تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مُحمَّد الدُّرَّة



عبدالعزيز جويدة
28-03-2009, 10:07 PM
شعر عبدالعزيز جويدة


للقدسِ رائحةُ الترابِ
إذا احترَقْ
ولِكلِّ طِفلٍ ـ في يديهِ حجارةٌ ـ
حجَرٌ سيقذِفُهُ ..
وآخرُ
من يدينِ صغيرتينِ
سينزَلِقْ
وقتَ انحِناءِ الطفلِ
يلتقِطُ الحجرْ
صوتُ الرَّصاصِ يفوحُ
بالموتِ المُباغِتِ
تخرُجُ الروحُ البريئةُ
مثلَ ضوءٍ قد بَرَقْ
يا معشَرَ الشُهداءِ
لا تتوقفوا
إنْ لم تموتوا ..
لن نعيشْ ..
حتى نرى وطنًا يلوحُ من الأُفُقْ ؟
******
هو ذا الصغيرُ
الآنَ يُبلِغُكم جميعًا أنَّهُ
في الصُّبحِ لن يأتي لمدرستِهْ
هو ذا الصغيرُ الآنَ يعتذِرُ
هو لن يُصافحَكُمْ،
ولن يجلسْ..
بمجلِسِكمْ
ليسألَهُ مُدرِّسُهُ :
فهمتَ الدرسْ ؟
يُجيبُ مُحمدُ الدُّرَّة :
نعَمْ .. أُستاذْ
وعندَ خُروجِهِ المُعتادِ للبيتِ
يُفكِّرُ سائلاً نفسَهْ
لماذا دونَ خلْقِ اللهِ
لمْ نعرفْ لنا وطنًا
ولا علَمًا
وكلُّ هُوِيَّةٍ فينا
يُدَوَّنُ فوقَها ..
"لاجئْ" ؟
لماذا دونَ خلقِ اللهْ
بيوتُ الناسِ عاليةٌ
ونُدفَنُ نحنُ ..
في ملجأْ ؟
لماذا دونَ خلقِِ اللهِ
لم تسكُنْ مدائنَنَا عصافيرٌ
تُزقْزِقُ فوقَ شبَّاكي ؟
وكلُّ نسائمٍ تأتي
يُفتِّشُها الغُزاةُ الصُّفرُ
قبلَ دخولِها أرضي
فتختَبِئُ ..
تُخوِّفُها بنادقُهمْ
تخافُ السُترَةَ الكاكي
فيبتسِمُ الصِغارُ السُّمرُ في ضَجَرٍ
لصوتِ مُحمدِ الباكي
ويفْتَرشونَ في مَللٍ حقائبَهُمْ
وفوقَ تُرابِ أرضِهُمُ
يَمُدُّ مُحمدٌ يدَهُ
ليأخذَ حِفنةً منها
ويصرُخُ في فضاءِ الكونِ :
يا أرضي
أنا لا شيءَ لولاكِ
ويرسُمُ في الفضا علمًا ويرفعُهُ
"يُؤديهِ تحيتَهُ"
ويفعلُ مثلَهُ الأطفالُ
يبتَهِلونَ يا قُدسُ
عيونُ اللهِ ترعاكِ
فمُدّي لي يديكِ الآنَ
يا قدسُ
فواحدةٌ أُقبِّلُها ،
وفي الأخرى ...
أُكَفِّنُ وجهَ قتلاكِ
******
لأنَّ مُحمّدَ الدُّرَّة
لهُ عينانِ يسكُنُ فيهما وطني
لهُ شَفتانِ لونُهما بلونِ القدسْ
ورأسٌ دائمًا مرفوعْ
يُشابِهُ قُبَّةَ الأقصى
إذا اهتَزَّتْ لِصوتِ مؤَذِّنٍ للفجرِ
صدَّاحٍ
تئنُّ حجارةُ الأقصى بكلِّ خُشوعْ
هُنا المَسْرى
هُنا "طهَ" تَعانَقَ نورُهُ الأبديُّ في يومٍ
بِنورِ "يسوعْ"
قليلٌ كلُّ هذا الدّمِّ يا قدسُ
ليبقى صوتُ قُرآنِكْ
وقُدَّاسِكْ ..
هنا مسموعْ
بَكتْ "مرْيَمْ"
بَكتْ في الليلِ نخلَتُها
فهزَّتها ..
تساقطْ ..
وجهُ قتلانا
وقالوا :
قتْلُنا مشروعْ
******
لأنَّ مُحمدَ الدّرّة
تراءى لي
وحدَّثَني من الجنَّةْ
ثيابٌ سُندُسٌ خُضرٌ
ونهرُ دموعْ
وقالَ : اللهُ واساهُ ،
وطمأنَ قلبهُ المفجوعْ
بأنَّ الأرضَ عائدةٌ
وأنَّ المسجدَ الأقصى
سندخلُهُ
وخلفَ جدارِهِ نسمعْ
فحيحًا ..
إنها الأفعى
تئنُّ ورأسُها مقطوعْ
أنا آتٍ إليكِ أيا فَلسطينُ
وصدري للرصاصِ الحيِّ مفتوحٌ
بغيرِ دُروعْ
فإنْ مِتُّ ..
شهيدًا أفتدي قُدسي
وإن عُدتُ ..
أعودُ ورأسُنا مرفوعْ
******
يظلُّ محمدُ الدرة
شُهودَ عِيانْ
على زَمنٍ من التقتيلِ والتَّنكيلِ
والطُّغيانْ
سيبقى وَصْمَةَ العارِ
التي حلَّتْ على العالمْ
ولن تُمحى بأيِّ زمانْ
لأنَّ مُحمدَ الدُّرَّة
هو الوطنُ
هو القُدسُ
هو الأرضُ
هو العِرضُ
فكيفَ لنا تركناهُ
تجرَّعَ وحدَهُ الجُرحَ ،
وهدَّتْ أمَّهُ الأحزانْ ؟
يُطلُّ مُحمدُ الدُّرَّة
بوجهٍ كالنبيينَ
نُواري وجهَنا منهُ
فأيُّ هَوانْ !
ويصرُخُ في ضمائِرِنا ..
هُنا بُركانْ :
أغيثوني أنا إنسانْ
أغيثوني أنا إنسانْ
******
سلاماتٍ سلاماتٍ
إلى المفجوعَةِ الثَّكْلى
تُقَبِّلُ أوجُهَ القَتلى
لأنَّ القُدسَ غاليةٌ
بذلنا روحَنا الأغلى
بذلنا الذَّاتْ
سلاماتٍ إلى أرضٍ ،
إلى شعبٍ ..
يُقدِّمُ عُمرَهُ مَهرًا
ليرفعَ رايةً حُرةْ
سلاماتٍ لكلِّ حِجارةٍ سَقطتْ
وكلِّ قذيفةٍ عَبرتْ
لتفتحَ في جِدارِ الليلِ
نحوَ شموسِنا ثَغرَة
ولن نهدأْ ،
ولن نعبأْ ..
بتهديدٍ لنا ووعيدْ
فأهلاً يا سنينَ الحنظلِ الآتي
نعمْ أهلاً ..
بكلِّ حياتِنا المُرَّةْ
فإنَّا لا نهابُ الموتَ بالمَرَّةْ
فليسَ الموتُ في العُمرِ ..
سوى مَرَّةْ
سنزرعُ أرضنا حَجَرًا
نُحَرِّرُها
وإنْ عادتْ فُلُولُ الشَّرِّ في يومٍ
نُعيدُ عليهِمُ الكَرَّة
سنزرعُ أرضَنا شُهداءْ
لتطرحَ دائِمًا وطنًا
بِلونِ مُحَمَّدِ الدُّرَّةْ

ريمة الخاني
29-03-2009, 08:00 AM
عشت و عاش شعب لايموت

محسن شاهين المناور
29-03-2009, 04:44 PM
الشاعر الحبيب عبد العزيز جويدة
مرحىلك ولحرفك السامق كبيرة في معانيها
بعيدة في مراميها تستحق التأمل والتوقف
وشاعرية فذة وابداع مميز
دمت بكل الخير أيها الحبيب

علي عطية
29-03-2009, 08:14 PM
القدير عبد العزيز جويدة
هنا رغماً عنا تدمع العين
ونكتب انبهارنا بعض أحزاننا

دمت والجمال

مرحى لك إلى الختام

إدريس الشعشوعي
29-03-2009, 08:46 PM
الشاعر المُجيد عبد العزيز جويدة

حرفُك يغري بالقراءة

لهُ قاموسٌ من السّهل الممتنع

و لهُ فيوضٌ و انسيابٌ لا يأتي إلاّ من مخيّلة شاعر

سابحٍ في فضاء المعاني و الخيال

و وقوف شعرك في مثل هذه المحطّات المقدّسة

يعبّر عن ضميرٍ حيّ وروحٍ نبيلة

دامَ مددُ فيضك و إبداعك

باركك الله


معجبٌ بحرفك أيّها المبدع ..

حازم محمد البحيصي
29-03-2009, 10:00 PM
الشاعر الحبيب عبد العزيز جويدة
وربكَ شعَرتَ فأشْعَرتَ فأبكيت
لماذا دونَ خلْقِ اللهِ
لمْ نعرفْ لنا وطنًا
ولا علَمًا
وكلُّ هُوِيَّةٍ فينا
يُدَوَّنُ فوقَها ..
"لاجئْ" ؟
لماذا دونَ خلقِ اللهْ
بيوتُ الناسِ عاليةٌ
ونُدفَنُ نحنُ ..
في ملجأْ ؟
لأن من ادعوا محبتنا أرادوا لنا ذلك
تحيتى لك

د. سمير العمري
31-12-2010, 03:46 PM
نص شعري جميل تناول بشاعرية وبوجد شفيف هذه الحالة الموجعة في وقع أمتنا.

وإني وإن كنت لا أعيب اتخاذ محمد الدرة رمزا من رموز المرحلة إلا أنني أرى أن من يجب أن يكون له هذا الدور بشكل أساسي وكبير هو فارس عودة ذلك أن محمد الدرة كان ضحية عدوان سافر ووحشية غادرة دون أن يكون له أو لوالده دور حقيقي في المقاومة ، أما فارس عودة فهو الذي نال الشهادةمقاوما يتحدى حتى الدبابة ومدافعها بحجر وقوة يقين.

مهما يكن من أمر فإني أشكر النص وأشكر الشحص على هذا الحس.


دمت بخير ورضا!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.

تحياتي

خالد الجريوي
31-12-2010, 05:45 PM
يظلُّ محمدُ الدرة
شُهودَ عِيانْ
على زَمنٍ من التقتيلِ والتَّنكيلِ
والطُّغيانْ
سيبقى وَصْمَةَ العارِ
التي حلَّتْ على العالمْ
ولن تُمحى بأيِّ زمانْ
لأنَّ مُحمدَ الدُّرَّة
هو الوطنُ
هو القُدسُ
هو الأرضُ
هو العِرضُ


والله يا أخي
ما قرأت أصدق
من حرفك الباكي
الذي يجعلنا نخجل حتي من قراءته

مبدع أنت
لا شك
ولك تحياتي

وسلام الله
علي محمد الدره

خليل ابراهيم عليوي
31-12-2010, 07:05 PM
انثالت القصيدة على النفس فاججت ما كان تحت الرماد لتتقد من جديد
لقد احسنت
د خليل

المدني بورحيس
31-12-2010, 07:24 PM
أخي المبدع عبد العزيز جويدة: قصيدة تطفح بالفخر والاعتزاز، وتفصح عن الأمل في غد قريب، تلوح بشائره في الأفق، غد سيصنعه الشهداء بالبطولة والتضحية.
لك مني خالص الود والتقدير.

ربيحة الرفاعي
31-12-2010, 08:57 PM
ويفعلُ مثلَهُ الأطفالُ
يبتَهِلونَ يا قُدسُ
عيونُ اللهِ ترعاكِ
فمُدّي لي يديكِ الآنَ
يا قدسُ
فواحدةٌ أُقبِّلُها ،
وفي الأخرى ...
أُكَفِّنُ وجهَ قتلاكِ
أكتفي باقتباس هذا الجزء من نص ماج بأحاسيس غمرتنا جميعا
وزلزلت القلوب

دمت مبدعا