تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أمي ..... أين أنتِ ؟



نزهة الحاج محمد
10-02-2009, 01:00 PM
أمي ..ابقي معي ، لا تتركيني وحيداً ، امسكي بيدي ، وشدي عليها كثيراً ، فأنا خائف ..
الوحوش الضارية تلاحقني ، تريد النيل مني ، تمطرني بوابل من كراهية ..
لا أعرف لماذا يكرهونني ؟ لا أعرف لماذا يلاحقونني ؟ لم أفعل لهم شيئاً .. ولكنهم يضمرون لي الشر ..
آه يا أمي .. كم هذه الوحوش قبيحة ،كم هي مخيفة ..
ولكنّي لا أريد أن أموت ..
فأنا أحب الحياة ، الطريق أمامي طويل ، فلماذا يريدون أن يحرمونني أملي ؟
أريد أن أستيقظ باكراًكل يوم، لتلاطفني الشمس بخيوطها الذهبية ، أريد أن ألبس ملابسي الجميلة وأذهب إلى المدرسة وأكتب وظائفي وأنثرآمالي على طريق بيتي ، لأحصد بذور شبابي ونضجي ..
أريد أن أرى عينيك الجميلتين عندما أفتح عينّي ، أريد أن أقبّل وجنة أبي ويد جدي وجدتي ..
الأصوات المرعبة تضج بالمكان ، الأنوار تخطف الأبصار ، تضيئ بألف لون ولون ومع كل لون حكاية حزينة ، هذه الأضواء ليست جميلة ، ليست بألعاب نارية تتناثر بالفضاء لتنشر البهجة ، إنها حمم ونار تحرق الأجساد وتنهش العظام وتفتك الأطفال وتطفئ ربيعهم وتبدد آمالهم ..
أرجوك ياأمي !! امسكي بيدي ، وشدي عليها أكثر ، دعينا في المنزل ، كي تحمينا جدرانه ،واغلقي الباب كي لا تطولنا الحمم ، كي لا تفترسنا الوحوش الشاردة ،التي تكشرعن أنيابها بحقد ..
أمي ..لماذا تفتحين الباب ؟
لماذا تطلبين منا مغادرة البيت ؟
ألعابي ،دفاتري ،حقيبتي المدرسية ، صور عائلتي ، ذكرياتي ،ملابسي الجميلة ،حذائي الجديد ،كتبي ،ألواني طباشيري ..
أتذكرين كم من الوقت انتظرت كي يصير عندي هذه الأشياء ؟
أتذكرين كيف كنا نوفر أنا وأخوتي من مصروفنا الشخصي لنحصل على ما نريد ؟
أتذكرين كيف كان أبي يعمل ليل نهار كي لا يحرمنا من حاجاتنا ؟
والآن تريدين منا أن نترك كل شيئ ونذهب ..
لا يا أمي .. لن أخرج من المنزل ، لن أترك أشيائي الصغيرة ،لن أترك أشيائي الكبيرة ..
ما زالت يدك الحنونة معي ، كم هو شعور رائع أن تظل يدك بيدي ، ( الله لا يحرمني منك يا أمي ) سأفعل كل ما تطلبينه مني ،سأخرج من البيت ،سنخرج كلنا من البيت ..
ولكن أمهليني دقيقة فقط كي آخذ ألواني ودفتر الرسم ،لأعبر عما أراه بلغتي ..
وأمهليني دقيقة أخرى كي آخذ قطتي الصغيرة ،فأنا أخاف عليها من الحمم والوحوش المفترسة ..
آه يا أمي .. الناس يركضون والأطفال يبكون والأصوات تزداد قوة والكرات الملتهبة تلحق الجميع وتنهال بلا هوادة ، لا تفرق بين أحد، ولا ترحم أحد ، يدك يا أمي دعيها بيدي ..لا تتركيني أبداً ..
الأضواء المخيفة من جديد ،حمم سقطت من السماء، مزقت الثياب ،مزقت الستائر ، مزقت السرير
السقف تهاوى ، والجدران تساقطت والباب أوصده الردم ،لم يكن بيتنا حصناً منيعاً كما تخيلت، لقد كنت ِمحقة يا أمي ..
جدي .. جدتي .. أختي .. أخي .. أبي ..
غبار يملأ المكان ..
أين أنت يا أمي ؟ لم تعد يدك تمسك بيدي ، أمي ... أين أنت ؟؟ أمي ... أين أنت ؟؟

راضي الضميري
10-02-2009, 11:06 PM
نصّ يخاطب الضمير الإنساني ، ويرسل إشارات واضحة وبلغة حزينة لتفضح أفعال هذا الآخر الذي نسيّ نفسه وإنسانيته وحارب الحياة بكل ما فيها من حياة .
هل يتحرك الضمير الإنساني أمام مشاهد القسوة والدمار التي أحدثها شرذمة من المتوحشين والخارجين عن القانون الإنساني ؟ في تقديري أنّه لن يتحرك ، فهذه ليست أول مرّة يخرج فيها نيران حقده ليصبها على الإنسانية وأهلها من نساء وأطفال و طفولة و براءة فقدها تمامًا ، حتى أنّه لم يسمع بها مطلقًا .
نخاطب الأمّ و الأرض ؛ نخاطب الحياة ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، ومن سمع النداء لا يملك حولًا ولا قوة ليتصدى لمن أحدث هذا الدمار الكبير فوق أرض كُتب عليها أنْ تكون جسرًا لامتحان يُكرم المرء فيه أو يهان .
الأخت الفاضلة نزهة الحاج محمد
نصّ جميل وحزين جدًا ، وأعتقد أنّه نصّ نثري أقرب منه إلى القصة ، لكن سأنتظر من هم أكثر مني خبرة ودراية ليقرروا ..
تشرفت بمعانقة نصّ كتب عن جرح ما زال ينزف في انتظار صحوة هذه الإنسانية التي لم تتخذ قرارًا يعبر عن إنسانيتها و حتى هذه اللحظة .
تقديري واحترامي

نزهة الحاج محمد
11-02-2009, 08:25 AM
نصّ يخاطب الضمير الإنساني ، ويرسل إشارات واضحة وبلغة حزينة لتفضح أفعال هذا الآخر الذي نسيّ نفسه وإنسانيته وحارب الحياة بكل ما فيها من حياة .
هل يتحرك الضمير الإنساني أمام مشاهد القسوة والدمار التي أحدثها شرذمة من المتوحشين والخارجين عن القانون الإنساني ؟ في تقديري أنّه لن يتحرك ، فهذه ليست أول مرّة يخرج فيها نيران حقده ليصبها على الإنسانية وأهلها من نساء وأطفال و طفولة و براءة فقدها تمامًا ، حتى أنّه لم يسمع بها مطلقًا .
نخاطب الأمّ و الأرض ؛ نخاطب الحياة ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، ومن سمع النداء لا يملك حولًا ولا قوة ليتصدى لمن أحدث هذا الدمار الكبير فوق أرض كُتب عليها أنْ تكون جسرًا لامتحان يُكرم المرء فيه أو يهان .
الأخت الفاضلة نزهة الحاج محمد
نصّ جميل وحزين جدًا ، وأعتقد أنّه نصّ نثري أقرب منه إلى القصة ، لكن سأنتظر من هم أكثر مني خبرة ودراية ليقرروا ..
تشرفت بمعانقة نصّ كتب عن جرح ما زال ينزف في انتظار صحوة هذه الإنسانية التي لم تتخذ قرارًا يعبر عن إنسانيتها و حتى هذه اللحظة .
تقديري واحترامي

الأخ راضي .. أتساءل مثلك متى الضمير يتحرك؟..
أطفال بعمر الورود وبراءة السماء ونقائها ..
تُغتال طفولتهم امام أعيننا ..
ولا يعرفون ما ذنبهم .


أخي شكراً لمرورك العطر .
وأعتقد بأن هذا النص يصلح لملتقى واحة الطفل ..
وأنا انتظر أيضاً من لديه الخبرة ليقرر ..

د. سمير العمري
12-07-2009, 10:06 PM
هو نص من وحي ما كان من أحداث مؤلمة يرصد الصورة من الداخل وقد انشغل العالم برؤيتها من الخارج.

وهو نص سردي نثري لا ينتمي للقصة بل للنثر.

أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ربيحة الرفاعي
14-07-2014, 01:36 AM
نثرية مثخنة بالآه، بمعان مجلجلة بالشعور

تنقل لقسم النثر

دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
14-07-2014, 11:44 AM
الحروب تغتال الطفولة فمن ينقذها ؟؟
إنها مأساة الأحداث التي تعصف بعالم البراءة
فتتمزق الطفولة وتتعثر
يرحل الأب ـ تموت الأم ويسكن الرعب قلب الطفل
ويصبح حيث يسكن الظلام والفساد والألم.
نجحت في التقاط أشد اللوحات الحزينة والمؤلمة وتصويرها
تصويرا صادقا معبرا عن الألم
نص مؤثر ـ سامي الفكر والحرف والمقصد.

خلود محمد جمعة
16-07-2014, 01:24 PM
رسالة مخضبة بالدم والدمار من جيل كامل الى الضمير العربي
أجيبوا الطفل اين يد أمه؟
وماذا سأجيب طفلي عند سؤالي لما يحدث لهم ؟
بات الحرف يخجل منا
نثر نكأ الجراح
دمت بخير
تقديري

كاملة بدارنه
18-07-2014, 05:22 PM
صورة من صور المعاناة والقهر باتت متكّررة في أماكن عديدة
تبا للوحوش البشريّة التي تحرم الطّفل حياته
نصّ محزن
بوركت
تقديري وتحيّتي

رويدة القحطاني
13-09-2014, 02:13 AM
الصورة قديمة لكني قرأت فيها اليوم
يوم سوريا
يوم العراق
يوم اليمن
يوم مصر
يوم لبنان
يوم غزة المنتصرة
سحقا لهذا الواقع المر وما يغسل به البوح الأدبي

مؤثر جدا هذا النص