تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "حديث الروح" الرسالة الأولى



فدوى يومة
16-06-2008, 10:55 PM
"هذيان امرأة بين مطرقة الواقعـ وسندان الحـبـ "

من "مجموعة رسائل قابلة للحرق"

آه منك أيها الصديق ،كيف أخبرك أنني بخير وأنا لست كذلك، ففي ليلتي القمرية هذه اختفى كل شيء من أمامي ولم يعد هناك مكان لغير الذكرى، اليوم سأبوح لك بسر حكايتي التي ابتدأت مند أزيد من سنتين ،قال عني الكثير أنني متهورة لأنني امتهنت الحب في زمن لا يؤمن بالحب، قال عني الكثير أنني غبية لأنني وهبت قلبي لرجل، وقال عني ذلك الرجل أنني حياته، أحلامه المنسية التي كانت غائبة عنه لزمن غير أنه عانقها فيَ، وقلت له أنه زمني الذي فر مني في لحظة عتاب، صدقني وصدقته وكذبنا الجميع .أتعتقد أنني كنت غبية حين صدقته؟ لست أذري ،كل ما أعرفه الآن أنني في هذه اللحظة أدركت شيئا كان غائبا عني، أدركت اليوم أنني لم أعد أحب أنا أكثر مما أحب الغير كما تعودت، كنت دوما مع ذاتي أمنحها إحساسا بالأمان، أقول لها دوما أنني بخير وأصدقني حين أقول ذلك ،عندما أرى وجهي في المرآة أحسدني لأنني استطعت أن أعيش معي كل هذه الأعوام دون أن أمل مني، فما الذي جرى.؟
معجزة ان تحمل زمنا على كاهلك أيها الصديق وتنتقل به دون أن تقع، معجزة أن تجعل الآخرين يصدقون أنك راض عن حياتك وأنه لا ينقصك شيء، سوف تجد دوما من يوقفك في طريقك ليسألك أأنت بخير.؟ وقبل أن تجيب يفر الجميع من أمامك وكأنهم يعرفون ذلك الجواب الغائب. سألت يوما نفسي أمام مرآتي أأنا بخير ؟وقبل أن أجيب خبرتني أنا الحاضرة أنني لست بخير غير أن أنا الغائبة خبرتني العكس، فمن أصدق. ؟من جديد أعانق حيرة السؤال وكأن العالم ميدان أسئلة لا تنتهي سوى بموت. أتصدقني حين أخبرك اليوم أنني لم أعد تلك الفتاة التي كنت تعرفها، وأنني تغيرت أكثر مما كان لزاما علي أن أتغير، أصبح جزءاً من وجهي خفي وما بقي منه أحاول أن أجعل الجميع يختلفون حوله ملائكة وشياطين، هذا هو الكون الذي أسبح فيه كل يوم، غير أن يومي هذا مختلف فملاكي مازال يحرسني وكأنه على علم بما يسكن بأعماقي من شر .حاولت أن أجنب كل من أحب شري، غير أن الحب يتحول أحيانا لجنون مبتدع في لحظة هذيان، حصل معي ذلك ليلة أمس كان الهاتف يرن، وكنت على وشك أن أمسك بسماعاته حين أخبرني المارد الساكن بأعماقي أن أأجل ذلك، انتظرت منه أن يتوقف عن الرنين فخرس بعد بضع دقائق ليبدأ هاتفي النقال بالرنين ، ابتسمت بأعماقي يقينا مني أنه هو المتحدث ،تلذذت بجعله يحترق بنار الغيرة التي أعرف جيدا أنها تكوي جلده ، سعدت بأعماقي لأنني مازلت أملك القدرة على الانتقام منه بوسائلي الشرعية، أقفلت الهاتف كي يكون انتقامي منه أشد هذه المرة وجلست أمام شاشة التلفاز أراقب بهدوئي المعتاد كل ما يحصل. بعد دقائق معدودة كان الباب يفتح جلست بمكاني وكأن الأمر لا يعنيني دخل وقبل أن يسألني عن حالي استكشف المكان بنضرات يحسبني لا أعيها، سألته بهدوء ما الذي جاء بك باكرا اليوم.؟
أجابني بصوت غليظ:
-أين كنت؟
-في البيت فلم أغادره.
-ولماذا لم تجيبي على الهاتف.؟
صمت لبرهة من الوقت كي أزيد من ألآمه أكثر
-لم أسمع رنين الهاتف لعلي كنت في المطبخ ساعتها .
رمقني بنضرات رهيبة وقال :
-وهاتفك النقال ما الذي حدث له. ؟لماذا لم تجيبي عندما هاتفتك فيه.؟
قلت له ببرودي المعتاد :
-وكأنك لا تعرف عادتي، أكره أن أجيب على الهاتف حين لا أعرف رقم المتصل ،وقد أخبرتك بذلك أكثر من مرة وقبل أن يسأل مجددا سألته سوف تبقى على الغداء.؟
تطاير الشر من عينه وقال:
-ولماذا تسألين هل تركت شيئا خلفك وتريدين أن تتمميه؟
-فقط أردت أن أعرف إن كنت باقٍ كي أعده لك
قال بغضب:
-ألم تعدي الغداء بعد؟
أجبته ببرود:
-ليس بعد فلم أحسب أنك قادم للغداء اليوم .
سكت طويلا قبل أن يقول:
-ها أنا أتيت هل قاطعت مشاريعك.؟
اتخذت الصمت وسيلة للرد هذه المرة وتوجهت نحو المطبخ. قد تتساءل في سرك عن سبب كل هذه السؤالات التي لا تفيد في شيء، وهذا الغضب وهذا الإصرار مني في جعل الوضع يبدو متأزما بالرغم من سهولته وسوف أخرجك من حيرتك، تذري صديقي أن الرجل الذي وهبته أجمل سنين عمري يشك في إخلاصي، يشك في محبتي له وفي أشياء كثيرة ،لم يعد هو ذلك الحبيب الذي انتظرته لزمن، فقد اكتشفت عادته هذه بعد فوات الأوان ، يحرق جلدي دوما بسؤالات لا تنتهي وفي نهاية المطاف يلقي بكلمة "آسف" في وجهي وكأنها سوف تشفي جراحي، مؤخرا لم يعد يلقي بالا للجرح الذي يخلفه فيَ وتناسى الأسف، فخطر ببالي أن أجرحه كما يفعل بي والبداية كانت سهلة، فما أسهل إيلام الآخرين وما أصعب أن تشفي الألم التي تلحقها بهم.كنت أعرف أن الشك يقتله وكنت أتلذذ بجعله يقتل أمامي مرات ومرات فقد تأذيت منه أكثر من مرة وما عدت أستطيع أن أتحمل، فكل شيء جميل فيه تحول اليوم وما عاد فيه شيء يساعدني على الصمود أو حتى على محاولة التغيير منه، فحبيبي مقتنع أنني لم أعد أنا التي أحبها مند أول يوم كما أنا مقتنعة من أنه لم يعد هو الذي أحببت، فكيف السبيل للخروج من هذه الشرنقة التي تلف كل منا بعيدا عن الأخر.؟ فكرت وفكرت وبالنهاية قررت أن أخاطب صديقي الذي كان أقرب مني إلي قبل أن يكون حبيبي ورجل حياتي، قررت في ليلتي القمرية هذه أيها الصديق أن أقول لك أنني أحببتك أكثر من أجمل ذكرى جميلة في حياتي، حتى أنني أحببتك أكثر من نفسي ،فكيف استطعت أن تحول هذا الحب بداخلي لشر كبير يريد أن يطيح بك كي أنعم بالراحة .؟كيف استطعت أيها الصديق أن تجعلني أدمن الانتقام منك.؟ فكلما جرحتك أجرحني قبلك، وكلما آلمتك أتألم قبلك، كيف استطعت أن تنسى كل الحب الذي منحته لك وتسحقه في لحظة شك طائشة.؟ أنا يا صديقي ليس لي في الحياة سواك، قد جعلتك فوق الجميع وتناسيت الجميع فلماذا تريد أن تتساوى مع الجميع وتجعل من نفسك الأدنى مع أنك في القمة عندي.؟ فكلما رأيت نظراتك تبحث عند دخولك الباب أتمزق بداخلي ولا استطيع أن أخبرك بما تفعله فيَ كي لا أزيد الوضع سوءا غير أنني الآن لم اعد أتحمل،لم أعد أستطيع أن أتحمل نظرات الشك والعتاب، لم أعد أستطيع أن أتحمل تلك الأسئلة الغبية التي تلقيها على حجري وكأنني في مخفر الشرطة ،ما عدت أتحمل هذا القيد الذي تلف به معصمي باسم الحب. فان كنت تحبني صدقا كما تخبرني في لحظات هذيانك الغير المتوقعة أخبرني بذلك دون أن تستفيق من نومك مذعورا وأنت ترمقني بتلك النظرة القاتلة وكأنني كابوس يجثم على أنفاسك ليسرق منك راحتك، إن كنت قد تناسيت من أكون فما زلت أذكر من تكون أنت بحياتي، وإن أردت أن أخبرك بذلك أطرق بابي واسألني عن حالي دون أن تسألني مع من خرجت، مع من تحدث، بمن التقيت، لأنني لا أرى سواك. إن كنت تحبني كما أحبك أخبرني بها سرا كما كنت تفعل أيها الصديق في أولى لقاءاتنا، فما زلت أذرك كيف أقرأك دون أن تتحدث، أخبرني أنك مازلت تحبني وأن هذا الشك مجرد قربان تقدمه لي في كل الدقائق كي تخبرني أنك تحبني أكثر، لأنك مهما أحبيتي سوف أبقى دوما أحبك أكثر فأنت كل عمري الذي فات وما بقي منه .أتمنى أنه بمقدورك أن تقرأ رسالتي هذه دون أن تحرف منها كلمة، اقرأها بقلبك لأنني كتبتها لك من أعماق قلبي ولا يذري ما بقلبي سواكَ.

أَحْبَبْتُكَفيـ يوم غائب عن مدار الزمن، في لحظات صراع بين عقارب ساعة مميتة كتبت هذه الرسالة.
]

جوتيار تمر
17-06-2008, 11:26 AM
فــــدوى....
نص يعلو فيه البوح على السرد ، لكنه لايتخلص من السرد بأي شكل ، لانه سردي في تسلسله ، في تفاصيله ، في عصره للزمكانية / وهو بوحي في همسه ، حديثه ، مشاعره ،في كل / حديث للروح / توجد مساحة للبوح الذاتي، ذلك البوح الذي يعلو فيه صوت انا خافتة، تهمس في اتون مغارات الانسان وقعها كوقع دبيب النمل، تمر فجأة فوق اغداق المرء فتشعره بوجودها، لكنها لاتظهر له ملامحها، فيعيش المرء في ذاته وقعها دون ادراك حتمي لملامحها، وهكذا تتوه في افقه الملوس لينتقل به الى الحدسي وهذا الاخير يبقى دائما ذا وقع ثقيل جدا، لانه لايعطي ابدا اجابة واضحة وصريحة، انما يعلق المرء بين الوضوح الغير مكمل واللاوضوح التام فيعيش حالة خوف وقلق وحزن دائم، وهذا هو ملخض الانسان الحالي من وجهة نظري خوف من المجهول وقلق على المصير وحزن يلازمه لانه بات على المحك في وضوح الاشياء لديه.

محبتي لك
جوتيار

راضي الضميري
17-06-2008, 08:19 PM
قرأت هنا ثورة امرأة أحبت بصدق ووقفت وما تزال في وجه ثورة شك عارمة ابتدعها الآخر فكانت ملحمة كبيرة برزت فيها آثار عذاب السنيين بشكل واضح .
أن نحب ثمّ نصر على صدق حدسنا في اختيار شريك العمر ، ثمّ نصدم به فيما بعد فهذا لعمري هو الألم بعينه ، وقد أجدت رسم هذا الألم بصورة صادقة .
استوقفتني عبارة رائعة كانت برأيي توحي بمعدن هذه المرأة الأصيلة " سعدت بأعماقي لأنني مازلت أملك القدرة على الانتقام منه بوسائلي الشرعية " .
لقد أجدت رسم حروفك بصورة رائعة ، / لكن هناك بعض الهنات الكيبوردية تمنيت لو أنك انتبهت لها ..
سانتظر حديثك القادم بكل شوق .

فدوى ...كنت هنا أكثر من رائعة

تقديري واحترامي

صبيحة شبر
17-06-2008, 10:22 PM
الأخت العزيزة فدوى
نص ابدعت فيه كاتبته في تصوير الصراع الذي يعيشه المحب
بين اخلاصه في حبه وبين شك الاخر انه قد ارتكب خيانة في حقه
عالجت الكاتبة الموضوع في نص قصصي جميل

فدوى يومة
18-06-2008, 04:08 PM
سيد ـ جوتيار تمر ـ
كل شيء فينا غائب حاضر، لا شيء سيئ كله ولا شيئ جيد كله ،كي نعيش الحياة علينا أن نقاوم ذواتنا من أن تسقط في مساحات أسئلة لا متناهية فكل سؤال يقودنا لمنفى وكل منفى فيه الكثير الألمـ
أيها العزيز لست اذري كيف نتحرر من سقوطذواتنا في العدم كي نعانق لحظات الوضوح تلك
سعيدة بتواجدك وتتبعك
دمت بـ سلام
معزتي وباقة ورد لكَ كأنتَ

فدوى يومة
18-06-2008, 05:20 PM
سيد ـ راضي الضميري ـ
هي ثورة ابتدأت بسؤال جر معه سؤالات لا تنتهي متى؟كيف؟أين؟لماذا؟أحقا؟
هكذا إبتدأ الحكاية ولست أعرف كيف ستنتهي .
صدقت أيها العزيز أن نصدم فيمن نحب هو الألم بعينه
أسعدت بتواجدك وان شاء الله في الرسالة المقبلة سوف انتبه أكثر
وساكون بانتظار شرف تواجدك في الحديث القادم
مجددا اشكر لك كلماتك وتواجدك
معزتي لكَ وباقة ورد بلون الحلمـ

فدوى يومة
18-06-2008, 05:30 PM
سيدتي ـ صبيحة شبر ـ
عزيزتي صبيحة الشك يقتل الحب وحين يكون الشك من طرف الحبيب لا أعتقد أن هناك مخرجا آخر سوى حديث من القلب للقلب عله ينفع
سعدت بتواجدك هنا
محبتي لك وباقة ورد بلون الفرحـ

وفاء شوكت خضر
18-06-2008, 09:37 PM
الخت فدوى ..

قصة تعالج مشكلة احتماعية هي موجودة ، وأصلها علة مرضية لا يملك المصاب بها إلا أن يستسلم لنوبة الشك هذه ، فهي تسيطر على عقله ، ويرفض الاعتراف بها رغم علمه أنها وساوس وشكوك لا صحة لها ..
هذه المشكلة هدمت بيوتا بسبب الجهل ، أو عدم القدرة على التحمل ، أو إيجاد حلول لمعضلة نفسية لا يستحق صاحبها إلا الشفقة ..
في هذا السرد الشيق قد ابتدعت أسلوبا أو دواءا ربما يكون ناجعا في بعض حالات ..

أسجل عنا إعجابي بموضوع اخترته وبأسلوب السرد وطريقة العلاج ..


ننتظر المزيد من هذا الألق ..

تحيتي وطاقات الورد .

حسام القاضي
18-06-2008, 09:57 PM
الأخت الفاضلة الأديبة / فدوى يومة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثورة الشك ..
ترى أهذا ما يمكن أن نطلقه على هذا النص
قد يفجر الشك ـ ممن لانتوقع ـ مشاعراً متضاربة
يمكن أن تتولد عنها أشياءً لم تكن في الحسبان..
درس من محب صابر صادق إلى محب متعجل
اجدت في رسالتك الأنيقة هذه ؛في رسمها
بهذا الاتقان..
ـــــــــــــــــ
تمنيت لو أن المقدمة الوصفية قلت بعض
الشيء حتى يقترب العمل اكثر ويقع في نطاق
القصة القصيرة بشكل أوضح
تقبلي تقديري واحترامي.

فدوى يومة
23-06-2008, 08:21 PM
سيدتي ـ وفاء شوكت خضر ـ
صدقت أيتها العزيزة فهذه العلة قد هدمت بيوت كثيرة وما زالت تفعل
على الشفاء يكون على يد دواء البوح عزيزتي
سعيدة بوجودك بالقرب
قبلت باقة وردك
ولك مثلها بلون الفرح
وتحياتي

فدوى يومة
23-06-2008, 08:27 PM
سيد ـ حسام القاضي ـ
وعليكم السلام ورحمته تعالى وبركاته
قد نطلق عليه ذلك الاسم "ثورة الشك" ما دام لكل ثورة زعماء
سيدي الفاضل تعمدت أن اجعل القارء يتيه بينها وبين الصديق/ الزوج كي أجعل للنهاية تشويقا خاصا ولم أكن أعرف أنني أكثرت من الوصف لكنني أعدك سوف أقلل منه في الرسائل المقبلة باذن الله
سعيدة بتواجدك هنا وبرايك الذي سوف يفيدني دوما
احترامي لك وباقة ورد

العقاوي منعيم
28-06-2008, 08:27 PM
الاخت الفاضلة فدوى
استوقفتني عباراتك الثائرة
اقف لقلمك وارفع قبعتي....قلمك يوحي بان حاملته مبدعة
ساكون دوما بالجوار انتظر جديدك
دمت ودام بوحك

فدوى يومة
01-07-2008, 07:04 PM
سيد ـ العقاوي منعيم ـ
وساكون سعيدة بوجودك بالقرب كي أحضى بشرف مرورك
اشكرك على جميل مرورك هذا وعذب كلامك
كن بـ سلام
تحياتي لك
وباقة ورد بلون تشبهك

رعدالدليمي
31-01-2010, 06:04 PM
موهبتك في التصوير الفني رائعه
وامكانيه واضحه في القدره على نسج التفاصيل بعفويه وصدق ممتع لا يثقل القارى
بصدق اجد فيك كاتبه مميزه تصنع من المواقف اليوميه صورا..ناطقه
اتمنى لك التالق
وانت تستحقينه
كل الود

فدوى يومة
10-02-2010, 08:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استاذي ..رعدالدليمي
اسعدني ما رايته فيَ فشهادتك وسام افتخر به ..
دمت سنداًَ ايها القدير
مجددا خالص شكري لك اسعدني كلامك واكثر
تحياتي