المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تعتذر , فقد أتاك موتٌ أصغر شأنا من رحيلك



شجاع الصفدي
10-08-2008, 11:31 AM
حين تصدى الموت لرحلة الستين , جلستَ على ضفة الرحيل مبتسما , تنتظر القطار وتكتب للريح أنك لن تعتذر عما فعلت , لا تعتذر , فقد أتاك موتٌ أصغر شأنا من رحيلك , لا تعتذر فالريح تحملك ملاكا تزف إليك القصيدة , يكسوها ثوبٌ لم يفصله سواك , ويحملها تراب وطن لم يعرف الحزن عن نفسه بقدر ما عرّفته له قصائدك , وثورة كان يفتك بها الوقت ويأكلها صدى النسيان و لم تشرّعها للسماء إلا هتافاتك .
أترى تناولت فطورك قبل أن يجئ الزائر الأخير , وكنت تفكر بغيرك ؟
أكنت تقرأ فاتحة ؟ أم تضع التنوين على صدر الوطن ؟
سمعتك مرةً تقول" لا أريد الموت ما دامت على الدنيا قصائد وعيونٌ لا تنام فإذا جاء ولن يأتي بإذن لن أعاند بل سأرجوه لكي أرثي الختام " .
أراك قد أعلنت أنها لم تعد على الدنيا قصائد وكل العيون نيام , فقد جاءك بغير إذنٍ ولم يمنحك فرصة الرجاء كي ترثي الختام ...
فأي المراثي قد يقولها المرء عند موتك ؟
وأي قصائدٍ ترجى من غياهب اللغة لتقول فلسطين من بعدك ؟
هناك في البعيد ترقد وحدك , لا شريك لك سوى القصيدة , تنهل من قلبك , تقول لها :" لا أنام لأحلم , فتقول لك بل نم لأنساك , ما أطيب النوم وحدي بلا صخبٍ في الحرير , ابتعد لأراك وحيدا هناك , تفكر بي حين أنساك ولا شيء يوجعني في غيابك ." وكأنها تكذب لئلا تحمّلك حزنا يفوق احتمالك , ووطنا أثقل كاهل مشوارك .
يا صاحب الرسالة أفرغت الطريق من خطاك أم أفرغت خطاك الطريق من بعدك ؟
الآن أسافر في خطاك فتقول لنفسك : " تمهل ولا تمت الآن , إن الحياة على الجسر ممكنة والمجاز فسيح المدى هاهنا برزخٌ بين دنيا وآخرة بين منفى وأرض مجاورة "
ويجيبك الصدى لا تقل إنه مات أو عاش قرب الحياة سدى , قل أطل على نفسه من علٍ ورأى نفسه ترتدي شجرا واكتفى بالتحية ."
لم يكن يا صاحبي لك حاضر آخر سواك , فامتلكت مفاتيح أمسَك , لكن أمسُك لن يكون كله معك لذا لم تمتلك غدك كله , فأمسك حاضر الكلام , أمسُك أسلاك الطريق وأعمدة الجسر ليمر به العابرون إلى السماء .
وكلما كنت وحدك كان الطريق يتسع لملايين الشعراء , يعبرون بعدك وكأنك تذيب الجليد من أعماق الحياة , فتمضي للنهاية ويمضي الآخرون للبدء بعدك , فالقصيدة بين يديك "وفي وسعها أن تدير شؤون الأساطير بالعمل اليدوي ولكنك مذ وجدت القصيدة شرّدت نفسك وساءلتها من أنا من أنا "
والآن يا صاحبي ضع يدك اليمني في جيبك ولا تصافح الموت فقد يرى في ذلك اعتذارا والأمر أقل شأنا من اعتذارك , واليسرى ضعها على قلبك , وابتسم , فقلبك قد توقف ليعطي الراية لحصان الشعر الذي بقي وحيدا يسألك لم تركته في جوف بيارات حيفا ورحلت وحدك ؟
قلبك الذي لم تنزع عنه الأقفال يوما لئلا يجرح الآخرينَ حزنك , فتح اليوم على مصراعيه فأحزن عالما هو موطنك , فُتح ليقول لتراب حيفا ويافا وعكا وغزة والجليل أنك في حياتك لم يكن سواه معك ومذ سلبوه عشت وحدك .
"فكم كنت وحدك يا ابن أمي , يا ابن أكثر من أبٍ كم كنت وحدك "
ولكن لا تبتئس , "فمن يكتب حكايته يرث أرض الكلام ويملك المعنى تماما "والمعنى هو خلود الروح في ذاكرة الحياة .
والآن بعد رحيل الكلام , لنا حلمٌ واحد , أن نجدك نجمة تحمل عبر الجسر قصائدنا وأحلامنا للسماء , فتلك النجمة التي حلمت بها في قصيدتك تحمل الميتين لم تحملك , فأنت هي , إذ تحملنا على كتفك كما حملت عبء الغناء ولم تطيّر أحلامنا هباء , فبقينا من بعدك نحلم عارين من كل شيء إلا الحقيقة , فنم يا صاحبي واهدأ فكل حينٍ يولد طفل وصرخته في شقوق المكان تدرك اسمك , سيعلق حلمك على جدران فلسطين "وحدك " .

عبدالله المحمدي
10-08-2008, 12:24 PM
فنم يا صاحبي واهدأ فكل حينٍ يولد طفل وصرخته في شقوق المكان تدرك اسمك , سيعلق حلمك على جدران فلسطين "وحدك " .


الاديب شجاع:

وهآنت تسكب الحقائق دون رتوش

رحم الله فقيدنا واديبنا وشاعرنا .....

تحياتي لك ولحرفك القوي كالصبار

ودمت نقيا رائعا كروعة حضورك هذا ..

هشام عزاس
11-08-2008, 01:50 AM
يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

و عاد في كفن

كان اسمه...

لا تذكروا اسمه!

خلوه في قلوبنا...

لا تدعوا الكلمة

تضيع في الهواء، كالرماد...

خلوه جرحا راعفا... لا يعرف الضماد

المبدع الجميل / شجاع الصفدي

قد يرحل الكلام و لكن أبدا لن يرحل ما زرعه هذا الرجل في قلوب الأنام

كتبت بصدق و حس مدرك ... أعرف أنكم ستواصلون مسيرتكم نحو الحرية

دمتم و القضية

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـــام

جوتيار تمر
11-08-2008, 11:48 AM
الصفدي الجميل...

دائما هناك موت اكبر من موت ، قالها قبله بلند الحيدري ، وها هو يعيد سيرتها الاولى ، نص فيه الكثير الذي يجب ان نتعلم منه ........

لم يَبق في اللغة الحديثةِ هامشُ
للاحتفاء بما نحبُّ،
فكُلّ ما سيكونُ ... كانْ

هذا ماقاله...وموته انما كان ما سيكون...........

محبتي لك
جوتيار

أنس إبراهيم
11-08-2008, 06:01 PM
الــدرويـش . .
حــاكى المـوت / كــان الرفــيقُ الأول والثـاني لـهُ / رآهُ مرات ومرات / لـكنهُ لم يحـالفهُ الحظُ كمـا قال هـوَ

عــاشَ مـحباً للمـنفى البعيـد والقــريب حتـى في أحـضانِ الوطــن /
كــان الـشاعر الذي شـعرُ أنـه خـلقَ لـيُنفى ويبـكي الحروف للوطــن . .

هـو هكـذا
رحمـةٌ علـيه ولـهُ السلام والإحتـرام


العـزيز شجـاع /
نصٌ رائع . .

تـقديري

شجاع الصفدي
12-08-2008, 02:08 PM
فنم يا صاحبي واهدأ فكل حينٍ يولد طفل وصرخته في شقوق المكان تدرك اسمك , سيعلق حلمك على جدران فلسطين "وحدك " .
الاديب شجاع:
وهآنت تسكب الحقائق دون رتوش
رحم الله فقيدنا واديبنا وشاعرنا .....
تحياتي لك ولحرفك القوي كالصبار
ودمت نقيا رائعا كروعة حضورك هذا ..


الفاضل عبد الله
من يرحل ويخلّد إسمه بما فعل في حياته هو الرابح دوما في معادلة الموت والحياة ...
لك الود والتقدير

شجاع الصفدي
13-08-2008, 11:00 AM
يحكون في بلادنا
يحكون في شجن
عن صاحبي الذي مضى
و عاد في كفن
كان اسمه...
لا تذكروا اسمه!
خلوه في قلوبنا...
لا تدعوا الكلمة
تضيع في الهواء، كالرماد...
خلوه جرحا راعفا... لا يعرف الضماد
المبدع الجميل / شجاع الصفدي
قد يرحل الكلام و لكن أبدا لن يرحل ما زرعه هذا الرجل في قلوب الأنام
كتبت بصدق و حس مدرك ... أعرف أنكم ستواصلون مسيرتكم نحو الحرية
دمتم و القضية
اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـــام


أخي هشام

رحل درويش وترك لنا وجعا يصعب اجتيازه فالرحيل لا يتشابه أبدا حتى وإن ظننا غير ذلك ..
حسبه أن رمح كلماته بقي مشرعا بعد الرحيل فقد خلد روحه بما فعل في حياته

شكرا لحضورك العطر

شجاع الصفدي
13-08-2008, 01:51 PM
الصفدي الجميل...
دائما هناك موت اكبر من موت ، قالها قبله بلند الحيدري ، وها هو يعيد سيرتها الاولى ، نص فيه الكثير الذي يجب ان نتعلم منه ........
لم يَبق في اللغة الحديثةِ هامشُ
للاحتفاء بما نحبُّ،
فكُلّ ما سيكونُ ... كانْ
هذا ماقاله...وموته انما كان ما سيكون...........
محبتي لك
جوتيار

رفيقي الكريم جوتيار

كل الهوامش مثخنة حتى أرهقها نزفها .. لمثل درويش لا يمكن أن ندرك مدى الجرح أو امتداد رحلة النزف..

دام حضورك الجميل

شجاع الصفدي
14-08-2008, 06:13 AM
الــدرويـش . .
حــاكى المـوت / كــان الرفــيقُ الأول والثـاني لـهُ / رآهُ مرات ومرات / لـكنهُ لم يحـالفهُ الحظُ كمـا قال هـوَ
عــاشَ مـحباً للمـنفى البعيـد والقــريب حتـى في أحـضانِ الوطــن /
كــان الـشاعر الذي شـعرُ أنـه خـلقَ لـيُنفى ويبـكي الحروف للوطــن . .
هـو هكـذا
رحمـةٌ علـيه ولـهُ السلام والإحتـرام
العـزيز شجـاع /
نصٌ رائع . .
تـقديري


قد يكون المنفى أخف وطأة من غربة الوطن أحيانا .. لربما اختار منفاه ليحيا ..

شكرا لمرورك الطيب عزيزي أنس