المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد جبريل.. وقضية الانتماء



د. حسين علي محمد
15-12-2008, 04:30 PM
محمد جبريل.. وقضية الانتماء

بقلم: مؤمن الهبّاء
.........................

إذا قصدت متعة السرد الروائي الفني فعليك بمحمد جبريل.. وإذا قصدت حبكة الإبداع القصصي وإبهاره فعليك بمحمد جبريل.. وإذا قصدت المتابعة النقدية النافذة فعليك بمحمد جبريل.. وإذا قصدت الدراسة البحثية الجادة فعليك - أيضا - بمحمد جبريل.
إنه عالم متكامل. ومؤسسة شاملة. متعددة النوافذ. من أي زاوية نظرت حصلت علي مبتغاك.. متعة وثقافة وعلم.. ومن دواعي فخرنا. نحن أسرة المساء. أن هذا الفنان المبدع خرج من بيننا. وينتمي إلي قبيلتنا.
رأيته أول مرة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي. كان عائدا لتوه من رحلة عمل طويلة في عمان.. تناقشنا كثيرا. وتشاكسنا. اختلفنا واتفقنا. وحين أراد أن يحسم الجدل أهداني روايته الثانية. المبهرة. "إمام آخر الزمان". فالتهمتها في يوم. أو بعض يوم. ومن يومها لم أفقد أبدا إيماني بموهبته. واحترامي لقلمه ودأبه وجديته.
وكلما أوغل في الكتابة وأوغلت في قراءته زاد إيماني به واحترامي له.
ولا أستطيع أن أنكر انحيازي لأدب محمد جبريل. خاصة ما يتعلق منه بتوظيف التراث مثل "إمام آخر الزمان" و"من أوراق أبي الطيب المتنبي" و"قلعة الجبل" و"رباعية بحري" و"ما ذكر من أخبار عن الحاكم بأمر الله". فهذه الأعمال تجد في نفسي هوى. ربما لأنها توقظ الماضي. وتبعث فيه الروح. فيتحول بروح الفنان إلي مستقبل. وفي ذلك وصل لحلقات أدبنا وحياتنا. ولقاء بين الأصالة والمعاصرة. وهذا - في زعمي - هو الطريق الصحيح لتطوير أدبنا. بل لتطوير حياتنا كلها.
التطوير لن يأتي من الخارج .. ولن يهبط علينا من السماء وإنما هو عملية مستمرة. متواصلة أطرافها. يرتبط فيها الماضي بالحاضر والمستقبل. ونحن نعيشها ونتفاعل فيها.
ودراسات محمد جبريل لا تنفصل عن إبداعه.. هي في الحقيقة إبداع آخر. بطعم آخر. تدهشك فيها قدرته الهائلة علي الصبر. ودقته في التحري والاستيفاء. ناهيك عن سعة الاطلاع. والاستنتاج المنطقي. تلحظ ذلك في سفره الرائع "مصر في قصص كتابها المعاصرين" و"مصر المكان" و"قراءة في شخصيات مصرية" و"مصر من يريدها بسوء".
لعلك لاحظت - مثلي - أن مصر تتردد كثيرا في كتابات جبريل. مثلما تتردد في رواياته. من خلال الإسكندرية مسقط رأسه وعشقه الدائم. وأيضا من خلال الموروث الشعبي الذي يتناثر كحبات اللؤلؤ في 18 رواية و90 قصة قصيرة قدمها للمكتبة العربية حتي الآن.
إنه متيم بهذا الوطن. مسكون ببحره ونيله وطينه. بأحيائه الشعبية وحاراته وأزقته. بجوامعه وأضرحته وموالد الأولياء والكنائس والزوايا. وليالي رمضان والتواشيح والأعياد والأسواق. بعبق البخور والمجاذيب والدجالين والشحاذين.. هو يكتب عن ذلك كله ليكشف لنا عن حقيقتنا. عن مواطن الضعف ومواطن القوة في شخصيتنا. التي عاش عمره مهموما بها.
وكم كان رائعا أن تتذكر الهيئة العامة للكتاب بإشراف د. ناصر الأنصاري كتاب "مصر في قصص كتابها المعاصرين" لمحمد جبريل لتعيد إصدار الجزء الأول منه هذا العام في سلسلة "مكتبة الأسرة" التي تحظي برعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك. فتتيحه بسعر ميسر للقاعدة العريضة من القراء الذين يتابعون هذه السلسلة. ويعتبرونها نافذتهم علي الثقافة الحقيقية والجادة.
والكتاب عبارة عن دراسة ضخمة. لكنها ممتعة. وقد نشرت لأول مرة في أواخر السبعينيات من القرن الماضي. ونال عنها محمد جبريل جائزة الدولة التشجيعية في النقد. وفيها يتناول العديد من الأعمال القصصية والروائية لرواد السرد العربي أمثال طه حسين والعقاد ويحيي حقي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف الشاروني. بالإضافة إلي رفاق دربه من كتاب الستينيات. فيرصد تناولهم للمجتمع المصري بكافة تقلباته عبر تاريخه الحديث من زاوية إبداعية بحتة. تدعمها رؤية اجتماعية وسياسية مدققة.
يقع الكتاب في مجلدين. ومجموع صفحاته 1370 صفحة. وهو بذلك ينتمي إلي الأعمال الموسوعية الخالدة. ممتدة المفعول. فقد حاول جبريل أن يقدم لنا تاريخ مصر من خلال مضامين الروايات والقصص. باعتبار أن الأدباء هم ضمير أمتهم. ونبض حركتها التاريخية في مواجهة الأحداث.
بقيت همسة للمثقف الواعي د. ناصر الأنصاري أناشده فيها بسرعة إصدار الجزء الثاني من هذه الدراسة القيمة. التي أظنها أول محاولة في تاريخنا لتأصيل علم الاجتماع الأدبي. وأول تجربة جادة لتعميق الانتماء لدي الأجيال المثقفة بالعلم والأدب. وليس بالأغاني السطحية والهتافات الزاعقة.
..............................
*المساء ـ في 15/12/2008م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:21 PM
نُقدم هنا بعض المقالات المُختارة (عشر مقالات) لمحمد جبريل، ثم نختم بترجمة موجزةله:
.................................................. ........

(1) الهوية المعمارية لمدينة القاهرة
بقلم: محمد جبريل
..................

الحريق الذي شب- مؤخراً- في بناية أثرية بشارع رمسيس. يعيد إلي الأذهان قضية- أو لنقل مشكلة- تناسيناها. وسط هموم حياتنا اليومية. وهي مشكلة الهوية المعمارية لمدينة القاهرة. أو كما يسميها المصريون "مصر المحروسة".
منطقة القاهرة الخديوية. ما بين ميدان التحرير وميدان رمسيس. وزاوية المثلث في ميدان العتبة. هذه المنطقة تضم بنايات موحدة الطابع في معظمها.. وكان ذلك الحرص حين بدأت عمليات الانشاء في عهد الخديو إسماعيل. ثم من بعده الخديو عباس- أتجاوز "توفيق" لأنه كان مشغولاً بعمالته للإنجلتز- الذي روت زوجته الأميرة جويدان عن إشرافه الشخصي علي العمارات المنسوبة إليه حتي اكتمال بنائها.
تصورت امتداد هذه المنطقة. توسيعها. من خلال استراتيجية الإحلال والتبديل. ليظل الطابع المميز هو السائد في وسط القاهرة. لكن المنطق العشوائي ظل يفرض نفسه. مجرد حوائط وجدران وأعمدة وأسقف. دون دلالة تاريخية أو جمالية أو تعبير عن خصوصية ما.
مخزن للسيور في داخل واحدة من هذه البنايات. وتطل علي الشارع الأهم في العاصمة. تسبب في حريق كاد- بفضل التقصير المعلن!- يدمر المنطقة كلها.
ما أسهل إهدار القوانين التي تحرم. وتجرم. لكن الصعب- بالفعل- هو تحويل تلك القوانين من مجرد مواد وأرقام وبنود إلي واقع فعلي. ليس بالتخويف العقابي. وإنما بتأكيد الحرص علي كل ما يعبر عن الهوية المصرية. والعمارة -بالطبع- في مقدمتها.
المثل المصري يتحدث عن اختلاط السمك واللبن والتمر هندي. بمعني الظواهر السلبية التي تسود حياتنا. فلا اتفاق علي الحد الأدني من الحرص علي التراث الحضاري والذوق الجمالي وحين بدأ تمليك الوحدات السكنية- ربما من أوائل السبعينيات- فقد كان المأمول ان يهب هذا الأسلوب احساساً بالملكية في نفوس الملاك الجدد. وكان غالبيتهم من أبناء الطبقة الوسطي الذين يتعرفون إلي التمليك للمرة الأولي. بحيث يؤدي هذا الاحساس إلي الحرص علي الملكية ومقوماتها البنائية والجمالية. لكن النتائج أفضت إلي عكس المأمول تماماً. فصاحب الشقة- حتي لو كانت حجرات قليلة في بناية هائلة- يتصرف في شقته كأنها جزيرة لا شأن لها بما حولها.
وعلي الرغم من إقامة اتحادات للملاك. فإن الظواهر السلبية تزداد تفاقماً ولعلي أدعوك إلي مشاهدة أية بناية حديثة مملوكة لعدد من المواطنين. لا نافذة مشابهة للنوافذ الأخري. وثمة شرفة بامتداد مساحة الشقة. وأخري استبدلت بها نافذة من الزجاج الفيميه.. وتنأثر المكيفات بعشوائية غريبة. والخراطيم الثعبانية تطل من الواجهة. تشي بالفردية وفساد الذوق باختصار. فان السكلانس هو ما ينطبق علي المشهد الكلي للبناية.. الطريف. والمحزن. ان ذلك كله يحدث في القاهرة. رغم وجود وزارة للبيئة. وجهاز للتنسيق الحضاري. ومحافظ يتبعه نواب ورؤساء أحياء. وغيرها من المؤسسات ذات المسميات المهمة!
..............................
*المساء ـ في 28/3/2009م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:26 PM
(2)عن محمد حافظ رجب

بقلم: محمد جبريل
.................

هل أخطأ محمد حافظ رجب حين ترك الإسكندرية..؟ وهل أخطأ حين عاد إلى الإسكندرية..؟ سؤال يناوشنى -أحياناً- فلا أعثر له على إجابة محددة.
محمد حافظ رجب -إن كنت لا تذكر، أو لا تعرف- هو صاحب مقولة: نحن جيل بلا أساتذة..
قصصه القصيرة موسومة بطابع فنى لم يقلد، وإن حاول البعض تقليده.. حتى نجيب محفوظ -هذا رأيى- لم يكتب ثرثرته النيلية إلا بعد أن قرأ حافظ رجب جيداً..!!
وصف فؤاد دوارة قصة حافظ "البطل" بأنها أعمق من قصة مشابهة لجوركى، وقال يحيى حقى إن أعماله سبقت زمانها بأعوام كثيرة، وذهب بعض النقاد إلى أن ما يكتبه حافظ رجب لا يعدو هلوسة كلامية..!
لكن حافظ رجب ظل هو الظاهرة الأشد تميزاً بين مبدعى جيله..
تعرف كبار الأدباء إلى حافظ رجب، وإلى إبداعاته، من قبل أن يجاوز مكانه فى محطة الرمل.. وتوالت النصائح بأن حياته الوظيفية فى القاهرة أفضل من السعى إلى رزق يوم بيوم فى مدينته الملحية..
ولأن الزن على الأذان أمر من السحر، فقد توكل حافظ على الله ذات صباح -وربما ذات مساء- وسافر إلى القاهرة.
مثَّل انتقال الشاب ذى الأعوام الخمسة والعشرين عاماً إلى العاصمة، انعطافة -حسب الكليشيه المتوارث!- فى مسار القصة القصيرة المصرية.. تباينت الآراء فى استقبال أعماله بين الحفاوة والرفض، وإن ظلت تلك الأعمال معلماً من المستحيل إغفاله.
إذا استعرت وصف نجيب محفوظ للمهمين من الأدباء، فإن حافظ رجب ينتمى إلى طبقة الفتوات الذين يحسنون توجيه ضرباتهم، بينما يتحدد دور المساعدين فى تلقى الضربات.. إنه فتوة فى جيله، مثلما كان إدريس بين مبدعى الفترة التى قدم فيها إبداعاته، ومن قبله محفوظ فى الرواية، الأمر نفسه بالنسبة لنعمان عاشور فى المسرحية، وعبد الصبور فى قصيدة الفصحى، وجاهين فى قصيدة العامية..
كنت أتردد على حافظ فى المجلس الأعلى للفنون والآداب، التقى به فى الغرفة الخشبية، فى الناحية المقابلة لمبنى المجلس، كان عباس محمد عباس هو أقرب أصدقاء حافظ إليه، فهما فى مكتبين متجاورين، وأحاديثهما لا تنتهى.. فى الغرفة نفسها تعرفت إلى عبد المعطى المسيرى وحامد الأطمس بعد أن هجر أولهما مقهاه فى دمنهور، بينما أغلق الثانى دكانه للنجارة فى المدينة نفسها..
ثم عاد حافظ رجب إلى الإسكندرية بعد أن هدته المتاعب!
بين أوراقى رسالة من محمد حافظ رجب -بخط يده- يعتب فيها على عبد الفتاح الجمل تغاضيه عما سماه وصاية من اثنين أو ثلاثة ينتسبون إلى جيل الستينيات، فهو -الجمل- ترك لهم أمر الموافقة أو الرفض فى الأعمال التى يتلقاها من الأدباء.. وحافظ واحد منهم!
أتردد فى نشر الرسالة التى تعرى بعض الأسماء التى مازالت تحاول فرض الوصاية على حياتنا الأدبية، مع أن المبدعين الذين أضيروا بوصايتهم، ووشاياتهم، ورفضهم غير الموضوعى لإبداعات الآخرين.. هؤلاء المبدعون يستطيعون المطالبة بترحيل السادة الأوصياء إلى محكمة العدل الدولية لمحاكمتهم بتهمة قتل مواهب كانت مبشرة وواعدة!

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:41 PM
(3) نقاش حول الرواية الأولى

بقلم: محمد جبريل
......................

قرأت الورقة مصادفة. كانت ضمن أرشيفي. تاريخ الجريدة 28 سبتمبر 2001. والمقال عن رواية "غابة الحق" للكاتب الحلبي فرانسيس فتح الله مراش يتحدث الصديق والزميل حلمي النمنم عن رواية محمود طاهر لاشين "عذراء دنشواي" صدرت عقب حادثة دنشواي التي كانت مؤشرا مهما لقيام ثورة 1919 وقال الكاتب إن يحيي حقي في كتابه "فجر القصة المصرية" أكد أن عذراء دنشواي سبقت رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل لكن يحيي حقي فضل اعتبار زينب هي الرواية المصرية الفنية الأولي. لأن محمود طاهر لاشين كان في حكم خال حقي- والتعبير لحلمي النمنم- وبالتالي فقد اعتبر تلك الرابطة العائلية إضعافا لرأيه بأسبقية عذراء دنشواي وانتقاصا منه.
وليأذن لي الزميل حلمي النمنم أن أتحدث -ولو متأخرا. فالحقيقة التاريخية تظل رغم تقضي الزمن! -عن بعض الملابسات التي تتصل بهذه الآراء. فقد أفرد يحيي حقي مساحة مهمة في كتابه "فجر القصة المصرية" لرواية زينب باعتبارها الرواية المصرية الأولي.
وكتبت في الطبعة الأولي من كتابي مصر في قصص كتابها المعاصرين "1972" أن عذراء دنشواي تسبق زينب هيكل من حيث الريادة الفنية وقال يحيي حقي في حوار مع عبدالعال الحمامصي نشر في الفترة نفسها إنه يوافق علي رأي كاتب هذه السطور وإن عذراء دنشواي هي الأسبق لكنه سكت عنها لأن محمود طاهر حقي مؤلف الرواية هو عم يحيي حقي!
منطق يشي بالطيبة. لكنه يخلو -في الوقت نفسه- من جدية البحث العلمي وموضوعيته قرابتي لشخصية ما لا تمثل قيدا علي رأيي في دور تلك الشخصية سلبا وإيجابا.
محمود طاهر حقي هو عم يحيي حقي وقد صدر له العديد من المجموعات القصصية التي اعتز بتناولي لها في الطبعتين الأولي والثانية من كتابي. بالإضافة إلي روايته القصيرة الجميلة عذراء دنشواي.
ولم يكن محمود طاهر لاشين في حكم خال يحيي حقي إنما هو صديق له والاثنان ينتسبان إلي المدرسة الحديثة التي كونها جماعة من الأدباء تحت شعار: نعم للأرفع والأبقي! لا للتقليد والمحاكاة!
والحق أنه من الخطأ نسبة الريادة إلي زينب ولا عذراء دنشواي ولا أية رواية أخري. إلا بعد قراءة علمية مستفيضة وجادة لكل الروايات التي أعقبت رواية علي مبارك "علم الدين". عشرات الروايات تتراوح ما بين السذاجة والاقتراب من الإجادة يجب علي من ينسب الأولوية الفنية لإحداها أن يخضعها جميعا للقراءة والمناقشة بحيث يتوصل -في النهاية- إلي أقرب الآراء للصواب.
ذكرتني كلمات حلمي النمنم بتلك الاجتهادات وإن كنت قد أعدت النظر فيها وحاولت التوصل إلي نتائج أقرب للموضوعية أثبتها في الطبعة الثانية من كتابي الذي أشرت إليه.
.................... ....
*المساء ـ في 2/5/2009م

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:42 PM
(4) الترجمة

بقلم: محمد جبريل
..................

إذا كانت الخطة التالية التي نأملها من المركز القومي للترجمة. هي الترجمة من العربية إلي اللغات الأجنبية. فإن ذلك ما يعني به مستعربون. أخلصوا لقضية الترجمة من العربية إلي لغاتهم. والمثل الذي يصعب الاختلاف حوله هو الإيطالية إيزابيلا كامرا.
الشروط غير المعلنة التي يترجم بعض المستشرقين في ظلها إبداعات عربية. تشمل كل ما يسم العربي بالتخلف. ثمة الفقر والتخلف والأمية وختان البنات وانسحاق المرأة والعشوائيات والعدوانية وفقدان الوعي وغيرها من الظواهر التي قد تكون شاحبة. أو عارضة. لكنها تتحول -بقدرة الميديا الغربية- إلي ثوابت في الحياة العربية. قرأنا أعمالاً يصعب نسبتها إلي الإجادة في الأدب العربي. لكن أحداثها اقتصرت -للأسف- علي تلك الجوانب السلبية!
تجد ايزابيلا أن المنجز الإبداعي في مجال الرواية العربية يتيح لها مكانة لا تقل عما بلغته الرواية علي المستوي العالمي. بل إن الوشائج واضحة بين العربية ومثيلتها في أمريكا اللاتينية.
الأسباب السياسية -في تقدير إيزابيلا- هي التي تحول بين ما تترجمه والوصول إلي القارئ الأوروبي بعامة. والإيطالي بخاصة. هي تقرأ. وتختار ما يستحق الترجمة. وتستغرقها ترجمة العمل الواحد لأشهر أو لسنوات. حتي يصبح معداً للنشر. وكان ذلك متاحاً من خلال الدعم الذي تقدمه الحكومة الإيطالية. لكن الوضع تبدل بعد تولي اليمين حكم إيطاليا. فقد رفع الدعم المخصص للترجمة إلي العربية -وهو لا يمثل مجرد هامش في الميزانية- وبدأ ما تترجمه إيزابيلا يعاني الركنة في الأدراج.. إذا كنا نتحدث عن ضرورة فتح نوافذ للإبداعات العربية. تطل منها علي القارئ في كل الدنيا. فالبديهي أن تظل النوافذ المفتوحة علي حالها. فلا نغلقها بالصمت البليد واللامبالاة.. الدعم الذي منعه اليمين الإيطالي -يتصور في العرب والإسلام قوة مناوئة بعد الشيوعية الدولية!- لمنع إيزابيلا من خدمة الثقافة العربية. يجب أن تتلقاه المستعربة الإيطالية - ترفض تسمية مستشرقة - فتواصل دورها في خدمة الثقافة العربية؟
أتصور أن جابر عصفور -المشرف علي المركز القومي للترجمة- يستطيع أن يجاوز تسلط اليمين الإيطالي. فيوفر الدعم الذي تطلبه إيزابيلا. بأن يعهد إليها ببترجمة ما اقتنعت بقيمته من إبداعاتنا العربية.
لإيزابيلا مكانة لافتة بين المستشرقين. أو المستعربين. وعلينا أن نفيد من هذه المكانة بأن نعين إيزابيلا علي أداء دورها الذي أنشئ مركز الترجمة لتحقيقه.
..............................
*المساء في 31/5/2008م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:43 PM
(5) الترجمة


بقلم: محمد جبريل
..................


إذا كانت الخطة التالية التي نأملها من المركز القومي للترجمة. هي الترجمة من العربية إلي اللغات الأجنبية. فإن ذلك ما يعني به مستعربون. أخلصوا لقضية الترجمة من العربية إلي لغاتهم. والمثل الذي يصعب الاختلاف حوله هو الإيطالية إيزابيلا كامرا.
الشروط غير المعلنة التي يترجم بعض المستشرقين في ظلها إبداعات عربية. تشمل كل ما يسم العربي بالتخلف. ثمة الفقر والتخلف والأمية وختان البنات وانسحاق المرأة والعشوائيات والعدوانية وفقدان الوعي وغيرها من الظواهر التي قد تكون شاحبة. أو عارضة. لكنها تتحول -بقدرة الميديا الغربية- إلي ثوابت في الحياة العربية. قرأنا أعمالاً يصعب نسبتها إلي الإجادة في الأدب العربي. لكن أحداثها اقتصرت -للأسف- علي تلك الجوانب السلبية!
تجد ايزابيلا أن المنجز الإبداعي في مجال الرواية العربية يتيح لها مكانة لا تقل عما بلغته الرواية علي المستوي العالمي. بل إن الوشائج واضحة بين العربية ومثيلتها في أمريكا اللاتينية.
الأسباب السياسية -في تقدير إيزابيلا- هي التي تحول بين ما تترجمه والوصول إلي القارئ الأوروبي بعامة. والإيطالي بخاصة. هي تقرأ. وتختار ما يستحق الترجمة. وتستغرقها ترجمة العمل الواحد لأشهر أو لسنوات. حتي يصبح معداً للنشر. وكان ذلك متاحاً من خلال الدعم الذي تقدمه الحكومة الإيطالية. لكن الوضع تبدل بعد تولي اليمين حكم إيطاليا. فقد رفع الدعم المخصص للترجمة إلي العربية -وهو لا يمثل مجرد هامش في الميزانية- وبدأ ما تترجمه إيزابيلا يعاني الركنة في الأدراج.. إذا كنا نتحدث عن ضرورة فتح نوافذ للإبداعات العربية. تطل منها علي القارئ في كل الدنيا. فالبديهي أن تظل النوافذ المفتوحة علي حالها. فلا نغلقها بالصمت البليد واللامبالاة.. الدعم الذي منعه اليمين الإيطالي -يتصور في العرب والإسلام قوة مناوئة بعد الشيوعية الدولية!- لمنع إيزابيلا من خدمة الثقافة العربية. يجب أن تتلقاه المستعربة الإيطالية - ترفض تسمية مستشرقة - فتواصل دورها في خدمة الثقافة العربية؟
أتصور أن جابر عصفور -المشرف علي المركز القومي للترجمة- يستطيع أن يجاوز تسلط اليمين الإيطالي. فيوفر الدعم الذي تطلبه إيزابيلا. بأن يعهد إليها ببترجمة ما اقتنعت بقيمته من إبداعاتنا العربية.
لإيزابيلا مكانة لافتة بين المستشرقين. أو المستعربين. وعلينا أن نفيد من هذه المكانة بأن نعين إيزابيلا علي أداء دورها الذي أنشئ مركز الترجمة لتحقيقه.
..............................
*المساء في 31/5/2008م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:45 PM
(6) الشخصية

بقلم: محمد جبريل
...................

الشخصية في التعريف النقدي هي مجموع مايقال عنها باللغة. الي جانب ما تقوله وتفعله. ومن الطبيعي ان الشخصية تختلف بدرجات متفاوتة باختلاف البيئة التي تنتسب اليها. بتأثير البيئة أولا. ثم بظروف المهنة والحياة الاجتماعية. فباختلاف الثقافة والاهتمامات. الفلاح نتيجة للظروف التي يحياها أكثر بساطة من العامل. الذي يتعامل مع الآلة. ومع الادارة. واسلوب التفكير يختلف عند الفلاح منه عند العامل. وهو ماتفرضه بالطبع طبيعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يحياها كل منهما. والفلاح يعاني الامية بصورة ابشع مما يعانيها العامل. وشخصية الفلاح تميل الي الحذر والتوجس والشك. بعكس العامل الذي يحيا مع زملائه في المصنع بروح الجماعة المتضامنة. تميز الشخصية الفردية هو الذي يعطي للانسان طابعه الخاص آراءه. عاداته. سلوكياته. مواقفه.. لكن الفرد لابد ان يتأثر بدرجة أو بأخري بالجماعة التي ينتمي اليها. بالاسرة. بالعائلة. بالوطن. وينعكس ذلك بالتالي في تشابه الجماعات في بعض الخصائص العامة. ان لم يكن معظمها.
الفرد اذن يختلف بصورة جذرية واساسية عن الاخرين. لكنه في الوقت نفسه يتشابه في نواح كثيرة مع الافراد الذين يشكلون مجتمعه الخاص والعام. وهذا الاتفاق الذي يشمل ملامح كثيرة تبدو مغايرة واحيانا متفقة لملامح المجتمعات الاخري. هو مايمكن ان نتناوله باعتباره التعبير عن شخصية الجماعة. أو شخصية المجتمع.
التحديد العلمي للشخصية هو انها ذلك التنظيم المتكامل من الصفات والمميزات والتركيبات والملامح الجسمية والعقلية والانفعالية والظروف البيئية التي تبدو في العلاقات الاجتماعية للفرد. والتي تميزه عن غيره من الافراد تمييزا واضحا.
السؤال الذي يطرح نفسه : هل هناك مايمكن تسميته بالشخصية المصرية فعلا؟ وهل يمكن اطلاق تسمية "الشخصية" علي شعب ما؟
أستاذنا سيد عويس يرفض التسمية في اطلاقها.. رأيه الذي يستند الي العلمية ان الشخصية للافراد. وليست للجماعات. لان الجماعة تضم افرادا متوزعي الميول والنزعات والاهواء. متغيري البيئة والتربية والثقافة. ومن ثم فإن الحكم علي الجماعة من خلال الافراد يجانبه الصواب والدقة الي حد كبير. ولعلي اوافق بدرجة ما علي هذا الرأي من خلال احكام المصريين انفسهم علي مناطقهم المحلية . فأهل دمياط علي سبيل المثال مشهورون بالحرص. بينما اهل الشرقية مشهورون بالكرم الزائد. واهل الاسكندرية يعشقون الفتونة. وهكذا.. فهل يعني هذا ان كل دمياطي هو حريص . وان كل شرقاوي مسرف في كرمه. وان كل سكندري عاشق للفتونة؟
الحكم علي الجماعة من خلال الافراد. تجانبه الدقة الي حد بعيد. فإذا أضفنا ان الحكم علي الشخصية المصرية يعني الحكم علي مجموع الافراد المصريين. والمناطق المصرية من السلوم الي شلاتين. بكل ما يشتمل عليه هؤلاء جميعا من آراء ومواقف وميول وأهواء متباينة. بدت الصفات الشخصية للشعب المصري مما يصح اطلاقه علي الشعوب الاخري. مثل الكرم والبخل والعجلة والصبر والشجاعة والخوف. الي غير ذلك من التقابلات والمتناقضات.. ذلك لان كل الشعوب تتكون من افراد. والافراد كما قلنا ليسوا أنسجة متشابهة ان لكل منهم شخصيته التي تخلقت من عوامل بيئية وثقافية واجتماعية مختلفة.
من هنا تبدو أهمية "التاريخ" للتعرف الي شخصية شعب ما. الشخصية هنا تعني المواقف المتماثلة التي تعكس بتوالي حدوثها خصائص متماثلة في هذا الشعب أو ذاك.
.............................
*المساء ـ في 29/9/2007م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:46 PM
(7) "الحدوتة" وأثرها في بناء الرواية


بقلم: محمد جبريل
.......................


علي الرغم من اختلافي مع أرنولد بنيت في رأيه. بأن أساس الرواية الجديدة هو "خلق الشخصيات. ولا شيء سوي ذلك". فلعلي أتفق تماما علي أن خلق الشخصيات دعامة أساسية في بناء الرواية. الذي يستند - بالضرورة - إلي دعامات أخري. أقواها - أو هذا هو المفروض - "الحدوتة". وإن تصور بعض الذين اقتحموا عالم الرواية الجديدة. نقاداً أو أدباء - أن الرواية ليست في حاجة إليها. وأن ما يستعين به الفنان من أدوات. يضع الحدوتة في مرتبة تالية. أو أنه يمكن الاستغناء عنها إطلاقا.
وفي تقديري أن الحدوتة هي "النطفة" التي يتخلق بها العمل الإبداعي. وأذكر أني حين عرضت - للمرة الأولي في القاهرة - مسرحية بيكيت "لعبة النهاية" أن إعجاب النقاد تركز علي خلوها من الحدوتة. وكان ذلك - في تقديرهم - هو "الجديد في الرواية الجديدة". كانت القاهرة تعاني - كعادتها - غربة حقيقية عن الواقع الثقافي المتجدد في الحياة الأوروبية. وكانت القلة تسافر وتشاهد وتقرأ. والكثرة تنتظر ما يفد - متأخراً - وتقف منه - في كل الأحوال - موقف الإعجاب. ولعلنا نذكر ما فعله الكاتب الساخر أحمد رجب. حين طلب آراء عدد من كبار مثقفينا في مسرحية من تأليفه علي أنها لدورينمات. وتباري مثقفونا في إبراز الجوانب المتفوقة في المسرحية المزعومة. وكتب الحكيم "يا طالع الشجرة" و"مصير صرصار" تأكيدا لريادته المتطورة.. وظواهر أخري كثيرة.
أقول: حين عرضت لعبة النهاية وتركز إعجاب النقاد علي خلوها من الحدوتة كان لأستاذنا نجيب محفوظ رأي آخر. ونشرت معه حوارا في جريدة "المساء" ملخصه أن العمل الفني بلا حكاية. بلا حدوتة. يصعب - مهما يتسم بالجدة - أن يسمي عملا فنيا. لأنه - حينئذ - يفتقد أهم مقوماته. واستطاع - في الحوار - أن يروي الحدوتة. الدعامة التي استند إليها بناء المسرحية.
الحكاية - كما يقول فورستر - هي العمود الفقري. ويقول هيربرت جولد: إن كاتب القصة يجب أن تكون له بالفعل قصة يحكيها. فلا يقتصر الأمر علي مجرد نثر جميل يكتبه. وقيل إن الرواية "فن درامي يقوم علي أساس الحدث". ولعلي أذكر قول تشيكوف: إن الكاتب لا يكتب قصة قصيرة إلا عندما يريد التعبير عن فكرة. حتي ألان روب جرييه يؤكد أن الروائي الحقيقي هو الذي يعرف كيف يقص الحكاية. وفي مقدمة "يا طالع الشجرة" - ذات الشكل السوريالي - كتب الحكيم: "المسرحية لابد ان تحمل معني. ولا يكفي فيها المعني الداخلي في ذات تشكيلها. ربما استطاع الشعر - خصوصا السوريالي والدادي - أن يحمل معني وجوده في ذات صياغته. ولكن المسرحية وكذلك القصة لابد أن تقول شيئا".
........................................
*المساء ـ في 20/10/2007م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:47 PM
(8) من المحرر:
دائرة الأصدقاء


بقلم: محمد جبريل
......................


لعل غاية ما يأمله المرء في علاقته بالآخرين. أن تكون دائرة الاصدقاء أكثر اتساعاً من دائرة الأعداء..
وعندي أن الحصول علي حب معظم الناس سهل. إذا حرص المرء علي حب الآخرين. أما الحصول علي حب كل الناس. فهو العنقاء التي تتحدث عنها الأساطير!..
لقد واجه الأنبياء العداء.. فما بالنا بالبشر العاديين؟..
لا أحد يحصل علي الإجماع. ثمة ناس يحبونك. وناس يضمرون - أويعلنون - نقيض الحب. قد يضمرون - أو يعلنون - الغيرة والحسد والحقد. مهما بدت آراؤك أو تصرفاتك معقولة. فإنهم ينظرون إليها بعين المساوئ. إنهم يبحثون عن العيب فيها. ومن يريد العيب فلابد أن يجده..
هل تذكر حكاية جحا وابنه وحماره؟..
عاب الناس علي الرجل سوء تربيته للابن حين ترك له الحمار يركبه. واكتفي هو بالسير. ثم عابوا عليه أنانيته لما ركب الحمار. وترك الولد يسير إلي جانبه. وعابوا عليه القسوة لأنه شارك ابنه ركوب الحمار. ثم عابوا عليه الغفلة. بعد ان اختار السير خلف الحمار!
إن مجرد عمل المرء في وظيفة أو حرفة. يضعه في كفة ميزان البشر. ثمة المؤيد والرافض. لكل أسبابه التي قد تكون مقبولة. أو أنها وليدة الغرض..
قد يجتلب النجاح في ذاته عداوات الآخرين. يضيقون بالنجاح. فيفتشون عن بواعث تحقيقه. لا يهم إن كانت تلك البواعث صادقة أو كاذبة. المهم أن يسلبوا من النجاح قيمته ودلالاته..
وحين خضع ياجو لمشاعر الحقد في نفسه. مقابلاً لذلك الشئ النبيل في عطيل. انشغل ياجو بمحاولة تلطيخ اللوحة الجميلة!..
يقول فوكنر: "إذا أردت أن تعيش آمناً من الانتقاد. فلا تقل شيئاً. ولا تكن شيئاً.. وعندها لن ينتقدك أحد!.. وهو قول يحتاج إلي مراجعة. لأنك قد تأخذ موقفاً سلبياً من الحياة تكتفي بأن يكفي خيرك شرك - كما يقول المثل - لكنك لن تأمن ملاحظات الآخرين. واتهاماتهم لك. ومشاعرهم التي تبدأ بالدهشة. وتنتهي بالكراهية!..
هامش:
من كتابات يحيي حقي: "منذ تناولت القلم في سن باكرة. وأنا ممتلئ ثورة علي الأساليب الزخرفية. متحمس أشد التحمس لاصطناع أسلوب جديد. أسميه الأسلوب العلمي. الذي يهيم أشد الهيام بالدقة والعمق. وقد أرضي أن تغفل جميع قصصي. ولكن سيحزنني أشد الحزن ألا يلتفت لهذه الدعوة".
..................................
*المساء ـ في 27/10/2007م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:48 PM
(9) الرواية والسينما


بقلم: محمد جبريل
...................


سألت نجيب محفوظ هل تكتب الرواية وعينك علي السينما؟
قال وهو يرنو إلي النيل من نافذة مكتبه بقصر عائشة فهمي: لو أن ذلك كذلك ما كتبت "الشحاذ"!
لم يكن نجيب محفوظ يتصور أن "الشحاذ" تصلح عملا سينمائيا. عبر عن الشخصيات والأحداث بفنية مضمرة. ولغة موحية. بعكس ما طالعناه في القاهرة الجديدة وخان الخليلي والثلاثية والسمان والخريف واللص والكلاب وغيرها.
لكن الشحاذ تحولت ببراعة كاتب سيناريو يجيد أصول فنه إلى إضافة مهمة للسينما المصرية.
لا صلة للرواية الجيدة بالسيناريو الجيد. والعكس صحيح. قد تتحول الرواية الجيدة إلى سيناريو رديء. وقد يحيل السيناريو الجيد قصة عادية إلى فيلم سينمائي جميل. وربما تتضافر الرواية الجيدة والسيناريو الجيد في تقديم عمل يذكره تاريخ السينما.
لا اعني افتقاد الصلة بين الرواية السردية والسيناريو السينمائي. فالأفلام الكبيرة تدين بنجاحها لأعمال روائية وقصصية، أبدعها مؤلفوها دون أن يضعوا حسابا إلا للقيمة الفنية السردية. ثم وجدت السينما في الرواية أو القصة من القيمة الدرامية ما يتيح تماهيا دراميا مطلوبا بين القصة والسيناريو.
ثمة من يجدون في الرواج الذي تحققه أفلام السينما. والعائد الذي تدره القصص المكتوبة دافعا لان يتجهوا بأعمالهم إلى مشاهد السينما بأكثر من أن تتجه إلى قارئ العمل الأدبي. فهم يذكروننا بمثل الغراب الذي أراد أن يقلد في سيره مشية الطاووس!
لا بأس أن يفيد العمل الأدبي من تقنية السيناريو السينمائي: الفلاش باك. التقطيع. المزج. وغيرها وبديهي أن تعتمد السينما علي قصة. أو حكاية تكون محورا لأحداثها. فلا نبتلي بأفلام يدخل فنانوها وفنيوها الأستديوهات كما يحدث الآن ليصنعوا أي شيء بلا فكرة ولا رابط مجرد صور متتالية تعاني السذاجة والسخف!
لكي تجاوز السينما المصرية مأزقا مستمرا. تعانيه منذ سنوات. فإنها لابد أن تنتج أفلاما في مستوي دعاء الكروان وبداية ونهاية وفي بيتنا رجل والبوسطجي والسقا مات والحرام واللص والكلاب والحفيد والطوق والإسورة وغيرها. وهي أفلام مأخوذة كما نعرف من أعمال أدبية وفي المقابل فان علي الروائيين وكتاب القصة أن يخلصوا للعمل الأدبي وحده. بعيدا عن مغريات السينما المادية والدعائية. وألا تكررت مأساة الغراب الذي لم يحسن مشيته الحقيقية. ولا أحسن التقليد!
هامش :
قول حكيم : عندما تبلغ البحر. فما حاجتك للحديث عن الروافد؟
.................................
*المساء ـ في 10/11/2007م

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 07:49 PM
(10) كتابات الرواد. .. المجهولة


بقلم: محمد جبريل
.......................


أثار الصديق الناقد نبيل فرج في جريدة "القاهرة" قضية المقالات التي لا يعني أصحابها من الأدباء الكبار -في حياتهم- بتجميعها في كتب. فلا تجد -بعد الرحيل- من يعني بعملية الجمع يقتصر مراجعوها علي الدارسين. علي الرغم من أهميتها في التعبير عن فترات تاريخية. أو قضايا فكرية وإبداعية.
أذكر أني وجدت في إشرافي علي كتب دوري فرصة لتجميع الكثير من المقالات التي أهمل أصحابها من كبار المفكرين والأدباء ضمها في كتاب جمعت ذكريات فتحي رضوان مع جمال عبدالناصر التي نشرها في مجلة خليجية. وحين استأذنت رضوان في إصدارها في كتاب بالاسم الذي اختاره لها وهو "72 شهرا مع عبدالناصر". صارحني الرجل أنه قد نسي هذه المقالات تماما. وأحدثت الذكريات -عند صدورها- ردود أفعال لافتة. وأصدر كتاب الهلال طبعة ثانية. أضفت إليها مقالة عن علاقة عبدالناصر بعمه خليل لم أكن فطنت إلي وجودها بين أوراقي.
الشيء نفسه حدث مع عبدالفتاح أبوالفضل نائب رئيس المخابرات الأسبق. من بين آلاف الأوراق التي وضعها أمامي. اخترت مادة كتابه "كنت نائبا لرئيس المخابرات" وعهدت إلي الأديب الراحل الداخلي طه بإعادة صياغة بعض خطب الجمعة التي ألقاها -شفاهة بالعامية- الإمام الشعراوي. وضمنتها كتابا بعنوان "هذا هو الإسلام".
اتصلت بأحمد بهاء الدين أطلب مقالاته في مجلة "المستقبل" الباريسية. رحب بالفكرة. لكنه فضل أن ينشر المقالات بواسطة ناشره.
وطلب يوسف إدريس أن اتصل به قبل أسبوعين من مكالمتنا الهاتفية. حتي ينتهي من إعداد كتاب -تنقصه بعض اللمسات- عن علاقته بثورة يوليو وبتحمسه المعروف روي لي إدريس -عبر الهاتف- ما تتضمنه فصول الكتاب الذي انتهي -كما قال- من وضعه وحين اتصلت به فاجأني بأنه نسي الأمر تماما وأدركت أنه لم يكن قد ألف الكتاب. وأنه اكتفي بالرواية الشفهية دليلي أنه لم يصدر للرجل -حتي الآن- ما يشي بهذا الكتاب!
زرت عبدالرحمن الشرقاوي في "الأهرام" أبدي تحمسه للفكرة. ووعد أن يضع في يدي ما صدر له من مقالات. لتصنيفها وإصدارها في أكثر من كتاب كان يعاني مرضا ألزمه مد قدمه -معتذرًا- علي كرسي مقابل واتصل بي الشرقاوي ذات مساء. يبلغني أنه يعد نفسه إلي الخارج. ووحددنا موعدًا يسلمني فيه -عقب العودة- مقالاته المنشورة في الصحف لكن الشرقاوي عاد إلي مصر دون أن تزايله تأثيرات المرض. ثم ماتت الفكرة بموت الشرقاوي.
ظني أن الاجتهادات الببليوجرافية يجب ألا تقتصر جدواها علي الدارسين. فلابد من إصدارها في كتب ولعلي أجد في مقالات المازني -له مقالات كثيرة لم تصدر في كتب- والزيات وشكري وأحمد عباس صالح ونعمان عاشور وغيرهم. كنوزًا ثقافية. من المهم أن تطالع القاريء في تعدد مستوياته الثقافية.
أعرف أن هيئاتنا الثقافية التابعة للدولة تعاني في اختيار ما تدير به مطابعها ومن المؤكد أن هذه الكتابات الريادية تمثل ملمحًا مهمًا في وجه ثقافتنا المعاصرة.
.................................................
*المساء ـ في 24/11/2007م.

د. حسين علي محمد
16-05-2009, 08:16 PM
الروائي محمد جبريل
...................

*محمد لطفي جبريل.
*روائي وقاص.
*من مواليد الإسكندرية 1938م.
*خريج قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب ـ جامعة الإسكندرية 1959م.
*عمل فور تخرجه بصحيفة الجمهورية، ثم المساء (دار التحرير للطبع والنشر).
*أنجزت عنه خمس رسائل ماجستير ودكتوراه.
*درست قصصه في عدد من الجامعات العربية.

مؤلفات محمد جبريل:
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

1 ـ تلك اللحظة ( مجموعة قصصية ) 1970 ـ نفد
2 ـ الأسوار ( رواية ) 1972 هيئة الكتاب ـ الطبعة الثانية 1999 مكتبة مصر
3 ـ مصر فى قصص كتابها المعاصرين ( دراسة ) الكتاب الحائز على جائزة الدولة ـ 1973 هيئة الكتاب
4 ـ انعكاسات الأيام العصيبة ( مجموعة قصصية ) 1981 مكتبة مصر ـ ترجمت بعض قصصها إلى الفرنسية
5 ـ إمام آخر الزمان ( رواية ) الطبعة الأولى 1984 مكتبة مصر ـ الطبعة الثانية 1999 دار الوفاء لدنيا الطباعة بالإسكندرية
6 ـ مصر .. من يريدها بسوء ( مقالات ) 1986 دار الحرية
7 ـ هل ( مجموعة قصصية ) 1987 هيئة الكتاب ـ ترجمت بعض قصصها إلى الإنجليزية والماليزية
8 ـ من أوراق أبى الطيب المتنبى ( رواية ) الطبعة الأولى 1988 هيئة الكتاب ـ الطبعة الثانية 1995 مكتبة مصر
9 ـ قاضى البهار ينزل البحر ( رواية ) 1989 هيئة الكتاب
10 ـ الصهبة ( رواية ) 1990 هيئة الكتاب
11 ـ قلعة الجبل ( رواية ) 1991 روايات الهلال
12 ـ النظر إلى أسفل ( رواية ) 1992 ـ هيئة الكتاب
13 ـ الخليج ( رواية ) 1993 هيئة الكتاب
14 ـ نجيب محفوظ .. صداقة جيلين ( دراسة ) 1993 هيئة قصور الثقافة
15 ـ اعترافات سيد القرية ( رواية ) 1994 روايات الهلال
16 ـ السحار .. رحلة إلى السيرة النبوية ( دراسة ) 1995 مكتبة مصر
17 ـ آباء الستينيات .. جيل لجنة النشر للجامعيين ( دراسة ) 1995 مكتبة مصر
18 ـ قراءة فى شخصيات مصرية ( مقالات ) 1995 هيئة قصور الثقافة
19 ـ زهرة الصباح ( رواية ) 1995 هيئة الكتاب
20 ـ الشاطئ الآخر ( رواية ) 1996 مكتبة مصر ـ ترجمت إلى الإنجليزية ـ الطبعة الثالثة 2002 هيئة الكتاب
21 ـ حكايات وهوامش من حياة المبتلى ( مجموعة قصصية ) 1996 هيئة قصور الثقافة
22 ـ سوق العيد ( مجموعة قصصية ) 1997 هيئة الكتاب
23 ـ انفراجة الباب ( مجموعة قصصية ) 1997 هيئة الكتاب ـ ترجمت بعض قصصها إلى الماليزية
24 ـ أبو العباس ـ رباعية بحرى ( رواية ) 1997 مكتبة مصر
25 ـ ياقوت العرش ـ رباعية بحرى ( رواية ) 1997 مكتبة مصر
26 ـ البوصيرى ـ رباعية بحرى ( رواية ) 1998 مكتبة مصر
27 ـ على تمراز ـ رباعية بحرى ( رواية ) 1998 مكتبة مصر
28 ـ بوح الأسرار ( رواية ) 1999 روايات الهلال
29 ـ مصر المكان ( دراسة فى القصة والرواية ) 1998 هيئة قصور الثقافة ـ الطبعة الثانية 2000 ـ المجلس الأعلى للثقافة
30 ـ حكايات عن جزيرة فاروس ( سيرة ذاتية ) 1998 دار الوفاء لدنيا الطباعة بالإسكندرية
31 ـ الحياة ثانية ( رواية تسجيلية ) 1999 ـ دار الوفاء لدنيا الطباعة بالإسكندرية
32 ـ حارة اليهود ( مختارات قصصية ) 1999 ـ هيئة قصور الثقافة
33 ـ رسالة السهم الذى لا يخطئ ( مجموعة قصصية ) 2000 ـ مكتبة مصر
34 ـ المينا الشرقية ( رواية ) 2000 ـ مركز الحضارة العربية
35 ـ مد الموج ـ تبقيعات نثرية ( رواية ) 2000 ـ مركز الحضارة العربية
36 ـ البطل فى الوجدان الشعبى المصرى ( دراسة ) 2000ـ هيئة قصور الثقافة
37 ـ نجم وحيد فى الأفق ( رواية ) 2001 ـ مكتبة مصر
38 ـ زمان الوصل ( رواية ) 2002 ـ مكتبة مصر
39 ـ موت قارع الأجراس ( مجموعة قصصية ) 2002 ـ هيئة قصور الثقافة
40 ـ ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله ( رواية ) 2003 ـ روايات الهلال.
41 ـ زوينة ( رواية ) 2004 ـ الكتاب الفضى.
42 ـ حكايات الفصول الأربعة ( رواية ) 2004 ـ دار البستانى.
43 ـ صيد العصارى ( رواية ) 2004 ـ دار البستانى.
44 ـ غواية الإسكندر ( رواية ) 2005 ـ روايات الهلال.
45 ـ الجودرية ( رواية ) 2005 ـ المجلس الأعلى للثقافة.
46 ـ رجال الظل ( رواية ) 2005 ـ دار البستاني.

***

كتب عن محمد جبريل:
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

1-الفن القصصى عند محمد جبريل ـ مجموعة من الباحثين ـ مكتب منيرفا بالزقازيق.
2-دراسات فى أدب محمد جبريل ـ مجموعة من الباحثين ـ مكتب منيرفا بالزقازيق.
3-صورة البطل المطارد فى روايات محمد جبريل ـ حسين على محمد ( دكتور ) ـ دار الوفاء بالإسكندرية.
4-فسيفساء نقدية : تأملات فى العالم الروائى لمحمد جبريل ـ ماهر شفيق فريد ( دكتور ) ـ دار الوفاء بالإسكندرية.
5-محمد جبريل .. موال سكندرى ـ فريد معوض وآخرين ـ كتاب سمول.
6-استلهام التراث فى روايات محمد جبريل ـ سعيد الطواب ( دكتور ) 1999 دار السندباد للنشر.
7-تجربة القصة القصيرة فى أدب محمد جبريل ـ حسين على محمد ( دكتور ) 2001 كلية اللغة العربية بالمنصورة ـ الطبعة الثانية 2004 ـ أصوات معاصرة
8-فلسفة الحياة والموت فى رواية الحياة ثانية ـ نعيمة فرطاس ـ 2001 ـ أصوات معاصرة
9-روائى من بحرى ـ حسنى سيد لبيب ـ 2001 ـ هيئة قصور الثقافة.
10-محمد جبريل: مصر التى فى خاطره ـ حسن حامد ـ 2002 ـ أصوات معاصرة.
11-سيميائية العقد فى رواية النظر إلى أسفل ـ عبد الرحمان تبرماسين ، العطرة بن دادة ـ2004 ـ أصوات معاصرة.
12-التراث والبناء الفنى فى أعمال محمد جبريل الروائية ـ سمية الشوابكة 2004 ـ هيئة قصور الثقافة.
13-المنظور الحكائي في روايات محمد جبريل ـ محمد زيدان (دكتور) ـ 2005 ـ أصوات معاصرة.