تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دمـــــوع الماس.. 3 ((رواية للأطفال والفتيان))



ياسمين ابن زرافة
16-02-2009, 04:58 PM
~ في كُوخِ الحَمَــامجِيِّ ~ وَبَعْدَ سَفَرٍ شَاقٍّ طَوِيلٍ، عَقَلَ الحَمَامجِيُّ حِمَارَهُ أَمَامَ كُوخٍ مُنْعَزِلٍ مُتَواضِعٍ؛ تُحِيطُ بِهِ بَعْضٌ مِنْ أَشْجَارِ الفَاكِهَةِ ويَحْرُسُهُ جَرْوٌ صَغِيرٌ، وأَدْخَلَ عَرُوسَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِد قَصْرَهَا خَاطِبًا وإِنَّمَا كانَ عَابِرَ سَبِيلِ جائِعٍ يَتَسَوَّلُ رَغِيفَ خُبْزٍ في بَلْدَةٍ لمْ تَسْبِقْ لَهُ زِيارَتُهَا، وحِينَ لَمَحَ حُشُودَ النَّاس ظَنَّهُمْ مَدْعُووِّينَ إلى وَلِيمَةٍ، فاخْتَلَطَ بالخُطَّابِ رَجَاءَ سَدِّ جُوعِهِ، وإِذا بالتُّفَّاحَةِ تَقَعُ بَيْنَ يَدَيْه..
فتَبَسَّمَتْ الأَمِيرَةُ وأَبْدَتْ الرٍّضَا بِنَصِيبِهَا، وعَاهَدَتْهُ عَلَى الوَفَاءِ والطَّاعَةِ وتَقَاسُمِ مَشَاقِ الحيَاة مَدَى العُمْرِ، فَسَرَّهُ هَذَا كَثِيرًا ولَكِنَّهُ لَمْ يَزِدْهُ إلاَّ اغْتِمَامًا..لِعِظَمِ ما أُلْقِيَ عَلَى عَاتِقِهِ..
وَكَانَ يَعُودُ إِلَيْها كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الحَمَّام بِرَغِيفَّي خُبْزٍ وحَبَّتَيْن مِنَ البَصَلِ كَأَجْرِ يَوْمِهِ، بَعْدَ أَنْ كانَ يَتَقَاضَى نِصْفَهُ قَبْلَ الزَّواجِ..
وسَرْعَانَ مَا أَلِفَتْ شَمْسٌ حَيَاةَ الفَقْرِ واسْتَطْيَبَتْ بَسَاطَتَهَا، فَكَانَتْ تَسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهٍ طَلْقٍ بَشُوشٍ، وَتَتَخَاطَفُ مَعَهُ عَلَى فُتَاتِ الخُبْزِ وقِطَعِ البَصَلِ، وَتُنَظِّفُ الكُوخَ كَمَا كانت تَفْعَلُ خادِماتُهَا في القَصْرِ، وتَكْنِس وَ تَغْسِل، وتَحْتَطِب، إلى أن تَبَدَّلَ الحَال..
~ خَرُوفٌ مُحَمَّر.. وفَطائِرٌ بالبَيْضِ والسِّمْسِم! ~
فأيَّامُ الهَناء لَمْ تَكُنْ لِتُعَمِّرَ طويلاً بينَ الزَّوْجَيْن، وذَلكَ بَعْدَ مُرُورِ شُهُورٍ بَدَأَتْ أَعْرَاضُ الحَمْلِ تَظْهَرُ فيها عَلَى شَمْسٍ الَّتي صَارَتْ أَشَدّ مَا تَمْقُتُ أَكْلَ البَصَلِ، وأَكْثَر ما يُقَزِّزُهَا شَمُّ رَوائِحِه المُزْعِجَةِ، ومَا عَادَتْ تَهْفُو إلاَّ إلىَ أَصْنَافِ المَآكِلِ الَّتي أَلِفَتْهَا في قصرها، ولمَـَّا خَشِيَتْ على زَوْجِهَا قِلَّةَ الحِيلَةِ في تَوْفِيرِهَا، أَخْفَتْ في النَّفْسِ رَغْبَتَهَا، وَكَظَمَتْ في القَلْبِ حُرْقَتَهَا إِلىَ أَنْ ضَمُرَ جَسَدُهَا وبَانَ هُزالُهَا، فلاَحَظَ الحمامجي ذَلِكَ فَأَلَحَّ عَلَيْهَا حَتَّى أَعْلَمَتْهُ بِرَغْبَتِهَا في تَنَاوُلِ لَحْمِ الخَرُوفِ المُحَمَّر عَلَى الجَمْر، وفَطَائِر الخُبْزِ المَحْشُوَّة بالقِشْدَة، المَغْمُوسَة في مَخْفُوقِ البَيْضِ والسِّمْسِم، ثُمَّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ زِيَارَةَ شَقِيقَتِهَا البِكْرِ والمُكُوثِ في قَصْرِهَا حَتىَّ مَوْعِد الوَضْع..
~ المَلِكَــةُ الغَيُـورَة ~
فَوَافَقَهَا، وانْطَلَقَا عِنْدَ الفَجْر نَحْوَ دِيَارِهَا، وحِينَ شَارَفَا عَلَيْهَا بَعَثَتْ بالحُرَّاس لِمُلاَقَاتِهِمَا، واسْتَقْبَلَتْهُمَا بالحَفَاوَة والتّرْحَابِ، وأَزالَتْ عَنْهُمَا آثارَ السَّفَرِ، ثمَّ أَمَرَتْ الخَدَمَ بالإِسْراعِ في إِعْدادِ ما طَلَبَتْ شقيقتها..
وفي طَرْفَة عَيْنٍ، كانت السُّفْرَةُ مَلأَى بِشَتىَّ أَلْوَانِ الأَطْعِمَة والفَاكِهَة والحَلْوَى..
فَسَالَ لُعَابُ "شمس" حتَّى من قَبْل الجُلُوسِ إلَيْهَا، ومَدَّتْ يَدَهَا دُونَ وَعْيٍ إلى قِطْعَةٍ مِنَ اللَّحْمِ أَثَارَتْ شَهِيَّتَهَا، وتَنَاوَلَتْ باليَدِ الأُخْرى مُضْغَةَ خُبْزٍ زَكِيَّة الرَّائِحَة،
ولَكِنها،
وقَبْلَ أنْ تُقَرِّبَهُمَا إلى فَمِهَا،
هَوَى سِكِّينٌ حادٌّ على يَدِهَا، وغُرِزَتْ شَوْكَةٌ في اليَدِ الأُخْرَى، وصَاحَتْ المَلِكَة في وَجْهِهَا:
- "وَيْـــحَكِ! إِنْ مَدَدْتِ يَدَكِ وَذُقْتِ شَيْئًا مِمَّا أَمَامَكِ، أَوْ مِلْتِ بالشَّمِّ حتَّى عَلَى أَحَدِ الأَطْبَاق..
فنَحْنُ، ويَوْمَ كُنَّا نَتَخَيَّرُ النُّبَلاءَ والأَخْيَـــارَ، لَمْ يَقَعْ اخْتِيَارُكِ إلاَّ علَى هذا "الحمَامْجيّ القَذِر، واليَوْمَ سَوَّلَتْ لَكِ نَفْسُكِ المَجِيئ لِطَلَبِ مَعُونَتِي دون خجل!
هيّا..
أُغْرُبي.. أُغْرُبي عَنْ وَجْهِي أيَّتُها الفَقِيرَةُ المَلْعُونَة.."
فَرَدَّتْ "شمْس" بانْكِسَار:
- "ولكنَّها الأقْدارُ يا أُخَيَّة.. فلَيْسَتْ مِنَّا مَنْ كَتَبَتْ مَصِيرَهَا
أو انْتَقَتْ قَدَرَهَا، فَوَحْدَهُ الإِلَهُ مَنْ شَاءَ ذَلِك."
فصاحَت المَلِكَةُ:
- أيًّا كانت الأسبابُ فإنَّني أَطْلُبُ مِنْكِ الانْصِرافَ فَوْرًا قَبْلَ أَنْ آمُرَ الحُرَّاسَ بِحَبْسِك حتَّى تَتَعفَّنَ جُثَّتُكِ الوَسِخَةُ بَيْنَ حِيطَان سِجْني.. واطْلُبِي مِنْ هذا المُتَسَوِّلِ حِينَهَا أَنْ يُوَفِّرَ لكِ مَا طَلَبْتِ، وإلاَّ،.. فارْضَيْ بقَِدَرِكِ، وأنجبي لهُ غُلامًا بِرَأْسِ كَبْشٍ كبير مُحَمَّرٍ، ووَجْهٍ عَرِيضٍ كَدَارَةِ القَمَر..أو كَأَرْغِفَة الخُبْزِ هذه.
وقهقهت في سخرية، فَسَالَتْ دُمُوعُ "شمْس" وانْفَطَرَ قَلْبُ زَوْجِهَا، فَهَمَّ بِطَلاقِهَا وإرْجاعِهَا إلى العِزِّ الَّذي كانَت فيه، غَيْرَ أنَّها تَرَجَّتْهُ أَلاَّ يَفْعَلَ عَسَى أَنْ يَرْزُقَهُما اللهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبان، وأَقْسَمَتْ له بأنَّها مَا عادَتْ تَهْفُو إلى ذَلِكَ اللَّحْم بَعْدَ أن رَأَتْهُ وشَمَّتْ رائِحَتَهُ، فَصَدَّقَهَا لأَوَّلِ وَهْلَةٍ ولكِنَّهُ سِرْعَانَ مَا تَفَََطَّنَ إلى حِيلَتِهَا حين رَآهَا طَرِيحَةَ الفِراشِ تَهْذِي بِلَحْمِ الخَرُوف.. وحِينَهَا قَرَّرَ الاسْتِغْنَاءَ عَن العَمَلِ الحَقِيرِ الَّذي لَنْ يُفِيدَهُ بِشَيْءٍ في إنْقاذِ حَياةِ زَوْجَتِهِ المُشَارِفَة على الهَلاك، ولم يَذْهَبْ ذلك اليَوْم إلى الحَمَّام.

معروف محمد آل جلول
16-02-2009, 10:20 PM
المحترمة ياسمين..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
كل مرة أقرأ شطرا يزيد شوقي..
هذا عمل ناجح ..
لاطريق له سوى المطبعة ..
وفقك الله ..
بالغ تقديري..
خالص تحياتي..
ننتظر..

ياسمين ابن زرافة
16-02-2009, 11:21 PM
المحترمة ياسمين..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
كل مرة أقرأ شطرا يزيد شوقي..
هذا عمل ناجح ..
لاطريق له سوى المطبعة ..
وفقك الله ..
بالغ تقديري..
خالص تحياتي..
ننتظر..




:pr:

سعيدة الهاشمي
26-02-2009, 01:57 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المبدعة ياسمين قرأت كل الأجزاء ومازلت أنتظر بشغف طفولي التتمة

أثق بأن بعد التعب راحة وأن الأميرة شمس ستسعد في حياتها.

حكاية بطعم السكر.

ياسمين ابن زرافة
26-03-2009, 02:08 PM
المحترمة ياسمين..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
كل مرة أقرأ شطرا يزيد شوقي..
هذا عمل ناجح ..
لاطريق له سوى المطبعة ..
وفقك الله ..
بالغ تقديري..
خالص تحياتي..
ننتظر..





سلام الله عليكم أستاذ معروف..
آمل أن تكونوا بخير، وأن يكون قلمكم دائم السخاء والعطاء والتميز..
أشكركم جزيل الشكر أستاذنا على الآراء النقدية الراقية الخلاقة، وأعدكم بحول المولى الكريم بإهدائها إليكم كتابا مطبوعا كما قلتم، لأن الرواية(دموع الماس) في طريق النشر والطباعة..
أكرر شكري وامتناني وتقديري وخالص توقيري..
رعاك الله وسدد خطاك وجعلك من حماة الكلمة الطيبة الطاهرة
ياسمين~~

ياسمين ابن زرافة
26-03-2009, 02:15 PM
[quote=سعيدة الهاشمي;427442]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

المبدعة ياسمين قرأت كل الأجزاء ومازلت أنتظر بشغف طفولي التتمة

أثق بأن بعد التعب راحة وأن الأميرة شمس ستسعد في حياتها.

حكاية بطعم السكر.
[/quote


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة سعيدة،
سعيدة أنا بك وبشغفك بالرواية، وبتتبعك الأجزاء الأولى منها..
أجل، بعد التعب دون شك راحة وسعادة ومواسم جني وقطاف تعم عائلة شمس وصبح'..
وستكتشفين ذلك بتتبع باقي الأحداث،،،
هنالك الكثير من المفاجآت والمسرات
دمت بذوقك الجميل، الأحلى من السكر
ألف شكر
ياسمين~~

ناديه محمد الجابي
04-10-2020, 09:57 PM
قصة ماتعة مؤثرة مشوقة مليئة بالإثارة
فلنذهب سريعا إلى بقية القصة
ولك تحياتي وكل تقديري.
:cup::cup::cup:

أسيل أحمد
09-03-2021, 07:36 PM
من أروع ما كتب من قصص الأطفال لغة وسردا وفكرا
حكاية ولا أروع ذكرتني بقصص المكتبة الخضراء التي كنا نقرأها صغارا
بارك الله فيك وفي قلمك ـ وأتمنى ان تكوني قد تمكنت حقا من طباعتها فهى تستحق وأكثر.
تحياتي.