المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأرض والدماء.. حكاية كل زمان



عبدالرحمان بن محمد
04-09-2008, 11:59 PM
الأرض والدماء ..حكاية كل زمان

على أصوات أمواج البحر وهي تتكسر على البروز الصخري الذي أعلوه
أغمضت عيني في إنهاك..
أشعة الشمس الدافئة تتسرب إلى داخل جسمي في نعومة وانسيابية كأنها تجري
مجرى الزمن، لتتحول إلى طاقة رصدها دماغي في لحظات فترجمها لطاقة
حرارية مخدرة جعلت إحساسي بالوجود يتوقف لبرهة، وكأني انتقلت
فجأة إلى العدم، قبل أن أشعر وكأن البروز الصخري من تحتي يهتز ويبدأ
بالدوران ويدخل معه دماغي في دوامة لا تنتهي..
ضاق صدري وبدا لي لحظة أني أختنق، واختنق،وأختنق..
ثم فجأة سمعت صوت فرقعة قوية
ودون سابق إنذار وجدت جسدي يهوي في نفق رهيب مظلم، وشريط حياتي
يعود بي للوراء في سرعة فائقة قبل أن يصك مسامعي صرخات
رهيبة وكأنها آتية من أعماق الجحيم..
كانت صرخات وآهات تحمل عذابات الدنيا كلها وهي تمتزج بأصوات القذائف
والقنابل وكأن الزمن عاد بي لزمن الحروب العالمية، ومع انقشاع نور ضئيل
بدأت حدة الصوت المصاحبة للصرخات تخفت وتخفت وتخفت..
ومع استمرار جسدي في السقوط بدأت أسمع أصوات أخرى مغايرة كأصوات
صليل السيوف ووقع حوافر الجياد، لكن دون أن تخمد تلك الصرخات للحظة واحدة..
ثم فجأة سطع نور قوي
وتبدلت الأصوات
واختفت الصرخات تماما
وللحظة وعيت لما حولي فوجدت جسدي وكأنه يغوص في نفق لولبي زجاجي
براق وكان المنظر الذي مر أمام عيني في رمشة عين منظرا جللا، ومهيبا..
شريط من نور لم يسبق لي أن رأيت له مثيلا يخرج من سقف بيت مربع مكسو
بأقمشة خضراء
ويصعد نحو السماء في خط مستقيم بدون نهاية ودون أن ينقطع عن أصله..
ومع ذلك المشهد المهيب كانت تتعالى أصوات التهليل والتوحيد
بلسان واحد وقلب واحد
لإله إلا الله
وددت لو توقف بي الزمان عند ذلك المكان لكن جسدي استمر في السقوط
وعادت نفس الصرخات ونفس الأصوات التي كانت قبلا
لكن هذه المرة بعنف
وبوحشية..
ثم وجدت نفسي وكأني أغرق، أو كأن طوفانا يضرب نفقي في قوة
ثم خيل لي وكأن البحر الممتد أمامي ينفلق لفرقين، كل فرق كالطود العظيم
فمررت بينهما بسلام والمياه ورائي تبتلع الصرخات في مشهد مخيف
و...
وتوقف بي الزمان عند غابة بدائية جميلة..
وهناك في الوسط
تحت ظل شجرة مورقة كانت تقف فتاة
فتاة جميلة لم يسبق لي أن رأيت مثلها في حياتي كلها
كانت تستر نصف جسدها بجلد النمر
وتقف في مواجهة شاب قوي البنية وهو يحمل خنجرا مصبغا بدماء حمراء صافية..
كان منكسرا
نادما
ومتحسرا
وبالجوار شاب آخر ملقى على الأرض..
منكمشا على جسده والدماء تسيل من جانب صدره الأيسر وتتساقط على الأرض
في رقعة واسعة..
و...
وفجأة اهتزت الأرض من تحتي للمرة الثانية وسمعت صوت عظام وهي تتكسر
قبل أن أفيق فجأة وأعي لحالي لأجد جرحا غائرا بأعلى كتفي الأيسر والدماء تسيل منه
في غزارة، فتناسيت الألم الرهيب وحملت مدفعي الرشاش بيدي اليمنى
وأنا أتطلع إلى تلك الطائرة الحربية التي تحمل شعارا واضحا بنجمته السداسية، وصاحبها
ينقلب بها دورة هوائية متباهيا، ويعيد تصويب مدفعها الرشاش نحوي وابتسامة متشفية
مقيتة ترتسم على شفتيه ..
وبعزيمة وإصرار النمر وقفت في مواجهته لأعيد فصلا آخر من فصول الزمن
بعد أن تأكد لي أن لا مفر من استمرار إهراق الدماء
فيظهر أن هذه الدنيا اعتادت أن ترتوي من الدماء الطاهرة
وأن السبيل الوحيد لجعلها تتوقف عن ذلك أن أرويها من دماء مغايرة
دماء خبيثة..

انتهت بحمد الله

جوتيار تمر
05-09-2008, 12:22 PM
بــن محمد المبدع...
اهلا بك في الواحة الخضراء...
بلغة حكائية تنهل معينها من معجم وصفي ذاتي ، تستهل القصة رؤيتها ، فتضعنا امام لوحة تعبيرية اعتمدت الزمكانية كمدخل لتفاصيلها ، فتحاول جذب انتباه المتلقي بالولوج الى معالم ذاتية داخلية عميقة ، للكشف عن صاراعاتها ، ورؤاها ، ومن ثم هضم المحيط من خلالها ، حتى تغدو الصور والمشاهد متكررة لديه ، ومن خلالها يتم تثبيت معالم القصة ، التي تدور حول ماهية الانسان في هذا الوجود الغارق في الدموية الحديثة المستمدة ثباتها من اراقة الدم في بدء الخليقة ، ولو لا الختمة التي جاءت تقريرية بعض الشيء لكان بالامكان قول ان سير الحدث القصصي كان يسير وفق نظام ثابت .

دم بخير
محبتي
جوتيار

روميه فهد
05-09-2008, 02:14 PM
قصة ترصد الصراع القائم على وجه الأرض ومجريات أحداثه منذ بدء الخليقة إلى حاضرنا
وفي كل مره نشهد الدم والدم ، حتى أننا لا نملك خيار البقاء في نورانية الوجود نبتهل بأمان
وطمأنينة ، والحل الوحيد هو القبض على العدو الحقيقي والخفي وراء كل هذه الصراعات
الدنيوية، وما ختمتَ به القصة هو أحد الأعداء ، فـ ثمة تربص قائم من الإنسان للإنسان
بين التشابه والاختلاف.


الفاضل عبدالرحمن ...
أهلا بكَ بيننا ، سعيدة لمشاركتك ، ونسعد بتواصل بما تحب وتفيد..
دمتَ بخير ..
صاحبة الحروف الأربعة

عبدالرحمان بن محمد
06-09-2008, 04:31 PM
بــن محمد المبدع...
اهلا بك في الواحة الخضراء...
بلغة حكائية تنهل معينها من معجم وصفي ذاتي ، تستهل القصة رؤيتها ، فتضعنا امام لوحة تعبيرية اعتمدت الزمكانية كمدخل لتفاصيلها ، فتحاول جذب انتباه المتلقي بالولوج الى معالم ذاتية داخلية عميقة ، للكشف عن صاراعاتها ، ورؤاها ، ومن ثم هضم المحيط من خلالها ، حتى تغدو الصور والمشاهد متكررة لديه ، ومن خلالها يتم تثبيت معالم القصة ، التي تدور حول ماهية الانسان في هذا الوجود الغارق في الدموية الحديثة المستمدة ثباتها من اراقة الدم في بدء الخليقة ، ولو لا الختمة التي جاءت تقريرية بعض الشيء لكان بالامكان قول ان سير الحدث القصصي كان يسير وفق نظام ثابت .
دم بخير
محبتي
جوتيار



الأخ الكريم جوتيار تمر
أشكرك على الترحيب وعلى ردك المشجع
وإني لجد سعيد كون أول رد على قصتي كان بمثل هذه القيمة
وكونه جاء من شخص متمكن مثلك..

هي أكيد محاولة ارتجالية مني قد تفتقر في كثير من نقاطها لأساليب القصة القصيرة
المتعارف عليها عالميا، وماطرحتها إلا لأرقى بمستواي من خلال ردودكم وتعقيباتكم البناءة..
سعيد جدا لتواجدك ولتفاعلك مع أولى محاولاتي في هذا المنتدى الحر..

مودتي الغالية

عبدالرحمان

عبدالرحمان بن محمد
06-09-2008, 04:41 PM
قصة ترصد الصراع القائم على وجه الأرض ومجريات أحداثه منذ بدء الخليقة إلى حاضرنا
وفي كل مره نشهد الدم والدم ، حتى أننا لا نملك خيار البقاء في نورانية الوجود نبتهل بأمان
وطمأنينة ، والحل الوحيد هو القبض على العدو الحقيقي والخفي وراء كل هذه الصراعات
الدنيوية، وما ختمتَ به القصة هو أحد الأعداء ، فـ ثمة تربص قائم من الإنسان للإنسان
بين التشابه والاختلاف.
الفاضل عبدالرحمن ...
أهلا بكَ بيننا ، سعيدة لمشاركتك ، ونسعد بتواصل بما تحب وتفيد..
دمتَ بخير ..
صاحبة الحروف الأربعة


أحرفك الأربعة هي من غمرتني بالسعادة وأيقضت في إرادة لاتلين..
يشرفني أنك هنا تتفاعلين مع محاولتي المتواضعة وتبدين رأيك بها بكل مسؤولية..
أشكرك
وأتمنى لك سعادة الأبد

عبدالرحمان

آمال المصري
01-05-2014, 06:01 PM
نص رصد ظاهرة أبدية لن نجد لها حلا حتى الآن خاصة في خضم مانعيشه حاليا على الساحة من مجازر ومهرجانات دماء ورقص على جثث الأبرياء وبيد الإخاء
رسمت بريشتك الحالة باقتدار ونجحت في إيصال الفكرة والرسالة وتوجيهها توجيها صحيحا
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ربيحة الرفاعي
19-05-2014, 09:02 PM
تصوير تفصيلي مائز لغرائبيات تصف الانفلات الذهني في حالات ما بين الوعي واللاوعي قادت القارئ باتجاه قفلة حملت رسال النص
سرد شائق وأداء تعبيري طيب
وددت لو كتب مرسلا بأسلوب الفقر وباستخدام علامات الترقيم بدل هذا التوسيط المرهق للمتلقي بحثا عن تواصلات الفقرات

دمت بخير وألق

تحاياي

عبدالرحمان بن محمد
30-05-2014, 05:30 PM
نص رصد ظاهرة أبدية لن نجد لها حلا حتى الآن خاصة في خضم مانعيشه حاليا على الساحة من مجازر ومهرجانات دماء ورقص على جثث الأبرياء وبيد الإخاء
رسمت بريشتك الحالة باقتدار ونجحت في إيصال الفكرة والرسالة وتوجيهها توجيها صحيحا
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

آمال المصري
آمل من الله العلي القدير أن يحسن خاتمتك
ويحسن أحوالكم وأحوال جميع المسلمين
هو كذلك سيدتي أعتقد أنها سنة فظيعة استنها الإنسان منذ القدم فأصبحت عادة عادية
الدماء في كل مكان
وفي كل زمان
أمر منكر
نسأل الله العافية
أشكرك حتى ترضي

عبدالرحمان بن محمد
30-05-2014, 06:29 PM
تصوير تفصيلي مائز لغرائبيات تصف الانفلات الذهني في حالات ما بين الوعي واللاوعي قادت القارئ باتجاه قفلة حملت رسال النص
سرد شائق وأداء تعبيري طيب
وددت لو كتب مرسلا بأسلوب الفقر وباستخدام علامات الترقيم بدل هذا التوسيط المرهق للمتلقي بحثا عن تواصلات الفقرات

دمت بخير وألق

تحاياي

أكون سعيدا دائما بك وبردك
نعم هي محاولة بسيطة مني لألفت الا نتباه لسؤال جوهري وخطير
لم هته الأرض لا تشبع من الدماء
أو بالأحرى لم تبقى تتحملنا على ظهرها رغم عظيم ذنبنا
بمعنى أدق صبرها الكبير هذا لم لم نرث منه شيئا رغم اننا خلقنا من ترابها
سيدتي سآخذ نصيحتك بجد
أشكرك لأنك كنت هنا

نداء غريب صبري
23-07-2014, 09:03 PM
فتناسيت الألم الرهيب وحملت مدفعي الرشاش بيدي اليمنى
وأنا أتطلع إلى تلك الطائرة الحربية التي تحمل شعارا واضحا بنجمته السداسية، وصاحبها
ينقلب بها دورة هوائية متباهيا، ويعيد تصويب مدفعها الرشاش نحوي وابتسامة متشفية
مقيتة ترتسم على شفتيه ..
وبعزيمة وإصرار النمر وقفت في مواجهته لأعيد فصلا آخر من فصول الزمن
بعد أن تأكد لي أن لا مفر من استمرار إهراق الدماء


(قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ..... الآية)

لا يكون التعادل لأجل العدالة والإنصاف إلا بأن نروي الرض من دماء الذين يرونها بدمائنا

قصة رائعة وسردها مشوق

شكرا لك أخي

بوركت

كاملة بدارنه
26-07-2014, 04:46 PM
سرد جاذب وعرض للفكرة بأسلوب جميل ممتّز
لازالت الدّماء تنزف ...
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
09-08-2014, 12:43 PM
رغم غرائبيتها .. فقد راقتني كثيرا القصة بأسلوبها وإسقاطاتها
مضمون هادف وسرد مشوق جعلنا ننساب مع أحداث القصة لنتابع
إراقة الدماء على الأرض من قابيل وهابيل وحتى يومنا هذا
دماء المسلمين تسفك في أرض الله، لإرضاء جبلات اليهود ...
دماء الأبرياء الذين ارتوت الأرض بمسك دمائهم.
بوركت ـ ولك تحياتي وتقديري.

لانا عبد الستار
24-08-2014, 01:43 AM
نزيف الدم لا يتوقف
ومناجل الفتنة والأطماع تحصد الرقاب
والأرض متعبة ممن عليها

سرد جميل وتشويق
أشكرك

خلود محمد جمعة
27-08-2014, 02:29 PM
ما بين الادراك و اللاوعي دخلت في لولبة زمنية استعرضت فيها تاريخ الدم بمهارة لتعود وتروي الأرض بالدماء الطاهرة
الأرض والدماء قصية ازلية غزلتها بمهارة
قصة رائعة
دمت بخير
تقديري

د.حسين جاسم
27-06-2015, 09:30 PM
أرض تشرب دماء أبنائها منذ هبطوا علها من السماء بمعصية أصلها طمعهم بما ليس لهم، لن ترتوي حتى يكف أهلها عن الطمع بما ليس لهم
أحسنت التصوير أيها الكاتب
تقديري

عبدالرحمان بن محمد
14-10-2015, 11:28 PM
لكل من كان هنا
لكم مني الشكر الجزيل
حفظكم المولى