المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناضل تحت الطلب ..... قصة بقلم بوفاتح سبقاق



بوفاتح سبقاق
17-12-2008, 09:21 PM
- يا عزيزي ، لا يوجد أي تنظيم يتحرك من أجل أهداف نبيلة ..
- و كيف السبيل الى ركوب الموجة الجديدة ؟
- إبحث عن شعب في دولة ما ، لم تنشئ من أجله لجنة مساندة و هكذا ستحقق أرباح طائلة تفوق تلك التي تجنيها من عملك في بناء العمارات التي تنهار من حين لآخر على ساكنيها .
- و الكارثة التي أحدثتها العام الماضي بمنتوجاتك الغدائية الفاسدة ، هل نسيتها يا عبقري زمانه ؟
- مجرد إشاعات و أقوال جرائد ، و التحقيق لم يثبت شيئا .

خرج السيد منير من مكتب زميله في النضال ، أصبح مقتنعا أكثر بجدوى فكرته ، إنشاء جمعية من أجل إستعمالها كسلم للإنتقال الى الطبقة المخملية
لديه المال و المعارف و مستوى تعليمي مقبول يسمح له بالتفريق بين الذي و التي .
قضى صاحبنا أياما و هو يعد الوثائق الضرورية من أجل وضع الملف لدى الجهات المختصة ، و لم يفكر بتسمية الجمعية أو أهدافها تاركا الأمر الى آخر لحظة ، و في آخر جولاته توجه الى المحكمة .
- مرحبا هل من خدمة ؟
- جئت من أجل إستلام بطاقة السوابق القضائية ، لقد دفعت الوثائق اللازمة أمس .
- إنتظر هنا لحظات ، سوف أحضرها لك من المكتب المجاور .

جلس السيد منير في مكانه فخورا بهذا الموظف الرائع الذي تكفل بطلبه
رجل أعمال كبير في هذه المدينة الصغيرة ، يكون حتما محط إهتمام الجميع ...
أخذ يتأمل مرتادي المكان، هذه إمرأة تحمل في ملامحها قهر الأيام و ظلم الرجال، ربما هي ضحية رجل متعسف ، و هذا شيخ طاعن في السن ينتقل من موظف لآخر ، يبدو من خلاله حديثه معهم بأنه من عشاق
القضايا و المحاكم و يفضل دائما عدم صدور الأحكام القضائية النهائية
حتى يضمن مبرر بقاءه في الحياة .
مازال ينتظر إستلام بطاقة السوابق القضائية التي ستصدر بدون شك بيضاء
ناصعة ، تعكس مدى إحترامه للبلاد و العباد .
الوثيقة مطلوبة في ملف الإعتماد و لن يبق له سوى التفكير في أهداف الجمعية و تسميتها .
لقد إشتغل في كل الميادين و حقق نجاحات مالية كبيرة على كل الأصعدة
و لكنه كمناضل يتماشى مع مستجدات العولمة ، لن يجد صعوبة في إبراز قدارته النضالية التي لا يشك فيها أحد .
جمعية مساندة الشعب الفلسطيني موجودة منذ سنوات ، كل الشعوب العربية المقهورة تأسست من أجلها لجان مساندة ، الشعب العراقي تم التكفل بقضيته من طرف بعض المتسلقين ، و صاحبنا كمتسلق جديد لم يجد شعبا في هذا الكون بحاجة الى مساعدته .
دخل أعوان الشرطة يجرون شابا نحو قاعة المحكمة ، في ظل هذه الأزمة الإقتصادية الخانقة ، أضحى السطو على أملاك الآخرين هو السبيل الوحيد للعيش .
و فجأة سطعت في ذهنه فكرة رائعة ، نعم وجدها ، الشعب الصومالي بحاجة الى لجنة مساندة ، فالصومال دولة عربية و إن تجاهل الكثيرون ذالك لم يسبق له أن سمع خبر يتحدث عن لجنة مساندة الشعب الصومالي إنها جمعيته التي سوف ترى النور بعد أيام ، كيف غاب عن ذهنه هذا الشعب المسكين ؟
و فيما كان منشغل بمهامه المستقبلية و قف أمامه الموظف السابق عابسا
ينظر إليه بطريقة قاسية ، لا تدل على أنه يعرف السيد منير ، في حين وقف شرطيان متأهبان على جانبيه .
- لقد صدر في حقك حكم قضائي غيابي .
صعق منير في مكانه لهول المفاجأة ..
- لابد و أن هناك خطأ ما أو تشابه أسماء ..
- كل بياناتك عندنا لقد أصدرت شيك بدون رصيد أيها المقاول الهارب من العدالة ... هيا خذوه ..
بدت علامات الخوف و القلق على وجهه و نهض معهم و أدرك بأنه وقع في شر أعماله ، هل يخبرهم بأنه رئيس لجنة مساندة الشعب الصومالي التي لم تنشأ بعد ؟
ما إن ركب سيارة الشرطة حتى تمنى أن ينشأ المواطنون النزهاء في هذه
البلاد لجنة لمساندة قضيته ، لكنه سرعان ما أدرك بأنه لا يملك رصيد في قلوب الناس و لا رصيد في البنك .
__________________

سعيدة الهاشمي
18-12-2008, 04:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أرى بأن نصوصك تحمل دوما قضية وهم واقع معاش تعبر عنه كلماتك أخي بوفاتح،

وقع في شر أعماله، لكل بداية نهاية وهذه كانت نهايته، التي ذهب إليها بكامل إرادته وبرجليه،

أراد أن يتسلق سلما للارتقاء إلى الطبقة المخملية لكنه أخذ آخرا للسجن.

فليجد جمعية تدافع عنه الآن.

تحيتي ومودتي.

بوفاتح سبقاق
18-12-2008, 04:19 PM
سلامي و تحياتي
مهمتي دوما كشف زيف الحقائق
تقديري

ربيحة الرفاعي
08-05-2014, 12:18 AM
الوصوليون الانتهازيون الأوغاد
يعتمدون أكتاف الوجع الإنساني سلما لارتقائهم مستهينين بكل نبيل وككل جليل

قصة عرت من الواقع صفحة موجعة في سرد قصي طيب

دمت بخير

تحاياي

نداء غريب صبري
29-08-2014, 11:32 PM
قصة جميلة تصف فساد الفكر والتقييم الذي وصلت إليه الجماهير

أعجبتني قصتك

شكرا لك اخي

بوركت

د. سمير العمري
01-11-2014, 09:21 AM
هذه قصة كاشفة للحالة التي وصل إليها الفساد في جميع البلاد ، والمؤسف المؤلم أن الشعوب لا تزال تسلم قيادها لهذه الطبقة الفاسدة وتحركها الشعارات الفارغة والأخبار الملفقة والمكذوبة.

نص هادف راصد الحالة وانتهى بما لا تنتهي به الأمور في واقع الحال للأسف.

تقديري

علاء الدين حسو
01-11-2014, 05:06 PM
هذه هي النهاية الحتمية للنقاق ، والتسلق فوق رقبة العباد للوصول الى المصلحة الشخصية ، وهذا هو الفن الحقيقي الفاضخ له لهذا الزيف، فمنير (قهرمان) القصة ، لم تنفعه محاولاته في التستر على جرائمه ، فوقع جراء جشعه، وأمله الواهم بالخلاص، لم تكن النهاية كجزاء انساني كافية ،كانت العقوبة الروحية المتمثلة بالندم اقسى واقوى ، وهنا جمال القصة ، وهدفها النبيل، ولعل هذا ما كان توحي اليه عبارة سارتر (ليس في الجحيم ضحايا ابرياء ولا مذنبين ابراء) ..

ناديه محمد الجابي
09-09-2025, 06:27 PM
قصة واقعية لانتهازي وصولي في نص هادف واصف للفساد المستشري
في قصة قوية الفكرة ، صادقة المضمون، عميقة العنى.
دمت بكل خير.
:001::001: