مشاهدة النسخة كاملة : لآذار قبل الرحيل
راضي الضميري
27-03-2009, 02:05 PM
للمسافر في فضاء العبث حزن وأمنيات ، و للحزن كبرياء تبعثر عند أول نهر اشتكى من رائحة الدم ، وفوضى الجنون في ارتقاء سلم المستحيل ، و في الأفق دمار لرؤاي ، وفي رؤاي بعض أغنية كسرت حاجز الصمت في رحيق الوجع ، وفي الوجع ذاكرة لا تموت.
في آذار تسير فوق أرصفة الضياع تختزل المسافات في ما بين الجلد والعظم ، وتبحثُ في بياض دمك عن كريات دُمرت بفعل شهقة قانون الجاذبية من عدم مبالاتك. من أنتَ حين تكون سابحا في دمك ترتشف الألم؟ من أنتَ يا أنا حين تتقمص دور عطار يشرب السمّ للتجريب ؟ أهي تجربة أم أغنية لم يكمل التاريخ حكايتها بعد اغتيال شهريار وموت شهرزاد ضحكا على حزنها؟
عمّا قليل سأكفّ عن الأسئلة ؛ لم تعد تعنيني الإجابات ، لم يعد يغريني قيس و شعره المجنون بعد مقتل عطيل عشقًا على يد ديدمونة وغياب القمر في آذار. ما فائدة الفصول إنْ لم يفهم أحدهما الآخر ؟ وكيف يطيب للربيع أنْ تتفتح أزهاره بعد غدر الشتاء بالخريف ؟
سوف أقول لكم حكاية عن طائر نورس. كم أحب الطيور وهي تغني! سأروي لكم عن مقصلة الشوق وعن صياد يرقص ألمًا من شدّة ذهول حبة قمح كان يرصدها لطائر وحيد. لم يعلم حتّى الساعة أنّ اللحم لا يؤكل ؛ حين يكون مغمسًا بدمه وحين تخطئ الرسالة الهدف ، فتستحيل ندمًا وتوقًا إلى رجوع الزمن إلى ما قبل الفراغ هناك ، وقبل أنْ يدرك أنّه ذاهب لاصطياد عينيه. هكذا أقنعه الطائر ، غير أنّه لم يسأل قلبه قبل أنْ يسحقه عن مغزى وجود بندقية فارغة من الرصاص. لم تعرف القتل يومًا لذا آثر الموت بعيدًا لأنّه يدرك تمامًا أنّ الحجّة لن تقنع من استل سيفًا تعود أنْ يسبق العذل. سأتوقف الآن و لن أكمل ؛ فالحديث ذو شجون أيها البحر .
هي أغنية سأكملها لكم بعد أنْ يصحو القلم من الدهشة. كيف كنت أكتب بحبر أحمر؟ كيف لم أنتبه إليّ وإليه وهو يخطّ أبجدية جديدة في زجاج الغياب عكست صوره على مرافئ النسيان حيث يمتص الحرمان ما تبقى من القصيد.
لقمر يتدلى من بين السحاب. كنتُ أغني والقلم والنّاس نيام ، وعلى صهيل الجراح غفا القمر وتواطأ مع عتمة صباح لن يأتي و لم يعد يبالي. وعلى نغمات الأنين بكت النجوم ولم أبكِ ؛ كي لا تفيض الأرض عشقا ؛ كي لا يموت النورس حزنا ؛ وكي أستطيع الرجوع إلى ذاكرتي فأنا لا أريد الموت وحيدًا بعد الآن .
ذات شتاء في آذار جلست على ضفة بحر لا شاطئ له أعد حبات المطر على أنغام فيروز وأغزل من الأمنيات نشيدًا من بياض الثلج كتبت عليها اسمك ، وصرخت بأعلى صوتي أنك الآن فيَّ حيٌّ ، وبعضي يأكل كلي ؛ أيهم يصل إليك أولًا في آذار. سمعت النداء عرافتي بعد منتصف الليل بقليل وسألت : هل تعلم إلى أين تسير؟ أرى في عينيك غبار سفر طويل ، أيها المتأبط أمنيات لن ترى الشمس لا ترحل ، لا تسرج خيلك يا بنيّ ، ستضلّ الطريق وحدك ، وستموت في آذار عشقًا بلا زاد في خيال رغبتك.
محاصر أنتَ بالحصار ، ونهر الدمع يجري في أوردتك. أدركت الآن لمَ يموت الرجال بلا دمع ، إنّهم يموتون عنادًا من أجل رجولة لم تخضع لقوانين التفاح وأشواك الزهر في آذار ؛ يموتون بفعل انفجار الأوردة ضغطًا وعشقا ، لقهر مستحيل تمرد لينال من كبريائهم.
في آذار جاءني سيزيف واعظًا ؛ تائبًا من كل الذنوب ، يحمل الصخر فوق نعش الأمنيات ، لا تعدْ لحلمك ، واكتفِ بشمّ الورد ، وخذْ من القمر عبرة ، فثمّة أشياء نحبّها ولا نشتهيها ، نموت حين نقترب منها. لا تشتهِ التمرد على الوجع كيلا تموت حمقا وكيلا تصير عبدا ، فحبل سعادتك وهم نسج بخيوط عنكبوت مات سمّا كي ينسى ألمه ، و لا طائر يشيّع غيابك في نفق الوهم ، والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرَ البحر ، والعنقاء ماتت يا صاحبي ، والصبر ملّ الانتظار على قارعة الحلم.
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب.
د. نجلاء طمان
27-03-2009, 05:43 PM
أيها العشق الصارخ في نبضنا تتخفى, أيها الممتزج بمداد أقلامنا أحمرًا أبديًا: ألا ترفق بقلوبٍ جفت, وأضلعٍ هشت!. لا لون لنزيف عمرنا فوق أرصفة الأيام لوعًا, ولا أثر لدبيب قلوبنا فوق كهوف الليالي حنينًا, ولا ملامح لشهور سنينا التائهة في قلب فصول لا وجه لها.
في هذا النص المتشح النداء للنفس وللآخر, بتُ متناثرةً, أحاول تجميع خطوات قلمي الحائر في لون آذار: أهو أحمر بوجع شمس الحريق, أم أبيض بقسوة برد الثلوج.
للتثبيت انبهارًا
تقديري
منى الخالدي
27-03-2009, 08:25 PM
من كثر لقاءاتك مع البحر
أصبح يحملُ ملامحك
وجرحك
و..حتى لحظات عشقك المكنون
أشياء كثيرة فيكما تتشابه
الصبر
وعمق الروح
وجمالها
لونها
وأسماك الروعة التي تسبح فيكما أيضاً تتشابه
لا أنكرُ أنني مررتُ بهذا النصّ عدة مرات
وقررت أن ألتزم الصمت
واليوم تراجعتُ عن قراري
كان لا بدّ لي أن أقول شيئاً
فعلا تستحق التثبيت مع النجوم !
دُمْ بخيرٍ يا أخي الرائع..
ناريمان الشريف
27-03-2009, 09:12 PM
لآذار قبل الرحيل .. الكثير
لله أنت ما أجمل ما قرأت
أكثر من رائع
....... الى هنا
مع تحياتي ... ناريمان الشريف
إدريس الشعشوعي
27-03-2009, 10:41 PM
عبَرتُ هنا ، و قرأتُ ... قرأتُ لوحةً مفرّعة مزركشة بطُبوع مختلفة تُبدي عن جمال رسّام و روح فنّان و اطّلاع كشّاف .
هذه اللّوحة المزركشةُ تمضي الى أعماق الكينونة و آفاق أمنيات ...
تلك الأمنيات التي تجعل المدى بيننا و بينها يتسّع مع مرور الفصول .
و لو يكن سوى هذا التوديع لآذار لكانَ فيه ما فيه من عتاقة الحزن المستشرف .
اعذرني أيّها الفاضل المبدع ... نصّك مُبهر ، فيه رائحة آذار و برده وموج بحره ممتزجاً بامتداداتك ،
و العجيب هنا أنّه يكادُ يكونُ مفصولا عن كونه بداية فصل جميل بديع ربيع .
و اعذرني على قراءة تنقصُها أدواتُ كثيرة للغوص في بحرك و السبّاحة فيه .
و ما أجمل العودة الى هذا النّص مرّات و مرّات .
بارك الله فيك ...و دمتَ مبدعا .
و لمّ اللهُ شملَ فصولك و شملك .
تقديري و اعجابي
فاطمه عبد القادر
28-03-2009, 04:04 PM
لا تشتهي التمرد على الوجع ؛ كي لا تموت حمقا ، كي لا تصير عبدا ، فحبل سعادتك وهم نسج بخيوط عنكبوت مات سمّا كي ينسى ألمه ؛ و لا طائر يشيّع غيابك في نفق الوهم ، والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرى البحر ، والعنقاء ماتت يا صاحبي ، والصبر ملّ الانتظار على قارعة الحلم.
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
راضي العزيز,,,,حتى آذار نفسه نراه يتمرد على الصقيع,, عندما يبعث شمسه عنوة لتدفئ الكون والزوايا الكئيبة واللأرصفة المبلولة,,, وحين يجعل غيومه الداكنة تتكاتف وتتعاظم,, وتبدأ بفرقعة الرعد,, وهطول الأمطار المجنونة
ليتمرد كل منّا على أوجاعه,, وعلى كل ما يؤلمه,, ويسبب له السهاد, وضياع السبيل, ليتمرد قدر المستطاع ,,فقد رأيت أنّ التمرد,, خير مَنفَذ وخير خلاص
نصك يشبه آذار!! بما فيه من كآبة, وحزن, وشكوى, وجمال
لآذار جمال لا تنكره الفصول
تارة تراه باكيا,, وتارة تراه يترنم بطلائع نور قادم
احذر أيها العزيز من التشاؤم,, طائر الفينيق لم يكن يوما اكذوبة ,,والعنقاء لم تمت ولن تموت,, والصبر مفتاح الفرج ,,وعلى الله التوكل
كن بألف خير راضي
ماسة
فدوى يومة
28-03-2009, 08:09 PM
الفاضل راضي
متقلب وجه البشر تارة يحمر وتار يصفر
لعلنا أورثنا طبعنا لكل ما هو موجود حولنا...
ولعل الرحيل لا يكون بنفس الوجع ولعله يكون لنا على الحكايا حق التصرف
أذار هنا شدني اليه
تحياتي لك والفرح
د. سمير العمري
28-03-2009, 08:56 PM
أخي الحبيب والأديب الأريب راضي:
نص نثري سامق ذو أسلوب عابق وحرف ناطق.
ولعلك أخي الحبيب أكثر من يعلم أن الحياة لا تصفو بلا كدر ، ولا عيش بلا حر وقر ، وما يجد فيها الجهد إلا العامل ذو الكد ولا يزال العنت يزيد الحر صلابة وثقة بأن الغرس لا يثمر إلا بعرق ودم ، وأن المجد لا يكون إلا ببذل الهمم وإبراء الذمم.
ثق أخي بأن الأمنيات متى صافحت رؤى العظام خطبت ودهم بالانتساب إليهم وإنجاب العزة والقيمة من صلب إصرارهم. وإنما يتباين الناس بقدر همتهم وقوتهم على تحمل المحزنات وتحدي المعضلات فمن ثبت وصبر نال الظفر ، ومن مل وخار كل الحلم وانهار.
أما نصك من ناحية البناء فهو يقدم مستوى جديدا من التطور النثري الأدبي أدهشني وأسعدني ، ولكني وإن أذنت وجدت بعض ما يجب أن أشير إليه تناصحا وتصويبا للأفضل.
أما أول ما أحب أن أشير إليه فهو سعادتي باستعمالك علامات الترقيم وأشكو إليك عدم الدقة في استعمالك تلك العلامات بشكل عام وإنك أكثرت من استعمال الفاصلة المنقوطة (؛) والتي تستعمل بندرة للفصل بين معنى سابق ومعنى مفسر لاحق كنتيجة تعتمد عليه. وكذا فقد رأيتك تفصل بين أجزاء الجملة الواحدة بفاصلة أو تفضل بين جمل غير مرتبطة بفاصلة بدل نقطة وعدم استعمالك علامات التعجب مثلا.
أما ما أرى تصحيحه من ناحية اللغة والنحو فهو ما يلي:
بفعل شهقة قانون الجاذبية من لا مبالاتك
الأصوب قولك عدم مبالاتك.
من أنتَ حين تكون سابح في دمك ترتشف الألم ؟
بل سابحا.
من أنتَ يا أنا حين تتقمص دور عطار يشرب السمّ للتجربة ؟ أهي تجربة أم أغنية ؛
أزعم أن الأصوب أن تقول للتجريب لا للتجربة.
وموت شهرزاد من الضحك على حزنها.؟
وهنا الأفصح أن تقول إما "موت شهرزاد ضحكا" أو "موت شهرزاد بالضحك".
وصرخت بأعلى صوتي أنّك الآن فيّا حيّا
إن لم أخطئ المعنى فهي "أنك الآن فيَّ حيٌّ"
لا تعدْ لحلمك ، واكتفي بشمّ الورد
بل واكتفِ باعتبار العطف على مجزوم.
لا تشتهي التمرد على الوجع ؛ كي لا تموت حمقا ،
وهنا الصواب هو لا تشتهِ.
والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرى البحر
بل لم يرَ.
وفي النهاية أشكرك على هذا النص الباسق والذي لو التقت للإشارة لملامح الجمال والتميز فيه فسيستغرقني ذلك كثيرا ولكني أكتفي أن أسوق هنا ومضة لامعة من التعبير الأدبي الفاخر
سأروي لكم عن مقصلة الشوق وعن صياد يرقص ألمًا من شدّة ذهول حبة قمح كان يرصدها لطائر وحيد. لم يعلم حتّى الساعة أنّ اللحم لا يؤكل حين يكون مغمسًا بدمه وحين تخطئ الرسالة الهدف ، فتستحيل ندمًا وتوقًا إلى رجوع الزمن إلى ما قبل الفراغ هناك وقبل أنْ يدرك أنّه ذاهب لاصطياد عينيه.
تحياتي
راضي الضميري
28-03-2009, 11:19 PM
أيها العشق الصارخ في نبضنا تتخفى, أيها الممتزج بمداد أقلامنا أحمرًا أبديًا: ألا ترفق بقلوبٍ جفت, وأضلعٍ هشت!. لا لون لنزيف عمرنا فوق أرصفة الأيام لوعًا, ولا أثر لدبيب قلوبنا فوق كهوف الليالي حنينًا, ولا ملامح لشهور سنينا التائهة في قلب فصول لا وجه لها.
في هذا النص المتشح النداء للنفس وللآخر, بتُ متناثرةً, أحاول تجميع خطوات قلمي الحائر في لون آذار: أهو أحمر بوجع شمس الحريق, أم أبيض بقسوة برد الثلوج.
للتثبيت انبهارًا
تقديري
بل هو أحمر يقطر ألمًا من بياض الثلج كي يزاد يقينا أنّ المذاق قد وصل إلى أعلى درجات المرار في الحنجرة في انتظار الاختناق ومن بعده الاحتراق الكامل للشوق وصاحبه .
في جلسات صمت أتقنها أجلس أحيانًا أنا والبحر والقمر محاولًا وضع اللمسات الأخيرة لبيان نعي يليق بجلال اللحظة عند خروج الروح لتلبية أمرًا آتٍ لا ريب فيه ، حيث لا حزن ينفع ولا مال يشفع بل حسرة وندامة .هناك قد يفسر هذا الأمر على غير ما يراد منه و قد يفهم بعض النّاس أنّها محاولة للهروب إلى الأمام أو انتحار .
الجنون هو أنْ نخضع لعناد حلم لم يقبل بقانون يحتكم إلى منطق سليم يؤكد استحالة تحقيق ما هو غير ممكن ، هل تدركين بعد المسافة بين الأرض و القمر ؟ هي تمامًا نفس المسافة التي تفصل بين الممكن والمستحيل في رؤاي ، ولا ذنب للطيور في بعد المسافات واتساع بقعة الجغرافية وحتى في وجود ثقب الأزون نفسه ، لكن عدم المعرفة بسنن الحياة ومعرفة النفس البشرية وغاياتها خصوصًا عندما تخالط أجواء فيها ما يكدر عيش الحر تكون الحسابات أحيانًا فيها خطأ ما لا قد ينتبه له حتى الحكيم ومن لا يعرف الصقر يشويه .
يبقى أمر أخير هو أنّنا نحبّ القمر ونشتاق لرؤيته كلما غاب عن أعيننا . الأحلام تبقى مشروعة رغم ضعف الأمنيات في تحقيقها لكن يجب أخذ الواقع بعين الاعتبار هذا مولم لكنّه حقيقي ، والأمل صديقي الدائم رغم الجفاء الذي يحصل أحيانًا بدون قصد بيني وبين صديقي آذار ، ربما الطقس هو السبب حيث في آذار تتقلب الأيام كأنّها تودع كل الفصول لتعتاد على شكل يعجّ بالجمال في بداية الربيع . هي عواصف تداعب الحياة في رسالة منها لتعرف من يحب الحياة فعلًا ومن يصبر يفوز ، والربيع على الأبواب وآذار سيرحل تاركًا ذكرى جميلة وكنت أظنّه لن يفعل .
كتبت النص في ساعة وربما أكثر قليلا ، لكنّني رضيت عن نفسي فور تثبيتك له ، أتعلمين هذا يشجعني على أنْ أكتب نصًا آخر ولكن سأنتظر عليه لأكثر من ساعة ، ولن أستمع لقلبي وأتهور كما في كل مرّة خصوصًا بعد توجيهات أخي د سمير .
الأديبة الراقية د. نجلاء طمان
يعجز القلم عن شكرك ومجرد مرورك على هذا المتصفح المتواضع شرف كبير لي .
لكِ الشكر الجزيل
مع
كل الاحترام التقدير
إدريس الشعشوعي
29-03-2009, 12:21 AM
كتبت النص في ساعة وربما أكثر قليلا ، لكنّني رضيت عن نفسي فور تثبيتك له ، أتعلمين هذا يشجعني على أنْ أكتب نصًا آخر ولكن سأنتظر عليه لأكثر من ساعة ، ولن أستمع لقلبي وأتهور كما في كل مرّة خصوصًا بعد توجيهات أخي د سمير .
الفاضل المبدع أستاذنا راضي الضميري ، لذلك جاءت نثريّتك رائعة ، وهجُها و روحها قويّة .
و الإشارات خصوصاً منها النحوية التي أشار اليها الاستاذ الحبيب الموجّه الغيور سمير العمري ما أحوجنا لمن يشيرُ لنا بمثلها في نصوصنا .
و هي شجاعة و غيرةٌ و محبّة ظاهرة من أستاذنا ، كما هي لا تنقُصُ من روعة النّص و ألقِه من حيث تميّزه و نسيجه و تركيبته .
و لكنّها مهمّة جدّا بالنسبة إلينا ، أن تصيرَ حروفنا و كلماتنا تنهلُ من الخلفية النحويّة و المدد الإعرابي ، لتبعثَ فينا من جهة ثقةً و افتداراً ، و من جهةٍ أخرى - برأيي - حالة َ عشقٍ لهذه اللّغة ، حيثُ التوغّلُ فيها و زيادة التمكّن منها يشعُّ على المرسلِ و المتلقّي على حدٍّ سواء بفيوضٍ من الجمال و الاستمداد و الثقة و الأخذ و العطاء .
اعذرني على هذه المداخلة الثانية في صفتحك الجميلة ...
و نصّك قرأتُه أكثر من مرّة ، حيثُ عبّرتُ عن جمال لوحته . و احتوائها على طبوعٍ متنوّعة :
منها :
- قصّة شهريار و شهرزاد من "ألف ليلة و ليلة ".
-عطيل و ديدمونة من مسرح " شكسبير " .
- الكريات البيضاء و الدم ... من " قاموس العلوم الطبيعية الإنسانية "
- "سيفًا تعود أنْ يسبق العذل" ، .." فالحديث ذو شجون أيها البحر " ... من القصص و الأمثال العتيقة العربية .
- و غيرها كثيرةٌ في النّص ... ممّا ينبي عن روعة مزجٍ و ربط و جمعٍ من أجل خدمة الفكرة مع كونك كتبتها في زمن ساعة كما ذكرتَ .
بارك الله مواهبك و اقتدارك ..
أدامَ الله عليك موهبة الإبداع ..
تحياتي و تقديري .
راضي الضميري
29-03-2009, 11:06 PM
من كثر لقاءاتك مع البحر
أصبح يحملُ ملامحك
وجرحك
و..حتى لحظات عشقك المكنون
أشياء كثيرة فيكما تتشابه
الصبر
وعمق الروح
وجمالها
لونها
وأسماك الروعة التي تسبح فيكما أيضاً تتشابه
لا أنكرُ أنني مررتُ بهذا النصّ عدة مرات
وقررت أن ألتزم الصمت
واليوم تراجعتُ عن قراري
كان لا بدّ لي أن أقول شيئاً
فعلا تستحق التثبيت مع النجوم !
دُمْ بخيرٍ يا أخي الرائع..
في آذار ومع البحر والشتاء والقمر لي هناك موعد لا أخلفه كل عام ، وهذا العام كان غريبًا بعض الشيء ، آذار هذا العام أثقل كاهلي بأحمال لم أكن أتوقعها ، وما يقال قد قلته وما لا يقال لم أقله لأنّه خاص جدًا .
في آذار رأيت الشمس ذات يوم في كبد السماء تطلق لهيبًا لم أعهده من قبل ، فجلست بصمت أراقب خيوط اللهيب وهي تخترق العظام و فجأة أمطرت السماء بغزارة ؛ فحملت مظلتي ومشيت فأشار النّاس إليّ وإلى الشمس بتعجب ! ثم أخفيت المظلة في قلبي وتابعت سيري فأشار النّاس إلى المطر وإلى مظلتي في دهشة غريبة : لمَ لا يستعمل مظلته ؟ وقديمًا قالوا رضا النّاس غاية لا تدرك والآن أقول فهم النّاس غاية تدرك و قد لا تسرك .
في آذار هذا وجدتني بلا ماء يطفئ ظمأ أمنية تنازع الجفاف يا ابنة العراق الحر .
تقديري واحترامي
نادية بوغرارة
29-03-2009, 11:10 PM
أحييك أخي راضي على هذا النص الناطق جمالا و روعة ،
حيث تسير المعاني و الصور في سلم الرقي سطرا بعد سطر ،
و فقرة تليها فقرة ، تتقدم ، تتوغل، حتى تحتل عرش الروعة .
تماما مثل بيادق لاعب شطرنج ماهر .
تقبل مروري.
مجذوب العيد المشراوي
30-03-2009, 10:07 PM
وأذار بسمتك الجديدة في هذا الألق .. أنت نسجت َ جداولا وزهورا فكان الخرير أدفأ للعابرين وكنت ُ هنا هادئا جدا لذا أحييك يا صاحبي
محمد الأمين سعيدي
30-03-2009, 11:22 PM
نص جميل يعرض لنا الكثير الكثير
لكن اسمح لي أن أقيم هنا ليال ...
شكرا
وفاء شوكت خضر
31-03-2009, 11:37 PM
للمسافر في فضاء العبث حزن وأمنيات ؛ و للحزن كبرياء تبعثر عند أول نهر اشتكى من رائحة الدم ، وفوضى الجنون في ارتقاء سلم المستحيل ، و في الأفق دمار لرؤاي ، وفي رؤاي بعض أغنية كسرت حاجز الصمت في رحيق الوجع ، وفي الوجع ذاكرة لا تموت.
وما زلت أسافر في ذلك الفضاء ، أحصد الألم باقات ، وأغرس فسائلها في قلبي ..
أخي راضي ..
أحيانا يشدني المحتوى والمعنى أكثر من الاهتمام باللغة ..
فليعذرني البعض في هذا الأمر ..
قرأت هنا فلسفة عميقة وحزن أحسسته يسري في دمي ..
سأتابعك أنت ومحارتك ..
لك ودي وتحيتي ..
مينا عبد الله
01-04-2009, 08:03 AM
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب .
وفي آذار كثر من يعلنون التوبة .. ويرتدون
وحين التوبة يرتجفون ... لانهم على ثقة انهم عائدون
الاديب الفاضل راضي الضميري ... لقد نقشت بالذهب لوحة رائعة .. تحفة فنية
حياك الله ..
وزادك بالخير الكثير
مينا
راضي الضميري
05-04-2009, 02:44 AM
لآذار قبل الرحيل .. الكثير
لله أنت ما أجمل ما قرأت
أكثر من رائع
....... الى هنا
مع تحياتي ... ناريمان الشريف
أشكرك سيدتي الفاضلة ناريمان ، فقد أرهقني آذار كثيرًا ، ولم أكن أتوقع أن ينال من هذا الحضور الرائع هذا الإعجاب و الذي أبهج ما تبقى من الوقت والقلب معا.
تقديري واحترامي
إيمان فهدي
05-04-2009, 10:57 PM
الفاضل الرائع
دعني أخبرك فقط أنني ترددت قبل ان أكتب ردا خوفا من ان أدنس جمال المكان
إنني كنت هناك قرب النورس ,, في آخر موجة للبحر
سأقرأها مرارا كلما أيتيت إلى هنا
دمت بــاسقاً
احمد فارس
06-04-2009, 12:27 AM
ما اروع ما كتبتَ استاذ راضي وما اجمل. ابهرني بيانك، اسرني عمق افكارك، شدني تسلسل ألحانك.
قلتَ: (( هي أغنية؛ سأكملها لكم بعد أنْ يصحو القلم من الدهشة ؟ )) فلمَ يصحو هذا القلم وهو يكتب ما يكتب الان؟ بل من الذي يغرق في الدهشة؟ قلمُك ام قلوبنا التي تسمع !!
يا استاذ راضي منهك كنتُ وانا اقرأ ما كتبتَ، لكن ساقتبس النص لاشرب؛ لأتنفس هذه الحروف ساعةَ يطلع باذن الله النهار. فتحية لك من قلي ووجدي.
راضي الضميري
07-04-2009, 06:40 PM
عبَرتُ هنا ، و قرأتُ ... قرأتُ لوحةً مفرّعة مزركشة بطُبوع مختلفة تُبدي عن جمال رسّام و روح فنّان و اطّلاع كشّاف .
هذه اللّوحة المزركشةُ تمضي الى أعماق الكينونة و آفاق أمنيات ...
تلك الأمنيات التي تجعل المدى بيننا و بينها يتسّع مع مرور الفصول .
و لو يكن سوى هذا التوديع لآذار لكانَ فيه ما فيه من عتاقة الحزن المستشرف .
اعذرني أيّها الفاضل المبدع ... نصّك مُبهر ، فيه رائحة آذار و برده وموج بحره ممتزجاً بامتداداتك ،
و العجيب هنا أنّه يكادُ يكونُ مفصولا عن كونه بداية فصل جميل بديع ربيع .
و اعذرني على قراءة تنقصُها أدواتُ كثيرة للغوص في بحرك و السبّاحة فيه .
و ما أجمل العودة الى هذا النّص مرّات و مرّات .
بارك الله فيك ...و دمتَ مبدعا .
و لمّ اللهُ شملَ فصولك و شملك .
تقديري و اعجابي
وعندما يرحل آذار ترحل معه البسمة وبقايا أغنية لم يحسن المطر الإصغاء لما جاء فيها.
في آذار وهناك في زاوية الألم حشرت الأمنيات في خانة " اليك " والنرد لم يعد يستجيب .
ولآذار قصة عجيبة ، ونكهة مختلفة عن كل الفصول .
أيها الشاعر الرائع ؛ لقد أسعدني وجودك وتحليلك الجميل ، ومثلك يملك كل أدوات الغوص ، ولكنه تواضع الكبار .
أشكرك جدًا على مرورك الكريم على متصفح متواضع تشرف بك .
تقديري واحترامي
د. مصطفى عراقي
11-04-2009, 04:49 AM
للمسافر في فضاء العبث حزن وأمنيات ، و للحزن كبرياء تبعثر عند أول نهر اشتكى من رائحة الدم ، وفوضى الجنون في ارتقاء سلم المستحيل ، و في الأفق دمار لرؤاي ، وفي رؤاي بعض أغنية كسرت حاجز الصمت في رحيق الوجع ، وفي الوجع ذاكرة لا تموت.
في آذار تسير فوق أرصفة الضياع تختزل المسافات في ما بين الجلد والعظم ، وتبحثُ في بياض دمك عن كريات دُمرت بفعل شهقة قانون الجاذبية من عدم مبالاتك. من أنتَ حين تكون سابحا في دمك ترتشف الألم؟ من أنتَ يا أنا حين تتقمص دور عطار يشرب السمّ للتجريب ؟ أهي تجربة أم أغنية لم يكمل التاريخ حكايتها بعد اغتيال شهريار وموت شهرزاد ضحكا على حزنها؟
عمّا قليل سأكفّ عن الأسئلة ؛ لم تعد تعنيني الإجابات ، لم يعد يغريني قيس و شعره المجنون بعد مقتل عطيل عشقًا على يد ديدمونة وغياب القمر في آذار. ما فائدة الفصول إنْ لم يفهم أحدهما الآخر ؟ وكيف يطيب للربيع أنْ تتفتح أزهاره بعد غدر الشتاء بالخريف ؟
سوف أقول لكم حكاية عن طائر نورس. كم أحب الطيور وهي تغني! سأروي لكم عن مقصلة الشوق وعن صياد يرقص ألمًا من شدّة ذهول حبة قمح كان يرصدها لطائر وحيد. لم يعلم حتّى الساعة أنّ اللحم لا يؤكل ؛ حين يكون مغمسًا بدمه وحين تخطئ الرسالة الهدف ، فتستحيل ندمًا وتوقًا إلى رجوع الزمن إلى ما قبل الفراغ هناك ، وقبل أنْ يدرك أنّه ذاهب لاصطياد عينيه. هكذا أقنعه الطائر ، غير أنّه لم يسأل قلبه قبل أنْ يسحقه عن مغزى وجود بندقية فارغة من الرصاص. لم تعرف القتل يومًا لذا آثر الموت بعيدًا لأنّه يدرك تمامًا أنّ الحجّة لن تقنع من استل سيفًا تعود أنْ يسبق العذل. سأتوقف الآن و لن أكمل ؛ فالحديث ذو شجون أيها البحر .
هي أغنية سأكملها لكم بعد أنْ يصحو القلم من الدهشة. كيف كنت أكتب بحبر أحمر؟ كيف لم أنتبه إليّ وإليه وهو يخطّ أبجدية جديدة في زجاج الغياب عكست صوره على مرافئ النسيان حيث يمتص الحرمان ما تبقى من القصيد.
لقمر يتدلى من بين السحاب. كنتُ أغني والقلم والنّاس نيام ، وعلى صهيل الجراح غفا القمر وتواطأ مع عتمة صباح لن يأتي و لم يعد يبالي. وعلى نغمات الأنين بكت النجوم ولم أبكِ ؛ كي لا تفيض الأرض عشقا ؛ كي لا يموت النورس حزنا ؛ وكي أستطيع الرجوع إلى ذاكرتي فأنا لا أريد الموت وحيدًا بعد الآن .
ذات شتاء في آذار جلست على ضفة بحر لا شاطئ له أعد حبات المطر على أنغام فيروز وأغزل من الأمنيات نشيدًا من بياض الثلج كتبت عليها اسمك ، وصرخت بأعلى صوتي أنك الآن فيَّ حيٌّ ، وبعضي يأكل كلي ؛ أيهم يصل إليك أولًا في آذار. سمعت النداء عرافتي بعد منتصف الليل بقليل وسألت : هل تعلم إلى أين تسير؟ أرى في عينيك غبار سفر طويل ، أيها المتأبط أمنيات لن ترى الشمس لا ترحل ، لا تسرج خيلك يا بنيّ ، ستضلّ الطريق وحدك ، وستموت في آذار عشقًا بلا زاد في خيال رغبتك.
محاصر أنتَ بالحصار ، ونهر الدمع يجري في أوردتك. أدركت الآن لمَ يموت الرجال بلا دمع ، إنّهم يموتون عنادًا من أجل رجولة لم تخضع لقوانين التفاح وأشواك الزهر في آذار ؛ يموتون بفعل انفجار الأوردة ضغطًا وعشقا ، لقهر مستحيل تمرد لينال من كبريائهم.
في آذار جاءني سيزيف واعظًا ؛ تائبًا من كل الذنوب ، يحمل الصخر فوق نعش الأمنيات ، لا تعدْ لحلمك ، واكتفِ بشمّ الورد ، وخذْ من القمر عبرة ، فثمّة أشياء نحبّها ولا نشتهيها ، نموت حين نقترب منها. لا تشتهِ التمرد على الوجع كيلا تموت حمقا وكيلا تصير عبدا ، فحبل سعادتك وهم نسج بخيوط عنكبوت مات سمّا كي ينسى ألمه ، و لا طائر يشيّع غيابك في نفق الوهم ، والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرَ البحر ، والعنقاء ماتت يا صاحبي ، والصبر ملّ الانتظار على قارعة الحلم.
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب.
أخي الحبيب الأديب الصادق الأستاذ : راضي
هذا النثر الراقي البديع أبلغ ردٍّ على من كانوا يملؤون الأرض ضجيجا أن مملكة النثر ستنهار إن هم غادروها !
وها هي ذي الأيام تثبت على أوراق خضراء مروية بماء إبداع مبارك ، ومسقية بندى إخلاص طهور أن هذه الواحة الظليلة ولادة ، وأن مملكة النثر عامرة زاخرة بجمال الحرف ، وجلال الرؤية
وما أجمل هذا الاستشراف العالي لتراث الإنسانية بتوازن يجمع بين طائر الفينيق والعنقاء بينما بعض مبدعينا ينظر بعين واحدة
فلك مني أسمى معاني الشكر والودّ
مصطفى
راضي الضميري
15-04-2009, 11:46 PM
لا تشتهي التمرد على الوجع ؛ كي لا تموت حمقا ، كي لا تصير عبدا ، فحبل سعادتك وهم نسج بخيوط عنكبوت مات سمّا كي ينسى ألمه ؛ و لا طائر يشيّع غيابك في نفق الوهم ، والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرى البحر ، والعنقاء ماتت يا صاحبي ، والصبر ملّ الانتظار على قارعة الحلم.
في آذار تاب كل النّاس و لم أتب ؛ كأنّي لن أتوب .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
راضي العزيز,,,,حتى آذار نفسه نراه يتمرد على الصقيع,, عندما يبعث شمسه عنوة لتدفئ الكون والزوايا الكئيبة واللأرصفة المبلولة,,, وحين يجعل غيومه الداكنة تتكاتف وتتعاظم,, وتبدأ بفرقعة الرعد,, وهطول الأمطار المجنونة
ليتمرد كل منّا على أوجاعه,, وعلى كل ما يؤلمه,, ويسبب له السهاد, وضياع السبيل, ليتمرد قدر المستطاع ,,فقد رأيت أنّ التمرد,, خير مَنفَذ وخير خلاص
نصك يشبه آذار!! بما فيه من كآبة, وحزن, وشكوى, وجمال
لآذار جمال لا تنكره الفصول
تارة تراه باكيا,, وتارة تراه يترنم بطلائع نور قادم
احذر أيها العزيز من التشاؤم,, طائر الفينيق لم يكن يوما اكذوبة ,,والعنقاء لم تمت ولن تموت,, والصبر مفتاح الفرج ,,وعلى الله التوكل
كن بألف خير راضي
ماسة
التمرد على المستحيل مستحيل، ثمّة أمور مستحيلة التحقّق وأنا من أنصار التشائل في أحلك الظروف لكن ما بالقلب حيلة ، وآذار كتب عليّ أن أقول ما لا أريد قوله .
كم أخطات بحق نفسي وحق آذار..
لك أزهار الشرق كلها
ماسة حقيقية .
تقديري واحترامي
راضي الضميري
25-04-2009, 04:21 PM
الفاضل راضي
متقلب وجه البشر تارة يحمر وتار يصفر
لعلنا أورثنا طبعنا لكل ما هو موجود حولنا...
ولعل الرحيل لا يكون بنفس الوجع ولعله يكون لنا على الحكايا حق التصرف
أذار هنا شدني اليه
تحياتي لك والفرح
لآذار قصة طويلة ومتشعبة كما هي فصول حياتنا في هذا الزمن العجيب
وليس كل ما يتمناه المرء يدركه وإن كان الرجاء والأمل بالله تعالى ما زال قائمًا وسيبقى .
والرحيل موجع جدا ، وأكثر مما كنت أتصور ، ولكل رحيل إحداثياته الخاصة به ، ولكل ألم مذاقه الخاص .
حضورك فصل مختلف فيه نقاء جميل.
كوني بخير
راضي الضميري
14-05-2009, 12:36 PM
أخي الحبيب والأديب الأريب راضي:
نص نثري سامق ذو أسلوب عابق وحرف ناطق.
ولعلك أخي الحبيب أكثر من يعلم أن الحياة لا تصفو بلا كدر ، ولا عيش بلا حر وقر ، وما يجد فيها الجهد إلا العامل ذو الكد ولا يزال العنت يزيد الحر صلابة وثقة بأن الغرس لا يثمر إلا بعرق ودم ، وأن المجد لا يكون إلا ببذل الهمم وإبراء الذمم.
ثق أخي بأن الأمنيات متى صافحت رؤى العظام خطبت ودهم بالانتساب إليهم وإنجاب العزة والقيمة من صلب إصرارهم. وإنما يتباين الناس بقدر همتهم وقوتهم على تحمل المحزنات وتحدي المعضلات فمن ثبت وصبر نال الظفر ، ومن مل وخار كل الحلم وانهار.
أما نصك من ناحية البناء فهو يقدم مستوى جديدا من التطور النثري الأدبي أدهشني وأسعدني ، ولكني وإن أذنت وجدت بعض ما يجب أن أشير إليه تناصحا وتصويبا للأفضل.
أما أول ما أحب أن أشير إليه فهو سعادتي باستعمالك علامات الترقيم وأشكو إليك عدم الدقة في استعمالك تلك العلامات بشكل عام وإنك أكثرت من استعمال الفاصلة المنقوطة (؛) والتي تستعمل بندرة للفصل بين معنى سابق ومعنى مفسر لاحق كنتيجة تعتمد عليه. وكذا فقد رأيتك تفصل بين أجزاء الجملة الواحدة بفاصلة أو تفضل بين جمل غير مرتبطة بفاصلة بدل نقطة وعدم استعمالك علامات التعجب مثلا.
أما ما أرى تصحيحه من ناحية اللغة والنحو فهو ما يلي:
بفعل شهقة قانون الجاذبية من لا مبالاتك
الأصوب قولك عدم مبالاتك.
من أنتَ حين تكون سابح في دمك ترتشف الألم ؟
بل سابحا.
من أنتَ يا أنا حين تتقمص دور عطار يشرب السمّ للتجربة ؟ أهي تجربة أم أغنية ؛
أزعم أن الأصوب أن تقول للتجريب لا للتجربة.
وموت شهرزاد من الضحك على حزنها.؟
وهنا الأفصح أن تقول إما "موت شهرزاد ضحكا" أو "موت شهرزاد بالضحك".
وصرخت بأعلى صوتي أنّك الآن فيّا حيّا
إن لم أخطئ المعنى فهي "أنك الآن فيَّ حيٌّ"
لا تعدْ لحلمك ، واكتفي بشمّ الورد
بل واكتفِ باعتبار العطف على مجزوم.
لا تشتهي التمرد على الوجع ؛ كي لا تموت حمقا ،
وهنا الصواب هو لا تشتهِ.
والفينيق أكذوبة نسجها ضرير لم يرى البحر
بل لم يرَ.
وفي النهاية أشكرك على هذا النص الباسق والذي لو التقت للإشارة لملامح الجمال والتميز فيه فسيستغرقني ذلك كثيرا ولكني أكتفي أن أسوق هنا ومضة لامعة من التعبير الأدبي الفاخر
سأروي لكم عن مقصلة الشوق وعن صياد يرقص ألمًا من شدّة ذهول حبة قمح كان يرصدها لطائر وحيد. لم يعلم حتّى الساعة أنّ اللحم لا يؤكل حين يكون مغمسًا بدمه وحين تخطئ الرسالة الهدف ، فتستحيل ندمًا وتوقًا إلى رجوع الزمن إلى ما قبل الفراغ هناك وقبل أنْ يدرك أنّه ذاهب لاصطياد عينيه.
تحياتي
أستاذي وأخي الحبيب الدكتور سمير العمري
إطلالتك هذه لها مكانة خاصة في قلبي ، فقد أوضحت وبينت بأسلوب لا يخلو من الجمال كيف يمكن أن نتفادى أخطائنا في المستقبل وكيف يمكن أن نحسن من مستوى كتاباتنا ،وهذا الأمر هو موضع تقديرنا واحترامنا ، فقد قدمنا لهذه الواحة وأحببناها وفيها تعلمنا وما زلنا نتعلم ، ولها في عنقنا دين كبير نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا كي نرد لها هذا الدين ومهما فعلنا فإنني أكاد أجزم أننا لن نستطيع ، فما قدمته لنا أكبر من أن نتمكن نحن من تسديده ، فهي صاحبة الفضل بعد الله سبحانه وتعالى .
هذا النص كتبته خلال ساعة أو أكثر ووقعت فيه بعدة أخطاء وأنا أشكرك من كل قلبي لكونك ساهمت في تصويب هذه الأخطاء ، والحق أحق أن يتبع ، وإلا فكيف سنتعلم إن لم يأخذ بيدنا أستاذنا وشاعرنا وعميد واحتنا ؟
أشكرك وسعيد جدًا بمرورك الكريم الذي أضاء متصفحي المتواضع هذا وأشكرك أيضًا على إعجابك بنصي هذا فهذه شهادة اعتز بها وأفتخر .
كن بخير دائما.
تقديري واحترامي أستاذي الكبير .
حسنية تدركيت
14-05-2009, 11:01 PM
أكثر من رائعة , شكرا لك أخي الفاضل على هذا الإبداع المتواصل
شريفة العلوي
15-05-2009, 12:44 PM
أخي الأديب المتميز راضي الضميري
ذات يوم كتبتُ نصا عن الرحيل ولعلى فلسفة الرحيل مزدوجة في معاييرها لا تمنحنا بصيصا يقود فضولنا الى فحواها وما نطلق عليه الرحيل يبدو أحيانا مكوثا يرسخ معاني الإقامة بين الكائن والمكان والعكس صحيح وكأن الرحيل بحيرة مقدسة لابد ان نبلل بها أقدامنا وهنا في نصك العميق الشاسع فكرا وإبداعا وجدت كل المعاني التي قيلت في الرحيل حالة اقامة إقامة دائمة في قراءة الإبداع ..
دمت اخي بكل خير وسلام
راضي الضميري
22-05-2009, 10:10 AM
الفاضل المبدع أستاذنا راضي الضميري ، لذلك جاءت نثريّتك رائعة ، وهجُها و روحها قويّة .
و الإشارات خصوصاً منها النحوية التي أشار اليها الاستاذ الحبيب الموجّه الغيور سمير العمري ما أحوجنا لمن يشيرُ لنا بمثلها في نصوصنا .
و هي شجاعة و غيرةٌ و محبّة ظاهرة من أستاذنا ، كما هي لا تنقُصُ من روعة النّص و ألقِه من حيث تميّزه و نسيجه و تركيبته .
و لكنّها مهمّة جدّا بالنسبة إلينا ، أن تصيرَ حروفنا و كلماتنا تنهلُ من الخلفية النحويّة و المدد الإعرابي ، لتبعثَ فينا من جهة ثقةً و افتداراً ، و من جهةٍ أخرى - برأيي - حالة َ عشقٍ لهذه اللّغة ، حيثُ التوغّلُ فيها و زيادة التمكّن منها يشعُّ على المرسلِ و المتلقّي على حدٍّ سواء بفيوضٍ من الجمال و الاستمداد و الثقة و الأخذ و العطاء .
اعذرني على هذه المداخلة الثانية في صفتحك الجميلة ...
و نصّك قرأتُه أكثر من مرّة ، حيثُ عبّرتُ عن جمال لوحته . و احتوائها على طبوعٍ متنوّعة :
منها :
- قصّة شهريار و شهرزاد من "ألف ليلة و ليلة ".
-عطيل و ديدمونة من مسرح " شكسبير " .
- الكريات البيضاء و الدم ... من " قاموس العلوم الطبيعية الإنسانية "
- "سيفًا تعود أنْ يسبق العذل" ، .." فالحديث ذو شجون أيها البحر " ... من القصص و الأمثال العتيقة العربية .
- و غيرها كثيرةٌ في النّص ... ممّا ينبي عن روعة مزجٍ و ربط و جمعٍ من أجل خدمة الفكرة مع كونك كتبتها في زمن ساعة كما ذكرتَ .
بارك الله مواهبك و اقتدارك ..
أدامَ الله عليك موهبة الإبداع ..
تحياتي و تقديري .
أخي الشاعر إدريس
لقد غمرتني بلطفك وبجمال مشاعرك ، وكان لمرورك السعيد فرحة في القلب ، فشكرًا لك أخي المفضال شكرًا بحد السحاب .
كن بخير
راضي الضميري
25-05-2009, 03:00 PM
أحييك أخي راضي على هذا النص الناطق جمالا و روعة ،
حيث تسير المعاني و الصور في سلم الرقي سطرا بعد سطر ،
و فقرة تليها فقرة ، تتقدم ، تتوغل، حتى تحتل عرش الروعة .
تماما مثل بيادق لاعب شطرنج ماهر .
تقبل مروري.
الحياة رقعة شطرنج كبيرة ، واللاعب الماهر لا يكون محظوظًا دوما ، لأنّ هناك شيء اسمه ضغظ الوقت ، وعندما يحاصرنا الوقت نفقد أحيانًا القدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
هي الحياة وهي الشطرنج والوقت .
شكرًا أختي نادية على هذه الإطلالة الجميلة.
كوني بخير
هشام عزاس
26-05-2009, 11:34 PM
الجميل الصديق / المبدع راضي الضميري
في الحقيقة أحتاج إلى قاموس من الكلمات الجميلة المعبرة لأصف روعةً أودعتها هنا في النص و أخرى في نفسي , ياااه كم لطعم النثر جاذبية عندما تنبع مفرداته من حس صادق يعي تماما كيف يقتنص الصور من عوالمها و كيف يوظفها باتقان كأصفهاني يحيك سجادة .
أبحرتُ مع حرفك مستمتعا رغم الوجع كذاك الذي تلتوي رجله أو يده فجأة و بعد فترة وجيزة يقوم بتدليكها بأنامله فيشعر بألم يستلذه و كأنه يجلب معه الراحة .
بالفعل أجمل النصوص تلك التي تأتي فجأة فهي تحمل معها أسباب تألقها الذي يدوم طويلا و لأنها تنبعُ من الحس مباشرة دون أن ترهق العقل في غربلة رؤاها كي لا تفقد وهج اللحظة الإبداعية .
أرفع قبعتي عاليا لنبض أنت صاحبه
إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام
راضي الضميري
30-05-2009, 09:55 PM
وأذار بسمتك الجديدة في هذا الألق .. أنت نسجت َ جداولا وزهورا فكان الخرير أدفأ للعابرين وكنت ُ هنا هادئا جدا لذا أحييك يا صاحبي
أحييك أيّها الشاعر الكبير ، فقد أضفت لمستك الساحرة على نص متواضع فكان لآذار نكهة ولا أجمل .
جميل أنت .
كن بخير
لمى ناصر
31-05-2009, 08:43 PM
والأحمر يجري بأوردة الرحيل ,, يصمت شهريار
والحكايا مستمرة تعلن أن لا انتهاء لتلك الأمنيات
الصارخة بأغنية فيروزية ورقصة نوارس مغمورة
بذهول الشوق , وان لا شيء بات يشبهني , نبض رقراق
غارق بدمع النشيد... والصبر.
رائع أيها الندي.
راضي الضميري
29-08-2009, 06:55 AM
نص جميل يعرض لنا الكثير الكثير
لكن اسمح لي أن أقيم هنا ليال ...
شكرا
الشاعر الجميل السعيدي
يسعدني أن نصي المتواضع قد أعجبك ، ومثلك شاعر جميل لرأيه مكانة في القلب نعتز به ونفخربه دوما
أشكرك وبارك الله فيك.
تقديري واحترامي
مصطفى السنجاري
31-08-2009, 07:05 PM
..**)) راضي الضميري
أرضيت ضمير الأدب الثر الطازج بنصك المفعم بالحيوية
أنت قلم راق مبارك فحييت يا صديقي
ودم مبدعا
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir