المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطائشة



صبيحة شبر
08-07-2008, 01:24 PM
الطائشة

حاولت مرارا أن أميت تلك اللحظة من ذاكرتي ، ولكن عبثا ، تجيئني الذكريات على غير رغبة مني ، لم اذنب في حياتي ، ولم أسبب الأذى لاحد ، وحاولت ان اكون مهذبا ، ولقد نشأت في اسرة علمتني احترام الناس ، وتقدير الكبير والعطف على الصغير ، واعطاء كل ذي حق حقه ، ولقد بذلت جهدي كي انال حب اهلي وعشيرتي ، ولكن ذكراها ما تزال عالقة في ذهني ، وأتساءل بيني وبين نفسي
- هل أذنبت بحقها بلا قصد ؟
غلام صغير يشب على حين غرة ، ويرى نفسه اسيرة للكثير من الحاجات ، التي لم تكن تخطر على باله ، وهي بقامتها الطويلة وقدها الأهيف ، وصدرها الناهد وعينيها الواسعتين ، وشعرها الكستنائي الطويل ، المنسدل على كتفيها ، قد ألهبت الرغبة في قلبي الصغير ، حاولت ان اتبعها ، دون ان اتفوه بكلمة ، موصلا اياها الى منزلها ، وهي تسير امامي محاولة الا تظهر انها على علم بمتابعتي لها
يسعدني انها تسكن قريبا من منزلي ، لعلها من الساكنين الجدد في المنطقة ، ولم اعلم عنهم عن طريق افراد اسرتي ،الذين اعتادوا على الترحيب بالسكان الجدد.
تطول متابعتي لها
- مساء الخير
يثيرني انها لاترد على تحيتي ، احاول ان اقترب منها ، عيناها ترحبان بحذر ، ألقي تحيتي مرات أخر ، يصفعني بقوة أنها تصر ألا تجيب ، أمد يدي إليها ممسدا خدها ، وكأن شعورا من مس الكهرباء يوقفني ، تسكت هي ، وكانت شديدة الحياء ، اكرر المحاولة ، ترغب بابعادي ، ولكني كنت اقوى منها بكثير ، كنت أشعر ببعض الحرية كوني بعيدا عن منزلي ، أدرك ان عيونا كثيرة تترصدني ، وتنقل ما أقوم به إلى أناس أحبهم كثيرا في عائلتي ، فجأة أجد نفسي محاطا بعدد كبير من الناس ، كيف وصلوا هنا ، وقبل قليل كان الشارع يخلو منهم ، افواه كثيرة تتحدث متهمة الفتاة باقسى النعوت ، وأبشعها
- انها مخلوقة حقيرة ، لم يؤدبها ذووها
- انظروا اليها كيف زججت حاجبيها ولونت وجنتيها ؟
- شعرها منسدل ، ولم تبذل جهدا في ربطه
- عليها اللعنة ، تتحرش بأولاد الناس ، والرجال الصالحين
يرانا ابن عمها ، فيسارع الى الوشاية بي والإيقاع بها
أتفاجأ بأبي
- ماذا فعلت لابنة الجيران ؟ لقد جاء ابوها شاكيا
- لم افعل شيئا
- لقد شاهدك الكثيرون تتحرش بها ، الا تستحي ؟
ابي رغم طيبته وسماحته ،إلا انه شديد الغضب في مثل هذه الامور
امسك عصا غليظة:
- سأؤدبك الآن يا ابن الكلب ، يبدو أنني لم أحسن تربيتك ، وتركتك حرا ، تتعدى على أعراض الناس ، ينقصني أن تتحرش بالجيران .
تتوالى علي صربات موجعات ، مما جعلني اصرخ
- مهلا ابي ، سوف اخبرك الحقيقة
يتوقف ابي ، انتهز الفرصة لايقاف عمليات التأديب
-انها السبب ابي ، كانت طائشة وخفيفة ، تضحك في الشارع
- تأدب ايها العاق ، كيف ايقنت انها طائشة ؟
- لبست تنورة مكشوفة ووضعت الأصباغ
اجد ان الضربات تضعف قوتها
- ومالك وما ترتدي ؟
يقف ابي ليسترد قوته ، يبدو ان كلماتي قد أتت اكلها
- انها قليلة الادب
عرفت بعد ذلك ان افراد الاسرة الجارة ، قد غادروا المحلة تحت جنح الظلام ، خوفا من معاكسات الشباب
كنت ذلك الحين حدثا صغيرا ، لاأفقه من أمور الحياة شيئا ، ثم كبرت وعرفت ان الكلمة قد تودي بصاحبها ، أو تسبب اندلاع حريق ، لايذر شيئا ، ويأكل المذنب والبريء ورغم توالي الأعوام، فما زال ذلك الحدث ماثلا في ذهني ، سألت عنها وعن أحوالها ، فلم يجبني احد



صبيحة شبر

جوتيار تمر
09-07-2008, 04:39 PM
الشبر.....

ثلاث محاور اساسية اجدها تؤثث العملية السردية هنا ، وكانها ركائز النص السردي نفسه وابعاده ، المحور الاول يتعلق بالانسان سواء أكان صغيرا ام كبيرا ، والانسان اقصد به ما يخالج ذاته ، ويدغدغ اعماقه من رغبات وتحولات وجدانية ، وتقلبات اخرى تتسم بالتغير والحركية الداخلية التي تجعل من التقلبات هذه تأخذ صور مادية تظهر على شكل ميول وتصرفات واعمال تظهر بشكل واخر هذه التغيرات ، والمحور الثاني يتسم بالاجتماع نفسه ودوره في ابراز هذه التغيرات والحركة الداخلية التي اما ان تركن الى ركن قصي فتكبت ، او تخرج بصورة عنيفة تجاه الاخرين ممن يعيشون معه ، وهنا وجدت هذه التغيرات منفذها في ابنة الجار التي هيئة الممر له لاخراج وابرازها على السطح بشكل مراقبة وتحرك نحوها والتحرش بها كما رأها الاخرون ، ولعل ما ادلى به من وصف لها لابيه يدل على ماهية هذه التحولات الداخلية في الانسان بمراحل عمره الفتية الاولى ، والمحور الثالث وهو الجانب التربوي القائم على اسس تنتمي الى ما اشبه ما يكون بالموروثات الاجتماعية التي تقوم على اخلاقيات ورؤى ذاتية تناسبت وحقبات زمنية طويلة ، وهي تصطدم كثيرا بالتحولات الاجتماعية والتطورات التي تحدث على شتى مجالات الحياة ، النص لخص هذه الامور بشكل سردي محكم ورائع.

محبتي
جوتيار

ابراهيم خليل
17-07-2008, 04:22 PM
أختى المبدعة
نصك يحمل قضية أحييك على كتابتها ادبيا
مع خالص تحياتى

صبيحة شبر
28-07-2009, 07:34 PM
الشبر.....



ثلاث محاور اساسية اجدها تؤثث العملية السردية هنا ، وكانها ركائز النص السردي نفسه وابعاده ، المحور الاول يتعلق بالانسان سواء أكان صغيرا ام كبيرا ، والانسان اقصد به ما يخالج ذاته ، ويدغدغ اعماقه من رغبات وتحولات وجدانية ، وتقلبات اخرى تتسم بالتغير والحركية الداخلية التي تجعل من التقلبات هذه تأخذ صور مادية تظهر على شكل ميول وتصرفات واعمال تظهر بشكل واخر هذه التغيرات ، والمحور الثاني يتسم بالاجتماع نفسه ودوره في ابراز هذه التغيرات والحركة الداخلية التي اما ان تركن الى ركن قصي فتكبت ، او تخرج بصورة عنيفة تجاه الاخرين ممن يعيشون معه ، وهنا وجدت هذه التغيرات منفذها في ابنة الجار التي هيئة الممر له لاخراج وابرازها على السطح بشكل مراقبة وتحرك نحوها والتحرش بها كما رأها الاخرون ، ولعل ما ادلى به من وصف لها لابيه يدل على ماهية هذه التحولات الداخلية في الانسان بمراحل عمره الفتية الاولى ، والمحور الثالث وهو الجانب التربوي القائم على اسس تنتمي الى ما اشبه ما يكون بالموروثات الاجتماعية التي تقوم على اخلاقيات ورؤى ذاتية تناسبت وحقبات زمنية طويلة ، وهي تصطدم كثيرا بالتحولات الاجتماعية والتطورات التي تحدث على شتى مجالات الحياة ، النص لخص هذه الامور بشكل سردي محكم ورائع.


محبتي

جوتيار


العزيز جوتيار
جزيل الشكر على تحليلك الوافي
وتقييمك الرائع
مودتي الفائقة

صبيحة شبر
28-07-2009, 07:35 PM
أختى المبدعة
نصك يحمل قضية أحييك على كتابتها ادبيا
مع خالص تحياتى


أخي العزيز ابراهيم خليل
أشكرك جزيلا على جمال المرور
تقييمك الرائع أسعدني
مودتي وتقديري