المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حبس الظل



علي عطية
19-04-2009, 09:57 PM
حبس الظل



منذ تحركت أصابعه أمسكَ بزمام الخيال , وعانقتْ الفرشاة والألوان .
يجيدُ رسم كل شئ ؛ يجعل الحياة تدبُ في لوحاته .
خطوط يضعها باهتة ولكنها عميقة .
نثرات ألوان يسكبها على تقاسيم كي تنطق وتتحرك .


أرسمُ اليد تصافحك , وتشعرُ دفئها . تنفتحُ الذراعان تضُمك في أحضانها , وعلى بريق العيون يهمي سيلُ الحكايا , وتأملات الذكريات , تأخذكَ , تناديكَ , تـُلقي في روعك الأمان .


كل الوجوه تأتيه , تقف تحت ظلال فرشاته ؛ لترى نفسها كما المرآة لا تعكس غير الجمال وحسب .
برعَ في رسم البسمة على الوجوه , وسبك تقاسيم النور في تقاطيع الحياة.
يحملُ رسالة الفرح والنـُّـقاوة , ويصبغُ كل صورة ينسجها بزلال الطهر .
حتى دواخل الصورة يتفنن تجميلها , يمدُ فرشاته إليها فتستمد مدادها من الشمس , وتمزج ألوانها بضوء القمر.
ساحرُ الحركات آسرُ اللمسات , متيمٌ بها كل من رأى صورته أو سمع بها.


وقفتُ أمام المرآة كثيراًً أتملى الصورة , لم تـُعجبني .
أحاولُ تجميلها لكن فرشاتي لا تصل إليها .
أمدُ يدي - عبثاً - ببعـض مزيج الفرشاة السحري . لكنه ينزل على سيل السراب.
أتركُ المرآة .
ترسمني خيوط الشمس , أرى الظل , أحاولُ رسمه بخيال الجمال مرة تلو المرة , وما أن أفرغ ُ من تجميلها ما تلبثُ أن تكون ظلاًً وينتهي مع كل غـيمة , ويموتُ في مَـقدَم السحب الداكنة .


أخذتْ له ابنته صورة فوتغرافية .
: يالها من حقيقة لم تخطئ أي التفاصيل دقيقها أو خافيها.


نظرتُ إليها هل هذا أنا ؟
كيف ؟! ..
كيف العبوس والتجهم والغبرة تلك ؟
أين البسمة التي أرسمها على كل الوجوه ! ما لها باهتة هنا ؟
أين لمسات النور التي أسحر بها كل الصور ؟

وضعتها على الحامل , ورحت أداوي الصورة ببراعة طبيب التجميل .
هنا على الوجه أضع البسمة المشرقة , وفي العيون خططت رحمة وهدأة تقى , وبعض النور على الجبين ليضئ جذاب الطالع .
أرمقها مرة أخرى .
كيف ؟
ما زالت بظلمة ولا يبدو التجميل يداري عيباً ؟
رحت أعيد لعبتي جولات أخرى .
: بعض قطرات الوقار على الرأس , وبعض اللين على اليدين , ومازالت العين زائعة .
: إذن هنا !
على الجانب الأيسر من الصدر وضعت بقعة كبيرة بيضاء .
ونظرت إلى الصورة من بعيد .
فأخذت قارورة اللون الأسود وسكبتها على الصورة وكسرت المرآة .





أبوعباد

آمال المصري
20-04-2009, 01:34 AM
براعة في الرسم ..
وريشة فنان تعانق الكلمات ..
أمانة تحمل على كاهلها رسالة طهر ..
براعة في الحوارية بين مايعتري الإنسان من خلجات النفس
وبين الرؤية التي بها تتشح بها الصورة بياضاً
أستاذي القدير / علي
عودة بنص يشع بريقا كما تعودناك
جلَّ دعواتي صادقة أسكبها لك .

علي عطية
20-04-2009, 09:49 PM
براعة في الرسم ..
وريشة فنان تعانق الكلمات ..
أمانة تحمل على كاهلها رسالة طهر ..
براعة في الحوارية بين مايعتري الإنسان من خلجات النفس
وبين الرؤية التي بها تتشح بها الصورة بياضاً
أستاذي القدير / علي
عودة بنص يشع بريقا كما تعودناك
جلَّ دعواتي صادقة أسكبها لك .



الأستاذة الكريمة

أم الجمال ورسالة الطهر

كفاك هنا وحسب
حتى تزهر البسمة وتبقى أبداً


لمرورك طيب الفؤاد ولحن الهنا ودندنات الرنيم


مودتي والياسمين

ربيحة الرفاعي
16-01-2013, 08:40 AM
نص كان يستحق قراءته قبل أن تطويه الصفحات

للرفع

تحاياي

ناديه محمد الجابي
16-01-2013, 07:16 PM
كلمات شاعر صيغت بريشة فنان , فلا أعرف أيهما أجمل الشعر أم الرسم
فقط هناك ما أود الأستفسار عنه .. فالكاتب مرة يتكلم عن البطل بصيغة (هو )
الرسام المبدع ... ثم نجد أن الرسام والكاتب قد توحدا فيقول : ( وقفت أمام المرآة .. )
ثم يعود فيقول : ( أخذت له ابنته صورة .. )
ثم .. ( نظرت إليها هل هذا أنا ؟ )
مالذى يقصده الكاتب فى هذا التذبذب بين ( هو ) و( أنا )
أتمنى أن يوضح لى أحد ما استغلق على .... وشكرا

نداء غريب صبري
09-02-2013, 03:03 PM
ما اجمل هذا النص وما أرقى معانيه اخي

شكرا لك

ناصر أبو الحارث
10-03-2013, 08:13 PM
قرأت في تعليق الأخت نادية محمد الجابي تساؤلا خطر ببالي عند قراءة القصة

وسأنتظر معها الرد

د. سمير العمري
22-01-2014, 05:47 PM
بين التزين ظهورا ببهرج اللون وبين التواري انطواء بحبس الظل يمارس الناس فلسفة الحياة.

نعم ، لا شيء يمكن أن يضع ابتسامة على وجه عبوس مهما أجاد تلوين الأقنعة.

تقديري

علي عطية
22-01-2014, 07:42 PM
كلمات شاعر صيغت بريشة فنان , فلا أعرف أيهما أجمل الشعر أم الرسم
فقط هناك ما أود الأستفسار عنه .. فالكاتب مرة يتكلم عن البطل بصيغة (هو )
الرسام المبدع ... ثم نجد أن الرسام والكاتب قد توحدا فيقول : ( وقفت أمام المرآة .. )
ثم يعود فيقول : ( أخذت له ابنته صورة .. )
ثم .. ( نظرت إليها هل هذا أنا ؟ )
مالذى يقصده الكاتب فى هذا التذبذب بين ( هو ) و( أنا )
أتمنى أن يوضح لى أحد ما استغلق على .... وشكرا


ما كان النص إلا غوصا في أغوار النفس
وشئ من الحوارية بين ثناءات الغير واستعلاء الأنا لدى أنا دامت تزين الخارج وذابت معها دواخل وكوامن تاهت في خضم الثناءات والانبهرات ويبقى الصراع عندما تقف الأنا امام حقيقتها التي لا يعلمها غيرها كما المرآة وتحاول تزيين الباطن بشئ من مزينات المرئيات
لذا كان السجال بينها تارة وبين المعجبين المنبهرين تارة وكأنه تداول وصراع لذا تواترت بين الأنا والغير ليس إلا . مرور عذب الحرف نقي الفهم لوددت من يقرأ النص كما كتب

خلود محمد جمعة
27-01-2014, 08:01 PM
مقيد بظله لن يحرره الا اجنحة من أمل
ريشة محترف رسمت الحروف
دمت بخير
مودتي وتقديري