مشاهدة النسخة كاملة : هل قدر لنا سنفعل خطأ أم صواب ؟ وكيف سنحاسب عليه ؟!!
أنس إبراهيم
08-06-2008, 11:08 PM
الـــسلام عليــكُم
منــذ شهور
ويتــبادر بذهـــني سؤال
أو لنــقل أسئــلة
منـها
من المعــلوم أن للإنسان كتابٌ قبل أن يولــد وفيه فعله وأعمالــه ، فهــل الإنــسانُ الخاطئ في مجــالٍ ما
قدر لــه وكتب له أن يخطئ هنــاك ؟ !
وإذا كــان كذلــك . .
فكيــف يحاســبُ على مــا فعل ؟!
وإن لم يكــن كذلك ، فمــا الذي فعلهُ الإنــسان ؟
ماذا يطلق على فـــعله عندما يخطئ او يصيب ؟ !
ومــا هي الأفعــال التي قــدر للإنســان أن يفــعلهـا في كتــابه ؟!
هل الله قـــدر للإنســان عملهُ ؟ !
في قولــه تعالى : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقُو فيـها " !
هنـــا كيف أو لا أدري كيف أصوغ اسؤال
كي لا أقــع في الكفر أو الشبهة
الله يأمر الناس أن يفسقو ثم يــعاقبهم كما في قولــه تعالى
كيف ذاك ؟ وإن لم يكن كذلك ؟
فما تفســير هذه الآية بالشكل الصحيح ؟ !
أرجو من مفكرينا الأفاضل وفلاسفتنا
توضيح الأمر وخوض النقــاش
تحيتي لــكُم
وأنــا أول من سأل وسأخوض في النــقاش
راضي الضميري
09-06-2008, 12:45 AM
الأخ العزيز أنس ،،
هذه بعض الأجوبة التي أفتى بها علماء أهل السنة وأرجو أن تكون تجد فيها الجواب الشافي ، علمًا أن هذا الموضوع يطول البحث فيه .
**********************************
أمّا عن القدر فهنا جواب للشيخ سفر الحوالي
/
التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقا لله وكونه كسبا للفاعل
وقال -رحمه الله تعالى-: ونعلم أن الله -سبحانه وتعالى- ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر أحدا على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة.
--------------------------------------------------------------------------------
ولهذا قال سبحانه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا اشترط الاستطاعة، فالاستطاعة شرط، فمن الناس من يستطيع السبيل، ومن الناس من لا يستطيع السبيل، فالذي يستطيع السبيل، وهو القادر على الحج بماله وبدنه، يجب عليه الحج، والذي لا يستطيع لا يجب عليه، فلو كان غير المستطيع مثل المستطيع، لما فرق بينهم، كون الله تعالى أوجب الحج على المستطيع، ولم يوجبه على غير المستطيع، دل عل أن هناك فرق بين القادر وغير القادر، ولا يقال إنهما سيان، والجبرية يقولون: لا فرق بين القادر وغير القادر، كلهم مجبورون، كلهم غير مستطيعين، هذا من أبطل الباطل.
القدر ضل فيه طائفتان من الناس:
الطائفة الأولى: الجبرية الذين يقولون: كل أفعال الإنسان اضطرارية، كلهم مجبور عليها، ويقولون: إن مثل الله في ذلك حينما يكلف العبد، كمثل قول القائل:
ألقاه ألقاه في اليم مكتوفا وقال
لـه: إيـاك إيـاك أن تبتل بالماء
وهذا من أبطل الباطل، يقولون: كل أفعال العباد اضطرارية، وهي أفعال الله، فالله تعالى هو المصلي، وهو الصائم، تعالى الله عما يقولون، وهؤلاء مذهبهم من أبطل الباطل، لأن معناه إبطال الشرائع والرسالات كلها، لأن معنى كلام هؤلاء الجبرية ورئيسهم الجهم بن صفوان -رئيس الجبرية - يقولون: معنى ذلك أنه لا فائدة من الشرائع، فلا فائدة منه، يقول أحدهم -أحد الجبرية -: أنا إن عصيت أمره الديني الشرعي فقد وافقت أمره الكوني القديم. وهذا من أبطل الباطل، لأن معنى ذلك إبطال الشرائع.
الطائفة الثانية: القدرية النفاة الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه استقلالا من دون الله، فأخرجوا أفعال العباد من القدر، من خلق الله، وهذا باطل، فإن الله يقول: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وهذا يشمل الذوات والأفعال، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ خالق ذوات العباد وأفعالهم، كل شيء خلقه الله، فالقدرية يقولون: أفعال العباد ليست مخلوقة لله، الطاعات والمعاصي هم الذين خلقوها، أوجدوها باختيارها، باستقلالها، فرارا من القول بأنه خلق المعاصي، وعذب عليها فيكون ظالما، فروا من ذلك وقالوا: الله لم يخلق أفعال العباد، وتوسط أهل السنة والجماعة هداهم الله إلى الحق فقالوا: إن الله تعالى خالق كل شيء، حتى أفعال العباد، فهي مخلوقة لله، ولكن العباد لهم قدرة واختيار، تابعة لمشيئة الله، لهم قدرة ومشيئة وإرادة واختيار، لكن إرادتهم تابعة لمشيئة الله، كما قال الله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا تكون الطوائف ثلاث: الجبرية والقدرية وأهل السنة
الجبرية في طرف قالوا: أفعال العباد كلها جبرية، والإنسان مضطر، وليس له أفعال، والأفعال أفعال الله.
والقدرية قالوا: إن الله ما خلق أفعال العباد، ولا أوجدها، بل هم خلقوها مستقلين بأنفسهم.
و أهل السنة توسطوا قالوا: الله تعالى خالق كل شيء، خلق العباد، وخلق أفعالهم، ولكن العباد لهم قدرة واختيار، وهم مكلفون بأفعالهم الاختيارية، نعم.
قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا .
--------------------------------------------------------------------------------
نعم، وهذا دليل على أن الله تعالى لا يكلف أحدا شيئا لا يستطيعه نعم.
وقال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقال تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ
--------------------------------------------------------------------------------
الشاهد بما كسبت، أضاف الكسب إليها نعم.
فدل على أن للعبد فعلا وكسبا، يجزى على حسنه بالثواب، وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره.
--------------------------------------------------------------------------------
الشرح:
التوفيق بين كون فعل العبد مخلوقا لله وكونه كسبا للفاعل:
عرفت مما سبق أن فعل العبد مخلوق لله.. --------------------------------------------------------------------------------
لا منافاة، ففعل العبد خلق لله، لأنه خلق العبد، وخلق أفعاله، وهو كسب للعبد، لأنه باشر وفعل باختياره، فالعبد هو الذي باشر، والأفعال هي من الله إيجادا وخلقا وتقديرا، ومن العبيد فعلا وكسبا ومباشرة، فأفعال العباد ينسب إلى الله، من الخلق والإيجاد والتقدير، وينسب إلى العباد المباشرة والكسب والفعل، فهي أفعالهم كسبا واختيارا ومباشرة، وهي خلق الله إيجادا وتقديرا وخلقا، كما قال سبحانه: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ فلا منافاة بين الأمرين، فهي خلق الله وإيجاده وتقديره، وهي فعل العباد وكسبهم ومباشرتهم، نعم.
عرفت مما سبق أن فعل العبد مخلوق لله، وأنه كسب للعبد، يجازي عليه الحسن بأحسن، والسيئ بمثله، فكيف نوفق بينهما؟
التوفيق بينهما أن وجه كون فعل العبد مخلوقا لله تعالى أمران:
الأول: أن فعل العبد من صفاته، والعبد وصفاته مخلوقان لله تعالى.
الثاني: أن فعل العبد صادر عن إرادة قلبية، وقدرة بدنية، ولولاهما لم يكن فعل، والذي خلق هذه الإرادة والقدرة، هو الله تعالى، وخالق السبب خالق للمسبب، فنسبة فعل العبد إلى خلق الله. --------------------------------------------------------------------------------
يعني الإنسان، الأفعال من صفات العبد، والعبد مخلوق بذاته وصفاته، وهو فعل العبد، لأن الإنسان أراده، له إرادة، وله مباشرة، وهو أراده بقلبه، قصد فعله، أنت ذهبت تصلي، يعني قصد إرادة، وكونك تصلي تباشر أفعال الصلاة بنفسك، فلذلك ينسب الفعل إليك لأمرين، لأنك أردته بقلبك، وباشرته ببدنك، فصار الفعل له، وإن كان الله خلقه، وخلق الله تعالى خلق قدرتك وأفعالك، أعطاك القوة والقدرة والفعل، نعم.
فنسبة فعل العبد إلى خلق الله له، نسبة مسبب إلى سبب، لا نسبة مباشرة، لأن المباشر حقيقة هو العبد، فلذلك نسب الفعل إليه كسبا وتحصيلا، ونسب إلى الله خلقا وتقديرا، فلكل من النسبتين اعتبار، والله أعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
نعم، فهو من الله، ينسب إلى الله الخلق والإيجاد والتقدير، وينسب إلى العبد الفعل والتسبب والكسب،
راضي الضميري
09-06-2008, 12:48 AM
أمّا عن الآية الكريمة أخي العزيز أنس فهذا جواب منقول طبعًا
******************
هل يأمر سبحانه بغير ما هو قسط وعدل ؟!
هناك من الآيات القرآنية ما قد يفهم البعض من ظاهرها، أن بينها تعارضًا وتناقضًا؛ ومن هذا القبيل قوله سبحانه في سورة الأعراف: { إن الله لا يأمر بالفحشاء } (الأعراف:28)، مع قوله تعالى في سورة الإسراء: { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها } (الإسراء:16) .
فقد ذكر سبحانه في الآية الأولى، أنه لا يأمر أحدًا بفعل الفحشاء؛ في حين أنه سبحانه قد أخبر في آية الإسراء، أنه إذا أراد هلاك قرية، أمر مترفيها، ففسقوا فيها؛ وقد يفهم البعض من ذلك، أن الله يمكن أن يأمر بالفسق !! فهل هناك تعارض بين الآيتين ؟ وما هو السبيل لرفع ما يبدو بينهما من تعارض ؟
ومن المهم لرفع ما يبدو من تعارض بين الآيتين الكريمتين، معرفة السياق الذي وردت فيه الآيات؛ مما يساعد على فهمها فهمًا سليمًا، ويزيل ما يبدو بينها من تعارض .
وقد جاءت آية الأعراف في سياق الرد على أهل الجاهلية، وإنكار الممارسات التي كانوا يفعلونها، من طوافهم بالبيت وهم عراة، ودعوى أن الله أمرهم بذلك؛ فجاء الرد القرآني حاسمًا، ليقرر مبدأ مهمًا، وهو أنه سبحانه { لا يأمر بالفحشاء }، وإنما يأمر بالقسط { قل أمر ربي بالقسط } (الأعراف:29) فالآية واضحة صريحة في أن أمره سبحانه لا يكون بما هو فاحش ومنكر، وإنما يكون بما هو قسط وحق .
أما آية الإسراء فقد جاءت لتقرر سنة إلهية، لا تتبدل على مر العصور والأزمان، ولا تتغير باختلاف الأماكن والبلدان؛ وهي أن بقاء الأمم ودوامها مرتبط بإقامة أوامر الله، والعمل بشرعه؛ وأن هلاكها إنما يكون بانتهاك حرمات الله، وتعدي حدوده؛ فهناك سبب وهو الفسوق، وهناك نتيجة وهي الهلاك؛ وليس معنى الآية - كما قد يتبادر إلى الفهم - أن الله يأمر الناس بالفسق، فيفعلوا المعاصي ويرتكبوا المحرمات، ثم ينـزل الله بهم الهلاك، فهذا الفهم ليس مراد الآية، وليس هو من دلالتها، بل هو فهم مخالف لها، ومعارض لأدلة أخرى، تفيد أنه سبحانه لا يأمر عباده بغير العدل والخير .
وقد وردت آيات عديدة توضح المقصود من آية الإسراء؛ من ذلك قوله تعالى: { وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } (هود:117)؛ فهذه الآية صريحة في أنه سبحانه ما كان ليهلك أهل القرى، إذا كانوا عاملين بأوامر الله، ومجتنبين لنواهيه؛ فهي تبين الوجه المقابل لما قررته آية الإسراء؛ فإذا كانت آية الإسراء قد علقت هلاك أهل القرى على فسقهم ومعصيتهم؛ فإن هذه الآية قد قررت أنه سبحانه لا يهلك أهل القرى ما داموا صالحين. والقرآن يفسر بعضه بعضًا .
والذي يوضح ويؤكد أن آية الإسراء ليس فيها ما يدل على أن الله تعالى يأمر عباده بالفسق، أنها لم تعين المأمور به، بل سكتت عنه؛ فالآية تقول: { أمرنا مترفيها }، ولم تصرح بطبيعة المأمور به، هل هو الفسق أم هو الطاعة؛ والذي يعين أحدهما اللغة، والسياق الذي وردت فيه الآية، وأدلة قرآنية أخرى .
أما اللغة، فأنت تقول: أمرت ولدي فعصاني، ولا يعني ذلك أبدًا: أنك أمرته بالمعصية، وإنما يدل على أن المعصية ترتبت على أمرك إياه، وهو أمر طبيعي؛ لأن المعصية فرع عن الأمر .
وأما السياق الذي وردت فيه الآية، فإنه يوضح أن المأمور به هو الدعوة إلى الاستقامة وعمل الصالحات؛ فقبل هذه الآية نقرأ قوله تعالى: { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا } (الإسراء:9)، وبعدها نقرأ قوله تعالى: { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } (الإسراء:19)، وإذا كان السياق يفيد أن المقصود طلب فعل الطاعات، فمن غير الصواب - حينئذ - فهم الآية على أنها أمر من الله لعباده بالفسق؛ وبالتالي فإن المصير إلى هذا الفهم السقيم من الضلال البعيد .
أما الأدلة القرآنية فكثيرة، منها قوله تعالى: { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي } (النحل:90) وهو نص واضح في أن أمره تعالى لا يكون إلا بطاعة وخير، ولا يأمر سبحانه بفسق أو فحشاء. وهذا أمر من صلب عقيدة المؤمن، لا يقول بخلافه إلا من نزع الله الإيمان من قلبه .
وبذلك يكون المعنى الصحيح للآية، أن يقال: أمرنا مترفيها بطاعتنا وبمنهجنا، ولكنهم خالفوا وعصوا وفسقوا؛ فحق عليهم العذاب؛ ويكون من الخطأ أن نفهم من الآية: أنه سبحانه أمر أهل القرية بالفسوق، ليُنـزل بهم عليهم العقوبة والهلاك .
وما تقدم هو الوجه الراجح في تفسير الآية الكريمة؛ وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمرنا مترفيها بطاعة الله، فعصوا. وعلى هذا القول يكون في الآية كلام مقدر، مستفاد من السياق، أو من أدلة أخرى؛ وعليه فلا يكون هناك تعارض ولا إشكال بين هذه الآية وآية الأعراف .
على أن آية الإسراء تقتضي التنبيه إلى أمرين، يساعدان على إلقاء مزيد من الضوء حول معنى الآية؛ الأول: يتعلق بالمقصود بالمترفين، ووجه اختصاصهم بالذكر؛ فالمترفون هم أهل النعمة وسعة العيش، وتعليق الأمر بهم على وجه الخصوص، مع أن الرسل يخاطبون جميع الناس؛ لأنهم عادة في موقع القيادة والزعامة، والناس تبع لهم، فكان من المنطقي أن يتوجه الخطاب إليهم دون غيرهم، فإذا فسقوا عن الأمر، اتبعهم الأتباع وضعاف القوم، فعم الفسق أو غلب على القرية، فاستحقت الهلاك .
الثاني: يتعلق بوجه العلاقة بين إرادة الله إهلاك القرية، وبين أمر المترفين، فهي علاقة السبب بنتيجته؛ ففعل المترفين هو السبب، وإرادة إهلاك القرية هو النتيجة لذلك الفعل؛ وعليه فلا يقال: إن إرادة الله سبب مؤد إلى فسوق المترفين، ونزول الهلاك بأهل القرى؛ فحاشا لله أن يريد إهلاك قوم قبل أن يأتوا بما يستوجب هلاكهم، وليس من الحكمة الإلهية أن يسوقهم إلى ما يفضي إلى مؤاخذتهم. ولـ ابن عاشور كلام مفيد في تفسيره ( التحرير والتنوير )، يحسن الرجوع إليه في هذا المقام .
وقد ذكر المفسرون وجوهًا أخرى للتوفيق بين الآيتين الكريمتين، نذكر منها ما يلي:
الأول: أن يكون معنى { أمرنا }: كثَّرنا، من الكثرة؛ أي: كثرناهم حتى بطروا النعمة، ففسقوا؛ ومجيء ( الأمر ) بمعنى الكثرة والتكثير له أدلة من اللغة والشرع؛ وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( خير مال المرء له مهرة مأمورة ) رواه أحمد ؛ أي: كثيرة النسل؛ وفي حديث أبي سفيان مع هرقل قوله: ( لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ) أي: كثر وعظم .
الثاني: أن يكون معنى { أمَّرنا } بتشديد الميم، من الإمارة؛ أي: جعلناهم أمراء، ففسقوا؛ لأن الأغلب ممن يتولى أمر الناس، أن لا يراعي حكم الله فيهم. وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: سلطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب. وهو قوله تعالى: { وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها } (الأنعام:123) .
الثالث: أن يكون ( الأمر ) في قوله سبحانه: { إن الله لا يأمر بالفحشاء } هو من باب الأمر الشرعي، المطلوب فعله من العباد؛ وأن ( الأمر ) في قوله تعالى: { أمرنا مترفيها } هو من باب الأمر القدري، الذي لا يخرج عنه شيء في هذا الكون. ولهذا أدلة من القرآن، وتفصيل الكلام فيه له مقام آخر .
ويتضح من مجموع ما قيل في معنى آية الإسراء، أن هذه الآية الكريمة لا تعارض قوله تعالى: { إن الله لا يأمر بالفحشاء } بل إن كل منهما تقرر حقيقة لا تعارض الأخرى ولا تخالفها؛ فآية الأعراف تقرر عقيدة إيمانية، وآية الإسراء تقرر سنة إلهية، لا تتخلف ولا تتبدل .
عبدالصمد حسن زيبار
11-06-2008, 07:49 PM
إضافة لما تقدم
الله عز وجل خلق الانسان و خلق فيه أفعاله و قدرته على الفعل و الحركة
ليس للإنسان إلا ما سعى
وهو الكسب و الاختيار ما بين الخير و الشر و عليه يكون الجزاء
و الانسان حر مكلف مسؤول عن أفعاله
قال الله تعالى :(لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28)
وقال تعالى(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) (آل عمران 152)
وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 )
الإنسان يفعل باختياره و كما يريد ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته
مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته وأنه سبحانه و تعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم
و الله حكم عدل ليس بظلام للعبيد كما جاء في سورة ق
خليل حلاوجي
10-07-2008, 08:50 AM
أشكرك من عميق قلبي أيها الأخ الحبيب النجيب الأريب ..
فالإسلام علمنا كيف نحاور أنفسنا لنصل إلأى حقيقة المسلمات التي نعتنقها ...
هذه هي طريقة القرآن .... قل هاتوا برهانكم
أريد منك أن تستمر في التساؤلات ...
الله قـــدر للإنســان عملهُ ؟ ! نعم
وقدر له أن يعمل العمل بطوعه واختياره هو أي الإنسان ...
وهنا تكمن المفارقة ..
سأنتظر ردك لنكمل سوية
أنس إبراهيم
04-08-2008, 08:50 PM
حسنــا
شكـــراً لــكُم
ولكن هناك تساؤل آخر
" لا كراهية في الدين "
أنا ولدت وجدت أمري مسلما وأصبحت مسلم
أليست هذه كراهية ؟! وعندما آتي كي أغير ديني وأقول لا كراهية في الدين / يقال بأني كافر
حسنا ولكني لم آخذ فرصة لختار الدين وقد وجدت نفسي مسلما أومسيحيا من حيث ولدت
فأين معنى جملة " لا كراهية في الدين " !!!!
انتظركم . .
أستاذي خليل
رددت فأجبني :011:
تحيتي وتقديري لكُم
خليل حلاوجي
05-08-2008, 05:22 PM
للأسف نحن لسنا مسلمين .... إلا ... عن طريق الوراثة
كم مسلم فينا وصل إلى الإسلام بقناعاته هو لا بقناعات الآباء ... ؟؟
أجبني يا أنس لنكمل التوضيح ...
ونعرف الفارق الجسيم بين إسلام الوراثة وإسلام القناعات الفكرية ....
ماجدة ماجد صبّاح
05-08-2008, 06:15 PM
جميل جدا هذا الموضوع....
كل الذي أعرفه
أن الإنسان مخير ومسير في ذات الوقت
أما مخير....فله أن يختار طريق الحق أو الباطل
أما مُسيّـر...فمثلاً لون البشرة والعقل...الخ
وعلم الله العزيز الجبار، حيث أنه عالم بالغيب والشهادة
هو علم كاشف فقط...ولا يؤثر أبداً على ما سيفعل الإنسان...
مودتي واحتراماتي
أنس إبراهيم
05-08-2008, 07:07 PM
للأسف نحن لسنا مسلمين .... إلا ... عن طريق الوراثة
كم مسلم فينا وصل إلى الإسلام بقناعاته هو لا بقناعات الآباء ... ؟؟
حسنا
إذا من هنـا لنبدأ كمـا قلت
الأهـل في أي بقــعة في العـالم
برأيك هل إختـاروا الطريقة الخـاطئة لجـعل أبنـائهم مسلـمين ؟!
أن يورثهم دينهم ، وقد أعطـى دينهم الحرية في الديانة للإنسان ؟!
برأيي معظم المسلمين اليوم ، وجدوا أنفسـهم ملسمين أصحاب الإسلام ، فقط بالهوية ، ومن النادر أن ترى شخصاً يدافع عن دينه ، إلا إذا رأيت شخصاً يدافع عن دينه فليس من الضروري أن يكون معنياً نعم بالدين ، ولكن فقط أنه وجد نفسه مسلماً وصاحب دين فمن واجبه كفرد في المجتمع والدين أن يدافع عن هذا الدين !
هذا جـوابي
ولنبـدأ من هنـا " فلـنصغ المشهد بطريقة أخـرى "
أنــتظرك أستاذي
تحيتي وتقديري لك
أنس إبراهيم
05-08-2008, 07:09 PM
الأخــت مـاجدة / أهلا بك
شكراً لتــواجدك
تحيتي لكِ
خليل حلاوجي
06-08-2008, 03:55 PM
برأيي معظم المسلمين اليوم ، وجدوا أنفسـهم ملسمين أصحاب الإسلام ، فقط بالهوية ، ومن النادر أن ترى شخصاً يدافع عن دينه ، إلا إذا رأيت شخصاً يدافع عن دينه فليس من الضروري أن يكون معنياً نعم بالدين ، ولكن فقط أنه وجد نفسه مسلماً وصاحب دين فمن واجبه كفرد في المجتمع والدين أن يدافع عن هذا الدين !
وهكذا علينا أن نضع القاعدة الأولى :
أن عقولنا تخدعنا ...
فهي تدافع عن مسلمات موروثة ... لم نصل إليها ... باليقين المنطقي
عقولنا ترينا مايراه المجتمع الذي نعيش فيه ... إن صواباً ... تقول عقولنا عنه أنه الصواب
في الموصل نأكل الخيار ...نيئاً ... من المزرعة إلى الفم
وفي الصين يأكلونه مقلياً ...
كلانا ... يستبشع طريقة الآخر في الأكل ... عقولنا تخدعنا هنا وتقول لنا لا يجوز الأكل إلا بالطريقة الموروثة ..
وهكذا ... نفعل في جميع المسلمات ..
العاقل فينا من أكتشف هذه المفارقة وصحح المسار ...
للعالم العراقي : علي الوردي كتاباً هاماً إسمه
مهزلة العقل البشري ..
أتمنى قراءته لنكمل ياأنس القلب ...
أنس إبراهيم
11-08-2008, 03:52 PM
حسنــا
شكـــراً لــكُم
ولكن هناك تساؤل آخر
" لا كراهية في الدين "
أنا ولدت وجدت أمري مسلما وأصبحت مسلم
أليست هذه كراهية ؟! وعندما آتي كي أغير ديني وأقول لا كراهية في الدين / يقال بأني كافر
حسنا ولكني لم آخذ فرصة لختار الدين وقد وجدت نفسي مسلما أومسيحيا من حيث ولدت
فأين معنى جملة " لا كراهية في الدين " !!!!
انتظركم . .
أستاذي خليل
رددت فأجبني :011:
تحيتي وتقديري لكُم
ســأرجع هنـا قليلاً وأضـــيف . . .
الإرتــداد عن الديــن في زمنــنا
لدي نــظرة فـيه وفي نفس الوقــت أريد آرآكم
في زمـن الرسـول جميع من أسلــموا كـانو عاقلين بالغين
مدركون حقيقة الأمر واقتنعوا فيه عن قنـاعة شخصيـة ولم يكن أي منـهم لا يمـلك العقل والبلاغة . .
وعنـدما ارتدو عن الإسلام برفضهم دفع الزكـاة لأبي بكر حينما مـات رسول الله عليه الصلاة والسلام
حـاربهم أبا بكر لأنهم ارتدوا عن الدين وواجبٌ عليه قتـلهم حتى يرجعـوا . . ففعـل . .
في زمـاننا كمـا قلـنا
يولــد المرأ فيـنا مسلماً وهو لا يملك العقل وليس بالـغا كي يفـكر أو يـراجع الدين . .
حسنــا
عنـدما يريد تـغيير ديــنه كيف سنطلق عليه " مرتـد " ؟؟!
خليل حلاوجي
14-08-2008, 02:27 PM
للقيم مصدران :
من أعماق الإنسان ... أي الفطرة
ومن محيطه الخارجي ... التوريث لقيم الأعراف .. والدين ..
هناك توافق فطري بين المصدرين ... عند أغلبنا
ولكن
لدى الكثير منا بعض التشوش في هذا التوافق ...
أنس إبراهيم
28-08-2008, 09:40 PM
هـــل القــيم تشــملِ الديـــن ؟!
إن كــانت تشــمل
عنــدها سيحــاسبهُ النــاسُ على أي خطــئٍ في ديــنه
إذن إن كــانت تشـــمل
فذلـــك أمرٌ خـاطئ
مـا رأيكــم ؟!
خليل حلاوجي
29-08-2008, 02:50 PM
للقيم مصدران
الوراثة والبيئة ...
واحسبها أنت من جديد
\
مودتي
أنس إبراهيم
29-08-2008, 06:42 PM
سأرجع مرة أخرى أولاً
قلت أولا أن للقيم مصدران ، الأول هو : أعماق الإنسان " الفطرة "
هذا خاطئ ، الإنسان " متعلم " يكتسب قيمه وخبراته وأعرافه من الناس ، إذن الفطرة نواة التكوين القائمة على البيئة التي وجدَ ويوجد فيها الإنسان بأية حال ، إذن ليست من قائمة مصادر القيم .
ثانيا : المحيط الخارجي / التوريث لقيم الأعراف / الدين / هنا أرى تداخلاً كبيراً
أولاً : المحيط الخارجي هو البيئة ، البيئة هي الناس وما فيها من عادات وتقاليد تخص الإنسان كعائلة الإنسان ، وغير ذلك الناس وما لديهم من التقاليد وهذا يسمى " التأثر الخارجي " في طبقات الناس وأشكالهم ، إذن هنا لا فرق بين ماذ ذكرت في هذه النقطة في أول ما كتبت وثانيه عن مصادر القيم في النقاط التالية :
1 - المحيط الخارجي ولكن بالتحفظ على الدين لأن المحيط الخارجي لا يشمل الدين فأنا استطيع الوقوف بين ألف مسيحي ولكن لا أتأثر بدينهم إذن الدين شيء ثانوي هنا فهو من قائمة المعتقدات القائمة على المنطق العقلي للإنسان .
2 – البيئة وقد ذكرت لك كيف توافقت بين المحيط الخارجي سابقاً . ولكن قلت أيضا في نقطتك " المحيط الخارجي " قلتَ " توريث لقيم الأعراف " قيم الأعراف بالنسبة لي أو لنقل الأعراف بشكل خاص لا توّرث لأنها قابلة للرفض من قبل أي إنسان حتى وإن ولدَ وكانت تخصُ عائلته ، وقد رأيتُ هذا الأمر لدى الكثير ممن أعرف .
إذن ملخص ما قلت أن الأربع نقاط التي ذكرتهم التوافق بينهم بينَ :
- المحيط الخارجي بالتحفظ على الدين وتوريث قيم الأعراف كما ذكرت و البيئة .
هذه النقطة فقط هي التي توافقت .
باقي ما ذكرت ، ناقشتُ الفطرة أولاً وبقي الوراثة .
- الوراثة ، الوراثة لها قسمان من إكتساب الإنسان لها
- القسم الأول في أمور الجينات الخلقية والتي ربما تكون في الأمراض أو مكنونات الإنسان الخلقية مثل الوجه وهذه الأمور .
- القسم الثاني هو ما يتعلمه الإنسان من والديه وهذا المبدأ أصبح ضعيفاً جدا الآن بسبب التطور الذي طرأ في هذا العصر والتكنولوجيا والثقافة المنتشرة أينما كان والتي تغزو أولادنا بشكل كاملْ وبطرق غير مسبوقة .
خليل حلاوجي
30-08-2008, 08:56 AM
ياسيدي الحبيب : نحن لا نفكر بعقولنا ... بل ... بعقول مجتمعنا .
من هنا تبدأ نكسة العقل البشري .
\
بالغ تقديري
أنس إبراهيم
30-08-2008, 10:57 AM
أستـاذي الحبيب
قد بدأتها أنت وأكملها أنا
نحن لا نفكر بعقولنا ... بل ... بعقول مجتمعنا
من هنا تبدأ نكسة العقل البشري .
برأيي تبدأ النكسة من منطلق
أن كل فرد في المجتمع سيسير كما يسير المجتمع ، وجميع الأفراد تكون هكذا
فيصير المجتمع متخبط بالأفكار ، منتكس كما ذكرت أنتْ
//
أعذرني إني بالغت في ردودي
إنما كان متعة الحديث معك
بالغ ودي وتقديري
خليل حلاوجي
01-09-2008, 09:03 AM
لا يمكن حل مشكلاتنا بنفس مستوى التفكير الذي كنا عليه عندما أوجنا تلك المشاكل ))
هكذا قال انشتاين
أيها الأخ الحبيب : لا بد أن نفرق بين الفكر وطريقة التفكير.
\
مودتي
أبوبكر سليمان الزوي
14-09-2008, 12:10 AM
الـــسلام عليــكُم
منــذ شهور
ويتــبادر بذهـــني سؤال
أو لنــقل أسئــلة
منـها
من المعــلوم أن للإنسان كتابٌ قبل أن يولــد وفيه فعله وأعمالــه ، فهــل الإنــسانُ الخاطئ في مجــالٍ ما
قدر لــه وكتب له أن يخطئ هنــاك ؟ !
وإذا كــان كذلــك . .
فكيــف يحاســبُ على مــا فعل ؟!
وإن لم يكــن كذلك ، فمــا الذي فعلهُ الإنــسان ؟
ماذا يطلق على فـــعله عندما يخطئ او يصيب ؟ !
ومــا هي الأفعــال التي قــدر للإنســان أن يفــعلهـا في كتــابه ؟!
هل الله قـــدر للإنســان عملهُ ؟ !
في قولــه تعالى : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقُو فيـها " !
هنـــا كيف أو لا أدري كيف أصوغ اسؤال
كي لا أقــع في الكفر أو الشبهة
الله يأمر الناس أن يفسقو ثم يــعاقبهم كما في قولــه تعالى
كيف ذاك ؟ وإن لم يكن كذلك ؟
فما تفســير هذه الآية بالشكل الصحيح ؟ !
أرجو من مفكرينا الأفاضل وفلاسفتنا
توضيح الأمر وخوض النقــاش
تحيتي لــكُم
وأنــا أول من سأل وسأخوض في النــقاش
مرحباً بالجميع ، وعذراً على تأخر المشاركة في هكذا موضوع .. هام وجميل ..
وإذا سمح لي الأخ الكريم \أنس إبراهيم؛ والأخوة الذين سبقوني بتناول الموضوع، فإنني سأعيد صياغة الحوار ومنطلقاته ..
أقول .. إن تناول موضوعٍ أو تساؤلاتٍ بهذا الحجم وبهذه الحساسية، يتطلب منا وضع آلياتٍ دقيقة وواضحة !
فنحن نعلم بأنّ هذه التساؤلات هي أساسٌ في صلب العقيدة الإسلامية، كما هي محورٌ في صلب كل المعتقدات ..
وهنا أسأل : هل يبحث الأخ السائل، عن الإجابة التقليدية التاريخية عند المسلمين - لهذه التساؤلات!
فإذا الجواب بنعم، فأقول إن محركات البحث على الإنترنت، كفيلة بعرض آراء كل الفقهاء قديماً وحديثاً ..
ولا يمكنني أن أُضيف سوى رأيي المتواضع حول تلك الإجابات، فأقول إنها من الغموض والضعف والالتباس، بما يُشتت الفكر، ويُحيّر العقل، ويطرح المزيد من التساؤلات !
أما إذا كان البحث هو عن آراء وأفكارٍ وإجابات جديدة يقبلها العقل وتزيل الغموض، .. فإنني اقول بأن الأمر ممكنٌ جداً، بشرط أن نتفق على تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الفقهاء أمام العقل والمنطق، .. ولا أعني بذلك أن تتعارض إجاباتنا وأفكارنا مع أساسيات الإيمان - المنصوص عليها في القرآن.
مثلاً .. هل أنت أو بقية الإخوة، على استعداد لأن تتقبلوا الفكر القائل بعدم صواب الإيمان بمفهوم القضاء والقدر، والكتابة المسبقة لأعمال البشر .. بمدلولها السائد والمفروض على الساحة الفكرية الإسلامية ؟ ..
أنتظر جوابك الصريح، لنبدأ الحوار، أو لأعتذر عن الاستمرار .!
وأشكرك على طرح الموضوع .
راضي الضميري
14-09-2008, 10:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأفاضل
بداية يسعدني أن أهنئكم جميعًا بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالخير واليمن والبركات
... أمّا بخصوص هذا الموضوع القيّم والخطير في آن معًا والذي طرحه أخي الحبيب أنس إبراهيم وتعاقب على الردود عليه الأخوة الأفاضل وأخص بالذكر أخي خليل حلاوجي والأخ الفاضل أبو بكر سليمان الزوي فأقول ما يلي:
إن هذا الموضوع ومنذ أن طرحه الأخ أنس سارعت إلى الرد عليه واستعنت بآراء الفقهاء من أهل السنة والجماعة ، لماذا ؟ لأن الرد عليه يستوجب أن يكون الإنسان عارفًا وملمًا بأصول هذا الدين العظيم ، فلا يرد بالرأي إلا بدليل من القرآن والسنة الشريفة وبما قاله أهل العلم ، فأنا مثلاً لا أستطيع أن أفسر آية كريمة اعتمادا على الرأي ، فلا بد من الرجوع لما قاله أهل العلم وللشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يفسر القرآن ومنها :
-علم أسباب النزول .
ـ علم الناسخ والمنسوخ .
ـ علم النحو والصرف والإعراب .
ـ علم البلاغة ومنها علم المعاني وعلم البديع وعلم
ـ علم القراءات .
ـ علم التجويد .
ـ علم الفقه وعلم أصول الفقه .
ـ علم الكلام .
ـ الإلمام بالإسرائيليات والموضوع والدخيل على كتب التفسير والحديث .
ـ العلم بالسنة النبوية المطهرة .
ـ العلم بمصطلح الحديث وعلم الرجال والعلل والجرح والتعديل والعلم بالأسانيد .
الشروط التي تتعلق بالاعتقاد والسلوك :
ـ صحة الاعتقاد .
ـ لزوم السنة .
ـ أن لا يكون تأويله وتفسيره خارجاً عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة والخلف من التابعين وعلماء الأمة .
ـ التجرد من الهوى .
، ومن هنا نستطيع أن نراجع ما بين أيدينا ونرى إن كان أهل العلم قد أخطئوا في جزئية ما فهنا نرجع إلى الأصل أي الكتاب والسنة والله سبحانه وتعالى قال " ما فرطنا في الكتاب من شيء " (الأنعام: 38).
بداية نأتي إلى السؤال الثاني سؤال أنس إبراهيم وهو في قولــه تعالى : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقُو فيـها " !
هنـــا كيف أو لا أدري كيف أصوغ اسؤال
كي لا أقــع في الكفر أو الشبهة
الله يأمر الناس أن يفسقو ثم يــعاقبهم كما في قولــه تعالى
كيف ذاك ؟ وإن لم يكن كذلك ؟
فما تفســير هذه الآية بالشكل الصحيح ؟ !
هنا أجاب أهل العلم وبالدليل من الكتاب ، وأخص بأهل العلم من توفرت فيهم الشروط السابقة الذكر - إضافة إلى الآداب التي يجب أن يتحلى بها طبعًا المفسر للقرآن - فإمّا أن نقبل وإمّا أن نرفض ؟ وإمّا أن نأتي بدليل آخر يثبت عكس ذلك ، لأن الله سبحانه وتعالى هو العادل الحكيم وله الأسماء الحسنى والتي تبين صفاته جل وعلا ، فإن كان تفسير هذه الآيات يتعارض مع كونه عادلاً وحكيمًا ورحيمًا ورءوفا بعباده فهذا يعني أن الإنسان يقع تحت ظلم عظيم لأنه لا دخل له بتصرفاته وأنه مجبر عليها وهذا يعني أن شرطًا من شروط الإيمان غير دقيق وغير عادل وحاشا لله أن يكون كذلك .
إن الإنسان يصبح مرتدًا عن الدين بإنكار أحد أُصول الدين، أو بإنكاره الضروري من الدين، والله سبحانه وتعالى ترك الحرية في اختيار الدين لمن كان في عصر النبوة بداية الرسالة فقال "لا إكراه في الدين" (البقرة:256) ، وهذا مخصوص بأهل الكتاب أمّا من كان غير ذلك فلم يترك له حرية الاختيار هل هذا صحيح ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال والذي ننتظر إجابة من الآخرين عليه علينا أن نسأل أولاً : هل نقر أن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذا الكون وأننا نحن بنو البشر عبيد لله سبحانه وتعالى ؟ هل نقبل بذلك؟
إذا قبلنا بذلك وأقررنا بذلك فهذا يعني أننا ملزمون بإتباع كل ما جاء به هذا الدين العظيم وكل ما عصيّ علينا فهمه علينا أن نرده إلى علم الله ، لأن ما عصيّ علينا فهمه إن كان لا يقدم ولا يؤخر في استعدادنا وإقرارنا بعبوديتنا لله سبحانه وتعالى فما الضير أن نتّهم قصورنا وتخلفنا عن فهم المقصود منه؟
إن الله سبحانه وتعالى يقول " إن الدين عند الله الإسلام " سورة آل عمران الآية : 19 وقال تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) سورة آل عمران الآية : 85 وقال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) سورة المائدة الآية : 3وهنا علينا أن نقف قليلاً ونتمعن في هذه الآيات الكريمة ، فالله جل شانه أوضح أن الدين عنده هو الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومن يقول غير ذلك ويتبع غير هذا السبيل فهو خاسر فهل الله سبحانه وتعالى وضع الإنسان أمام خيار صعب ومستحيل القبول به لأن هذا الخيار الذي وضِعَ أمامه قاصر وغير عادل ولا يحقق السعادة لهذا الإنسان وعليه فللإنسان حرية الاختيار والبحث عن دين آخر ؟
وما هو شكل هذا الدين هل هو إلهي أم وضعي ومن صنع البشر ؟
ولدينا سؤال أيضًا : إذا تعارض العقل والمنطق ما ما جاء به هذا الدين فأيهما نتبع ؟
وهل عقلنا ومنطقنا ملم بكل أحوال هذا الكون من خلق ونشأة ؟
هناك سؤال طرحه الأخ الفاضل أبو بكر سليمان الزوي وهو : "هل أنت أو بقية الإخوة، على استعداد لأن تتقبلوا الفكر القائل بعدم صواب الإيمان بمفهوم القضاء والقدر، والكتابة المسبقة لأعمال البشر .. بمدلولها السائد والمفروض على الساحة الفكرية الإسلامية ؟ .."
وكيف يمكن أن نوفق بين الإجابة على هذا السؤال وبين الشرط الموضوع مسبقًا وهو "ولا أعني بذلك أن تتعارض إجاباتنا وأفكارنا مع أساسيات الإيمان - المنصوص عليها في القرآن " إذن أنا أستنتج من كل ذلك أن الإجابة محصورة في كتاب الله وسنة نبيه وإن من كان قبلنا قد أخطئوا في اجتهادهم في باب مسألة القضاء والقدر وفي تفسيرهم له ، وعليه نقول مرحبًا بكل اجتهاد ينير الطريق أمامنا ويبصرنا بما لم نكن نعرفه ولا نعلمه ومن اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد .وباب الاجتهاد مفتوح أمام الجميع لكن على أن يأتي بدليل من الكتاب والسنة .
وللحديث بقية ...
تقديري واحترامي للجميع
أبوبكر سليمان الزوي
15-09-2008, 02:49 AM
بسم الله، وله الحمد، والصلاة على رُسله الكرام ..
أولاً .. أقول- وبكل صدق، إنه لمن دواعي السرور والفخر، أن يكون بيننا من يُبادر للذود عن دين الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وبهذه الروح الأخوية في الحوار، وهذا الإلمام بشئون الدين ..
أشكر الأخ \ الأستاذ راضي الضميري، على كل ما تفضل به، وأقول مستعيناً بالله .. ( سطور مشاركتي تتوسط مشاركة الأخ راضي الضميري، وبهذا اللون المختلف - للتمييز) ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأفاضل
بداية يسعدني أن أهنئكم جميعًا بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالخير واليمن والبركات
... أمّا بخصوص هذا الموضوع القيّم والخطير في آن معًا والذي طرحه أخي الحبيب أنس إبراهيم وتعاقب على الردود عليه الأخوة الأفاضل وأخص بالذكر أخي خليل حلاوجي والأخ الفاضل أبو بكر سليمان الزوي فأقول ما يلي:
إن هذا الموضوع ومنذ أن طرحه الأخ أنس سارعت إلى الرد عليه واستعنت بآراء الفقهاء من أهل السنة والجماعة ، لماذا ؟ لأن الرد عليه يستوجب أن يكون الإنسان عارفًا وملمًا بأصول هذا الدين العظيم ، فلا يرد بالرأي إلا بدليل من القرآن والسنة الشريفة وبما قاله أهل العلم ، فأنا مثلاً لا أستطيع أن أفسر آية كريمة اعتمادا على الرأي ، فلا بد من الرجوع لما قاله أهل العلم وللشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يفسر القرآن ومنها :
-علم أسباب النزول .
ـ علم الناسخ والمنسوخ .
ـ علم النحو والصرف والإعراب .
ـ علم البلاغة ومنها علم المعاني وعلم البديع وعلم
ـ علم القراءات .
ـ علم التجويد .
ـ علم الفقه وعلم أصول الفقه .
ـ علم الكلام .
ـ الإلمام بالإسرائيليات والموضوع والدخيل على كتب التفسير والحديث .
ـ العلم بالسنة النبوية المطهرة .
ـ العلم بمصطلح الحديث وعلم الرجال والعلل والجرح والتعديل والعلم بالأسانيد .
الشروط التي تتعلق بالاعتقاد والسلوك :
ـ صحة الاعتقاد .
ـ لزوم السنة .
ـ أن لا يكون تأويله وتفسيره خارجاً عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة والخلف من التابعين وعلماء الأمة .
ـ التجرد من الهوى .
أتساءل هنا ! كيف تتفق هذه الشروط التعجيزية التراكمية، التي ألّفها البشر، ولم يأمر بها الله ولا رسوله، والتي لا يستطيع أحدٌ إثباتها لنفسه ولا نفيها عن سواه.
فهي مطاطة، وتتعلق بالنوايا والسرائر، وليست معادلات رياضية حسابية - يسهل فهمها للجميع والتحقق منها .!
أقول كيف تتفق هذه الشروط مع هذه الآية الكريمة- الصريحة- مع تفسيرها ..
بسم الله الرحمن الرحيم :
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17
- ولقد سَهَّلْنا لفظ القرآن للتلاوة والحفظ, ومعانيه للفهم والتدبر, لمن أراد أن يتذكر ويعتبر, فهل من متعظ به؟ .
.. التفسير الميسر .
- (ولقد يسرنا القرآن للذكر) سهلناه للحفظ وهيأناه للتذكر (فهل من مدكر) متعظ به وحافظ له والاستفهام بمعنى الأمر أي احفظوه واتعظوا به وليس يحفظ من كتب الله عن ظهر قلب غيره .
.. تفسير الجلالين .
( أنا لا أنفي هنا ضرورة توفر المقدرة اللغوية والفكرية لدى كل من أراد التفسير أو الإفتاء، ولكنني أقصد بأن المحاججة بالدليل والبرهان والمسلمات هو السبيل الصحيح للحوار والاجتهاد، وليست هذه الشروط التي وُضعت بعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ) .
، ومن هنا نستطيع أن نراجع ما بين أيدينا ونرى إن كان أهل العلم قد أخطئوا في جزئية ما فهنا نرجع إلى الأصل أي الكتاب والسنة والله سبحانه وتعالى قال " ما فرطنا في الكتاب من شيء " (الأنعام: 38).
وهنا أتساءل ! في ضوء هذه الآية الكريمة، وعلى هدي الآية السابقة( القمر 17 )
لماذا نحن مُطالبون بفهم أفكار السلف وتجميد عقولنا، إذا كان القرآن مُيسّر لنا بفضل الله، وجامع لكل ما نحتاجه، ولا يحتاج إلى تعويض أو إصلاح من أحد، ومادمنا مُحاسبون على عقولنا وظروف زماننا ومكاننا - لا على عقول السابقين وظروفهم .!
( لا أقصد النيل من جهود وإيمان السلف الصالح، ولكنني أقصد أنه ليس من الصواب أن نقدّس أفكار البشر ونجعل من اتباعها شرطاً لفهم القرآن وتفسيره ) .
بداية نأتي إلى السؤال الثاني سؤال أنس إبراهيم وهو في قولــه تعالى : "
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقُو فيـها " !
هنـــا كيف أو لا أدري كيف أصوغ اسؤال
كي لا أقــع في الكفر أو الشبهة
الله يأمر الناس أن يفسقو ثم يــعاقبهم كما في قولــه تعالى
كيف ذاك ؟ وإن لم يكن كذلك ؟
فما تفســير هذه الآية بالشكل الصحيح ؟ !
هنا أجاب أهل العلم وبالدليل من الكتاب ، وأخص بأهل العلم من توفرت فيهم الشروط السابقة الذكر - إضافة إلى الآداب التي يجب أن يتحلى بها طبعًا المفسر للقرآن - فإمّا أن نقبل وإمّا أن نرفض ؟ وإمّا أن نأتي بدليل آخر يثبت عكس ذلك ، لأن الله سبحانه وتعالى هو العادل الحكيم وله الأسماء الحسنى والتي تبين صفاته جل وعلا ، فإن كان تفسير هذه الآيات يتعارض مع كونه عادلاً وحكيمًا ورحيمًا ورءوفا بعباده فهذا يعني أن الإنسان يقع تحت ظلم عظيم لأنه لا دخل له بتصرفاته وأنه مجبر عليها وهذا يعني أن شرطًا من شروط الإيمان غير دقيق وغير عادل وحاشا لله أن يكون كذلك .
إن الإنسان يصبح مرتدًا عن الدين بإنكار أحد أُصول الدين، أو بإنكاره الضروري من الدين، والله سبحانه وتعالى ترك الحرية في اختيار الدين لمن كان في عصر النبوة بداية الرسالة فقال "لا إكراه في الدين" (البقرة:256) ، وهذا مخصوص بأهل الكتاب أمّا من كان غير ذلك فلم يترك له حرية الاختيار هل هذا صحيح ؟
المعذرة، فأنا لا أوافق على هذا الفهم، ولا أراه صحيحاً . فهذه الآية ليست محددة بزمن ولا بقوم معينين ..
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة256
256 - (لا إكراه في الدين) على الدخول فيه (قد تبين الرشد من الغي) أي ظهر بالآيات البينات أن الإيمان رشد والكفر غي، نزلت فيمن كان له من الأنصار أولاد أراد أن يكرههم على الإسلام (فمن يكفر بالطاغوت) الشيطان أو الأصنام وهو يطلق على المفرد والجمع (ويؤمن بالله فقد استمسك) تمسك (بالعروة الوثقى) بالعقد المحكم (لا انفصام) انقطاع (لها والله سميع) بما يقال (عليم) بما يفعل.
.. تفسير الجلالين .
قبل الإجابة على هذا السؤال والذي ننتظر إجابة من الآخرين عليه علينا أن نسأل أولاً : هل نقر أن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذا الكون وأننا نحن بنو البشر عبيد لله سبحانه وتعالى ؟ هل نقبل بذلك؟
لا خلاف بين العقلاء على هذا مُطلقاً .!
إذا قبلنا بذلك وأقررنا بذلك فهذا يعني أننا ملزمون بإتباع كل ما جاء به هذا الدين العظيم وكل ما عصيّ علينا فهمه علينا أن نرده إلى علم الله ، لأن ما عصيّ علينا فهمه إن كان لا يقدم ولا يؤخر في استعدادنا وإقرارنا بعبوديتنا لله سبحانه وتعالى فما الضير أن نتّهم قصورنا وتخلفنا عن فهم المقصود منه؟
أعلن موافقتي التامة وتأييدي الكامل لهكذا فهم، وهكذا حكمة .
ولذلك فأنا أعتقد بأن الأعتذار عن تفسير هذه الآية أو تلك، هو أفضل مئة ألف مرة من تفسيرها بما يُشتت الفكر ويُربك العقل.
إن الله سبحانه وتعالى يقول " إن الدين عند الله الإسلام " سورة آل عمران الآية : 19 وقال تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)سورة آل عمران الآية : 85 وقال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) سورة المائدة الآية : 3
وهنا علينا أن نقف قليلاً ونتمعن في هذه الآيات الكريمة ، فالله جل شانه أوضح أن الدين عنده هو الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومن يقول غير ذلك ويتبع غير هذا السبيل فهو خاسر فهل الله سبحانه وتعالى وضع الإنسان أمام خيار صعب ومستحيل القبول به لأن هذا الخيار الذي وضِعَ أمامه قاصر وغير عادل ولا يحقق السعادة لهذا الإنسان وعليه فللإنسان حرية الاختيار والبحث عن دين آخر ؟
الاختلاف ليس على أُسس الدين، ولكن على فهمنا للدين .
وإن كنت أقول إنه من المعلوم بأن كل من كان على ملة إبراهيم فهو من المسلمين ..
{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } البقرة133 .
وما هو شكل هذا الدين هل هو إلهي أم وضعي ومن صنع البشر ؟
ولدينا سؤال أيضًا : إذا تعارض العقل والمنطق ما ما جاء به هذا الدين فأيهما نتبع ؟
وهل عقلنا ومنطقنا ملم بكل أحوال هذا الكون من خلق ونشأة ؟
لا شك بأننا سنتبع ما جاء به الدين . ولكن - أُكـرر- بأن الاختلاف بيننا نحن المسلمين هو في فهم الدين، ولسنا مختلفين على صواب وكمال الدين .. وقصور العقل.
ولذا فإن قصور العقل قاسمٌ مشتركٌ بين بني البشر، فليس من حق مُسلمٍ - كائناً من كان - بعد الرسول، أن يدّعي امتلاك الحكمة لنفسه أو لسواه، وينفيها عن آخرين .
هناك سؤال طرحه الأخ الفاضل أبو بكر سليمان الزوي وهو : "هل أنت أو بقية الإخوة، على استعداد لأن تتقبلوا الفكر القائل بعدم صواب الإيمان بمفهوم القضاء والقدر، والكتابة المسبقة لأعمال البشر .. بمدلولها السائد والمفروض على الساحة الفكرية الإسلامية ؟ .."
وكيف يمكن أن نوفق بين الإجابة على هذا السؤال وبين الشرط الموضوع مسبقًا وهو "ولا أعني بذلك أن تتعارض إجاباتنا وأفكارنا مع أساسيات الإيمان - المنصوص عليها في القرآن " إذن أنا أستنتج من كل ذلك أن الإجابة محصورة في كتاب الله وسنة نبيه وإن من كان قبلنا قد أخطئوا في اجتهادهم في باب مسألة القضاء والقدر وفي تفسيرهم له ، وعليه نقول مرحبًا بكل اجتهاد ينير الطريق أمامنا ويبصرنا بما لم نكن نعرفه ولا نعلمه ومن اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد .وباب الاجتهاد مفتوح أمام الجميع لكن على أن يأتي بدليل من الكتاب والسنة .
وللحديث بقية ...
أشكرك على سعة صدرك وحسن تعاطيك ورفعة أسلوبك، واعلم أخي الفاضل بأني أعددتُ بحثاً أو تحليلاً حول مفهوم القضاء والقدر، أعتقد بأنه يُجيب عن كل الأسئلة - بمنطق لا يُخالف القرآن والسنة، ولكنه يختلف مع التفاسير القائمة .. لم أنشره بعد، وقد أضعه بين أيديكم في هذا المنبر العزيز .. إن شاء الله تعالى .
تقديري واحترامي للجميع
تقبلوا فائق تقديري وبالغ احترامي ..
أنس إبراهيم
15-09-2008, 01:55 PM
جزاكم الله خيراً وكفاكم
الآن أعلم وكنت عالماً أن هنا واحة الخير
شكراً لكَ أخي راضي وكفاك وأبسطك زيادةً في العلم
ولك أستاذي أبا بكر ووددتُ لو وزدتنا ببحثكِ كي نستفيدْ
تحيتي وتقديري وبالغ مودتي لكم
راضي الضميري
15-09-2008, 11:43 PM
الأخ العزيز أبو بكر سليمان الزوي
تحية حب وتقدير
بكل صدق أقول لك أنني أشعر بالفخر والاعتزاز كلما تحاورت معك ، فالحوار معك هو شرف كبير لكل من يسعى للوصول إلى طريق الحق الذي ينير القلوب والعقول .
ويعلم الله أنني لو لا الظروف التي أمر بها لبقيت بجوارك أتابعك وأتعلم منك ، وما عودتي الآن ورغم كل الظروف إلا لمتابعة الحوار معك ومع من هم بمثل علمك وخلقك الطيب .
بداية أود أن أعقب على قضية لا إكراه في الدين فأنا أعتقد وبناءًا على قراءتي للتفاسير التي قالها العلماء حول هذه الآية الكريمة - والتي فيها اختلاف أيضًا بين العلماء وما بين الناسخ والمنسوخ من القرآن – أنها جاءت بحق أهل الكتاب ، وسأورد هنا تفسير قرأته و لعلّه يفي بالغرض المقصود منه .
أن آية { لا إكراه } محكمة، ولكنها خاصة بأهل الكتاب، فإنهم لا يُكْرَهون على الإسلام إذا أدُّوا الجزية، وكانوا تحت حكم المسلمين؛ أما غيرهم فيجبرون عليه؛ وهذا القول الثاني هو ما عليه أكثر أهل العلم، وقد استدلوا لما ذهبوا إليه، بما رواه ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ( نزلت في الأنصار، قال: كانت المرأة منهم إذا كانت نزرة أو مقلاة - الذي لا يعيش لها ولد - تنذر لئن ولدت ولدًا لتجعلنه في اليهود، تلتمس بذلك طول بقائه، فجاء الإسلام وفيهم منهم، فلما أجليت النضير، قالت الأنصار: يا رسول الله، أبناؤنا وإخواننا فيهم، فسكت عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت: { لا إكراه في الدين } رواه البيهقي . وهذا الذي اختاره شيخ المفسرين الطبري وصوَّبه، وحمل عليه معنى الآية، فقال: ( وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال: نزلت هذه الآية في خاصِّ من الناس ) ثم قال: عنى بقوله تعالى ذكره: { لا إكراه في الدين } أهل الكتابين والمجوس، وكل من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق، وأخذ الجزية منه ) .
هذا ما أراه بخصوص هذه الآية الكريمة ، وهذا الأمر أي الاختلاف في التفاسير يعيدنا إلى النقطة الأولى والتي تفضلت بالتعليق عليها بخصوص الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يتصدى لتفسير القرآن العظيم ، والتي قلت أنها شروط تعجيزية ولعلّي لا أتفق معك فيما ذهبت إليه حرفيًا ، لأن المفسر إذا لم تتوفر فيه هذه الشروط فكيف سيعرف المقصود من الآيات ، كيف سيعرف مثلاً الناسخ من المنسوخ ؟ كيف سيفسر إذا لم يكن لديه علم بأسباب النزول ؟ وعلم الفقه والأصول ...ألخ وكيف – وهنا يأتي جوهر القضية – سنقبل منه نحن العامة ما يقوله وما يفتي به ؟ وكيف سنتعامل مع أحكام الدين والتي سيخرج بها علينا أولئك المفسرون أو الفقهاء ؟
وهنا نحن لا نلغي العقل وأهميته ، فنحن ومن بعد أن نرى ونقرأ ما تفضل به أهل العلم نستطيع أن نتعامل معهم بعقلنا ووعينا لكن على أن يكون العقل والوعي نابع عن دراسة وعلم وفهم ، يعني أنه لا يجب أن أكون ملمًا بشروط المفسر لكي أقبل أو لا أقبل ما جاء به المفسر ، لكن يجب أن أكون ملمًا بأمور هذا الدين ولديّ علم حتى أعرف إن كان ما جاء به - المفسر - هو الحق أم لا ؟
إن المفسر في نهاية الأمر إنما هو يقرر أحكام وشرائع لذلك علينا أن نعرف عمّن نأخذ العلم ، وأيضًا أن يكون عندنا علم .
إن القول بأننا مطالبون بفهم أفكار السلف وتجميد عقولنا،لا يصح أن يطلق على عمومه هكذا ، فهناك أمور تتصل في مسائل تصب في صلب العقيدة جاء بها السلف الصالح وكان تفسيرهم و فهمهم لها وفي معظمها كانت محل إجماع الصحابة وأهل العلم من بعدهم ، ومن هذه الأمور أمور تتعلق بأساسيات العقيدة ومنها القضاء والقدر ، ومعنى أن يختلف الزمان عن الزمان والظروف عن الظروف السابقة فهذا يمكن أن يكون في أمور تتعلق بتسيير حياة وشئون المسلم من أحكام وغيرها ، فمثلاً الزكاة في الزمن السابق لم تكن فيها أحكام وتعقيدات مثلما هي الحال اليوم لذلك تجد البعض يسأل عن أمور طرأت لم تكن موجودة عند من سبقنا ، وهنا يأتي الاجتهاد لأهل العلم في المسائل التي طرأت وجدّت ، لكن لا يمكن أن تكون في قضية تعلق بالقضاء والقدر لأن فهمنا لها لا بد وأن يكون نابعًا من فهمنا للكتاب والسنة وما قاله السلف الصالح في هذه المسألة إن كان يجانب الصواب أي الكتاب والسنة فهو مردود والقضاء والقدر لا يختلف من زمان إلى زمان ولا مكان ، و معظم أهل العلم المشهود لهم يقولون إن وجدَ في حديثنا ما يخالف الكتاب والسنة فحديثنا باطل وما أنا إلا مجتهد ، وهنا الاجتهاد يجب أن يكون مشروطًا بالنية الصالحة وصحة الاعتقاد مع جملة الشروط السابقة الذكر ، لأنه لا يعقل أن يأتيني حاقد أو ناقم على هذا الدين فيفسر مثلاً حديث " الإفك " بما يتناسب وأهواءه ثمّ يقول عندما يرده البعض ، آسف إنما أنا مجتهد .
إن السؤال موضع البحث والنقاش هو باختصار : هل نحن مقدّر لنا أن نفعل الخطأ ثمّ نحاسب عليه ؟ هكذا أرى السؤال وهو متعلق بالآية الكريمة في سورة الإسراء " " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيـها " ! والجواب عليه كان من الكتاب والسنة وهو يقول باختصار " أمرنا مترفيها بطاعتنا وبمنهجنا، ولكنهم خالفوا وعصوا وفسقوا؛ فحق عليهم العذاب " وهذه سنة إلهية لا تتخلف ولا تتبدل.
... إن قولك أخي الحبيب " بأن الاختلاف بيننا نحن المسلمين هو في فهم الدين، ولسنا مختلفين على صواب وكمال الدين .. وقصور العقل " أتفق معك فيما ذهبت إليه ، لذلك فأنا أتطلع وبكل شوق لرؤية أية أفكار أو مفاهيم تبيّن وتوضّح صلب هذا الاختلاف بين المسلمين في فهم الدين على أن تكون متفقة تمامًا على صواب وكمال هذا الدين العظيم .
نعم هناك اختلافًا بيننا كمسلمين في فهم الدين ، وهو اختلاف بين العلماء لكن له آدابه والتي مع الأسف لم يلتزم بها تلامذة أولئك العلماء ، ومن هنا حصل هذا الخلط والتخبط في المفاهيم والأفكار ، لأننا بتنا نرى كثيرًا ممّن يدعون العلم وحتى في مجال الدعوة وهم أبعد ما يكونون عن ذلك والأمثلة كثيرة ، يكفي فقط أن تطالع هذه الفضائيات لترى أن البعض منهم لا يكاد يجيد تفسير أو نطق آية أو حتى حديث شريف ومع ذلك فله جمهوره ، ناهيك عمّن تصدى للعلم والدعوة لكن بطريقة أخرى وهي السلاح فخرب ودمر وزاد الطين بلة لكنهم ومع ذلك ويحسبون أنهم مهتدون ، والله تعالى أعلم بالنوايا .
لقد سعدت وتشرفت بك أيها الأخ العزيز وبحواري معك ويعلم الله أنني كنت أود أن أستمر لكن الظروف وضيق الوقت والكتابة في مقاهي الانترنت تجعل من الحليم حيرانا ، وعلى كل حال أرجو أن تسنح ليّ الفرصة لمتابعة كل ما تكتبه ، وبخاصة بحثك وتحليلك حول مفهوم القضاء والقدر ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يغفر لنا ذنوبنا ويشملنا برحمته الواسعة ، إنه سميع مجيب .
تقديري واحترامي وكل عام وأنت بألف خير
راضي الضميري
15-09-2008, 11:48 PM
جزاكم الله خيراً وكفاكم
الآن أعلم وكنت عالماً أن هنا واحة الخير
شكراً لكَ أخي راضي وكفاك وأبسطك زيادةً في العلم
ولك أستاذي أبا بكر ووددتُ لو وزدتنا ببحثكِ كي نستفيدْ
تحيتي وتقديري وبالغ مودتي لكم
الأخ العزيز أنس
بارك الله فيك وجزاك عنا خير الجزاء وكل عام وأنت بألف خير
تقديري واحترامي
عبدالصمد حسن زيبار
16-09-2008, 12:12 AM
مرحباً بالجميع ، وعذراً على تأخر المشاركة في هكذا موضوع .. هام وجميل ..
وإذا سمح لي الأخ الكريم \أنس إبراهيم؛ والأخوة الذين سبقوني بتناول الموضوع، فإنني سأعيد صياغة الحوار ومنطلقاته ..
أقول .. إن تناول موضوعٍ أو تساؤلاتٍ بهذا الحجم وبهذه الحساسية، يتطلب منا وضع آلياتٍ دقيقة وواضحة !
فنحن نعلم بأنّ هذه التساؤلات هي أساسٌ في صلب العقيدة الإسلامية، كما هي محورٌ في صلب كل المعتقدات ..
وهنا أسأل : هل يبحث الأخ السائل، عن الإجابة التقليدية التاريخية عند المسلمين - لهذه التساؤلات!
فإذا الجواب بنعم، فأقول إن محركات البحث على الإنترنت، كفيلة بعرض آراء كل الفقهاء قديماً وحديثاً ..
ولا يمكنني أن أُضيف سوى رأيي المتواضع حول تلك الإجابات، فأقول إنها من الغموض والضعف والالتباس، بما يُشتت الفكر، ويُحيّر العقل، ويطرح المزيد من التساؤلات !
أما إذا كان البحث هو عن آراء وأفكارٍ وإجابات جديدة يقبلها العقل وتزيل الغموض، .. فإنني اقول بأن الأمر ممكنٌ جداً، بشرط أن نتفق على تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الفقهاء أمام العقل والمنطق، .. ولا أعني بذلك أن تتعارض إجاباتنا وأفكارنا مع أساسيات الإيمان - المنصوص عليها في القرآن.
مثلاً .. هل أنت أو بقية الإخوة، على استعداد لأن تتقبلوا الفكر القائل بعدم صواب الإيمان بمفهوم القضاء والقدر، والكتابة المسبقة لأعمال البشر .. بمدلولها السائد والمفروض على الساحة الفكرية الإسلامية ؟ ..
أنتظر جوابك الصريح، لنبدأ الحوار، أو لأعتذر عن الاستمرار .!
وأشكرك على طرح الموضوع .
سلام الله عليكم مفهومنا للقضاء و القدر أصابه التباس و انحراف عن الأصل الموافق لمراد الله عز وجل أخي المكرم أبو بكر ننتظر بحثك حتى ننهل منه ما ينفعنا بإذن الله نتحاور و نطور الرؤى للخير تحياتي
أبوبكر سليمان الزوي
16-09-2008, 08:45 PM
السلام عليكم ..
أخي عبد الصمد، أهلاً بك، وكل عام وأنت بخير ..
فنحن مسلمون لله، على ملة أبينا إبراهيم عليه السلام- فهو الذي سمّانا المسلمين، نسير على هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. بقرآننا المجيد المُنزّل والميسّر والمحفوظ من لدن رب العالمين ..
أخي الفاضل .. أنا أؤمن على أساس، أنّ الإيمان الذي لا يدخل عن طريق بوابة العقل، ولا يحظى بموافقة المنطق .. فهو إيمان لا يصل إلى مراكز صنع السلوك والأخلاق لدى الإنسان، وبالتالي فإن أقله يهدم الفطرة، وأقصاه لا يبني إنساناً مؤمناً .!
لماذا طرح الأخ السائل سؤاله هنا، في حين أن الإجابات التقليدية التاريخية للفقهاء .. تملأ المواقع الإسلامية .!
أليس معنى ذلك أن الإجابات المتوفرة لم ترقَ إلى مستوى الإجابة المفهومة والمقنعة .!
أما بخصوص إيماني بالقضاء والقدر، وفهمي لمسئولية الإنسان عن أفعاله .. فبالرغم من الشرح المستفيض الذي تفضّل به - مشكوراً- الأخ العزيز\راضي الضميري .. في أول مشاركاته في هذا الموضوع ..
إلا أن المؤمن المنصف والباحث عن الحقيقة من أجل تثبيت إيمانه، ومن أجل أن يكون ممثلاً ناجحاً للإسلام .. فإنه لا يمكنه أن يتجاهل الغموض الذي يلف هذه المفاهيم الإيمانية، منذ ظهورها كنتائج للفتنة الكبرى التي قسّمت المسلمين شيعاً - كل حزب بما لديهم فرحون - إلى يومنا هذا .
وعلى كل حال، فكما قلت سابقاً، فإن لي بحث بهذا الخصوص، أرجو أن أستكمله، وقد أضعه بين أيديكم .
تقبلوا فائق تقديري وصادق احترامي ..
أنس إبراهيم
16-09-2008, 11:25 PM
أوافق على قول الأستاذ أبا بكر وأطلب منه الحوار الجدي دون الخطوط الحمراء التي لن تنجاوزها لطالما كنا نريد النفع والبينات للأمة
جزاكم الله خيراً وأعاننا على ما نحن فيه . .
أنس إبراهيم
16-09-2008, 11:28 PM
إلا أن المؤمن المنصف والباحث عن الحقيقة من أجل تثبيت إيمانه، ومن أجل أن يكون ممثلاً ناجحاً للإسلام .. فإنه لا يمكنه أن يتجاهل الغموض الذي يلف هذه المفاهيم الإيمانية، منذ ظهورها كنتائج للفتنة الكبرى التي قسّمت المسلمين شيعاً - كل حزب بما لديهم فرحون - إلى يومنا هذا .
أستاذي أبو بكر
هذا ما أردت قوله وأشد عليك به
وأضيف بشكل عام
المؤمن الإيجابي الذي يعلم علم اليقين أن الأمور الملمة والغامضة في الدين هي حقيقة ثابتة
ويرى في نفس الوقت غيره يشك بها ومن الممكن أن توصل به إلى الكفر والخروج من الإسلام واجب على ذلك المؤمن أن يبحث حتى يصل إلى الطريقة التي توصل غيره إلى ما هو وصل إليه . .
هكذا يكون مؤمناً . .
أعذروني إن زدت في الكلام
أبوبكر سليمان الزوي
16-09-2008, 11:45 PM
الـــسلام عليــكُم
منــذ شهور
ويتــبادر بذهـــني سؤال
أو لنــقل أسئــلة
منـها
...
...
...
في قولــه تعالى : " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقُو فيـها " !
هنـــا كيف أو لا أدري كيف أصوغ اسؤال
كي لا أقــع في الكفر أو الشبهة
الله يأمر الناس أن يفسقو ثم يــعاقبهم كما في قولــه تعالى
كيف ذاك ؟ وإن لم يكن كذلك ؟
فما تفســير هذه الآية بالشكل الصحيح ؟ !
أرجو من مفكرينا الأفاضل وفلاسفتنا
توضيح الأمر وخوض النقــاش
تحيتي لــكُم
وأنــا أول من سأل وسأخوض في النــقاش
الأخ العزيز\أنس .. تحية طيبة
هذه إجابتي - ووجهة نظري الخاصة - حول سؤالك بخصوص تفسير هذه الآية الكريمة ..
أرجو أن يهدأ بها روعك، ويطمئن لها قلبك .. وبالله الاستعانة، وعليه التوكّل، فهو ولي التوفيق ..
.
.
.
نحن نؤمن بأن الله هو الحق والعدل ..
ونؤمن بأن الله لا ينتظر إذناً من سواه فيما يريد فعله ..
فهو مالك الملك خالق كل الخلق .. سبحانه، لا يُسأل عما يفعل وهو يُسألون ..
وبذلك، فنحن نؤمن بأنه لا يحتاج أن يُبرّر أوامره وأفعاله لأحدٍ من خلقه ..
ولكنه اقتضى بحكمته ومشيئته ألا يكون للناس عليه حُجّة ..
وعدلُ الله في مثل هذه الواقعة التي تصفها الآية الكريمة،
يمكنني فهمه ووصفه كالآتي :
أنّ القرية استحقت غضبُ الله وعقابه بأفعال أهلها، ولكن أفعالهم ومعاصيهم ليست معلومة -أي ليست منظورة لمن حولهم-، فهم يُظهرون للناس الإيمان - خلاف ما يعملون حقيقة، ..
وبالتالي، فلو ان الله سبحانه وتعالى، دمّـر هذه القرية بسبب أفعال أهلها - المستترة- التي لا يراها ولا يعلمها الآخرون، فإن في ذلك ما يُربك المؤمنين من حولهم ! لأنهم سيتوقعون ذات المصير دون معرفة السبب .!
ولذلك، فإن الله سبحانه وتعالى، يُيسّر الطريق للمترفين من أهل تلك القرية، لتولي السلطة والقرار فيها، وهم سيفسقون فيها - والفسق هو الخروج عن أمر الله بإظهار المعصية والمجاهرة بها-، ( كما قال عن إبليس .. ففسق عن أمر ربه ) ..
وحينها ستكون معاصيهم ظاهرة لمن حولهم من المؤمنين، وسيتوقعون لهم سوء العاقبة، ولن يتفاجأوا بتدميرها.
وسيفرح المؤمنون بإيمانهم ويتمسكون بصالح الأعمال، .. حيث سيُدركون أن ذلك هو ما أنقذهم من مصير تلك القرية .!
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }هود117
والله تعالى أعلم، والله ولي الصالحين .
راضي الضميري
16-09-2008, 11:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الفاضل أبو بكر سليمان الزوي
لقد عدت لهذا الموضوع - وبعد قراءتي لما أورده الأخ الفاضل عبد الصمد حسن زيبار وللرد الذي تفضلت به مشكورًا – لأقول ما يلي :
إنْ الخوض في أية مسألة تخص العقيدة الإسلامية هي شأن خاص لكل إنسان وذلك حتى يعرف هذا الإنسان ما له وما عليه ، وحتى يكون على بينة من أمره ، وهنا فأنا أفترض المثال التالي : لو أنْ شخصًا جاءنا وطلب الدخول في الإسلام ولكنه قبل ذلك أراد منا أن نوضح له ماذا تعني العقيدة الإسلامية وما هي الشروط التي يجب أن يستكملها حتى يصبح مسلمًا ؟ وهنا نقول له أولاً : هناك أركان الإسلام الخمسة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم " بنيّ الإسلام على خمس ...إلى آخر الحديث " يجب أن تؤمن بها وتعمل بمقتضاها ، وهناك أركان الإيمان وهي ستة ومن ضمنها الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره ، ولو طلب منا هذا الشخص أن نوضح له ما معنى الإيمان بالقضاء والقدر فعلينا أنْ نجيبه وبدليل من الكتاب والسنة ، ولو أنه كان يعلم مسبقًا بجملة من الأقوال حول هذا الأمر ومنها أقوال الفرق التي ضلت – حسب قناعتنا – ومنها القدرية والجهمية وسألنا مثلاً ما هو القول الصحيح في هذا الأمر وهنا لأجبناه أيضًا بما قاله أهل العلم – من أهل السنة والجماعة وهو قول توسط بين القدرية والجبرية - ويمكننا أنْ نقول باختصار ما قال أحد العلماء وهو " أن قضاء الله تعالى وقدره من ربوبيته سبحانه وتعالى لخلقه فهو داخل في أحد أقسام التوحيد الثلاثة التي قسم أهل العلم إليها توحيد الله عز وجل :
القسم الأول : توحيد الألوهية ، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة .
القسم الثاني : توحيد الربوبية وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير .
القسم الثالث : توحيد الأسماء والصفات ، وهو توحيد الله تعالى بأسمائه وصفاته .
فالأيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل ولهذا قال الأمام احمد رحمه الله تعالى : القدر قدرة الله لأنه من قدرته ومن عمومها بلا شك وهو أيضا سرٌ الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ."
فإن نحن آمنا بكل ما سبق من سلامة الإعتقاد بتوحيد الله تعالى وبكل ما يترتب على ذلك ، وأيضًا إيماننا بأن هذا هو الدين الحق ، وأيضًا سلّمنا بكل ما جاء به هذا الدين العظيم ، لا يبقى أمام الطرف الآخر إلا أنْ يقبل أو يرفض ، ونحن هنا لا نضعه أمام شرط تعجيزي ؛ لأن من يؤمن بأن الله تعالى هو خالق هذا الكون ومدبّر شئونه ، ومن يسلّم بأن هذا الدين هو الدين الحق ويرى بأم عينه المعجزات الخالدة لهذا الدين والتي جاءت لتثبت صحته ، ومنْ يرى المعجزات العلمية والتي أبهرت العالم قديمًا وحديثًا ، فلا أظن أنه سيخالف ما جاء به هذا الدين ، وحتى لو لم يستطع أن يصل إلى قناعة تامة بالنسبة لمسألة القضاء والقدر – هذا إن لم يوافق كليًا على القول السابق للسلف حول هذا الأمر - لأن عقله وفهمه إنْ لم يسعفه في الوصول لإجابات شافية فعليه أنْ يرد الأمر برمته إلى علم الله سبحانه وتعالى ، لأن معنى عدم إدراكنا لأمر ما من أمور الدين لا يعني أن النقص والقصور هو في الدين بل في عقولنا نحن ، وأيضًا فمن المعلوم أنْ هناك من تكلم في القضاء والقدر ممّن سبقونا وكان هناك خلاف فيما بينهم حول هذا الأمر ومن المعلوم أيضًا أنْ هناك كراهية في الخوض بمثل هذه الأمور الغيبية والتي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، وقد رويّ ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يومًا فوجدهم يخوضون في القدر ويتلكمون فيه فنهاهم عن ذلك وقال أنْ ما أهلك الذين من قبلكم إلا هذا الجدال ، وبعدْ ؛ فإن القول في مثل هذه الأمور إنْ كان ولا بد ، ومن باب الاجتهاد فهو يحتاج إلى دليل قوي من الكتاب والسنة وبما يوافق توحيد الله عز وجل لا بالرأي ، فإن توصلنا مثلاً إلى أنْ نتيجة ما توصلنا إليه تخالف ما سبق ذكره نتهم أنفسنا ونرد الامر لله سبحانه وتعالى ، لأن هذا من علم الغيب ، على الرغم من أن من يراجع ما قاله أهل العلم من أهل السنة والجماعة والدلائل التي جاءوا بها من كتاب الله لكفاهم ذلك ، ولكن لا حرج من الاجتهاد علمًا أنْ هذا الاجتهاد وفي هذه المسألة بالذات لا يغني ولا يسمن من جوع بعد كل ما ذكر ، ولأنها قد تصل بمن يتصدى لها إلى درجة أنه قد ينكر كل أصول الدين إنْ لم يتوافق ما رآه مع أصول التوحيد التي يجب أن نؤمن ونقر بها .
وهنا أعود لكلام أخي الفاضل أبو بكر سلمان الزوي " إلا أن المؤمن المنصف والباحث عن الحقيقة من أجل تثبيت إيمانه، ومن أجل أن يكون ممثلاً ناجحاً للإسلام .. فإنه لا يمكنه أن يتجاهل الغموض الذي يلف هذه المفاهيم الإيمانية" فأقول فتح الله عليك وشرح صدرك وأنار دربك أخي الفاضل ونحن لم نسمع بعد ما تريد قوله حول هذا الأمر لذلك سننتظر إلى حين أنْ تطرح رؤيتك ، وفقك الله لما فيه خير الدنيا والآخرة ، وبعدها سنرجع ونتابع معك بإذن الله تعالى.
تقديري واحترامي للجميع
سيف الدين
17-09-2008, 12:40 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت ما جادت به أقلامكم الكريمة وما نطفت به من شهد الكلام ومن فكر مستنير , ومن طريقة حوارية متأدبة فيها الحكمة والموعظة الحسنة فبارك الله بكم جميها وهدانا الله وإياكم للحق
واعذروا تطفلي عليكم بالمشاركة في هذا البحث الراقي لعلي القي بسهم لإنارة الدرب أو أستنير منه إن كنت مخطئا
الإخوة الأكارم
موضوع البحث هو في القضاء والقدر
وهو بحث أكل وقتا وجهدا واختلف الناس فيه على ثلاثة آراء كما تفضلتم وذكرتم , وكان مما قرأت حول هذا الموضوع بحثا حل عندي هذا الإشكال يتلخص فيما يلي
إن معرفة أساس البحث الذي يبنى عليه يوجب الوصول إلى حل صحيح , وأساس البحث هنا لا علاقة له من حيث علم الله الأزلي فيما كان أو ما هو كائن أو ما سيكون , ولا علاقة للبحث من حيث عدل الله المطلق و أو كتابته في اللوح المحفوظ
ولكن له علاقة بفعل الإنسان من حيث الثواب والعقاب , أي أن هذا الفعل إن قام به العبد يأثم أو يؤجر عليه
وهذا يوجب البحث في ذات الفعل , والمدقق في أفعال العباد يجد أنها لا تخرج عن دائرتين
دائرة تسيطر على الإنسان ودائرة يسيطر عليها الإنسان
أما الدائرة التي تسيطر على الإنسان فهي الدائرة التي يخضع لها الإنسان جبرا عنه ولا قبل له بردها أو دفعها مطلقا كأن يولد الإنسان ولم يختر أبويه أو شكل جسمه أو لون عينيه , أو أنه لا يستطيع أن بطير في الهواء أو يسير على الماء برجليه , وما شاكل من هذه الأعمال , أو أن يكون الفعل منه أو عليه بدون إرادة منه كأن يقع عن سطح دار على إنسان فيقتله , أو يمشي بالسيارة فيقع حادث فيصيب إنسان فيقتله أو يجرحه .
فهذه الأفعال وما شاكلها مما ليس بمقدور الإنسان دفعها أو ردها ولا قبل له بردها أو دفعها , هي أفعال لا يحاسب العبد عليها مطلقا بل هي تقع في قضاء الله عز وجل , الذي نؤمن به أنه من الله وحده , بغض النظر عما أنتج هذا الفعل من خير أو شر ( حسب مقاييس الإنسان للخير والشر ) , بل نؤمن أنها من عند الله وحده , لذلك فإننا نقول وندعو الله ( اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه )
لذلك فالقضاء هو : كل فعل يقع على الإنسان منه أو عليه جبرا عنه ولا قبل له برده أو دفعه مطلقا
أما القدر , فهو أن الله خلق الأشياء من العدم وقدر فيها خواصها التي لا يستطيع أي بشر لأن يسلبها منها , فخلق النار وقدر فيها الإحراق فهي تحرق وقدر في الخشب قابيلة الإحتراق , ولا يمكن أن تكون النار لاتحرق ولا يمكن نزع هذه الخاصية منها , ولا تنزع إلا بأمر الله عز وجل وهذه لا تكون إلا بمعجزة من الله عز وجل ولا تكون إلا للأنبياء كما حصل مع سيدنا إبراهيم عليه السلام
أما الدائرة التي يسيطر عليها الإنسان , فهي الدائرة التي تقع فيها أعماله التي يحاسب عليها , والتي بمقدوره أن يفعلها أو يمتنع عن فعلها , فإنك تستطيع أن تزني والعياذ بالله وتستطيع أن تمتنع عن الزنا فإن فعلت الفاحشة أثمت وإن امتنعت عنها لله آجرك الله , وأنتتستطيع أن تختار النظام الذي تسير عليه , فإن اخترت الإسلام نجاك الله وأدخلك الجنة , وإن اخترت غير الإسلام أثمت ودخلت النار , فلذلك قال الله عز وجل " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " وقال " إنا هديناه النجدين "
فهذه الأفعال وما شاكلها هي التي تحاسب عليها ولا شأن لموضوع القضاء والقدر فيها
والله تعالى أعلى وأعلم
إخوتي الأفاضل هذا ما عندي , فإن أصبت فمن الله عز وجل وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان
وأستغفر الله العظيم أولا وآخرا
وبارك الله بكم وأرجو أن لا أكون أثقلت عليكم
خليل حلاوجي
17-09-2008, 08:57 AM
أخي الحبيب : قولك
(( وللشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يفسر القرآن ومنها :
-علم أسباب النزول .
ـ علم الناسخ والمنسوخ .
ـ علم النحو والصرف والإعراب .
ـ علم البلاغة ومنها علم المعاني وعلم البديع وعلم
ـ علم القراءات .
ـ علم التجويد .
ـ علم الفقه وعلم أصول الفقه .
ـ علم الكلام .
ـ الإلمام بالإسرائيليات والموضوع والدخيل على كتب التفسير والحديث .
ـ العلم بالسنة النبوية المطهرة .
ـ العلم بمصطلح الحديث وعلم الرجال والعلل والجرح والتعديل والعلم بالأسانيد .
الشروط التي تتعلق بالاعتقاد والسلوك :
ـ صحة الاعتقاد .
ـ لزوم السنة .
ـ أن لا يكون تأويله وتفسيره خارجاً عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة والخلف من التابعين وعلماء الأمة .
ـ التجرد من الهوى .))
أقول
1\
هل هذه العلوم غير مشمولة بالتطور والتبدل والنضوج المعرفي ... وكما هو معلوم أن المعرفة ذاتها كائن حي ينمو ...؟؟؟
2\
هل هذه العلوم تحمل المصدر المقدس الذي يحمله القرآن المجيد ؟؟؟ أم إنها من وضع البشر الذين لا نقر لهم بالعصمة ... ذلك أن صاحب قبر طيبة هو المعصوم الأوحد في عقيدتنا ... !!!
3\
هل جهود التنقيب والإثراء الفكري ... يكفيه أن يكون جهداً فردياً أم المسألة بحاجة إلى مؤسساتية منضبطة بإعادة قراءة مناهج البحث العلمي لدينا ...
4\
بحسب د. طه جابر العلواني ... فإن مهمة تنقية التراث الفكري تعني غربلة ستة مليون كتاب .
وهنا ينبغي أن نتنبه إلى ( الكتاب التراثي) الذي يدور في فلك الشريعة عن غيره ممن يحوم حول الحمى
\
رابعاً
تقبلوا بالغ تقديري ... لهذه القلوب التي اجتمعت على حب الله وكلامه وحب رسوله ورسالته الخالدة ..
أبوبكر سليمان الزوي
17-09-2008, 04:28 PM
الأخوان: أنس، وراضي .. أنتظر تعليقكما على المشاركة رقم 30 ، 16-09-2008, 07:45 pm ( تفسير الآية الكريمة ) .
.................................................. ..........
الأخ : سيف الدين .. مرحباً بك، أخاً كريماً، نتباحث وإياه سوياً أمور ديننا ودنيانا ..
لم يُعجبني قولك ( ... وأرجو أن لا أكون أثقلت عليكم )، فأنت يا أخي في ساحة حوار حر - فريدة من نوعها، نحن هنا، في رابطة الواحة الثقافية العالمية\ مُلتقى النخبة لبناء الوطن الحلم وإعادة الصياغة .. هذا هو شعارنا .. الذي يتناساه البعض .. و والله لا أدري لماذا .!
فكيف يمكن أن تُثقل علينا، ونحن ننادي على أمثالك، ونبحث عنهم . .. استمر معنا بارك الله لك وبك ..
.
.
أما قولك .. في تعريف القضاء والقدر وعلاقتهما بأفعال الإنسان وإرادته .. على النحو التالي : ( باختصا ر) ..
( فالقضاء هو : كل فعل يقع على الإنسان منه أو عليه جبرا عنه ولا قبل له برده أو دفعه مطلقا ...
أما القدر , فهو أن الله خلق الأشياء من العدم وقدر فيها خواصها التي لا يستطيع أي بشر لأن يسلبها منها ...
.
.
أما الدائرة التي يسيطر عليها الإنسان , فهي الدائرة التي تقع فيها أعماله التي يحاسب عليها , والتي بمقدوره أن يفعلها أو يمتنع عن فعلها , فإنك تستطيع أن تزني والعياذ بالله وتستطيع أن تمتنع عن الزنا فإن فعلت الفاحشة أثمت وإن امتنعت عنها لله آجرك الله , وأنت تستطيع أن تختار النظام الذي تسير عليه , فإن اخترت الإسلام نجاك الله وأدخلك الجنة , وإن اخترت غير الإسلام أثمت ودخلت النار , فلذلك قال الله عز وجل " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " وقال " إنا هديناه النجدين " فهذه الأفعال وما شاكلها هي التي تحاسب عليها ولا شأن لموضوع القضاء والقدر فيها )
أرجو أن نقرأ آراء بقية الإخوة حول هذا التعريف .. للقضاء والقدر وعلاقتهما بإرادة الإنسان وأفعاله .!
وأنا من جهتي، لا أختلف مع هذا الفهم، من حيث المبدأ .!
أودُّ التذكير بأن السؤال الأساسي المطروح من قبل الأخ\ أنس، كان حول هذه الأفعال، من حيث إنها مكتوبة سلفاً، وقبل أن يُخلق الإنسان أو قبل أن يفعلها عملياً ..
فكيف يُفهم ذلك، وما الحاجة إلى الرسل والأنبياء والمصلحين، وما الفائدة .. إذا كانت أعمالنا - صواباً أو خطأً ، سيئة أو حسنة .. مُقدّرة ومعلومة عند لله ومكتوبة في صحائفنا قبل أن نباشر فعلها .!
.................................................. .....
.. أخي خليل ..
نعم .. تماماً، وفقك الله،
هكذا ينبغي إنصاف المعرفة، بإعمال البصيرة ..
فالعلوم حية وتنمو وتتطور، وكذلك مراجعها، ومسلماتها الفكرية والثقافية فإنها تتغير، والمعايير تتبدل ...
فسبحان الذي كتب التغيير على كل ما سواه .. قوة وضعفاً، صواباً وخطأً، حياة وموتاً .. وإليه المصير .
تحياتي للجميع ..
راضي الضميري
17-09-2008, 10:29 PM
، 16-
[b]أودُّ التذكير بأن السؤال الأساسي المطروح من قبل الأخ\ أنس، كان حول هذه الأفعال، من حيث إنها مكتوبة سلفاً، وقبل أن يُخلق الإنسان أو قبل أن يفعلها عملياً ..
فكيف يُفهم ذلك، وما الحاجة إلى الرسل والأنبياء والمصلحين، وما الفائدة .. إذا كانت أعمالنا - صواباً أو خطأً ، سيئة أو حسنة .. مُقدّرة ومعلومة عند لله ومكتوبة في صحائفنا قبل أن نباشر فعلها .!
تحياتي للجميع ..
الأخ الفاضل أبو بكر سليمان الزوي
هذا ردي على تساؤلك فما تقول فيه أخي الفاضل :
1- روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله وكل في الرحم ملكا فيقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يخلقها قال يا رب أذكر يا رب أنثى يا رب شقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه).
2- ورى الإمام أحمد في مسنده عن زيد بن وهب عن عبد الله قال : : ( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه في أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات رزقه و أجله و عمله و شقي أم سعيد ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكن بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها ، و إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها .).
3-روى البخاري عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بقيع الغرقد في جنازة فقال: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار"، فقالوا: يا رسول اللّه أفلا نتكل؟ قال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى - إلى قوله - للعسرى} (أخرجه البخاري)، وفي رواية أُخرى عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: "ما منكم من أحد - أو ما من نفس منفوسة - إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا كتبت شقية أو سعيدة"، فقال رجل: يا رسول اللّه أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى أهل الشقاء؟ فقال: "أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاء فييسرون إلى عمل أهل الشقاء"، ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} (أخرجه البخاري وبقية الجماعة). وعن جابر بن عبد اللّه أنه قال: يا رسول اللّه أنعمل لأمر قد فرغ منه أو لأمر نستأنفه؟ فقال: "لأمر قد فرغ منه" فقال سراقة: ففيم العمل إذاً؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كل عامل ميسر لعمله" (رواه مسلم وابن جرير)
4-وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة
5-" والله خلقكم وما تعملون " سورة الصافات آية 96 ، مذهب أهل السنة "أن الأفعال خلق لله عز وجل واكتساب للعباد "
6-قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . {الحديد: 22 فما هو تفسيرك لهذه الآية ؟
7- وجهت أخت لأحد العلماء سؤال هو التالي وأنا أدرجه هنا لاستكمال الفائدة والغرض الذي أريد توضيحه " السلام عليكم
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه
فضيلة الشيخ أنا - والحمد لله - مؤمنة يقينا بقضاء الله وقدره، وأن قضاءه سبحانه سبق خلقه، ولا راد لقضائه، وأنه سبحانه ذو العدل المطلق، لا يظلم عنده أحد، ولا يجازى الإنسان إلا بما كسب.
أما سؤالي: إذا كانت أفعال وقرارات كل إنسان مسطورة في كتاب قبل أن يخلق فما هو مدى حريته في اتخاذ قراراته وأفعاله؟ وهل إيمانه وكفره وصلاحه
وفسقه من القضاء؟ وهل جزاؤه - الجنة أو النار - من القضاء؟
أرجو أن لا يغضب سؤالي ربي لأني راضية بما قدره لي ربي - والحمد لله - لكن ليطمئن قلبي.
أسأل الله الرحيم أن يثبت قلوبنا على دينه، وجزاكم الله خيرا (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
فكان الجواب كم يلي : بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة– فإنا نعلم أن الله تبارك وتعالى – كما ذكرت – حكم عدل، وأنه سبحانه وتعالى لا يظلم بل ولا يحب الظلم، فقد حرمه جل جلاله ولا يجازي الإنسان – كما ذكرت – إلا بما كسب، بل إنه يعفو عن كثير – سبحانه جل جلاله – (فإذا أساء الإنسان إساءة ما فإنه يجزى عليها مفردة بدون مضاعفة، أما إذا أحسن فإن الله تبارك وتعالى جل جلاله يجعل الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة بل قد يعفو عن الزلات أيضًا فهو العفو الغفور جل جلاله.
أما بالنسبة لمسألة الحرية أو ما كُتب فإنا ننظر في تصرفات العبد فنرى أنها تنقسم إلى قسمين: أولاً: قسم لا دخل له فيه، وهذا لا يحاسبه الله تبارك وتعالى عليه كمسألة الأمراض، ومسألة الغنى والفقر، ومسألة الموت والحياة، ومسألة الطول والعرض، هناك مسائل يسمونها اضطرارية أو إجبارية أو أن العبد مسير فيها وليس مخيرًا، فكل شيء ليس فيه إرادة للعبد لا يؤاخذه الله تبارك وتعالى عليه، الشيء الذي لا إرادة فيه لا يحاسبه الله تبارك وتعالى عليه رحمةً به؛ لأن الله خلق هذه الأشياء وجعل هذه الأشياء تتنزل على العباد لحكمة يعلمها جل جلاله سبحانه، فالإنسان قد يصاب بمرض ويظل يعالج وهذا المرض قد يستمر لسنوات وهو لا يدري لماذا هذا الأمر حدث، سبق في علم الله تعالى أنه لو كان صحيحًا فقد يكثر في الأرض فسادًا عظيمًا، وأن فساده سيضر الناس فيُبتلى بهذا المرض ليقعده الله عن الحركة أو عن النشاط الكامل التام، أو يعطل بعض أجزائه رحمة بخلق الله تعالى، لا يعلم مدى ضررهم من هذا الشخص إلا الله سبحانه، وهكذا هلم جرَّا.
القسم الثاني: وهو الذي خُيِّر فيه الإنسان، ومعنى خُير فيه أي تركت له حرية الإرادة والاختيار؛ ولذلك - بارك الله فيك – إذا تقدم إليك أحد الأزواج فأنت تختارين الزوج الذي يناسبك، الأطعمة أنت تختارين الطعام الذي تريدين، الألبسة أنت تختارين من الألوان ما تميلين إليه وما تحبين، حتى تفصيل الملابس وطريقة الخياطة وإعدادها، هذه الأمور كلها نحن نفعلها باختيارنا.
كذلك قضية الصلاة، فالله تبارك وتعالى أمرنا بالصلاة فمنا من يصلي ومنا لا يصلي، قد نسمع الأذان يؤذن ونحن على بعد أمتار فمنا من يتحرك ومنا لا يتحرك قيد شعرة ولا يحرك ساكنًا، الزنا حرمه الله تبار وتعالى ولكن من الناس من يفعله ومنهم من لا يفعله.
إذن هذه المسائل الخيارية - بارك الله فيك – هي التي يعرف بها الإنسان وهي التي ميزت الإنسان عن الحيوان؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} جمهور العلماء على أن الله فضلهم بنعمة العقل، والعقل هو الإدراك والتمييز، والقدرة على تمييز الضار من النافع والحسن من السيئ والخير من الشر، هذه هي التي جعلنا الله تبارك وتعالى بها متميزين عن سائر المخلوقات.
هذه الجوانب - أختي الكريمة – هي التي يحاسبنا الله تبارك وتعالى عليها، أما ما ثبت في علم الله تعالى فأنا أسألك سؤالا: هل أنت اليوم تدرين ماذا سيحدث بعد ساعة أو ماذا سيحدث لك بعد يوم أو في أي مكان سوف تكون نهاية الإنسان هل المكان الفلاني أو كذا؟ أو ماذا سيرزق من الأرزاق غدًا؟ هذه الأمور قطعًا نحن لا نعلمها؛ ولذلك نحن مطالبون - بارك الله فيك – بأن نستخدم عقلنا في فهم كلام ربنا وتطبيقه في واقع حياتنا، أما هذا الكلام الذي تذكرينه لا دخل له في إرادة الإنسان مطلقًا ولا دخل له في الحرية أبدًا؛ ولذلك لا يوجد أحد في الكون كله يعلم ماذا أعد الله له، ما هو المقصود - أختي الكريمة -؟ أن نستعمل العقل في فهم الشرع حتى نطبق الشرع كما أراد الله تعالى، هذه القضية بها كل شيء ينتهي، أما إن الله كتب عليها الشقاوة أو أن الله كتب عليها السعادة أو أن الله تعالى جعلني من أهل الجنة أو من أهل النار، هذه ليست قضيتي أصلاً، وإنما أنا مطالب بعمل الصالحات، مطالب بالاستقامة على منهج الله، مطالب بتنفيذ أوامر الله، مطالب بالابتعاد عن الحرام، هذا هو المطلوب مني كعبد، سوى ذلك أنا لا أشغل بالي؛ لأن هذه قضية فوق مستوى العقول تمامًا، ومن هنا أقول - أختي الكريمة - الله تبارك وتعالى وعد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}، {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر}، والنبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى).
هذا هو المتاح لنا - أختي الكريمة - وما سوى ذلك هذا كله لا نفكر فيه مطلقًا؛ لأننا لن نصل من ورائه إلى أي فائدة ولن نصل إلى طائل أبدًا؛ لأنه شيء فوق مستوى العقل البشري، والنبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (اعملوا فكلٌ ميسَّر لما خُلق له)، لأن الصحابة سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - نفس سؤالك هذا، إذا كان الله تبارك وتعالى قد قدر للجنة أهلا وللنار أهلا وربنا يعلم من هم أهل الجنة ومن هم أهل النار فلماذا العمل إذن؟ فقال: (اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له)، أعمال أهل النار معروفة، نجد أن هناك الآن امرأة متبرجة لا تصلي وقد ترتكب المحرمات ولها علاقات محرمة ولا تتقي الله تعالى وتؤذي عباد الله، هذه الأعمال هل هي أعمال أهل الجنة؟ قطعًا لا، إذن هي أعمال أهل النار، فنقول هذه الأعمال أعمال أهل النار ولكن لا نحكم عليها بأنها من أهل النار لاحتمال أن يغفر الله لها وأن يتوب عليها، أما عندما ترين أختًا ملتزمة بالحجاب الشرعي وحريصة على الصلوات في أوقاتها، تقرأ القرآن الكريم، لا تؤذي أحدًا من أهلها أو جيرانها، لا تفعل ما يغضب الله تبارك وتعالى، لا ترتكب كبائر مطلقًا، وتجتهد في ترك الصغائر، هذه الصفات أختِي صفات من؟ صفات أهل الجنة، نقول - إن شاء الله تعالى – هذه صفات أهل الجنة .
هذه هي المعلومة التي ينبغي أن نقف عندها، أكثر من ذلك لا يجوز لنا أن نشق على أنفسنا، لأنه والله لو كان هناك من خير لبيَّنه الله تبارك وتعالى لنا إذا كان هناك من خير في معرفة حقيقة ما قدره الله تعالى، ولكن اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له، الله تبارك وتعالى يقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ}، فنحن نعمل بحريتنا الطبيعية التي أعطانا الله إياها وفق القدرات والإمكانات التي أكرمنا بها وندع النتائج إلى الله، مع الدعاء والإلحاح على الله أن يجعلنا من أهل الجنة.
والخلاصة: أن الإنسان مسير ومخير في نفس الوقت، فهو مسير فيما لا يقدر عليه كالأمراض، والرزق والأجل، ومخير في التكاليف الشرعية كالصلاة والصيام، واجتناب الحرام، وكل ذلك مسطور ومعلوم عندالله، ولا يصح أن نحتج بعلم الله السابق على أن الله جبرنا على فعل المعصية أو الطاعة ليوافق علمه السابق، فلا تأثير لعلمه السابق على أفعالنا الاختيارية، بل لكمال علمه سبحانه، فعلمه سابق ولاحق، ولا يخلو زمان أو مكان من علمه، ولله المثل الأعلى لو أن معلما مع تلاميذه في الصف أحب أن يتنبأ بنتيجة بعض الطلاب قبل امتحانهم، وقدر بأن الطالب الفلاني ناجح، والآخر فاشل، هل يحق للفاشل أن يعترض على معلمه إذا رسب في الامتحان، ويقول بأن تنبؤك هو السبب في رسوبي؟!
طبعا لايمكن، لأن تنبؤ هذا المعلم غيرمؤثر في النتيجة أصلا!!
وعموما القدر بحر خضم، والبحث فيه محفوف بالحذر والخطر، ولكن حسب المسلم أن يحيط بمعاني إجمالية منه ليطمئن بها قلبه، والأصل في كل ذلك التسليم لله والرضى بقضائه.
أسأل الله أن يوفقنا وإياك إلى كل خير وأن يثبتنا وإياك على الصراط المستقيم وأن يشرح صدرنا بالإيمان وأن ينور حياتنا بالقرآن، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.
8-بخصوص الأحاديث هل توافق على ما يلي : نحن نعمل باختيارنا ويكون عملنا مطابقاً لما كتبه الله علينا بعلمه.
9- هل توافق على أن "المشيئة والعمل الذي يفعله العبد باختياره يحاسب العبد ويجازى ويسامح فيما فعله من دون قصد أو كان مضطرا إليه، وذلك أن الله خلق الإنسان وأعطاه إرادة ومشيئة وقدرة واستطاعة واختيارا، وجعل فيه قابلية الخير والشر. قال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا {الشمس:7، 8"
10-الإنسان ميسر لما خلق له، ففي صحيح مسلم أن سراقة بن مالك قال: يا رسول الله؛ بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله. قال النووي في شرح مسلم: وفي هذه الأحاديث النهي عن ترك العمل والاتكال على ما سبق به القدر، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد الشرع بها، وكل ميسر لما خلق له لا يقدر على غيره. هل هذا تفسير مقبول ؟
11- قال الشيخ الألباني: أدلة الوحي تفيد أن للإنسان كسبا وعملا وقدرة وإرادة، وبسبب تصرفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار . فهل يقبل العقل ذلك ؟
لعلّي أطلت وأسهبت في الشرح هذه المرّة وذلك لكون سؤالك أخي الفاضل يحتاج إلى كل ذلك وأكثر ، ولأن القول الذي تفضلت به يحتاج إلى رد من الكتاب والسنة ، ومما تقدم وبين ما تم إثباته من الكتاب والسنة من حيث أفعال الإنسان وأنها مكتوبة سلفًا ومن قبل أن يخلق وبين إرسال الرسل للبشر ، فهذا لا تعارض فيه فالرسل جاؤا ليبينوا شرع الله ولهداية الناس إلى طريق الله سبحانه وتعالى ومن هنا من قبل واتبع فهذا باختياره وإرادته ومن عصى فهذا أيضًا باختياره وإرادته ، وإذا كنت توافق على هذا الامر فهذا يعني أن من يؤمن ومن يكفر فهو مخير وليس مسير .
أنتظر ردك على هذه الاحاديث والشرح الذي الذي أدرجته حولها وتعطينا رأيك ، كما أنتظر منك أن تشرح لنا وجهة نظرك وبالتفصيل- وكما وعدتنا في حديث سابق- حتى نتبين ماهية الغموض التي تحيط ببعض المفاهيم الإيمانية وذلك استكمالاً للفائدة التي نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون فيها الخير كل الخير لهذه الأمة .
تقديري واحترامي للجميع
سيف الدين
18-09-2008, 12:02 AM
الأخ : سيف الدين .. مرحباً بك، أخاً كريماً، نتباحث وإياه سوياً أمور ديننا ودنيانا ..
وبك أهلا ومرحبا أخي الحبيب , وشاكر لك حسن استقبالك , فبارك الله بك
لم يُعجبني قولك ( ... وأرجو أن لا أكون أثقلت عليكم )، فأنت يا أخي في ساحة حوار حر - فريدة من نوعها، نحن هنا، في رابطة الواحة الثقافية العالمية\ مُلتقى النخبة لبناء الوطن الحلم وإعادة الصياغة .. هذا هو شعارنا .. الذي يتناساه البعض .. و والله لا أدري لماذا .!
فكيف يمكن أن تُثقل علينا، ونحن ننادي على أمثالك، ونبحث عنهم . .. استمر معنا بارك الله لك وبك ..
.
أما أنا فقد أعجبني قولكم , فبارك الله بكم وبأمثالكم , ونسأل الله تعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا , وأن يجعلنا من الدعاة الساعين إلى نهضة أمتنا , لعلها تقتعد من جديد مقعدها الائق بها كخير أمة أخرجت للناس شاهدة عليهم يوم القيامة
والله الموفق
أرجو أن نقرأ آراء بقية الإخوة حول هذا التعريف .. للقضاء والقدر وعلاقتهما بإرادة الإنسان وأفعاله .!
وأنا معكم أنتظر قراءة بقية الأخوة الكرام وتعليقاتهم
أودُّ التذكير بأن السؤال الأساسي المطروح من قبل الأخ\ أنس، كان حول هذه الأفعال، من حيث إنها مكتوبة سلفاً، وقبل أن يُخلق الإنسان أو قبل أن يفعلها عملياً ..
فيما ذكره الأخ الفاضل راضي الضميرى فائدة كبيرة , وإذا سمح لي باختصار الجواب , بارك الله به
إن الله سبحانه وتعالى يتصف بصفة العلم المطلق فيما كان ويكون وما هو كائن إلى يوم القيامة , وما ينبغي في حقه سبحانه وتعالى أن لا يعلم , وعلم الله تعالى لا يجبر العبد على القيام بالفعل , بل يعلم سبحانه أن العبد سيقوم بالفعل مختارا
والله أعلى وأعلم
أنس إبراهيم
18-09-2008, 12:23 AM
الأخ العزيز\أنس .. تحية طيبة
هذه إجابتي - ووجهة نظري الخاصة - حول سؤالك بخصوص تفسير هذه الآية الكريمة ..
أرجو أن يهدأ بها روعك، ويطمئن لها قلبك .. وبالله الاستعانة، وعليه التوكّل، فهو ولي التوفيق ..
.
.
.
نحن نؤمن بأن الله هو الحق والعدل ..
ونؤمن بأن الله لا ينتظر إذناً من سواه فيما يريد فعله ..
فهو مالك الملك خالق كل الخلق .. سبحانه، لا يُسأل عما يفعل وهو يُسألون ..
وبذلك، فنحن نؤمن بأنه لا يحتاج أن يُبرّر أوامره وأفعاله لأحدٍ من خلقه ..
ولكنه اقتضى بحكمته ومشيئته ألا يكون للناس عليه حُجّة ..
وعدلُ الله في مثل هذه الواقعة التي تصفها الآية الكريمة،
يمكنني فهمه ووصفه كالآتي :
أنّ القرية استحقت غضبُ الله وعقابه بأفعال أهلها، ولكن أفعالهم ومعاصيهم ليست معلومة -أي ليست منظورة لمن حولهم-، فهم يُظهرون للناس الإيمان - خلاف ما يعملون حقيقة، ..
وبالتالي، فلو ان الله سبحانه وتعالى، دمّـر هذه القرية بسبب أفعال أهلها - المستترة- التي لا يراها ولا يعلمها الآخرون، فإن في ذلك ما يُربك المؤمنين من حولهم ! لأنهم سيتوقعون ذات المصير دون معرفة السبب .!
ولذلك، فإن الله سبحانه وتعالى، يُيسّر الطريق للمترفين من أهل تلك القرية، لتولي السلطة والقرار فيها، وهم سيفسقون فيها - والفسق هو الخروج عن أمر الله بإظهار المعصية والمجاهرة بها-، ( كما قال عن إبليس .. ففسق عن أمر ربه ) ..
وحينها ستكون معاصيهم ظاهرة لمن حولهم من المؤمنين، وسيتوقعون لهم سوء العاقبة، ولن يتفاجأوا بتدميرها.
وسيفرح المؤمنون بإيمانهم ويتمسكون بصالح الأعمال، .. حيث سيُدركون أن ذلك هو ما أنقذهم من مصير تلك القرية .!
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }هود117
والله تعالى أعلم، والله ولي الصالحين .
أستـاذي القدير أبو بكر
ما قلـته يطابق الفكر والعقل نعم
ولكن ما قلــته ليس له دليل من القرآن أو السنة ، نسطيتع أن نصفه بالإفتراض
في هذه الوقفة لهذه الآية استنتجت أو من رأيي ما يلي
عندما يقول سبحانه وتعالى " إن الله يهدي من يشاء من عباده ويضل من يشاء " وفي ذات الوقت يقول عن نفسه " العدل " ، الهداية والضلال هنا فرضٌ أن يجتمعان في آن واحد أقصد
إن الله عندما يريد أن يهدي أحداً ييسر لهُ من يهديه ويقرضه قرضاً حسناً من الإيمان والتقوى وله الخيار ولكن ليكون له الخيار وليكون الله عادلاً بذات الوقت ييسر له أيضاً من يضله ويقرضه رضاً وافراً من الضلال ويدله على السوء ، فتجتمع الضلالة والهداية أمام عقل الإنسان ، ولهذه فوائدها ومدلولاتها وأدلته ولتلك أيضاً مساوئها ومدلاولاتها وما إلى ذلك ، فهنـا يكون الله حكماً عدلاً .
وكذلك في الأمر ، أي عندما قال سبحانه وتعالى " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها " هنا الأمر ليس أن يلهم الله سبحانه وتعالى وحاشاه ذلك إلى الإنسان الكفر ويكفره وما يفعل ذلك إلا الشيطان ، هنا أيضاً يأمر الله بالعدل فييسر الهداية وييسر الضلالة وللإنسان الخيار بين هذا وهذا وهو مخيرٌ في هذا الأمر فإن فسقوا حق فيهم العذاب والله لا يعذب القوم المؤمنين بذنب الفاسقين ونحن لانعلم كيف كان العذاب بحق أولئك المترين من القرية .
وإضافة إلى ذلك ، بالنسبة للأمور المسير فيها الإنسان والأمور المخير فيها الإنسان ، الأمور المسير فيها الإنسان هي الأمور التي تخص خلقه وزواجه وأولاده وماله ورزقه وما إلى ذلك ، أما الأمور المخير فيها الإنسان هي الأمور الدينية والعقائدية .
ودلالة على ذلك . .
أولاً : عندما يقول سبحانه وتعالى " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " ، هنا الأسلوب القرآني الجميل واللغوي الله قد أوجد القرآن ويسرهُ للناس أن يقرأوه ويتعلموا منه ويسأل الناس ويتساءل هل من يقرأ القرآن ؟ أي أنه لا يغصب أحداً على فلعه وعلى قراءة القرآن ، فهذا دليلٌ واضحٌ أن الله لا يسير الإنسان في دينه .
ثانياً : دليلٌ نراه كثيراً في أيامنا هذه ، الكافرين أو أهل الكتاب في زماننا هذا ، يكونون على دينٍ آخر ، وعندهم الفساد والضلالة تغشاهم من أعينهم لأخمص أقدامهم وأيضاً الهداية متوفرة أي الإسلام الدعوة موجودةٌ هناك من خلال الإنترنت والفضائيات والمساجد في أوروبا وغيرها من الدول وحتى في الدول الإسلامية ، وبعضهم أو لنقل كما الواقع معظمهم يسلم بالله ويشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ، كيف ذلك ؟؟؟ هل أجبره الله على أن يسلم ؟ كلا وألف كلا
إنما هو خيارٌ له واختار الهداية ، وكثيرٌ منهم يقولون " كنت في صراعٍ عظيم مع نفسي " !!
هذا ما لدي وهذا ما ارتحت له وارتاحت له نفسي
وبصدق كنت أنا في صراعٍ عظيمٍ مع نفسي في هذا الأمر بالذات " التسيير والتخيير "
وبهذا الحوار الجميل والمفيد وأرجوا الخير لكم والبركات
خرجتُ بهذه المعلومات وخرجت متيقناً أكثر مما أقول .
تحيتي وتقديري لكم
ومن يزيد ويناقشني فيما قلت فليتفضل . .
وقل ربي زدني علماً " أريد المزيد . .
أبوبكر سليمان الزوي
18-09-2008, 01:05 AM
الأخ الكريم، والمحاور المحترم والحكيم .. راضي الضميري ..
سلام الله عليك ورحمته وبركاته ..
أخي الفاضل .. أتوسّم فيك سعة الصدر، وبُعد الأفق، وحسنُ الظن بالآخرين،
وأتعشّم فيك المقدرة على قبول الرأي الآخر مهما كان بعيداً عن رأيك ..
فأنت إن شاء الله أهل لكل خير ..
أقول : لقد قرأتُ ما تفضّلتَ به .. بتمعنٍ ورويّة
وأودُّ تذكيرك أولاً - أخي الحبيب، بأن التساؤلات ليست مطروحة باسمي، فأنا فقط أعدتُ التذكير بها، فهي وكما تعلم مطروحة من قبل الأخ أنس.
وأعتقد بأن إجابتك مُوجهة له - بالدرجة الأولى، وينبغي أن ننتظر رأيه فيها .. لنرى ما إن كانت مقنعة له أم لا .!
فنحن نتحاور لإزالة الغموض والالتباس، ولا نفرض رأينا على أحد .!
ولكن، ونزولاً عند رغبتك، فسأدلي بوجهة نظري حول ما تفضّلت به ..
فأقول : مثلاً
المثال الذي تفضّل به العالم الجليل، في إجابته على الأخت المؤمنة الكريمة .. حين قال إن المدرّس الذي يتوقع رسوب أحد الطلبة، هو في الحقيقة ليس مسئولاً عن رسوبه ..
هذا المثال لا ينطبق على موضوع السؤال، ولا يوصل الرسالة، ولا يُجيب عن السؤال !
فالمدرّس هنا يتوقع فقط، ولكنه لا يكتب نتيجة الطالب في صحيفته - بأنه راسب - قبل خروج الطالب من الامتحان وتسليمه لصحيفته .!
فهل تجد أنت، يا أخي راضي، في هذا المثال ما يُجيب عن السؤال .! .. لا أعتقد ذلك .!
وأقول : لو كنتُ أنا مكان ذلك العالم الفاضل الجليل، وكنتُ لا أملك سوى هذه الإجابات .. فإنني سأقول أحد أمرين - بدلاً عن هذه الإجابة التي لا تؤدي الغرض .. وهما :
1- أعتقد وأؤمن بأن لهذا السؤال إجابة مُقنعة ولا تتناقض مع الإيمان والإسلام، ولكنني لا أعلمها الآن . ... أو
2- لا أسمح بطرح هذا السؤال، فليبحث السائل عن مُجيبٍ غيري .!
أخي، كنت أنتظر منك تعليقاً على فهمي وتفسيري الخاص للآية الكريمة، التي طلب الأخ أنس، تفسيراً لها .!
أخي راضي، أنا أقرأ القرآن وتفاسيره، وأقرأ آراء الفقهاء والمفكرين في المسائل المختلفة .. ولكنني حين أتحاور وحين أكتب، فإنني أضع استنتاجاتي الخاصة، وأستعمل أسلوبي الخاص بحسب فهمي وقناعتي - بحيث أستطيع الدفاع عن وجهة نظري.
واستدل عادةً بآيات من االقرآن الكريم. .. وهذا لا يعني - طبعاً - أنني أرفض، أو أعيب على الآخرين استشهادهم بآراء الفقهاء أو بالأحاديث المنسوبة للرسول.
ولكن لي طريقتي التي أستعملها في البحث والتفكير والحوار .
أشكر لك اهتمامك، وتواصلك وحوارك الممتع والمفيد ..
أنس إبراهيم
18-09-2008, 12:28 PM
قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . {الحديد: 22 فما هو تفسيرك لهذه الآية ؟
إن المصائب سواء كانت خيرٌ أم ليست بخير هي الأمور المسير فيها الإنسان أن يراها في الوقت الذي قدر له أن يراها فيه .
شكراً أخي راضي الضميري
أبوبكر سليمان الزوي
18-09-2008, 02:29 PM
الإخوة الأفاضل .. سلام الله عليكم
أشكركم جميعاً .. ،
واسمحوا لي أن أخصّ بالذكر، الأخ \ راضي الضميري ..
لأشكره كثيراً على كبير جهـده، وعظيم إخلاصه في الدفاع عن موقفه،
وعلى تناوله لنقاط الاختلاف، بروح الحوار الأخوي العقلاني المتزن، وبجـدّية ومثابرة ومتابعة ودقة المؤمن المدافع عن فكره ..
فرغم اختلافي الفكري معه، إلا أنه، وبصدق، هكذا كان، وأرجو له أن يبقى ..
.
.
.
وأعتذر لكل من استاء مني بسوء فهمٍ أو بالتباس أمرٍ ..
وأرجو لكم حـواراً موفقاً ..
راضي الضميري
18-09-2008, 10:20 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأفاضل
أشكركم جميعًا على حسن حواركم وسعة صدوركم ، وتقبلكم لمجمل الآراء التي تم طرحها وأستأذنكم في طرح آخر ما أريد قوله حول هذا الموضوع .
كلنا فهمنا سؤال الأخ أنس وما هو القصد من وراءه ، وأعتقد جازمًا أنْ الأخ أنس قد وجد إجابة شافية على تساؤله .
وكنت قد عرضت وبفضل الله وحمده ما قررته آيات الله وبينته السنة الشريفة حول هذا الأمر والذي يتلخص فيما يلي : الله خالق هذا الكون وكل ما فيه ويعلم سبحانه بما هو كائن وبما سيكون ، وما علمناه نحن فهو بفضل الله وما خفيّ علينا فهو من رحمة الله علينا ، وكون أنْ أعمال الإنسان كتبت مسبقًا وهي في علم الله تعالى معلومة سلفًا فهذا لا يتنافي و إرسال الرسل للبشر لكي يبينوا لهم شرع الله تعالى ، ، قال تعالى "رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًاِ " سورة النساء آية 165 وهذا يعني .ِ ... لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا ما أرسلت إلينا رسولاً، وما أنزلت علينا كتاباً وفي التنزيل قال تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [ الإسراء :15] وقوله تعالى : ولو أنّا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك [طه:134] فهل كان الله سبحانه وتعالى سيحاسبنا بعلمه المسبق بما سنفعل ؟ قطعًا لا ؛ إن من رحمة الله بنا أنه سبحانه يحاسبنا بما نفعل باختيارنا مع علمه المسبق بما سنفعل ، فلماذا نتكل على علمه المسبق بأفعالنا ونحكم على أنفسنا بما لا نطيق ، إنْ هذا الأمر قد يؤدي بنا إلى سوء الظن بأفعالنا – وبالله - وبأن نحكم على أنفسنا بما لا نعلم ، وقد نتقاعس على أداء واجباتنا تجاه الله ونتخذها حجة لنا في دحض مشروعية إرسال الرسل ، وهو الرحيم بنا ويحاسبنا بعملنا وليس بعلمه المسبق ، وهل علمه بما سنفعل يكون عذر لنا في ما نفعل ؟
قال تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " الذاريات آية 56 والعبادة هنا تعني التوحيد والتوحيد يدور على ثلاثة أنواع :
الأول: توحيد الربوبية.
والثاني: توحيد الألوهية.
والثالث: توحيد الأسماء والصفات.
ويكون الجزاء من جنس العمل لمن خالف ، والله تعالى أعلم
بالنسبة لأخي الفاضل أبو بكر سليمان الزوي فأقول :أشكرك أيها العزيز فقد كنت فعلاً إنسان ملتزم بآداب الحوار ورائع في تقبلك وسعة صدرك لما تم طرحه هاهنا من أفكار ، وإيمانك الصادق وتطبيقك العادل لمقولة "إنْ الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية " ، فلقد رأيت وسمعت بحوارات كثيرة كانت نتيجتها غير محمودة ، وأدت بالنتيجة إلى التفرقة وإشعال نار الحقد والكراهية بين المتحاورين ، وهذا ما لم يحصل معنا بفضل الله سبحانه وتعالى .
بالنسبة لأخي خليل حلاوجي فأقول بخصوص الشروط التي يجب توفرها في مفسر القرآن :
أخي الفاضل : تعلم يقينًا أنه لا يمكن لأي أحد كان أنْ يتصدى لتفسير القرآن إلا بعد أن يكون قد درس وفهم تلك الأمور التي قررها العلماء ، فهناك أمور تتعلق باللغة والحديث وأسباب التنزيل والناسخ والمنسوخ والإسرائيليات ..ألخ وهذه الشروط لا تدرس دفعة واحدة وكما تعلم بل تحتاج إلى سنوات وسنوات ولا يعني أنْ العلم يتطور والمعارف الإنسانية تتطور أنْ نلغي هذه الشروط ، لأن من لا يمتلكها سوف يعمل برأيه وبعلمه الذي قد يكون استقاه من مصادر بعيدة كل البعد عن مصادر الشريعة ، نعم العلم يتطور والمعارف الإنسانية تتطور ، وقد يصل عالم ما إلى تفسير آية تكون في معناها تتطابق وظاهرة علمية ما قد خفيت على من سبق وتصدى لمثل هذا الأمر ، ونعم هناك أمور قد تتطور وينتج عنها فهم آخر لما كان معلومًا عند السلف ، لكن هناك أمور ومهما طال عليها الزمن فلا يمكن أنْ تتغير أو أنْ تتبدل ومنها - وكما تعلم - تلك المتعلقة بأركان العقيدة الإسلامية وبأساسيات الإيمان ومن أهمها القضاء والقدر ، وإلى أنْ يرث الله الأرض ومن عليها .
كما أشكر الأخ الفاضل سيف الدين على مداخلته القيّمة - وأخص بها الأخيرة - وما تفضل به مما أريد قوله ، فشكرًا له ولأخي أنس وللجميع .
أشكركم جميعًا وبارك الله فيكم وكل عام وأنتم وواحتنا الطيبة بألف خير .
تقديري واحترامي للجميع
أنس إبراهيم
19-09-2008, 12:16 AM
أبنــاء الواحـة الكرام
واحــة الخير
شكــراً لكـم حواركم المفيد
أود أن أشــكر بالخصوص كل من
الأستـاذ خليل حلاوجي
الأستاذ راضي الضميري
الأستاذ أبو بكر حسن
الأستاذ عبد الصمد زيبار
الأستاذ سيف الدين
وكل من ساهم في إنـجاح هذا الحوار والتوفيق من الله
وأرجو من كل منـا أن يرفع لنا ما خرج به من الحوار من نتائج
تحيتي وتقديري لكم
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir