المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المُحلل-بقلم: فهمي حمدالله - شاعر الارض - ابو المعتصم



فهمي حمدالله
14-11-2008, 05:35 PM
صديقي (المُحلل)
فيما كنت كالعادة في قمة ابتهاجي وحبوري عندما وجدت صديقي في استقبالي في المطار عند عودتي إلى البلاد لقضاء إجازتي السنوية فوجئت به للأسف حزينا منكسراً على غير عادته‘ وبحكم انه صديقي الصدوق معي وأنني (أحفظ أسراره كما يحفظ أسراري) وبيننا ثقة متبادلة، لم استطيع أن احتمل أن أراه على تلك الحال التي وجدته عليها فطلبت منه بإصرار لكي يخبرني عن سبب حزنه الشديد ظناً مني انه قد فقد احد أقربائه قريبا وبعد إلحاح شديد اخبرني عن مصيبته بينما هو يقود بنا سيارته من المطار إلى البيت
قائلا لي:
بينما كنت مع عائلتي قبل سنة تقريبا في أحدى (المولات)، فإذا بامرأة (مُبرقعة) تلاحقني بنظراتها أينما ذهبت، (فزوّغت) عن أهلي قليلا لأعرف (ما هي حكايتها) بعد أن غمزت لي بعينها كأنها تقول لي أريد محادثتك على انفراد وفعلا لحقت بي عندما توقفت في إحدى أركان المبنى ووقفت بجانبي قائلةً لي مباشرةً: هل تتزوجني؟
فبهت من سؤالها لأول وهلة‘ ولكنها عندما كشفت لي عن وجهها صعقت من شدة جمالها،
ومن فورها أعطتني ورقة عليها رقم تلفونها وذهبت من حيث أتت.
بقيت بعد تلك المقابلة الغير متوقعة مني عدّة أيام مضطرباً ومتردداً هل أتصل بها أم لا؟
وأخيراً غلبني الشيطان واتصلت بها، وإذا بها تتكلم معي بكل ثقة وجدية، وترفض التمادي بالحديث قائلة: إذا أردتني على سنة الله ورسوله تكلم مع والدي وخذ منه موعدا لمقابلته وهذا رقم هاتفه، وأردفت قائلة إنني أكره الحرام‘
بعد عدّة أيام أخرى غلبني الشيطان مرة ثانية أكثر وأكثر فاتصلت بوالدها الذي رحب بي ودعاني إلى منزله،
وفعلا ذهبت إلى منزلهم على العنوان الذي اعطانيه على الهاتف لكي أتفاجأ بأن بيتهم قصرا لا بيتا عاديا،
وخطبت تلك الفتاة ووافق الأب بعد أن صارحني أنها (ثيب)،
قلت له (لا يهم)، وسألته وأنا مترددٌ : كم المهر أطال الله عمرك؟
فضحك قائلا لي: هل معك (خاتم من حديد)؟
قلت له مستغرباً: لا طبعاً،
فقال: إني أمزح، ولكن هات الذي تقدر عليه،
قلت له: كم يعني؟
قال: أي مبلغ مهما كان ألا تملك خمسمائة دينار‘
فأعطيته المبلغ فورا لأنه كان بحوزتي،
ودعا المأذون القريب من الحي، وتم الزواج سراً بناءً على طلبهم، واستأجر لنا والد العروس (جناحاً) في فندق خمسة نجوم،
وأخذت إجازة استثنائية من عملي لزوم شهر العسل،
وقضيت معها بضعة أيام من أحلى أيام عمري وكنا لا نعرف ليلنا من نهارنا،
وبعد عشرة أيام طلبت منها أن نذهب إلى مطعم الفندق لنتعشى فيه كالعادة، ولكنها اعتذرت بحجة أنها مرهقة، فذهبت وحدي وعندما رجعت إلى الجناح حاملا لها طعام العشاء لم أجدها‘
وإذا بها تاركة لي ورقة تطلب فيها الطلاق،
وكانت مفاجأةً غير سارة‘ فاتصلت بها فوراً على جوالها ولكنها لم ترد حيث كان مغلقاً ‘ وكررت الاتصال عدة مرات وعلى فترات متباعدة ولكنه ظل مغلقاً‘ فاتصلت بوالدها لأخبره بأمر تركها للفندق وعدم ردها علي‘ وإذا به يفاجئني هو أيضا قائلا لي: يا بني هي التي طلبت منك الزواج فلبيت طلبها وها هي الآن هي التي تطلب منك الطلاق فيجب أن تلبي طلبها،
فسألته مستغرباً: هل صدر مني يا عم شيء يسيء إليها لا سمح الله،
هل بي عيب لا سمح الله؟
قال لا يا بني بل بالعكس انها تمتدحك وتدعو لك،
ولكنها ترجو منك ن تطلقها،
انتهت المكالمة بينما رأسي كان يكاد أن ينفجر من الحيرة،
واتصلت بالمأذون الذي كتب عقد زواجي عليها ولكنه لم يجيبني على تساؤلاتي‘ فذهبت إليه لاستعلم منه عن هذه العائلة الغامضة، وبعد تمنع منه وإغراءات مادية مني،
صارحني قائلا: إن الحكاية وما فيها أنها قد سبق وان طُُلقت من زوجها الذي تحبه ويحبها، ثلاث مرات وهما الآن يريدان أن يرجعا إلى بعضهما البعض (سكرّ نبات)، ولا بد من (محلل) لا يعرفهما وكنت ذلك المحلل،
سألته تقصد أن أكون (التيس المستعار)،
فهز رأسه علامة التأكيد قائلا (بالضبط)، ففكرت وقتها أن (أعلقها)، ولكنني بعد أن رجعت إلى عقلي قررت أن ألعب معهم مثلما لعبوا معي،
فذهبت إلى والدها أساومه على الطلاق، فقال: ارجع لك الخمسمائة وفوقها خمسون ألفا، فرفضت وزادها إلى مائة ألف، فرفضت، واستمررنا على هذا المنوال إلى أن وصل المبلغ إلى (مليون) وقبلت، ورجعت المرأة إلى زوجها وحبيبها، وأقاموا حفلة زواج لها (شنّة ورنّة)، ويقال إن زوجها في تلك الليلة رقص بالسيف وهي ربطت على وسطها منديلا..
فتحت بعد تلك العملية حساباً في البنك، واستقلت من عملي،
وكرهت وجه زوجتي القميء وعيشتها،
وبعد أن جربت الحياة (المُنعمة) طلقت زوجتي المسكينة بالثلاثة،
ثم تزوجت بأخرى ولم تمض عدّة أشهر إلا وانقلبت حياتي مع الزوجة الجديدة إلى جحيم فطلقتها بعد مشاجرة سالت فيها الدماء.
ووجدت انه لم يبق لي من المليون غير سبعمائة ألف، فقررت أن أضارب وأدخل في سوق الأسهم، ومن سوء حظي أن السوق انهار وطارت (النقود).. وبعد سنة عاد لي عقلي الحقيقي وقررت أن أعود لأم عيالي، وعندما ذهبت إلى والدها لكي أرجعها: ضحك بوجهي قائلا: يا تفاهتك، زوجتك التي كانت، أصبحت اليوم في عصمة رجل آخر، سألته مفجوعاً: تقصد تزوجت؟ فهز رأسه وازدادت ضحكاته قائلا: وكمان مبسوطة على الآخر، وتحمد ربها وتدعو لك كذلك.

عدنان أحمد البحيصي
15-11-2008, 11:44 AM
أخي فهمي حمدالله

قصتك هذه ، سلطت بها قلمك إلى موضوع اجتماعي ، بل إلى عدة مواضيع ، قضية المحلل "التيس المستعار" ، وقضية "الطلاق" وقضية الأسهم

لقد جمعت بين كل ذلك في إطار سردي رائع ، عبارة عن حوار بينك وبين صديق
أشكرك جداً على هذا النص
بوركت

فهمي حمدالله
15-11-2008, 11:50 AM
أخي فهمي حمدالله

قصتك هذه ، سلطت بها قلمك إلى موضوع اجتماعي ، بل إلى عدة مواضيع ، قضية المحلل "التيس المستعار" ، وقضية "الطلاق" وقضية الأسهم

لقد جمعت بين كل ذلك في إطار سردي رائع ، عبارة عن حوار بينك وبين صديق
أشكرك جداً على هذا النص
بوركت

اخي الفاضل الاستاذ عدنان أحمد البحيصي حفظه الله وادامه
اشكرك على مرورك الكريم وعلى تقييمك الطيب‘
بوركت وسعدت وبالخير والرفعة والسؤدد دمت‘
اخوك ابو المعتصم
15-11-2008

سعيدة الهاشمي
15-11-2008, 02:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بطريقة سردية جميلة بسيطة ومباشرة تمكنت من جعل القارئ يتفاعل مع مجريات الأحداث

قضية المحلل أو كما يطلق عليه " التيس المستعار" باتت تنتشر بشكل لافت للنظر في مجتمعاتنا العربية

إن أبغض الحلال عند الله الطلاق فكيف لمن يحب زوجته أن يطلقها ثلاثا؟ أليس هناك طرق أخرى لتفادي الطلاق

دون اللجوء إلى محلل؟ لعل هذا ليس سؤالنا الرئيسي لنعد لمحور القصة.

يقال "كما تدين تدان" بطل القصة رغم جهله سبب الطلاق والزواج أصلا، إلا أنه قام بترك زوجته اللطيفة

من أجل أخرى أكثر جمالا ثم بعد ذلك قام بتطليقها من أجل أخرى تناسب مستواه المادي فدارت الدوائر عليه

ففقد كل شيء زوجة الطمع والمال في مضاربة خاسرة.

تحيتي لك دمت بود.

فهمي حمدالله
15-11-2008, 03:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بطريقة سردية جميلة بسيطة ومباشرة تمكنت من جعل القارئ يتفاعل مع مجريات الأحداث

قضية المحلل أو كما يطلق عليه " التيس المستعار" باتت تنتشر بشكل لافت للنظر في مجتمعاتنا العربية

إن أبغض الحلال عند الله الطلاق فكيف لمن يحب زوجته أن يطلقها ثلاثا؟ أليس هناك طرق أخرى لتفادي الطلاق

دون اللجوء إلى محلل؟ لعل هذا ليس سؤالنا الرئيسي لنعد لمحور القصة.

يقال "كما تدين تدان" بطل القصة رغم جهله سبب الطلاق والزواج أصلا، إلا أنه قام بترك زوجته اللطيفة

من أجل أخرى أكثر جمالا ثم بعد ذلك قام بتطليقها من أجل أخرى تناسب مستواه المادي فدارت الدوائر عليه

ففقد كل شيء زوجة الطمع والمال في مضاربة خاسرة.

تحيتي لك دمت بود.
اختي الفاضلة سعيدة شكري حفظها الله تعالى
اشكركِ على مروركِ الكريم وعلى تعليقك وتحليلك اللطفين ‘
بوركتِ وسعدتِ وبالخير دمتِ
اخوكِ في الله ابو المعتصم

ربيحة الرفاعي
25-04-2013, 01:53 AM
مجموعة من القضايا الاجتماعية جمعتها قصة واحدة بسر جميل سلس
ماتعاغ كان مروري هنا

تحاياي

براءة الجودي
25-04-2013, 05:10 PM
رائعة القصة طريقتك في السرد جميلة , فيها تشويق وأسى على الرجل وابتسامة على موقفه في الأحداث
اراد كل شئ فبقى في نهاية الطاف خاويا لأنه لم يحكم عقله منذ البداية
تحياتي لك

نداء غريب صبري
13-07-2013, 09:07 PM
نسميه في بلادنا ((الجحش)) والبعض يسمونه (( التيس))
والصفتان تليقان في من يرضى لنفسه هذا الدور الحرام

قصة جميلة أخي

شكرا لك

بوركت

آمال المصري
01-01-2016, 05:55 PM
تطرقت لعدة قضايا اجتماعية بأسلوب سلس مباشر بعيدا عن الرمزية
كشف العنوان النقاب عن فكرة النص قبل الخوض بقراءته
وكانت النهاية رائعة إذ تطبق المقولة : " كما تدين تدان "
لم استطع - رقم هاتفها - لم يجبني
بوركت واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ناديه محمد الجابي
02-01-2016, 09:28 AM
من مسرح الحياة تقدم بقالب سردي لطيف مشكلات إجتماعية
في قصة عميقة المعنى بأيدى متمرس يتقن الصنعة
دمت بكل خير. :001:

خلود محمد جمعة
19-01-2016, 08:37 AM
من البدايه لم يكن غير تيس فرغم زواجه لحق بها ورغم غرابة الطلب تابع و متجاهلا حالتها المادية وسهولة الموافقة عليه وموقف اهلها اكمل الى ان تركت له طلب الطلاق الذي كان شهادة موثقة بانه تيس بدرجة الامتياز
لحق بها واعمته المادة ترك زوجته وتزوج مغترا بماله تاجر مع انعدام الخبرة
اين الله في قلبه وعمله
نهاية متوقعة
طرح طيب لاكثر من قضية بسلاسة وتشويق وجمال
بوركت وتقديري