مشاهدة النسخة كاملة : وسائل الإعـدام
ابراهيم السكوري
13-10-2008, 07:10 PM
جلست الأسرة كاملة أمام التلفاز..ساد الصمت..أمسكت جهاز التحكم عن بعد أقلب في القنوات وبين الحين والآخر أسمع أحد أفراد الأسرة: خلِّ عنك تلك القناة، ويرد آخر: لا لا..دعها...
فما لبثت أن استسلمت وقذفت بآلة التحكم إلى أحدهم. فقد عجزت عن تلبية رغباتهم بل عن تلبية رغبة نفسي ،فلم أستطع أن أحدد ما أريد مشاهدته في هذا الزخم من القنوات.
غادرت المجلس ..
ثم عدت ومعي أوراق إنشاءات التلاميذ لعلي أشارك الأسرة الجلسة وفي الآن ذاته أطالع هذه الأوراق لأقف على أخطائهم ومدى تطبيقهم لخطوات المهارة... بدأت أصحح ومخيلتي تنسج قصيدة رثاء للغة الضاد، و لحال التعليم الذي ينتج عددا جما من الأميين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة،ولا يميزون بين الحرف والفعل والاسم، ولا الفتح والكسر والضم...أتألم أحيانا وأضحك أحيانا. وبين الحين والآخر أقف على ورقة تسر الناظرين فتزرع في قلبي الأمل...إلى أن وقفت على ورقة رديئة الخط ركيكة الأسلوب..استوقفتني كثيرا، فقد كان الموضوع عن وسائل الإعلام، بينما كتب صاحب الورقة (وسائل الإعدام).وهو تلميذ متوسط جدا، وأستبعد أن يكون قصد، بل لقد شككت ألا أكون من ارتكب الخطأ على السبورة لولا أن الخطأ عينه لم يتكرر إلا من هذا العبقري.
بدأت أتأمل الورقة والجهاز أمامي..والأسرة غارقة في عالمه،والجدة في ركن بعيد تطلب عشاءها قبل الآخرين..لا أحد يبالي بالمسكينة بعدما كانت تلفازنا بالأبيض والأسود: تخرج أفلامنا، وتؤلف مسلسلاتنا، وتحكي أخبار السابقين، وتسرح بخيالاتنا في فضاء حكاياتها الخرافية ـ لم نكن نعرف أنها خرافية كما أطفال اليوم ـ التي تجعلنا ننام باكرا خوفا من أن نصادف "غولا" بسبعة رؤوس يأكل الصغار الذين لا يدخلون منازلهم قبيل صلاة المغرب ، ولا يستجيبون لأوامر الكبار خاصة الوالدين... فكانت الجدة أول من أعدمه التلفاز وقتل دوره، أما الوقت فقد أُُُعدم شنقا أمام الملإ وغيرهما كثير..الحوار..المسامرة..العل اقات الاجتماعية الجميلة بين الجيران و الأقارب و الأصحاب..
وحتى الأطفال لا ينعمون بحرية اللعب و لا الكلام حتى.. لأن الأب يتابع خبرا سريعا قبل أن يفسح المجال للأم لمتابعة الحلقة ؟؟؟ بعد المائة من المسلسل ...؟؟؟
فوقعت في حيرة من أمري هل أشطب على الدال وأجعلها لاما أم أتركها على حالها؟؟؟ وأين أصنف الخطأ هل ضمن الأخطاء الإملائية أم التعبيرية أم... !!!؟؟؟
حسام القاضي
13-10-2008, 07:37 PM
أخي الفاضل الأديب / ابراهيم السكوري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكثر من مقارنة هنا ..بين الماضي والحاضر
بكل التناقض بيتهما ،حال المجتمع، التعليم
الأسرة والتي هي نواة المجتمع كيف كانت وكيف أمست
حرف الدال قاد العمل في مساره؛فمفارقة كهذه
صنعت القصة ،هل هي حقاً وسائل اعدام؟!!
ويقيني أنها نعم،فقد قتلت الترابط الأسري ،و الخيال
و.....و..
والأسرة غارقة في عالمه،والجدة في ركن بعيد تطلب عشاءها قبل الآخرين..لا أحد يبالي بالمسكينة بعدما كانت تلفازنا بالأبيض والأسود: تخرج أفلامنا، وتؤلف مسلسلاتنا، وتحكي أخبار السابقين، وتسرح بخيالاتنا في فضاء حكاياتها الخرافية ـ لم نكن نعرف أنها خرافية كما أطفال اليوم ـ التي تجعلنا ننام باكرا خوفا من أن نصادف "غولا" بسبعة رؤوس يأكل الصغار الذين لا يدخلون منازلهم قبيل صلاة المغرب ، ولا يستجيبون لأوامر الكبار خاصة الوالدين... فكانت الجدة أول من أعدمه التلفاز وقتل دوره، أما الوقت فقد أُُُعدم شنقا أمام الملإ وغيرهما كثير..الحوار..المسامرة..العل اقات الاجتماعية الجميلة بين الجيران و الأقارب و الأصحاب..
أبدعت حقاً في تلك الفقرة ، وأراها جوهر القصة
وبرغم مباشرة السرد؛فقد وجدت العمل مميزاً هادفاً (ولعل هذا الأسلوب هو الأنسب له)
فقط تمنيت لو أنك أنهيت القصة عند:
فوقعت في حيرة من أمري هل أشطب على الدال وأجعلها لاما أم أتركها على حالها؟؟؟
تقبل تقديري واحترامي
صبيحة شبر
13-10-2008, 08:15 PM
قصة واقعية جميلة
وحرف الدال مناسب اكثر
ابراهيم السكوري
13-10-2008, 11:50 PM
أستاذي حسام أهلا بك ، يشهد الله أنني فرحت كثيرا و أنا أقرأ ردك الجميل، و قراءتك العميقة ..
كما أنني انتبهت إلى أنه ربما أحسن لو وقفت عند ما ذكرتَ ، لكن هكذا كتبتُ.......
مرورك جميل و رأيك مفيد...
دمت أديبا دائما و ليس أحيانا...
تقبل تحياتي
ابراهيم السكوري
13-10-2008, 11:54 PM
سررت بمرورك الجميل
منكم نستفيد و نتعلم
ليكن الدال أنسب
و رب خطإ صواب ، لو صح القياس " رب ضارة نافعة"...
تحياتي
سعيدة الهاشمي
14-10-2008, 05:56 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سعيدة جدا بلقاء حرفك أخي مجددا، من رأي أتركها كما هي لا تشطب على الحرف ولا تسبدله
فوالله ما أخطأ التلميذ، إنها وسائل الإعدام حقا. لقد أعدمت الترابط الأسري، وأعدمت صلة الرحم
وأعدمت الحوار، وأعدمت الكلام حتى، فما عدنا نرى إلى الخصام فريق يريد أن يرى هذا المسلسل
وفريق يريد أن يرى تلك المسابقة وووو، كنت أتساءل دوما لم الأمهات تتأثرن كثيرا بمسلسلات
القطار ذات الحلقات التي لا تنتهي، لا تشعرن بالملل ولا تتأففن من مواضيعها المتكررة، هي
صورة في كل منزل، لطالما أضحكتني عندما تنادي أمي أحدا فتجد الكل قلبا وقالبا مع التلفاز
إنه زمن الفضائيات. رائع ما يخطه قلمك تحياتي لك.
جوتيار تمر
14-10-2008, 08:04 PM
السكوري المبدع...
اقرأ هنا نصا سرديا متقنا من حيث اللغة والتصوير المشهدي الذي برز عليه من خلال الرصد الوصفي للحال سواء في الداخل (الاسرة ) ام الخارج المتمثل بانشاءات التلاميذ ، وق وفقت الى حد كبير في رسم ملامح الواقعين الداخلي والخارجي ، كما انك اثرت ضمن سياق النص ، جميلة امور اخرى تمس الواقع العياني ، سواء أكان ما يخص القديم والحديث ، ام العبارة التي كتبها التلميذ في العنوان ، حيث هي بلاشك تدل على الواقع السياسي الذي يمكن ان يشكل اطار خاصا وعاما لوعي التلاميذ.
دم بخير
محبتي
جوتيار
أحمد زكريا منطاوى
15-10-2008, 04:41 PM
نصك ممتع متعة ركوب القطار لكنه كان سريعا -من وجهة نظري- سرعة المترو
ابراهيم السكوري
17-10-2008, 10:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سعيدة جدا بلقاء حرفك أخي مجددا، من رأي أتركها كما هي لا تشطب على الحرف ولا تسبدله
فوالله ما أخطأ التلميذ، إنها وسائل الإعدام حقا. لقد أعدمت الترابط الأسري، وأعدمت صلة الرحم
وأعدمت الحوار، وأعدمت الكلام حتى، فما عدنا نرى إلى الخصام فريق يريد أن يرى هذا المسلسل
وفريق يريد أن يرى تلك المسابقة وووو، كنت أتساءل دوما لم الأمهات تتأثرن كثيرا بمسلسلات
القطار ذات الحلقات التي لا تنتهي، لا تشعرن بالملل ولا تتأففن من مواضيعها المتكررة، هي
صورة في كل منزل، لطالما أضحكتني عندما تنادي أمي أحدا فتجد الكل قلبا وقالبا مع التلفاز
إنه زمن الفضائيات. رائع ما يخطه قلمك تحياتي لك.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شـكــرا وبارك الله فيك ...
سررت بهذا المرور الجميل منك يا سعيدة ، و هذه القراءة العميقة ..
أنا نفسي أطرح التساؤلات نفسها، و أستغرب عندما أسمع بعض الطالبات في الجامعة يناقشن حلقة في مسلسل ـ ليس مسلسل السلام طبعاـ...لعل المشكل في رجال الواقع ..؟؟
ضاع الترابط الأسري ..
ترى من ينقذه؟؟؟
هنيئا للواحة بك و بقلمك المبدع الناقد..
تحياتي ..
ابراهيم السكوري
17-10-2008, 11:03 PM
السكوري المبدع...
اقرأ هنا نصا سرديا متقنا من حيث اللغة والتصوير المشهدي الذي برز عليه من خلال الرصد الوصفي للحال سواء في الداخل (الاسرة ) ام الخارج المتمثل بانشاءات التلاميذ ، وق وفقت الى حد كبير في رسم ملامح الواقعين الداخلي والخارجي ، كما انك اثرت ضمن سياق النص ، جميلة امور اخرى تمس الواقع العياني ، سواء أكان ما يخص القديم والحديث ، ام العبارة التي كتبها التلميذ في العنوان ، حيث هي بلاشك تدل على الواقع السياسي الذي يمكن ان يشكل اطار خاصا وعاما لوعي التلاميذ.
دم بخير
محبتي
جوتيار
أهلا بك أستاذي الرائع جوتيار
سعدت بمرورك، و سعدت أكثر بما أبديته من رأي . و يكفيني شرفا أن تقرأهذه المحاولة..
هناك خلل ما داخل أسرنا ؟؟
لعل من الأسباب : وسائل الأعلام ....
النتيجة :تلاميذ يحفظون الوصلات الإشهارية ، و أسماء أبطال أفلام الكارطون..
دمت لنا مبدعا قارئا يا جوتيار
جو نسيم الصباح في هذه الواحة الغناء
تيار الحب و الطمأنينة لروادها
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
ابراهيم السكوري
17-10-2008, 11:16 PM
نصك ممتع متعة ركوب القطار لكنه كان سريعا -من وجهة نظري- سرعة المترو
شكرا على مرورك يا أحمد
ربما سريعة ..
لأني أحب من القصة القصير و الأقصوصة أن أن تكون أكثر تكثيفا و إن كان القلم يجرني أحيانا
للقارئ متسع
دمت مبدا يا أخي
تحياتي
د. سمير العمري
20-02-2011, 06:22 PM
رائع يا أبراهيم بل أراك هنا كنت مبهرا ، وأحسنت التقاط الحرف الفاصل بين الموت والحياة ولو أنك تمعنت أكثر في الحرفين الدال واللام لوجدت أنهما معا يشكلان مفتاحا لقصتك الرائعة ولرصدك المبهر. فالقصة هنا دل على لد ، ووصف وسيلة تقتل كل شيء في حياتنا باتداء بالجدة وانتهاء بالجدية.
دمت بخير وعافية!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
ربيحة الرفاعي
14-11-2012, 11:36 PM
لقد وضعت وسائل الإعلام خطة الإعدام لكل قيم الترابط الاجتماعي ومعاني الجمال في المجتمع ابتداء من أصغر لبناته، وألغت الأدوار التربوية للجدود والوالدين والأخوة الأكبر سنا، وأكمل التلفاز الجريمة بالتنفيذ ...
نص قصي جميل الفكرة والمعالجة غلفته بعض مباشرة لم تحرمه وقعه وإيجابية حرفه
أهلا بك ايها الكريم في واحتك
تحاياي
نداء غريب صبري
25-11-2012, 03:38 PM
قصة رائعة
شكرا لك اخي
بوركت
سامية الحربي
21-12-2013, 12:14 PM
اختيار مطابقة تأثير الإعلام على مخرجات التعليم بهذا السرد الرشيق المباشر كان موفقًا .تحياتي وتقديري.
آمال المصري
29-03-2014, 05:21 PM
وسائل الإعدام التي أعدمت كل ترابط اجتماعي من ود واخاء واحتواء ليحل محلها ما تبثه رغما وما تفرضه على العقول لتعيد تشكيلها
هو واقع مؤسف فضحه حرف جاء عن طريق الخطأ لكن كان في محله الصحيح
نص جميل زاخر بالمعاني قوي السرد ماتع الحرف
بوركت واليراع أديبنا الفاضل
تحاياي
خلود محمد جمعة
01-04-2014, 01:00 PM
تقليب المحطات ووصف حال الاسرة الحالية المتكررة في كل بيت مع وصف لحال التدريس والحالة التعليمية وما وصلت اليه
وسقوط هذه العبارة بلغة سلسة واسلوب مشوق زاد من عمق وجمال القصة
دمت بخير
مودتي وتقديري
ناديه محمد الجابي
01-04-2014, 09:12 PM
أصبح العالم قرية صغيرة نتيجة لما أحدثته الثورة التكنولوجية
من تطور في سبل نقل الأخبار والأحداث من خلال وسائل الأعلام
المختلفة . وفي نفس الوقت باعدت بين أفراد الأسرة من بعضهم
البعض. إنها حقا وسائل إعدام فقد قتلت الترابط الأسري وأفقدت
الأسرة الحوار والتآلف الجميل الذي كان يجمعهم.
قصة جميلة الفكرة ـ عميقة الطرح ـ رائعة الحرف.
كتبت فأبدعت.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir