تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخنساء تموتُ من جديد؟!



مردوك الشامي
25-01-2009, 08:56 PM
على حاجز طيّار، أوقفوها بتهمة تهرب القصائد إلى الإرهابيين!..
أسندوها إلى الجدار،.. فتشوا حقائبها، لم يجدوا سوى مصحف وأوراق بيضاء وقلم رصاص!..
فتشوا ثوبها، لم يجدوا سوى رائحة عرقها لأنها كانت تحاول قطع الحدود سيراً على الأقدام!.
فتشوا كعب حذائها،.. كان عالقاً عليه جزءاً من طين الأرض!..
صفعها الرجل المقطب الحاجبين:
- اعترفي يا امرأة..
بأي شيء أعترف، أجابته..
- اعترفي إنك إرهابية، وأن لكِ ولدين يقاتلان هناك ضد الديمقراطية والحرية والعولمة..
ضحكت..
- لي عشرة أولاد هناك... لي عشرون،.. خمسون..
ضحكت أكثر: كلهم أولادي،.. مع أنني لم ألد واحداً منهم ذات يوم،.. أولادي منذ زمانٍ بعيد استشهدوا، قبل مولدك أنتَ وديمقراطيتك الحمقاء..
- صفعها ثانية..
- أين خبأت قصائدك، أين؟!
ضحكت من جديد وهي تصرخ في وجهه وفمها مليء بالدم:
- القصائد لا تخبأ أبداً،.. هي عصفور خارج أقفاصكم القذرة.
- تجمعوا حولها،.. مارسوا وحشيتهم،.. نزعوا غطاء رأسها،.. شقوا جلبابها الأسود،.. خمشوا وجهها العجوز المضيء،.. انتزعوا أظافرها..
صرخت بأعلى صوتها:
- يا صخر.. يا طلاع ألويةٍ،..
يا صخر..
ضحك قائد المجموعة،.. هاتوا لها حجرة.. فجأة همست وهي تنظر إليه..
- ألا تعرف صخراً..
كيف ستعرفه وأنت وأمثالك من كرتون فارغ.. كيف ستعرف الفارس وأنت مجرد مخصي تابع لمخصي..
لكمها بقوة،.. لم تترنحْ،.. كان رأسها مرفوعاً،.. وبقي مرفوعاً حتى وهي تهوي بعد أن أفرغ في رأسها العالي طلقات مسدسه المستعار،.. شهداء كثيرون خرجوا من الرمل..
اقتربوا بهدوء،.. الحاجز الطيار،.. طار هارباً،.. الضابط تعثر في ظلّه،.. العسكر انكسرت هاماتهم على الأرض..
الشهداء اقتربوا،.. تجمعوا، حملوها على عرش أكفهم..
الخنساء المسكينة، كيف خرجت من قصيدتها إلى عصرنا،.. من أخبرها أن هذا الزمان يعرف الشعراء،.. من قال لها أن القصائد لا تزال تحرض على الثورة،..
ساروا بها،.. أولادها الأربع حملوها، وشاركهم الجميع،.. توجهوا صوب الوطن..
الوطن محفور،.. ومفتوح لاستقبال جثمانها.. كانوا يعرفون جيداً، إن الأوطان بلا قصائد،.. مجرد مقبرة!..

هشام عزاس
25-01-2009, 09:36 PM
الفاضل / مردوك الشامي

في اعتقادي أن النص عبارة عن قصة قصيرة سيقت في أسلوب جميل و خاص , معتمدة الرمز التاريخي في صورة الخنساء و جهاد أبناءها الأربعة و كأنها اسقاط تاريخي ( إن صح التعبير ) و أن الخنساء بقصائدها و سيرتها امرأة تتجدد في كل زمن / قصيدة تتجلى معانيها المسافرة عبر الزمن و تتجسدُ عند كل حدث بطولي .
هذه المعاني جعلت الخنساء تتجسد اليوم لتبرهن أنها ما ماتت و لن تموت و أن الدم الذي يجري في عروق العروبة هو الدم نفسه حتى و إن جمدته العروق التي تنكرت لعروبتها الأصيلة .

النص جميل و يحمل دلالات كثيرة و أهمها الاستمرارية ...

بارك الله فيك ...

وفاء شوكت خضر
26-01-2009, 10:39 PM
لكل عصر خنساؤه ..
لكن غزة ..
كل نسائها الخنساء ..

نص أقرب للقصة ، وأديب مثلك يعرف ما يكتب ..
رغم كل شيء هي رمزية أتت بشكل معبر وقوي ..

لك التحية ..

مردوك الشامي
28-01-2009, 06:23 PM
أخي هشام
لافرق بين قصة وخاطرة وقصيدة ، طالما نحن نوظف الأدب خادما في بلاط الحقيقة .
شكرا لمرورك الكريم ونبضك الرائع.
محبتي

شيماء وفا
18-03-2009, 04:16 PM
جبناء هم كعادتهم , وشامخة هي مرفوعة الرأس دائما , جاءت الخنساء خرجت من قصيدتها كي تحرض النائمين خلف الحرف المطعون كي توقظ من استكان آه على زمن ضاع ليته يعود
أستاذي العزيز
كثيرا مايتحرك القلم ليبرز مشاعرنا ليقتل العدو وبرغم ذلك أحيانا يقف الحرف عاجز أمام شجاعتها
خالص تحياتي

مردوك الشامي
18-03-2009, 04:29 PM
الأخت شيماء
لك الشكر كله على مرورك المعبر الكريم .
تقديري

محمود فرحان حمادي
25-11-2010, 09:56 PM
متألق هذا النص
بمفردته الشامخة البديعة
حمل في طياته جمال الأداء الفني
وروعة الصور الآسرة
جمعت الماضي السامق بالحاضر المترقب فجر لخلاص
بوركت المشاعر
تحياتي

محمد ذيب سليمان
29-11-2010, 06:58 PM
نص متألق يحمل الهم الكبير بين حروفه بر مزية
عالية ولكنها في متناول الجميع
شكرا على هذا النص الناصع

ربيحة الرفاعي
08-12-2010, 06:48 PM
نص باذخ الحرف عميق الاسقاط شامخ بمفردته وحسه، وبجمالية هذا الاستدعاء لسمو الخنساء معنى وتاريخا تجلت حكمة الكاتب وتألقت رسالته ...
تصاعدت حدة المشهد بتتابع الصور حتى انغرس النص في الأروح

دمت مبدعا

كاملة بدارنه
19-09-2013, 05:42 PM
نصّ رائع فكرة ولغة ... ذو دلالات وإسقاطات عديدة
سلم القلم ..
بوركت
تقديري وتحيّتي

أحمد الأستاذ
17-12-2013, 05:29 PM
الخنساء موجودة في كل زمانٍ, نص متين مبنى ومعنى, رائع الفكر, وجهت الرسالة باحترافية فاخترقت حواجز الصمت,
أخي الأديب الشاعر, مردوك الشامي
دمت بخير
تحيتي

د. سمير العمري
31-07-2019, 12:16 AM
هذا نص أدبي فاره من أديب كبير يعرف قيمة الحرف. وهذا نص ينكأ جرح الأمة ويرصد معالم الصدع ويشخص مواضع الوجع.
هو نص يستحق أن يقرأ وأن يثنى عليه بما حمل من رمزية وعمق وبما ساق من إسقاطات وانزياحات وأقول لك وصلت الرسالة ايها الأديب الكبير!
خير للأمة أن تموت أبية عصية واقفة كالخنساء من أن تعيش راتعة في عشب الذل كالبهائم!
دمت بخير وعافية!

تقديري

ناديه محمد الجابي
10-09-2024, 12:50 PM
تتجدد الخنساء في كل عصر
وفي غزة .. كل النساء الخنساء
بالشموخ والرأس المرفوع والعزة
نص أدبي عميق، بليغ الكلمة، سامي البيان، بديع الصور
مهارة بارعة في الصياغة حلق معها النص برمزية عالية وعمق
وحلق التعبير بأزاهير مضيئة بروعة الحس.
دام التألق والإبداع.
:0014::0014::0014: