مشاهدة النسخة كاملة : العصافير لا تكتفي بالخليل (رؤية في..)
عبد القادر رابحي
04-04-2009, 08:19 PM
العصافير لا تكتفي بالخليل
(رؤية في الشعر و الوطن)
ليس ثمة معركة إذن.. أو هكذا يبدو على الأقل..
و ليس بالشعر وحده يحيا الإنسان يا صديقي..
ما جدوى تطور الأشكال و الألوان ما دام فضاء الكتابة مختنقا برائحة البارود الفوسفوري الذي لا تداويه (ما لنا كلنا جو يا رسول)للمتنبي أو (جدارية)محمود درويش...؟
ثمة إدهاش فوق العادة متخفٍ في أحذية الأطفال المشاة على رائحة الموت و هم يُودعون جثثهم إلى لقاء قريب في دورا لحضانة، المندهشين من بريق علب الهدايا الموزعة عليهم من الفريق الأممي العامل تحت القصف و المستثنى من الموت الحقيقي بقدرة الرادارات و بعض المندسين في الصفوف..
كيف يمكنني أن أكتب بـ" قفا نبك" و قد ضاع الحبيب في عشوائية هدم المنزل و في يده خاتم الخطوبة المضرج بدم الوطن..
لا شك أن عنوان قصيدتي القادمة سيكون:
العصافير لا تكتفي بالخليل
و للفاهم أن يفهم عند ذلك بأن العصافير هم الشعراء في أول وهلة قرائية، و أن الخليل هو الخليل بن أحمد محيلا كعادته إلى دوائره التي لم تتوقف بعد عن الدوران في ذهنه هو فقط ،منذ أن اكتشف أن الكتابة حول الشعر أنسب له و أهم من الاشتغال بترتيب الحروف حسب المخارج، لأن ذلك سيُضعفُ بصر "العين" الذي ضاع في زحمة تبييض المخطوطات من الحبر ذات غزوة تترية(و ليست أمريكية) على بغداد، و لم يعثر له (أي كتاب العين)على أثر إلا ما تداولته الألسن الحاقدة و هي تعدد مناقب الرجل و بلاءه البلاء الحسن في التأسيس لعلم العروض.. وكأن العصافير في هذه الحالة قد ملت الطيران الدائري على بحوره، و لم يعد لها إلا الخروج من المدارات المحددة سلفا لكي تحط في أرضٍ منفىً لم يسكنها أحد من قبل كما يفعل عادة الشعراء العرب المنفيّون و هم يختارون نعيم سيدني، أو برد سنت بترسبورغ، أو التجول على نهر الدانوب أو نهر الراين، ثم البكاء فيما بعد على الوطن الضائع بقصائد مملوءة حنينا بمداد خليلي عتيق..
كما بإمكان الدارس أن يجد في العصافير ما لم يتنبه له الشاعر نفسه ..لأن العصافير في هذه الحالة هم أطفال فلسطين و الخليل هي الخليل.. و كيف يريد هؤلاء الخروج بين فكّي جدار عرب 48 و عرب 67 ..
لا شك أن كل كتابة حول الشعر تحاول أن تحيط بالمرتكزات التي يدور حولها مفهومه و القضايا التي تدور في فلكه.
كما أن كل نظرة هي رؤية خاصة لهذا المفهوم و كيفية تحقيقه على بياض الكتابة.
و قد لا تكون خاصة بشخص لذاته ،لأنها تطرح كثيرا مما طرحه المدافعون عن الرؤية الإبداعية الكلاسيكية للشعر منذ ما يفوق القرن من الزمن عندما بدأ العرب يشعرون أن ثمة رؤية أخرى مخالفة و مختلفة تأتيهم من عالم آخر..
لا شك أن الطرح المبدئي الأيديولوجي حاول أن يُقولب الأطروحات المضادة للطرفين ممن سموا أنفسهم بالمحافظين أو بالمجددين..
و لطالما كان هذا الطرح حاملا، في بنية تكوين متبنيه ، بذرة تكوينية متعسكرة في أيديولوجية المساحة الثقافية
التي كانت تتسع لكل اللغط الفكري و الثقافي المتهالك منذ أن احتدمت المعركة بين العالم العربي و الاستعمار،
و منذ أن اكتشف هذا المثقف أن الدخول في هذا اللغط أهون عليه من المجابهة الحقيقية لما كان يجري في الساحة الحقيقية من ترحيل للشعب العربي من أرض الرباط، و إخلاء الذات العربية الصامدة من آخر المعاقل المحصنة للتفرغ فيما بعد لتقسيمها، و تأسيس الكيانات المنفصلة المنقسمة الميتة سلفا المتناحرة حول بقايا تراث مكتف بذاته، لا يحتاج أحدا ليدافع عنه.. و لا يريد من أحد أن يستعمله تقية للتخفي وراء مفاهيمه لإخفاء خيباته الوجودية و الفكرية أمام صدمة الاستيقاظ على الوطن المسلوب و الأرض المستعمرة و الشعب المنقسم إلى شعوب متعددة بقدرة قادر .. وكذلك الاستيقاظ على التراث النائم و الواقع الثقافي و الإبداعي المصدوم بحداثة الغرب الصادم..
لقد شكّل الغرب رؤية إبداعية لنفسه بلورها في عصر النهضة بعد عشرات السنوات من إعادة قراءة التراث الغربي ،تراثه أولا ، ثم إعادة قراءة تراث الأمم الأخرى، و منها خاصة الأمة العربية التي قدمت له طبقا حضاريا طازجا جاهزا للاستعمال سهلا منقحا مقروءا من طرف فلاسفة المشرق و المغرب العربيين الإسلاميين..
و ما كان على الغرب عندها إلا أن يجد الطريق التي أوصلته إلى فك معادلة التخلف/التقدم ، و إعادة تأسيس فهم حضاري واع لمجاهلها الغائبة عن وعي الأمة العربية و هي تعاود السقوط في عصر الظلمات تحت ضربات المغول شرقا ، و تحت ضربات الأسبان العائدين بدعم يهودي في التخطيط و التحضير إلى بلادهم المحتلة من طرف "العرب الأجلاف"..
هكذا كانت تقول إيزابيل الكاثوليكية و زوجها ألفونسو.. و هم يرمون بالحرائر و أبنائهن و بناتهن في عرض البحر على ضفة جبل طارق(لعله هو السبب و ليس الخليل) لتنظيف الأرض المسيحية من المسلمين و تطهيرها من وجودهم..
وهكذا كذلك كان الرهبان المسيحيون و الأحبار اليهود مدفوعين من الكنيسة، يسارعون إلى مدن الأندلس التي لم تفقد بريقها بعد..للفوز بالتركة العلمية العربية الناضجة بالعلماء و الناضحة بأسرارهم في مدينة تالدة(مطمورة العلم) ..فيأخذونها كاملة بعلومها و نظرياتها و أيقوناتها الفكرية و الفلسفية التي انبنت عليها الذات الوجودية العربية المسلمة.. يأخذونها من أرض كانت تابعة للمخيال الإسلامي العربي تنظيرا و تطبيقا لتصبح في حالة شغور ..
إن هذه التركة العلمية هي التي أسست الحضارة الغربية و أعطت الرافد المحرك لحركة التجديد الغربية التي أسست فيما بعد لكل المنظومات الفكرية الغربية التي تخيفنا الآن و كأنها شيء قادم من عالم آخر..
هذه التركة العلمية التي أخذها الغرب هي نفسها التي هيأت الغرب لأن يصبح على ما هو عليه .. و ليعيد الكرّة من جديد في حروبه الصليبية التي جرت في عقر الدار.. ما دامت حالة الشغور الوجودي قد طالت الدار و من فيها.
و هذا الغرب نفسه هو الذي سيثير القلاقل الفكرية في أوساط ما سمي خطأ أو عمدا بحركة النهضة العربية ، فيشعل الفتن في أوساط مثقفي هذا العصر و يخلق لهم إشكالية اعتبروها من أهم الإشكاليات لأنهم يقدسونها ،وهي إشكالية الأصالة و المعاصرة.. و الحداثة و القدم و ما إلى ذلك من الثنائيات التي انشغل بها هؤلاء المثقفون أيما انشغال.. فألهتهم عن الأصل الحقيقي في المعركة .. و هو الحفاظ على الذات و الأرض و العرض..
و هكذا .. في الوقت الذي كان الصدام على أشده بين ما شاء الله من المقلدين و ما شاء الله من المجددين.. كانت المؤامرة تحاك من أجل إخلاء فلسطين من أهلها و إعادة إعمارها بأناس ما كان لهم أن يأتوا إلى هذه الأرض..(هكذا إذن ..إعادة الإعمار ليست جديدة)..
و قد يقول قائل : و ما العلاقة بين العمودي و الحر من جهة، و بين ضياع الأرض و العرض من جهة أخرى..
و هنا أقول :هي نفسها العلاقة المتخفية التي كانت تربط بين نونيات ابن زيدون و هائيات ولادة (بنت المستكفي لمن لا يعرفها) من جهة ،و بين ألفونسو و إيزابيل الكاثوليكية من جهة ثانية.. و قد يتساءل المتسائل بغرابة : كيف لشاعر مثل ابن زيدون و هو يعيش في ذلك النعيم ألا يكتب قصيدة نثر جميلة تؤصل لبقاء الإنسان على الأرض (أرض الأندلس)؟
و كيف اكتفى شاعر بهذا الحجم بنونية عمودية مملة ممجوجة المعنى غائبة الأفق ضعيفة الدلالة و كأنها كتبت من طرف مراهق لم ير الحرف البض مطلقا ..
ماذا بقي لنا من عمود ابن زيدون؟؟؟
و ماذا بقي لنا من حضارة الأندلس؟؟
إذا أردت أن تجد الإجابة ..فاترك ديوان العرب جانبا .. و ابحث فيما كتبه شاعر مغمور في كل عصر و مصر لأنه قال الحقيقة في نونية أخرى أصبحت مشهورة بعد ضياع الأندلس هو أبو البقاء الرندي.. و لن أستشهد هنا ببيته الأول من قصيدة يتيمة أصبح مثلا.. ليَعْلَم أمثال من يتبعون ابن زيدون و ولادة ما معنى أن يعيش الشاعرعصرا و لا يدرك فارق الوعي الذي من المفروض أن يربط بينه و بينه..
هل من حداثة في غياب الوطن..؟
و هل من تأصيل في الغياب عن الوطن..؟
إشكالية تبدو خاطئة في جوهر انسجامها مع الذات التي من المفروض ألا تطرح ذاتها في مزاد الرؤية المنتهية الصلاحية.. حتى كأن قصيدة النثر تبدو عمودية هي كذلك.. سيما و أن الخليل بن أحمد قد نسيها و هو مأخوذ بالدوران من كثرة ما اكتشف من تدوير في دوائره الكثيرة.. لولا أن الأخفش كان حاضرا لإضافتها إلى المعدود..
ليس ثمة معركة إذن.. أو هكذا يبدو على الأقل..
و ليس بالشعر وحده يحيا الإنسان يا صديقي..
معروف محمد آل جلول
04-04-2009, 08:52 PM
لكل شيء إذا ما تمّ نقصان ـ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دوَلٌ ـ ومنْ سرّهُ زمن ساءتهُ أزمانُ
وهذه الدّار لا تُبْقي على أحدٍ ـ ولايدومُ على حالٍ لها شانُ
تبكي الحنيفية البيضاء منْ أسفٍ ـ كما بكى لفراق الإلْفِ هيمانُ
ويمْتضي كلّ سيفٍ للفناء ولوكان ـ ابن ذي يزِنٍ والغِمدان غمدانُ
هكذا إذا أيها الناقد المفكر عبّرت عن مكنون صدورنا ..شيء بداخلنا..
استفاد الغرب ـ إذا ـ من كل تراث العالم ..ومن التراث العربي الإسلامي خاصة..
ثم رحنا نتحرّج متعصّبين لحضارتنا البائدة ..ونرفض استرجاع ما أُخِذَ مِنّا..
ففي واقع الأمر ..نحن حينما ندرس ما وصل إليه الغرب من ثروة ثقافية ..إنّما نعيد بعض ما استلب منا..
أخي عبد القادر..
كشفت المــتخبي على الكثير في هذا المقال الممتاز..الجريئ ..
الذي جمع بين النقد الشعري..والسياسي..وما نتج عنه من وهن اجتماعي..وفكري..
وكذا التشكيلة الثقافية للفرد العربي ..وما لحقها من تبعات..
وجمعت بين حسنات الماضي الثقافي وسيئاته السياسية المتردية ..
وشاكلتها بالحاضر السياسي وانعكاساته الأدبية ..والثقافية..
في محاولة جادة لبسط رؤية عالمية ومصير الفرد العربي داخل منظومتها..
وقد نجحت في الدفاع عن تطور موسيقى القصيدة العربية الحديثة..إلى حدٍّ ما..
فلك ألف شكر..
خالص تحياتي..
محمد الأمين سعيدي
04-04-2009, 08:56 PM
ها أنا الآن أقرأ ، فأبكي على "الخليلين" ، أو على ضياعهما، أو على "الخليلين" اللذين لا نزال ضائعين فيهما ، أو باختصار أبكي على أمة لا تزال تنقسم شيعا باحثة عن موقعها الذي لم تتحدّد معالمه بعد في عالم لا وجود فيه سوى لمنْ يترك الأثر ، ونحن على ما يبدو لا أثر لنا نتركه ولا تأثر محمود نتقبله . وبهذا تصبح مشكلتنا عويصة تحتاج إلى أفق فكري واسع يقترح الحلول ويسعى سعيا حثيثا إلى تطبيقها .
لقد كان المتنبي بالأمس يُنشد قصيدته والأرض له ومن نصيب أمته.
اليوم يُنشد (المتـ؟؟؟؟)قصيدته والأرض في يد غيره ممن كان آباؤنا يُسمونهم (العجم /الأغراب/المسوخ...إلخ).
المشكلة إذن هي مشكلة كرامة ، وليست مشكلة إنشاد فقط.
الأستاذ رابحي :
شكرا على مقالك هذا الذي فتح آفاقا أخرى يجب أن ننظر إليها ، هي أكبر وأوسع ، واللهِ يتحسّر الرجل منا حين يرى ما يرى ، ويسمع ما يسمع ، ونحن نتفرج . الأرض تذهب فنصير بلا حاضر ، العمود ينكسر فنصبح بلا ماضٍ ، ولا جديد نقبله ونبني على أساسه ،ولا قديم نعيده فنأخذ العبرة منه . ما أصعب الاجترار.
تقبل خالص تحياتي وفائق مودتي
عمر زيادة
04-04-2009, 09:02 PM
مقال أمتعني جداً ..
و مقال مهم جداً
لكَ رؤيتكَ الواضحة العميقة في أوضاعنا ..
...
رائعٌ أنتَ
محبتي الكبيرة
مجذوب العيد المشراوي
04-04-2009, 09:07 PM
هنا زخم من نوع آخر يدعو للنهظة والوعي ، يؤسس للأهم ّ ويراهن على الأوليات وأنا معه لحدّ النخاع .. إن ّ الروح لا يمكن أن تـُقتل َ أبدا وإن وإن ْ .. ثمة َ مقاطعات مع دعوانا وثمّة أسئلة يجب أن تنمو هنا بجدّية لنفهم الشّعر في حالته الحركية ، في كنهه الشفيف في مسيقى نص باعتباره شعرا .
كنت ُ أقرأ جدارية درويش بصمت فشدتني المعاني الغامضة نسيت الشعر وكنت ُ أسأل : ما يريد ؟
لذا ما الصياغة ؟ ما حدود الشعر ؟ ما النغم ؟
ألم تك ُ هذه البحور كثيرة جدّا عبر تطور مراحل الشعر العربي وتضاءلت إلى الأقل الأقل ؟ .. لم إذن ؟ ما الذي جعل كثر ا يتنافسون في 16 فقط .. لم َ ؟ لم ؟
ثم هل اتخاذ تفعيلة ما يضمن الشعر وما الدليل ؟ ثم ما عيب القوالب إن بدا العجز في البَنّاء ؟
ثم ّ لم َ التفعيلة أصلا مدام النقاش حول المضامين ؟
.........
هي َ أسئلة دفعني إليها واقع ما أقرأ فشكرا ..
ملاحظة : بالحوار وحده يتطور الإنسان .. لذا أرجو أن نناقش وأن ندلي بآرائنا هنا لا أن نكثر من الثناءات لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع .. ثم إن الحوار طريق لتبادل الأفكار واستجلاء مخزونات الإنسان وتمحيصها بأخواتها .. شكرا
عبد القادر رابحي
05-04-2009, 12:02 AM
لكل شيء إذا ما تمّ نقصان ـ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دوَلٌ ـ ومنْ سرّهُ زمن ساءتهُ أزمانُ
وهذه الدّار لا تُبْقي على أحدٍ ـ ولايدومُ على حالٍ لها شانُ
تبكي الحنيفية البيضاء منْ أسفٍ ـ كما بكى لفراق الإلْفِ هيمانُ
ويمْتضي كلّ سيفٍ للفناء ولوكان ـ ابن ذي يزِنٍ والغِمدان غمدانُ
هكذا إذا أيها الناقد المفكر عبّرت عن مكنون صدورنا ..شيء بداخلنا..
استفاد الغرب ـ إذا ـ من كل تراث العالم ..ومن التراث العربي الإسلامي خاصة..
ثم رحنا نتحرّج متعصّبين لحضارتنا البائدة ..ونرفض استرجاع ما أُخِذَ مِنّا..
ففي واقع الأمر ..نحن حينما ندرس ما وصل إليه الغرب من ثروة ثقافية ..إنّما نعيد بعض ما استلب منا..
أخي عبد القادر..
كشفت المــتخبي على الكثير في هذا المقال الممتاز..الجريئ ..
الذي جمع بين النقد الشعري..والسياسي..وما نتج عنه من وهن اجتماعي..وفكري..
وكذا التشكيلة الثقافية للفرد العربي ..وما لحقها من تبعات..
وجمعت بين حسنات الماضي الثقافي وسيئاته السياسية المتردية ..
وشاكلتها بالحاضر السياسي وانعكاساته الأدبية ..والثقافية..
في محاولة جادة لبسط رؤية عالمية ومصير الفرد العربي داخل منظومتها..
وقد نجحت في الدفاع عن تطور موسيقى القصيدة العربية الحديثة..إلى حدٍّ ما..
فلك ألف شكر..
خالص تحياتي..
أخي الكريم الأستاذ القدير محمد معروف
أريد أن أحييك على الأبيات التي أوردتها للشاعر الرندي
و التي ما كنت أقدر على التمثيل بأول أبياتها
أخي الكريم هذه رؤية متواضعة قابلة للنقاش
لكنها تريد أن تدخل معركة النقاش من باب أعتقد أننا ننساه دائما
على الرغم من حضوره
و ربما تعمدنا تناسيه
لأنه موجع
و نحن نهاب الموجع
و نخاف منه
و لذلك فنحن نختفي وراءه
أو نخافه
شكرا لك على أنك كنت السباق كالعادة
وشكرا لأفكارك النيرة
و لي عودة
اخوك عبد القادر
معروف محمد آل جلول
05-04-2009, 01:14 AM
أخي الكريم الأستاذ القدير محمد معروف
أريد أن أحييك على الأبيات التي أوردتها للشاعر الرندي
و التي ما كنت أقدر على التمثيل بأول أبياتها
أخي الكريم هذه رؤية متواضعة قابلة للنقاش
لكنها تريد أن تدخل معركة النقاش من باب أعتقد أننا ننساه دائما
على الرغم من حضوره
و ربما تعمدنا تناسيه
لأنه موجع
و نحن نهاب الموجع
و نخاف منه
و لذلك فنحن نختفي وراءه
أو نخافه
شكرا لك على أنك كنت السباق كالعادة
وشكرا لأفكارك النيرة
و لي عودة
اخوك عبد القادر
الشاعر..الناقد ..المفكر.. الحصيف ..
أقول هذا بملء فمي ..
من باب الممارسة الفكرية الطويلة المشهود لها ..ومن باب ممارسة التخصص..
ليس الموضوع متواضعا..
إنه طرح ـ أكررـ جريئ..يتناول القضية من رؤية عالمية ..يتموضع فيها الإنسان من خلال تماسكه..
ونتمسك بشروط الحوار البناء بيننا..
خالص تحياتي..
عبد القادر رابحي
05-04-2009, 10:55 PM
[quote=معروف محمد آل جلول;438891]
ثم رحنا نتحرّج متعصّبين لحضارتنا البائدة ..ونرفض استرجاع ما أُخِذَ مِنّا..
ففي واقع الأمر ..نحن حينما ندرس ما وصل إليه الغرب من ثروة ثقافية ..إنّما نعيد بعض ما استلب منا..
أخي الكريم معروف
السلام عليكم
لقد أصبت عين الحقيقة هنا
و يبدو لي أن الإشكال المطروح مغلوط من الأساس،
لأننا لو حاولنا أن نحصي الحالات التجديدية التي جُربت على الشعر العربي ابتداء من العصر العباسي حتى عصر الضعف الشعري مرورا بالعصر الأندلسي
لوجدنا أن هناك محطات هامة في تطور بنية القصيدة العربية متسلسلة الرؤية، مترابطة المراحل
معنعنة الإسناد.
و هي محطات أحصى بعضها مؤرخو الأدب و دارسوه ومنها :
المجازيء و المخمسات و المسمطات
و البنود و الأزجال و غيرها مما زادته بنية الموشحات العروضية التي جددت فيه
و قلبت المفاهيم العروضية السائدة رأسا على عقب..
وما كان لأحد في كل هذه المراحل أن يعترض على هذه التجديدات
بل اعتبرت إضافات هامة لموسيقى الشعر العربي ما كان للخليل أن ينتبه إليها في عصره
لأنه كان يمثل عصره فقط.
و عندما انتهى عصره وما اكتشفه من بحور كتبت بها العرب في ذلك الوقت ،جاء عصرُ عروضيين آخرين اتبعوا ما كتبه الشعراء من تجديدات و أضافوها إلى بنية العروض العامة التي ما انفكت تتسع دوائرها اللامتناهية
دون أن تنفي في أي مرحلة من المراحل ما اكتشفه الخليل ،لأن العرب قالت به قبل أن يكتشف الخليل قاعدة الوزن الموجودة في الشعر. و لعل الكثير منا يتناسى أنه يقبل التطور في كل الفنون الأخرى و يرفضه في الشعر
و يعتبر أن بنيته العروضية مقدسة
و هذا لعمري رأي أثبت واقع الشعر في مراحل تطوره المختلفة بطلانه
و خطأه.
إن مسيرة تطور الشعر العربي الموسيقية لا يمكن بحكم السيرورة أن تتوقف..
و بحكم التواصل أن تنقطع..
و هذه سنة الكون
شكرا لك أخي معروف
ولي عودة
محمد ياسمينة
06-04-2009, 09:41 PM
قرأت هنا وتمتعت ُ بالحوار الجيد ..
لي سؤال : كيف نجزم بشعر التفعيلة أن له موسيقاه وهو يتداعى أمامنا يوميا ؟
إن ّ الأوائل ما كانوا يجربون ولكن كانوا ينشدون أما الجدد فإنهم يجربون تفعيلات لا يعرفون موسيقاها البتة ..هذا هو الفرق . الا تنظرون إلى ما يكتب بالتفعيلة وكيف يأتي نثرا خالصا ..أم أن هذا أيضا مقصود ليصبح الشعر والنثر شيئا واحدا ..
عبد القادر رابحي
06-04-2009, 10:44 PM
ها أنا الآن أقرأ ، فأبكي على "الخليلين" ، أو على ضياعهما، أو على "الخليلين" اللذين لا نزال ضائعين فيهما ، أو باختصار أبكي على أمة لا تزال تنقسم شيعا باحثة عن موقعها الذي لم تتحدّد معالمه بعد في عالم لا وجود فيه سوى لمنْ يترك الأثر ، ونحن على ما يبدو لا أثر لنا نتركه ولا تأثر محمود نتقبله . وبهذا تصبح مشكلتنا عويصة تحتاج إلى أفق فكري واسع يقترح الحلول ويسعى سعيا حثيثا إلى تطبيقها .
لقد كان المتنبي بالأمس يُنشد قصيدته والأرض له ومن نصيب أمته.
اليوم يُنشد (المتـ؟؟؟؟)قصيدته والأرض في يد غيره ممن كان آباؤنا يُسمونهم (العجم /الأغراب/المسوخ...إلخ).
المشكلة إذن هي مشكلة كرامة ، وليست مشكلة إنشاد فقط.
الأستاذ رابحي :
شكرا على مقالك هذا الذي فتح آفاقا أخرى يجب أن ننظر إليها ، هي أكبر وأوسع ، واللهِ يتحسّر الرجل منا حين يرى ما يرى ، ويسمع ما يسمع ، ونحن نتفرج . الأرض تذهب فنصير بلا حاضر ، العمود ينكسر فنصبح بلا ماضٍ ، ولا جديد نقبله ونبني على أساسه ،ولا قديم نعيده فنأخذ العبرة منه . ما أصعب الاجترار.
تقبل خالص تحياتي وفائق مودتي
أخي الكريم محمد الأمين
السلام عليكم
صدقت أخي فيما قلته
إن من الجراح ما قتل
و منها ما أحيا
لك خالص المودة
عبد القادر
د. مصطفى عراقي
06-04-2009, 11:57 PM
...
وأن الخليل هو الخليل بن أحمد محيلا كعادته إلى دوائره التي لم تتوقف بعد عن الدوران في ذهنه هو فقط
أبدا يا أخي الحبيب الشاعر القدير الناقد الحصيف الأستاذ عبد القادر
بل دارت دورتها الخالدة في محيط واسع فسيح من العلم والحضارة والإبداع
وما تزال تدور في فلك الإبداع المتجدد
ألم تر كيف أحيا شعر التفعيلة بحر المتدارك بصورته الدائرية (فاعلن)
وثق أن الخليل لم يلزم العصافير بشيء
وهذا ما فهمه الزمخشري حين قال مقولته الحضارية الإبداعية :"
إنَّ بناء الشعر العربي على الوزن المُخترعِ، الخارج عن بحور شعر العرب، لا يَقدحُ في كونه شعرا عندَ بعضهم( وهو مذهب الخليل ) .. ألا ترى أنا لو علمنا قصيدة على قافية، لم يُقَفّ بِها أحدٌ من شعراء العرب، ساغ ذلك مساغاً لا مجالَ فيه للإِنكار.
وكذلك لو اخترعنا معاني، لم يسبقونا إليها، لم يكن بنا بأس، بل يُعدّ ذلك من جملة المزايا وذلك لأن الأمم عن آخرها متساوية بالنسبة إلى المعاني والقوافي والافتنان فيها، لا اختصاص لها بأمة دون غيرها. فكذلك الوزنُ، لتساوي الناس في معرفته، والإحاطة بأن الشيئين إذا توازنا، وليس لأحدهما رُجحان على الآخر، فقد عادل هذا ذاك ككفَّتيِ الميزان.
ثم إنَّ من تعاطى التصنيف في العروض، من أهل هذا المذهب، فليس غرضه الذي يؤمّه أن يحصر الأوزان التي إذا بُني الشعر على غيرها لم يكن شعراً عربيّاً، وأنَّ ما يرجع إلى حديث الوزن مقصور على هذه البحور الستةَ عشرَ لا يتجاوزها. إنما الغرض حصر الأوزان التي قالت العرب عليها أشعارهَا. فليس تجاوز مقولاتها بمحظور في القياس، على ما ذكرت".
هذا عن العروض الذي اكتشفه الخليل ولم يفرضه على البشر ولا على العصافير ، كما اكتشف نيوتن الجاذبية دون أن يفرضها على أحد.
أما عن اللغة فإن الخليل هو القائل :
الشعراء أمراء الكلام يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم يصرفونه أنى شاءوا"
وما التصريف؟
أليس هو الإبداع بالخروج عن الأصل؟
فهل ثمت رؤية تنحاز إلى الإبداع أسمى من هذه الرؤية الإبداعية ؟!
حتى على مستوى التعليل النحوي يصرح الخليل قائلا:
"إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها ، وعرفت مواقع كلامها وقام في عقولها علله ، اعتللت أنا بما عندي أنه علة لما عللته منه، فإن أكن أصبتُ العلة فهو الذي التمست، فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو هو اليق مما ذكرته فليأت بها "
(الإيضاح في علل النحو : 66، وما أجمل ما علق به الزجاجي على هذا قائلا
:" وهذا كلام مستقيم ، وإنصاف من الخليل رحمه الله".
أرأيت يا أخي الحبيب كم نظلم الخليل صاحب الرؤية الإبداعية الحضارية ؟!
مجذوب العيد المشراوي
07-04-2009, 12:09 AM
ما زلت ُ أنا صاحب العقل العلمي غير مستوعب لكل ّ هذا ..
قبل الخليل وقبل التفعيلات ما الذي كان ؟
أليست أنغام موسيقية مرتبطة جدا مع النفس ومع إيقاعات من الطبيعة أليس هذا الذي حدث ..
والسؤال : هل وجدنا أنغاما أخرى شعرية بلا تفعيلة و تغنينا بها شعرا لفترة طويلة لتصبح بعد ذلك من الشعر
وفق نظرة التفعيلات ؟؟ يعني أليس الشعر هو موسيقى ونغم واحد يتوزع على القصيدة أو المقطوعة ؟
أنا أحدّد المسألة فلا تهربوا إلى العموم ..
ثم َّ ألسنا نرى من مجموعة النصوص التي كتبت على نسق تفعيلي أنها بنسبة 95في المائة ملها نثرية الملمح !
وأن ما نجا منها فهو قريب من بحور العمود جدا وطريقة نسجها فيها تعادل في طول السطور مع عدم تباعد القوافي ..!
د. مصطفى عراقي
07-04-2009, 02:04 AM
الأستاذ الفاضل
كانت مداخلتي مع أخي الحبيب الأستاذ عبد القادر في موضوع له ، وفي فقرة من كلامه ،
فما معنى الاتهام بالهروب هنا
وما الداعي لهذا الأسلوب الذي لم أعهده عنك ؟
أما إجابة سؤالك : " قبل الخليل وقبل التفعيلات ما الذي كان ؟"
فتراها هنا :"هذا عن العروض الذي اكتشفه الخليل ولم يفرضه على البشر ولا على العصافير ، كما اكتشف نيوتن الجاذبية دون أن يفرضها على أحد"
ألم تكن الجاذبية الأرضية موجودة قبل نيوتن؟
فكذلك العروض
فالعروض اكتشاف لما هو موجود
وقد أحسن الشاعر حين تولى الإجابة عن سؤالك البدهيّ ببيان واضح جلي :
قد كان شعر الورى صحيحا من قبل ان يخلق الخليل
ويشرح الصفدي هذه القضية شرحا راقيا فيقول:
" إنَّ العروض كان في الوجود بالقوَّة إلى أن أظهره الخليل بن أحمد، كما قال القائل:
قد كان شعر الوَرَى صحيحاً من قبل أن يُخْلَقَ الخليلُ
وكلُّ من نظم شعراً، فهو لا يخرج عن العروض، سواءٌ قطَّعه على العروض أم لا، فإنَّ أبحر الشعر مركوزةٌ في طباع من رزقه الله نظم الشعر، فالعروض ما زال موجوداً، آخرجه الخليل إلى الوجود أم لا.
ولليونان شعرٌ أيضاً، ويسمُّون تقطيعه الأيدي والأرجل.
وقال الرئيس ابن سينا: واضع النحو والعروض في العربيَّة يشبه واضع المنطق والموسيقى في اليونانيَّة.
وأما سؤال:
يعني أليس الشعر هو موسيقى ونغم واحد يتوزع على القصيدة أو المقطوعة ؟
فالإجابة : نعم ليس الشعر الموسيقا ولا هو نغما واحدا يتوزع على القصيدة أو المقطوعة.
ليس الشعر هو الموسيقا
بل هو إلى ذلك : "صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير".كما بين الجاحظ.
وهو كما يقول ابن خلدون :" الكلام البليغ ،المبني على الاستعارة و الأوصاف، المفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي ، مستقل كل جزء منها في غرضه و مقصده عما قبله و بعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به ". ( مقدمة ابن خلدون 1: 57)
حتى العلماء الذين بالغوا في أهمية عنصر الوزن كابن رشيق القائل :
"الوزن أعظم أركان حد الشعر، وأولاها به خصوصية".
لا يرى له فضلا إذا لم تتحقق شروط الشعر الإبداعية الأخرى، فيقول:
"إنما سمي الشاعر شاعرا؛ لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره. فإذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ولا اختراعه
أو استظراف لفظ وابتداعه ،
أو زيادة قيما أجحف فيه غيره من المعاني،
أو نقص مما أطاله سواه من الألفاظ،
أو صرف معنى إلى وجه عن وجه آخر؛
كان اسم الشاعر عليه مجازا لا حقيقة ولم يكن له إلا فضل الوزن ، وليس بفضل عندي مع التقصير".
فالموسيقا عنصر واحد من عناصر الشعر مهم ولكنه لا يغني عن سائر العناصر البنائية الإبداعية
وكذلك ليس الشعر نغما واحدا يتوزع على القصيدة أو المقطوعة ، بل لكل قصيدة إيقاعها الخاص حتى القصائد التي تشترك في بحر واحد يختلف الإيقاع في كل قصيدة منها
فهل الإيقاع في بيت ابن الرومي:
وجهك يا عمرو فيه طولُ = وفي وجوه الكلاب طولُ
كالإيقاع في بيت محمود حسن إسماعيل:
مسافر زاده الخيال = والسحر والعطر والظلال
وهما من بحر واحد.
ولهذا فصل أستاذنا الدكتور سعد مصلوح تفصيلا علميا دقيقا بين ثابت الوزن ومتغير الإيقاع.
وأسمى آيات الشكر لأخينا الحبيب عبد القادر لهذه المساحة الراقية للحوار الطيب الهادف
د. مصطفى عراقي
07-04-2009, 02:15 AM
ثم رحنا نتحرّج متعصّبين لحضارتنا البائدة ..
الأخ المفكر الكبير الأستاذ معروف
أبدا والله ليس تعصبا بل اعتزاز ومحاورة يشاركنا فيه حتى المنصفين من المستشرقين من غير العرب والمسلمين
وأبدا والله ليست بائدة بل خالدة وحية وحاضرة في القلوب والعقول
ودمت بكل الخير والسعادة والنور
مجذوب العيد المشراوي
07-04-2009, 08:45 AM
الأستاذ الفاضل
كانت مداخلتي مع أخي الحبيب الأستاذ عبد القادر في موضوع له ، وفي فقرة من كلامه ،
فما معنى الاتهام بالهروب هنا
وما الداعي لهذا الأسلوب الذي لم أعهده عنك
.........
موضوع الهروب هو للجميع وهو هروب أفكار لا غير ..لا تفهم منه أي شيء سوى لغة الحوار
أيها الهمام الذي نقدّره كثيرا
فالعروض اكتشاف لما هو موجود: هذا ما قرّرته أعلاه وجزمت ُ بوجوده ثم هو ذو دلالة أخرى ..أي أن الشعر كان تجاربا كثيرة وغير متعددّة نبت منها كثير من البحور كألحان صوتية للتحديد والذي فعله الخليل هو أن اكتشف قواعد صوتية لما نسَج َ عليه العرب أكثر شعرهم أما بقية البحور فاندثرت لأن لم يقل عليها العرب كثرَ شعرهم فقط قال عليها فلان بيتا أو بيتين أو مقطوعة ..ولذا أهملت .. أليس هكذا ؟
سأعود
يحيى سليمان
07-04-2009, 09:54 AM
قيل َ ما سأقولُ يسبقني غدٌ ماضٍ
أنا ملكُ الصدَى لا عرشَ لي إلا الهوامشُ ربَّما نَسِي الأوائلُ وصفَ شيءٍ ما لأوقظَ فيه عاطفةً وحِسًا
فالطريقُ هو الطريقةُ
رحمه الله كان شيخ طريقته
كما أنك شيخٌ في طريقة نحاول اتباعكَ فيها
وهنا أنت من ضرب مثلا فصل الخطاب
(مالنا كلنا جوى يارسولُ)
(والجدارية)
إذا هو المضمون يا شيخي
فلا الخفيف ولا الكامل ولا العمود ولا التفعيلة بل من يستخدم كل ذلك
وليس بالإيقاع وحده يشعر الإنسان
فلا تنس الماغوط
ولي أكثر من عودة
مجذوب العيد المشراوي
07-04-2009, 02:10 PM
أقول :
إن ّ ما فعل الأجداد قديما من نسج للشعر ما كان عملية عقلية بمنظور الخليل ، إنما هيَ حالات نفسية شعورية منسجمة تغنت بها المرأة في خيمتها فكان شعرا ليسمعه آخر فيتغنى به فتولد قصيدته ليسمعهما آخرون فتتولّد قصائد الشعراء من مجموعة السامعين الموهوبين هكذا أنا أفترض العملية الشعرية ..
وتوالت التجارب الشعرية عبر قرون طوال ليترسّم أكثر الأنغام التي اطأنّت لها العرب وهيَ التي اكتشفها الخليل ولم نقل صاغها من العدم البتة ..
أنظروا الآن ماذا يجري ..! يأتي شاعر ٌ ليس له أيّ باع في الشعر العمودي بل فجواته كثيرة في الحبْك ِ الشعري وهو ما زال يحبو بل وأكثر من ذلك لا يمكن أن يأتي منه شعريا أبدا فيأخذ قلما وورقة ويكتب بتفعيلة ما .. لا يعرف منحناها الموسيقي متكررة لعدد ما وتغير الموسيقى الذي يتبعها فيبدأ بالصّنع ويبدأ بنسج هلوسات حتى نضيع في الدلالات وننسى الشعْر َ .. و هذا النموذج من الناس هو الذي سيطر َ لسنين على وسائل الإعلام في العالم العربي وبدأوا يعلموننا العبث واللا رسالة بالمطلق .. وكل ّ من أبدى نقدا في أعمالهم اتهموه بأنه قديم ..
ثمّ ما هذه الجرأة على تراث أمة وهذا التساهل بحيث نجزم لتجربة لا تتعدّى 70 سنة النجاح وندافع عنها دفاع المستميت ..أهو دفاع ٌ لصالح الشعر أم هو دفاع لإخفاق ِ شعريٍّ واضح لدى الفئة الغالبة من الشعراء .
عندما نفهم بأن ّ الشعر هو حالة نفسية ولحظة إبداع ويموت في ذهننا الخليل وإبراهيم ويعقوب لتتجلّى الجملة الشعرية فقط وبكل ّ صدقها .. عندما نفهم ذلك ينتهي النقاش ويبدأ الشعر فقط .. عندما تحسن وتتمرّس في كتابة الشعر العمودي مرتجلا وأشدّد على ذلك هنا فقط سنتفاهم وستفهم ما كنت ُ أرمي إليه من كل ّ هذه التدلات هنا وهناك ..
أردت أن أقول : إن مثل رابحي نموذجا هو يمتلك كل ّ الحق ّ في النّسج مادام يجيد العمودي بل ويتلاعب به وأراهن أنه ينسج الحالة الشعرية وبكل ّ الأنواع .. أرى ذلك جليا في طريقة نسجه الدقيقة ومعرفة الحد الفاصل بين النثر والشعر ..
ولكنّ ماأدْلَى به هنا سيتسلقــُه ُ المتبدئون للأسف فيضيعون.. هو يكتب من وجهة نظر الكفء الذي يدري ما يفعل ولكن ّ يا رابحي إن ّ المتسلقين سيضيعون صدقني ..
وما كان رابحي أبدا عدوّا لي بل هو صديق وحبيب ولكن ضعفاء العقول يسارعون إلى ........
فهل ظهرَ السّحْر ُ أيها الناس .. شكرا ..هههههههه
يحيى سليمان
07-04-2009, 04:57 PM
لو غربلت التاريخ في غربال اللغة الشاعرية لسقط منه الكثير تاريخ القصيدة العربية للأسف
ثم ما الذي يحدد هذه اللغة كيف أحول ما بداخلي إلى قاعدة وما العضو المسؤول عن اختيار اللفظ عند الشاعر !!!!! فقد يجيزه العروض ولا يفعل الحس !!!
(فقد يفرنقع الشعراء عن لغتي قليلا كي أنظفها من الماضي ومنهم )
السؤال هنا مالحكمة في استخدام درويش للفعل افرنقع وهو صاحب اللغة الرشيقة بينما يتحدث عن الماضي
!!!!
مداخلاتي بلا معنى واضح أعرف ولكني في بيتي و في صفحة حبيبة أخرج فيها ما يعتري الذهن فربما كان عند شيخي الربط
أحيانا أشعر أن العروض اكتشاف سمج ولكني أحمد الله عليه لأني أعرف كيف تكون نظرة الشعراء لمن لا يعرفون العروض ويحبون الشعر وأحيانا
أجد نفسي أملأ الكون إيقاعا والصدق أن الشعر وموسيقاه نوعان من الفنون
ربما لهذا عودة
الطنطاوي الحسيني
07-04-2009, 07:24 PM
السلام عليكم جميعا ورحمة الله تعالى وبركاته
أرى هنا فئتين وفريقين لم يرد كاتب النص أن يراهما او حاول التوفيق بينهما
وله فكره ورأيه وهو أستاذ في رأيه ولكني مع القائل بأن الخليل لم يبتدع العروض ابتداعا وإنما استنبطه واكتشفه واستخرجه
كما قال د مصطفى واستاذنا مجذوب وما ضير ما يسمى القصيدة النثرية أن نسميها باسمها الحقيقي مثلا حالة نثرية او ابداع نثري او قطعة او شيئ هل ينفي جمالها لا والله يظل جمالها وابداعها وتجديدها ولكن حتى لا نظلمها لا نساويها بالشعر فهذا أولى وأحسن
أما أننا متخوفون الآخذ لحضارة كانت وجاءت على ايدي الاستعمار فهذا ليس بصحيح فالمشكل هنا أساتذتنا أن الغرب فعلا صهروا حضارتنا الطازجة كما سماها استاذي الرابحي واستخرج كنوزها فعلا واسس عليها حقا ولكن في نطاق الشعر واللغة لا ننسى ان معظم لغاتهم لا تمت للعروض والتفعيلة بصلة اللهم إلا القليل مع اختلاف الكثيرين من هذا القليل إذا المعضلة في أننا كأمة الضاد نمتلك هبة وهبها الله لنا في لغتنا الجميلة ما ابتدأها الخليل رحمه الله ولا غيره ولكن يا أحباب نحن بصدد جائزة مفردة للغة هي من أرقى اللغات إلم تكن أرقاها على الآطلاق فهي لغة جاء بها كلام خالق اللغات والآرض والسموات فهذا معتقد فعلا غال علينا وشيئ جديد نظهره هنا
الآمر الآخر النثر الشعري إن صح التعبير أي النثر الذي يأخذ كثير من عناصر الشعر ما عدا الوزن والإيقاع لا يرقى أن يغنى إلا بذائقة الذي يريد أن يصل المعنى لا المبنى
وأنا أرى أن التجديد يكون في الشعر العمودي نفسه كالتفعيلة واستخراج تفعيلات بديعة وأيضا استنباط بحورا أكثر مما درس واكتشفه الفراهيدي لم لا ؟؟؟؟لسنا أقل من ألاولين من أجدادنا إن أجدنا وتميزنا سنبني حضارة مثلهم لها اصول قائمة عليهم وممتدة متجددة بنا
وفق الله الجميع وجزى الله خيرا أخانا وأستاذنا الرابحي على الموضوع والمحاورة القيمة فهي على كل حال بهيئتها وعدم مباشرتها وادماجها مع التاريخ رائعة وجميلة وهكذا فلتكون المحاورة حتى نصل لكل ما هو جميل وراق
دمتم متفقين مختلفين لا متخالفين
عبد القادر رابحي
07-04-2009, 08:08 PM
الإخوة الأكارم
و الأساتذة الأعزاء
السلام عليكم
بسعدني و يشرفني أن يكون هذا المقال مثار كل هذا الدفق الوافر من النقاش الجاد و المفيد
و الأصل أن الإختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية بتاتا .. بل سيزيد للود علما و للعلم نورا..
فشكرا لأستاذي الكريم الدكتور مصطفى عراقى
و لأخي مجدوب العيد
و لحبيبي و أخي يحي سليمان
و لأخي الكريم الشاعر القاص الموهوب الطنطاوي الحسيني
و للأخ الكريم محمد يسمينة
ممن لم أرد على مداختهم بعد..
شكرا لكم جميعا
و مرحبا بكم
و بأفكاركم
و سأعود إن شاء الله
عبد القادر
عبد القادر رابحي
07-04-2009, 08:26 PM
ها أنا الآن أقرأ ، فأبكي على "الخليلين" ، أو على ضياعهما، أو على "الخليلين" اللذين لا نزال ضائعين فيهما ، أو باختصار أبكي على أمة لا تزال تنقسم شيعا باحثة عن موقعها الذي لم تتحدّد معالمه بعد في عالم لا وجود فيه سوى لمنْ يترك الأثر ، ونحن على ما يبدو لا أثر لنا نتركه ولا تأثر محمود نتقبله . وبهذا تصبح مشكلتنا عويصة تحتاج إلى أفق فكري واسع يقترح الحلول ويسعى سعيا حثيثا إلى تطبيقها .
لقد كان المتنبي بالأمس يُنشد قصيدته والأرض له ومن نصيب أمته.
اليوم يُنشد (المتـ؟؟؟؟)قصيدته والأرض في يد غيره ممن كان آباؤنا يُسمونهم (العجم /الأغراب/المسوخ...إلخ).
المشكلة إذن هي مشكلة كرامة ، وليست مشكلة إنشاد فقط.
الأستاذ رابحي :
شكرا على مقالك هذا الذي فتح آفاقا أخرى يجب أن ننظر إليها ، هي أكبر وأوسع ، واللهِ يتحسّر الرجل منا حين يرى ما يرى ، ويسمع ما يسمع ، ونحن نتفرج . الأرض تذهب فنصير بلا حاضر ، العمود ينكسر فنصبح بلا ماضٍ ، ولا جديد نقبله ونبني على أساسه ،ولا قديم نعيده فنأخذ العبرة منه . ما أصعب الاجترار.
تقبل خالص تحياتي وفائق مودتي
أخي الكريم محمد الأمين
السلام عليكم
شكرا على المرور و التعليق..
تعرف جيدا انهذا المقال ليس تيئيسا
و لا يدعو إلى "نكران الذات" بالمعنى السلبي
بل يحاول أن يطرح الإشكال بحدة
المسألة ليست مسألة عروضية فقط
بل هي أعمق من ذلك بكثير و اخطر
العروض الخليلي نمط من أنماط الدخول إلى رحابة المغامرة الإبداعية
و هو ليس أصل المشكلة..
إن أصل المشكلة من وجهة نظري المتواضعة فهمنا لهذا النمط من التفكير الإبداعي..
شكرا لك..
و لي عودة للنقاش
هشام مصطفى
07-04-2009, 08:55 PM
كيف أخرج من جلباب أبي ولم أتح للذات اتساع الرؤية ؟
أتراه الخوف على الذات أم من مروقها أم أنه ضيق البؤبؤ ؟
كيف لواجف أن يبتكر أو ليد مرتعشة أن تبدع صورة ؟
مودتي
عبد القادر رابحي
07-04-2009, 09:28 PM
مقال أمتعني جداً ..
و مقال مهم جداً
لكَ رؤيتكَ الواضحة العميقة في أوضاعنا ..
...
رائعٌ أنتَ
محبتي الكبيرة
أخي الحبيب عمر زيادة
و لك صادق المحبة الأخوية الدائمة
نورت هذا المتصفح بكلماتك الروع
بارك الله فيك
مجذوب العيد المشراوي
08-04-2009, 08:49 AM
وهذا ما فهمه الزمخشري حين قال مقولته الحضارية الإبداعية :"
إنَّ بناء الشعر العربي على الوزن المُخترعِ، الخارج عن بحور شعر العرب، لا يَقدحُ في كونه شعرا عندَ بعضهم( وهو مذهب الخليل ) ..
مصطفى هذا ما ردّدناه دوما .. لأن الشعر حالةشعورية منتظمة لغة ً وهكذا قيل كل ّ الشعر العربي
.... بشرط أن تكون الحاجة الشعورية هيَ من بنت بحرا جيدا لا الصنع والتصنع
ثمّ تبقى مسألة هل يَطمَئن ّ لهذا الناس ويرددونه ويحفظونه أم لا ؟؟؟؟؟؟
تقديري
عبد القادر رابحي
05-05-2009, 12:22 AM
هنا زخم من نوع آخر يدعو للنهظة والوعي ، يؤسس للأهم ّ ويراهن على الأوليات وأنا معه لحدّ النخاع .. إن ّ الروح لا يمكن أن تـُقتل َ أبدا وإن وإن ْ .. ثمة َ مقاطعات مع دعوانا وثمّة أسئلة يجب أن تنمو هنا بجدّية لنفهم الشّعر في حالته الحركية ، في كنهه الشفيف في مسيقى نص باعتباره شعرا .
كنت ُ أقرأ جدارية درويش بصمت فشدتني المعاني الغامضة نسيت الشعر وكنت ُ أسأل : ما يريد ؟
لذا ما الصياغة ؟ ما حدود الشعر ؟ ما النغم ؟
ألم تك ُ هذه البحور كثيرة جدّا عبر تطور مراحل الشعر العربي وتضاءلت إلى الأقل الأقل ؟ .. لم إذن ؟ ما الذي جعل كثر ا يتنافسون في 16 فقط .. لم َ ؟ لم ؟
ثم هل اتخاذ تفعيلة ما يضمن الشعر وما الدليل ؟ ثم ما عيب القوالب إن بدا العجز في البَنّاء ؟
ثم ّ لم َ التفعيلة أصلا مدام النقاش حول المضامين ؟
.........
هي َ أسئلة دفعني إليها واقع ما أقرأ فشكرا ..
ملاحظة : بالحوار وحده يتطور الإنسان .. لذا أرجو أن نناقش وأن ندلي بآرائنا هنا لا أن نكثر من الثناءات لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع .. ثم إن الحوار طريق لتبادل الأفكار واستجلاء مخزونات الإنسان وتمحيصها بأخواتها .. شكرا
أخي الكريم مجدوب
السلام عليكم
لا تلم تاخري في الرد
فغنها الظروف..
تابعت رأيك
وهو جدير بأن يكون أساسا لنقاش بناء منفتح وصارم في الوقت نفسه
و أذكرك أن مقالي هذا لا يطرح مشكلة الأشكال الشعرية و تطورها فقط
و إنما يحاول أن يربطها بقضية أهم و هي لمن يكتب الشاعر بغض النظر عن الأشكال إذا كان الوطن في حالة شغور وجودي تتهدد ه
شكرا لك و لي عودة
معروف محمد آل جلول
05-05-2009, 12:55 AM
أخي عبد القادر ..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
أتسمح لي بإضافة هذا الرابط المفيد للدكتور المحترم :مصطفى عراقي..
أرى توافقا بينكما ..وكلاكما أكاديمي ..
أي : الموضوعية هي التي تتحدث مكانكما..
وإدراج هذا الرابط المهم ..بسبب مقالكم الفاخر العميق..
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=17633
بالغ تقديري..
تقبلوا مروري..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir