المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صاحب الكوخ ...



د. عبد الفتاح أفكوح
14-08-2008, 12:08 AM
صاحب الكوخ
... فلم يجد ما يهون عليه مكابدة الترحال المتواصل ووحشة الإغتراب، بعيدا عن الديار التي غادرها بالأمس النائي وحيدا، وحن اليوم إلى رسمها وأهلها حنينا شديدا ...
وما إن حل غريبا بين أهل القرية التي قدم إليها منذ أعوام أدبرت باحثا عن والده مثل ما قدم إليها اليوم، حتى قصد في مشيه يريد أحد الأكواخ، دون سابق تعيين له أو اختيار، لعل صاحبه يجود عليه داخله بركن هادئ يستريح فيه من وعثاء سفره الطويل، ويقيه من حر الشمس ولسع سياطها القائظة، وعسى أن يستقبله من فيه بما يؤنسه من طيب حديث يخفف عنه بعض الذي يؤلمه من الفقد العسير ويؤرقه من الشوق الجارف، أو يمده بقبس جديد يمكنه من العثور على والده ويكون سببا في ملاقاته، أو يدله على سبيل يسلكه من أجل الإهتداء إلى مكانه ...
لم يكن السؤال عن والده بالأمر الهين عليه، على الرغم من اعتياده توجيهه إلى كل من يصادفهم في حله وترحاله، فقد ألف أن ينبض به فؤاده المحترق قبل أن يجريه لهيبا على لسانه، وهو ذات السؤال العاصف الذي كان يحدث في أعماق نفسه الرجفة تلو الرجفة ...
وقف غير بعيد مشرفا على الكوخ الصغير، فأرسل صوته المبحوح من شدة النصب مناديا على صاحبه، إلا أن المناداة لم تطل به، إذ خرج إليه شيخ طاعن في السن، فما إن رآه وتبين ملامح وجهه ونبرات صوته حتى اغرورقت عيناه بالدمع الغزير ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

جوتيار تمر
14-08-2008, 10:30 AM
ابو شامة المبدع..
عودة ميمونة ....وعساه غياب خير...

وقفة تأمل لهذه اللوحة المصورة لنا حالى الغربة ، ومن ثم العودة ، ومضة ابدعت فيها من تحريك للوجدان ، وتنشيط للذهن ، وتوضيح لمعالم الحال ، فالنص في الاصل رصد لحالة ذاتية ، لكنها قد تعمم على كل الظروف المشابهة له .

محبتي
جوتيار

علي عطية
14-08-2008, 10:52 AM
ايها الاديب الكبير الدكتور عبدالفتاح
غربة تتيه داخل نصك البارع ....
شتات في الباحث عن المفقود والمصاحب للوحدة والغربة
وتقادير للقدر لا تنفك تطرق الألباب: إن كل الأمور في مقادير
فليتنا نسابق القدر المحتوم للقاء
ما أروع تعابيرك وتخايلك ورنيم نبراتك المحتوية للبلاغة والندرة الخلابة
دمت بروعة وتألق
أبوعباد

فاطمة أولاد حمو يشو
14-08-2008, 01:32 PM
صاحب الكوخ

... فلم يجد ما يهون عليه مكابدة الترحال المتواصل ووحشة الإغتراب، بعيدا عن الديار التي غادرها بالأمس النائي وحيدا، وحن اليوم إلى رسمها وأهلها حنينا شديدا ...
وما إن حل غريبا بين أهل القرية التي قدم إليها منذ أعوام أدبرت باحثا عن والده مثل ما قدم إليها اليوم، حتى قصد في مشيه يريد أحد الأكواخ، دون سابق تعيين له أو اختيار، لعل صاحبه يجود عليه داخله بركن هادئ يستريح فيه من وعثاء سفره الطويل، ويقيه من حر الشمس ولسع سياطها القائظة، وعسى أن يستقبله من فيه بما يؤنسه من طيب حديث يخفف عنه بعض الذي يؤلمه من الفقد العسير ويؤرقه من الشوق الجارف، أو يمده بقبس جديد يمكنه من العثور على والده ويكون سببا في ملاقاته، أو يدله على سبيل يسلكه من أجل الإهتداء إلى مكانه ...
لم يكن السؤال عن والده بالأمر الهين عليه، على الرغم من اعتياده توجيهه إلى كل من يصادفهم في حله وترحاله، فقد ألف أن ينبض به فؤاده المحترق قبل أن يجريه لهيبا على لسانه، وهو ذات السؤال العاصف الذي كان يحدث في أعماق نفسه الرجفة تلو الرجفة ...
وقف غير بعيد مشرفا على الكوخ الصغير، فأرسل صوته المبحوح من شدة النصب مناديا على صاحبه، إلا أن المناداة لم تطل به، إذ خرج إليه شيخ طاعن في السن، فما إن رآه وتبين ملامح وجهه ونبرات صوته حتى اغرورقت عيناه بالدمع الغزير ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي




الاخ الكريم عبد الفتاح ..أردت ان تخلق المفاجاة في النص ..فكان لك ذلك ..ملتمسا أسلوبا شيقا وصورا فنيا جميلة ..
دمت مبدعا ..
مودتي

د. عبد الفتاح أفكوح
21-08-2008, 06:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم أهل الجود والكرم
جوتيار تمر - علي عطية - فاطمة أولاد حمو يشو
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
لكم جميعا من أخيكم أبي شامة المغربي شذى الشكر الجزيل وشدو التقدير الأصيل على كريم اهتمامكم بما كتبت، وجود متابعتكم لما بسطت من حروف قصصية على أديم هذه الصفحة المزهرة، ونسأل من لا تأخذه سنة ولا نوم أن يرزقنا التوفيق والسداد في كل ما نقبل عليه من أفعال، وننطق به من أقوال، ونخطه باليمين من كلمات، وأن يجمعنا بمن يدلنا دائما على الخير والصلاح، وبمن لا يضن علينا بالنصح الجميل ...
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

أحمد حلمي
21-08-2008, 10:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي العزيز ..

أجد نفسي بين يدي كاتب ساتعلم من كلماته الكثير .. ومن سرده للمعاني والأحاسيس والمواقف النفسية .. الكثير ..

تحياتي لك ولقلمك

أخوك

د. عبد الفتاح أفكوح
09-09-2008, 12:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليك من جديد أخي الكريم
أحمد حلمي
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
لك مجددا من أخيك أبي شامة المغربي فيض الشكر وغيث التقدير على كريم اهتمامك بما نثرت من حروف، وعلى جود متابعتك لما أرسلت محلقا مغردا من عصافير قصصية في سماء هذه الواحة المزهرة المورقة، والله عز وجل أسأل أن يرزقنا بلوغ الغاية المحمودة في سائر ما نخطه من كلمات باليمين، وأن يجعل سائر ما نقبل عليه من أعمال خالصا لوجهه الكريم، ثم نسأل من علم الإنسان بالقلم ما لم يكن يعلم أن ينفعنا وينفع غيرنا بما نكتب على أديم كل صفحة ...
حياك الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

د. سمير العمري
01-07-2009, 04:44 PM
قصة فيها تكثيف الفكرة بوصف طويل للحالة النفسية والشعورية للغريب العائد بعد طول غياب يبحث عن حياته التي نهبتها الغربة منه في والده الذي تركه قويا ليجده وقد هرم وخارت قواه.

هو إحساس دقيق لمن يعرف معاني الغربة والحنين أحسنت في وصفها بارك الله بك وبقلمك.

أهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.



تحياتي

سعيدة الهاشمي
02-07-2009, 01:28 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

د. عبد الفتاح أفكوح،

عسى غيابك فيه خير، مذ عدت للواحة لم أر قصصك ولا مشاركاتك فأتمنى أن تكون بألف خير أستاذي العزيز.

قصة مكثفة مميزة، جعلتنا نحس ولو من بعيد بما يحسه ذلك المغترب العائد بعد طول سنين

والختمة جاءت مميزة فقد كان يبحث عن مكان يستريح فيه وإذا به يعثر على شخص غال عصفت به رياح الزمن.

احترامي وتقديري.

د. عبد الفتاح أفكوح
02-10-2009, 07:45 AM
http://i287.photobucket.com/albums/ll149/glittergn/flower/flower030.gif

ناديه محمد الجابي
04-05-2018, 06:27 PM
الغربة كلمة طعمها مر ـ كلمة قاسية وتجربة صعبة
ولا يعرف معنى كلمة وطن إلا من عرف الغربة
ومهما سافر واغترب الإنسان فلن يجد أحن من حضن وطنه
وقد عاد المغترب مشتاق يبحث عن والده فكان اللقاء المفاجأة.
تفرد لغوي وشعوري ، وانسياب وإمتاع وعمق في توصيل الفكرة
مع تألق في التصوير.
بوركت ـ ولك تحياتي وتقديري.
:v1::001: