د. أبو الصفا
01-03-2009, 08:39 PM
تشارطات الهوية بين سياسة الثقافة و ثقافة السياسة
كينونة باحثة عن انتماء، تفاصيل تمرد صامت تشي تمظهراته بأزمة نموذج يغترب في اختيارات معزولة عن شرطية التاريخ..وصفات اقتصادوية لتنمية كسيحة، قروض صغرى بفوائد تنعش سوق البغاء، هكذا تعلن الليبرالية المعولمة زمن نخاسة جديد بقيم المنفعة والربح السريع، وهكذا تغيب الهوية كشرط ثقافي للتنمية مع هيمنة مجتمع مدني مفرغ من فلسفته ودوره التاريخي..إن تجربة الجمعيات البنكية بالمغرب تزيد من مأساوية اللاتكافؤ لأنها بوابة للاستنزاف الذي يستهدف أكثر الفئات الاجتماعية فقرا و معاناة...و في شبه تواطؤ على الجريمة لا أحد يريد إجابة حقيقية عن جدوى المقاربات الاقتصادوية للتنمية في ظل استمرار الأزمة الشاملة التي تطال القطاعات الاجتماعية والتي تقف وراء اليأس وما يرافقه من ظواهر..لقد أفضى خنق الثقافة داخل الكيانات الحزبية إلى إفراغها من مضمونها السياسي لتسقط في السياسوية التي جسدها التكرار التكرار والاجترار المبتذل لتاريخها الخاص لتخضع بالتدريج إلى سلطة المصالح المفارقة لتطلعات المواطن...
لا يمكن فهم التداخل بين السياسة والاقتصاد خارج منطق الصراع الذي ميز الدولة الحديثة في التاريخ المعاصر، إنه تداخل منتج للنماذج الثقافية المؤطرة لشاكلة الوجود الاجتماعي للأفراد...وإن كانت الأزمة الاقتصادية لعام 1929 قد أفضت إلى وجوب إخضاع الاقتصاد للسياسة، فإن عودة هذا الأخير إلى دور الشارط منذ ثمانينيات القرن العشرين شكلت كارثة على المجالات الاجتماعية و على الثقافة ذاتها من خلال الفردنة و التشيئ ومعيارية الربح السريع والمنفعة التي تم تعميمها من خلال الاختراق المرن للهويات الثقافية لفسح المجال أمام انهيار الدولة الوطنية وإلغاء الحواجز الجمركية لصالح الرساميل متعددة الاستيطان...وها هي ذي النتائج تلقي بظلالها على مستوى الظواهر النفسية والاجتماعية. لم تعد هناك بوصلة توجه الوعي والإرادة ضمن فضاء المواطنة المفرغ من الوطنية والتضامن...لا شيء أكثر إيلاما من كرامة تبتذل في مزايدات الجشع الرأسمالي، أسيرة للأمية والجهل؛ حيث القمع يأخذ لون التضليل والحياة تلبس مسوح الموت، حيث الإنسانية تنسحب خطوات بعدد الضحايا المعلنين لسباق اقتصادوي إلى السيطرة معلنا نهاية التاريخ وولاية وقحة على هذه النهاية..أي دور ستلعبه الثقافة في هذا "الكرنفال" الدعائي الذي غدت قنوات الإعلام وسيلته للتصريف بأشكال ومضامين تخترق الهوية وتحدث في أوصالها الشروخ و التصدعات؟ أي دور للمثقف إذا لم يضطلع بمهمة لم الشظايا التي أحدتثها الفردنة والتفييء في المجتمع والأفراد؟ وكيف يمكن افتراض أفق استشرافي لممكنات الاستجابة خارج شروط التلقائية النفسية وبعيدا عن الوسائط التواصلية وصناعة النموذج المتعدد القابل للتمثل؟
إن الضمير المجتمعي الذي يجسده المثقف الحقيق بالمسؤولية التاريخية لا بد وأن يستعيد دوره النضالي كوعي مركب وكإرادة يؤمن النقد المزدوج إمكانياتها للتحقق، إن الأمر يبدو وكأنه دعوة للحضور في الصيرورة بما تحمله هذه المغامرة من أخطار إذا لم يتم إحالة المستفيدين من الوضع إلى تقاعد باتت ردود الفعل الاجتماعية تعبر عنه بشتى الوسائل الحسية الممكنة، مميطة اللثام عن عقم المقاربات الإصلاحية بمنظورات اقتصادوية تفرض هيمنتها على السياسة وعلى مضمون المواطنة الذي يتم تصريفه في الممارسة المائعة للإنصاف وحقوق الإنسان، هكذا فالمطلب الأساس سيظل هو تخليق السياسة الثقافية وتوجيهها على أسس وطنية تقوم على انتماء وطني يضمن تكافئ الفرص ومواطنة تتوازن في إطارها الحقوق والواجبات بمنظور غائي يستشرف المستقبل مجالا لتحقق الإرادة في المجتمع والتاريخ..إن حقوق الإنسان ليست نصوصا تقدم بين جدران مؤسسات التعليم بمعزل عن الممارسة النموذجية المشكلة لمناعة الأطفال و المراهقين و الشباب،مناعة محررة للطاقات ومضمونة النتائج في استراتيجيات الدولة الديمقراطية الحديثة..إن المثقف اليوم مدعو إلى الانخراط في الصراع المزدوج ضد النزعة الإقتصادوية و ضد الجهل المركب الذي تبثه هذه النزعة في التدبير اللحظي لأزمة البدائل التي تنتعش في إطارها الشوفينية والتشرذم...ولا يمكن في حضور هيمنة المنفعة اللحظية والربح السريع أن تتم مأسسة سياسة ثقافية تمنح للمواطنة فاعليتها المنتجة لممكنات السياسة ذاتها...إن الآثار الوخيمة للتدبير المقاولاتي للتعليم هي ضمان استمرار هيمنة أطراف تستفيد من الوضع، وإذ نتحدث عن التعليم فهو المجال المحوري لتحقيق التنمية بمفهومها الوطني والإنساني، إنه المجال الملكي لاستثمار القيم في أبعادها الاستراتيجة، من هنا كانت حساسية المصالح السائدة تجاه اضطلاعه بدوره التاريخي..ومن هنا تم إفراغه من أدواته النقدية أولا لتتم بعد النتائج الكارثية تقديم وصفة حداثية مفرغة من مضمونها الوطني ومعزولة عن شرطها التاريخي..فما الجدوى من تعليم يقدم خريجي مؤسساته نهبا للقمع والتنكيل أمام مؤسسات لا يملك الكثير من أفرادها أي رصيد ثقافي؟ إن الإنتاج الرمزي هو ضمانة الإنتاج المادي من الاستنزاف الجشع الذي يحرك دواليب الشأن العام بمنطقه المبتذل...
لقد انشطرت الأنا الجماعية للهوية الثقافية نتيجة للتدبير الاقتصادوي للقطاعات الاجتماعية وغياب مؤسسة ثقافية بالمعنى النظري والممارس للثقافة كسياسة عامة يقع التعليم في محورها، من هنا فإعادة الاعتبار للسياسة التي فقدت طابعها السياسي تظل رهانا على عاتق المثقفين، لكن بحذر يقي من مغبة إمداد توابيت التحنيط السياسوي بأدوات استرجاعها للهيمنة مستفيدة من التجهيل الذي يمنحها الحياة..إن الثقافة بالمنظور الرأسمالي صناعة تصب في اتجاه غاياته، تحرك الميول الطبيعية لتشرط الوعي والإرادة، ومن هنا سيبدأ مشوار جديد من النفي المتبادل..هنا تبدأ الثقافة كنضال يستشرف تحرر الإنساني المطمر في ذوات الأفراد...إن الاحتجاج الصامت للمثقفين ينعش أشد الأشكال تطرفا لأن الأمل يصنعه المثقفون في ممكنات السياسة..أما الاقتصاد فالولايات المتحدة الأمريكية نفسها صارت تطرح الآن إمكانية سقف للملكية الفردية ولو على مستوى الخطاب فتلك مقدمة تحمل أكثر من دلالة..
كينونة باحثة عن انتماء، تفاصيل تمرد صامت تشي تمظهراته بأزمة نموذج يغترب في اختيارات معزولة عن شرطية التاريخ..وصفات اقتصادوية لتنمية كسيحة، قروض صغرى بفوائد تنعش سوق البغاء، هكذا تعلن الليبرالية المعولمة زمن نخاسة جديد بقيم المنفعة والربح السريع، وهكذا تغيب الهوية كشرط ثقافي للتنمية مع هيمنة مجتمع مدني مفرغ من فلسفته ودوره التاريخي..إن تجربة الجمعيات البنكية بالمغرب تزيد من مأساوية اللاتكافؤ لأنها بوابة للاستنزاف الذي يستهدف أكثر الفئات الاجتماعية فقرا و معاناة...و في شبه تواطؤ على الجريمة لا أحد يريد إجابة حقيقية عن جدوى المقاربات الاقتصادوية للتنمية في ظل استمرار الأزمة الشاملة التي تطال القطاعات الاجتماعية والتي تقف وراء اليأس وما يرافقه من ظواهر..لقد أفضى خنق الثقافة داخل الكيانات الحزبية إلى إفراغها من مضمونها السياسي لتسقط في السياسوية التي جسدها التكرار التكرار والاجترار المبتذل لتاريخها الخاص لتخضع بالتدريج إلى سلطة المصالح المفارقة لتطلعات المواطن...
لا يمكن فهم التداخل بين السياسة والاقتصاد خارج منطق الصراع الذي ميز الدولة الحديثة في التاريخ المعاصر، إنه تداخل منتج للنماذج الثقافية المؤطرة لشاكلة الوجود الاجتماعي للأفراد...وإن كانت الأزمة الاقتصادية لعام 1929 قد أفضت إلى وجوب إخضاع الاقتصاد للسياسة، فإن عودة هذا الأخير إلى دور الشارط منذ ثمانينيات القرن العشرين شكلت كارثة على المجالات الاجتماعية و على الثقافة ذاتها من خلال الفردنة و التشيئ ومعيارية الربح السريع والمنفعة التي تم تعميمها من خلال الاختراق المرن للهويات الثقافية لفسح المجال أمام انهيار الدولة الوطنية وإلغاء الحواجز الجمركية لصالح الرساميل متعددة الاستيطان...وها هي ذي النتائج تلقي بظلالها على مستوى الظواهر النفسية والاجتماعية. لم تعد هناك بوصلة توجه الوعي والإرادة ضمن فضاء المواطنة المفرغ من الوطنية والتضامن...لا شيء أكثر إيلاما من كرامة تبتذل في مزايدات الجشع الرأسمالي، أسيرة للأمية والجهل؛ حيث القمع يأخذ لون التضليل والحياة تلبس مسوح الموت، حيث الإنسانية تنسحب خطوات بعدد الضحايا المعلنين لسباق اقتصادوي إلى السيطرة معلنا نهاية التاريخ وولاية وقحة على هذه النهاية..أي دور ستلعبه الثقافة في هذا "الكرنفال" الدعائي الذي غدت قنوات الإعلام وسيلته للتصريف بأشكال ومضامين تخترق الهوية وتحدث في أوصالها الشروخ و التصدعات؟ أي دور للمثقف إذا لم يضطلع بمهمة لم الشظايا التي أحدتثها الفردنة والتفييء في المجتمع والأفراد؟ وكيف يمكن افتراض أفق استشرافي لممكنات الاستجابة خارج شروط التلقائية النفسية وبعيدا عن الوسائط التواصلية وصناعة النموذج المتعدد القابل للتمثل؟
إن الضمير المجتمعي الذي يجسده المثقف الحقيق بالمسؤولية التاريخية لا بد وأن يستعيد دوره النضالي كوعي مركب وكإرادة يؤمن النقد المزدوج إمكانياتها للتحقق، إن الأمر يبدو وكأنه دعوة للحضور في الصيرورة بما تحمله هذه المغامرة من أخطار إذا لم يتم إحالة المستفيدين من الوضع إلى تقاعد باتت ردود الفعل الاجتماعية تعبر عنه بشتى الوسائل الحسية الممكنة، مميطة اللثام عن عقم المقاربات الإصلاحية بمنظورات اقتصادوية تفرض هيمنتها على السياسة وعلى مضمون المواطنة الذي يتم تصريفه في الممارسة المائعة للإنصاف وحقوق الإنسان، هكذا فالمطلب الأساس سيظل هو تخليق السياسة الثقافية وتوجيهها على أسس وطنية تقوم على انتماء وطني يضمن تكافئ الفرص ومواطنة تتوازن في إطارها الحقوق والواجبات بمنظور غائي يستشرف المستقبل مجالا لتحقق الإرادة في المجتمع والتاريخ..إن حقوق الإنسان ليست نصوصا تقدم بين جدران مؤسسات التعليم بمعزل عن الممارسة النموذجية المشكلة لمناعة الأطفال و المراهقين و الشباب،مناعة محررة للطاقات ومضمونة النتائج في استراتيجيات الدولة الديمقراطية الحديثة..إن المثقف اليوم مدعو إلى الانخراط في الصراع المزدوج ضد النزعة الإقتصادوية و ضد الجهل المركب الذي تبثه هذه النزعة في التدبير اللحظي لأزمة البدائل التي تنتعش في إطارها الشوفينية والتشرذم...ولا يمكن في حضور هيمنة المنفعة اللحظية والربح السريع أن تتم مأسسة سياسة ثقافية تمنح للمواطنة فاعليتها المنتجة لممكنات السياسة ذاتها...إن الآثار الوخيمة للتدبير المقاولاتي للتعليم هي ضمان استمرار هيمنة أطراف تستفيد من الوضع، وإذ نتحدث عن التعليم فهو المجال المحوري لتحقيق التنمية بمفهومها الوطني والإنساني، إنه المجال الملكي لاستثمار القيم في أبعادها الاستراتيجة، من هنا كانت حساسية المصالح السائدة تجاه اضطلاعه بدوره التاريخي..ومن هنا تم إفراغه من أدواته النقدية أولا لتتم بعد النتائج الكارثية تقديم وصفة حداثية مفرغة من مضمونها الوطني ومعزولة عن شرطها التاريخي..فما الجدوى من تعليم يقدم خريجي مؤسساته نهبا للقمع والتنكيل أمام مؤسسات لا يملك الكثير من أفرادها أي رصيد ثقافي؟ إن الإنتاج الرمزي هو ضمانة الإنتاج المادي من الاستنزاف الجشع الذي يحرك دواليب الشأن العام بمنطقه المبتذل...
لقد انشطرت الأنا الجماعية للهوية الثقافية نتيجة للتدبير الاقتصادوي للقطاعات الاجتماعية وغياب مؤسسة ثقافية بالمعنى النظري والممارس للثقافة كسياسة عامة يقع التعليم في محورها، من هنا فإعادة الاعتبار للسياسة التي فقدت طابعها السياسي تظل رهانا على عاتق المثقفين، لكن بحذر يقي من مغبة إمداد توابيت التحنيط السياسوي بأدوات استرجاعها للهيمنة مستفيدة من التجهيل الذي يمنحها الحياة..إن الثقافة بالمنظور الرأسمالي صناعة تصب في اتجاه غاياته، تحرك الميول الطبيعية لتشرط الوعي والإرادة، ومن هنا سيبدأ مشوار جديد من النفي المتبادل..هنا تبدأ الثقافة كنضال يستشرف تحرر الإنساني المطمر في ذوات الأفراد...إن الاحتجاج الصامت للمثقفين ينعش أشد الأشكال تطرفا لأن الأمل يصنعه المثقفون في ممكنات السياسة..أما الاقتصاد فالولايات المتحدة الأمريكية نفسها صارت تطرح الآن إمكانية سقف للملكية الفردية ولو على مستوى الخطاب فتلك مقدمة تحمل أكثر من دلالة..