تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رسالةُ الخُسران



منير باهي
06-07-2008, 05:39 AM
رسالةُ الخُسران
إني رأيتُ بعينِ العينِ في حُلُمٍ أنَّ السماءَ رمتني حيثُ يُبرِقُ صوتُ الرَّبِّ، يَسبقُني الشيطانُ، ينظرُ في عَينيَّ خازنُ نارٍ، لستُ أضطربُ.
أجولُ في سَقَرٍ، حرّاسُها منحوا قلبي الدّليلَ ولا فيها أتيهُ، كأني الآنَ أعرفُها قبلَ المجيءِ، سلاماً ساكني النارِ، للأوغادِ ما كَسَبُوا.
رأيتُ قوماً حُفاةَ الرُّوحِ ينْهشُهُم وحشُ الفضيحةِ، ناموا بينَ عاصفةٍ من العويلِ على ريحٍ تصفّقُ تصفعُ الجثامينَ تخبو ثمَّ تلتهبُ.
سألتُ:
ــ من هؤلاءِ القومُ؟
ــ همْ شعراءُ الأرضِ شاؤوا السماءَ لهمْ، لا يشبهونَ غيومَ الصيفِ، هم سرقوا ماءَ الحياةِ شتاءً، بعدها هربُوا.
سمعتُ/ أبصرتُ أصواتاً تنزَّلَتِ الأورامُ منْ حبْلِها قيحاً وبعضَ دماءٍ.
ــ مَنْ يكونونَ؟
ــ حُرّاسُ البشاعةِ والجيفاتِ، من كسبوا الأتباعَ واكتسبوا.
لم أدرِ كيفَ مضتْ بي العينُ نحوَ سماءٍ تُشبهُ الأرضَ إلا بعضَها، وأرى شيخاً يُجرجَرُ من قفطانه جَزِعاً، يا أيها الشاهدونَ الزّفَّةّ اقتربوا...
ــ مَنْ ذا؟
ــ فقيهٌ بنى في ساحةِ الوجعِ الشَّعْبيِّ خيمتَهُ،غنّتْ كمنجتُهُ مدحاً ورتّلَ فينا جُبْننا وكفى. تلكَ الدّنانيرُ سالتْ ماؤها الكذِبُ.
رأيتُ فاتنةً نزَّتْ أصابعُها بالنفطِ والدّمِ تُدْمي وجهها وكما الثكلى يَشُقٌّ الأسى جلبابَها ندماً، أقدامُ فتنتها في الويلِ تغتربُ.
ــ مَنِ الشقيّةُ؟
ــ تلك المستعيرةٌ خِصْرَ الشرقِ، ألَّهَتِ القوادَ كي تجدَ البحارَ من تحته، ظمآى تمدُّ شعابَها لتعبُرَها الغُدرانُ والسُّحُبُ.
وقفتُ أصرخٌ:
يا أللهُ هاكَ يدي. الأشقياءُ بأيديهم كذا فعلوا، فارتدّ أشعرُهم...لم يسألوا، تبعوهُ، بئس ما تبعوا الفوضى وما تعِبوا.
وقفتُ أصرخُ عند الربِّ ثانيةً:
يا ربُّ خُذني إلى بيتي لأخبرَ عمَّا عَمَّ، علَّ نواطيرَ القصيدةِ يهجرون غاباتِهمْ، شعراً لهم أهبُ.
علّي أشَذِّبُ يا أللهُ لِحْيتَهُم
علّي أطَهَّرُهُم
علّي أخلِّصهم
أبيعُهم شُرُفاتِ الحُلْمِ
هل يسعُ الجحيمَ من قلبوا الرّكبانَ وانقلبوا؟
اليومَ يُسألُ كلٌّ عن فداحته...
ماذا يقولُ نواطيرُ القصيدةِ
قُطّاعُ الطريقِ مدى الأجيالِ
مرتكبو الخواءِ
هل يُنكِرُ المكتوبَ من كتبوا؟

عمر الراجي
06-07-2008, 07:12 PM
لقد دخلت في مغامرة شعرية لعلك لا تخرج منها مظفرا
نصك جميل مع تحفظي على بعض ما فيه

منير باهي
06-07-2008, 11:40 PM
لقد دخلت في مغامرة شعرية لعلك لا تخرج منها مظفرا
نصك جميل مع تحفظي على بعض ما فيه
الأخ اللطيف عمر الراجي
شكرا لأنك مررت هنا ووضعت ما يشبه الملاحظة..
وقبل فترة كتبت ردا على أحد الكتاب الشباب تحدث عن المغامرة الشعرية وتنبأ لها بالفشل،
للاستئناس اعيد نشره هنا:
أيها الصديق
صدقني، حين قرأت تعليقك شعرت بالفرح، معتقدا أني أقرأ < مع كامل الاحترام> ملاحظة لقامة أدبية تستمطر فيّ الرغبة في الجدال والدفاع عن هذه<المغامرة الشعرية> كما سميتَهَا...
لكن، حين عدتُ الى ما نشرت/ قرأت نصك، وأعترف بأن بعض الحماس حماسي خاب..وعذرتُك.
فأنا أخيرا ـ لا كما خمنت ـ أمام شاعر واعد يتحسس الطريق الى كتابة نص شعري عمودي بدون أخطاء عروضية ونحوية وتركيبية دون أن نتحدث طبعا عن اللغة والصورة الشعريتين المتلعثمتين بين يديك...
فلم أرد الوقوف كثيرا.
أما عن ملاحظتك بخصوص مغامرتي الشعرية، فأنا أعذرك..فأنت في بداية العمر،
متأكد من أنك حين تكبر قليلا وتقرأ كثيرا ستفهم.
[انتهى تعليقي]
بالتأكيد إن أي تشابه بينك وبين هذا الشاب الذي لا أعرف الآن ماذا فعلت به الأيام هو محض صدفة كما تقول الأفلام البليدة...
فبالنسبة لي، أنا فخور بأن أجد شاعرا شابا في حجمك...وشرف للشعر العربي أن تكون واحدا من قواده الشباب في معركة الحياة. .
عد مرة أخرى.....
ولك مني كل التقدير

عمر الراجي
07-07-2008, 01:00 PM
على العموم شعرك متمكن غير أن هذا رأيي فقط في مغامرتك الشعرية هاته ذلك أن كل وجهة شعرية جديدة يحسبها الناس مغامرة

لطفي الياسيني
07-07-2008, 05:02 PM
الاستاذ الفاضل الكبير السامق الراقي منير باهي
تحية الاسلام
جزاك الله خيرا
وبارك الله لك وعليك
لك مني عاطر التحية
واطيب المنى
دمت بخير

وائل محمد القويسنى
07-07-2008, 09:16 PM
أخى منير
أليس هذا بديعا فائق الجمال؟؟!!!
أسلوب مميز واضح
شخصية شعرية متفردة
سعدت بمرورى على رائعتك
تقديرى
وائل القويسنى

د. سمير العمري
15-04-2010, 07:32 PM
نص استوقفني أكثر من غيره وأنا أقرأ اليوم لأجدني أمام قامة أدبية شاهقة وقدرة يشهد لها بصدق على تفوق في التحكم بناصية الحرف تأليفا وتوظيفا وتركيبا.

أما من حيث المعنى ففيه الكثير من الشواهد على قراءة متعمقة ودارية كاملة بالبعدين العقائدي والظرفي الواقعي وإشارة ساطعة إلى التوجه الفكري أو لنقل المنهجي في التعاطي مع كنه المعاني ورؤيا الاستقراء. هو منهج لا أقره ولا أراه صوابا يخالفني ويخالف التوجه العام للواحة خصوصا في الإسقاط والإيحاء والاتكاء على لفظ الجلالة في الانحياز للرؤى وكأنه زميل أو ند لا يميزه إلا بعض تفوق إلا أنني أرى أهمية احترام الآراء الأخرى والرؤى المخالفة لمفهوم الحياة والممات فلسفة وعقيدة وأدعو إلى حوار راق وهادف لتجاوز هذا الاختلاف أو على الأقل للتعاطي معه بما يناسب.

وأما من حيث المبنى فهو يشير كما أسلفت لقدرة عجيبة وتمكن كبير لأديب صاحب حرفة عجيبة لا أحسبها تجارى بسهولة ، ولكني لا أرى في هذا إلا ما كنت أشرت إليه من قبل من أن مثله كمثل من يأتي يمزق حلة أنيقة وهنداما متسقا إلى ثوب متهلهل وألوان متداخلة في محاولة لحداثة في الطرح الشكلي "الموضة ؛ كمن يمزقون بنطال الجينز وهو جديد" أو محاولة للاختلاف بالمخالفة والاشتهار بالانشطار. وأقول كذا كما أقول دائما بأن التميز الحقيقي إنما يكون بالاختلاف من المجموع وليس بالاختلاف مع المجموع أو ، أو بالتفرد في الموضوع وليس القفز إلى الممنوع.

ومهما يكن من أمر فإن هذا الاختلاف لا يمنعنا أن ننكر حقك في الإشادة بك كأديب من طراز مميز يسرنا التواصل معه دائما.

دمت بخير!

وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.



تحياتي