المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معلم القرية



عبدالله سليمان الطليان
26-09-2008, 09:20 AM
مع بزوغ الصباح وتعالي أصوات الطيور ورائحة الزرع الندية التي تعبق بالمكان رحت كالمعتاد استعد ليوم جديد داخل مزرعتي التي تقع في أطراف القرية , فأحمل معولي في همة ونشاط وأسير نحو الحقل بخطوات جادة , وعندما يبدأ قرص الشمس في الارتفاع أعود لبيتي لكي أوقظ أولادي من أجل الذهاب إلى معلم القرية الذي يثير حنقي وغيضي أحيانا على تعليمه الأجوف الذي يخلط فيه بعض الخرافات والحكايات الغير واقعية من أجل تمضية وقت أطول لكي يحصل على مقابل أكثر , وهو مع هذا محل تقدير لدى جميع أفراد القرية وله مهابة واحترام
دلفت إلى بيتي الذي لا يوجد به إلا ثلاث غرف صغيرة حيث رحت أنادي على أولادي الذين كانوا نائمين في غرفتهم
ــ هيا استيقظوا لقد حان موعد ذهابكم إلى معلمكم
جاءني ابني الأكبر وهو يعرك عيناه
ــ أبي أتمنى أن تعذرني من الذهاب إنني متعب هذا اليوم
ـــ ماذا تقول يجب عليك الذهاب إلى معلمك
ـــ ألا تدري كم ندفع له مقابل تعليمك أنت وأخيك
ـــ لكنه يا أبي قاسي القلب دائما ما يعاقبنا بعصاه الطويلة
ــ أنتم تستحقون ذلك
ــ إن الوقت يمر دون يعلمنا شيئاً مجرد قصص وبعض الكتابات
ــ وماذا تريده أن يعلمكم
ــ نريد تعليماً مثل تعليم المدينة
ــ أن هذا يكلفني الكثير ولا أستطيع أن أذهب بكم إلى المدينة أنت وأخيك
ـــ هيا بسرعة لا تضيع الوقت
كان تذمر أبنائي يزداد يوماً بعد يوم من هذا المعلم بل أصبح محل تندر وسخريه من قبلهم رغم أنني كنت أنههما أحياناً وفي داخلي كنت أتوق إلى ذلك , ويسودني شعور بأن أطلب من أبنائي ترك هذا المعلم والعودة إلى الحقل لمساعدتي في الحرث وفي جني المحاصيل .
جاءني ابني الأكبر بعد أن عاد من معلمه ولقد لاحظت عليه أنه يريد أن يقول شيئاً وبالرغم من أن التعب والإرهاق كان يكبل جسدي إلا أنني أردت أن أعرف ما يدور في خاطره .
ــ لابد أن المعلم أعطاك علقة ساخنة
ــ لا يا أبي ولكنه طرح علينا حكاية من تاريخنا ولم أصدقها واعتقد أنها غير حقيقية
ـــ وما هي تلك الحكاية
ــ أنها تتحدث عن الخليفة هارون الرشيد الذي كان يخاطب سحابة في السماء حيث يقول "أمطري في أي مكان فسوف يأتيني خراجك".
ــ وما الشيء الذي يجعلك غير مصدق
ــ هل كان يا أبي الخليفة هارون الرشيد يحكم جزءاً كبيراً من هذه الأرض
نعم يا أبني كانت بلاد العرب والمسلمين تمتد إلى أطراف شاسعة
ــ ألم يخبركم معلمكم بذلك
ــ بلى يا أبي , بل قال إن العرب والمسلمين كانوا أقوياء تهابهم سائر الأقطار المجاورة
ـــ لقد اعتقدت أن معلمنا يبالغ كعادته وأن تلك الحكاية من الأساطير الشعبية
رحم الله ذلك الزمان يا أبني .

ريمة الخاني
26-09-2008, 09:44 AM
نعم باتت اساطير حكايات ...
نتمنى ان تتكرر فهل يعود الزمان؟
لقطه موفقه جدا
تحيتي

جوتيار تمر
26-09-2008, 12:55 PM
الطليان المبدع...

في البدء ظننت القصة تحاكي واقع هولاء المنفيون الذين يقومون بالتدريس في القرى البعيدة ، دون اية اهتمامات من القائمين على امورهم ، او حتى بعض ما يواجهه هناك من تحديات واحيانا انصهار في اجوائهم ، لكني فوجئت بان النص اعمق بكثير مما ظننت انا ، فهو هنا يعاين محاور عدة ، لعل ابرزها هذه الذهنية التي لم تزل تستمر في الواقع العياني فيما يتعلق بالمدينة والقرية ، والمحور الاخر التاريخي الذي بدا لي أن المعلم مخطئ تماما في المبالغة في التصوير والاستشهاد بالماضي السحيق ، الذي اذا تعلق به الشباب في واقعنا هذا وظلوا يعيشون على انغامها ، فانها ستشكل في المدى البعيد منعطفا سلبيا نفسيا لهم ، فالواقع يجب ان يصور لهم كما هو والابائية انما تكون امتداد لتاريخ مستمر ،ولعل متابعة نفسية الابن الاكبر خير دليل على هذا ، حيث يرى التناقض بين ما يقوله له المعلم عن الانتصارات والتهويل هذا ، وبين الواقع المندس في التخاذل والانكسارات المستمرة ، وهذا مما يشكل عبئا نفسيا ربما يؤدي الى التراجع المستمر .

دم بخير
محبتي
جوتيار

عبدالله سليمان الطليان
29-09-2008, 10:43 AM
الأخت الفاضلة ريمه الخاني ام فراس

نعم نتمنى ولكن مانيل المطالب بالتمني

تشرفت بمرور قلمك المبدع والمتميز

تقبلي احترامي وتقديري

عبدالله سليمان الطليان
29-09-2008, 10:48 AM
أخي الفاضل جوتيار تمر
قد نمسك هذا السلاح المهتري لقد نجابه به اجيالنا واعدائنا الذين
ندرك انهم لايقيمون وزن لذلك التاريخ
تشرفت بقلمك المبدع والمتميز
لك كل الحب والتقدير

عمّار حجّاج
29-09-2008, 01:42 PM
:011:
أخي عبد الله
القصّة الجيّدة تنتزع الابتسامة .. رغم المرارة
أطيب المُنى

عبدالله سليمان الطليان
02-10-2008, 11:52 AM
أخي عمّار حجّاج

اشكرك على مرورك
تقبل تحياتي

د. سمير العمري
23-11-2010, 11:29 PM
قصة تطرح أمرا مؤلما وخطيرا حقا ، ويرصد ما يمكن أن تصبح عليه الحال متى تشرب أبناؤنا حس التبعية والهزيمة والعجز ونسوا التاريخ ونسوا الدور والمكانة.

أمر مؤلم بالفعل!

وأنت هنا أحسنت الفكرة وطرحها أسلوبا ولكن عاب نصك كثرة الأخطاء اللغوية حينا وضعف السبك والعرض حينا آخر.

دمت بخير!

وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ربيحة الرفاعي
04-09-2014, 01:58 PM
كأني قرأت فيما رآه الفتى كاذبا وهو من حقائق ما مر بأمتنا في زمان الدولة الإسلامية

لا يا أبي ولكنه طرح علينا حكاية من تاريخنا ولم أصدقها واعتقد أنها غير حقيقية
ـــ وما هي تلك الحكاية
ــ أنها تتحدث عن الخليفة هارون الرشيد الذي كان يخاطب سحابة في السماء حيث يقول "أمطري في أي مكان فسوف يأتيني خراجك".
إشارة أو تلميحا إلى أن بعضا مما يجب أن نفخر به من ماضي أمتنا مما هو أقدم من ذلك صار في رأينا او تصورنا خرافات
يثير حنقي وغيضي أحيانا على تعليمه الأجوف الذي يخلط فيه بعض الخرافات والحكايات الغير واقعية من أجل تمضية وقت أطول لكي يحصل على مقابل أكثر , وهو مع هذا محل تقدير لدى جميع أفراد القرية وله مهابة واحترام

التركيز على الحوار بين شخوص القصة في مقابل ضغط السردية القصصية جعل النص يبدو أقرب لكونه مشهدا من قصة أطول يُنتظر استكمالها ....

دمت بخير

نداء غريب صبري
15-11-2014, 08:48 PM
قصة فكرتها جميلة وأسلوب الكاتب في طرحها رائع

أعجبتني وأمتعتني قراءتها

شكرا لك أخي

بوركت

خلود محمد جمعة
18-11-2014, 08:29 AM
قصة عميقة الفكرة وطيبة الطرح
لا بد أن نتذكر لنتدبر ويكون هناك دافع قوي للتقدم
بوركت
وكل التقدير

كاملة بدارنه
21-11-2014, 09:13 AM
يبدو أنّ حال الأمّة المؤلمة يجعل أبناءها غير مصدّقين لما كانت عليه ومنكرين دورها الحضاريّ والتاريخيّ ... وهنا المصيبة!
جميلة الفكرة والعرض، لكنّها احتاجت للمراجعة اللّغويّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

ناديه محمد الجابي
26-02-2024, 06:11 PM
نعم كان العرب والمسلمون أقوياء تهابهم سائر الأقطار المجاورة
أقاموا حضارة عظيمة تستمد من الأسلام قيمها وأخلاقها
وكما قال الفاروق عمر بن الخطاب:
"نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن ابتغينا العزة بغيره، أذلنا الله.."
قصة جميلة الفكرة ، عميقة الطرح .. فشكرا لك.
:v1::001: