تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الْحِجَارَةُ



د. عبد الفتاح أفكوح
19-02-2009, 07:42 AM
الْحِجَارَةُ
... فإذا بأحدهم يرميهم بواحدة من مثيلاتها قد أمسكت بها يداه، وإذا بإحداهن تدعو الله أن يُريها فيهم وفي أمثالهم يوما أسودا، ثم ما هي إلا صيحة عليهم قد انبعثت مقهورة مدوية، حتى صاروا أهدافاً لوابل كثيف من الحجارة وسيل جارف من الدعاء عليهم بالعذاب المبين، فبدت لهم السماء وكأنها تنظر إليهم شزراً، وتمطرهم من شدة غضبها بداء عضال لا يرجى الشفاء منه، وخيلت إليهم الأرض وكأنها تكشر لهم عن أنيابها، وتهتز تحت أقدامهم مستعجلة الخسف بهم...
ظلوا على عجل يلتمسون المزيد منها هنا وهناك، فيلتقطونها بأيديهم الصغيرة مسرعين، ثم يرمونهم بها مسددين بكل ما تبقى لهم من قوة، فهذه حال من سبقوهم بالأمس وكانوا في مثل سنهم، إذ لم يجدوا أفصح من الحجارة تعبيراً عما كدر عيشهم من ظلم وقهر، ولم يكن ما أقبلوا على التقاطه منها سوى انتقاء لكلمات ملقاة على الطريق تُسمعُ صوتَهم من به صممُ، إذ لم يعد لأي حديث مكان في هذا المقام سوى ما تنطق به الحجارة، فهي تقص مسترسلة حكايتهم التي خطها بنبض أفئدتهم الدمُ، وليس بإمكان أي صوت أن يعلو في هذا الموقف فوق صوت الحجارة...
ثم إن الرمي تواصل على أشده، فلم تنفذ الحجارة، ولم تكل سواعد الصغار، ولم يتسرب الملل إلى أيديهم، وظل عَرقهم يصب على أهل الفتنة نار المقت الشديد قبل أن يتصبب من جباههم عاصفاً، ومكثت دماؤهم تحرق قلوب عبدة الجور قبل أن تجري غاضبة في عروقهم، فتلك كانت قصتهم الدامية وما تزال، وكأنها حياة قدتْ من حجارة ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

راضي الضميري
19-02-2009, 12:41 PM
نعم تلك هي قصتهم وما تزال ، سلاحهم الإيمان وزادهم التوكل على الله . وما زالوا يمتحنون حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، فقد كان قدرهم – ونعم القدر – أنْ تكون أرضهم جسرًا لامتحان يُكرم المرء فيه أو يهان والثواب والعقاب عند من عينه لا تغفل ولا تنام .
دمت مبدعًا أديبنا الراقي
تقديري واحترامي

سعيدة الهاشمي
19-02-2009, 01:56 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

د. عبد الفتاح أفكوح،

حين يستبد الظلم، نبحث عن أسلحة في المتناول، الحجارة سلاح هرم، والحذاء سلاح حديث

والدنيا اختبار يعز المرء فيه أو يهان، هنا عناء وشقاء وهناك سعادة ونعيم.

ويبقى الصبر مفتاح الفرج.

احترامي وتقديري.

د. عبد الفتاح أفكوح
19-02-2009, 05:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكما أهل الجود والكرم
راضي الضميري - سعيدة الهاشمي
ورحمته عز وجل وبركاته
وبعد ...
لكما من أخيكما أبي شامة المغربي شمس الشكر الساطعة ونور القمر اللامع على جميل الاهتمام بما نثرت من حروف في هذا المقام القصصي، ولكما ذات الشكر وعين التقدير على إطلالة كلماتكما المشرقة، وعسى أن يتقبل القراء الكرام وتتقبل القارئات الكريمات ما أودعته من نبض في قلب هذه الصفحة بقبول حسن، وينبتوه وينبتنه بخفق أفئدتهم وأفئدتهن وضياء أذهانهم وأذهانهن نباتاً حسناً ...
حياكما الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

ناديه محمد الجابي
16-01-2019, 08:36 PM
قال الشاعر:
بهروا الدنيا
وما في يدهم إلا الحجارة
وأضاءوا كالقناديل
وجاءوا كالبشارة
قاوموا
وانفجروا
واستشهدوا
وبقينا دببا قطبية
صفحت أجسادها ضد الحرارة
قاتلوا عنا
إلى أن قتلوا
وبقينا في مقاهينا
كبصاق المحارة

أطفال الحجارة
يا تلاميذ غزة
علمونا
بعض ما عندكم
فنحن نسينا
علمونا
بأن نكون رجالا
فلدينا الرجال
صاروا عجينا
علمونا
كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال
ماسا ثمينا
نص جميل يحمل الأمل ، رسالة صيغت بسرد ماتع وأسلوب مائز
بناء قصصي يتسلل بدهاء إلى هدفه مصيبا القارئ بالدهشة
بورك هذا القلم المعطاء.
:0014::nj::0014: