المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة حب لم يلتقِ بعد فيها العاشقان



شجاع الصفدي
08-12-2008, 12:26 AM
الكرام في الواحة الطيبة .. أعود بعد غياب بهذا النص ..
وكل عام وأنتم بخير دائما ..

===


في البيت قصة حب لم يلتقِ بعد فيها العاشقان .
تبحث العاشقة عن كلمة بين حطام السنين وضجيج الذكريات ويرهقها المسافر في الفضاء , يتسلق أسوار الريح , يعشقُ الموت لمتعة التحليق من علٍ .
يرمي بالحياة من أجل لحظةِ حريةٍ يخلقها كمظلةٍ تحمله محلقاً إلى حيث يشاء .
هو حلمها, عاشقٌ يبحثُ عن حجرٍ تناثر في غمار الحرب بين الكواكب كان يتكئ عليه حين تنفد السبل لبهجة الحياة .
تقول ذاتها إليه , وتفتح ذراعيها ليتلاشى فيها , فلم يحسن الطريق لها , فقرأته رجلاً يعشق السفر أكثر مما يعشق
البقاء .
يوجعها مرور الفكرة في مدارات الذاكرة , تفتح أبواب البيت على مصراعيها تغوي أبطال الزحام اللاهثين لمغامرة حبٍ على ورق ! .
***
يُحدّث نفسه سرا من أفلاكه البعيدة : خسرتُ الرهان , فالناس بعد مغيب الشمس لا تبقى ملائكةً .
يبتسم , ويكتب قصةً كان يحملها قبل الرحيل , قصة لم يلتقِ بعد فيها العاشقان , قصة حبٍ هناك تنضج ثمارها ليلا , فتطل نجمةٌ من النافذة تبحثُ عن حريرٍ يغطي سرها .
***
عاد من بلاد الثلج يحمل عبء الرحيل , تسأله عنها فيه , يقول : أريدكِ ولا أريدكِ , قد تكبر قصتنا بعد الرحيل , فاحملي الحلم ليورق فيكِ الربيع .
قد التقينا في مدنٍ ثملةٍ بالموت , وتقلبت على سفح قصتنا الأقدار حتى قتلت كل ما فيه من زنابق , وماتت نحلةٌ تمنح عسلا لعاشقين افترشا زهرةً للقاء .
***
تجوب العاشقة أروقة السؤال : أكان ما بيننا رباطا هشا , سفحا تموت نحلته فتصبح المروج خرابا ؟
أكنتُ في سفرك أشبه امرأةً جاثية تحدق في الفجر وتسرف في البكاء ؟.
يأتيها الجواب يحكي عن حبٍ ينحدرُ من سلالةٍ غريبةٍ
يغتسل بالقصائد ويتضمخ بعطر الكلام , لكنه لا يعبر من ثقب الكبرياء , و"يصمت" .
ترجوه أن يكمل أغنيةً رددها على أعتاب البيت قبل السفر
فيشير لنفسه بأصابع الاتهام : أنا القصة ُ الخرافة حين تنصرف عن الجسد الحياة .
ويستطرد : كان سرير الهوى مهدا أبديا للمخاض , إذ تولدُ قصص الحب الجميلة كلما امتزج العاشقان بورد المساء .
لكن مجاديف الوقت ذابلة , تقاعست عن المضي بقارب الحب , فماتت العصفورةُ انتظارا .
***
تهمس : من أنت ؟ , أحبكَ , لا , بل أحبهُ , من هو ؟ , من أنت ؟
كلاكما أنّاتٌ تستوطن جسدي حين أستحضر أحدكما حلما , أنتَ وآخرك .
ضعت ما بينك وبينك , زرعتُ روحي ميتةً أحلم أن تبعثَ ما بينك وآخرك .
يقول : يا حبيبتي , " تصمت " تنتظر بعثها بين شفتيه .
أنا وآخري سيّان بعد أن حلّ بنا الرحيلُ لعنة احتراق .
***
قلتُ لكَ عند الباب : سترحل , فتموت الأغنيات .
فلم تقل شيئا سوى أن أشعلت جحيم شفاهٍ تأبى الارتواء , ورحلت .
أتقتلني عطشا وتشكو كم بكيت ؟ !!
***
كتبتِ لي ذات مساء أني مصادر القلب , مصادر الشعر , مهما ابتعدت .
وقلتِ أنّي عاشقٌ محاكمٌ بالمنفى حتي وإن لم يحقق نشوة الجريمة .
:- نعم فعلت , ليس القول بيدي , فالسرير يخرج عن حياده ووقاره حين يلتقي العاشقان .
كتبتِ ذات لقاءٍ أنكِ الحرّة التي يضرّجها خجل البياض حين تعرّي ذاتها من كل شيءٍ سواي , عدتُ أسودا من بلاد الثلجِ أطمع في البياض , فإذ بالبيت مسرحٌ يعجُّ بالممثلين يعيشون مكاني دور البطولة , مزيفون , ووحدي الحقيقة .
:- اسمع سيدي واتكئ على سيادة الصمتِ ولو قليلا , أتحكمُ بالموتِ قبل أن تدركني الحياة ؟
لا , فالموت مثلي مرصّعٌ بالكبرياء , فبعد فصول المسرحيةٍ الهزيلة مات الكلام .
***
يتناسل الممثلون , والعاشق يقبعُ في الركن الداكن يخاطب مطرا يغازل الشباك , ويترقب مشهد اغتصاب البيت .
وعلى ضفة الرحيل يبتسم القارب , والشاطئ يبكي ..
يفيضُ الماء حبرا أسودا مؤججا بالبكاء , يخط على وجه النهر آخر ما قاله العاشقان :
تقول : إني في غيابك أميرة الآخرين فخذني في حضورك جاريةً لك .
يقول : انتهينا , كل شيء زائلٌ في عرشك , ولي وحدي البقاء .

شيماء وفا
08-12-2008, 06:00 AM
(عدتُ أسودا من بلاد الثلجِ أطمع في البياض , فإذ بالبيت مسرحٌ يعجُّ بالممثلين يعيشون مكاني دور البطولة , مزيفون , ووحدي الحقيقة .)
بين الزيف والحق مسافة ليست بالكبيرة
فهل دائما نستطع التعرف على الفرق بينهما
(تقول : إني في غيابك أميرة الآخرين فخذني في حضورك جاريةً لك .
يقول : انتهينا , كل شيء زائلٌ في عرشك , ولي وحدي البقاء .)


تقول ويقول كل جملة فيهما هي نص قائم بذاته
أرجو أن تتقبل مروري
تحياتي

وفاء شوكت خضر
09-12-2008, 03:21 PM
أديبنا الرائع شجاع الصفدي ..

هو مرور أول ..
أعتقد أن النص يحتاج لوقفات وليس وقفة واحدة ..
القارئ لنصك يتوه حينا ويجد نفسه أحيانا بين حروفك الجميلة ..
نص ارتقى بلغته واسلوبه وصوره ..

مرحبا بك بعد طول غيبة ..
تحيتي ايها الكريم ..


كل عام وأنت بخير ..

شجاع الصفدي
11-12-2008, 12:50 AM
(عدتُ أسودا من بلاد الثلجِ أطمع في البياض , فإذ بالبيت مسرحٌ يعجُّ بالممثلين يعيشون مكاني دور البطولة , مزيفون , ووحدي الحقيقة .)
بين الزيف والحق مسافة ليست بالكبيرة
فهل دائما نستطع التعرف على الفرق بينهما
(تقول : إني في غيابك أميرة الآخرين فخذني في حضورك جاريةً لك .
يقول : انتهينا , كل شيء زائلٌ في عرشك , ولي وحدي البقاء .)


تقول ويقول كل جملة فيهما هي نص قائم بذاته
أرجو أن تتقبل مروري
تحياتي



الكريمة شيماء
كل الأشياء في حياتنا قائمة على احتمالات قصصية , فواقعنا لا يعدو كونه قصة ما , يتلقاها كلٌ منا بحسب ما تُروى .

شكرا لحضورك العطر

شجاع الصفدي
11-12-2008, 01:04 AM
أديبنا الرائع شجاع الصفدي ..

هو مرور أول ..
أعتقد أن النص يحتاج لوقفات وليس وقفة واحدة ..
القارئ لنصك يتوه حينا ويجد نفسه أحيانا بين حروفك الجميلة ..
نص ارتقى بلغته واسلوبه وصوره ..

مرحبا بك بعد طول غيبة ..
تحيتي ايها الكريم ..


كل عام وأنت بخير ..

الكريمة وفاء
الحياة وقفات , بعضها نتعثر عنده ولا نتقدم خطوة أخرى وبعضها يحثنا على شق الطريق لأجل البقية .
دام حضورك البهيْ

مينا عبد الله
11-12-2008, 11:40 AM
انه الشرخ العميق .. في جدار الانسانية
واختلال توازن المشاعر .. وتداعي في صرح العشق

الاديب الفاضل شجاع الصفدي
تحية لكم .. وخالص الاحترام

ميــــــــــنا

هشام عزاس
11-12-2008, 08:48 PM
يأتيها الجواب يحكي عن حبٍ ينحدرُ من سلالةٍ غريبةٍ
يغتسل بالقصائد ويتضمخ بعطر الكلام , لكنه لا يعبر من ثقب الكبرياء .

الجميل / شجاع الصفدي

مرحبا أخي بعد هذا الغياب الذي نتمنى حقا أن لا يتكرر أبدا ...
قصة حب لم يلتقي فيها العاشقان / نص يرسم ملامح علاقة حب من منظورين و يدعنا نعيش تلك اللحظات ( سواء الحالمة منها أو الواقعية )
يضعنا أمام حقيقة لا بد أن نتأملها بروية , بمنطق العقل و الشعور معا / فأيهما أحق و جدير بأن يتبع ؟؟؟ كبرياء وقف على حقيقة البيت / أم خرافة الحس الذي أنتجها الغياب .

جميل نصك و المعنى الذي يؤثث له .

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــام

شجاع الصفدي
13-12-2008, 11:19 AM
انه الشرخ العميق .. في جدار الانسانية
واختلال توازن المشاعر .. وتداعي في صرح العشق
الاديب الفاضل شجاع الصفدي
تحية لكم .. وخالص الاحترام
ميــــــــــنا

الكريمة مينا

الشرخ يحدث حين تختلط مفاهيم العاطفة , وتتداخل الإنسانية المرهفة بالواقع المجرد .
شكرا لحضورك القيم

شجاع الصفدي
17-12-2008, 11:11 AM
يأتيها الجواب يحكي عن حبٍ ينحدرُ من سلالةٍ غريبةٍ
يغتسل بالقصائد ويتضمخ بعطر الكلام , لكنه لا يعبر من ثقب الكبرياء .

الجميل / شجاع الصفدي

مرحبا أخي بعد هذا الغياب الذي نتمنى حقا أن لا يتكرر أبدا ...
قصة حب لم يلتقي فيها العاشقان / نص يرسم ملامح علاقة حب من منظورين و يدعنا نعيش تلك اللحظات ( سواء الحالمة منها أو الواقعية )
يضعنا أمام حقيقة لا بد أن نتأملها بروية , بمنطق العقل و الشعور معا / فأيهما أحق و جدير بأن يتبع ؟؟؟ كبرياء وقف على حقيقة البيت / أم خرافة الحس الذي أنتجها الغياب .

جميل نصك و المعنى الذي يؤثث له .

اكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــام





الأخ العزيز هشام
شكرا لهذا اللطف الذي غمرني به حضورك ..
تحيتي لك ..
وأتمنى أن تتحسن ظروفنا في ظل الحصار لنتواصل هنا أكثر في واحتنا الكريمة