تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أين الرحمة



زاهية
15-08-2008, 09:41 AM
كان يجر خروفا في الطريق وينادي بأعلى صوته: خاروف للبيع.. خاروف للبيع، والمجرور يمشي وراء قائده مستسلمًا.
ينظرالمارة إليه.. يتفحصونه دون الوقوف، ويتابعون طريقهم.
رؤؤس كثيرة امتدت من النوافذ لترى الخاروف ثم اختفت بإغلاقها.
يعلو صوت الرجل أكثر: خاروف للبيع ... للتسمين.. للعيد..
يسود الطريق الصمت إلا من مأمأة الخاروف وتأفف صاحبه..
مازال الرجل يجوب الطرقات بخاروفه والعرق يتصبب منه، أحس بإرهاقٍ شديد، بينما ظل الخاروف هادئًا إلى أن وصلا معًا إلى سوق الجزارين حيث رائحة اللحم والدم والعظام تملأ أجواء المكان.. أحس الرجل بصعوبة في شد الحبل المربوط حول عنق خاروفه، لم يهتم بداية لكنه شعر بضيق شديد من مقاومة خاروفه التي بدت جلية عندما رأى خاروفًا آخر قرب دكان أحد الجزارين. توقف الرجل قليلا.. اقترب من تابعه البهيم وراح يمسح فوق رأسه بيده، وأرخى له الحبل قليلا ، فرآه يمشي نحو مثيله فمشى خلفه. وما أن وصل إلى الخروف الآخر حتى راح يشم رأسه ويتمسح بعنقه والآخر يبادله نفس الحركات. وقف صاحبه مبتسما بما يرى، واحس بفرح داخلي بمجيء صاحب الملحمة. سأله أن يبيع له الخاروف، فما صدق بأنه سيشتريه منه بعد أن فشل ببيعه طوال اليوم، لكنه تظاهر بعدم الرضا، فزاد له الآخر بالثمن. قبض المال وترك الحبل للمشتري الذي أمسك به وربطه قرب الخاروف الآخر.
في صباح اليوم الثاني خرج اللحام إلى المسلخ لذبح الخراف. كان ومساعدوه يعملون بنشاط صباحي ملفت لإنهاء العمل سريعًا، والخراف تنتظر دورها قرب مكان الذبح، وقبل أن ينتهوا من ذبحها جميعًا جلس اللحام لأخذ قسط من الراحة واحتساء كوبٍ من الشاي، بينما كان مساعدوه يسلخون جلود الخراف الذبيحة. وقف الرجل مذهولا أمام مارآه من الخاروف الذي اشتراه بالأمس من صاحبه. كان الخروف يدفع برجله السكين -التي وضعها اللحام جانبا- نحو بركة عميقة من الماء الممتزج بالدماء حتى ألقاها فيها.
بقلم
زاهية بنت البحر

مصلح أبو حسنين
15-08-2008, 10:11 AM
كان يجر خروفا في الطريق وينادي بأعلى صوته: خاروف للبيع.. خاروف للبيع، والمجرور يمشي وراء قائده مستسلمًا.
ينظرالمارة إليه.. يتفحصونه دون الوقوف، ويتابعون طريقهم.
رؤؤس كثيرة امتدت من النوافذ لترى الخاروف ثم اختفت بإغلاقها.
يعلو صوت الرجل أكثر: خاروف للبيع ... للتسمين.. للعيد..
يسود الطريق الصمت إلا من مأمأة الخاروف وتأفف صاحبه..
مازال الرجل يجوب الطرقات بخاروفه والعرق يتصبب منه، أحس بإرهاقٍ شديد، بينما ظل الخاروف هادئًا إلى أن وصلا معًا إلى سوق الجزارين حيث رائحة اللحم والدم والعظام تملأ أجواء المكان.. أحس الرجل بصعوبة في شد الحبل المربوط حول عنق خاروفه، لم يهتم بداية لكنه شعر بضيق شديد من مقاومة خاروفه التي بدت جلية عندما رأى خاروفًا آخر قرب دكان أحد الجزارين. توقف الرجل قليلا.. اقترب من تابعه البهيم وراح يمسح فوق رأسه بيده، وأرخى له الحبل قليلا ، فرآه يمشي نحو مثيله فمشى خلفه. وما أن وصل إلى الخروف الآخر حتى راح يشم رأسه ويتمسح بعنقه والآخر يبادله نفس الحركات. وقف صاحبه مبتسما بما يرى، واحس بفرح داخلي بمجيء صاحب الملحمة. سأله أن يبيع له الخاروف، فما صدق بأنه سيشتريه منه بعد أن فشل ببيعه طوال اليوم، لكنه تظاهر بعدم الرضا، فزاد له الآخر بالثمن. قبض المال وترك الحبل للمشتري الذي أمسك به وربطه قرب الخاروف الآخر.
في صباح اليوم الثاني خرج اللحام إلى المسلخ لذبح الخراف. كان ومساعدوه يعملون بنشاط صباحي ملفت لإنهاء العمل سريعًا، والخراف تنتظر دورها قرب مكان الذبح، وقبل أن ينتهوا من ذبحها جميعًا جلس اللحام لأخذ قسط من الراحة واحتساء كوبٍ من الشاي، بينما كان مساعدوه يسلخون جلود الخراف الذبيحة. وقف الرجل مذهولا أمام مارآه من الخاروف الذي اشتراه بالأمس من صاحبه. كان الخروف يدفع برجله السكين -التي وضعها اللحام جانبا- نحو بركة عميقة من الماء الممتزج بالدماء حتى ألقاها فيها.
بقلم
زاهية بنت البحر

______________________________________________

الله أكبر

على هذه المفارقة

لقد فعلها الخروف !!!!!!!!

ونحن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟

دمت بروعة أيتها المشرقة على الدوام

الزاهية :

لك كل تقدير واحترام

جوتيار تمر
15-08-2008, 01:47 PM
الزاهية زاهية....

ربما اللحام هنا اكثر انسانية من الذي يضع السكين على عنق الانسان ويكبر ويذبح ، مفارقة غريبة ، فعلى الاقل اللحام شاهد الموقف منبهرا ، بل اعطى للخروف وقتا ليتنفس ويخفي اداة الجريمة ، التي اودت بحياة صاحباتها ، اما الواقع هنا عزيزتي ، فالجزار/اللحام يضع السكين على رقبة الانسان ولايسمح له حتى بأن يصلي للسماء قبل ان تزهق روحه ، غريبة القصة ، والاغرب طريقة الشراء ، كأن طيفا يري ان يخبرنا بماهية الروح ، في جميع الاحياء.

محبتي
جوتيار

زاهية
16-08-2008, 07:19 PM
______________________________________________
الله أكبر
على هذه المفارقة
لقد فعلها الخروف !!!!!!!!
ونحن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟
دمت بروعة أيتها المشرقة على الدوام
الزاهية :
لك كل تقدير واحترام
بارك الله بك أخي المصلح ورعاك
نعم فعلها الخاروف البهيم ليعلم الرحة لبني آدم الفَهِمِ، ومن ثمَّ عدم الاستسلام لجزاريه بمحاولة ما. جزاك الله الخير
أختك
بنت البحر

علي عطية
17-08-2008, 06:33 PM
زاهية بكل معاني الجمال
حقا ابداع لغاية جميلة

ربما تجد من يتذوقها ويعلم مغزاها

صورة معبرة تدمي قلوب أولى الألباب
وتهز خنوع واستسلام الخراف
وتقول لهم لا جبن بعد اليوم

انبش الأرض ولو بحافر خروف

فلربما تغير ولو حتى اعتقاد جزاريك عنك

دمت مبدعة لفن راق نقي

اعجابي
ومودتي

أبو عباد

زاهية
17-08-2008, 11:31 PM
جوتيار تمر أخي المكرم
والله إنه أمر مؤلم جدا أن يكون الحيوان أكثر شعورًا من الإنسان. قصة حقيقة مؤلمة
دمت بخير أخي المكرم جو
أختك
بنت البحر

زاهية
19-08-2008, 11:50 AM
زاهية بكل معاني الجمال
حقا ابداع لغاية جميلة
ربما تجد من يتذوقها ويعلم مغزاها
صورة معبرة تدمي قلوب أولى الألباب
وتهز خنوع واستسلام الخراف
وتقول لهم لا جبن بعد اليوم
انبش الأرض ولو بحافر خروف
فلربما تغير ولو حتى اعتقاد جزاريك عنك
دمت مبدعة لفن راق نقي
اعجابي
ومودتي
أبو عباد

أبو عباد أخي المكرم، أهلا بك ومرحبا
مرورك يفوح وعيًا
أسعدني غوصك في أعماق النص
والوصول إلى المغزى في القصة
لك شكري وتقديري
أختك
بنت البحر

ربيحة الرفاعي
17-07-2014, 03:13 AM
طال القسم الأول من المشهد دونما أهمية حقيقية للنص الذي تتركز فكرته بغايتها في القسم الثاني منه والذي يبتدأ بشراء الجزار للخروف

الفكرة سامية تستلهم وحشية الواقع وهمجية ما يمارس بحق البشر من ذبح لمجرد الاختلاف

دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
17-07-2014, 12:44 PM
فعلها الخروف إذا .. ولكنه لم يكن يعيش في زماننا هذا
زمن الفتن العظيمة ، حيث يقع القتل دون أن يدري القاتل
لماذا قتل ـ ولا يدري المقتول سبب قتله.

لك أسلوب متميز وإبداع يحمل رسالة
دمت زاهية رائعة.

خلود محمد جمعة
20-07-2014, 10:37 AM
لبشاعة المشهد قرر الخاروف التخلص من السكين
فكيف يرى أطفالنا المشهد
ومن سيمنحهم حق التخلص من سكينهم
قصة مؤلمة
دمت بخير
تقديري