تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لك يا ابـــــي ... حكـــاية عـــيد !



عبدالسلام العطاري
30-11-2003, 09:49 PM
لك يا ابي ... حكاية عيد !


"حين نُقَبل الارض ولانستريح .... الى ابي الذي اعتدته في كل صباحات العيد... والى امي في عالمها الآخر... والله واسع الرحمة ... ابنكم "
:
انه صباح العيد ، كنت قد اعتدت ان استيقظ على صوت تكبيرات من حناجر ملهوفة تتوسل الى خالقها بالرجاء وبالدعاء وبالغفران والمحبة، وازقة وطرقات قد تيبست على وجهها الاتربة التي كانت قد ابتلت من مساء ليل العيد حتى لا تتَغْبر احذية المارة الى مسجد (النبي عرابيل) في تلك البلدة الرابية على سطح تلة عالية تطل على مرج يمتد الى عمق ابن عامر في جنين مثلث قسّامي عتيق ... ولا ادري لماذا يحمل المسجد هذا الاسم ؟!، سوى ان الحكايات المسنودة و غير المسندة تقول بأنه نبي من انبياء الله او ولي من اوليائه الصالحين .
تفرح قلوبنا الصغيرة حين تشق الشمس صدر الفجر وتظهر معلنة وضوح النهار ... ونسارع نفرك اعينا العاشقة للنوم الحالمة بها لنسمع التكبير عن قرب حيث تتحشرج القلوب خوفا وطمعا وحبا ورهبة ... كانت لي ام تنادي بصوتها محرّضة على النهوض ،مرغّبة بالعيدية لمن لا يسارع بالخلاص من التثاؤب المضني في صباح كان ليله طويلا والسهر مسموح به .. لا مدرسة اليوم ولا (عجقة) النهوض المتسارعة خوفا من تأخير قد يسبب لنا (بعلقة) من مدير عتيق اشيب الرأس ضخم الجثة ينتعل حذاء جلده صارم كعصاه الصارمة ...ويرتدي (بدلة) لم تعد موضة العصر تقبلها او تسمح بان تكون في مقدمات العصرنة او العولمة المجازة بفعل احمق او برَدة فعل غبية مناهضة لها لا اساس سوى ان نرفض او نرقص على نثرها او سجعها ...
يعود ابي يرتدي (قمبازا ) مخصصا للاعياد البهيجة او لجاهة قد تخلص الى طلب عروس لابن حارتنا او عزاء في بلدة اخرى رحل عنها كبيرها ...لحظات ونسرع لتقبيل الايدي، واليد الاخرى تفتح متلقية بضع قروش ينتظهرها صاحب الدكان الصغيرة حيث تتدلى حبال عتيقة تحمل ما تبضعه من اسواق المدينة (العاب تسر الناظرين اليها)
وتبدأ رحلة اليوم الاول والسباق الاول والشفاه تستعد لتقبيل ايدي كل من وقعت عليه نظراتنا وانبعاث ابتسامة من شخص ربما يكون صيداً ثميناً سنحصل على عيدية غير محسوب لها، وتنتشر صرخات الاطفال في كل زقاق وكل ناحية من طرقات البلدة وتكتظ الحوانيت الصغيرة بالايدي الصغيرة... هنا تدفع وهناك تتلقى والرابح الاكبر صاحب الدكان الذي يعتبر العيدَيْن موسم لا مفر منه وكأنه لا علاقة له بالعيد سوى ان يسترجع من قُبلة افواهنا الصغيرة وما تتلقفه ايدينا من جيوب المانحين .... كَبِرتُ وكبرت احلامي واصبحت ممن يمنحون وكانت عادة جميلة حين تشعر بانك تمنح ولا تقبل سوى الارض التي اصبحت تنتعل عليها حذاء جديدا و(لبسة) عيد جديد.

اليوم ...
اليوم، ... صحوت على صوت تكبيرات جميلة حملتني نحو ما تقدم من ذكريات ، واية ذكريات في تلك البلدة الهاجعة الوادعة المتلاصقة جدران بيوتها ... الى مدينة لا تعرف فيها سوى ضجيج مركبات، فلا حركة للرجال اصحاب ( القمباز) او الكوفية البيضاء ( المنشّاة (.
... بكيت .. وبكيت ... وكم اشتقت الى ذلك الضجيج وكم اشتقت ان اعود صغيرا حالما بكعكة العيد البسيطة .. والعيدية البسيطة ... والجوارب الجديدة والحذاء الذي كنا نخشى عليه اكثر ما نخشى على انفسنا
.
يا ابتي ... ها انا اقول لك كل عام وانت بخير ، انها طريقة فرضها المحتل علينا ... فلا طرقات توصلني اليك ... ولا نافذة تشرّع على (حاكورة) بيتنا العتيق ...
ولك امي فاتحة الكتاب المبين لك الرحمة ... ولنا ... سرعة اللقاء ... هذه الحياة لم تعد تتسع لفرحنا وكانها قُيضَت من اجل قهرنا وشقاءنا وبؤسنا ..

:

عبد السلام العطاري / رام الله
اول ايام الفطر ... من عام 2003

ياسمين
01-12-2003, 01:09 AM
جيفارا

اشعر وكانى كنت داخل الاحداث معك
تخللت الحروف والكلمات
وتسللت الى كل الاماكن ولمست بيدى معك كل الاشياء
ومشيت معك فى كل الشوارع والطرقات
وعانقت وقبلت يد كل من قابلناهم فى كل الاماكن

حقيقى جيفارا تصويرك للاحداث وصدق مشاعرك فيها
جعل كل شىء متجسدا لدرجة اللمس والحس
جميل هو احساسك وقلمك هنا اخى العزيز

وكل عام وانت بخير
وشكرا لحكاية العيد التى جاءت بك الينا اليوم :010: :010:

لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين

بندر الصاعدي
04-12-2003, 07:02 AM
أخي الحبيب الكئيب جيفاراً
كلََّ عامٍ وأنت بخير .. والصبرُ رفيقُ المؤمنين .

من لم يتألّمْ مما تضمّخ بهِ النصُّ لا يملكُ عيناً , قدْ تناولَ سردُك مشهدين أولهما كطفلٍ ضاحكٍ تبثُ بسمتهُ وهجَ الحياةِ , وثانيهما كشيخٍ هرمٍ تُضحكهُ نوائبُ الدنيا فما نرى إلا تهالكَ العمرِ في ثغرهِ ..

لك التحية والتقدير
دمت بخير
في أمان الله

عبدالسلام العطاري
04-12-2003, 08:17 AM
العزيزة ياسمين
لمرروك المبكر على صدى حزني له طعم اخر ولون يحمل كل المعاني اتي تضفي القليل على فسحة الوجع والحزن ... فرحا .

كما هو الاشتياق يعصف الى طفولة هادئة وادعة ... كما هو الاشتياق لطرقات وازقة حواري قريتنا الوادعة ( عرابة) الجميلة بخضرتها ولوزها وزيتونها ... وحقول خضراء في مرجها تزهر سنابل قمح وعبق تاريخ .

:
من كل هذا لك تحياتي .

نعيمه الهاشمي
04-12-2003, 09:23 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ العزيز وكاتب واحتنا القدير جيفارا

مجرد تسجيل حضور والاحتفاء بعودتك فقط ولى عوده


سجل اعجابى بقلمك
وفقك الله وسدد خطاك

عبدالسلام العطاري
12-12-2003, 01:34 AM
العزيز بندر الصاعدي

:
نعم ، يا صديقي
:
نكتب من واقعنا الذي نملكه .. فيه الحزن الكثير .. وفيه الألم المتدثر تحت وسائد قلوبنا ...لا نعشق الحزن .. ولا نعشق الالم ... ولكن هذا ما فرض على نصنا وعلى اقلامنا ... نسكب الفرح فيدمغه الحزن .

:
دمت بخير ولك محبتي

د. سمير العمري
03-03-2004, 08:06 PM
أخي الحبيب عبد السلام:

اعتصر الحزن قلبي وأنا أستعيد بكلماتك الصادقة ذكريات جميلة وأشعر بما تعاني فكلنا عن الموطن مغترب داخله وخارجه.

ورغم حزني فقد ارتسمت على شفتي رغم دموعي ابتسامات متفرقة وأنا أستمتع بتخيل وصفك لبعض الأمور.



أخي الحبيب ... كل عام وأنت والأهل وفلسطين بخير


دمت صامداً
:os:

نعيمه الهاشمي
07-04-2004, 05:03 AM
السلام عليكم ورحمة الله

الفاضل جيفارا العيد والنصر قادم ان شاء الله والعاقبة للمتقين

وابواب الجهاد تنادى المؤمنين

قاب قوسين او ادنى بعون الله

ايها الغائب فى انتظار جديد

تحياتى واحترامى

عبدالسلام العطاري
21-05-2004, 01:41 AM
اختي العزيزة العنود الهاشمي
اخي العزيز د.سمير العمري

:

اعتذر لكما عن حضوري المتاخر
والحكاية ما تزال تروي نصها
ونشيدها
لحنها بطول المسافة
ما بين رام الله
وعرابة
بخضرة مرج ابن عامر في جنين


دمتم اعزاء

زياد مشهورمبسلط
21-05-2004, 02:44 AM
أخي الحبيب / عبد السلام العطاري


سعدت جدا بأن اقرأ نبضك الصادق واحساسك المفعم بكل ماهو مؤثر ومميز ومعبر .... افتقدتك عزيزي منذ زمن ، والحمد لله انني التقيتك في واحتنا الغناء .

دمت بخير ،




http://www.hdrmut.com/ziyad

د. سلطان الحريري
21-05-2004, 11:57 AM
جيفارا العزيز:
سيبقى في خضم الأحزان متسع للأحلام ..
كانت مصافحة أولى لقلمك المبدع ، ولعل النص قد نقل إلينا عبر ريشة فنان أوصافا لا يتقنها إلا المبدعون،وأجمل ما فيها ذلك العناق بين الوصف الدقيق ، وبين المشاعر الطاغية التي سكنت الحروف،أدعو الله أن يغادرنا الحزن ، إلى زواياه المظلمة ..
ولكن لي استفسار ، لماذا استعملت كلمتي المسنودة والمسندة في جملة واحدة ، وما الفرق بينهما؟
وأراك أيضا تستعمل كلمتين للتعبير عن معنى واحد ؛ فمرة تقول ( دكاكين) ، وأخرى تقول ( حوانيت) ، ولعل التوحيد يكون أجدى في مثل هذه الأمور، وفي نهاية نصك وردت كلمة ( شقاءنا ) ،الصحيح فيها شقائنا ، وهو خطأ ( كيبوردي)..
اعذرني على تطفلي على نصك الرائع..
رائعة قصتك إلى حد الثمالة
دمت مبدعا

عبدالسلام العطاري
21-05-2004, 06:09 PM
اخي الحبيب / زياد

وانا اشتقتك ..... اشتقت اليك واشتقت شعرك وغضبك في الحب والوطن ...
ما زلنا هنا وما زلت هناك نحمل علينا ونحمل عليهم ...
نجني من ابجدياتنا حروفنا المثمرة لعلنا نجد اللحن الذي نغمس به زاد يومنا ....


محبتي لك ايها العزيز

عبدالسلام العطاري
21-05-2004, 06:39 PM
اخي العزيز /د.سلطان

يسعدني ما تفضلت به من ملاحظات وهي بمحل التقدير والاحترام ...أما كلمة المسنودة وغير المسندة ما قصدته هو ان الحكاية في القرية عادة ما تنقل على غير اسس في بعض الاحيان ..ولعلني اخطأت في وصف الكلمة ... دون شرحها او توصيفها أكثر واما التوحيد في كلمة حوانيت او دكاكين نعم التوحيد هو الأسلم .. اصبت انت يا صديقي واخطأت انا ..


مودتي ايها العزيز ويسرني ان اكون تحت مجهرك اللغوي .

نعيمه الهاشمي
10-09-2004, 05:05 AM
للرفع دمت صامداً:nj: