تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خريفُكَ الربيعي



يوسف أحمد
17-07-2008, 09:52 PM
خريفُكَ الربيعي

يوسف أحمد- فلسطين

في ميعة الرضا الأرجواني العذبة، ترتدي الأشياء أزهارها الربيعية، وتتولد في قلوب النوارس روح رحلات جديدة مع كل فجر مطرّز بالبهاء والوداد، وتنسحب السماء القديمة من يديكَ ملقية أقمارها وأحلامها على صدر صباح جديد يتهادى من عيونٍ بَحْرية النسيم والموج واللون والأمنيات.
تغمركَ لذة الحرف بطهرها وبهجتها وانسيابيتها، وتسبح في روحك روح أخرى كنت ترقمها على فضائك الشعريّ القزحي طيفا من أحلام، وشلالا من نور قِياميّ الوجه والمدّ والآفاق، ... وتغمض عينيك السابحتين في بحر الدهشة على انبعاث جديد لفينيق يتوالد مع كل همسة فجر.
أيُّ خريفِ لحظاتٍ هذا الذي يمتدّ في أوصالك ربيعا أبديا، فينسيك أياما كنت تحسبها ربيعا، ويفضح أمامك كلّ معاني المعاجم ودلالات المفردات التي كنت تحسبها جديدة مع كل فجر نديّ خضِل !!!!

كنتَ تُشَمِّت الصباح كلما بدت لك منه عطسة، فينعس ويتثاءب بين يديك، ثم تدثره بملاءة من النجوم المتلألئة فيسكن وأنت لا تحبّ السكون، ويغرق في نهر من النوم وأنت لا تشدك السباحة في أحلامه الهادئة حين تشتعل بك الأمنيات.

في الصباح الجديد تنتظر الصباح الآخَر، وفي الليل الذي يبسط جناحيه على صدرك المثقل بالليل، المثخَن بالحلكة تنتظر الصباحين، وعلى بوابات حضرة الأعمال الكثيرة والواجبات الخشنة تأمل من شواطئ الصباح أن تأتيك بالصباح، وحين يتسلل إليك لصّ الفراغ الوقتي تشهر في وجهه صباحا جديدا، فيولي دبره قبل أن يرتدّ عائدا إليك بصباحات مفعمة بأنفاس النور والندّ والندى.

أيُّ "أنا" هذه التي سَكَنَتْ فيك " أناك"، ونزعتك طائعا حالما من معجمك الشعري ذي الدلالات المصفودة، وألقت عليك انفتاحات الرؤى واندياحات الأبعاد، فَرُحْتَ تغترف منها ما لم تصله يداك المرتعشتان شعرا، وما لم تهطل به قريحتك التي كانت مسيجة بالعادي المكرور من قبل ؟؟؟!!!!

كنت توقد تحت تنّور " أناك" نيران الغضب والرضا فلا يقفز شيطان شعرك، وكنت تغريه بما وصلت إليه يداك من مادة، وبما يصل إليه قلبك من روح فلا يحلق بأجنحته في فضائك المفتوح، أما الان فيكفيه حرف واحد من حروف الأبجدية يغزوك بلذته صبحا، حتى ينهض شيطانك من غفوته الكهفيّة، وينتصب أمامك ملبيا نوازع المرسِل واشتهاء المرسَل إليه وراجيا منك عنوانا للرسالة الدافقة شكلا جديدا من الشعر في روحه ولذته وديمومة أثره .

تضيق بك الأمكنة على سعتها، فتكسر أحلامُك وآلاتُ ودّك كلَّ حواجز المادة، وتعبر من فوق جسور الجمود القديم إلى سواحل الوفاء الروحاني الفياض، فتقرأ في صفحة الموج المتزمّل بالروعة همسةَ نفسِك لنفسك: " كنتَ لا ترى في الحياة مِثْلَك، حتى رأيتَ فيها مَثَلَك"، فيسرح بصرك وبصيرتك في مدى الأحلام المتسعة الزرقاء، وتغيب أنت عنك، ثمّ لا تلبث أن تكتشف أن الغيبة الزرقاء هي سبيل الحضور المشحون باللذة الخضراء.

أي وقت هارب من بين أصابعك إليك، ومن بين أناك الناثرة إلى أناك الشاعرة، ومن شمع شهدك إلى شهد شمعك، ومن أجنحة فراشك إلى فراش أجنحتك؟ وأيّ وقت هارب إليك ذاك الذي يشعرك أنك مخلوق آخر، فلكل مخلوق " أنا" واحدة، أما أنت فأناك الظاهرة أنت، وأناك التي تجد فيها أناك هي هي ؟؟!!!

أي وقت هذا الذي تكحله يد "الأنا" الأخرى بمعجمها الشعري، فتبصر به رؤاك الجديدة حيّةً نابضة، وأحلامَك القديمةَ المصفودة أنهارا من سوسن ونيلوفر وحنّاء؟ أي وقت هذا الذي يستحيل بين أناملها صباحات إشراق خضِرة ، فيندّ من شفتيك اللاهبتين نفح سؤالك المعهود المحبوب الهامس :" ومنْ مثلُ هذا الملاك الملهم؟؟؟"

أيها العمر الربيعي المتولد من خريف العمر طفلا ، سقيا لك ولعهدِك الوعدِ، وطوبى لحروف الأبجدية بين يديك، فما زالت شظايا أمسك تسير بك في صراط رغائبك الخضراء، وما زالت أعصاب ضرسك القديم تلسع عصفور الأدب تحت لسانك، فتوقظ فيه سيولا من بهاء وطهر وشفافية روح.
أيها العمر الربيعي الدافق، لا سلطان عليك إلا لمن تنفّس من رئةِ فجرِ الله جمالَه ولذّته، وتشبّثتْ عينا انتظاره بخرير أصابعك، ولا انشطار للروح في ظلال سلسبيل وصلِه، ولا توتّر لعضلات بَدَنٍ تخلَّص من وعثاء الطين، فحلق ساميا إلى مدارج الكمال، حيث ترمقه العيون بانبهار وعجب، ويندلق من الشفاه في كل إذن واعية سؤال وجودي كبير: " متى يغدو سليل الطين روحا غير مصفودة بأغلال سلالته ؟ "

هشام عزاس
17-07-2008, 10:47 PM
رائع أنت / يوســــــف

نص بمذاقات الفصول ... لذا اسمح لي أن أتذوقه طعما طعما ...
و لحين عودتي تقبل اعجابي الشديد بما نثرته هنا سيدي .

دمت ربيعا ...

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـــام

مقبولة عبد الحليم
17-07-2008, 11:08 PM
ما أروعك يا يوسف
يا أخي ..
إنها المرة الأولى التي اقرأ لك فيها نصا نثريا
فما تعودته منك هي قصائدك الموزونة المغلفة بجمال روح رباني وباحساس رقيق حالم تارة وموجوع تارة أخرى
قصائدك التي صورت فيها هموم الناس وعشتها وأتيت بنا لنعيشها معك ...
يوسف أحمد
لله درك لا أدري فكلما قرأتك تتجمع دمعة في العين من فرحي فيك
ما أروعك وأنت تهمس همسات النفس للنفس وحكايات الروح للروح فتبدع
أعيشك بكل ما فيك من فرح وبكل ما فيك من حزن فتتوحد المشاعر بأخوة صادقة عميقة في الله
ما أجملها ....
أخي يوسف هو رباط الدم والوطن فهنيئا لنا فيه
دمت شاعرا حتى في نثرك يا يوسف
مقبولة ... أختك:0014:

وفاء شوكت خضر
18-07-2008, 02:44 AM
لا املك إلا الفرح وأنا أرى الشعراء هنا في واحة النثر ، وكأنه انتصار للنثر على الشعراء ..
مملكة النثر عالم جميل مشرع على كل اتجاه ، لا يحده قافية ولا بحر ولا شطر ..
فمرحبا بك أخي يوسف أحمد في واحة النثر وفي كل منتديات الواحة ..

" متى يغدو سليل الطين روحا غير مصفودة بأغلال سلالته ؟ "

سؤال صعب علينا أن نجيب عليه ..
لكنه ترك جرحا في النفس ..

نص اكتملت الروعة فيها فتألقت ..

تحيتي أيها الكريم .

فلسطين أم الرؤى
18-07-2008, 08:23 PM
أخي يوسف أحمد:
أمام هذا البوح الملون والأنا المشتعلة رقة وشفافية لا يسعني إلا أن أمخر عباب "أناك" ذاهلة ...حالمة..شاردة...أتخلص من أعباء جسدي المادي لأحلق في مداك الأزرق...وأنسى "أناي" هناك.
سأحتفل أنا بطريقتي بهذا النص الرائع ..
أخي يوسف:
ما أبدع قلمك حين ينثر في أرجاء الواحة عبقه فتند من القلب "يحفظك الله"!!

دم بكل الخير

.

يوسف أحمد
18-07-2008, 10:41 PM
رائع أنت / يوســــــف
نص بمذاقات الفصول ... لذا اسمح لي أن أتذوقه طعما طعما ...
و لحين عودتي تقبل اعجابي الشديد بما نثرته هنا سيدي .
دمت ربيعا ...
اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـــام
---------

أخي هشام يا حفظك الله

والأروع منه مرورك الجميل المفعم بالفن والتذوق والجمال والوفاء.

تعلقت بمرورك فكن على القرب أيها القريب القريب.
أخوك يوسف

خليل حلاوجي
19-07-2008, 09:20 AM
ومن شمع شهدك إلى شهد شمعك،

\

قلم ساحر ...

وسطور متألقة بالبهاء ...

مودتي

يوسف أحمد
19-07-2008, 10:23 AM
ما أروعك يا يوسف
يا أخي ..
إنها المرة الأولى التي اقرأ لك فيها نصا نثريا
فما تعودته منك هي قصائدك الموزونة المغلفة بجمال روح رباني وباحساس رقيق حالم تارة وموجوع تارة أخرى
قصائدك التي صورت فيها هموم الناس وعشتها وأتيت بنا لنعيشها معك ...
يوسف أحمد
لله درك لا أدري فكلما قرأتك تتجمع دمعة في العين من فرحي فيك
ما أروعك وأنت تهمس همسات النفس للنفس وحكايات الروح للروح فتبدع
أعيشك بكل ما فيك من فرح وبكل ما فيك من حزن فتتوحد المشاعر بأخوة صادقة عميقة في الله
ما أجملها ....
أخي يوسف هو رباط الدم والوطن فهنيئا لنا فيه
دمت شاعرا حتى في نثرك يا يوسف
مقبولة ... أختك:0014:
---------

أي شرف هذا الذي يكلل جبين نص تقرأه أختي مقبولة حفظها الله ؟! وأي تاج من من الغار يعلو مفارقه؟!

في مرورك الكريم الشامخ أستشعر وفاء الأخوّة وصدق النبض وروعة الكلمات، فأباهي بك الكون أختاه.

حفظك الله وكتب لك سعادة الدارين.

وسلام عليك وعلى أهل الوفاء الجليلي النابض ودا وأصالة وروعة
أخوك يوسف

يوسف أحمد
20-07-2008, 07:42 AM
لا املك إلا الفرح وأنا أرى الشعراء هنا في واحة النثر ، وكأنه انتصار للنثر على الشعراء ..
مملكة النثر عالم جميل مشرع على كل اتجاه ، لا يحده قافية ولا بحر ولا شطر ..
فمرحبا بك أخي يوسف أحمد في واحة النثر وفي كل منتديات الواحة ..
" متى يغدو سليل الطين روحا غير مصفودة بأغلال سلالته ؟ "
سؤال صعب علينا أن نجيب عليه ..
لكنه ترك جرحا في النفس ..
نص اكتملت الروعة فيها فتألقت ..
تحيتي أيها الكريم .
---------------------


أختي الكريمة وفاء حفظك الله


أرسلت طيور الفرح مغردة شادية في هذه الصفحة، فلك الشكر على إطلاقها في فضاء النص.

النثر والشعر يا أختاه عالَمان لكل منهما حاجته وسماته ووقته، وهما كفرسي رهان، يسبق أحدهما الآخر، ثم يسبقه الآخر في مضمار آخر.

شكرا لأن أزهار حروفك تفتحت في روض هذا النص، وجزاك الله خيرا .
ودومي أختاه المكرمة في ظلال الفرح وشآبيب الرحمة والإبداع.

أخوك

يوسف أحمد
24-07-2008, 01:28 PM
أخي يوسف أحمد:
أمام هذا البوح الملون والأنا المشتعلة رقة وشفافية لا يسعني إلا أن أمخر عباب "أناك" ذاهلة ...حالمة..شاردة...أتخلص من أعباء جسدي المادي لأحلق في مداك الأزرق...وأنسى "أناي" هناك.
سأحتفل أنا بطريقتي بهذا النص الرائع ..
أخي يوسف:
ما أبدع قلمك حين ينثر في أرجاء الواحة عبقه فتند من القلب "يحفظك الله"!!
دم بكل الخير
.
-----------


أختي أم الرؤى حفظك الله

تسحرني حروفك دوما، ويتقافز منها وفاؤك الأخوي نافحا في الصفحة شذاه، وفي الأفق ألقه.
ويشرفني وهج الصدق والأخوة على سنان قلمك المترع بالإبداع.
فدومي بخير في دوح احتفاء حروفك بربيعها الدائم.
وسلامي للأهل والأحبة ولمن يفرح لأفراحك الروحية دائما

أخوك

يوسف أحمد
25-07-2008, 02:01 PM
ومن شمع شهدك إلى شهد شمعك،
\
قلم ساحر ...
وسطور متألقة بالبهاء ...
مودتي
-----



أخي الكريم خليل حفظك الله

شكرا لقلمك، ولسحر البهاء متألقا في سنانه ودنانه
أخوك يوسف

زاهية
25-07-2008, 04:26 PM
الشعر والنثر كما تبين لي -بعد قراءتي لهذا النص البديع المحلق عاليًا- أنهما جناحا مبدع كبير هو أنت أخي المكرم يوسف أحمد، إحساسك بالنفس البشرية حرر كلمتك من قيود سلالة الطين، فانطلقت حرة تبحث بوعي عن سعادة الإنسان، فهنيئًا لمن يستطيع التحليق بالنور رغم بقائه جسدا من طين. بارك الله بك ورعاك أخي المكرم يوسف
أختك
بنت البحر

يوسف أحمد
28-07-2008, 05:12 PM
الشعر والنثر كما تبين لي -بعد قراءتي لهذا النص البديع المحلق عاليًا- أنهما جناحا مبدع كبير هو أنت أخي المكرم يوسف أحمد، إحساسك بالنفس البشرية حرر كلمتك من قيود سلالة الطين، فانطلقت حرة تبحث بوعي عن سعادة الإنسان، فهنيئًا لمن يستطيع التحليق بالنور رغم بقائه جسدا من طين. بارك الله بك ورعاك أخي المكرم يوسف
أختك
بنت البحر
----------


أختي الكريمة زاهية التي أفتخر بها وبحروفها دائما حفظك الله

هنيئا لحروف تمرين بها أيتها المبدعة الكريمة، وهنيئا لي بأخت هي للكرم والأصالة والثقة عنوان كبير.

تتشرف نصوصي كعادتها بقراءتك الواعية العميقة.
دومي بألقك ورفعتك

أخوك

سمو الكعبي
30-07-2008, 07:29 PM
إن كان هذا خريفه فكيف بربيعه , ويلي أي ربيع قادم !!
حرف متألق\

يوسف أحمد
08-08-2008, 10:41 AM
إن كان هذا خريفه فكيف بربيعه , ويلي أي ربيع قادم !!
حرف متألق\
--------------


شكرا لك على هذا الحرف المتدثر بالروعة والصدق دوما
أخوك

سيلفا حنا حنا
08-08-2008, 06:36 PM
دوما تصف المشاعر بأحلى الأوصاف
فغدوت ملكا للتعبير عن المشاعر والأحساس
مقاطع موسيقية .. ولوحات فنية
زادها جمالا وتألقا لله درك .:0014:
بارك الله فيك يا عزيزي

ليوفقنا الله

يوسف أحمد
22-12-2008, 07:58 PM
دوما تصف المشاعر بأحلى الأوصاف
فغدوت ملكا للتعبير عن المشاعر والأحساس
مقاطع موسيقية .. ولوحات فنية
زادها جمالا وتألقا لله درك .:0014:
بارك الله فيك يا عزيزي
ليوفقنا الله
--------------------


شكرا أختي الكريمة سيلفا، فواحة حرفك دائمة الإيراق ندية المشاعر، حفظك الله وأجرى الحكمة على سن قلمك فيوضا من جمال والق.

د. سمير العمري
26-04-2010, 12:15 AM
نص نثري مبهر لم يفقد أيا من ألقه رغم السنين!

صدقني أخي الشاعر المبدع يوسف أنك هنا حلقت تحليقا لا يقل سموا عن تحليقك الشعري وطاب لي حرفك في الأمرين معا فلله درك!

ولأنني لم أنتبه لهذا النص إلا الآن ولأنه يستحق كل تقدير في كل عصر وآن فإني سأحتفي به تقديرا.

للتثبيت!

دام ألقك وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير!



تحياتي

لمى ناصر
02-05-2010, 04:59 PM
نشتاق ونحن لوطن النبض أنت فيه

أستاذي الرائع...نشتاقك بكل الأمكنة

تحياتي لك وللوطن الحبيب.

عبد الرحمن الكرد
04-05-2010, 01:27 PM
القدير يوسف
نص لامس شغاف القلوب
وحلق بسماء الحرف
أجدت وأبدعت
تقديري لحرفك
تحياتي

ربيحة الرفاعي
04-05-2010, 01:43 PM
ما شاء الله
هنا وقفت مشدوهة أمام نص مبهر بحق
جزالة لفظ وجمال فكرة وروعة صورة وانهمار حسي مختلف
حاباك التوفيق في كل حرف فنثرت بديعا بديعا
الرائع يوسف أحمد

دمت متألقا

كريمة سعيد
04-05-2010, 03:30 PM
قرأت هذا النص وكنت مع كل فقرة أستنشق عطر زهرة برية مختلفة اللون

بهية الشكل ندية الطراوة و زكية الشذا

نص باذخ ووارف دوّن بوجدان شاعر جميل الحرف راقي القلم وعذب الحس

إعجابي وتقديري