معروف محمد آل جلول
07-02-2009, 01:45 PM
الشاعر قمّة فكرية في بيئته..
الناطق الرسمي في مجتمعه؛مهما عبّر عن ذاته..
القلب النابض في جسد الأمة ..
والروح الشفافة المُفْصِحة عن قضايا زمانه..
الفاحصة لخبايا واقعه..
أدرك أم لم يدرك..
فـهل فلسطين هي عِلّة الأمة ..؟ هل هي باعث الغمّة..؟هل هي القلب المتوجِّع الفاجع..؟وهل تداعت له سائر الأعضاء بالسّهر والحمّى..؟
ما الذي يدلّ أن الجسد تفاعل مع ألم القلب..؟
حياة الجسد وألمه يترجمه الأدب ؛شعرا ونثرا..
لكنك في الأدب العربي لاتكاد تجد كلّ الجسد متألِّما ؟ تجد أعضاء ميتة ؛غير مكترثة؛ويمثلها أولئك الذين لم تسجِّل منتوجاتهم الحضرة الفلسطينية ..
وتجد أولئك المهووسين بالقضية..لايفارقهم الهاجس ..طيف يلاحقهم ؛مهما تغافوا عنه؛فـ هو حاضر ؛ويخزهم وخزا؛فـ تسجل فلسطين حضورها إيحائيا مهما حاولوا التخلص..تكثر أحزانهم لما يرونه من اهتراء في الصف العربي الإسلامي ..وترهل رؤية ..وفوضى واقع أليم ..ولكنهم يبعثون الأمل ..وينفخون التفاؤل..ويشحذون الهمم ..ويُلْهِبون المشاعر حماسة..والعقول وعيا..فـما جفّت لهم قرائح..وما تقيدت سجايا..وما وهنوا..وما استكانوا..
لذا لا غرابة أن تجسد منتوجاتهم الحزن والألم ..إنه قلب الأمة يتألم ..فـمن أين تأتي الراحة والسكينة..؟؟
في خضم زخم هذا الضمير الحي ..والعزيمة المتّقدة ؛والنفسية المُرْهفة ؛ والمشاعر الرقيقة ؛ والروح الطاهرة ..تنبعث أشعار الأستاذ عبد القادر رابحي الكبير بشعره.. من خلال ما سنراه..
يقول في قصيدته الآسرة // بكائية امرئ الجرح الأخيرة//..
ليتني كنت في جوارك طفلا ـ ـ يتحدى مالم يقله المشيب
ليتني كنت في ظلامك فجرا ـ ـ يتصدى لما جناه المغيب
ليتني كنت في رمادك جمرا ـ يحرق القلب كي تثور القلوب
أو نهارا في مقلتيك تعرى ـ ـ أو سوارا..في مِعْصميك يذوب
أو فراتا يعيد قدسا سليبا ـ ـ فيغني..هذا الفرات السليب..
فـهو لايهمل العراق الجريح ..مما يؤكد انشغاله بكل قضايا الأمة ..
إنك تجد الهواء الذي تتنفسه كلماته؛مشحون بالْهَمِّ الفلسطيني وكأنها قضية يعيش بها ولها ..أيحائية متكاملة عبر القصيدة الشعرية ..كلها تشكل استعارة كبرى ؛يكتنفها الغموض الفني ..وهنا روعة الشاعر..وإذا به يختزل في باطن شعوره مُدركات القضية بكل أبعادها ..حتى شكّلت فضاءه الشعري؛وطغت عليه..وطفحت على ساحته؛مهما حاول التجرّد منها ..لايتخلّص..
لنلاحظ هذا الجمال الباهر في قصيدته//السفينة والجدار// ..
بنوا من طين غفْلتنا بروجا ـ ـ وفي علياء محنتنا تباروا
وباعوا في المزاد دما عزيزا ـ ببخس الأمنيات ..وما أجاروا
وساروا في دروب التيه دهراـ ـ على الأشلاء ..فـانتصر الدمار
وتجار بأشلاء الصباياـ ـ وثوار..وليس لهم قرار
فشق طريق مجدك للثرياـ ـ ودُمْ في العز ما بقي الحصار
فـهو ملتزم ؛حامل رسالة في الوجود..وما يُغري المُتلقّي بتتبع نبضاته الشعرية الأخّاذة ..هو درر قصائده التي تلمع في بُعْدها الماورائي بفكر ثاقب؛حصيف؛ثابت؛أصيل..ومشاع ر فياضة ؛دافقة لاينضب لها مَعين..ولاتقف عندها قراءة واحدة..حيث تنساق الألفاظ انسياقا..فهو مطبوع ..لااصطناع يخْدش المعنى ؛ولاوزن يقف عائقا ..سواء أقرأت التفعيلة أم العمودي..
لنلاحظ أحدى روائعه الخالدة بعنوان // مثلما كنت صبيا// ..
مثلما لازلت
في أصقاع هذا الكون
مفتونا بظل هارب من غِبْطة المنفى..
حري بالتي تنساك
أن تنساك..
هذه الأرض التي تنعاك
هذا المنتهى..
إنك تحاول أن تتلمس فضاءه الفلسفي..فـلا تجد إلا التصور الإسلامي..تلتقي عنده عميق الفكرة بمنتهيات أبعادها الإسلامية ؛بتلك الصورة الجمالية الفنية الكلية..
فـتتشكل اللوحة التصويرية الباذخة في المُخيّلة ..فـإذا بمشهد سينمائي ؛متكامل الأجزاء؛متآلف التفاصيل ؛متنافر الأبعاد أحيانا؛يصطف أمامك بألوانه الزاهية البرّاقة..
ليشكل الانطباع العام؛ في خيط متين رفيع ؛مُحْكم النسيج واللُّحْمة فـ تُساعدك الوحدة العضوية على تشكيل الصورة ..ويتّسق الجمال مع الفكرة ؛وينسجم الشكل مع المضمون..
لنواصل نفس القصيدة..
هل أصغيت للأرض التي غادرتها منذ انغلاق المعبر
المعقوف في سبابة السياسة ؟
وهاهوذا يساير وقع الحياة اليومية ؛فـيسجل حضوره الآني ؛الدائم ..لنثبت ما ذكرناه سابقا..
تكبر الأوطان في أغنية رددها المذياع في ليلة شوق
لم تمت بين يديك ..
وحري بك أن تسألها عن برتقال الحب في يافا
هاهي الآن تناديك بأعلى حزنها :
لاتبتعد عني كثيرا
كن بقربي
مثلما كنت صبيا
مثلما لازلت.
ولمّا تناول ـ عبر معظم أشعاره ـ قضية عادلة ؛وحاول أن يغرسها في ذهن المتلقي غرسا..جاز أن ندرج أشعاره في أدب المقاومة..
ولمّا التقت الفكرة النورانية ؛النابعة من صميم التصور الإسلامي؛مع جمالية شاعرية فنية ؛بألق صورها ..وحسن صياغة تراكيبها ؛وبراعة تخطيط وحبْك بنائها..
فـهو ضمن قائمة الأدب الإسلامي ..رسالة جادة ..رسالة خالدة بخلود أفكارها ..
أخيرا حياة الأمم تقاس بحياة مبدعيها ..وشعراؤنا أحياء يرزقون..على ربهم متوكلون..
ملاحظة:ـ هناك شعراء في الواحة كثر ؛تستحق أشعارهم القراءة ..أمثال د/ سمير العمري..الشاعر المجيد جلال الصقر..وغيرها..كم يسعدنا أن يتكرم إخواننا بقراءات مقاربة لهذا الزخم الشعري الثوري..ريثما نتجرّد لهم ..
ـ الأستاذ عبد القادر رابحي أكبر من المدخل العام البسيط..هناك قصائد له عالقة في القلب..لابد من دراستها ـ مستقبلا ـ وكشف لآلئها ودُررها..
ـ الإبداع الأدبي الجيد..تنصِفه الدراسة الجادة.
الناطق الرسمي في مجتمعه؛مهما عبّر عن ذاته..
القلب النابض في جسد الأمة ..
والروح الشفافة المُفْصِحة عن قضايا زمانه..
الفاحصة لخبايا واقعه..
أدرك أم لم يدرك..
فـهل فلسطين هي عِلّة الأمة ..؟ هل هي باعث الغمّة..؟هل هي القلب المتوجِّع الفاجع..؟وهل تداعت له سائر الأعضاء بالسّهر والحمّى..؟
ما الذي يدلّ أن الجسد تفاعل مع ألم القلب..؟
حياة الجسد وألمه يترجمه الأدب ؛شعرا ونثرا..
لكنك في الأدب العربي لاتكاد تجد كلّ الجسد متألِّما ؟ تجد أعضاء ميتة ؛غير مكترثة؛ويمثلها أولئك الذين لم تسجِّل منتوجاتهم الحضرة الفلسطينية ..
وتجد أولئك المهووسين بالقضية..لايفارقهم الهاجس ..طيف يلاحقهم ؛مهما تغافوا عنه؛فـ هو حاضر ؛ويخزهم وخزا؛فـ تسجل فلسطين حضورها إيحائيا مهما حاولوا التخلص..تكثر أحزانهم لما يرونه من اهتراء في الصف العربي الإسلامي ..وترهل رؤية ..وفوضى واقع أليم ..ولكنهم يبعثون الأمل ..وينفخون التفاؤل..ويشحذون الهمم ..ويُلْهِبون المشاعر حماسة..والعقول وعيا..فـما جفّت لهم قرائح..وما تقيدت سجايا..وما وهنوا..وما استكانوا..
لذا لا غرابة أن تجسد منتوجاتهم الحزن والألم ..إنه قلب الأمة يتألم ..فـمن أين تأتي الراحة والسكينة..؟؟
في خضم زخم هذا الضمير الحي ..والعزيمة المتّقدة ؛والنفسية المُرْهفة ؛ والمشاعر الرقيقة ؛ والروح الطاهرة ..تنبعث أشعار الأستاذ عبد القادر رابحي الكبير بشعره.. من خلال ما سنراه..
يقول في قصيدته الآسرة // بكائية امرئ الجرح الأخيرة//..
ليتني كنت في جوارك طفلا ـ ـ يتحدى مالم يقله المشيب
ليتني كنت في ظلامك فجرا ـ ـ يتصدى لما جناه المغيب
ليتني كنت في رمادك جمرا ـ يحرق القلب كي تثور القلوب
أو نهارا في مقلتيك تعرى ـ ـ أو سوارا..في مِعْصميك يذوب
أو فراتا يعيد قدسا سليبا ـ ـ فيغني..هذا الفرات السليب..
فـهو لايهمل العراق الجريح ..مما يؤكد انشغاله بكل قضايا الأمة ..
إنك تجد الهواء الذي تتنفسه كلماته؛مشحون بالْهَمِّ الفلسطيني وكأنها قضية يعيش بها ولها ..أيحائية متكاملة عبر القصيدة الشعرية ..كلها تشكل استعارة كبرى ؛يكتنفها الغموض الفني ..وهنا روعة الشاعر..وإذا به يختزل في باطن شعوره مُدركات القضية بكل أبعادها ..حتى شكّلت فضاءه الشعري؛وطغت عليه..وطفحت على ساحته؛مهما حاول التجرّد منها ..لايتخلّص..
لنلاحظ هذا الجمال الباهر في قصيدته//السفينة والجدار// ..
بنوا من طين غفْلتنا بروجا ـ ـ وفي علياء محنتنا تباروا
وباعوا في المزاد دما عزيزا ـ ببخس الأمنيات ..وما أجاروا
وساروا في دروب التيه دهراـ ـ على الأشلاء ..فـانتصر الدمار
وتجار بأشلاء الصباياـ ـ وثوار..وليس لهم قرار
فشق طريق مجدك للثرياـ ـ ودُمْ في العز ما بقي الحصار
فـهو ملتزم ؛حامل رسالة في الوجود..وما يُغري المُتلقّي بتتبع نبضاته الشعرية الأخّاذة ..هو درر قصائده التي تلمع في بُعْدها الماورائي بفكر ثاقب؛حصيف؛ثابت؛أصيل..ومشاع ر فياضة ؛دافقة لاينضب لها مَعين..ولاتقف عندها قراءة واحدة..حيث تنساق الألفاظ انسياقا..فهو مطبوع ..لااصطناع يخْدش المعنى ؛ولاوزن يقف عائقا ..سواء أقرأت التفعيلة أم العمودي..
لنلاحظ أحدى روائعه الخالدة بعنوان // مثلما كنت صبيا// ..
مثلما لازلت
في أصقاع هذا الكون
مفتونا بظل هارب من غِبْطة المنفى..
حري بالتي تنساك
أن تنساك..
هذه الأرض التي تنعاك
هذا المنتهى..
إنك تحاول أن تتلمس فضاءه الفلسفي..فـلا تجد إلا التصور الإسلامي..تلتقي عنده عميق الفكرة بمنتهيات أبعادها الإسلامية ؛بتلك الصورة الجمالية الفنية الكلية..
فـتتشكل اللوحة التصويرية الباذخة في المُخيّلة ..فـإذا بمشهد سينمائي ؛متكامل الأجزاء؛متآلف التفاصيل ؛متنافر الأبعاد أحيانا؛يصطف أمامك بألوانه الزاهية البرّاقة..
ليشكل الانطباع العام؛ في خيط متين رفيع ؛مُحْكم النسيج واللُّحْمة فـ تُساعدك الوحدة العضوية على تشكيل الصورة ..ويتّسق الجمال مع الفكرة ؛وينسجم الشكل مع المضمون..
لنواصل نفس القصيدة..
هل أصغيت للأرض التي غادرتها منذ انغلاق المعبر
المعقوف في سبابة السياسة ؟
وهاهوذا يساير وقع الحياة اليومية ؛فـيسجل حضوره الآني ؛الدائم ..لنثبت ما ذكرناه سابقا..
تكبر الأوطان في أغنية رددها المذياع في ليلة شوق
لم تمت بين يديك ..
وحري بك أن تسألها عن برتقال الحب في يافا
هاهي الآن تناديك بأعلى حزنها :
لاتبتعد عني كثيرا
كن بقربي
مثلما كنت صبيا
مثلما لازلت.
ولمّا تناول ـ عبر معظم أشعاره ـ قضية عادلة ؛وحاول أن يغرسها في ذهن المتلقي غرسا..جاز أن ندرج أشعاره في أدب المقاومة..
ولمّا التقت الفكرة النورانية ؛النابعة من صميم التصور الإسلامي؛مع جمالية شاعرية فنية ؛بألق صورها ..وحسن صياغة تراكيبها ؛وبراعة تخطيط وحبْك بنائها..
فـهو ضمن قائمة الأدب الإسلامي ..رسالة جادة ..رسالة خالدة بخلود أفكارها ..
أخيرا حياة الأمم تقاس بحياة مبدعيها ..وشعراؤنا أحياء يرزقون..على ربهم متوكلون..
ملاحظة:ـ هناك شعراء في الواحة كثر ؛تستحق أشعارهم القراءة ..أمثال د/ سمير العمري..الشاعر المجيد جلال الصقر..وغيرها..كم يسعدنا أن يتكرم إخواننا بقراءات مقاربة لهذا الزخم الشعري الثوري..ريثما نتجرّد لهم ..
ـ الأستاذ عبد القادر رابحي أكبر من المدخل العام البسيط..هناك قصائد له عالقة في القلب..لابد من دراستها ـ مستقبلا ـ وكشف لآلئها ودُررها..
ـ الإبداع الأدبي الجيد..تنصِفه الدراسة الجادة.