مشاهدة النسخة كاملة : مُختَلفٌ
د. سمير العمري
06-03-2009, 03:14 AM
اقْتَرَبَ النَّهَارُ مِنْ مُنتصَفِهِ في يَومٍ صَيفيٍّ حَارٍّ يَكادُ لولا بَعضُ ظِلٍّ وَقَرٍّ مِن مُكَيِّفِ هَواءٍ لا يَستَقِرُّ أنْ يُوغِرَ صُدُورَ البَّشَرِ وَأنْ يَزيدَ فيهَا المَللَ والضَّجرَ. رَغم ذَلكَ كانَ طَابورُ المُرَاجِعين يَطُولُ بَدَلَ أنْ يَقصرَ وَالمعَامَلاتُ تَتَكدَّسُ على مَكتبَهِ يَنظُرُ إِليهَا شَزرًا وَقَهرًا حَتَّى إذَا بَلَغَ الصَّمْتُ مِنْهُ الحُلقُومَ صَرَخَ في المُرَاسِلِ الذِي يَنقلُ إِلَيهِ كُلَّ تِلك المُعَاملاتِ أَنْ كَفَى.
كانَ مُديرًا لِقِسمِ التَّوثِيقِ والتَّدوينِ وَكَانَ عَلَيهِ أنْ يُوَقِّعَ بِالاستلامِ عَلى كُلِّ مُعَاملةٍ تَصِلُّ مَقَرَّ الإدَارَةِ العَامَّةِ للمَشَاريعِ ثُمَّ تَحويلهَا للقِسْمِ المُخْتَصِّ. أَمْسَكَ قَلمَهُ يُوَقِّعُ عَلى المُعَاملاتِ مُتَذمِّرًا مِنْ كُلِّ مَا حَولهُ. لَمْ يَكُنْ يُرضِيهِ شَيءٌ ؛ هُوَ يَرَى أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ لا يُحِبُّ الرَّتَابةَ وَلا التِّكْرَارَ ، وَلا يَرضَى أنْ يَكونُ أَسِيرَ نِظَامٍ إِدَاريٍّ قَائِمٍ وَرَهِينَةَ عَمَلٍ رَتِيبٍ كَئِيبٍ. تَذَكَّرَ كَيفَ كَانَ يَتَذَمَّرُ مِنْ تَوجِيهَاتِ جَدِّهِ النَّاصِحَةِ بِأَمْرٍ أَو بِنَهْيٍ ، وَكَيف كَانَ يَمقتُ مُدَرِّسِ النَّحْوَ وَالقَوَاعِدِ ، وَكَيفَ كَانَ يَنْزَعجُ مِنْ التَّشَدُّدِ فِي الالتزَامِ بِمَواعِيدِ الحُضُورِ وَالانْصِرَافِ أَيَّامَ الدِّرَاسَةِ بَلْ وَحَتَّى هَذِهِ الأيَّام. كَانَ يُؤمِنُ بِالحُرِّيَةِ وَالانطْلاقِ وَالتَّحَرُّرِ مِنْ كُلِّ قَيدٍ وَالتِزَامٍ إِلا بِمَا يَقتَنعُ بِهِ رَأيُهُ ، فَفَلسَفَةُ الحَيَاةِ عِندًهُ أَنَّهَا لِلأحيَاءِ فَمَنْ سَبَقَ قَضَى وَمَنْ لَحقَ اقتَضَى وَمَنْ عَاشَ فَلَهُ مِنْ عَيشِهِ أَيَّامَهُ لا تَزَيدُ وَلا تَعُودُ.
انتَبَهَ فجْأَةً عَلى المُرَاسِلِ يَمُدُّ إِليهِ بِيَدٍ رَاجِفَةٍ وَرَقَةً وَاحِدَةً فَأَمسَكَها بِمَللٍ وَأَرسَلَ لَهَا بَصَرَهُ بِكَسَلٍ ، فَمَا لَبثَ إِلا قَليلا حَتَّى ارتَسَمتْ عَلى وَجهِهِ وَلأَوَّلِ مَرَّةٍ مُنذ أيَّامٍ بَعْضُ مَلامِحِ انفِراجٍ أَدْنَى إِلى الابتِسَامِ. كَانَ خَبَرُ حُضُورِ الوَزيرِ وَلفِيفٍ مِنِ المَسؤُولينَ وَكِبَارِ الصَحَفِيينَ الحَفلَ السَّنَوِيِّ الذِي سَتُقِيمُهُ الإدَارَةُ فِي مَوعِدِهِ المُحدَّدِ بَعْدَ أسبُوعَينِ فُرصَةً رَآهَا سَانِحَةً لِيؤَكِّدَ للجَمِيعِ أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ وَأَنَّهُ يَستَحِقُ الفَوزَ بجَائِزَةِ التَمَيُّزِ في الأدَاءِ ، بل ويَستَحِقُ أَكثرُ مِنْ هَذَا المَنصبِ الذِي يَقْبَعُ فِيهِ ، وَأَهَمُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُثْبِتَ لِلمُدِيرِ العَامِ وَأَمَامَ الحَشْدِ الكَبِيرِ أنَّهُ أَفضَلُ بَذْلا وَأَكمَلُ عَقْلا مِنْ مُدِيرِ شُعْبَةِ التَّخطِيطِ وَالتَّطوِيرِ هَذَا الذِي يُدْنِيهِ مِنهُ وَيُقَرِّبهُ إِلَيهِ وَيَثِقُ بِهِ.
كَانَ الحُضُورُ كَبِيرًا وَقَدْ تَعَلَّقتِ الأنظَارُ بِالمُصطَفِّينَ خَلفَ المَنَصَّةِ مِنْ مُدَراءِ الأقْسَامِ لِيُقَدِّمَ كُلُّ مُدِيرٍ مِنْهُم تَقييمًا وَتَقوِيمًا لِخِطَّةِ قِسْمِهِ وحَصْرِ الإنْجَازاتِ وَمُناقَشةِ آلِيَّاتِ التَّدْبِيرِ وَالتَّطوِيرِ بِمَا يَتَّفِقُ وَالقَوَاعِدِ العَامَّةِ وَيرتَقِي بِالمُستَوَى شَكْلا وَمَضْمُونًا. شَعَرَ بِمَوجَةٍ مِنِ الرِّضَا تَجْتَاحُهُ وَهُوَ يَرَى جُلَّ العُيُونِ وَقَد اتجهَتْ صَوبَهُ تَرْمقُهُ بابتسَامَةٍ حَارَ فِي تَفسِيرِ مَعنَاهَا. لَقَدْ شَعَرَ حِينهَا بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخْدَعُ نَفْسَهُ وَبِأَنَّهُ بِحَقٍّ جِدَّ مُختَلِفٍ ومُتَفَوِّقٍ عَنْ غَيرِهِ ، واقتَنَعَ بأَنَّهُ سَيكُونُ نَجْمَ الحَفلِ لا مَحَالَةَ خُصُوصًا بَعدَ أنْ يُلقِي كلِمَتهُ وَيُدْهِشُ الحَاضِرِينَ بِأسلُوبِهِ وَرُؤيَتِهِ.
تَوَالَتِ الكَلمَاتُ لا يُلقِي لَهَا بالا وقَدْ غَرِقَ فِي شُعُورِهِ العَارِمِ بِمُتعَةِ التَّمَيُّزِ مِنْ خِلالِ كُلِّ تِلكَ النَّظَراتِ التِي أَصَرَّتْ أَنْ تَمْنَحَهُ الجُزْءَ الأَكبرَ مِنْ التِفَاتَاهَا وَابتِسَامَاتِهَا. نَظَرَ حَولَهُ ثُمَّ إِلى زُمَلائِهِ المُديرِينَ فَسَخِرَ فِي نَفسِهِ منْهُم حَدَّ الرِّثَاءِ وَقَدْ لَبِسُوا الحُللَ الرَّسْمِيَّةِ يكَادُونَ يَخنِقُونَ أَنفسَهُم بِربطَاتِ العُنُقِ المُنْسَجِمَةِ مَعْ أَلوانِ الحُللِ بِرَتَابَةٍ وَتَقَارُبٍ يَكَادُ يُصِيبُهُ بِالغَثَيانِ. حَاولَ أَنْ يَستَمِعَ لبَعضِ مَا يَقُولونَ فَزَادَ فِيهِ مَا قَالُوا ذَلكِ الشُّعُورَ بِمَا أَبدوا مِنِ التزِامٍ بِالمَنهَجِ العَام وَأفكَارِ التَّطْوِيرِ المَنْهَجيِّ التَّقْليدِيَّةِ وَحَتَّى تِلكَ اللغَةِ المُستهلَكَةِ التِي يَستَخدِمُونَهَا فِي تَوضِيحِ مَا يَقْصدُونَ بِشِكْلٍ فَجٍّ وَمُبَاشِرٍ.
سَمِعَ كَأَنَّ المَجْدَ يُنَاديهِ حِينَ هَتَفَ مُقَدِّمُ الحَفلِ بِاسمِهِ فَتَقَدَّمَ لِلمنَصَّةِ وَالعُيُونُ لا زَالتْ تُطَارِدُهُ بِتلكَ الابتِسَامَةِ. تَلَعْثَمَ كَثيرًا يَبْحَثُ عَنْ لُغَةٍ جَدِيدَةٍ مُختَلِفَةٍ وَأَفكَارٍ مُخَالِفَةٍ حَتَّى استَطَاعَ أَخيرًا وَبِالكَادِ أنْ يُفهِمَ الحُضُورَ بِأَنَّهُ يَرفُضُ مَنْهَجَ التَّقلِيدِ وَاتِّبَاعِ الأُطُرِ وَأَنَّهُ يَقتَرحُ أنْ يَكونَ مِعيَارُ الأدَاءِ بِيَدِ المُوظَّفِ نَفسِهِ لِيرسُمَ بِهَذهِ الحُرِيَّةِ حَالةَ إِبْدَاعِيَّةً تَنْعَكِسُ إِيجَابًا عَلى الأَدَاءِ العَام لِلمَشَارِيعِ. صَمَتَ ينتَظِرُ هاَلةً مِنِ التَّصْفِيقِ فَهَالَهُ أنْ المُصَفِّقِينَ لَهُ كَانُوا قِلَّةً يجْلِسُونَ فِي آخِرِ القَاعَةِ يَلبسُونَ قُمْصَانًا قَصِيرَةَ الأَكمَامِ. التَفَتَ مضْطَربًا يَبحَثُ عنِ تِلكَ العُيُونِ التِي كَانتْ تَرمقُهُ بابتسَامَاتِهَا فَوَجَدَهَا قَدِ انقَلَبتْ عَنهُ وَعَنْهَا إِلى نَظَرَاتٍ جَادَّةٍ مُعجَبَةٍ وتَصفِيقٍ مُجَلجِلٍ لِمُدِيرِ التَّخْطيطِ وَالتَّطويرِ يتَسَلَّمُ الجَائِزةَ ويُجِيبُ علَى أَسئِلةٍ دَقِيقَةٍ للصَّحَفيينَ مُوَضِّحًا لَهُم أَهَميَّةَ الاتِّكَاءِ عَلى مَورُوثِ الوِزَارَةِ وَالالتِزَامِ بِأُطُرِهَا المُنَظِّمَةِ مَعْ إِيجَادِ حَالَةً مِنَ الوَعيِ العَام بِالوَاقِعِ لِتَطويرِ آليَّاتِ أَدَاءٍ نَاجِعَةٍ وَمُنسَجِمَةٍ مَعِ الأهدَافِ وَالتَّطَلعَاتِ دُونَ انقِلابٍ عَلى الذَّاتِ وَلا انكِفَاءٌ عَلى الإنْجَازَاتِ.
وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ ثَارَ حَتَّى أَزبَدَ وَأَرعَدَ مُتَطَاوِلا عَلى صَاحِبِ الجَائِزَةِ فَمَا التَفَتَ إِليهِ أَحَدٌ سِوَى أَصحَابُ القمْصَانِ قَصِيرَةِ الأَكْمَامِ ، وَغَاظَهُ مِنهُ أَنَّهُ لا يَأْبَهُ بِهِ ، وَلَكِنْ غَاظَهُ مِنهُ أَكثَر تِلكَ الحُلَّةُ الرَّسمِيَّةُ التَّقلِيدِيَّةِ التِي زَادَتهُ وَسَامَةً وأَنَاقَةً وَهَيبَةً.
******
بابيه أمال
06-03-2009, 10:53 PM
سلام الله عليكم
هذه الرؤية الضيقة لمفهوم العمل الجمعوي من قبل الكثير من الموظفين الذين أطمروا الكراسي الإدارية بمكاييل إضافية من العجز كانت من بين الأسباب الرئيسية التي أحالت العمل الإداري إلى "كاميرا" تعكس ما تراه دون إضافة ما.. لنجدهم بالتالي راضون بالوقوف في الطرف الثاني من الحلبة حاملون مشاعل الرؤية المستقبلية، وسابقون كل الفروض والأقيسة كيما يعبرون تخوم اليوم إلى مجاهيل الغد المحجب يقودهم على الطريق إحساس نبوئي صادق الإيماء !
الدكتور سمير..
للأسف.. فهذه العينة من العقول متواجدة في كل ركن وزاوية من الحياة التي يأبى المستقبل بما يحمله في غيبه إلا أن يتركهم وراءه..
تقديري لقلم يجيد استخدام الحروف ومعانيها حاملا دوما أكثر من رسالة..
دمتَ بخير..
وفاء شوكت خضر
06-03-2009, 10:57 PM
وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ ثَارَ حَتَّى أَزبَدَ وَأَرعَدَ مُتَطَاوِلا عَلى صَاحِبِ الجَائِزَةِ فَمَا التَفَتَ إِليهِ أَحَدٌ سِوَى أَصحَابُ القمْصَانِ قَصِيرَةِ الأَكْمَامِ ، وَغَاظَهُ مِنهُ أَنَّهُ لا يَأْبَهُ بِهِ ، وَلَكِنْ غَاظَهُ مِنهُ أَكثَر تِلكَ الحُلَّةُ الرَّسمِيَّةُ التَّقلِيدِيَّةِ التِي زَادَتهُ وَسَامَةً وأَنَاقَةً وَهَيبَةً.
حين يرتقي الأديب الشاعر السامق د. سمير العمري منصة القصة القصيرة ، فلا بد أن هناك رمزية عميقة ،
على القارئ أن يتروى حتى يصل إلى عمقه والهدف منه ، فهو لا يكتب أي نص دون أن يكون من ورائه هدف وغاية ومقصد يثريان النص الأدبي بالحكمة والموعظة ودروس عظيمة في الحياة ..
قرأت مرة ومرتين ، وبدأت تتوالى الأفكار وأنا أغوص في عمق هذه القصة كي أصل إلى مغزاها ..
مرة وجدتها ربما تشير إلى الحداثة ، والتي يدعي فيها المحدثون أن الحرية هي أساس التميز وإن سلكت طرقا وعرة لا تؤدي إلا إلى نهايات لا غاية منها إلا الخروج عن كل ما هو مألوف ، من قيم وأخلاق ودين وعرف ..
فيكون كل محرم مباح وكل مباح مستنكر ، حتى ليصل أحدهم حد الإلحاد ..
ثم تأتي صورة أخرى تظهر لنا صور القياديين ، معما اختلفت مواقعهم ، وكل يتشدق بمفهوم حضاري جديد ، معلنا أن الحرية في الفوضى ، وعدم الالتزام ، وأن الغوغائية هي منبع الإبداع الفكري ، والكم لا الكيف هو الميزان
لتقييم العمل ، بعيدا عن كل الأسس والمفاهيم العلمية التي كانت أساسا راسخا لكل علم ..
كانت النهاية جميلة تخدم الرمز ليصل إلى الهدف المراد منه ..
لعلي اكون وفقت أستاذي بقراءة نصك القصصي هذا ، واقتربت إلى ما أرته منه ولو بنصف خطوة ..
خالص ودي ..
مروة عبدالله
09-03-2009, 09:57 AM
د. سمير العمري
فرصة طاولته بكل ما هو جدير بالذكر من طموحات, وزخرفة يرسم بها نفسه بدون أسمى المعايير, لم يدرك أن الإختلاف يكمن في النفس من خلال عيونهم هم وليس عينيه هو, أصبح هو الآن كرقعة كبقية الرقع التي علي المكاتب تكابد لتكسب قوتها مثل كل الأجناس, جميلة القصة وبسيطة كلماتها, فمن القلب أشكركَ.
محبتي
حسام القاضي
11-03-2009, 07:23 PM
أخي الفاضل الأديب / د. سمير العمري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مر زمن منذ أن قرات لك آخر قصة
تعتمد في قصصك على بناء هندسي محكم ، أو لنقل معادلة تحرص دائماً على وجود جميع معطياتها لنصل إلى معادلة موزونة ( كما يقول أهل الكيمياء) ..
العمل غارق في الرمزية ويمكن تأويله على أكثر من وجه ،رأيت فيها مقارنة بين حرية الفوضى
والحرية المسؤولة ، هناك فرق بين الالتزام بالنظم والقواعد وبين الروتين ؛فهناك البعض يرى الأمور من وجهة نظر وحيدة قاصرة ، ويبني عليها عالماً خاصاً يعيش داخله متشرنقاً لا يحاول الخروج من تلك الشرنقة ورؤية العالم حوله من وجهة نظر محايدة على الأقل .
ذكرتني قصتك بمقولة عامية ( العلم في الراس مش في الكراس) حيث أن البعض يرى في الأكاديميين ونظمهم الأكاديمية نوعاً من التكلف ، وذلك غالباً بسبب أن المشوار الأكاديمي لا يطيقه الكثيرون فيلجا البعض منهم إلى الاختلاف لمجرد الاختلاف والتمرد ، وقد يرميهم بما ليس فيهم (روتين أو جمود) إشارتك إلى أصحاب القمصان قصيرة الأكمام ، والحلة الرسمية التقليدية قادتني إلى هذا التفسير.
تمنيت لو انك لم تورد هذه العبارة في القصة(برغم أهميتها) فقد جعلتني أشعر بوجود الكاتب :
"وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ."
وهي مجرد وجهة نظر ـ كما تعلم ـ من محب للقصة
تقبل تقديري واحترامي
د. سمير العمري
15-03-2009, 02:13 PM
سلام الله عليكم
هذه الرؤية الضيقة لمفهوم العمل الجمعوي من قبل الكثير من الموظفين الذين أطمروا الكراسي الإدارية بمكاييل إضافية من العجز كانت من بين الأسباب الرئيسية التي أحالت العمل الإداري إلى "كاميرا" تعكس ما تراه دون إضافة ما.. لنجدهم بالتالي راضين بالوقوف في الطرف الثاني من الحلبة حاملين مشاعل الرؤية المستقبلية، وسابقين كل الفروض والأقيسة كيما يعبرون تخوم اليوم إلى مجاهيل الغد المحجب يقودهم على الطريق إحساس نبوئي صادق الإيماء !
الدكتور سمير..
للأسف.. فهذه العينة من العقول متواجدة في كل ركن وزاوية من الحياة التي يأبى المستقبل بما يحمله في غيبه إلا أن يتركهم وراءه..
تقديري لقلم يجيد استخدام الحروف ومعانيها حاملا دوما أكثر من رسالة..
دمتَ بخير..
نعم أيتها الأديبة الحصيفة ، هناك من لا يرى الكون إلا من خلال نفسه فينصب نفسه معيارا وحاكما للقيم التي يجدر أن تسود.
هي إحدى الزوايا أشرت إليها بحصافة ولباقة ، ورصدت أمثال هؤلاء ممن لا يجد المرء منهم إلا الكبر غرورا والقول بذلا.
أشكر لك مرورك الكريم.
تحياتي
إدريس الشعشوعي
15-03-2009, 02:49 PM
أستاذنا الحبيب العمري ... تحية ، و قد صدقت الاستاذة وفاء شوكت ، فما عهدنا تآليفكم إلا ذات مغزى و رسالة و إشارة و توجيه .
مختلِف ؟؟ .. ما أصعبَ أغوار النّفس و تلبيساتها ، إذا صارتِ التراكمات على هبوط مقاييسها ، و العاداتِ على تدنّي مستواها الأخلاقي و القيمي ، إذا صارتِ هذه التراكمات و العادات لها في نفسِ صاحبها قيمة بل و تميّزا و اختلافاً عن غيره من الاقران .
تلك سيدي طامة و أزمة ، فالنّفس إذا التفّ عليها عجزها و عاداتها السقيمة ، و لم تبلغ المدى المقبول من مقاييس القبول و الأخلاق مالتْ الى ذاتها و افعالها الى التبرير ، و الأعجب و الأسوء أن تميل في ذلك الى اعتباره تميّز و اختلاف و تفرّد !!
ثمّ الأسوء من ذلك إذا تحوّلت هذه النرجسية المزيّفة المتوهمّة الى احتقار للغير ، و بعثت بصاحبها الى الكبر و الغرور .
فحريٌّ بنا أن نلتفت الى أنفسنا يوماً بعد يومٍ نتّهمها فيما تدّعيه ، و نجعل مقياس تميّزها و قبولها مرجعا صحيحا من الأخلاق و المنطق المقبول و النصح ممّن عرفناهم أهلا للثقة و الصدق و الخلق النبيل .
و ما أجمل أن يفيضَ التميّز و الموهبة بالتكامل مع الغير و المحبّة و الاندماج بدل الاستعلء و الغرور و الاحتقار .
فما أشقى من يبعثُه وهمه أو حتى تميّزه و مواهبه الى الاستعلاء على الغير و الاحتقار لهم . لا شكّ أنّ مثل هذا قد جعل ما حباهُ الله من نعم و مواهب و فضل عبئاً على كاهله و سببا من اسباب شقائه .
سيدي الكريم بارك الله فيك على هذه الاشارات القيّمة .
دامَ هذا الإبداع الهادف .. تحياتي و تقديري .
د. سمير العمري
18-03-2009, 08:03 PM
وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ ثَارَ حَتَّى أَزبَدَ وَأَرعَدَ مُتَطَاوِلا عَلى صَاحِبِ الجَائِزَةِ فَمَا التَفَتَ إِليهِ أَحَدٌ سِوَى أَصحَابُ القمْصَانِ قَصِيرَةِ الأَكْمَامِ ، وَغَاظَهُ مِنهُ أَنَّهُ لا يَأْبَهُ بِهِ ، وَلَكِنْ غَاظَهُ مِنهُ أَكثَر تِلكَ الحُلَّةُ الرَّسمِيَّةُ التَّقلِيدِيَّةِ التِي زَادَتهُ وَسَامَةً وأَنَاقَةً وَهَيبَةً.
حين يرتقي الأديب الشاعر السامق د. سمير العمري منصة القصة القصيرة ، فلا بد أن هناك رمزية عميقة ،
على القارئ أن يتروى حتى يصل إلى عمقه والهدف منه ، فهو لا يكتب أي نص دون أن يكون من ورائه هدف وغاية ومقصد يثريان النص الأدبي بالحكمة والموعظة ودروس عظيمة في الحياة ..
قرأت مرة ومرتين ، وبدأت تتوالى الأفكار وأنا أغوص في عمق هذه القصة كي أصل إلى مغزاها ..
مرة وجدتها ربما تشير إلى الحداثة ، والتي يدعي فيها المحدثون أن الحرية هي أساس التميز وإن سلكت طرقا وعرة لا تؤدي إلا إلى نهايات لا غاية منها إلا الخروج عن كل ما هو مألوف ، من قيم وأخلاق ودين وعرف ..
فيكون كل محرم مباح وكل مباح مستنكر ، حتى ليصل أحدهم حد الإلحاد ..
ثم تأتي صورة أخرى تظهر لنا صور القياديين ، معما اختلفت مواقعهم ، وكل يتشدق بمفهوم حضاري جديد ، معلنا أن الحرية في الفوضى ، وعدم الالتزام ، وأن الغوغائية هي منبع الإبداع الفكري ، والكم لا الكيف هو الميزان
لتقييم العمل ، بعيدا عن كل الأسس والمفاهيم العلمية التي كانت أساسا راسخا لكل علم ..
كانت النهاية جميلة تخدم الرمز ليصل إلى الهدف المراد منه ..
لعلي اكون وفقت أستاذي بقراءة نصك القصصي هذا ، واقتربت إلى ما أرته منه ولو بنصف خطوة ..
خالص ودي ..
أشكر لك هذه القراءة المميزة ، وأقدر لك هذه الثقة الكريمة أختي الغالية وفاء.
والحقيقة أن للقصة أبعاد عدة أراك رصدت منها اثنين بحصافة وفطنة ، والنص مفتوح على قراءات أخرى أتركها للقراء كل وفق رأيه ورؤيته.
أكرر شكري وتقديري على ما زينت به هذه الصفحة.
تحياتي
فدوى فكري
19-03-2009, 02:19 AM
ذكرتني القصة بزميل في الكلية كتب علي معطفه " أنا مختلف " كتبها بالانجليزية طبعا " I'm different "
بصراحة لم يلفت هذا نظري , في أيامنا هذه صارت الكتابة , بل والرسم علي معاطف الكلية البيضاء أمرا عاديا
قال هذا الزميل تعليقا ما فضجت القاعة بالضحك , وكثيرا ما كان يفعل
- فلان هذا ظريف فعلا
تقولها لي زميلتي من بين ضحكاتها
- حقا؟
- انظري ماذا كتب علي معطفه , إنه فعلا مختلف
مقتنعة أقول لها
- وهذا هو أول دليل علي أنه ليس مختلفا في شئ , مجرد مراهق آخر يحاول لفت الانتباه
بطل القصة هنا يبدو أنه تخطي المراهقة فيما يبدو " أم لا؟ " , ولكن أراه يشبه زميلي في كونهما مجرد نسخ بشرية مكررة تبالغ في تقدير الذات
أومن تماما أن المختلفين حقا هم من لا يعرفون أنهم كذلك
ولو أعطي بطل القصة هذا المنصب الذي يريد لما أضاف شيئا , بل ربما بخس
الاختلاف ليس كلاما يقال , ولا خطبا تدبج
الاختلاف رؤية عملية كاملة تأتي نتاج جهد وتأمل واستفادة من الخبرات السابقة , وتطويرأساليب تفيد , المهم أن تفيد الهدف
أما الاختلاف لمجرد الخلاف بلا هدف , ولمجرد التميز عن الآخرين , بلا رؤية جادة , وعمل حقيقي مثمر , فله اسم آخر
ومن هنا أقول عن بطل القصة " المختلف " كما قلت عن زميلي , هو مجرد شخص يحاول لفت الانتباه
هذه هي الزاوية التي رأيت منها بطل القصة
أما التطوير فأهلا به طبعا قاتلا للروتين والنمطية , علي أن يأتي علي يد شخص مختلف , لا يعرف أنه كذلك
أستاذ سمير
وافر التقدير علي هذا الطرح المتميز
ومعذرة علي هذه القراءة القاصرة
كدت أنسى أن أقول أنني أتفق مع أستاذنا حسام القاضي فيما قال عن هذه الجملة
وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ."
وأراها تحاول شرح القصة , فلا تترك للقارئ فرصة للسعي وراء المغزي
نزار ب. الزين
20-03-2009, 01:02 AM
أخي المبدع الدكتور سمير
عندما يشعر الإنسان أنه مختلف ، فإنه يعيش حياته في صراع نفسي دائم ، يسبب له الألم و يقربه من حافة اليأس .
و من ناحية أخرى فإن وظيفة المنسق وظيفة هامة و تحتاج إلى دراية و تركيز ، و لكن أن يستمر بها الموظف لسنوات ، تصبح بالنسبة إليه تعذيبا متواصلا ، و قد انتبهت بعض الحضارات لهذه الناحية فاهتمت بعملية الحراك الدائم ، فهذا الموظف في هذه السنة منسق و في السنة التالية أمين مخزن و في الثالثة رئيس شعبة و هكذا... و بذلك تنتفي عنه الآلية و يختفي شعوره بالملل .
أما إذا كان الشعور بالإختلاف لا يستند إلى أية إمكانيات ذاتية ، فذلك ضرب من الغرور يؤذي صاحبه و يضايق من حوله بما فيهم أقرب المقربين إليه .
النص يتضمن سخرية لاذعة من النظام الوظيفي في بلادنا الذي هده الروتين و مسخه ذوو الياقات البيضاء و ربطات العنق الأنيقة ، بعقلياتهم المتحجرة و تعلقهم بحرفية النصوص و إهمال روحها و مرونتها ، و عدم تقبل أي نقد أو أية محاولة تطوير
و قد اعتمد الدكتور سمير على التصوير الدقيق لحالة ذلك الموظف المختلف النفسية ، فافاض و أجاد ، كما أجاد بحبك النص أسلوبا و لغة
سلم يراعك أخي الدكتور سمير و دمت مبدعا متألقا
نزار
عبدالرحمان بن محمد
20-03-2009, 12:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة مركزة وهادفة
تبحث في قضية أساسية
الرئيس المرؤوس والمؤسسة،
فتتفرع منها قضايا جوهرية مرتبطة بها ارتباطا وثيقا،
كقاطرة ذات عربات لن تبلغ محطتها إلا بالسير على خطوط من السكك الحديدية
وإن كان منظر الطريق يتبدل والزمن يتبدل..
وفقت سيدي في طرحك المميز
وإني لفخور كوني قرأت لك
فقد أتاحت لي قصتك فرصة اللقاء بك عبر أثير الكلمات
فهي تحية مني إليك
من القلب إلى القلب
فسلام الله عليك مادمت حيا
ويوم تموت
ويوم تبعث حيا
عبد الرحمان
د. سمير العمري
31-03-2009, 01:10 AM
د. سمير العمري
فرصة طاولته بكل ما هو جدير بالذكر من طموحات, وزخرفة يرسم بها نفسه بدون أسمى المعايير, لم يدرك أن الإختلاف يكمن في النفس من خلال عيونهم هم وليس عينيه هو, أصبح هو الآن كرقعة كبقية الرقع التي علي المكاتب تكابد لتكسب قوتها مثل كل الأجناس, جميلة القصة وبسيطة كلماتها, فمن القلب أشكركَ.
محبتي
صدقت ، إنما يكون الاختلاف والتميز حكما للآخرين المنصفين وليس رأيا شخصيا.
هي زاوية من الزوايا التي تحملها هذه القصة.
أشكر لك القراءة الواعية والمرور الكريم.
تحياتي
دكتور محمد فؤاد
31-03-2009, 06:24 AM
أخي العزيز د. سمير العمري
قصة فاخرة المبنى والمعنى ، رأيتها مختلفة فعلاً لاعنواناً ، فمن لغة رشيقة منسابة كنهر يفيض ، إلى حبكة قوية وعقدة ولحظة تنوير .. لكنني أراها مختلفة جداً لتلك القدرة الفائقة على إدراج نص بلغة قوية مع ضبطه وتشكيله وهو مالم يتعود جل الكتاب على الإهتمام به ..
إنه نص جميل .. ومختلف
سلم يراعك المبدع .
مودتي الدائمة وأرق تحياتي.:0014:
الطنطاوي الحسيني
04-04-2009, 11:11 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د سمير العمري المبدع
قرأتها أكثر من مرتين ورغم ذلك كنت أظنني قد علقت
قصة جميلة الحبك والسرد وايضا جمال السرد واللغة والتشكيل والفواصل وووو اشياء كثيرة
توضح لنا النرجسية وعدم فهم الذات ووضعها في نطاقها الصحيح والطبيبعي
وفعلا شيئ جميل في ديننا حينما نفهمه الا نطلب الرياسة والريادة حتى تأتي إلينا ونحن أهل لها فيعننا الله عليها
أما من جرى وراءها لعرض دنيوي من جاه او مال او شهرة فهي تكون اغلب الاوقات عليه هلكة ولا يقوم بواجباتها
الشيئ الثاني اعطاء الناس وانزالهم منازلهم التي هيئهم الله لها ولم يهيئنا لها تماما أو لم نصل لها بعد بالدربة والتمكن والحنكة والخبرة والرأي السديد والمشورة فهذه ايضا قاصمة الظهور حين لا نعرف للناس قدرهم فكيف يختار القادة ومن يسيرون السفينة مع انتكاس تفكير وفطرة ووعي حين ذلك تنتشر الفوضى ويحل الخراب لانشغال كل بشأنه وتترك الدفة او تعطى للمجرمين اصحاب المطامع فتزل القدم ويغرق الجميع
وقد قال الشاعر
لا يصلح الفوضى قوما لا سراة لهم = ولا سراة إذا جهَّالهم سادوا
أخي حبيبي قصة في الصميم
أنت مبدع راقي وأديب وشاعر لا يشق له غبار -نحسبك والله حسيبك ولا نزكيك على الله - أيها الكريم
دمت بنقاء وعطاء
د. سمير العمري
01-03-2010, 11:14 PM
أخي الفاضل الأديب / د. سمير العمري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مر زمن منذ أن قرات لك آخر قصة
تعتمد في قصصك على بناء هندسي محكم ، أو لنقل معادلة تحرص دائماً على وجود جميع معطياتها لنصل إلى معادلة موزونة ( كما يقول أهل الكيمياء) ..
العمل غارق في الرمزية ويمكن تأويله على أكثر من وجه ،رأيت فيها مقارنة بين حرية الفوضى
والحرية المسؤولة ، هناك فرق بين الالتزام بالنظم والقواعد وبين الروتين ؛فهناك البعض يرى الأمور من وجهة نظر وحيدة قاصرة ، ويبني عليها عالماً خاصاً يعيش داخله متشرنقاً لا يحاول الخروج من تلك الشرنقة ورؤية العالم حوله من وجهة نظر محايدة على الأقل .
ذكرتني قصتك بمقولة عامية ( العلم في الراس مش في الكراس) حيث أن البعض يرى في الأكاديميين ونظمهم الأكاديمية نوعاً من التكلف ، وذلك غالباً بسبب أن المشوار الأكاديمي لا يطيقه الكثيرون فيلجا البعض منهم إلى الاختلاف لمجرد الاختلاف والتمرد ، وقد يرميهم بما ليس فيهم (روتين أو جمود) إشارتك إلى أصحاب القمصان قصيرة الأكمام ، والحلة الرسمية التقليدية قادتني إلى هذا التفسير.
تمنيت لو انك لم تورد هذه العبارة في القصة(برغم أهميتها) فقد جعلتني أشعر بوجود الكاتب :
"وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ."
وهي مجرد وجهة نظر ـ كما تعلم ـ من محب للقصة
تقبل تقديري واحترامي
الأخ الأديب الكبير حسام القاضي:
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
نعم أخي الحبيب يمر الوقت الطويل لا أكتب القصة ، وما والله كتبت القصة بادئ ذي بدء إلا حبا لك وتقربا منك وأنت العاشق الملهم للقصة وحامل لواء رقيها وسموقها.
والقصة هنا حظيت بشرف قراءة ذواقة كبير بقدرك ، ولعلها امتدت لآفاق أوسع بإسقاطات أعتمدها في قصصي عادة ، وأنت محق جدا في تلك الجملة ورأيك فيها من حيث النقد القصصي المجرد وأحترم هذا الرأي وأدركه من فيض ما تعلمنا منك ومن قصصك الرائعة ، ولكني أخي إنما قصدت بها الذي أشرت إليه بالإيحاء بوجود الكاتب لغاية في نفس العمري قضاها.
بوركت وبورك في عمرك وأمدك الله بالصحة والعافية.
تحياتي
ابراهيم السكوري
02-03-2010, 12:14 AM
أخجل أن أنقد نصك أيها المبدع ... فهو روعة بعينيها ..
لا أجد إلا أن أهنئك..
دمت متألقا ...
د. سمير العمري
30-05-2010, 06:33 PM
أستاذنا الحبيب العمري ... تحية ، و قد صدقت الاستاذة وفاء شوكت ، فما عهدنا تآليفكم إلا ذات مغزى و رسالة و إشارة و توجيه .
مختلِف ؟؟ .. ما أصعبَ أغوار النّفس و تلبيساتها ، إذا صارتِ التراكمات على هبوط مقاييسها ، و العاداتِ على تدنّي مستواها الأخلاقي و القيمي ، إذا صارتِ هذه التراكمات و العادات لها في نفسِ صاحبها قيمة بل و تميّزا و اختلافاً عن غيره من الاقران .
تلك سيدي طامة و أزمة ، فالنّفس إذا التفّ عليها عجزها و عاداتها السقيمة ، و لم تبلغ المدى المقبول من مقاييس القبول و الأخلاق مالتْ الى ذاتها و افعالها الى التبرير ، و الأعجب و الأسوء أن تميل في ذلك الى اعتباره تميّز و اختلاف و تفرّد !!
ثمّ الأسوء من ذلك إذا تحوّلت هذه النرجسية المزيّفة المتوهمّة الى احتقار للغير ، و بعثت بصاحبها الى الكبر و الغرور .
فحريٌّ بنا أن نلتفت الى أنفسنا يوماً بعد يومٍ نتّهمها فيما تدّعيه ، و نجعل مقياس تميّزها و قبولها مرجعا صحيحا من الأخلاق و المنطق المقبول و النصح ممّن عرفناهم أهلا للثقة و الصدق و الخلق النبيل .
و ما أجمل أن يفيضَ التميّز و الموهبة بالتكامل مع الغير و المحبّة و الاندماج بدل الاستعلء و الغرور و الاحتقار .
فما أشقى من يبعثُه وهمه أو حتى تميّزه و مواهبه الى الاستعلاء على الغير و الاحتقار لهم . لا شكّ أنّ مثل هذا قد جعل ما حباهُ الله من نعم و مواهب و فضل عبئاً على كاهله و سببا من اسباب شقائه .
سيدي الكريم بارك الله فيك على هذه الاشارات القيّمة .
دامَ هذا الإبداع الهادف .. تحياتي و تقديري .
قراءة نقدية نرحب بها ونقدر جهدك الكريم فيها ، وللحق فقد راق لي جانب كبير منها وعبر عن بعض معان مهمة ضمنتها القصة.
وما أرى القصة القصيرة بالذات إلا لتخدم عبرة أو غاية ولا يجدر أن تقف عند حدود السردية أو القص للقص.
أشكر لك كريم رأيك ولا حرمنا الله من صادق إخائك ودام دفعك!
أهلا ومرحبا بك مبدعا دائما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
ربيحة الرفاعي
30-05-2010, 07:42 PM
يهيئنا العنوان لإختلاف من نوع ما، لندخل في جو النص الذي يبدأ بصورة مغرقة في العادية، لمكتب رسمي في دائرة عامة، بكل ما في تلك المواقع من رتابة، واسترخاء وثقل يربض على قلوب الموظفين كما المراجعين، وببراعة يغوص بنا الكاتب في أعماق البطل ليسلط الضوع على عقدة القص بإبداعية سبكية عالية، وليدخل القاريء ذاته في جدلية ما إذا كان في مجانبة المعقول أو السائد اختلافا بالمعنى الإيجابي.
وبتناغم مع طرح لم يحاول إخفاء توجهه، يعرج بنا نحو لحظة التنوير، ليكشف معنى الاختلاف الحقيقي عن "الأشباه" سموا بالفكر والسلوك، وعبثية الاختلاف معهم لادعاء التميز..
أشارك القاص الرائع حسام القاضي رأيه بخصوص عبارة
"وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ."
فقد أثرت نكهتها عندي على مذاق النص..
ويبقى القول أن في نصوصك دائما صواريخ ألمحها تسقط على مواقع جديرة بالقصف
دمت متألقا
كاملة بدارنه
28-08-2010, 03:26 PM
أستاذنا الأديب الفاضل د. سمير العمري
سلام من الله يبسط جناحيه عليك
يبدو أنّ بيننا همّا مشتركا ألا وهو همّ "الموظّف" لذا لم أجد تعقيبا لهذه القصّة الرّائعة سوى أن اهديك قصّة "موظّفّي" التي لم أنشرها بعد . لك منّي كلّ التقدير والاحترام ...
موظّف في اليوم السّابع
أعلن مدير الشّركة حاجته إلى موظّف مساعد يقوم بالمهمّات المتعدّدة على أكمل وجه. لحسن حظّ أحد قارئي الإعلان، فقد كان القبول من نصيبه لأنه يستوفي الشروط المعلن عنها.
ما إن ودّع الفجر خيوطه حتّى جلس يراقب عقارب السّاعة؛ حاثّا إيّاها على الإسراع وهي تسير في جنازة الساعات الثلاث المتبقّية كي تفتح الشركة أبوابها.
انتظر حتّى تمّ استدعاؤه للقاء المدير الذي ركّز اهتمامه على أن يلتزم الموظّف المساعد بجميع ما يطلب منه. لأنّ موظفا واحدا ناجحا يستطيع القيام بواجباته جميعها، خير من توزيعها على عدّة موظّفين مثلما جرى سابقا.
المهمّة شاقّة، خاصّة وأنّ معظم روّاد المكان ممّن تنحني لهم الهامات وترتسم قبالتهم البسمات!
ناوله المدير مغلّفا يحوي مواصفات الموظّف النّاجح الذي تحتاجه الشّركة، وأخبره أنّه تحت التّجربة حتّى يثبت النّجاح...
"ها هي الشّركة أمامك "واللّبيب من الإشارة يفهم"... وغدا أوّل أيام التّجربة... أمامك أسبوع ولا حاجة أن تكثر من الاستفسارات" .
بدأ يومه الأوّل بهمّة ونشاط ، بعد أن بات ليلته مخطّطا كيف سيفوز بالوظيفة. دخل غرفة المدير قبل قدومه مرتّبا إيّاها؛ لأنه لم ير من يقوم بذلك. نظر إلى كلّ الزوايا بحثا عن ذرات الغبار التي خالفت أوامر المدير ودخلت مكتبه. نضّد كلّ ما تبعثر ، خرج واستقبل القادمين إلى الشركة، ورافقهم إلى غرفة المدير، كلّ حسب موعده، ثم ودّعهم وهو ينظر بعين الرّضا تجاه نفسه.
طلب تقييما آخر النهار بعد أن أخبر المدير أنّه يرغب في معرفة رأيه كلّ يوم، ويعتذر إن كان في ذلك إزعاج له .
جاء الرّد غير مرض : "ما زال باكرا كي تأخذ ما تريد. فأنت في أولى خطواتك". سأله: وما المطلوب منّي حضرة المدير المحترم؟
أجاب: قلت لك: "إنّ اللّبيب من الإشارة يفهم ".
في اليوم الثّاني وسّع دائرة اهتمامه بالتّرتيب والنّظافة . حيث ردّ على الهاتف بثقة وهدوء، وحرص على أن يسود النّظام عند طلب مقابلة المسؤول دون تمييز بين الطّالبين فأعجب الزّائرون بنظافة المكان وحسن الضّيافة، حيث حرص على إكرام "الزّبائن" بتقديم الماء والعصائر.
وقف بعد ان أنهى دوامه لسماع كلمة نظيفة نظافة المكان والعمل، فقرأ ما خطّه المسؤول على عجل: "أنت بحاجة إلى الكثير بعد"...
في اليوم الثالث قرّر أن يحسّن من هندامه، بعدما لاحظ أنّ عيون الزّائرين تنظر إليه خلسه وتفرّ منه قفزا... حدّثه عقله بأهميّة أن يرتدي الملابس الرّسمية ، كتلك التي يُحتَجز داخلها أكثر الوافدين. بدا بياض قميصه النّاصع من بعيد، ولم يشح أحد بوجهه عنه عندما قام بعمله. ولكنّ في الأمر بعضا من المضايقة بالنّسبة له ، فقد حرص طيلة الوقت على ألّا تترك بعض اللّوثات أثرها على ملابسه، التي كلّفته المال الذي اقترضه من أبيه ووعده بإرجاعه عندما يستلم وظيفته!
زلف نحو باب المدير ودقّات قلبه تخترق خشب الباب . استأذن فلم ير ما يسرّه، إذ رفع له المدير حاجبيه غير معجب، فجاهد كي يرفع قلبه الذي أحس أنّه يهوي من بين ضلوعه وخرج...
في اليوم الرّابع اتّخذ قرارا بأن يشرك لسانه ويتعبه، فالأمر يحتاج إلى لسان معسول، وخير الكلام لإرضاء الأنام.
بدأ يومه بتحيّة لمديره، تبثّ ذبذبات حروفها مشاعر تقدير وتبجيل. وقضى الساعات يرحب بالزّائرين بكلمات معجونة بزخرف الحروف، ممّا أثار دهشتهم. فمنهم من أثنى عليه وشكره، ومنهم من اكتفى بالرّدّ بابتسامة تمثيليّة تقديرا لمجهوده!
اعتصرت كثرة الكلام غدده اللّعابية، فأحسّ بيبس في فمه. لم يتنازل ورطّب ريقه بشرب الماء؛ بعد أن فشلت الكلمات المعسولة بترطيب فمه ونجحت بترطيب عواطف الآخرين.
شارف الوقت على النّفاذ، غمره شعور بالفرح وبلّل جفاف حلقه؛ استعدادا لمقابلة المسؤول الذي سيثني عليه مثلما فعل الزائرون.
دلف نحو الغرفة ، تريّث قبل الاستئذان في الدخول حتّى يهدأ اهتزاز جسمه المفعم بالرّضا والفرح.
التقت عيناه بعينيّ المسؤول، فعاوده جفاف حلقه؛ مسبّبا هذه المرّة غصّة لم يستطع ابتلاعها، وكادت تؤدي إلى اختناقه؛ لولا أن نضخ المدير في وجهه جملة تنفّس من خلالها بعض الهواء الذي ساعده على الثّبات مكانه:
"لا بأس أمامك متّسع من الوقت"
غادر الغرفة متعثّرا بكلمات ترحيبه التي بذرها معسولة في وجوه النّاس، ويبدو أنّها لم تؤت سحرها.
لم يقهر. أراد التّحدي وإثبات ذاته دون أن يسال المدير عمّا يريده بالتّحديد؛ فهو سيثبت أنّه لبيب مثلما توقّع منه وسيتدبّر أمره.
في اليوم الخامس فطن إلى أنّه يهتم بمن يطلبون المدير، ويعمل على إراحتهم وتدليلهم ، ولكنه لم يفطن لحاجات المدير الأساسيّة. حيث يستقبله ويرافقه حتى يبدأ يلوح على كرسيّه ويتركه ليلوح بين زائريه، دون أن يسأله عن طلباته الخاصّة ؛لأنّه نبّهه ألّا يكثر من الأسئلة . لكنّه الآن سيتجرّأ ويسأله:
هل تحب أن أحضر لك طعام الغداء؟ فأنا ألاحظ أنّك مشغول، ولا تجد الوقت للخروج لتناول طعامك. أجابه: "إنّ اللبيب من الإشارة يفهم "!
خرج والسّعادة تغمره ؛ لأنّه اعتقد أنّ مفتاح باب رزقه بات في متناول يده. قام بكلّ ما يقوم به كلّ يوم، وأضاف إلى القائمة الاهتمام بمعدة المدير الذي ناوله ورقة بما يحبّ من أطعمة، ومن أين تجلب...
في طريقه لجلب الطّعام ، انتبه لحشود الناس تقف أمام عمارة البريد، فكانت إشارة له كي ينتبه لبريد المدير، فازداد فرحه؛ كونه أحسّ أنّ مهام العمل اكتملت.
قدّم له الطّعام وكأنّه الملك. سأله عمّا إذا كان بحاجة أن يرسل لبعض زبائنه تفاصيل الصّفقات إذا لم يتمكن من إرسالها عبر النّاسوخ بعد أن كان يطبع مضمونها على الآلة الطّابعة الحديثة التي أعجب بنفسه عندما تمكّن من استعمالها دون مساعدة!
لمعت عينا المدير فرِحا، وحرّك كرسيّه معجبا؛ لأنّ من يكلّمه بدأ يفهمه دون أن يطلب منه، فيكفيه الحديث وزبائنه، ولا يريد أن يبذل جهدا مع من يساعده!...
ودّعت ساعات الإجهاد النّهار، فهرول تجاه باب المكتب ناسيا الاستئذان؛ ليجد نفسه أمام الطاولة ومنتظرا من مديره أن يرحّب به موظفا، ومساعدا ثابتا.
نظر إليه مبتسما وطلب منه الجلوس قائلا: سأمنحك بعضا من وقتي أكون فيه لك ناصحا، وإلى تكرار ذلك لست راغبا؛ سيّما وأنّ قدمك الأولى قد بدأت الثّبات في المكان، وما عليك سوى تثبيت الثّانية.
سرّ لأنّ فيما سمعه تباشير القبول. كانت معظم حوّاسه على أهمية الاستعداد؛ منتظرة انطلاق لسان المدير:
لا حاجة ان تطبّق قوانين التزامك بدقّّة مع من يريدون مقابلتي. ذكاؤك يساعدك في تحديد من يمكنه الدّخول دون استئذان. الناس ليسوا سواسية. يجب أن تنتبه! ... بعض الوافدين ليسوا بحاجة إلى بذل طاقة لإسماعهم جملا خطابيّة بلغية لدى تشريفهم، وفّر هذه الطّاقة لمن يحتاجونها . وهم كثر!... هناك من يدخل وواجب عليك النهوض لاستقباله ، واستئذانه لإراحته من حمل حقيبته... والدّقة مطلوبة حين أطلب منك تلبية بعض طلبات الزبائن.
هزّ رأسه مبديا موافقته، تدعمه في ذلك ابتسامة تشرح فرحه، وعدم الشّعور بثقل الحمل ...
بات ليلته مفكّرا كيف ستميّز فطنته بين المستحقّين دون غيرهم في الدخول الى غرفة المدير مباشرة ، ومعظم قارعي الباب هم من التّجار ورجال الأعمال؟! ... السّبب الذي جعله يحرص في بداية تجربته على مرافقة الوافدين، كلّ حسب موعده ودوره؛ اعتقادا منه أنّ في ذلك اتّباعا للنظام واحتراما لكلّ من يدخل المكان.
في اليوم السادس غرّدت عصافير مشاعره عندما اقترب من بوّابة الشركة لأنّه أحسّ أنّه سيعلّق المفتاح في مكان دائم .
دخل وثوب النشاط يرتديه، وأحبّ أن يغمر نشاطه العمارة كلّها ، فقام بما تدرّب أن يقوم به، وسارت أموره على خير ما يرام؛ مستخدما كلّ حواسّه ليميّز بين الناس ومقاماتهم ومنزلاتهم لأنّ "الناس ليسوا سواسية" ! فمنهم من له المقام المعلوم، وبالجاه اسمه مختوم، مثلما فهم ... ولكنّ هذه الحواسّ اختلطت عليه تقديراتها حين دخلت ثلاث سيدات أنيقات متعاقبات؛ تطلب كلّ واحدة منهنّ مقابلة المدير للضّرورة ، فيما يجلس ضيفان تعكس ملابسهما وسيجارهما أنّهم على قدر من القيمة...
احتار فيما يفعل، وشغّل فطنته التي أرشدته لوجوب احترام هؤلاء النّسوة؛ كونهن أولّ النساء اللواتي يدخلن إلى الشّركة منذ دخلها . فلا شك أنّهن ذوات شأن. ولياقة التّصرف تقول إنه يجب طلب السّماح من الرّجلين لإكرامهن...
أتمّ يومه . ورغم الإجهاد الذي أحسّ به لم يفقد حلاوة الرّكض إلى مكتب مديره؛ موقنا استلام الموافقة على تعينيه وشكره على مساعيه. إلا أنّ مُرّ وسواد الملاحظة التي برقعت وجهه، أنسته طعم الحلاوة، وجعلته يترنّح ترنّحا كاد يفقده وقوفه . فهو لم يكن لبيبا حين سمح للفتيات المتقدّمات بطلبات للعمل أن يدخلن قبل رجليّ الأعمال!. لاحظ المدير امتقاع وجهه وعدم توازنه، فنضح وجهه برطب كلامه :
"سأغفر لك هذه الزلّة شرط ألّا تعاودها..."
عاود شدّ أعصابه التي تراخت خوفا من إضاعة فرصته الأولى في الفوز بعمل، بعد أن بذل الكثير في الأيام الخوالي.
في اليوم السّابع بدأ يومه حريصا على ألّا تبدر منه زلّة، ولا تصدر عنه هفوة، فكان القردَ في سرعة حركاته ، وانجاز مهمّاته :الهاتفيّة والكتابيّة والحاسوبيّة والخدماتيّة وغيرها... يقفز من مكان لمكان مصفقّا تارة لبعضهم، ومبتسما أو مقهقها طورا " فالناس ليسوا سواسية" ويجب منع غياب ذلك عن باله، ويتطلب عمله اليوم أن يكون حكيما ولبيبا بعد خطأ الأمس ! . إنّه يوم تقرير المصير وأيّ مصير؟... مصيره ومصير عائلته التي وعدها أن تمدّ أرجلها حسب أطوالها بعد أن عاشت طويلا تحت لواء المثل القائل: "على قد فراشك مدّ رجليك".
لقد سئم وأهله الرّضى بالقليل ... لذا يجب أن يفي بوعده .
أحسّ بالتّعب يصارعه عندما شارفت ساعات عمله على الانتهاء، ولكنّه لم يكن متحمّسا لمقابلة المدير كما فعل سابقا، بل جرّه التّعب للرّاحة قليلا ، فهدأ الجسم والفكر، ودعاه الفكر ليرتشف قهوته التي أعدّها له ليصحو من سكر تعبه قبل الذّهاب ومعرفة قرار المدير ، ابتسم ومشى بتؤدّة إلى حيث اعتاد أن يركض كلّ آخر نهار .
دقّ الباب متمهّلا ... ألقى التّحيّة ... وقف حتّى طلب منه الجلوس ... نظر إليه المدير معجبا وقدّم له، وأسارير وجهه منبسطة ، التّهنئة متمنّيا له دوام العمل الدّؤوب ...
بريشة الفنان القدير رسم وجها ذا خطوط باسمة ، وأمطرت شفتاه وابلا من كلمات الشّكر والتّقدير للمدير، فيما كان يرسم بمداد شرايينه على لوحات جسمه: عفوا أيّها الفكر. إنّ حياتي الآنيّة تتطلّب كوني قردا، وعضوا في حزب المنافقين الاجتماعيين! لكن، أعدك أنّ ذلك لن يدوم طويلا...
د. سمير العمري
23-10-2010, 02:44 PM
ذكرتني القصة بزميل في الكلية كتب علي معطفه " أنا مختلف " كتبها بالانجليزية طبعا " i'm different "
بصراحة لم يلفت هذا نظري , في أيامنا هذه صارت الكتابة , بل والرسم علي معاطف الكلية البيضاء أمرا عاديا
قال هذا الزميل تعليقا ما فضجت القاعة بالضحك , وكثيرا ما كان يفعل
- فلان هذا ظريف فعلا
تقولها لي زميلتي من بين ضحكاتها
- حقا؟
- انظري ماذا كتب علي معطفه , إنه فعلا مختلف
مقتنعة أقول لها
- وهذا هو أول دليل علي أنه ليس مختلفا في شئ , مجرد مراهق آخر يحاول لفت الانتباه
بطل القصة هنا يبدو أنه تخطي المراهقة فيما يبدو " أم لا؟ " , ولكن أراه يشبه زميلي في كونهما مجرد نسخ بشرية مكررة تبالغ في تقدير الذات
أومن تماما أن المختلفين حقا هم من لا يعرفون أنهم كذلك
ولو أعطي بطل القصة هذا المنصب الذي يريد لما أضاف شيئا , بل ربما بخس
الاختلاف ليس كلاما يقال , ولا خطبا تدبج
الاختلاف رؤية عملية كاملة تأتي نتاج جهد وتأمل واستفادة من الخبرات السابقة , وتطويرأساليب تفيد , المهم أن تفيد الهدف
أما الاختلاف لمجرد الخلاف بلا هدف , ولمجرد التميز عن الآخرين , بلا رؤية جادة , وعمل حقيقي مثمر , فله اسم آخر
ومن هنا أقول عن بطل القصة " المختلف " كما قلت عن زميلي , هو مجرد شخص يحاول لفت الانتباه
هذه هي الزاوية التي رأيت منها بطل القصة
أما التطوير فأهلا به طبعا قاتلا للروتين والنمطية , علي أن يأتي علي يد شخص مختلف , لا يعرف أنه كذلك
أستاذ سمير
وافر التقدير علي هذا الطرح المتميز
ومعذرة علي هذه القراءة القاصرة
كدت أنسى أن أقول أنني أتفق مع أستاذنا حسام القاضي فيما قال عن هذه الجملة
وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ."
وأراها تحاول شرح القصة , فلا تترك للقارئ فرصة للسعي وراء المغزي
بل قد أكرمت وأفضت في التفاعل بما أضفت هنا من مثال حي وما أكثر الأمثلة ، وربما كان يجدر بنا أن نضيف أن أمر الاختلاف والشعور به لا يكون عادة صادرا من الشخص المختلف بل من الآخرين الذين يرون اختلافه أما الذي يدعي أنه مختلف عن غيره دون أدلة كافية فهو مجرد واهم مغرور ومصاب بعقد النقص كلها.
وأما تلك الجملة فإنني وجدتها ضرورية لغاية في نفسي وليس من الضروري أن يكون النص مفتوحا دائما على احتمالات واجتهادات ، وهذه الجملة على أية حال لا تحجر هذا بل هناك الكثير من القراءات المفتوحة الأخرى.
أشكر لك هذا الإثراء!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
فاطمه عبد القادر
24-10-2010, 11:18 AM
السلام عليكم أخي د سمير
أنا هنا لأبدي إعجابي وتقديري لهذة القصة القصيرة الرائعة
مضمونها ,,هدفها ,,ضرب على وتر حساس نراه كثيرا ونسمعه
ليعلم كل إنسان أنه فعلا مختلفا عن الآخرين ,,هكذا خلقنا الله ,مليارات من البشر لا أحد يشبه الآخر حتى التوائم المتشابهة .
المشكلة في من يتعمد إظهار نفسه معتقدا أنه الأفضل .
وأنه شيء مميز ,,بينما هو في الحقيقة لا شيء .!!
كم أمقت هذه النوعية ,,إنها فعلاً مزعجة ,,ولكنها موجودة بكثرة .
قمت بتشريح هذا الإنسان أخي تشريحا وافيا ,,أنا أشكرك .وخاصة عندما انتظر التبجيل,, بينما عمله راقد على الطاولة لم ينجزه بعد
ماسة
.
د. سمير العمري
23-11-2010, 02:06 AM
أخي المبدع الدكتور سمير
عندما يشعر الإنسان أنه مختلف ، فإنه يعيش حياته في صراع نفسي دائم ، يسبب له الألم و يقربه من حافة اليأس .
و من ناحية أخرى فإن وظيفة المنسق وظيفة هامة و تحتاج إلى دراية و تركيز ، و لكن أن يستمر بها الموظف لسنوات ، تصبح بالنسبة إليه تعذيبا متواصلا ، و قد انتبهت بعض الحضارات لهذه الناحية فاهتمت بعملية الحراك الدائم ، فهذا الموظف في هذه السنة منسق و في السنة التالية أمين مخزن و في الثالثة رئيس شعبة و هكذا... و بذلك تنتفي عنه الآلية و يختفي شعوره بالملل .
أما إذا كان الشعور بالإختلاف لا يستند إلى أية إمكانيات ذاتية ، فذلك ضرب من الغرور يؤذي صاحبه و يضايق من حوله بما فيهم أقرب المقربين إليه .
النص يتضمن سخرية لاذعة من النظام الوظيفي في بلادنا الذي هده الروتين و مسخه ذوو الياقات البيضاء و ربطات العنق الأنيقة ، بعقلياتهم المتحجرة و تعلقهم بحرفية النصوص و إهمال روحها و مرونتها ، و عدم تقبل أي نقد أو أية محاولة تطوير
و قد اعتمد الدكتور سمير على التصوير الدقيق لحالة ذلك الموظف المختلف النفسية ، فافاض و أجاد ، كما أجاد بحبك النص أسلوبا و لغة
سلم يراعك أخي الدكتور سمير و دمت مبدعا متألقا
نزار
أشكرك أيها الأديب القاص المميز ، وأشكر لك هذه القراءة التي كانت مبعث سرور ورضا وأمتن لك بها كثيرا.
حين يتصور أحدهم أنه في القوم كسرى وهو الذي لا يملك من ملكه أكثر من نعل لا زوج له يكون سببا حقيقيا في حال مزرية يوم يعجب كل ذي رأي برأيه وكل ذي مال بماله وكل ذي مكر بمكره وكل ذي قبح بقبحه.
نسأل الله السلامة.
دمت بخير وعافية!
ودام دفعك!
تحياتي
د. سمير العمري
17-01-2011, 10:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة مركزة وهادفة
تبحث في قضية أساسية
الرئيس المرؤوس والمؤسسة،
فتتفرع منها قضايا جوهرية مرتبطة بها ارتباطا وثيقا،
كقاطرة ذات عربات لن تبلغ محطتها إلا بالسير على خطوط من السكك الحديدية
وإن كان منظر الطريق يتبدل والزمن يتبدل..
وفقت سيدي في طرحك المميز
وإني لفخور كوني قرأت لك
فقد أتاحت لي قصتك فرصة اللقاء بك عبر أثير الكلمات
فهي تحية مني إليك
من القلب إلى القلب
فسلام الله عليك مادمت حيا
ويوم تموت
ويوم تبعث حيا
عبد الرحمان
بارك الله بك أيها الكريم وشكر لك هذا الرد المورق وهذا الرأي الكريم والدعاء الأثير!
دام دفعك!
ودمت بكل الخير والرضا!
وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.
تحياتي
د. سمير العمري
13-02-2011, 12:54 PM
أخي العزيز د. سمير العمري
قصة فاخرة المبنى والمعنى ، رأيتها مختلفة فعلاً لاعنواناً ، فمن لغة رشيقة منسابة كنهر يفيض ، إلى حبكة قوية وعقدة ولحظة تنوير .. لكنني أراها مختلفة جداً لتلك القدرة الفائقة على إدراج نص بلغة قوية مع ضبطه وتشكيله وهو مالم يتعود جل الكتاب على الإهتمام به ..
إنه نص جميل .. ومختلف
سلم يراعك المبدع .
مودتي الدائمة وأرق تحياتي.:0014:
بارك الله بك أحي الكريم وشكر لك رأيك الكريم ومرورك الطيب.
إنما نحاول أخي ترسيخ مبدأ ووضع نبراس يمكن الاحتذاء به فالتشكيل زينة للنص فيه إفادة وإثراء وتعليم.
دام دفعك!
ودمت بخير ورضا!
وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.
تحياتي
خالد الجريوي
13-02-2011, 08:02 PM
للحرية أصول وقواعد
وإلتزامات
لا يجب أن نأخذ ثمرتها .. دون الأعتناء بها
أديب سامق
وقصة رائعه
حفظ الله قلب الأمير سمير العمري
د. سمير العمري
14-08-2011, 03:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د سمير العمري المبدع
قرأتها أكثر من مرتين ورغم ذلك كنت أظنني قد علقت
قصة جميلة الحبك والسرد وايضا جمال السرد واللغة والتشكيل والفواصل وووو اشياء كثيرة
توضح لنا النرجسية وعدم فهم الذات ووضعها في نطاقها الصحيح والطبيبعي
وفعلا شيئ جميل في ديننا حينما نفهمه الا نطلب الرياسة والريادة حتى تأتي إلينا ونحن أهل لها فيعننا الله عليها
أما من جرى وراءها لعرض دنيوي من جاه او مال او شهرة فهي تكون اغلب الاوقات عليه هلكة ولا يقوم بواجباتها
الشيئ الثاني اعطاء الناس وانزالهم منازلهم التي هيئهم الله لها ولم يهيئنا لها تماما أو لم نصل لها بعد بالدربة والتمكن والحنكة والخبرة والرأي السديد والمشورة فهذه ايضا قاصمة الظهور حين لا نعرف للناس قدرهم فكيف يختار القادة ومن يسيرون السفينة مع انتكاس تفكير وفطرة ووعي حين ذلك تنتشر الفوضى ويحل الخراب لانشغال كل بشأنه وتترك الدفة او تعطى للمجرمين اصحاب المطامع فتزل القدم ويغرق الجميع
وقد قال الشاعر
لا يصلح الفوضى قوما لا سراة لهم = ولا سراة إذا جهَّالهم سادوا
أخي حبيبي قصة في الصميم
أنت مبدع راقي وأديب وشاعر لا يشق له غبار -نحسبك والله حسيبك ولا نزكيك على الله - أيها الكريم
دمت بنقاء وعطاء
بوركت أيها الطنطاوي الحبيب.
أراك وضعت يدك على بعض معان ومآرب تضمنتها القصة في إطار الصورة الكبرى التي شرحتها في مفهوم الحرية من جهة وفي مفهوم أهواء النفوس والمخالفة للاشتهار.
دمت كريما أصيلا!
ودام دفعك!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
خليل حلاوجي
14-08-2011, 05:30 PM
القصة لاتتناول النظام الوظيفي واشكالاته التطبيقية ودوره في نهضة الامة فحسب
بل للقصة تؤشر الى منعطف فلسفي حيث ان بلداننا لم تزل تكفر بآلية التجديد من زاوية ( الحذف والاضافة )
هذا الموظف نسيج ذاته آمن بتلك الآلية ولكنه صدم عندما لم ينصت لاصل خطابه التجديدي احد من الحاضرين وكان التصفيق حصة الذين توارثوا النظرة التقليدية
انه يعيش ازمة الانسان العربي حيث الممانعة تظهر ممن يحيطون المبدع ذاته
/
نص يستحق التصفيق
نداء غريب صبري
15-08-2011, 12:16 AM
لم يكن هذا المختلف مختلفا بالمعنى الصحيح
ولم يحمل جديدا إلا بما ‘بر عنه سلوكه من تمرد على القائم يتصوره تطورا، وانفلاتا يظنه تجديدا
يكون الاختلاف فيما يقدم نفعا أو يزيد في قمية، وليس بمجرد أن لا نكون كغيرنا
قصى رائعة ايها الأمير
بوركت
د. سمير العمري
27-08-2011, 07:32 PM
أخجل أن أنقد نصك أيها المبدع ... فهو روعة بعينيها ..
لا أجد إلا أن أهنئك..
دمت متألقا ...
بارك الله بك أيها الحبيب وشكر لك!
دام دفعك!
ودمت بكل الخير والعافية!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
د. سمير العمري
01-02-2012, 08:35 PM
يهيئنا العنوان لإختلاف من نوع ما، لندخل في جو النص الذي يبدأ بصورة مغرقة في العادية، لمكتب رسمي في دائرة عامة، بكل ما في تلك المواقع من رتابة، واسترخاء وثقل يربض على قلوب الموظفين كما المراجعين، وببراعة يغوص بنا الكاتب في أعماق البطل ليسلط الضوع على عقدة القص بإبداعية سبكية عالية، وليدخل القاريء ذاته في جدلية ما إذا كان في مجانبة المعقول أو السائد اختلافا بالمعنى الإيجابي.
وبتناغم مع طرح لم يحاول إخفاء توجهه، يعرج بنا نحو لحظة التنوير، ليكشف معنى الاختلاف الحقيقي عن "الأشباه" سموا بالفكر والسلوك، وعبثية الاختلاف معهم لادعاء التميز..
أشارك القاص الرائع حسام القاضي رأيه بخصوص عبارة
"وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ."
فقد أثرت نكهتها عندي على مذاق النص..
ويبقى القول أن في نصوصك دائما صواريخ ألمحها تسقط على مواقع جديرة بالقصف
دمت متألقا
بارك الله بك أيتها الأديبة المبهرة ، ونعم كان النص موجها لتناول فئة من الناس يعتبرون أن المخالفة هو سبيل اشتهار وطريقة إظهار ويعتمدون هذا الأسلوب في كل مناحي حياتهم بشكل مكشوف إلا لهم ويحسبون أنهم أذكى وأنكى وأنهم يحسنون صنعا.
ولك أن تتفقي ما شئت مع رأي الأديب الكبير حسام القاضي فهو رجل كريم نزيه منصف ، ورأيه هنا كان صحيحا من الناحية الأدبية ولكني لا أنشغل كثيرا بالناحية الأدبية على حساب الناحية الفكرية ولذا أدرجت هذه الجملة كي تلخص ما أردت أن أقول ولو كان لها من إنصاف لذهبت مثلا يقال على مدى الأجيال.
أشكر لك مرورك الذي يثري النص دوما ، وأقدر لك رأيك الغالي الكريم لا حرمنا الله منك ومن ألقك الكبير.
دام دفعك!
ودمت بكل الخير والبركة!
تحياتي
مازن لبابيدي
02-02-2012, 02:28 PM
شاعرنا الكبير وأديبنا الرائع د. سمير العمري
كما قالت أختنا الأديبة وفاء شوكت ، فعندما تقرأ لسمير العمري ، شعرا كان أم نثرا أم أي من ألوان الأدب ، فتريث وتعمق فيما تقرأ .
هذه قصة حملت إلى جانب السردية الإطارية بحبكتها الجميلة ووصفها المتقن الكثير من الرمزية والدلالة بحيث تتسع لإسقاطها على الكثير من الأحوال والأشخاص والهيئات .
كما قدمت إضاءة كاشفة لآفة التطور وانحراف منهج التطوير .
لي ملاحظة واحدة إن قبلها مني أخي الكبير ، فإن المخزون اللغوي الثري للكاتب وبراعته في الوصف جنحت به إلى الإطناب والإطالة على حساب التكثيف والاختزال الذين يناسبان أكثر نمط القصة القصيرة .
تحية تليق بكاتب نفخر به ونعتز بأخوته .
د. سمير العمري
13-08-2012, 08:38 PM
أستاذنا الأديب الفاضل د. سمير العمري
سلام من الله يبسط جناحيه عليك
يبدو أنّ بيننا همّا مشتركا ألا وهو همّ "الموظّف" لذا لم أجد تعقيبا لهذه القصّة الرّائعة سوى أن اهديك قصّة "موظّفّي" التي لم أنشرها بعد . لك منّي كلّ التقدير والاحترام ...
موظّف في اليوم السّابع
أعلن مدير الشّركة حاجته إلى موظّف مساعد يقوم بالمهمّات المتعدّدة على أكمل وجه. لحسن حظّ أحد قارئي الإعلان، فقد كان القبول من نصيبه لأنه يستوفي الشروط المعلن عنها.
ما إن ودّع الفجر خيوطه حتّى جلس يراقب عقارب السّاعة؛ حاثّا إيّاها على الإسراع وهي تسير في جنازة الساعات الثلاث المتبقّية كي تفتح الشركة أبوابها.
انتظر حتّى تمّ استدعاؤه للقاء المدير الذي ركّز اهتمامه على أن يلتزم الموظّف المساعد بجميع ما يطلب منه. لأنّ موظفا واحدا ناجحا يستطيع القيام بواجباته جميعها، خير من توزيعها على عدّة موظّفين مثلما جرى سابقا.
المهمّة شاقّة، خاصّة وأنّ معظم روّاد المكان ممّن تنحني لهم الهامات وترتسم قبالتهم البسمات!
ناوله المدير مغلّفا يحوي مواصفات الموظّف النّاجح الذي تحتاجه الشّركة، وأخبره أنّه تحت التّجربة حتّى يثبت النّجاح...
"ها هي الشّركة أمامك "واللّبيب من الإشارة يفهم"... وغدا أوّل أيام التّجربة... أمامك أسبوع ولا حاجة أن تكثر من الاستفسارات" .
بدأ يومه الأوّل بهمّة ونشاط ، بعد أن بات ليلته مخطّطا كيف سيفوز بالوظيفة. دخل غرفة المدير قبل قدومه مرتّبا إيّاها؛ لأنه لم ير من يقوم بذلك. نظر إلى كلّ الزوايا بحثا عن ذرات الغبار التي خالفت أوامر المدير ودخلت مكتبه. نضّد كلّ ما تبعثر ، خرج واستقبل القادمين إلى الشركة، ورافقهم إلى غرفة المدير، كلّ حسب موعده، ثم ودّعهم وهو ينظر بعين الرّضا تجاه نفسه.
طلب تقييما آخر النهار بعد أن أخبر المدير أنّه يرغب في معرفة رأيه كلّ يوم، ويعتذر إن كان في ذلك إزعاج له .
جاء الرّد غير مرض : "ما زال باكرا كي تأخذ ما تريد. فأنت في أولى خطواتك". سأله: وما المطلوب منّي حضرة المدير المحترم؟
أجاب: قلت لك: "إنّ اللّبيب من الإشارة يفهم ".
في اليوم الثّاني وسّع دائرة اهتمامه بالتّرتيب والنّظافة . حيث ردّ على الهاتف بثقة وهدوء، وحرص على أن يسود النّظام عند طلب مقابلة المسؤول دون تمييز بين الطّالبين فأعجب الزّائرون بنظافة المكان وحسن الضّيافة، حيث حرص على إكرام "الزّبائن" بتقديم الماء والعصائر.
وقف بعد ان أنهى دوامه لسماع كلمة نظيفة نظافة المكان والعمل، فقرأ ما خطّه المسؤول على عجل: "أنت بحاجة إلى الكثير بعد"...
في اليوم الثالث قرّر أن يحسّن من هندامه، بعدما لاحظ أنّ عيون الزّائرين تنظر إليه خلسه وتفرّ منه قفزا... حدّثه عقله بأهميّة أن يرتدي الملابس الرّسمية ، كتلك التي يُحتَجز داخلها أكثر الوافدين. بدا بياض قميصه النّاصع من بعيد، ولم يشح أحد بوجهه عنه عندما قام بعمله. ولكنّ في الأمر بعضا من المضايقة بالنّسبة له ، فقد حرص طيلة الوقت على ألّا تترك بعض اللّوثات أثرها على ملابسه، التي كلّفته المال الذي اقترضه من أبيه ووعده بإرجاعه عندما يستلم وظيفته!
زلف نحو باب المدير ودقّات قلبه تخترق خشب الباب . استأذن فلم ير ما يسرّه، إذ رفع له المدير حاجبيه غير معجب، فجاهد كي يرفع قلبه الذي أحس أنّه يهوي من بين ضلوعه وخرج...
في اليوم الرّابع اتّخذ قرارا بأن يشرك لسانه ويتعبه، فالأمر يحتاج إلى لسان معسول، وخير الكلام لإرضاء الأنام.
بدأ يومه بتحيّة لمديره، تبثّ ذبذبات حروفها مشاعر تقدير وتبجيل. وقضى الساعات يرحب بالزّائرين بكلمات معجونة بزخرف الحروف، ممّا أثار دهشتهم. فمنهم من أثنى عليه وشكره، ومنهم من اكتفى بالرّدّ بابتسامة تمثيليّة تقديرا لمجهوده!
اعتصرت كثرة الكلام غدده اللّعابية، فأحسّ بيبس في فمه. لم يتنازل ورطّب ريقه بشرب الماء؛ بعد أن فشلت الكلمات المعسولة بترطيب فمه ونجحت بترطيب عواطف الآخرين.
شارف الوقت على النّفاذ، غمره شعور بالفرح وبلّل جفاف حلقه؛ استعدادا لمقابلة المسؤول الذي سيثني عليه مثلما فعل الزائرون.
دلف نحو الغرفة ، تريّث قبل الاستئذان في الدخول حتّى يهدأ اهتزاز جسمه المفعم بالرّضا والفرح.
التقت عيناه بعينيّ المسؤول، فعاوده جفاف حلقه؛ مسبّبا هذه المرّة غصّة لم يستطع ابتلاعها، وكادت تؤدي إلى اختناقه؛ لولا أن نضخ المدير في وجهه جملة تنفّس من خلالها بعض الهواء الذي ساعده على الثّبات مكانه:
"لا بأس أمامك متّسع من الوقت"
غادر الغرفة متعثّرا بكلمات ترحيبه التي بذرها معسولة في وجوه النّاس، ويبدو أنّها لم تؤت سحرها.
لم يقهر. أراد التّحدي وإثبات ذاته دون أن يسال المدير عمّا يريده بالتّحديد؛ فهو سيثبت أنّه لبيب مثلما توقّع منه وسيتدبّر أمره.
في اليوم الخامس فطن إلى أنّه يهتم بمن يطلبون المدير، ويعمل على إراحتهم وتدليلهم ، ولكنه لم يفطن لحاجات المدير الأساسيّة. حيث يستقبله ويرافقه حتى يبدأ يلوح على كرسيّه ويتركه ليلوح بين زائريه، دون أن يسأله عن طلباته الخاصّة ؛لأنّه نبّهه ألّا يكثر من الأسئلة . لكنّه الآن سيتجرّأ ويسأله:
هل تحب أن أحضر لك طعام الغداء؟ فأنا ألاحظ أنّك مشغول، ولا تجد الوقت للخروج لتناول طعامك. أجابه: "إنّ اللبيب من الإشارة يفهم "!
خرج والسّعادة تغمره ؛ لأنّه اعتقد أنّ مفتاح باب رزقه بات في متناول يده. قام بكلّ ما يقوم به كلّ يوم، وأضاف إلى القائمة الاهتمام بمعدة المدير الذي ناوله ورقة بما يحبّ من أطعمة، ومن أين تجلب...
في طريقه لجلب الطّعام ، انتبه لحشود الناس تقف أمام عمارة البريد، فكانت إشارة له كي ينتبه لبريد المدير، فازداد فرحه؛ كونه أحسّ أنّ مهام العمل اكتملت.
قدّم له الطّعام وكأنّه الملك. سأله عمّا إذا كان بحاجة أن يرسل لبعض زبائنه تفاصيل الصّفقات إذا لم يتمكن من إرسالها عبر النّاسوخ بعد أن كان يطبع مضمونها على الآلة الطّابعة الحديثة التي أعجب بنفسه عندما تمكّن من استعمالها دون مساعدة!
لمعت عينا المدير فرِحا، وحرّك كرسيّه معجبا؛ لأنّ من يكلّمه بدأ يفهمه دون أن يطلب منه، فيكفيه الحديث وزبائنه، ولا يريد أن يبذل جهدا مع من يساعده!...
ودّعت ساعات الإجهاد النّهار، فهرول تجاه باب المكتب ناسيا الاستئذان؛ ليجد نفسه أمام الطاولة ومنتظرا من مديره أن يرحّب به موظفا، ومساعدا ثابتا.
نظر إليه مبتسما وطلب منه الجلوس قائلا: سأمنحك بعضا من وقتي أكون فيه لك ناصحا، وإلى تكرار ذلك لست راغبا؛ سيّما وأنّ قدمك الأولى قد بدأت الثّبات في المكان، وما عليك سوى تثبيت الثّانية.
سرّ لأنّ فيما سمعه تباشير القبول. كانت معظم حوّاسه على أهمية الاستعداد؛ منتظرة انطلاق لسان المدير:
لا حاجة ان تطبّق قوانين التزامك بدقّّة مع من يريدون مقابلتي. ذكاؤك يساعدك في تحديد من يمكنه الدّخول دون استئذان. الناس ليسوا سواسية. يجب أن تنتبه! ... بعض الوافدين ليسوا بحاجة إلى بذل طاقة لإسماعهم جملا خطابيّة بلغية لدى تشريفهم، وفّر هذه الطّاقة لمن يحتاجونها . وهم كثر!... هناك من يدخل وواجب عليك النهوض لاستقباله ، واستئذانه لإراحته من حمل حقيبته... والدّقة مطلوبة حين أطلب منك تلبية بعض طلبات الزبائن.
هزّ رأسه مبديا موافقته، تدعمه في ذلك ابتسامة تشرح فرحه، وعدم الشّعور بثقل الحمل ...
بات ليلته مفكّرا كيف ستميّز فطنته بين المستحقّين دون غيرهم في الدخول الى غرفة المدير مباشرة ، ومعظم قارعي الباب هم من التّجار ورجال الأعمال؟! ... السّبب الذي جعله يحرص في بداية تجربته على مرافقة الوافدين، كلّ حسب موعده ودوره؛ اعتقادا منه أنّ في ذلك اتّباعا للنظام واحتراما لكلّ من يدخل المكان.
في اليوم السادس غرّدت عصافير مشاعره عندما اقترب من بوّابة الشركة لأنّه أحسّ أنّه سيعلّق المفتاح في مكان دائم .
دخل وثوب النشاط يرتديه، وأحبّ أن يغمر نشاطه العمارة كلّها ، فقام بما تدرّب أن يقوم به، وسارت أموره على خير ما يرام؛ مستخدما كلّ حواسّه ليميّز بين الناس ومقاماتهم ومنزلاتهم لأنّ "الناس ليسوا سواسية" ! فمنهم من له المقام المعلوم، وبالجاه اسمه مختوم، مثلما فهم ... ولكنّ هذه الحواسّ اختلطت عليه تقديراتها حين دخلت ثلاث سيدات أنيقات متعاقبات؛ تطلب كلّ واحدة منهنّ مقابلة المدير للضّرورة ، فيما يجلس ضيفان تعكس ملابسهما وسيجارهما أنّهم على قدر من القيمة...
احتار فيما يفعل، وشغّل فطنته التي أرشدته لوجوب احترام هؤلاء النّسوة؛ كونهن أولّ النساء اللواتي يدخلن إلى الشّركة منذ دخلها . فلا شك أنّهن ذوات شأن. ولياقة التّصرف تقول إنه يجب طلب السّماح من الرّجلين لإكرامهن...
أتمّ يومه . ورغم الإجهاد الذي أحسّ به لم يفقد حلاوة الرّكض إلى مكتب مديره؛ موقنا استلام الموافقة على تعينيه وشكره على مساعيه. إلا أنّ مُرّ وسواد الملاحظة التي برقعت وجهه، أنسته طعم الحلاوة، وجعلته يترنّح ترنّحا كاد يفقده وقوفه . فهو لم يكن لبيبا حين سمح للفتيات المتقدّمات بطلبات للعمل أن يدخلن قبل رجليّ الأعمال!. لاحظ المدير امتقاع وجهه وعدم توازنه، فنضح وجهه برطب كلامه :
"سأغفر لك هذه الزلّة شرط ألّا تعاودها..."
عاود شدّ أعصابه التي تراخت خوفا من إضاعة فرصته الأولى في الفوز بعمل، بعد أن بذل الكثير في الأيام الخوالي.
في اليوم السّابع بدأ يومه حريصا على ألّا تبدر منه زلّة، ولا تصدر عنه هفوة، فكان القردَ في سرعة حركاته ، وانجاز مهمّاته :الهاتفيّة والكتابيّة والحاسوبيّة والخدماتيّة وغيرها... يقفز من مكان لمكان مصفقّا تارة لبعضهم، ومبتسما أو مقهقها طورا " فالناس ليسوا سواسية" ويجب منع غياب ذلك عن باله، ويتطلب عمله اليوم أن يكون حكيما ولبيبا بعد خطأ الأمس ! . إنّه يوم تقرير المصير وأيّ مصير؟... مصيره ومصير عائلته التي وعدها أن تمدّ أرجلها حسب أطوالها بعد أن عاشت طويلا تحت لواء المثل القائل: "على قد فراشك مدّ رجليك".
لقد سئم وأهله الرّضى بالقليل ... لذا يجب أن يفي بوعده .
أحسّ بالتّعب يصارعه عندما شارفت ساعات عمله على الانتهاء، ولكنّه لم يكن متحمّسا لمقابلة المدير كما فعل سابقا، بل جرّه التّعب للرّاحة قليلا ، فهدأ الجسم والفكر، ودعاه الفكر ليرتشف قهوته التي أعدّها له ليصحو من سكر تعبه قبل الذّهاب ومعرفة قرار المدير ، ابتسم ومشى بتؤدّة إلى حيث اعتاد أن يركض كلّ آخر نهار .
دقّ الباب متمهّلا ... ألقى التّحيّة ... وقف حتّى طلب منه الجلوس ... نظر إليه المدير معجبا وقدّم له، وأسارير وجهه منبسطة ، التّهنئة متمنّيا له دوام العمل الدّؤوب ...
بريشة الفنان القدير رسم وجها ذا خطوط باسمة ، وأمطرت شفتاه وابلا من كلمات الشّكر والتّقدير للمدير، فيما كان يرسم بمداد شرايينه على لوحات جسمه: عفوا أيّها الفكر. إنّ حياتي الآنيّة تتطلّب كوني قردا، وعضوا في حزب المنافقين الاجتماعيين! لكن، أعدك أنّ ذلك لن يدوم طويلا...
هدية غالية من أديبة عالية فلك الشكر والتقدير!
أما نصي فلم يكن أساس الاهتمام به الموظف أو الوظيفة بل الخلق الذي شرحته وبعض مآرب أخرى.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تحياتي
وليد عارف الرشيد
13-08-2012, 10:04 PM
ولكي لا أقع بفخ قراءة نصك القصصي الرائع من باب الظاهر فقط وهو وحده يكفي ليقدم قصًا مكتمل البنيان والفكر، إلا أنني أطلت المكوث إعجابًا بهذه السردية الموشاة باللغة المتميزة وعلمت كلما تورطت في قراءتي كم يمكن للمرء أن يسقط من خلالها على شرائح وأفكار كلها تصب في خانة الاختلاف والتميز في كل المجالات وتطرح أسئلة كثيرة تفوق حجم ما أتحفتنا به من الكلمات كثيرا ..
سأكتفي بأن أحمل تساؤلاتي ودهشتي وإعجابي وأمضي مصفقًا لشاعرٍ وأديبٍ كبير وإنسانٍ مثقفٍ صاحب فكرٍ ورسالة نبيلة راقية وطرحٍ تلزمه الكثير من الدراسات لأنه يستحق فعلا ..
وجبة مسائية دسمة سررت بأن أتناولها من طاولة إبداعك أخي الحبيب البارع
محبتي لك وجميع تقديري
د. سمير العمري
09-01-2013, 08:07 AM
السلام عليكم أخي د سمير
أنا هنا لأبدي إعجابي وتقديري لهذة القصة القصيرة الرائعة
مضمونها ,,هدفها ,,ضرب على وتر حساس نراه كثيرا ونسمعه
ليعلم كل إنسان أنه فعلا مختلفا عن الآخرين ,,هكذا خلقنا الله ,مليارات من البشر لا أحد يشبه الآخر حتى التوائم المتشابهة .
المشكلة في من يتعمد إظهار نفسه معتقدا أنه الأفضل .
وأنه شيء مميز ,,بينما هو في الحقيقة لا شيء .!!
كم أمقت هذه النوعية ,,إنها فعلاً مزعجة ,,ولكنها موجودة بكثرة .
قمت بتشريح هذا الإنسان أخي تشريحا وافيا ,,أنا أشكرك .وخاصة عندما انتظر التبجيل,, بينما عمله راقد على الطاولة لم ينجزه بعد
ماسة
.
بارك الله بك وأكرمك أختي المكرمة فاطمة وأشكر لك قراءتك الواعية للنص!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
30-04-2013, 03:22 AM
للحرية أصول وقواعد
وإلتزامات
لا يجب أن نأخذ ثمرتها .. دون الأعتناء بها
أديب سامق
وقصة رائعه
حفظ الله قلب الأمير سمير العمري
صدقت أيها النقي الكريم!
وحفظك الله بالخير والبركة والرضا!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
د. سمير العمري
04-06-2013, 01:10 AM
القصة لاتتناول النظام الوظيفي واشكالاته التطبيقية ودوره في نهضة الامة فحسب
بل للقصة تؤشر الى منعطف فلسفي حيث ان بلداننا لم تزل تكفر بآلية التجديد من زاوية ( الحذف والاضافة )
هذا الموظف نسيج ذاته آمن بتلك الآلية ولكنه صدم عندما لم ينصت لاصل خطابه التجديدي احد من الحاضرين وكان التصفيق حصة الذين توارثوا النظرة التقليدية
انه يعيش ازمة الانسان العربي حيث الممانعة تظهر ممن يحيطون المبدع ذاته
/
نص يستحق التصفيق
قراءة أخرى للنص أحترمها على أن لا تكون تأييدا لمن يخالف ليختلف.
أشكر لك ردك وتفاعلك الكريم أيها الخليل!
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
لانا عبد الستار
21-06-2013, 08:39 AM
التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ
هذه حكمة لو لم أخرج من القصة بغيرها لقلت إني خرجت بكنز
تبهرني لغتك السهلة المستحيلة أيها الأمير
قصة قوية سردها مشوق رائع ومضمونها إنساني فكري كبير
أشكرك
خلود محمد جمعة
07-04-2014, 10:12 AM
التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ
رمزية تطرح بعمق عن واقع الروتين، النظام، والموظف
الموظف الذي يعتقد انه مختلف
لتأتي العبارة الاخيرة تلخص جوهر الموضوع
بارك الله في القلم الجاد والفكر المتجدد
دمت بكل الخير
مودتي وتقديري
علاء سعد حسن
07-06-2014, 02:32 PM
[color="black"
وَلأنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ يَومًا أنْ التَّمَيُّزَ الحَقِيقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاخْتِلافِ عَنِ الأَشبَاهِ لا الاخْتِلافِ مَعِ الأَشبَاهِ ثَارَ حَتَّى أَزبَدَ وَأَرعَدَ مُتَطَاوِلا عَلى صَاحِبِ الجَائِزَةِ فَمَا التَفَتَ إِليهِ أَحَدٌ سِوَى أَصحَابُ القمْصَانِ قَصِيرَةِ الأَكْمَامِ ، وَغَاظَهُ مِنهُ أَنَّهُ لا يَأْبَهُ بِهِ ، وَلَكِنْ غَاظَهُ مِنهُ أَكثَر تِلكَ الحُلَّةُ الرَّسمِيَّةُ التَّقلِيدِيَّةِ التِي زَادَتهُ وَسَامَةً وأَنَاقَةً وَهَيبَةً.
[/color]
******
حكمة القصة ذات الأسلوب الرصين الجزل ..
ولكن لم لا ؟
أليس يقولون ان الفرق بين الجنون والعبقرية شعرة ؟
إذا كان هذا المختلف قد فهم فهما خاطئا للتميز.. فهناك متميزون حقا وإن لم يلتزموا بالبدلات التقليدية الأنيقة.. شريطة ان تكون ملابسهم ملائمة للحدث الذي هم فيه ..
شكرا لقصتك سيدي.. ليست مجرد قصة.. وإنما قصة تفجر قضية
د. سمير العمري
08-08-2014, 02:53 AM
لم يكن هذا المختلف مختلفا بالمعنى الصحيح
ولم يحمل جديدا إلا بما ‘بر عنه سلوكه من تمرد على القائم يتصوره تطورا، وانفلاتا يظنه تجديدا
يكون الاختلاف فيما يقدم نفعا أو يزيد في قمية، وليس بمجرد أن لا نكون كغيرنا
قصى رائعة ايها الأمير
بوركت
صدقت ، ورصدت أرب النص فشكرا لك ولا حرمنا الله ألقك!
دام دفعك!
ودمت بكل خير وبركة!
تقديري
رويدة القحطاني
31-05-2015, 12:59 AM
البعض يكتب القصّة ليبوح بأحاسيس يعيشها، والبعض يكتبها ليمارس مهارة يتقنها ويبحث لها عن موضوع، والبعض يكتبها أستاذا يعيد صياغة المجتمع ويعلم بها كل شئ؛ الخلق ومنهجة التفكير واللغة وفن الكتابة
وهذه القصة لأستاذ من النوع الأخير، أستاذ يعيد صياغة الفكر والأدب
د. سمير العمري
05-09-2015, 01:47 PM
شاعرنا الكبير وأديبنا الرائع د. سمير العمري
كما قالت أختنا الأديبة وفاء شوكت ، فعندما تقرأ لسمير العمري ، شعرا كان أم نثرا أم أي من ألوان الأدب ، فتريث وتعمق فيما تقرأ .
هذه قصة حملت إلى جانب السردية الإطارية بحبكتها الجميلة ووصفها المتقن الكثير من الرمزية والدلالة بحيث تتسع لإسقاطها على الكثير من الأحوال والأشخاص والهيئات .
كما قدمت إضاءة كاشفة لآفة التطور وانحراف منهج التطوير .
لي ملاحظة واحدة إن قبلها مني أخي الكبير ، فإن المخزون اللغوي الثري للكاتب وبراعته في الوصف جنحت به إلى الإطناب والإطالة على حساب التكثيف والاختزال الذين يناسبان أكثر نمط القصة القصيرة .
تحية تليق بكاتب نفخر به ونعتز بأخوته .
بارك الله بك أيها الحبيب والأديب الأريب وأشكرك على تقريظك الكريم وقراءتك الواعية!
ليتك أشرت أيها الحبيب إلى المواضع التي تراها إسهابا وإطالة فأنا أزعم أن كل كلمة لها دور مهم في رسم الصورة وتوصيل الفكرة.
دام دفعك!
ودمت بخير وعافية!
تقديري
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir