المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وداع الوحدة العجوز



علي عطية
09-09-2008, 12:26 AM
جلس على بعد عمرٍ من الناس قابعاً على كرسي المصيف المنفرد بعيداً عن وجوه البشر .
ملقيا عيناه بذروة الموج , سابحاً بمجاديف خيالاته في سماء السمان الأبيض الزرقاء .

ماذا عسى هؤلاء - الذين ترتدي أيديهم الجوع وتنبت الحاجة في نفوسهم – أن يقدموا لي . بل فيما أحتاج إليهم , لا شئ سوى الجني من ثماري .
هكذا نمت الوحدة في طياته حتى بدت كذاك الجبل الذي يتمطى خلف كرسيه .
كيف لا وهو منذ الحاجة وحتى المزيد ما افتقد أبداً بل فوق ما تريد الأماني ينال .

لم يعشق سوى تقاطيع الوداع وصباح الفراق . فما رأى وجوه البشر إلا قطاف حاجاتهم ومنال بغياهم ,
يعشق وحدته عندما تهدهده ويحرسه من حولها علياؤه الذي يكمن في درك نفسه .

رغب في ركوب تلك الموجة العالية فلطالما يتيه في العلو , واليوم يستعلي إليهم البحر كاستعلائه تماما .
ألقى بعضاً من رفاقه مع رداء المصيف العلوي على ذروة الكرسي ثم مضى للقاء .

يعانق الموج الهادر ويلقي بجسده الناعم الثقيل عليه ليحمله كما تحمله كل أعناق البشر .
متعة الجلوس على الأكتاف لعبة لم يسأمها منذ الغنى , وما سأمها حاملوه .

أخذته الموجة الطود في أحضان أخواتها إلى ساحة العمق . سبح واستلقى على كفها لتحمله كعادة أحلامه .
شعر بزرقة السماء ترتدي بياض السمان .
لقد دارت به الدوامة حتى استجداء البعيدين ,

فرأى أحدهم يقترب من انتشاله ياله من وجه ما أقطره , لكنه مد يده ولأول مرة يمدها , فوداع الحياة بئيس , ونكهة العيش لا تقاوم .

غاص قليلا قبل وصول النجاة إليه ثم عاد وقذف بقوة التمسك بالروح ليدفع بطباق الماء عليه وليمسك بيد الحياة التى تمتد نحوه فأمسك بها ....

فإذا به يقبض بيمناه على يسراه فيأخذهما ويهوي إلى القاع وحيدا .


أبوعباد

آمال المصري
09-09-2008, 05:21 AM
الرائع أبو عباد
لله درك مبدعاً
قرأتها مراراً وموقفي منها موقف المتذوق للابداع فحسب
فما أنا غير تلميذة تتلمس منابع العلم بين الحقول ، فإذ بى بهذا البستان النضر
معاني راقية .. وحكم بليغة
لي الشرف أستاذي أن أكون أول عانق حرفك
تقبل مرور متواضع من

رنـــــــــــــيم

ريمة الخاني
12-09-2008, 10:21 PM
نص يملك انشاء وعبارات نسجت من ريشة فنان حقيقي
كل التقدير والود

علي عطية
13-09-2008, 09:06 AM
نص يملك انشاء وعبارات نسجت من ريشة فنان حقيقي
كل التقدير والود


الأستاذة الفاضلة ريمة الخاني

مروركم كم أسعدني وشد على يدي
وثناؤكم له لذة الصدق والعذوبة

دام مروركم يزين الفنن

يروق لي أن تكونوا بالجوار دائما


دمتم بطاعة

أبوعباد

صهيب توفيق
13-09-2008, 02:12 PM
الأخ علي عطية/
قصة جميلة وفيها معاني إبداع رائعة
مصطلحات منتقاة بحرفية عالية
دمت متألقاً ومبدعاً

علي عطية
13-09-2008, 08:54 PM
الأخ علي عطية/
قصة جميلة وفيها معاني إبداع رائعة
مصطلحات منتقاة بحرفية عالية
دمت متألقاً ومبدعاً


الأستاذ الحبيب : صهيب توفيق

لمن الفخار لدي مروركم العطر بين حروفي التي تزهو بشذاكم

ولكم أسعد بثنائكم الوارف البيان

دمتم بتوفيق دائما

يسعدني وجودكم هنا


أبوعباد

علي عطية
05-10-2008, 08:07 AM
الرائع أبو عباد
لله درك مبدعاً
قرأتها مراراً وموقفي منها موقف المتذوق للابداع فحسب
فما أنا غير تلميذة تتلمس منابع العلم بين الحقول ، فإذ بى بهذا البستان النضر
معاني راقية .. وحكم بليغة
لي الشرف أستاذي أن أكون أول عانق حرفك
تقبل مرور متواضع من

رنـــــــــــــيم








الأستاذة الفاضلة رنيم

مرور بهي بطعم الوفاء

دائما تنثرين شذاكم هنا ليسعدنا

افخر ان أجني من أدبكم بعض معانيه

دمتم بفكرة

أبو عباد

ربيحة الرفاعي
22-12-2014, 02:04 AM
قصة نسج الكاتب مشهدها الجميل بتركيب الصور الرائعة مرسومة بحس عال وإنسانية راقية
وشابتها بعض هنة كان ليتفادها بشئ من مراجهعة للنص قبل اعتماد نشره

دمت بألق أيها الكريم

تحاياي

خلود محمد جمعة
23-12-2014, 11:07 AM
تصوير لحظة الوداع بحرفية نطقت فيها الحروف بصور حية
جميلة وعميقة ومؤثرة
بوركت

نداء غريب صبري
17-01-2015, 02:19 AM
ما أجمل هذا الأسلوب في تصوير المشهد المحزن
كأنني أقرأ قصيدة

شكرا لك اخي

بوركت

كاملة بدارنه
19-01-2015, 07:54 PM
مسكين! تصوير رائع للّحظة ولما مرّ به من قبل وسرد جاذب
تمنّيت المراجعة اللّغويّة قبل النشر
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
04-11-2019, 06:30 PM
لن يستطيع الإنسان أن يعيش وحيدا ( فالناس بالناس ، والناس بالله)
والفطرة السليمة تمج الإنعزال التام، وتستهجن الإنطواء
قصة أكثر من رائعة فكرا وسردا وأسلوبا ولغة
رائعة المعاني ـ سامية الهدف
بوركت مبدعا.
:005::007::005: