حسنية الرائعة
نص جميل وفيه رؤية جميلة وواضحة عن معاناة لا زالت قائمة ، كانت وما زالت سببًا أساسيًا من أسباب هذا الجهل وهذا التخبط الذي نعيش فيه.
رؤية عميقة وقلب كبير نسج بانامل أديبة أنيقة مخطوطة رائعة.
عمل راقي أهنئك عليه .
تقبلي تقديري واحترامي

أخي الفاضل راضي الضميري جزاك الله خيرا على مرورك العطر

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه , دمت بخير

هشام عزاس
24-05-2008, 10:32 PM
المورقة / حسيـــــنة

قصة جميلة و هادفة و الطريق الطويل يحتاج فعلا إلى الإصرار و الإيمان بالقضية و إلى فتح نوافذ بالفكر و استنشاق الأمل لمواصلة المسير الصعب .
راقتني القصة كثيرا و أسلوبها الرائع و اسقاطاتها المتعددة .
دمت بخير ...

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــــــام

حسنية تدركيت
26-05-2008, 01:03 PM
أديبتنا الصادقة السامقة الأستاذة حسنية
ما أجملها من قصة جمعت ببراعة بين جمال الشكل الفني وإتقان أدواته ، وبين جلال الرسالة وسمو الهدف في تلاحم جميل بين المظهر الإبداعي والجوهر الاجتماعي
للتثبيت إعجابا وتقديرا

أخي الفاضل د.مصطفى عراقي جزاك الله خيرا
وشكرا لك على هذا التشجيع المستمر

حسنية تدركيت
26-05-2008, 01:06 PM
جميلة بحق حسنية ..قصة سردت ببــراعة
سلمت ودمت مبدعة
لك ودي وترتيل ورد

سحر الغالية على قلبي شكرا لك جزيلا

جزاك الله خيرا على المرور العطر

حسنية تدركيت
26-05-2008, 01:08 PM
أيتها الندية ..
لم يكن غيابي طويلا ، كي افاجا بهذا النص القصصي المتميز بسمو فكرته وسرده الجميل ، ولغته القوية ..
لعل من سبقوني هنا لم يتركوا لي شيء أقوله ..
إلا أنني سعيدة أنك عدت لكتابة القصة القصيرة ، وأتمنى أن تستمري ..
نص يستحق التثبيت بحق ..
تحيتي وصادق ودي وطاقة ورد لقلبك ..
لك محبتي في الله يا غالية ..

وفاء الغالية التميز دوما نتعمله منك

وانت دوما نبراس علم وحب وجمال لنا

ربي ما يحرمنا منك ابدا ياغالية:001:

عدنان القماش
26-05-2008, 02:37 PM
بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة جميلة، ذات هدف سامي، فيها الكثير من المعاني الرائعة
مبروك التثبيت ونتمنى دوام الإبداع

وصلي اللهم على سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم

يسرى علي آل فنه
28-05-2008, 09:45 PM
الطريق الطويــــــــــل
أخذ يراقب الوجوه الصغيرة, والأيادي الفتية وهي تنقل ما كتب على السبورة إلى الدفتر , اتجه نحو النافذة وفتح عينيه ليملأ خياله من هذه الطبيعة الجميلة, أخذ نفسا عميقا,فأحس أن رئتيه تتسعان أكثر من ذي قبل , صمت عجيب يلف الجمال , وعلى بعد كيلومترات من هنا تضج الحياة بالناس وبكل ما تتميز به الحضارة , هنا كل شيء بدائي , عالم ساذج بعيد عن كل تغيير ,لا أنيس فيه غير الكتاب والمذياع , رفع عينيه إلى السقف ثم نقل نظره إلى الأطفال ؛ المدرسة ستنهار على رؤوس الصغار, لذا ستغلق بابها في وجوههم المتعطشة للمعرفة,"حجة مقنعة"سيعودون إلى الفضاء الواسع ,إلى ثغاء الأغنام ,إلى الشمس ,إلى البيوت الطينية ...
يعود من المدرسة إلى بيت يشبه الكوخ , يتودد إلى كتاب لعله يؤنسه , يلقي به في ملل وضجر, يشغل المذياع عله يجد ما يسليه .يضع أمامه دفاتر الصغار باحثا عن أخطاء لأطفال لا يعرفون غير صوت الأغنام وخرير المياه ,والحرث والحصاد, والمطر والشمس ,هنا يعيش الإنسان بعيدا عن السلبيات الحضارية,هناك نتسلى ونتسابق إلى المراكز العالية للمزيد من المال .والمزيد من القيود, ويمر العمر ونحن نطمح إلى المزيد...هناك أحلام ثاوية..وهناك ؟...استله نداء طفل من هدوئه ,التفت إليه إلى العينين المعلقتين به في رجاء..
-أبي يريدك أن تقرأ له رسالة وصلت من عمي ..قفز السؤال إلى مخيلته , ألا يوجد من يقرأها ؟؟
ربت على كتفه ثم رافقه إلى البيت المفتقد لأدنى أسباب الراحة ,عالم تعمه الفوضى, أطفال يشيخون قبل الأوان , يحملون على أكتافهم هموم الكبار..عالم الطفولة قلما تجده في القرية
يتأمل إبراهيم وهو يسبقه لا تثني عزيمته على إكمال المشوار الحجارة والأرض الصلبة المتشققة , يسرع الخطى فيترك وراءه غبارا كثيفا يحجب الرؤية,جلس بالقرب من السيد "الطاهر" والحديث عن الأرض يحرك داخله ذكريات بعيدة, والده أيضا كان في يوم من الأيام يملك بقعة أرضية في ضواحي "الدار البيضاء "لكنه باع الأرض عندما تأكد أن مستقبل أبنائه يتوقف على التعليم , لم تكن هناك مدرسة في القرية التي كانوا يقطنونها , هنا توجد, لكنهم يودون إغلاقها بحجج واهية , يغضون الطرف عن أرقام الأميين التي تتزايد يوما عن يوم.
مجتمع القرية في حاجة ماسة إليك يا ابن القرية ! أطلق قدميه للريح , عله ينفض عنه الأفكار , وفي طريقه التقى صديقه أحمد و وسؤال معلق على شفتيه متى سنبعث بالشكوى ؟
نظر إلى الأفق البعيد وسؤال رابض في أعماقه,يلح عليه من سينير طريق إبراهيم والعقول المتعطشة للعلم والمعرفة ...؟؟!
-بعدلأي أجابه بصوت مرتفع :
-لا أعرف , قد أعدل عن فكرتي !..
-كيف؟؟ ياهشام لقد اتفقنا!..
أشار بيده إلى مجموعة من الفتيان والفتيات وهم عائدون بأغنامهم إلى بيوتهم , أنظر إلى هؤلاء من لهم إذا رحلنا نحن ؟؟!..
-لقد عاشوا مئات السنين على هذا المنوال , إرث خلفه الأجداد للأحفاد .
-ألاترى أن العالم من حولنا يتطورويتغير لإسعاد البشرية ؟؟!..ونحن مازلنا ننظر إلى العالم القروي باستعلاء !!!..
أبلس أحمد,وصمت هشام وأخذا يستمعان إلى لحن الطبيعة, العصافير العائدة إلى أعشاشها وثغاء الأغنام وهي تحنو على صغارها . وصوت الراعي الصغير ينشد ليزفها إلى الحضيرة .
سجت نفس هشام بحلول الليل , ليل القرية وأصوات المخلوقات يناجي بعضها بعضا , ونباح الكلاب ,ونقيق الضفاضع وصوت الفلاحين ينادي بعضهم بعضا ,خلفت في نفسه آحاسيس لتذوق جمال منسجم إلى حد بعيد ..
ليل حافل بأشياء رائعة الجمال, يعود الفلاح ليتناول وجبة خفيفة ويخفف من وطأة التعب بأحاديث عن الأرض ومواسيم جني الثمار,لم تدخل عالمه بعد التلفزة ومازال يعيش للأرض , للعطاء, ونادرا ماتجد في بيت أحدهم مذياعا يعمل ببطارية ..
تغيب إبراهيم عن المدرسة ’ فجاءت أخته تصحبه لعل المعلم يقبل اعتذارها,كانت تتحدث وهي مطرقة الرأس في خجل :
-إنه مريض "ياسيدي " ومع ذلك يصر على الحضور..
أشار له بالدخول , ثم التفت إليها, فتاة واقفة أمامه مطرقة في خجل تثقل كاهلها بأسمال بالية , استحال لونها إلى لون باهت ,اختفت الفتاة لتظهر أمامه فتاة أخرى ترتدي لباسا نظيفا
تشرق من عينيها نظرات توحي بالثقة وحب المعرفة ,عاد بخياله إليها ابتسامة بلهاء معلقة على شفتيها , اقترب منها وسألها :
-مااسمك ؟!
-وبصوت هامس أجابته :
- عائشة "ياسيدي "
تأملها للحظات ثم عاد ليسأل من جديد :
-ألاتريدين أن تدخلي المدرسة ياعائشة ؟؟!..
-ومن سيرعى الغنم "ياسيدي"؟؟...
كل يوم يتعلم العبر من المجتمع القوري ....
مازالوا يعيشون للعطاء, وقلما يأخذون , الإيثار يتحكم في علاقاتهم ببعض , في المدينة تطفح الأنانية , وحب الذات ....
عائشة ترعى الغنم , تطحن الحبوب بالرحى ,تكنس تنظف ,وتجلب الماء من البئر,تتزوج لتلد أطفالا كثر تعلمهم معنى العطاء ........
يأتي الليل من جديد ليجد نفسه وحيدا,تنجلي عن ناظريه الغشاوة ليرى الصورة واضحة ...
إبراهيم مرض لأن طفل القرية بعيد عن المنظمات التي ترفع عقيرتها عن ما يسمونه حقوق الطفل " يهرفون بما لا يعرفون "..
عادت الأسئلة تلح عليه من جديد :
ـ أنت معلم ولست مصلحا اجتماعيا !...
ـ ماذ ستصنع بأناس مازالت عقولهم متحجرة ؟؟..
يصرون على تكرار التجربة , العالم يتغير من حولهم وهم لايبرحون مكانهم ...
وقف يستنشق الهواء ,عقله يحثه على النزول من برجه العالي , ليعيش في الواقع المحيط به ...
لابد من أن تجالسهم , أن تأكل معهم , وتجعل الثقة في العلم تعود إلى نفوسهم حبة ,حبة ’ ستكسب الرهان مع الإنسان المعلم ..
في الخيمة كان إبراهيم يخبر والده " السيد طاهر " عن ما قاله المعلم "التعليم من حقوق كل الناس حتى الفتيات أيضا لقد حدثهم عن محو الأمية .
تمتمت فاطمة :
ـ محو الأمية ؟؟
ابتسم إبراهيم وتابع قائلا :
ـ إنه تعليم الكبار,حتى يصبح المجتمع متحضرا"هذا ماقاله المعلم "سافر هشام "المعلم" إلى المدينة وأحلام كثيرة تربض داخله عن القرية ,والحياة فيها .........
مدت له فنجان القهوة وقالت متسائلة :
ـ متى ستعود ؟؟؟..
نظر إليها للحظات, ثم أجاب باصرار:
ـ لن أعود ..
ارتسمت علامة الغضب على وجهها وتمتمت :
ـ ألا تريد أن تعود إلى أحضان أمك , إلى إخوانك ..؟؟
أحس بأنه قد يضعف أمام لهفتها وتعلقها به,لكن شيئا ما وقر في نفسه ,أعاد إلى سمعه سؤال إبراهيم وهو يتسائل بخوف ورجاء :
ـ هل هل ستقفل المدرسة ؟؟وترحلون ونعود إلى الغنم والفضاء الواسع ؟؟!!
ازدرد ريقه ثم أجابه:
ـ سنعود إن شاء الله إلى القرية, ولكن !
لاتقولي شيئا ,المدرسة سيعاد بناؤها ,وعندما يكبر الصغار سيشق كل منهم طريقه الصحيح ...
وعندالعودة , أصر أن يبحث عن عائشة , فوجدها تجلس فوق التلة تعانق جديا صغيرا ..
أشار إليها بيده أن تعالي ..
وقفت عائشة أمام المعلم, يده ممتدة بهدية ما أتأخذها أم ترفض ؟؟..
طفق يستحثها على أن تأخذها وخواطر عدة تمر من مكان ما من فؤاده , عائشة ستنقل إلى نساء القرية أفكاره , بذكائها وطريقتها البسيطة معهن سيقتنعن بأن طلب العلم فريضة , كانت رائعة وهي تتأمل الهدية " الكتاب " بشوق ونهم شديد تحاول جاهدة أن تقرأ حروفه المستعصية على فهمها ...
بدأت المدرسة تأخذ مكانها في قلوب القرويين , لكن الصورة ماتزال ناقصة أمام عينيه , إذا مرض أحدهم فالعدوى ستنتقل بسرعة, لابد أن يكون بجوار المدرسة مستوصفا ," المعلم " والطبيب يكملان الصورة ..
ترتسم أمامه ترتسم على ثغرها ابتسامة مضطربة , ترنوإليه بصمت مترقب ,تحثه على السير في طريق صعبة ...
أشعتها لاتصطدم بجدار, نورها يملأ أرجاء القرية بالحياة والأمل ...
فتح النافذة يستنشق الهواء النقي وردد بثقة كبيرة :
بنيان المدرسة أقوى من أن ينهار.............



قصة مميزة

****
حسنية الرائعة:-

الطريق الطويل -رغم التعب -سيكون مشرقاً بالعطاء والتضحية مثمراً بالمعرفة والتقدم

ربما معه ستفقد القرية بعض ملامحها الوديعة لكن ذلك أهون بكثير من طمر عقول أبنائها .

دمتِ غاليتي بكل الروعة.

حسنية تدركيت
31-05-2008, 12:03 AM
المورقة / حسيـــــنة
قصة جميلة و هادفة و الطريق الطويل يحتاج فعلا إلى الإصرار و الإيمان بالقضية و إلى فتح نوافذ بالفكر و استنشاق الأمل لمواصلة المسير الصعب .
راقتني القصة كثيرا و أسلوبها الرائع و اسقاطاتها المتعددة .
دمت بخير ...
اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــــــام

أخي الفاضل هشام عزاس أسعدني هذا المرور العطر

جزاك الله خيرا وفقك الله وأسعدك

حسنية تدركيت
31-05-2008, 12:06 AM
بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة جميلة، ذات هدف سامي، فيها الكثير من المعاني الرائعة
مبروك التثبيت ونتمنى دوام الإبداع
وصلي اللهم على سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الأجمل حضورك الندي وردك الجميل

جزاك الله خيرا وشكرا جزيلا لك

حسنية تدركيت
31-05-2008, 12:08 AM
قصة مميزة
****
حسنية الرائعة:-
الطريق الطويل -رغم التعب -سيكون مشرقاً بالعطاء والتضحية مثمراً بالمعرفة والتقدم
ربما معه ستفقد القرية بعض ملامحها الوديعة لكن ذلك أهون بكثير من طمر عقول أبنائها .
دمتِ غاليتي بكل الروعة.

التميز أختي الغالية هو في جمال روحك وطيبة قلبك
وحضورك المورق المثمر خيرا وبركة إن شاء الله
جزاك ربي الجنة , يسرى أحبــــك في الله كثيرا..:001:

مصطفى ابووافيه
31-05-2008, 02:32 PM
الاستاذه/ حسنيه تدركيت
احييك على هذا النص الرائع الذى يصور لنا الفارق الشاسع بين القريه والمدينه -- بين الحضاره والتخلف
-- بينت لنا ما يعانيه اهل الريف من اهمال المسؤولين وضروره تغير نظره المجتمع لهم
السرد رائع ومميز ويشد القارىء الى النهايه التى ايقظت بداخلنا الهمم وجعلتنا اكثر اصرارا على تحدى الصعاب
دمت لنا مبدعه وتقبلى تحياتى

ربيحة الرفاعي
17-12-2012, 06:32 PM
سرد سلسل بحبكة قوية وأداء قصي محكم حاكى خلجات النفس وعقد مقارنة هادئة بين بيئات متباينة راعى فيها البعد الوجداني ولم يفوت فيها مزايا هذه ولا تلك

جميل حرفك وهادف أديبتنا
دمت بألق

تحاياي

نداء غريب صبري
13-01-2013, 07:24 AM
قصة جميلة أختي حسنية
وسرد شدني وامتعني

شكرا لك

بوركت

ناديه محمد الجابي
15-02-2022, 10:47 AM
بسرد بارع قدمت نص جميل بما حمل من سلبيات وإيجابيات القرية
وبينت الصراع الذي يدور في عقل المعلم .. هل يغادر أو يبقى ليساهم في بناء عقول أطفالها
نص عميق المغزى ، هادف بقلم بارع وبلغة شاعرية وتصويرية بديعة
أسجل إعجابي العميق بقلمك
ولك تحياتي وتقديري.
:hat::001::hat: