تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ابتكار من قلب الحصار



مصلح أبو حسنين
19-07-2008, 10:23 AM
متزوج منذ سنوات خلت ، وله جوقة من الأطفال في متوالية عددية لا تستطيع التفريق بينهم لتقارب أعمارهم ، الشيب يغزو هامته ، وأصبح رأسه كالثغامة ، وبدت ترتسم على محياه خطوط الزمن . . .
لا عمل له في الوقت الحالي ، فهو صاحب سيارة أجرة قديمة تكاد تتفكك من الصدأ الذي اعتراها، وهي متوقفة منذ مدة عن العمل لعدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها بعدما
تكبلت غزة بالحصار، وبدأ تناقص السلع ظاهرا سلعة تلو الأخرى ، حتى أن بعضها لم يعد موجودا ً البتة . . .
لم يعد صاحبنا قادرا على الحصول على الوقود اللازم لتسيير مركبته التي يقتات من جناها ، وطال توقفها عن العمل ، وضاقت ذات اليد ، ولا بديل
فماذا يفعل ؟ جال بباله ذات يوم بأن يتسول أمام المساجد أو في الطرقات إلا أن عزة نفسه أبت عليه ذلك . .
اختمرت في مخيلته فكرة . . فسأل زوجته بعضا ًمن زيت الطعام فأتته ببعض منه بعد أن قلت فيه البطاطا والباذنجان والفلافل عدة مرات ، ولم يعد صالحا للقلي .
غذى المركبة بزيت الطعام المستعمل ، أدار المحرك مرات ومرات فبدا وكأنه في النزع الأخير ، وبعد محاولات عدة ، نفخت فيه الروح، وانطلقت أصوات زوجته تزغرد وأطفاله يهللون وكأنه الفتح العظيم .
بعد نهاية يوم من العمل عاد بمبلغ يسير من المال ، أعطاه لزوجته التي طارت فرحا لتشتري ما يلزم البيت
في صباح اليوم التالي تجمع حوله أطفاله وهو يدير ماكينة المركبة ، فخرجت منها سحابة من العادم واكتنفت الأطفال كموجة بحر عاتية أخفت ما تحتها فأخذوا يسعلون .
في المساء حملهم للمشفى . . .
تسمم . . . واختناق . . . وضيق في التنفس . . .

أحمد عيسى
19-07-2008, 01:00 PM
وهي قصة حدثت وتحدث كل يوم مذ بدأ الحصار ، وبدأ الابتكار ، وبدأ البحث عن المال والطعام ...
حصارنا لا يخطر بقلب أي انسان يقرأ ويسمع ، لكن ساعة واحدة في غزة تعدك بالكثير الكثير من المفاجآت حيث تكتشف أن أسط مقومات الحياة مفقودة ..
حين تفتقر الى الماء ، والكهرباء ، والهواء النظيف ، والوقود ووسائل المواصلات ، لا تجد الدواء والغذاء وتعاني من أجل الوصول الى المستشفى لكي تعالج ابنك ..
حينها ستعرف كم أن غزة صابرة ...

أجدت الوصف أخي الأديب القدير : مصلح أبو حسنين ..

أحسنت ..

جوتيار تمر
19-07-2008, 03:32 PM
ابو حسنين المبدع...

نص استقى من المعيش اليومي مادته ، ذا بناء سردي حسن ، من حيث اللغة الرصينة ، والزمكانية التي خلقت رؤية واضحة للمتلقي عن ماهية ما يمر به الناس (العامة) في مثل هذه الظروف القاسية ، ويقال بان الحاجة ام الاختراع ، لكنها الحاجة نفسها أم الضياع والاختناق في اغلب بل اكثر الاحوال ، لقد اجدت في رسم وتأثيث الحالة هذه.

دم بخير
محبتي
جوتيار

مصلح أبو حسنين
20-07-2008, 11:54 AM
وهي قصة حدثت وتحدث كل يوم مذ بدأ الحصار ، وبدأ الابتكار ، وبدأ البحث عن المال والطعام ...
حصارنا لا يخطر بقلب أي انسان يقرأ ويسمع ، لكن ساعة واحدة في غزة تعدك بالكثير الكثير من المفاجآت حيث تكتشف أن أسط مقومات الحياة مفقودة ..
حين تفتقر الى الماء ، والكهرباء ، والهواء النظيف ، والوقود ووسائل المواصلات ، لا تجد الدواء والغذاء وتعاني من أجل الوصول الى المستشفى لكي تعالج ابنك ..
حينها ستعرف كم أن غزة صابرة ...
أجدت الوصف أخي الأديب القدير : مصلح أبو حسنين ..
أحسنت ..
__________________________________

الحبيب / أحمد عيسى

لك التحية والسلام ( وشوية بنزين ) !!

هههههههههههه

ممتن جدا لزيارتكم أيها الحبيب

وأشكر تواصلكم الذي لا غنى لنا عنه

نتلمس نبض يراعكم

تحاياي القلبية

مصلح أبو حسنين
20-07-2008, 11:57 AM
ابو حسنين المبدع...
نص استقى من المعيش اليومي مادته ، ذا بناء سردي حسن ، من حيث اللغة الرصينة ، والزمكانية التي خلقت رؤية واضحة للمتلقي عن ماهية ما يمر به الناس (العامة) في مثل هذه الظروف القاسية ، ويقال بان الحاجة ام الاختراع ، لكنها الحاجة نفسها أم الضياع والاختناق في اغلب بل اكثر الاحوال ، لقد اجدت في رسم وتأثيث الحالة هذه.
دم بخير
محبتي
جوتيار
__________________________

جوتيار تمر // كل التحية والاحترام

سعادتنا كبيرة بوجودكم هنا

نتلمس نبض يراعكم

فلا تحرمونا تواصلكم معنا

دمتم بألف خير ومحبة وباقة ورد

كاملة بدارنه
09-11-2014, 07:33 PM
قصّة واقعيّة ومعاناة لازالت قائمة
سرد بحركة سريعة ومؤثّر
تقديري وتحيّتي

ربيحة الرفاعي
23-11-2014, 01:04 AM
أداء سردي طيب في نص استدعى من الواقع الفكرة وبمعاناة إنسانية حقيقية أثث لها في حدثية مؤثرة بإيقاع سريع نجح في نقل الصورة


تحاياي

خلود محمد جمعة
25-11-2014, 09:24 AM
إذا كانت الحاجة ام الاختراع فالحصار ابوه وعمه وخاله وجده على امل البقاء
مؤلمة ومؤثرة ولاذعة
تحية اكبار واجلال لغزة واهلها
كل التقدير

آمال المصري
13-12-2015, 02:51 PM
ربما لم أعش الحصار في الواقع ... لكن عشته هنا وتلمست المأساة وشاركت أبطالها
أجدت ونجحت شاعرنا الفاضل في نقل صورة من الحصار الذي لايتوقع الكثير ما يدور لمن يحاصروا بلغة طيعة وسرد جميل فشكرا لك
وتفتقدك واحتك فمرحبا بك
تحاياي

ناديه محمد الجابي
13-12-2015, 05:56 PM
لك الله ياغزة .. الألم يعتصر قلوبنا على حال أخوة لنا
وسرد واقعي يحكي معاناة شعب يقاسي مأساة الحصار
قصة مؤثرة نجحت في جعلنا نتعايش مع تلك المأساة
بقلوبنا .. وذلك أضعف الأيمان.
قال الشاعر:
لكِ اللهُ يَا غَزَّةَ الصَابِرِينَ *** وَيَا نَبْضَةَ الأَلَمِ الهَاتِفَةْ
عُقُوقُ الأَحِبَّةِ قَدْ نَالَ مِنْكِ *** بِمَوتِ الضَّمَائِرِ وَالعَاطِفَةْ
فَمَا مِنْ مُواسٍ وَمَا مِنْ مُعِينٍ*** يُضَمِّدُ أَجْرَاحَكِ النَّازِفَةْ
أَيَا قَادَةَ الوَهْمِ فُكُّوا القُيُودَ*** وَأَحْيُوا قُلُوبَكُمُ الوَاجِفَةْ
مَلَلْنَا اجْتِمَاعَاتِ مِلءِ البُطُونِ ***مَلَلْنَا شِعَارَاتِهَا الزَّائِفَةْ
فَأَيْنَ انْتِفَاضَةُ تِلْكَ الجُيُوشُ*** جَحَافِلُ مَعْرَكَةِ العَاصِفَةْ
وَأَيْنَ المَدَافِعُ وَالطَّائِرَاتُ*** ثَوَتْ فِي مَخَابِئِهَا خَائِفَةْ
أَعِدُّوا جَوَابَا لِيَوْمِ الحِسَابِ*** إِذَا زَلْزَلَتْ أَرْضَنَا الرَّاجِفَةْ
لَكُمْ عِبْرَةٌ في شَبَابِ الجِهَادِ*** فَضَرْبَاتُهُمْ في العِدَا قَاصِفَةْ
كَتَائِبُهُمْ فِي لَهِيبِ الوَغَى*** عَلَى لَحْنِ أَرْواحِهَا عَازِفَةْ
وَطِفْلُ الحِجَارَةِ رَمْزُ الكِفَاحِ*** يُقَاوِمُ _فِي عِزَّةٍ _قَاذِفَةْ
عَلَى قَبْرِ صُهْيونَ صَاحَ الشَّهِيدُ*** سَنَبْعَثُ أَمْجَادَنَا السَّالِفَةْ

بوركت ـ ولك تحياتي. :001: