المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة تحليلية لقصيدة الشاعر يوسف أحمد (حظي أسود )



عطا سليمان الطل
27-09-2008, 08:33 PM
دراسة تحليلية لقصيدة الشاعر يوسف أحمد (حظي أسود )

نقف أمام لوحة شعرية رائعة تجسٍد قضية كبرى لشخص متشائم برع الشاعر في تقمص شخصيته بطريقة غريبة مما يدلُ على المقدرة الفنية على التعايش الحقيقي للوضع النفساني لمن يروى على لسانه الحدث ..!!!
الأحداث التي وردت في ثنايا النص مؤلمة حيث لا تشكل قضية فردية ذاتية وإنما هي قضية معضلة وتشكل نقطة تقاطع من المحيط إلى الخليج لأبناء الوطن الذين سحقهم بركان الاستغلال والاحتكار على أيدي من يتربعون على عرش الحكم وبأيديهم يصنع وينفذ القرار ..؟؟
القصيدة بمجملها تصور رحلة عذاب لشخص عصامي مثابر تقهره الظروف وتوصد أمامه كل الأبواب رغم المحاولات المستميتة لنيل هدفه الذي يقبر دون هوادة ....!!!
رغم المواقف المفصلية في القصيدة لكننا نلمس الانسجام والتوافق للنتيجة الحتمية ما بين العنوان والخاتمة التي شكلت دلالة دامغة على أنَ نقع الشهادات وشرب الماء عنها أمر طبيعي لمن وصل إلى هذا الحد من الإحباط .
فهذا الإنسان انطلق من عالم المريخ مهملا لتحط به الركاب على عالم الأرض حيث الإنسان أسد ضراوة وقسوة ....فلو فكر في العودة إلى المريخ ثانية لسبقه أناس يوصدون أمامه الأبواب مما يدل على استحالة تحقيق أي هدف في ظل عالم مسعور شره ..؟
إنَ الإنسان المتشائم في القصيدة رغم المكابدة والعناء يرى أنه متميز بعقله لكن هذه السمة لاتجدي نفعا أمام المعضلات لقد فكر في كل جوانب الحياة لكنها لم تسعفه في تحقيق أي منها فانطلاقا من الفضائيات إلى الاستيراد إلى رعاية الأغنام
إلى أن تبرق في مخيلته فكرة المقاول فيحلم بالشوارع والمدارس لكن العطاءات تحال على غيره جهارا نهارا رغم أحقيته في ذلك .
تتلاشى الأحلام وتذروها الرياح في ظل عشيرة أوصلته لجة الماء ليعود عطشان ويقتله الظمأ..!! فتوهمه أنَ فناء بيته يحوي بئر نفط ليحرق به وهنا نجد البراعة في التصوير وف استخدام الأسلوب التهكمي اللاذع لحقد الإنسان على بني جنسه .
ورغم الإخفاقات المتوالية إلا أننا نجد التصميم مع تدني سقف المطالب عند المتشائم فيحاول ان يعمل تاجرا بسيطا في الحارة التي لم تشفع لها بساطتها عند موظفي الرقابة والجمارك والضرائب من المداهمة تحت شعار طائلة القانون
لم يبق أمامه إلا أن يطرق باب التسول على فتات الأغنياء ومحسني الجوامع ليكون مصيره في زنزانة رهن الاعتقال بحجة ارتكابه جنحة مخلة بالأخلاق العامة....!!ّ!
وأخيرا لم تسعفه شهادات التميز في الحصول على وظيفة لرسوبه في امتحان أوجد لهذا الغرض لم يبق مجال للتفكير بعد تلاحق الإخفاقات إلا أن ينقع شهاداته ليشرب ماءها المر ..؟؟
مفارقة غريبة أن يهزم إنسان مثابر طموح بهذه الطريقة المزرية ...!!!

عمّار حجّاج
28-09-2008, 12:50 PM
سيّدي الفاضل أستاذ عطا سُليمان
قصيدةٌ مشحونةٌ بالسّخرية المريرة
يأتي تحليلك المُتّزن ليُلقي عليها الضّوء .
وأُحبّ ، من بعد إذنكم ، أن أُضيف رُؤيةً ، لا أشكّ أنّك أغفلتها لتواضعك الجمّ
وهي أنّ النّص عبارة عن شكوى يبثّها ( الشّاعر / التّلميذ ) إلى ( الأديب /المُعلّم )
وهو _ لثقته الكبيرة فيه ولأنّه يُحسّ أنّ أحداً لن يفهمه غيره _ يحكي له تفاصيل ( حظّه الأسود )
وكيف أنّه اصطدم بعد تخرّجه
بعقباتٍ منيعةٍ رغم نُبوغه وهو ما لم يكن في الحُسبان .
وهذه الحواريّة والحِسّ النّبيل المُتبادَل بين الطّرفين ، من أصدق ما يمكن ( في القصيدة وفي الواقع )
وليس أدلّ على ذلك من عُنوان القصيدة الغاية في التّلقائيّة ،
حتّى لو كان الشّاعر يتكلم بلسان حال المُجتمع المُتأزّم .
وكُلّّ عامٍ وأنتم بخير:0014:

بابيه أمال
29-09-2008, 02:04 AM
سلام الله عليكم
الأخ عطا سليمان
قمت بتعديل خطأ مطبعي في العنوان..

----////----
مفارقة غريبة أن يهزم إنسان مثابر طموح بهذه الطريقة المزرية ...!!!
لا علاقة لقلمي بالنقد أو التحليل الأدبي، فقط أجيب على آخر جملة هنا بأن الإنسان أيا كان إذا ما أعطى لنفسه إشارة الاستسلام أمام أي ظرف قاسي أو موقف ضعف يكون بذلك قد فتح باب الهزيمة على مصراعيه حيث لا مجال للمقاومة..

مسيرة موفقة نرجوها لك على درب الأدب..

محمد الأمين سعيدي
29-09-2008, 02:21 AM
أخي الفاضل ..
أشكرك أولا على هذه الدراسة المضمونية القيمة..
قرأت القصيدة ..
وقد أدليتُ برأيي هناك ..
وأود أن أشكر الشاعر على حسن تأدبه ، إذ ردّ عليّ بطريقة جد راقية ولبقة ..
وأقول:
هل يشفع جمال المضمون في ضعف الشكل ، أو الجانب الأسلوبي من القصيدة ؟
وإ\ا لم يكن عندكم مانع ، أتمنى أن نناقش هذه الإشكالية هنا أو نفتح لها متصفحا جديدا ..
أنتظر ردك أخي الفاضل..
شكرا

عطا سليمان الطل
30-09-2008, 12:26 AM
أخي محمد الأمين الفاضل
إنَ ملاحظتك القيمة يجب أن تناقش بطريقة جدية ليس في هذه القصيدة فحسب وإنما يجب أن يخضع
كل نص لهذا الجانب النقدي لأن الشكل الفني هو الغلاف الظاهري الي يكمن في أحشائه المضمون
والعمل الأدبي المتميز يجب أن تكون العلاقة تلازمية ما بين الشكل والمضمون ...وحتى نتمكن من تقييم
العمل الأدبي لابد من دراسة النص بجميع جوانبه شكلا ومضمونا .
وقد أختلف معك في الرأي حول قصيدة الشاعر يوسف أحمد لأنني قراتها كوحدة واحدة شكلا ومضمونا
فالصورة هي صورة كلية لشخص واحد (تروي مسيرة كفاحه مع الظروف) إنطلاقا من المريخ إلى عالم
الأرض فالصور الفرعية في القصيدة تصب في الصورة الشمولية لتكسبها قوة في التعبير عن الحث
على سبيل المثال(تختفي الصور الفرعية لترسخ صورة واضحة جلية لدى القاريء هي صورة الإنسان
المتشائم في جميع مراحل حياته ).
صحيح أن علم البيان لم يكن له حظ وافر في القصيدة لكن لم يؤثر سلبا على الشكل الفني لأن المضمون
لايستدعي الإيغال في الصنعة اللفظية أو البيانية فقد تمكن الشاعر من بلوغ مراده بطريقة سلسة أقرب إلى
أسلوب السهل الممتنع .
كل الإحترام لرأيك وأتمنى أن نلتقي دائما نتحاور الرأي الذي يسهم في خدمة الأدب بعون الله .