المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولكننا غرباء



عبد الوهاب الملوح
24-02-2009, 04:32 PM
حسنا كلُّ شيْءٍ على ما يُرامُ :
سَمَاءُ الْمَدِينَةِ مُنْشَغِلَةٌ بِالْقِيَامَةِ
وَالنَّاسُ مُنْشَغِلُونَ بِمَا قَدْ يَزِيدُ شَهِيَّتَهُمْ للِنِّكَاحِ َوجروُالْحَقِيقَةِ يأخُذُ قَيْلُولَةً قُرْبَ مُسْتَنْقَعِ الْحُلْمِ تحْرُسُهُ الْقَهْقَهَاتُ وَفَحْلُ الذُبَابِ
وَلَيْسَ لَنَا غَيْرُ الذَّهابِ إلَى حَيْثُ يَرْفُو الصَّدَى حَشْرَجَاتِ خُطَانَا
عَلَيْنَا الذَّهَابُ؛
سَنَذْكُرُها فِي مَسَاءاتِنا وَصَبَاحاَتِنَا
سَنَذْكُرُهَا فِي مَواوِيلِنَا
وجهُهَا فِكْرَة ٌمُنْفَجِرَةٌ غُمُوضًا
عُنُقُهَا أَسْرَابُ بَجَعٍ صَاعِدَةٍ فِي السَّماءِ
شَعْرُهَا طُقُوسُ عَبَدَة ِ الرِّيحِ الآَتِينَ مِنْ أزْمِنَة ٍكَانَ الليْلُ فِيها رُبَّانَ التَّاريخ
قَلْبُهَا لاَ يُشْبِهُ التُّفَّاحَةَ فِي شيءٍ غَيْرَ أنَّهُ جَمْرَةٌ أَشْعَلَهَا الدَّمُ
عيناها[قَطْعًا يَتَطَلَّبُ الأَمْرُ حِكْمَةً لَهَا ضَرَاوَةُ الْفِتْنَةِ لِصِيَاغَةِ مُقَارَبَةٍ تَلْيقُ بِهِمَا]
كيفَ نَذْهَبُ والطُّرُقُ سَكْرَانَةٌ تَعِجُّ بِالذُّهُولِ :
رأينَا السيَّاب فِي حضْنِ مُومِسٍ عَمْيَاء يَقْرَأُ غُيُومَهُ وَيَتَفَجَّعُ كَنَبِيٍّ أهْمَلَهُ قَوْمُهُ
رَأَيْنَا غُنَّايَةً تَبْحَثُ بَيْنَ الْمَوْتَى عَنْ إِيقَاعِهَا
رَأَيْنَا بوُرْخِسْ يُعَلِّقُ عَلَى جُدُرَانِ الرِّيحِ مَلاَحقَ جَدِيدَةً مِنْ تَارِيخِ الْعَارِ
رَأَيْنَا الِمُتَنَبِّي عَلَى بَغْلَةٍ تمضغ عشبة؛ قَالَ لَنَا:هي نبَتَةُ جلجامش
رَأَيْنَا أَنْفُسَنَا مَشَارِيعَ خَاسِرَةً.
أَوْقَفَتْنَا الْمَسَافَةُ وَكَانت فِي شَكْلِ خِصْلَةٍ مِنْ خِصْلاَتِ صَوتِ الْتِي وَجْهُها فِكْرَةٌ...إلَخْ وَقَالتْ: -لَسْتُ فِي عُمْقِ جِرَاحِكُمْ.
نَاوَلَتْنَا الجِهَاتُ مَفَاتِيحَهَا؛ وَقَالتْ: - حَيْثُمَا تَوَلُّوا رِيحَكُمْ؛ فَهُنَاكَ نُورُ الْتِي وَجْهُهَا فِكْرَةٌ...إلَخْ.
أَوْقَفَنَا الْوَقْتُ وَكَانَ يُرَدِّدُ أُغْنِيَةَ راب؛دندن وقَالَ: -لاَ وَقْتَ غَيْرَ ما تُسَرِّحُهُ سَيِّدَةُ الْخَلَوَات منْ رِيَاحِ خَزْرَتِهَا ؛ اِمْضَوْا فَلَسْتُ فِي قَامَة أحْزَانِكمْ.
نالنا ظمأٌ وَهَتَفْنَا بالْمَاءِ؛ فقَالَ الماء: -لاَمَاء غَيرَ ما يُريِقُ لُعَابُهَا من نبيذٍ بَابلي بِطَعْمِ كَمَإِ الأَفْجَارِ الْفَاجِرَة ِ ألاهُبِّي بِصَحْنِكِ واصْبِحينا وَلاَتُبْقي خُمُورَ الأَنْدَرِينَا
~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~*~
لَيْسَ بَعْدَ هَذَا الْمَدَى غَيْرُ أَطْيَافِ ذَاكِرَةٍ؛يَرْتُقُ الْوَجْدُ أَلْوَانَهَا,تُوقِظُ السَّرْدَ؛سَرْدَ وَقَائِعِ أَزْمِنَةِ التِّيهِ؛ تُوقِظُهُ منْ بُكَاءِ الْحَقِيقَةِ؛ تُوقِظُهُ منْ عُنْفُوانِ الْقَصِيدَةِ.أذْكُرُ أَنَّ الْبِدَاياتِ كَانتْ مُلاَئِمَةًلِمُعَلَّقَةٍ تُشْعِلُ النَّارَ فِي لُغَةِ الْبَدْوِ؛ أَذْكُرُ الشِّعْرَ أمْسِيَةً مَعَ فِنْجَانِ شَايٍ وَلَكِنَّ سَرْدَ الْوَقَائِعِ مُرٌّ وَهَذَا النَّبِيذُ بِطَعِمِ سَرْدٍ جَرِيءٍ.
كانَ لَنَا مَوْعِدٌ فِي الْمَسَاءِ مَعَ الِّريحِ.
فِي مَرْقَصٍ صَاخِبٍ؛ بَادَلَتْنَا فَتَاةُ الْبُرُوقِ شُجونَ النَّهارِ,أَعَدَّتْ لَنَا الْمَائِدَه.
سَمَكٌ دَاخِنٌ
وَنَبِيذٌ مَحَلِّي
وَفَاكِهَةَ الرُّوحِ
لَمْ يَكُنْ دَافِئاً ذَلِكَ الِلَّيْلُ
والشَّجَرُ الْمُتَعَرِّي لِفَصْلٍ شَرِيدٍ؛تعَرَّى يُكَفْكِفُ بَوْحَ السَّكَارىَ ويَذْرِفُ حُلْمَ التُّرَابِ
وَنَحْنُ كَمَا لَوْ..
ولَكِنَّنَا غُرَبَاءُ
وليس لَنَا غَيْرُ الذَّهَابِ إلَى حيْثُ يَرْفُو الصَّدَى حَشْرَجَاتِ خُطَانَا
وَلَيْسَ لَنَا غَيْرُ تأويلنا لِخُرُوجِ الْفَرَاشَاتِ من ضَوْءِ أَلْوَانِهَا.
قَالَ الأَوَّلُ:مَسَاطيل.
قَالَ الثَّاني:مَجَانِين.
قَالَ ثَالثٌ: مُحِبِينَ.
قَالَ رَابِعٌ:مَنْفِيينَ.
قالت الفراشاتُ: شعراء.

محمد الأمين سعيدي
24-02-2009, 11:20 PM
يومك سعيد أخي:
اسمح لي أولا أن أرحب بك هنا بيننا في واحة الخير .
ثانيا:
إن هذا النص أو هذه القصيدة التي مازجتْ بين الكلام الموزون والمنثور ، صلبتني على جدار الدهشة ولما أفقتُ وجدتها لا تزال أمام مصرة على إدهاشي وها أنا أقول:
إنّ أهمّ ما يلفتُ في هذا النص هو لغته التي تعلن منذ البداية حربا مع الذائقة ، حتى تُفسح لها مجالا لإعادة صياغة الأشياء/المداليل ، والنظر إليها من زوايا متعددة . وهذا الأمر في نظري لا يتمّ إلا عن طريق التأويل الذي يمنحنا تعددا في القراءة في كل مرة.
إضافة إلى هذا فالنص يحمل شحنات ثقافية تظهر من خلال التوظيف الأسطوري والرمزي في بعض المواطن مثل قولك:
رَأَيْنَا الِمُتَنَبِّي عَلَى بَغْلَةٍ تمضغ عشبة؛ قَالَ لَنَا:هي نبَتَةُ جلجامش

والحقيقة بقدر جمال هذا المقطع إلا أنه ليس بريئا . لأن نبتة جلجامش ما هي إلا نبتة الخلود . أما البغلة التي تمضغ عشبة(بالتنكير) ، وقال صاحبها عنها أنها نبتة جلجامش فهذه لها إيحاءاتها التي تعبر عن موقف لذا صاحب النص ، إن كنت فهمته جيدا فأنا قد لا أتفق مع صاحبه فيه.
...
النص للتثبيت احتفاء به لجماله وعمقه .
أخي أشكرك على ما سطرت يدك ، فقد أمتعتنا ورب العرش.

نادية بوغرارة
25-02-2009, 11:48 AM
نص ثري ،

متدفق ، كشلال من الفكر و الصور .

و تحتمل المعاني فيه قراءات متعددة .

تستحق كل تقدير .

تقبل مروري .

عبدالله المحمدي
25-02-2009, 09:06 PM
هي غربة العقل والروح ....

قد كانوا لنا أوطانا ....كبيرة

تسامت فوق الشر والخير

وهآنت اليوم ايها الوطن

تذخر بكل علامات الواقع المحسوس ...

تجرعت الحياة بكأس فارغة ... فاندملت بك آثار السنين ..

الأنين ...

وقفت أتأمل ... الفرق بين الحياة والموت ...

فوجدتك ..

يا كتابي ... ملموس

قضاياك مختلفة وشاملة .... تملأ النفوس .

سعيت اليك مرغمة ... فوجدتك تحمل الباطن والظاهر ..

تعطشت الى مهجريك .. القلب والنظر ....

ولكنك أبيت إلا ..... أن تثبت لي جهلي ...

انت تمنيني بالقهر ...

انت تمنيني بالضعف ....بقلة الخبرة



أعدتني الى غربتي ......

ونسيت نفسي ... يا وطن

يا كتابي ....

لا تمل بوجهك عني ...

وكن على ضفتي رحمة .. لا قسوة ...

أفراحي وأتراحي وضعتها بين ضفتيك ..

غريب عن عالم ...

الظلم ....

والعقاب ...

وهكذا نخاطبكم كتاب ووطن وغربه


عبدالوهاب الملوح


حضور جميل هاديء

حرف أنيق متزن

أهلا بك أخي وبمدادك المضيء

تحياتي

سعيدة الهاشمي
28-02-2009, 01:33 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نص ثري، متعدد الدلالات منفتح على بحر من التأويل

لغة جميلة وقوية وأسلوب نثري رائع بحق

أدهشني ما قرأت

المبدع عبد الوهاب الملوح،

دمت برقي و إبداع.

احترامي وتقديري.