المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غيابُ وطَن(إلى درويشَ... الوطن)



عبير بني نمرة
25-10-2008, 01:01 AM
غِيَابُ وَطَن



أُنْهِي شَغَبَ التَسَاؤِلِ فِي حُمَى الوَجِعِ الأَزْرَقِ، تَتَدَلَى ذَاكِرَتِي بِلا أَقِدَام ،وََتَتَلاصُقُ أَشْلائِي المُقَدَدَةِ أَمَامَكَ دَرْوِيش ،أَفْتُقُ حَقِيبةَ الوَطِنِ اللازُورْدِيَةِ وَأَنْعَى المَوْتَ بَيْنَ أَرْجَائِكَ، يَحْتَطِبُنِي الثَرَى وَقُودَاً فِلِسْطِينيَّ الدَّمْعِ ،لَيْلَكِيَّ الوَجَعِ .

رَحَلْتَ وَشِفَاهَ البَنَادِقِ غَيْرَ مُنْضَبِطَة ،وَرُمُوشَ الوَطَنِ حُبْلَى بِأَقْفَالِ الزَنَابِقِ ، انْطَوَتْ قَلائِدُ يَافَا بَعْدَكَ،وَانْحَنَتْ صُلْبَانُ المَسَاجِدِ ،وَتَكَشَّفَتْ حُرِيَةُ الأَصْقُرِ بِلا مَخَالِب.

الآن مَاتَ البَحْرُ وَدُفِنَتِ الشَوَاطِئُ مُنْكَسِرَةَ المَوْجِ ، بَقِيَ لَنَا القَلِيلُ الذَي يُدَغْدِغُ ذَاكِرَةَ الرَّمَلِ ،وَبَقِيتِ أَصَابِعُ النَّايِ إِبَاحِيَةَ الغِيَابِ .



عَلَى خَاصِرَةِ الجَمْرِ انْتَهَى التَارِيخُ،وَبَدَأَ هُنَا العَزَاءُ وَهُنَاك ،وَاسْتَظَلَتْ أَفْيَاءُ الجَسَدِ فِي ضَرِيحِ الذَاكِرَةِ ، وَسَدِيمُ الرَصَاصِ انْحَفَرَ فِي ثَدْيِ امْرَأَةٍ تُرْضِعُ طِفْلَهَا نَبِيذَ الشَّفَقِ ،تَسَلَّحَ الحِصَارُ بَيْنَ أَنَايّ وَجَدَائِلُ السََّمَاءِ تُقَّشِرُ السَّمَاءَ غَيْمَةً بَعْدَ غَيْمَةٍ .


خَامَرَتْنِي خَيْبَةٌ مَكْتُومَةُ الرَعْشَةِ عَلَى أَرْصِفَةِ الصَدِيدِ ،فَلَمْ يَعُدْ هُنَاكَ مَا يَكْفِي لأُمَرْهِمَ جُرْحِي اللامُنْدَمِلِ ،بَعْدَ أَنْ عَادَتِ المَقْبَرَةُ الأُولَى إِلى غَمْزَةِ العَسَلِ .


سَأَغْسِلُ ظِلَّ السَّمَاءِ مِنْ غُبَارِ المَرَايا النَابِحَةِ وَأُؤَجِلُ الصَمْتَ إِلى حِينِ عَوْدَتِكَ،فَكُلُّ نَوَايَا المَوْتِ تَشَقَقَتْ أَمَامَ أَبْجَدِيَتِكَ ،وَاسْتَعْصَتِ السَّمَاءُ عَلَى الغُرَبَاءِ ،ذَهَبْتَ حَيْثُ تُؤَجَلُ القَصِيدَةُ.. إِلَى كُثْبَانِ اللوَزِ المُعَصْفَرِ ،سَتَكُونُ غَفْوَةُ الحَرْفِ وَسَيَكُونُ نُزُوحُنا مِنْكَ إِلَيْكَ ...


ذَهَبَتْ صَبَاحَاتُ ذَاكِرَتِكَ ، وَبَقِيَ رِثَاءُ البَنَفْسَجِ مِنْ عَلَى نَعْشِ ابْتِسَامَتِكَ ، سَتَغْفُو قَصَائِدُكَ التَي لَمْ تُكْتَبْ مَعَكَ ،وَتَعُودُ إِكْلِيلاً وَذَاكِرَةً وَفَارِسَاً عَلَى ظَهْرِ الحِصَانِ ...سَيَسْتَيْقِظُ الشُهَدَاءُ وُرُودَاً عَلَى نُعُوشِ مَوْتِكَ ،وَسَيُغَطِي صَوْتُكَ قُضْبَانَ الشَتَاتِ .


إِلَى حَيْثُ ذَهَبْتَ سَتَأْتِيكَ عُيَونُ الوَطَنِ ،وَيَعْزِفُ جُثْمَانُ الرَحِيلِ أَوْتَارَ حَنْجَرَتِكَ مِنْ أَوَلِ حَرْفٍ حَتَى آخِرِ وَدَاع ، وَيُصَلِي الشَّفَقُ عَلَى خَارِطَةِ وَجْهِكَ الغَائِبِ ،كُنْتَ الوَطَنَ وَأَصْبحْتَ شَهِيدَ الوَطِنِ ،سَتَلْثُمُ الليْلَةُ القَمْرَاءُ حُمْرَةَ تُرَابِكَ ، وَتَمْلَؤُ فَرَاغَ المَنَابِرِ بِرَائِحَةِ شِفَاهِكَ ..


مِنْ حَيْثُ انْتَهَتْ سَوْرَةُ الأُقْحُوانَاتِ الشَارِدَةِ ..مِنْ حَيْثُ اسْتُشْهِدَتِ القَصِيدَةُ سَتَعُودُ وَبَيْنَكَ حُرِيَةُ السَّنَابِلِ .





بقلم: عبير بني نمرة



24/8/2008م





__________________

وفاء شوكت خضر
25-10-2008, 09:00 AM
عبير بني نمرة ..


مرحبا بك بيننا في واحة الخير ..
لغة جميلة ما قرأت هنا ونص متين قوي ..
وجدت جملة رأيت أن التصوير بها خاطئ وأتمنى أن يتسع صدرك ..
بَعْدَكَ،وَانْحَنَتْ صُلْبَانُ المَسَاجِدِ
لا أدري إن كنت أخطأت ..

مرور ترحيب ..
ودي ..

عمر زيادة
25-10-2008, 11:59 PM
بين القصيدة و القصيدة
لوزتانِ
و وردتانْ


عبيرْ
سماويّة الحرف و النبض
و القلبْ
و ورودُ أخرى

نص يشتعل بدرويشية الروعة
و كمالية الإبداع


عبيرْ
هنيئا لكِ بهكذا عبيرْ


وردْ و ودّْ

ضفاف أماني
26-10-2008, 05:01 PM
بَعْدَكَ،وَانْحَنَتْ صُلْبَانُ المَسَاجِدِ
ليس في المساجد من صلبان
ليست المساجد تنحني لأحد من كان يكون لو اوجه بشري كان لن تنحني له
عذرا هذا حق مشاع لي ان اعلن الحق
ولن يعيش الحق الا ابلجا
.ولا اخفيك فقد ابدعت سطورك من حيث لا افهم في أبجديتها التي تنبئني عن ألم وطن الذي ليس مفرج ما فيه من محنة
الا الله حتى لو رأيتيني انني من المتفرجين والله يعلم ما للأقصى من حب في قلوبنا كذا اخوتنا في كل فلسطين
كلنا كمسلمين والله نرجوا بهذا الحب رضا الله
حتى وان قصرت ايدينا فالله موجود ان غاب كل البشر فهو حي لايموت
دمتي بخير عبير ودمتي مبدعة

عبد الرحمن الكرد
26-10-2008, 05:20 PM
عبير
الدرويش هامه لا تنحني
فهو لم يغادرنا ما زال يحرس بواباتنا
ويدلل الفراشات بأرواحنا
نثر ما أبهاه وما أجمله
تحياتي

عبير بني نمرة
06-12-2008, 03:04 PM
عبير بني نمرة ..
مرحبا بك بيننا في واحة الخير ..
لغة جميلة ما قرأت هنا ونص متين قوي ..
وجدت جملة رأيت أن التصوير بها خاطئ وأتمنى أن يتسع صدرك ..
بَعْدَكَ،وَانْحَنَتْ صُلْبَانُ المَسَاجِدِ
لا أدري إن كنت أخطأت ..
مرور ترحيب ..
ودي ..




أهلاً بكِ أيتها الغالية
وللعلم أختي ... لم أقصد أن المساجد بها صلبان
وتم نشرها ورقياً ... ناحت صلبان ومساجد .. لكي لا يُساء فهمي ...قد أكونُ مخطئة
أشكرُ لكِ مروركِ واطلالتكِ دائماَ
تقديري
تقديري

عبير بني نمرة
06-12-2008, 03:08 PM
بين القصيدة و القصيدة
لوزتانِ
و وردتانْ
عبيرْ
سماويّة الحرف و النبض
و القلبْ
و ورودُ أخرى
نص يشتعل بدرويشية الروعة
و كمالية الإبداع
عبيرْ
هنيئا لكِ بهكذا عبيرْ
وردْ و ودّْ


وبين النحيب والآخر .. شمعتان من المساء

وشمعتان من عمري الضئيل

أشكركَ أيها الغالي على وجودكَ الذي يملؤُ صفحتي
لا عدمتكَ
مودتي البيضاء

عبير بني نمرة
06-12-2008, 03:11 PM
ليس في المساجد من صلبان
ليست المساجد تنحني لأحد من كان يكون لو اوجه بشري كان لن تنحني له
عذرا هذا حق مشاع لي ان اعلن الحق
ولن يعيش الحق الا ابلجا
.ولا اخفيك فقد ابدعت سطورك من حيث لا افهم في أبجديتها التي تنبئني عن ألم وطن الذي ليس مفرج ما فيه من محنة
الا الله حتى لو رأيتيني انني من المتفرجين والله يعلم ما للأقصى من حب في قلوبنا كذا اخوتنا في كل فلسطين
كلنا كمسلمين والله نرجوا بهذا الحب رضا الله
حتى وان قصرت ايدينا فالله موجود ان غاب كل البشر فهو حي لايموت
دمتي بخير عبير ودمتي مبدعة



أشكركِ على وجودكِ عزيزتي
كلّ الاحترام لكِ ولحرفكِ
تقديري العميق

عبير بني نمرة
06-12-2008, 03:16 PM
عبير
الدرويش هامه لا تنحني
فهو لم يغادرنا ما زال يحرس بواباتنا
ويدلل الفراشات بأرواحنا
نثر ما أبهاه وما أجمله
تحياتي



أهلاًُ بكَ أخي الكريم
أشكرُ لكَ وجودكَ البهيّ
تقديري

حسين عبدالغني
06-12-2008, 07:46 PM
غِيَابُ وَطَن



أُنْهِي شَغَبَ التَسَاؤِلِ فِي حُمَى الوَجِعِ الأَزْرَقِ، تَتَدَلَى ذَاكِرَتِي بِلا أَقِدَام ،وََتَتَلاصُقُ أَشْلائِي المُقَدَدَةِ أَمَامَكَ دَرْوِيش ،أَفْتُقُ حَقِيبةَ الوَطِنِ اللازُورْدِيَةِ وَأَنْعَى المَوْتَ بَيْنَ أَرْجَائِكَ، يَحْتَطِبُنِي الثَرَى وَقُودَاً فِلِسْطِينيَّ الدَّمْعِ ،لَيْلَكِيَّ الوَجَعِ .

رَحَلْتَ وَشِفَاهَ البَنَادِقِ غَيْرَ مُنْضَبِطَة ،وَرُمُوشَ الوَطَنِ حُبْلَى بِأَقْفَالِ الزَنَابِقِ ، انْطَوَتْ قَلائِدُ يَافَا بَعْدَكَ،وَانْحَنَتْ صُلْبَانُ المَسَاجِدِ ،وَتَكَشَّفَتْ حُرِيَةُ الأَصْقُرِ بِلا مَخَالِب.

الآن مَاتَ البَحْرُ وَدُفِنَتِ الشَوَاطِئُ مُنْكَسِرَةَ المَوْجِ ، بَقِيَ لَنَا القَلِيلُ الذَي يُدَغْدِغُ ذَاكِرَةَ الرَّمَلِ ،وَبَقِيتِ أَصَابِعُ النَّايِ إِبَاحِيَةَ الغِيَابِ .



عَلَى خَاصِرَةِ الجَمْرِ انْتَهَى التَارِيخُ،وَبَدَأَ هُنَا العَزَاءُ وَهُنَاك ،وَاسْتَظَلَتْ أَفْيَاءُ الجَسَدِ فِي ضَرِيحِ الذَاكِرَةِ ، وَسَدِيمُ الرَصَاصِ انْحَفَرَ فِي ثَدْيِ امْرَأَةٍ تُرْضِعُ طِفْلَهَا نَبِيذَ الشَّفَقِ ،تَسَلَّحَ الحِصَارُ بَيْنَ أَنَايّ وَجَدَائِلُ السََّمَاءِ تُقَّشِرُ السَّمَاءَ غَيْمَةً بَعْدَ غَيْمَةٍ .


خَامَرَتْنِي خَيْبَةٌ مَكْتُومَةُ الرَعْشَةِ عَلَى أَرْصِفَةِ الصَدِيدِ ،فَلَمْ يَعُدْ هُنَاكَ مَا يَكْفِي لأُمَرْهِمَ جُرْحِي اللامُنْدَمِلِ ،بَعْدَ أَنْ عَادَتِ المَقْبَرَةُ الأُولَى إِلى غَمْزَةِ العَسَلِ .


سَأَغْسِلُ ظِلَّ السَّمَاءِ مِنْ غُبَارِ المَرَايا النَابِحَةِ وَأُؤَجِلُ الصَمْتَ إِلى حِينِ عَوْدَتِكَ،فَكُلُّ نَوَايَا المَوْتِ تَشَقَقَتْ أَمَامَ أَبْجَدِيَتِكَ ،وَاسْتَعْصَتِ السَّمَاءُ عَلَى الغُرَبَاءِ ،ذَهَبْتَ حَيْثُ تُؤَجَلُ القَصِيدَةُ.. إِلَى كُثْبَانِ اللوَزِ المُعَصْفَرِ ،سَتَكُونُ غَفْوَةُ الحَرْفِ وَسَيَكُونُ نُزُوحُنا مِنْكَ إِلَيْكَ ...


ذَهَبَتْ صَبَاحَاتُ ذَاكِرَتِكَ ، وَبَقِيَ رِثَاءُ البَنَفْسَجِ مِنْ عَلَى نَعْشِ ابْتِسَامَتِكَ ، سَتَغْفُو قَصَائِدُكَ التَي لَمْ تُكْتَبْ مَعَكَ ،وَتَعُودُ إِكْلِيلاً وَذَاكِرَةً وَفَارِسَاً عَلَى ظَهْرِ الحِصَانِ ...سَيَسْتَيْقِظُ الشُهَدَاءُ وُرُودَاً عَلَى نُعُوشِ مَوْتِكَ ،وَسَيُغَطِي صَوْتُكَ قُضْبَانَ الشَتَاتِ .


إِلَى حَيْثُ ذَهَبْتَ سَتَأْتِيكَ عُيَونُ الوَطَنِ ،وَيَعْزِفُ جُثْمَانُ الرَحِيلِ أَوْتَارَ حَنْجَرَتِكَ مِنْ أَوَلِ حَرْفٍ حَتَى آخِرِ وَدَاع ، وَيُصَلِي الشَّفَقُ عَلَى خَارِطَةِ وَجْهِكَ الغَائِبِ ،كُنْتَ الوَطَنَ وَأَصْبحْتَ شَهِيدَ الوَطِنِ ،سَتَلْثُمُ الليْلَةُ القَمْرَاءُ حُمْرَةَ تُرَابِكَ ، وَتَمْلَؤُ فَرَاغَ المَنَابِرِ بِرَائِحَةِ شِفَاهِكَ ..


مِنْ حَيْثُ انْتَهَتْ سَوْرَةُ الأُقْحُوانَاتِ الشَارِدَةِ ..مِنْ حَيْثُ اسْتُشْهِدَتِ القَصِيدَةُ سَتَعُودُ وَبَيْنَكَ حُرِيَةُ السَّنَابِلِ .





بقلم: عبير بني نمرة



24/8/2008م





__________________






بكيته قبل رحيلهِ وأثناء رحيله وبعدَ قراءة هذا النص الجميل ..
ما أحزنني وأنا أقدم احترامي الشديد هنا ..

حسين الجزار

محمد الأمين سعيدي
06-12-2008, 07:54 PM
الآن اتساءل:
ما شاعرية النثر؟
لن أجيب ، لكنني وجدت في هذا النص من الشاعرية و الجمال ما يرفعه إلى أعلى مقامات اللغة العليا.
صور متجددة ، ورؤى موغلة في التخييل البديع..
أشهد أنني استمتعت ..
شكرا