تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مواسم الصمت والرحيل



راضي الضميري
07-05-2009, 03:54 AM
رسائل إليها فقط

أنتِ والبحر سواء

أنتِ والبحر سواء ولي فيكِ و في البحر جنون قديم ولي فيكِ كل الذكريات ولي الماء الظامئ من النشيد ولكِ كل الهواء فوق التراب وتحت السماء .

أنتِ والبحر سواء وفي وجهيكما تقاسيم الفجر قبل الرحيل ، وشعاع من قوس قزح وأغنيات النورس وزهر نيسان الحزين، وبقايا فؤاد ممزق وأغنية بلا لحن لوداع أخير.

أنتِ والبحر سواء أحبكما معًا ؛ وأموت في موجكما كطائر مشرد غرد خارج السرب ونبذه الحلم حين تحدى المستحيل في جوف الريح العقيم كي أموت كما تشائين وحيدًا في باقي الفصول بصحبة غموض أليم .

أنتِ والبحر سواء وأنا أحبكما معا ، يا ليْت لي متسع من الوقت لألقي بعض قصائدي المبتورة في دجى الحلم ، لكن الضباب سرق مني الحروف وبعثر كبريائي على سواحل القوافي البعيدة حيث يموت الشعر من سخرية البدايات .

أنتِ والبحر سواء وفيكما أضيع صباح مساء ؛ فلمَ أرجأتِ موتي في آذار؟ وكنت على بُعد خطوة واحدة منك قبل دخول نعشي معقل الأمنيات ، كنت على بعد ألف ميل من النجاة وكنتِ ترصدين الهواء في رئتي وكان الهوى طوع أمرك فلمَ لم تذبحيني بأغنية ؟ لمَ تركت الصدى يأكلني في نيسان ؟ لمَ ركضت في أوردتي دهرًا ؟ لمَ تركت الباب مفتوحًا على كل الاحتمالات ؟ .

أنتِ والبحر سواء والموت فيكما نهاية كل مغامر، فلمَ لم تتركيني أصارع الفناء وحدي رويدًا رويدا ؟ لمَ تركتِ الجفاف يعصرني وحيدًا ؟ يمتصني كطفل تغوّل على حليب أمّه بعد فراق عامين ونيف من الولادة وقد كنت على مرمى حجر من الموت مرويًا بدمي ، لمَ تركتني أموت ظمأ بين أزهار جفت عروقها بعد هجر المطر لآذار؟.

لك ما تريد أيها الطائر ، ها قد اقترب موعد الرحيل فجهز جناحيك وانفض بقايا دمي عن كتفيك واستعد للتحليق جيدًا ولا تنظر للوراء أكثر مما ينبغي ؛ غير أنّ لي عليك حق تلاوة الفاتحة على روحي الممزقة بين يديك ، ولا تنس أن تغسلهما قبل رفعها نحو السماء هناك حيث سأسبقك بمسافة تكفيك للتوبة من ذنبي وذنبك .

أنتِ والبحر سواء ، وهاأنذا قد عدلت عن رأيي رحمة بي وبك ، هاأنذا أغسل ذنبك من تهمة قتلي علي يديك و أكتب وصيتي الأخيرة وأبرئك من كل الخطايا ؛ من دمي ومقصلة شوقك ومن كل الجنون ، وأعلن أمام الدنيا براءتك وأوصي بأنْ يدفنوني تحت كل حبة تراب شمّت رائحة الزهر فيكِ كي أعلن براءة الذئب من الذنب ؛ وأنّي أنا القاتل المجهول.

أنتِ والبحر سواء وحتّى يحين موعد موتي خذي ما يرضيك من الهواء ؛ خذي ضوء النهار وكل الأقمار واتركِ لي الظلام ، فأنا راحل إليه يا سيدتي فمن بعدك لم يبقَ ليل ولا نهار .

راضي الضميري
07-05-2009, 04:00 AM
هناك أمور قد لا تجرؤ على البوح بها إلا لنفسك ، إلا أنّك قد تضطرّ أحيانًا إلى البوح بها .

و تضطرّ هذه تحتاج إلى نافذة خاصة لطالما وجدت نفسي فيها .

و النافذة هذه يبدو أنّها قد أوصدت الأبواب في وجه السؤال .

و السؤال ما زال يضرم النّار هناك .

وإلى هناك تدفعني محارتي دفعا بسياط الشوق .

و الشوق يرفض الإصغاء لقواعد المنطق .

والعقل يتضامن مع المنطق ويريد تفسيرًا معقولًا لكل السهام التي أطلقت ذات ألم.

و الألم لم يعد يأبه لوجعي .

و وجعي أيها البحر كبير.

ألا ليْت القلب يطيع العقل فيك .

راضي الضميري
07-05-2009, 04:03 AM
كنتُ أفكرُ بالرحيل عن عالمك الذي أتعبني ، كنت أنوي الابتعاد عن عالمي الذي هو أنتِ ، لم أكد أتخذ القرار حتى أظلمت الدنيا في وجهي، واستعرت النّار في مفاصلي ، فقدت القدرة على تميّيز الاتجاهات ، لا الشرق شرقُ ولا الغرب غرب ، والجنوب تأبط الجنون في رؤاي ، وإلى الشمال ظننت أنّي أسير في وجهتي الصحيحة بعد طول تفكير ونظر إلى السماء ، سرت طويلًا جدا ووجدتني أعود إلى حيث كنت حيثُ أنتِ ؛ حيثُ ولدت حين كنتِ أنتِ .
لي في العام ألف عيد ميلاد أحتفل به كل يوم ثلاث مرات ، أشرب فيه الهمّ صباحًا بكأس اللظى ونار الاشتياق ، وأرتوي عصرًا من بخار النّار المشتعلة في صدري توقًا للقياك ، ومساءً أرتشف من ذكراكِ ما يصبّر القلب على أمل الانتظار، ويرقد الليل الطويل فوق أنفاسي فينسل الألم من حبر التمنّي ويعجزُ قلمي عن ضبط نبضات قلبي فأسيح هائمًا في دنياك الممتدة بين أفقي ورؤاي ، حيثما تكونين أكون ، وإنْ شئت أنْ لا أكون فلا تذبحينني بمقصلة الشوق ولا بسكين الفراق ، فقط اطلبي مني ذلك بكل هدوء ، ثمّ ابتعدي عني قدر ما تستطيعين ، فأنا أخاف عليك من تبعات الانفجار ، ومن أنْ يلوث دمي ثوبك وبقايا الذكريات التي ستحملك على أنْ تشيّعيني بدموعك ثمّ لن تنسيني أبدا .
سيدة الهواء المعتق برائحة دمي ، قولي لي كيف أستطيع انتزاعك من أوردتي كي أموت كما أشاء ، كي أحيا كما أريد ، وكي أستطيع الرجوع إلى ذاكرتي بعيدًا عن التحلّل فيكِ، فما عدت أشتهي يا سيدتي الموت غرقًا في بحر حبك وقد كنت أظنّ أنّي أجيد التنفس تحت الماء وأنّي أملك غلاصم تكفيني لأجوب بها البحار ، ثمّ كبر حبك في قلبي وأوشكت على أنْ أصبح حوتًا يملك رئتين ولم يعد يخشى الغرق ، صدقت نفسي فإذا بي أغرق في كأس حبك ولمّا أعبر شاطئك بعد .
قولي لي كيف تنامين وأنا فيك ألاقي حتفي كل يوم ، ألم تزعجك رائحة الشواء ؟ أم أنّك قرّرت أن تحفظيني في أجندتك لمواسم الشتاء نحو قرن إلى الأمام كي تتدفئين بحرارة دمي ، وتلتحفين بجفون قلبي ، وتأكليني قطعة قطعة بشوكة صبري عليكِ ، هنيئًا لك إذن ، فأنا أكبر وجبة حلمت بها ولم تحافظي عليها ، يا لكِ من أنثى تجيد القتل برمشها الفتاك !.
أما آن لي أنْ أنام قليلًا في حضرتك وقبل الغياب؟ أما آن لي أنْ آخذ نفسي المقطوع فيكِ قليًلا كي أرتق جراحي بإبرة شوقي المنغرسة في أضلاعي ؟ دعيني أنام قليلًا و لي أربعون حولا في دنياي وكان لك في أنسجتي دهرًا فكيف لي أن أنام؟ ، اتركيني أضمد جراحي بحبر قلمي كي أموت فيكِ وأنام مدى الحياة ، أحبك في كل الفصول فدعيني أنام .

راضي الضميري
07-05-2009, 03:41 PM
قالت لي: متى ستترك الحزن في حاله ، سيملّ النّاس من آهاتك ورائحة دمك أزكمت أنوف الجميع ؟.
ردّ القلب قائلًا : لو كنت ولدت في آذار لرأيت مثلي المستحيل.

لم تنتهِ الحكاية بعد ، وما بين الحروف ينام الوجع آمنا مطمئنا لم يعد يأبه للغياب ما دام القلم يكتب عن دوامة الصمت والقهر في أبجديتي المتعبة ، لا الشوق يملّ والآهة لا تكل، وما بين السطور أموت بردًا في حزيران ويقتلني الحر في كانون ، وآذار لن يعود كما كان ، ولي فيه لو تعلمين كل بقاياي ورئتي وبؤبؤ عيني لي فيه أنتِ لو تعلمين .

كنت أركض متعبا في أروقة جدائلك أتنفس عبق الياسمين وأغزل منها شعرًا للقمر تغار منه كل النجوم ، حتّى السحاب حسدني ، وأرجأ نزول المطر في آذار ورحل بعيدًا جدا غير آبهٍ لموتي ، يا للحسد حين يكون للشماتة منها نصيب الأسد ! يا للدموع حين يجفّ فيها الماء ويمتص الحرمان زهرة الحياة وما تبقى من القصيد ! .

لكِ أنتِ خبأت آخر مواويلي ، وأسرجت خيلي المرهقة لأركض خلفك وراء الضباب وما تبقى من العمر يناديك أين أنتِ ؟ غضب مني الماء والهواء أين أنتِ ؟ أطير خلف السراب وأغرق في بحر من الرمال والضباب هو الضباب ، ليتك تعلمين كم كنت وحيدا حين كنتُ أفكّر في عذر يبرّر لي طول الغياب وضعف بوصلتي حين كنتِ حيث لا أنا ويرحمني منك لعلّك ترحميني .

ليس بيدي ولا بيدك كل هذا العناء ، تأخرّتُ عليك وغبتِ عني دهرا وبحثت عنك في كل كتب التاريخ وبين تضاريس الأرض وتحت السماء ، لم أجدك بين كل الأسماء ، كنت مختبئة بين الغيوم في عيون ذئب لا يعرف الرحمة وكان جرحك جرحي ، وكان ألمك كله لي ، ليْتك تعلمين كم بحثت عنك وكم ضعت مع النجوم كم تهت في مجرّة حزني .. خلفك وحدك لو تعلمين .

سحر الليالي
07-05-2009, 04:01 PM
الهاطل [ راضي الضميري]
:
وحرف نازف بالعطر والصدق ..!!
ما أجمل البيان حين يكون بهكذا نبض وبهكذا دهشة ...

سلمت ودام حرفك
تقبل خالص تقديري وتراتيل ورد

راضي الضميري
08-05-2009, 01:02 AM
الهاطل [ راضي الضميري]
:
وحرف نازف بالعطر والصدق ..!!
ما أجمل البيان حين يكون بهكذا نبض وبهكذا دهشة ...

سلمت ودام حرفك
تقبل خالص تقديري وتراتيل ورد


الأخت الأديبة سحر الليالي

تعلمين أنّي أمام حرفك أقف عاجزًا عن التعبير ، فلحضورك بهجة في القلب وشهادتك هذه أعتز بها لأنّك أخت عزيزة وصاحبة قلم له حضور قوي في متصفحي وحالي كحال الجميع.

نقدرك ونحترمك.

كوني بخير

فاطمه عبد القادر
09-05-2009, 01:59 PM
قالت لي: متى ستترك الحزن في حاله ، سيملّ النّاس من آهاتك ورائحة دمك أزكمت أنوف الجميع ؟.
ردّ القلب قائلًا : لو كنت ولدت في آذار لرأيت مثلي المستحيل.

لم تنتهِ الحكاية بعد ، وما بين الحروف ينام الوجع آمنا مطمئنا لم يعد يأبه للغياب ما دام القلم يكتب عن دوامة الصمت والقهر في أبجديتي المتعبة ، لا الشوق يملّ والآهة لا تكل، وما بين السطور أموت بردًا في حزيران ويقتلني الحر في كانون ، وآذار لن يعود كما كان ، ولي فيه لو تعلمين كل بقاياي ورئتي وبؤبؤ عيني لي فيه أنتِ لو تعلمين .

كنت أركض متعبا في أروقة جدائلك أتنفس عبق الياسمين وأغزل منها شعرًا للقمر تغار منه كل النجوم ، حتّى السحاب حسدني ، وأرجأ نزول المطر في آذار ورحل بعيدًا جدا غير آبهٍ لموتي ، يا للحسد حين يكون للشماتة منها نصيب الأسد ! يا للدموع حين يجفّ فيها الماء ويمتص الحرمان زهرة الحياة وما تبقى من القصيد ! .

لكِ أنتِ خبأت آخر مواويلي ، وأسرجت خيلي المرهقة لأركض خلفك وراء الضباب وما تبقى من العمر يناديك أين أنتِ ؟ غضب مني الماء والهواء أين أنتِ ؟ أطير خلف السراب وأغرق في بحر من الرمال والضباب هو الضباب ، ليتك تعلمين كم كنت وحيدا حين كنتُ أفكّر في عذر يبرّر لي طول الغياب وضعف بوصلتي حين كنتِ حيث لا أنا ويرحمني منك لعلّك ترحميني .

ليس بيدي ولا بيدك كل هذا العناء ، تأخرّتُ عليك وغبتِ عني دهرا وبحثت عنك في كل كتب التاريخ وبين تضاريس الأرض وتحت السماء ، لم أجدك بين كل الأسماء ، كنت مختبئة بين الغيوم في عيون ذئب لا يعرف الرحمة وكان جرحك جرحي ، وكان ألمك كله لي ، ليْتك تعلمين كم بحثت عنك وكم ضعت مع النجوم كم تهت في مجرّة حزني .. خلفك وحدك لو تعلمين .



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل حانت مواسم المطر الأسود ,,الدمع الأسود ,,الياقوت الأسود ؟؟
كل هذه وأكثر عناويين كتاباتك أيها العزيز راضي
عندما أغوص فيها ,,يجتاحني حزن
أشعر أن كرة صلدة تقف في مدخل حنجرتي تخنقني
وبدموع تتجمع وتستنفر قواتها
أنت مبدع أيها العزيز
قادر على حفر خنادق الألم في كل القلوب
طوبى للقلوب الشاعرة الرقيقة
كقلبك
أتمناك بكل خير
ماسة

راضي الضميري
10-05-2009, 03:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل حانت مواسم المطر الأسود ,,الدمع الأسود ,,الياقوت الأسود ؟؟
كل هذه وأكثر عناويين كتاباتك أيها العزيز راضي
عندما أغوص فيها ,,يجتاحني حزن
أشعر أن كرة صلدة تقف في مدخل حنجرتي تخنقني
وبدموع تتجمع وتستنفر قواتها
أنت مبدع أيها العزيز
قادر على حفر خنادق الألم في كل القلوب
طوبى للقلوب الشاعرة الرقيقة
كقلبك
أتمناك بكل خير
ماسة

أتعلمين أيتها الماسة الفريدة من نوعها ، كلما كتبت أجدني أفكر كيف ستردين ، فلوجودك معنىً كبيرًا وأنتِ الأخت العزيزة والتي نقدرها ونحترمها كثيرًا.

وما وصفتني به هو شهادة أعتز بها وأفتخر والله ليتني أكون عند حسن ظنك بي .

والقلوب المتعبة آن لها أن تستريح ولسوف تستريح من كل هذا العناء قريبا.

ماسة حقيقية.

تقديري واحترامي

هشام عزاس
10-05-2009, 10:13 PM
حاولتُ مرارا الهروب منك, الفرار منّي , حاولتُ أن أستوطنَ و لو غصبًا في أحلام الآخرين, أن أصرخ في وجه المحزونون مرتديًا قناعا من فرح زائف , كفى فقد بلغ الحزن الزبى .



حاولتُ أن أبثّ فيهم ما عجزتُ عنه , أوصيتهم بالفرح , و أوقدتُ لهم من مشاعري و كلماتي شموع أمل لا تنطفئ , ولطالما كنتُ أحثّهُم على عصيانك , و أوقد فيهم جذوة التمرد عليك.



كم حاولتُ مرارا أن أصفع وجهكَ بكف أحلامي و آمالي, أن أدّق عنقك بين سعادة واهمة,و فرحة عابرة, و لكنكَ دومًا كنت تعود إليّ من حيثُ لا أحتسب .



أيها المستيقظ دومًا بإحساسي , كم راوغتكَ ,و كم تحايلتُ عليك , و لكنك كنتَ دوما بارعا في التمثيل و الخداع , تجعلني أصدق وهم أنّي هزمتك , و أننّي أقوى منك , لتعلّقَ حسي بعدها في مشنقتك اللعينة .



حتى صرتُ أتمنى أن يتحولَ حسي إلى كائن من لحم و دم , فتضربَ عنقهُ إلى الأبد , و أرتاح من شنقكَ الذي لا يشنق , و ألمكَ الذي لا يغادر مواطن الروح .



إنه الحزنُ يا رفيقي , لهُ في الجسد مضغة , و في الروح سكن , و في المخ خطوط تؤرخُ وجوده الأبديّ .



صدقا لا أتمنى لك الخلاص منه , غير أنّ الخلاص منه قدرنا المحتوم .



إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــام

حسنية تدركيت
10-05-2009, 10:35 PM
رائع الحرف اخي راضي الضميري

مرور متواضع من واحة الجمال هذه ولي عودة ان شاء الله تعالى

راضي الضميري
10-05-2009, 10:37 PM
لحظات صعبة تلك التي تربض على أنفاسي بعد أن اتخذت قراري الأخير ، لحظات قاسية قالت لي عرافتي أنّني يجب أنْ أتحمّلها فالألم الآن يمر في مرحلة فاصلة والوجع له طعم مرّ لم تعهده من قبل ، فتحمل يا ولدي فإن ّ انتزاع اللحم عن العظم وبدون البنج يحتاج إلى معجزة ؛ غير أنّك ستتألم كثيرًا ثمّ ترتاح فيما تبقى من سويعات هذا العمر الحزين .

وجدتني في مسلخ مظلم راقدًا ممدّدا فوق نار الشوق ومشرط العقل يشقّ صدري بسكين الفراق لا ضوء يهديه السبيل ولا نسمات هواء من ليلها المعتق برائحة زهرها يواسيني ، ظلام دامس تخترقه حشرجات الحزن يشق صدري ويتلمس طريقه وسط اللحم مهتديًا بآهات التمنّي وحسرة الحلم ورحيله لحظة الاحتضار.

لم يغمَ عليّ ولم أكن مستيقظا ؛ بل كنت أراقب بخاري المتصاعد من مسامات القلب لحظة اقتراب المبضع من انتزاعك مني ، ولم أستفق إلا على صرخات قلبي ينادي خذوني معه واقتلعني مني ، فشلت كل المحاولات وعاد النصل إلى مكانه ، قالت لي عرافتي لا جدوى ، فتحمل تبعات جهلك أيها القلب ، وضمد جراحك ونأسف على الإزعاج.

مينا عبد الله
10-05-2009, 10:47 PM
هناك أمور قد لا تجرؤ على البوح بها إلا لنفسك ، إلا أنّك قد تضطرّ أحيانًا إلى البوح بها .
و تضطرّ هذه تحتاج إلى نافذة خاصة لطالما وجدت نفسي فيها .
و النافذة هذه يبدو أنّها قد أوصدت الأبواب في وجه السؤال .
و السؤال ما زال يضرم النّار هناك .
وإلى هناك تدفعني محارتي دفعا بسياط الشوق .
و الشوق يرفض الإصغاء لقواعد المنطق .
والعقل يتضامن مع المنطق ويريد تفسيرًا معقولًا لكل السهام التي أطلقت ذات ألم.
و الألم لم يعد يأبه لوجعي .
و وجعي أيها البحر كبير.
ألا ليْت القلب يطيع العقل فيك .

الله الله .. تداعيات في الذهن تتهادى كغزال رائع

كلمة تسوق جملة

وكلمة تناغيها بهدوء

تحية لك استاذي الفاضل راضي الضميري

وحياك الله

احترامي

مينا

راضي الضميري
11-05-2009, 06:16 PM
حاولتُ مرارا الهروب منك, الفرار منّي , حاولتُ أن أستوطنَ و لو غصبًا في أحلام الآخرين, أن أصرخ في وجه المحزونون مرتديًا قناعا من فرح زائف , كفى فقد بلغ الحزن الزبى .
حاولتُ أن أبثّ فيهم ما عجزتُ عنه , أوصيتهم بالفرح , و أوقدتُ لهم من مشاعري و كلماتي شموع أمل لا تنطفئ , ولطالما كنتُ أحثّهُم على عصيانك , و أوقد فيهم جذوة التمرد عليك.
كم حاولتُ مرارا أن أصفع وجهكَ بكف أحلامي و آمالي, أن أدّق عنقك بين سعادة واهمة,و فرحة عابرة, و لكنكَ دومًا كنت تعود إليّ من حيثُ لا أحتسب .
أيها المستيقظ دومًا بإحساسي , كم راوغتكَ ,و كم تحايلتُ عليك , و لكنك كنتَ دوما بارعا في التمثيل و الخداع , تجعلني أصدق وهم أنّي هزمتك , و أننّي أقوى منك , لتعلّقَ حسي بعدها في مشنقتك اللعينة .
حتى صرتُ أتمنى أن يتحولَ حسي إلى كائن من لحم و دم , فتضربَ عنقهُ إلى الأبد , و أرتاح من شنقكَ الذي لا يشنق , و ألمكَ الذي لا يغادر مواطن الروح .
إنه الحزنُ يا رفيقي , لهُ في الجسد مضغة , و في الروح سكن , و في المخ خطوط تؤرخُ وجوده الأبديّ .
صدقا لا أتمنى لك الخلاص منه , غير أنّ الخلاص منه قدرنا المحتوم .
إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــام
كم حاولت أن أنجو من تبعات القلق وأورامه الخبيثة التي تركت آثارًا لا تمحَ بين أوردتي ، كم حاولت أن أنتشل نفسي من بين تلك الأشواك التي زرعتها وردتي ونبتت على حين غفلة من عقلي.

كنتً أظن أنّني أملك طاقة كبيرة تفوق سخافات سيزيف وأحلامه المستحيلة ، فإذا بي أقع تحت صخرته مضرجا بدمي وأنا ما زلت أناديك أن تعالى إليّ لكنك لم تلتفت ولم تعرْ أي انتباه لصرخاتي وتركتني مسلوخا على قائمة الانتظار أتسوّل منك الكلمات وأنتَ تبتسم غير آبه لاحتراقي ، وصعاليك الفجر ولصوص الظلام يحدقون بي وعلى شفاههم نظرات الشماتة ، يا إلهي كيف لم أدرك أنّني لست أنا طيلة هذه الأعوام وأنّي كنت مجرد خيال يدور في مروحة سخر منها كيشوت نفسه !

ودعني الفرح مذ عرفتك ، وتلبسني الحزن مذ أدخلتك محارتي ، لم تحفظني إلا مجمدًا على قائمة الانتظار ، هتكت قلبي بعدم مبالاتك ومزقت شراييني بتجاهل نزيف دمي المستباح على قارعة رصيف دست عليه بأقدامك ، لن أعتذر لنفسي وأيامي ، بل سأعتذر لقلبك على فشل محاولاتي الكثيرة في إيقاظه .

صفعني ظلامكِ في مقتل ، وتركتني أحلامي أترنح كسكير عربيد فقد القدرة على تمييز نفسه من قطط الليل الضالة في صحراء الوهم الأليم. هزمت نفسي بيدي وأطفأ شمعتي لهيب الانتظار ، و سهامك الممتدّة ما بين أفقي المشتعل بذكراكِ وما بين آمالي الكبيرة التي ماتت ذات ليل وسواد معتق بجحيم الانتظار.

أيها الحزن لا تتركني معلقًا بين السماء والأرض ، خذْ مني ما يرضيك ودعني أنام ، فأنا لم أنمْ منذ سنيين طويلة ، خذْ ما يرضيك وقل لها أنّني قرّرت أنْ أنام ، فقد أخذ مني الانتظار شعلة الحياة واسوّدت رؤاي بدخان نارك ولهيب العطش الذي أحرقني حتى النخاع ، لم يبقَ فيّ موضع لم يخدش ، لم يبقَ فيّ شيء يؤكل ، فدعيني أنام وكوني بخير ما استطعت إلى ذلك سبيلا .

يا صديقي من لا يعرف الصقر يشويه ، ومن لا يعرف معنى الحب يلقيه في حاويات النسيان ، ومن لا يدرك أهمية الوقت يموت قبل الأوان .

كن بخير يا هشام واربط مشاعرك بحبل طويل أوله في يدك وآخره في عقلك ، ولا تنظر للوراء كثيرًا ، فلا شيء يستحق الندم ، لا شيء يا صديقي ومن لا يعرف الصقر يشويه .

فدوى يومة
11-05-2009, 06:56 PM
الفاضل راضي
يقتلني حرفك ،وحين احاول الموت بسلام لا يتركني افعل ذلك، فهو يتوغل في الذاكرة كي يوقظ كل من مروا فيها من قبل، ليحاكمهم من جديد على كل شيء فعلوه ..
فهل فعلوا شيئا يستحق أن اعيدهم من جديد من الموت للحياة؟
وهل فعلوا شيئا يستحق أن نذكرهم أكثر؟
أعرف أن سؤالي غبي، غير أن حرفك يجبرني على النبش في قبور الذاكرة ،و يسقي كل من اقبرتهم هناك شلال حزن.
امتناني لك وتقديري وباقة امنيات

هشام عزاس
11-05-2009, 07:28 PM
كم حاولت أن أنجو من تبعات القلق وأورامه الخبيثة التي تركت آثارًا لا تمحَ بين أوردتي ، كم حاولت أن أنتشل نفسي من بين تلك الأشواك التي زرعتها وردتي ونبتت على حين غفلة من عقلي.

كنتً أظن أنّني أملك طاقة كبيرة تفوق سخافات سيزيف وأحلامه المستحيلة ، فإذا بي أقع تحت صخرته مضرجا بدمي وأنا ما زلت أناديك أن تعالى إليّ لكنك لم تلتفت إليّ ولم تعرْ أي انتباه لصرخاتي وتركتني مسلوخا على قائمة الانتظار أتسوّل منك الكلمات وأنتَ تبتسم غير آبه لاحتراقي ، وصعاليك الفجر ولصوص الظلام يحدقون بي وعلى شفاههم نظرات الشماتة ، يا إلهي كيف لم أدرك أنّني لست أنا طيلة هذه الأعوام وأنّي كنت مجرد خيال يدور في مروحة سخر منها كيشوت نفسه !

ودعني الفرح مذ عرفتك ، وتلبسني الحزن مذ أدخلتك محارتي ، لم تحفظني إلا مجمدًا على قائمة الانتظار ، هتكت قلبي بعدم مبالاتك ومزقت شراييني بتجاهل نزيف دمي المستباح على قارعة رصيف دست عليه بأقدامك ، لن أعتذر لنفسي وأيامي ، بل سأعتذر لقلبك على فشل محاولاتي الكثيرة في إيقاظه .

صفعني ظلامكِ في مقتل ، وتركتني أحلامي أترنح كسكير عربيد فقد القدرة على تميّيز نفسه من قطط الليل الضالة في صحراء الوهم الأليم. هزمت نفسي بيدي وأطفأت شمعتي لهيب الانتظار ، و سهامك الممتدّة ما بين أفقي المشتعل بذكراكِ وما بين آمالي الكبير التي ماتت ذات ليل وسواد معتق بجحيم الانتظار.

أيها الحزن لا تتركني معلقًا بين السماء والأرض ، خذْ مني ما يرضيك ودعني أنام ، فأنا لم أنمْ منذ سنيين طويلة ، خذْ ما يرضيك وقل لها أنّني قرّرت أنْ أنام ، فقد أخذ مني الانتظار شعلة الحياة واسوّدت رؤاي بدخان نارك ولهيب العطش الذي أحرقني حتى النخاع ، لم يبقَ فيّ موضع لم يخدش ، لم يبقَ فيّ شيء يؤكل ، فدعيني أنام وكوني بخير ما استطعت إلى ذلك سبيلا .

يا صديقي من لا يعرف الصقر يشويه ، ومن لا يعرف معنى الحب يلقيه في حاويات النسيان ، ومن لا يدرك أهمية الوقت يموت قبل الأوان .

كن بخير يا هشام واربط مشاعرك بحبل طويل أوله في يدك وأخره في عقلك ، ولا تنظر للوراء كثيرًا ، فلا شيء يستحق الندم ، لا شيء يا صديقي ومن لا يعرف الصقر يشويه .


أَولاَ تغادرني ؟ أَوَ مَا يكفيكَ ما نلته مني ؟ أو مَا كفاكَ دمعي في دجى الليل الطويل , و شقاءَ فكري طيلة النهار الأليم ! أَو لاَ ترحل عني إلى الأبد ؟؟!!

مُذ وعيتُ على الدنيا يا صديق, و لحنهُ لا يغادر وتر الروح , يأتي الفرح خجلاً و على عجلةٍ من أمره, يختلسُ لحظة سِنتِه, و يدّق على الوتر عجلا خائفا من صحوةِ سكاكينه المتعطشةَ للنحر.

يخافُ الفرح أن يقتسم لحنهُ بداخلي, لأنه يعرفُ مدى أنانيته, و سلطته الديكتاتورية, و أنّى لعصفور صغير جريح أن يُسمِعَ زقزقته, و قد أحاطهُ النعيق.

و ما الذي سيفعلهُ فارس الفرح الشجاع, أمام بسالة و استماتة جحافلهِ المدججة بداخلي, و هل تَخرقُ سهامًا جريئة أُوقدت رؤوسها نارًا درعهُ الحديدي ؟

مُحاولاتي كلها باءت بالفشل يا صديق , و صرتُ لا أثقُ في رضاه المصطنع و ابتسامتهِ المزيفة , فكلُ ما يمنحه لي هو تزويد لطاقتهِ بداخلي , و كل الأبواب التي يفتحها ما هي إلا مصائدُ جديدة لطريدة فرحٍ مزعوم .

راضي الضميري
12-05-2009, 12:40 PM
رائع الحرف اخي راضي الضميري

مرور متواضع من واحة الجمال هذه ولي عودة ان شاء الله تعالى

هذا الحرف نزف طويلًا طويلا واستباحت سطوره خطوط الطول والعرض ، واحترق بنار خط الاستواء الذي تعمد أن يترك الدنيا كلها من أجلي كي يشوه ملامح حلمي وحيدا.

لاتواضع بل جمال وكرم كبير لمجرد مرورك أختي العزيزة ندى الصبار .

كوني بخير

راضي الضميري
13-05-2009, 09:54 AM
الله الله .. تداعيات في الذهن تتهادى كغزال رائع
كلمة تسوق جملة
وكلمة تناغيها بهدوء
تحية لك استاذي الفاضل راضي الضميري
وحياك الله
احترامي
مينا


تداعيات أقلقت هذا الذهن يا مينا وجعلته في حيرة من أمره.

وربما نحتاج إلى الهدوء الشديد لكي نعرف كيف سنتصرف مع هذا الحزن وذاك الألم .


أشكرك يا مينا فمرورك الكريم له قيمة كبيرة في عالمي المتعب .

كوني بخير

راضي الضميري
13-05-2009, 04:55 PM
الفاضل راضي
يقتلني حرفك ،وحين احاول الموت بسلام لا يتركني افعل ذلك، فهو يتوغل في الذاكرة كي يوقظ كل من مروا فيها من قبل، ليحاكمهم من جديد على كل شيء فعلوه ..
فهل فعلوا شيئا يستحق أن اعيدهم من جديد من الموت للحياة؟
وهل فعلوا شيئا يستحق أن نذكرهم أكثر؟
أعرف أن سؤالي غبي، غير أن حرفك يجبرني على النبش في قبور الذاكرة ،و يسقي كل من اقبرتهم هناك شلال حزن.
امتناني لك وتقديري وباقة امنيات



ماذا أقول لحرف يفعل كل ذلك ، هذا كرم منك وشهادة كبيرة أعتزُ بها وأحزن لسماعها ، فمجرد أنْ يسبّب حرفي الحزن لأحد هو بحد ذاته حمل ثقيل عليّ .

أرحب بك أختنا الفاضلة في متصفحي المتواضع هذا ، ولا أحزن الله لكِ قلبًا .

أشكرك على مرورك الكريم .

كوني بخير

راضي الضميري
13-05-2009, 05:00 PM
لا شيء يعبر من تحت سمائي لا شيء ، غير أزيز الفراق يطنّ صداه في قلبي ، أفقي مضاء بلون أسودٍ ، ومزهرية بحجم الفضاء تحتضنُ بقايا دمي ، وورد يزهر خارج زماني ، وأنتِ فوق السحاب تنشدين أغنية في رثاء الربيع ؛ لا تعلمين شيئًا عن حالي وكيف يجري فؤادي وحيدًا في صحراء التمنّي .

كان في وسعي أنْ أحبّكِ أكثر لو لم تأخذيني ويموت قلبي قبل أنْ أكبر فيك وأهرم ، ليْتك لم تأخذي قلبي ولو كان قلبي معي لأحببتك أكثر وأكثر.

لي في زماني ما لا أريد وكم تمنّيتك حين كنتُ أريد وفُرضَ عليّ ما لا أريد ، كم أحببتك قبل أنْ أجلسكِ في خاصرتي ومدخل شرياني المريض ، تتأبطين سيف عنترة وتنشدين أعذار ديدمونة ، و تبثين سمّكِ في أوردتي ، أحبّكِ كثيرًا فلا تقتليني بيديك كيلا أموت وحيدًا بلا رثاء ، لا أريدك أنْ تشيّعيني بمراسم عزاء ، اخترتِ لقتلي الزمان ؛ فدعيني أحدّد المكان لأنام كما لم أنام مذ عرفتك .

كان في وسعي أنْ أحبّكِ أكثر غير أنّي لا أملك سوى قلبي وكبريائي المهدور في مهجتيكِ فخذيني كما تشائين وانثري بقاياي في مهب الريح العقيم ، اقتليني كما تريدين ، لم تعد لي رغبة في الحبّ وأنتِ كما أنتِ ترفضين الحياة ، كان في وسعي أنْ أحبّكِ أكثر غير أنّي متّ قبل أنْ أعرف معنىً للحياة ، وما تبقى من القلب يردّد كيف السبيل لأحبّك أكثر وأكثر .

راضي الضميري
16-05-2009, 02:26 AM
أَولاَ تغادرني ؟ أَوَ مَا يكفيكَ ما نلته مني ؟ أو مَا كفاكَ دمعي في دجى الليل الطويل , و شقاءَ فكري طيلة النهار الأليم ! أَو لاَ ترحل عني إلى الأبد ؟؟!!

مُذ وعيتُ على الدنيا يا صديق, و لحنهُ لا يغادر وتر الروح , يأتي الفرح خجلاً و على عجلةٍ من أمره, يختلسُ لحظة سِنتِه, و يدّق على الوتر عجلا خائفا من صحوةِ سكاكينه المتعطشةَ للنحر.

يخافُ الفرح أن يقتسم لحنهُ بداخلي, لأنه يعرفُ مدى أنانيته, و سلطته الديكتاتورية, و أنّى لعصفور صغير جريح أن يُسمِعَ زقزقته, و قد أحاطهُ النعيق.

و ما الذي سيفعلهُ فارس الفرح الشجاع, أمام بسالة و استماتة جحافلهِ المدججة بداخلي, و هل تَخرقُ سهامًا جريئة أُوقدت رؤوسها نارًا درعهُ الحديدي ؟

مُحاولاتي كلها باءت بالفشل يا صديق , و صرتُ لا أثقُ في رضاه المصطنع و ابتسامتهِ المزيفة , فكلُ ما يمنحه لي هو تزويد لطاقتهِ بداخلي , و كل الأبواب التي يفتحها ما هي إلا مصائدُ جديدة لطريدة فرحٍ مزعوم .

ومذ وعيتُ أيضًا لم يغادرني ، لازمني كظلي وحمّلني ما لا أطيق ، أكل هذا الحزن لي يا ليل ومن أجلي فقط ؟ سألت كثيرًا ولا جواب ، صمت قاتل وفوضى تعصفُ بأحلامي تجعل من الحليم حيرانا .

هرب الفرح خوفًا من الحزن يا هشام ، وترك فراغًا بحجم هذا الكوكب ، وإن عاد خجلًا يترك بصماته على شكل أشواك توقظ الذاكرة وتزيد في وجعها .

لم أصادف في زمني إلا الزحام أينما توجهت رؤاي ، وكل ما أردته كان محجوزًا وليس لي فيه نصيب ، لا أمل يلوح في الأفق البعيد ، والضجيج أكل صبري ، والصبر ولّى هاربًا نأى بنفسه عني .

لو أردت أن أكون بخلاف ما أنا عليه لكنت ولأخذت الدنيا وما أريد بقبضة يدي ، ولرأى بعض أهلها مني ما لا يحبون ، لكنني آثرت أن لا أقع ضحية شيطاني فأخسر عند الوداع الكبير .

الفارس الشجاع أيها الصديق بات قاب قوسين أو أدنى من الترجل وآذار أرهق خيلي ، وأخذت الدنيا مني ما أحب ووضعت سياجًا محميًا بنار لا تهدأ وأبعدتهم عني ، كل هذا الظلام لي أرأيت يا هشام ؟ لكنني لم أستسلم ولن أفعلها ، فحتّى الصقر لو احترق بنار الدنيا فهذا لا يغير من اسمه شيئا.

كن بخير يا هشام فهذه الدنيا لن تأخذ مني إلا ما قُدر لها أن تأخذه ، وثقتي كبيرة بالله فكن بخير وأنا أيضًا سأكون كذلك.

أحمد الرشيدي
16-05-2009, 02:37 AM
هناك أمور قد لا تجرؤ على البوح بها إلا لنفسك ، إلا أنّك قد تضطرّ أحيانًا إلى البوح بها .

و تضطرّ هذه تحتاج إلى نافذة خاصة لطالما وجدت نفسي فيها .

و النافذة هذه يبدو أنّها قد أوصدت الأبواب في وجه السؤال .

و السؤال ما زال يضرم النّار هناك .

وإلى هناك تدفعني محارتي دفعا بسياط الشوق .

و الشوق يرفض الإصغاء لقواعد المنطق .

والعقل يتضامن مع المنطق ويريد تفسيرًا معقولًا لكل السهام التي أطلقت ذات ألم.

و الألم لم يعد يأبه لوجعي .

و وجعي أيها البحر كبير.

ألا ليْت القلب يطيع العقل فيك .

طاب لي المقام هنا بعد أن تفيأت هذه الرياض النضرة ، ممعنا فكري في ظاهرها وباطنها المفضي بي نحو آفاق رحبة وفي معيته المشاعر تسابقه وتلاحقه ...

قلب وقلم من ذهب .

دمت بخير

راضي الضميري
16-05-2009, 01:12 PM
طاب لي المقام هنا بعد أن تفيأت هذه الرياض النضرة ، ممعنا فكري في ظاهرها وباطنها المفضي بي نحو آفاق رحبة وفي معيته المشاعر تسابقه وتلاحقه ...
قلب وقلم من ذهب .
دمت بخير
أما الظاهر من حرفي فهو بعض عتاب لحبيب يعلم كل ما أقول ، وبعلمه أقول ويعجبه ما أقول .

وأما الباطن منه فهو دليلي على ما أقول فقلبي يحب قلبه وقلبه يحب حرفي ، وما بين المشرق والمغرب نثرت في الفضاء رسائل شوقي وحبي بعفاف وطهر وكان الله شاهدي على ما أقول.

وما بين السطور لا نقول إلا ما يرضي ربنا ونتعوذ من الشيطان الرجيم من قول ما يغضب الرحمن الرحيم ، فالدنيا وكل ما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة وسنسأل يوما عن كل ما نقول ، ومن أجل ذلك ابتعدنا عن كل قول يشوه تاريخنا ويسيء إلى حاضرنا ، لأن الزجاج شقيق الزجاج ، وأكرمنا عند الله أتقانا ، فلا نتعرض للآخرين ولا نفرض أنفسنا عليهم ولا نتطفل عليهم ، لأن الحساب يوم الحساب عسير ، وإنما المؤمنون إخوة ، فلا نأكل لحم إخوتنا وأخواتنا في الدين لا ميتا ولا حيّا ومن أجل ذلك كنّا مع الوضوح في المعنى والمغزى وجهين لعلمة واحدة ظاهرها الصفاء وباطنها النقاء .

أسعدني مرورك الكريم أيها الأديب النبيل.

لا عدمتك.

كن بخير .

أحمد الرشيدي
16-05-2009, 10:16 PM
أما الظاهر من حرفي فهو بعض عتاب لحبيب يعلم كل ما أقول ، وبعلمه أقول ويعجبه ما أقول .

وأما الباطن منه فهو دليلي على ما أقول فقلبي يحب قلبه وقلبه يحب حرفي ، وما بين المشرق والمغرب نثرت في الفضاء رسائل شوقي وحبي بعفاف وطهر وكان الله شاهدي على ما أقول.

وما بين السطور لا نقول إلا ما يرضي ربنا ونتعوذ من الشيطان الرجيم من قول ما يغضب الرحمن الرحيم ، فالدنيا وكل ما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة وسنسأل يوما عن كل ما نقول ، ومن أجل ذلك ابتعدنا عن كل قول يشوه تاريخنا ويسيء إلى حاضرنا ، لأن الزجاج شقيق الزجاج ، وأكرمنا عند الله أتقانا ، فلا نتعرض للآخرين ولا نفرض أنفسنا عليهم ولا نتطفل عليهم ، لأن الحساب يوم الحساب عسير ، وإنما المؤمنون إخوة ، فلا نأكل لحم إخوتنا وأخواتنا في الدين لا ميتا ولا حيّا ومن أجل ذلك كنّا مع الوضوح في المعنى والمغزى وجهين لعلمة واحدة ظاهرها الصفاء وباطنها النقاء .

أسعدني مرورك الكريم أيها الأديب النبيل.

لا عدمتك.

كن بخير .

أسمعتني منك حروفا أفضت بي إلى واد سحيق جعلت ظن أخيك يتخبط فيه ، وكان اللائق بمن مثلك أن يحسن الظن بضيوف صفحاته ، أقسم بالله لقد كنت فيما كتبت حسن القصد وما أردت بالظاهر سوى الحروف وبالباطن سوى المعاني لا أكثر ، عنيت اللفظ ومعناه الذي يؤديه في اللغة ، ويا ويلنا - يا أخي - إن كنا كلما كتبنا حرفا لحواء ظن بنا الآخرون أنا ندعو إلى الرذيلة والانحطاط والتعري والفجور ؟!

على رسلك - أخي الحبيب - فوالله ما قرأت لك إلا الجمال في طياته الطهر المصفى ، ولستُ ممن يغمز ويلمز - حاشاك أن تظن بي هذا الظن - ولو كنتُ كذلك لما كتبتُ هذه الحروف التي بين يديك الكريمتين ، أين ذهبت بي - غفر الله لك - ؟

أيها الحبيب

أراك تقلنني درسا في ردك ووالله لقد درست حتى شبت ، فارفق بي رفق الله بك . وإن كنتَ ترى أني ممن تصف ، فإني أسأل الله أن ينفعني بقولك ويجعل عاقبتي من بعده في ميزان حسناتك ، فوالله لقد قرأتها وأنا أقر بأنه الحق الذي لا يتنكب عنه إلا من عدم حسن التربية في شرع الله وأخلاق العرب .

لك الحب خالصا من صميم القلب بين يديه دعاء بحفظ الله ويقفوه شكر من بعده توقير .

راضي الضميري
17-05-2009, 10:06 AM
أسمعتني منك حروفا أفضت بي إلى واد سحيق جعلت ظن أخيك يتخبط فيه ، وكان اللائق بمن مثلك أن يحسن الظن بضيوف صفحاته ، أقسم بالله لقد كنت فيما كتبت حسن القصد وما أردت بالظاهر سوى الحروف وبالباطن سوى المعاني لا أكثر ، عنيت اللفظ ومعناه الذي يؤديه في اللغة ، ويا ويلنا - يا أخي - إن كنا كلما كتبنا حرفا لحواء ظن بنا الآخرون أنا ندعو إلى الرذيلة والانحطاط والتعري والفجور ؟!
على رسلك - أخي الحبيب - فوالله ما قرأت لك إلا الجمال في طياته الطهر المصفى ، ولستُ ممن يغمز ويلمز - حاشاك أن تظن بي هذا الظن - ولو كنتُ كذلك لما كتبتُ هذه الحروف التي بين يديك الكريمتين ، أين ذهبت بي - غفر الله لك - ؟
أيها الحبيب
أراك تقلنني درسا في ردك ووالله لقد درست حتى شبت ، فارفق بي رفق الله بك . وإن كنتَ ترى أني ممن تصف ، فإني أسأل الله أن ينفعني بقولك ويجعل عاقبتي من بعده في ميزان حسناتك ، فوالله لقد قرأتها وأنا أقر بأنه الحق الذي لا يتنكب عنه إلا من عدم حسن التربية في شرع الله وأخلاق العرب .
لك الحب خالصا من صميم القلب بين يديه دعاء بحفظ الله ويقفوه شكر من بعده توقير .
قد ذهبت بعيدًا في تأويلك ، وابتعدت كثيرًا عن الهدف المراد من كلامي الذي ظننت فيه ما لم يكن فيه ، وقد قلنا وخير القول ما أغناك جده ، وعبر بلسانه عن مكنونات فكره ، وليس من طبعنا المزح والهزل ولا نفتح بابًا إلا وقد وأكرمنا وافده ، فطاب له المقام بين الجفون وقدمنا له ما يرضيه وما يسعده.
وظنّك هذا ليس في مكانه ، ومثلي والله يعرف ما يليق به وما يليق بغيره ، فو الذي نفسي بيده ما وضعت حرفًا في واحتي إلا وقد سألت نفسي ماذا سأقول في غدي عندما ألقى ربي ، فأعد له الجواب وأطمع بما عنده من عفو وغفران ، وما أوّلته من معنى ليس له في عقلي مكان ، فقد تكلمت أنتَ عن الباطن والظاهر في مبناه ومعناه ، وأنا أوضحت وبيّنت فلسفتي ورؤيتي فيمن أحبّ وكيف أنظر إليه ، وخير الحب ما كان طاهرًا عفيفا ولي حقّ البيان ما كان مطابقًا لوصفك الفتان ، فالحبّ بحر لا شاطئ يحده ولا يوجد معنى يوفيه حقّه ، قلت فأوجزت ورددت عليك واختصرت ، ولا علاقة لهذا الكلام بالفجور والرذيلة ولا بحواء ولست معنيًا به لا من قريب ولا من بعيد ، فأنت عنيت اللفظ والمعنى ولم تتطرق لغيره ، ونحن لم نؤول كلامك على غير ذلك .
والغمز واللمز حذرنا منه الكريم سبحانه وخوفنا وتوعدنا من الخوض فيه ، وهذا ما يجعلنا نبتعد عنه بأبعد مما تتخيّل ، فمن شيمنا الصدق والفضيلة ، ورأس المال عندي خير من الربح الذي يعقبه الندم عند الجليل المقتدر سبحانه ، فهمنا ووعينا ذلك وصنّا النفس واللسان مخافة الوقوع في المهالك ، وما ظننا بك إلا خيرا . وشرع الله نحفظه بشقيه كتابه وسنته ، فلا نقول إلا ما يرضيه سبحانه ، ونصلي الخمس في الجماعة ملبين النداء سمعًا وطاعة ونحن على أهبة الرحيل في أية لحظة ، والله الذي لا إله غيره أني لأرى الموت مقيمًا بين جفوني و ما وضعت رأسي على وسادة إلا وقرأت ما أظنّه ينجيني في حال الرحيل الأخير ، وما ظننت أنّ النهار سيطلع إلا بمنّه وكرمه وفضله عليّ ، فلا تحمل الأمور أكثر مما لا تحتمل ، فهذا يشغل البال والكلام فيه يزيد ولا ينقص ، وأنت وأنا بغنى عن كل ذلك ، جئتنا ضيفًا عزيزًا فأكرمناك وودعناك بما يليق بك كأخ كريم وأديب نبيل ، وحاشا لله أنْ نظن بك سوءً أو نطعن فيك بما ليس فيك .
وكنت قد كتبت في الرسائل - بريد قلوب واحتنا - ما يفيد بذلك ، بعد أنْ عقدنا العزم على فتح قنوات الأخوة والمحبة ، ولم أكن قد قرأت بعد ما جاد به قلمك هنا ، ولم أكن أتخيّل أنْ يصل الظن إلى هذا المدى البعيد عن الواقع ، ولو فتحت أنا باب التأويل لكنت أولى منك بهذا الظن ، فقد أيقظت نصوصًا نامت سنيينا وشهورا في بطن النثر وكان لها مغزى واضحًا غير أنّنا اعتمدنا حسن النية وإنما الأعمال بالنيات ، فلم نلتفت إليها إلا بما يرفع من قيمتها ، حكمنا بذلك خلقنا ، وأوثقنا شدّة إيماننا بربنا ، وهو المطّلع على كل حال ولأنّ بعض الظن إثم ، أما وقد قرأنا ما قرأنا ههنا ، فهذا لا يغيّر شيئًا مما عزمنا عليه في الرسائل ، فالنية انعقدت على ذلك ولا نغيّر ما عقدنا العزم عليه إلا بدليل راجح ، ولعلك تعذر ضعف أبجديتنا ، فصاحبك درس التاريخ طوعًا وحبا في العلم والأدب و ترك القراءة منذ عقدين وما تراه الآن ما هو إلا من بعض قصاصات ورق من هنا وهناك وجلّها من تلك الوريقات التي تتساقط من التقويم السنوي لتذكّرنا بأعمارنا الذاهبة إلى يوم آتٍ لا ريب فيه كي لا نغفل ولا ننام ، وفيها بعض الكلام الجميل والحكم السديدة تمدّنا بالمتعة والفائدة ، فواقع الحال يشغلنا عن متابعة القراءة لأهل العلم والبلاغة ، ونقرأ ونستفيد أحيانًا مما ينثر في واحتنا من شعر ونثر فجزاهم الله عنا خير الجزاء ، ولم أدّع يومًا أنّي أديب أريب أو عالم جليل بل تلميذ مبتدئ ما زال يحبو ويرجو من الله ويدعو " اللهم إني أسألك علمًا نافعا وقلبًا خاشعًا ويقينًا صادقا ودعاءً مستجاب " ويتعلم من واحته ما لم يره في غيرها ، ونحن نعرف علمك وأدبك ونقدره ونقرأه غالبًا فجزاك الله عنا خير الجزاء.
أخي الحبيب
هذا المتصفح المتواضع افتتحته خصيصًا لأنثر فيه خربشاتي وأقول فيه بحريتي ، وفيه أخطاءً إملائية وصدق يعبر عن واقع الحال ، وما كنت أريد له أنْ يتحول إلى هذا الحال وما نحن بصدده الآن ، وقد تأخّرت كثيرًا عن إدراج بعض نصوصي فيه ، فطب نفسًا وثق أنّ الكريم إذا وعد لم يخلف ، ولا نريد أنْ نشغل بالنا في أمور الكلام فيها يحتمل التأويل ويحتاج إلى دليل ، فدع الخلق للخالق ، ونعتبر ما جرى كأنّه لم يكن ولك بمثل ما دعوت لنا وأكثر . ونزيد فنقول اللهم بارك في علمه وأدبه وزد في عمره وأحسن ختامه وجنبه كل مكروه .
ونؤمن على ذلك فنقول من القلب آمين.
تقديري واحترامي

يسرى علي آل فنه
18-05-2009, 01:11 AM
أخي الراقي راضي الضميري
لو أن للقلوب رائحة لكان أجملها رائحة قلب محب عفيف ولو كان للحرف نور
وتوهج لكان أشده توهجاً حرف مداده ومداه الحزن فما من شعور يوثق
علاقته بالروح الشفيفة كالحزن
أيها الأديب
حزنك حب وحياتك حبور وحرفك لغة
دمت كإسمك
سأتابع سطورك بفرح بالتأكيد لجمال البلاغة

راضي الضميري
18-05-2009, 04:34 PM
أخي الراقي راضي الضميري
لو أن للقلوب رائحة لكان أجملها رائحة قلب محب عفيف ولو كان للحرف نور
وتوهج لكان أشده توهجاً حرف مداده ومداه الحزن فما من شعور يوثق
علاقته بالروح الشفيفة كالحزن
أيها الأديب
حزنك حب وحياتك حبور وحرفك لغة
دمت كإسمك
سأتابع سطورك بفرح بالتأكيد لجمال البلاغة

وهذا شرف كبير لي أختي الفاضلة ، يعلم الله مدى سعادتنا حين تشرفينا وتضيئين متصفحنا المتواضع بكلماتك الراقية وأدبك النقي.

وما الحزن أختي الطيبة إلا نتاج التزامنا بمنهج واضح لا نحيد عنه ولا نقبل بغيره بديلا ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وله في كل شأن حكمة بالغة وحتّى لو لم تدرك مغزاها عقولنا القاصرة ، إلا أننا نفوض أمرنا إليه ونقبل بكل حب ورضا بقضائه وقدره .


بارك الله فيك

تقديري واحترامي

راضي الضميري
21-05-2009, 12:49 AM
وحين تُقبل وتُدبر أرى لها أثر الفراشة في قلبي ، كم سألت نفسي هذا السؤال : أما آن لها أنْ تحترق بناري ؟

صدّقت علماء الطبيعة وكذبت الرؤى في أحلامي وكوابيسي ، فلمَ لا تحترق بناري ؟ أعدت السؤال مرارًا ، الفراشات تحترق بالنّار فلمَ أحترق أنا وتنجو هي غير عابئة باحتضاري ؟ ثمّ كذبت علماء الطبيعة وصدّقت كوابيسي فرحل عني السؤالِ .

أعوام من القحط يسيّرها المستحيل ومعجزة على أمل البقاء والعيش تحت كنف الحلم الملتجئ إلى أحضان التمنّي ؛ لا الماء ماء والظمأ استفحل في شرايين الرغبة في الأمنيات ، والقحط أرضي الكبيرة وفضائي يئن من غياب الضوء ولا أثر لتلك الفراشة العنيدة .

لي أربعون حولاً ونيفا فوق هذا الكوكب الأرضي أدور كما الطاحونة في الهواء يجرفني عشقي إلى قعر الجفاف تمامًا ؛ ومن فوقي يقبعُ خط الاستواء منتشيًا برحيل المطر عن زوايا الحلم ، كما الطبيعة أنتِ لا ترغبين إلا بفرض رؤاكِ على ظنون الكواكب لتقنعيها أنّكِ تأبهين ولا تأبه هي لموت عابر سبيل أخطأ في حساباته الفلكية ، ولتقنعيه أنّ برج النحس ولد معه ، صدّقت كل ذلك ولم أستفق إلا عندما رأيت نفسي معلقًا بين أهداب فراشة تلوّح به في الهواء كيف تشاء .

يحتفل الدجى برحيلي وانضمامي إلى عائلة الغسق ، وما بين أضلعي يشتد الحنين إلى النور بين عينيك ، لمَ كذبتِ على النجوم حين قلت لها أنّي أجيد العشق وأنّك مثلي تودين لو أنّ الربيع يظهر لامتشقت أظافرك وزرعت الأرض زهورا؟ أتعلمين ؛ ما زلت أعد الخدوش التي تركتها بعد رحيلك بين عيوني وقلبي ، فلكل خدش حكاية ؛ يحكي أولها عن سذاجة الحمل عندما وضع أذنيه ليوشوش له الذئب عن قصة ليلى وكعكتها ، وآخرها ما زال مفتوحًا على كل الاحتمالات ، سأنتظر إذن مع كوكب النحس لأرى أي خاتمة ستكتبين لها تلك المقدمة التي تبدأ بآسفة وتنتهي بلم أقصد أنْ يعم كل هذا الظلام في قلبي وعقلك .

ما بين الضباب وبقعة ضوئي أراك قادمة من بعيد تلبسين ثوبًا أبيضا ، وتلتحفين بالزهور ، وتضيئين بكل ألوان القزح وتزيحين كل الظلام من حولي ، وفي كل مرّة أصحو على صوت الرعود لأجدني في فصل الخريف كورقة مصفرّة سقطت من أبعد كوكب لم أعرف له اسما ، ولا أثر لأي فراشة ما بين كل تلك المسافات ، هو فقط برجي وكوكب النحس ، صدقتِ ، فللأنثى حدس لا يخطئ في الحسابات، هو كوكبي وبرجي وعدالتك فقط .

غير أنّي أحبّكِ ؛ لعلّك لا تعلمين أنّ لي في يقيني ثباتًا مع العهد والوفاء ، ولأنّي أعرفكِ سأروي حكايتي بحروف غامضة أصدق ما فيها أنّك لست كما أنتِ ولست كما تدعين ، وأنّكِ أجمل ما في هذا الكون وقلبك الجميل يمتلئ بكل أنواع النقاء والصفاء والطيب ، فكوني كما أنتِ واخلعي من عقلك تلك الذكريات وأطلقي سراح قلبك ليرى الشمس والربيع ، كوني كما أنتِ وارجعي إليكِ ، فما عاد الصبر يطيق رائحة الشواء في عظامي ، عودي يا فراشتي واحرقيني بنار شوقك كما تريدين .

أحبّكِ ؛ و أعلمُ أنّكِ تعلمين .

منى الخالدي
21-05-2009, 01:53 AM
مواسم الصمتِ والرحيل..
عنوانٌ بليغ، مؤلم، ويدعو الى الصمت أعواماً
فأمام هذا السيل الكبير من الوجع، لا بدّ لنا من وقفة
وسؤال يكررُ نفسه..
متى ينتهي وجعك؟
ومتى نقرأ لكَ، نصّاً فيه خيطٌ من الأمل يدعو الى القول
أن هنالك أملٌ أن نعشقَ دون أن نُطعن..!

تحيتي لك أيها الحزين..

راضي الضميري
22-05-2009, 09:59 AM
مواسم الصمتِ والرحيل..
عنوانٌ بليغ، مؤلم، ويدعو الى الصمت أعواماً
فأمام هذا السيل الكبير من الوجع، لا بدّ لنا من وقفة
وسؤال يكررُ نفسه..
متى ينتهي وجعك؟
ومتى نقرأ لكَ، نصّاً فيه خيطٌ من الأمل يدعو الى القول
أن هنالك أملٌ أن نعشقَ دون أن نُطعن..!

تحيتي لك أيها الحزين..

وأجمل الوقفات ما كانت بين الأطلال وتلك الذكريات التي سكنت في عمق الروح .

ليس كل ما يكتب يحمل بصمة حزن ، إنّما هي ذكريات تحمل أكثر من معنى ولكل معنى ظرف خاص به وتفسير خاص أيضا .

لكِ الشكر كله أديبتنا الراقية منى الخالدي

تقديري

شريفة العلوي
22-05-2009, 01:56 PM
أخي المبدع المتميز راضي الضميري
إذا كان الصمت بمواسمه وفصوله يصنع هكذا رؤى فماذا نسمي الكلام ؟
أجزم بأن الصمت هنا كان حكمة تغمس اصابعها في حناء البيان وكان من البديهي جدا ان ترصع الكلمات جبين الصبح .
دمت بكل خير.

راضي الضميري
26-05-2009, 12:54 PM
أخي المبدع المتميز راضي الضميري
إذا كان الصمت بمواسمه وفصوله يصنع هكذا رؤى فماذا نسمي الكلام ؟
أجزم بأن الصمت هنا كان حكمة تغمس اصابعها في حناء البيان وكان من البديهي جدا ان ترصع الكلمات جبين الصبح .
دمت بكل خير.

الأخت العزيزة الفاضلة الأديبة شريفة العلوي

للصمت لغة لا يفهمها إلا الكبار من أمثالك .

وللصباح موعد لن نخلفه ، فقد قلنا الكثير وما بقى من الرحلة إلا القليل ، كأنّه وداع هذا الصمت ؛ بل هو كذلك.

كوني بخير

د. سمير العمري
26-05-2009, 06:42 PM
شاء لي حظي السعيد أن ألج هذه الدوحة المزهرة من الواحة لأجدها من أجملها ومن أنقاها وأرقاها وأحلاها.

ما شاء الله تبارك ربي!

عجيت والله كيف تبز لكلمة المنثورة الشاعرة الكلمة المنظومة الناثرة. لقد رأيتك هنا تكتب النثر بأسلوب أدبي رائع يمكن تطويره لكون أسلوبا خاصا بأديب كبير في النثر.

أعدك أن أعود وأن أزيد وأستزيد.


تحياتي

راضي الضميري
30-05-2009, 07:24 PM
شاء لي حظي السعيد أن ألج هذه الدوحة المزهرة من الواحة لأجدها من أجملها ومن أنقاها وأرقاها وأحلاها.
ما شاء الله تبارك ربي!
عجيت والله كيف تبز لكلمة المنثورة الشاعرة الكلمة المنظومة الناثرة. لقد رأيتك هنا تكتب النثر بأسلوب أدبي رائع يمكن تطويره لكون أسلوبا خاصا بأديب كبير في النثر.
أعدك أن أعود وأن أزيد وأستزيد.
تحياتي
أستاذي الكبير د سمير

وشهادتك هذه أعتز بها والله ، ونحن في واحة الخير ما زلنا نتعلم فيها ولها فضل كبير علينا.

ومرورك الكريم أسعدنا وملاحظاتك القيمة لا غنى لنا عنها.

باركم الله فيك أستاذي الغالي .

تقديري احترامي

راضي الضميري
10-02-2010, 03:10 PM
وعليكِ السّلام .
كل يوم أجلس بعد منتصف الليل تمامًا وكلّي رغبة في الكلام وبأيّ لغة كانت، حين يكون القمر في أحلى صورة له ؛ بدرًا يضيء مثل وجهك الملائكي ، فيمدّني بطاقة لا قِبلَ لي على تحمّلها ، تحيل أجهزة البوح لديّ إلى آلات معطّلة، بفعل انعدام توازن مشاعري وعدم قدرتي على التماسك، فيشطّ بيَ الجنون عاليا رغبة مني في الوصول إليك فلا أستطيع ... فأبدأ بالتخبط يمينا وشمالا ، شرقًا وغربا، محاولًا إخراج كلّ ما في جعبتي دفعة واحدة، غير أنّي أعجز عن النطق، ويلجم لساني، ويفقد سرعته المعتادة على البوح، فأبدأ بالهمس والوشوشة إليه بحروف مكسّرة ملتاعة، علّه يوصلها إليكِ مع نسمات هواء ليلٍ عليلٍ أصابته عدوى الأرق والهموم مثلي.

لك فقط ؛ سأوشوش الآن بحروف لطالما عانت في معتقلات الألم ، وأقبية الغياب، سأحاول أنْ أبوح لك بما تيسر لي من قوّة تمكنني من أنْ أقول لك : يا ابنة النيل النبيل ؛ هذا الليل الطويل يمزّقني قطعا، ويفترسني مثل ذئب امتشق كل شهواته ليبلعني وحدي من دون كلّ الخلائق وحيدًا، ما أصعب الموت غرقا في حبّك ! وحيدًا من دون أنيس . هذا الليل يا صديقة عمري قد أصبح رفيقي من غير دليل يقودني إلى نهار، يشبعني حكمًا ونصائحا عن جدوى الانتظار، فأنتظر ؛ يا لمرارة الانتظار ! ويمتصّ الحرمان دمي ويرتشفني قطرة قطرة ؛ ولا أمل يظهر في أفق السماء ليدلّني عليك، يا ليت أنّي اعتبرت من انطونيو هذا حين بلغه عن كليوباترا ما يكره، غير أنّ حُسن الظنّ في الهوى يخدع أحيانًا أدهى الرجال، وغير أنّك بريئة من ذنبي ؛ فأنا لا أصدّق كلّ ما دوّنه التاريخ ، فالتاريخ أحيانًا عندما يكتبه المنتصرون يدوّنون فيه ما كلّ يحلو لهم، والمهزوم مثلي عليه أنْ لا يؤمن إلّا بلغة الحقائق ولو كانت على حساب جراحاته وبؤس معاناته، فالحقّ أحقّ أنْ يتّبع، بريئة أنت من دمي المهدور على صفحات الدنيا حتّى ولو تعاضد كلّ كتبة الأقلام على تشبيهك بنساء مضين لحالهن من سالف الأيام وتركن من خلفهن ذكريات تشبه في تفاصيلها حكايات ديدمونة ، بريئة أنت حتّى يثبت العكس وبدليل، ولن يثبت ؛ لأنّ من هنّ مثلك لا سبيل لأحد ليقول فيهن غير كلمة حقّ، وأنت بريئة وأنا أشهد على ذلك .

تحجزني التقوى عن ذكر اسمك، احترامًا لعقلك وقلبك الكبير ؛ ولأنّ لك في أعماق التاريخ ما يشفع لكِ عندي، فمن هنّ في مثل طهرك وجمال خلقك عملة نادرة في هذه الأيام . غير أنّي أعذرك حين تنامين عن وجعي ولا تعيرين قلبي أيّ اهتمام ، فغدر الأيام لا ينسى حين يحلّ في ساحات الحرائر من النساء اللواتي قد يهيأ لهن أنّ القلب حين يحبّ يستحيل أنْ يتقمّص غير صورته الحقيقية، فالذئاب لا تأبه عادة حين تعتمد على فطرتها وتقرّر الافتراس أيّ ثوب ترتدي . هكذا تتحطم مشاريع آمالي عندما لا يترك أبناء الحرام مجالًا لحسن النوايا في قلوب دفعت ثمنًا باهظا من زهرة أيامها، وعلى أقساط لم تنس تسجيل فوائدها فسلبت أحلى أيام العمر . والعمر يابنة النيل قصير جدًا، وحبل السعادة ربما يكون مختبئًا في مكان ما، و قد يبدو أحيانًا كحيّة لئيمة ، فالمقروص يُعذر إذْ يخيّل إليه أنّ كل الحبال كالحيايا ولا يفرق بين هذا وذاك.

أتعلمين من أنت بالنسبة لي ؟ ليتك تعلمين كم أغار من القمر حين يتبدّى كأنّه مثلك، ويراه معيَ كل النّاس، لو أستطيع لحجبته عن الكون كلّه، لكن يعزّ عليّ أنْ أكون ساديا، فأحرم منه الخلائق ، فهذا يخالف فطرتي، هلّا قلت له أنْ لا يعتدي عليّ فيظهر في صورته كأنّه أنت ؟ فأنا لا أحتاج لصورته بعد أنْ حفرتك في قلبي.

أريد مزيدًا من الوقت لأحبّكِ أكثر، ففي غيابك تتفنّن الثواني في التقلّب لتقتلني من دون رحمة، وفي حضور ذكراك- حين ينام الجميع - تهرول الساعات بسرعة الضوء تاركة إيّاي أضرب أخماسًا في أسداس، ماذا يفعل العطشى حين لا يرتوون من ماء يأملون منه ترميم تشقّقات خلّفها الجفاف في المآقي حتّى في الذكريات؟

ها قد بدأت الوشوشات تنساب من بين أضلعي بهدوء غريب، رغم أنف لهيب البخار الذي يحرقني الآن، وعليّ أنْ أركّز قليلًا فيما أريد أنْ أقوله لكِ، فالوقت لا يسعفني، وقلبي يلحّ عليّ لأقول لك كلّ ما أريده في جملة واحدة وقبل فوات الأوان، فهيّا احملي قلمك ودوّني ما سأقوله لك الآن ؛ أحبّك فقط يا صديقتي وعليكِ السّلام.

فاطمه عبد القادر
11-02-2010, 04:05 AM
والعمر يابنة النيل قصير جدًا، وحبل السعادة ربما يكون مختبئًا في مكان ما، و قد يبدو أحيانًا كحيّة لئيمة ، فالمقروص يُعذر إذْ يخيّل إليه أنّ كل الحبال كالحيايا ولا يفرق بين هذا وذاك.



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل جدا هذا البوح
مع أنك تشكو أن أجهزة البوح لديك قد تستحيل لآلات معطلة عندما ترى وجه البدر المنير كما وجهها
لكنني أرى أن بوحك هادئ ساحر ينافس هدوء ضوء البدر وسحره في ليلة صيف

أتعلمين من أنت بالنسبة لي ؟ ليتك تعلمين كم أغار من القمر حين يتبدّى كأنّه مثلك، ويراه معيَ كل النّاس، لو أستطيع لحجبته عن الكون كلّه، لكن يعزّ عليّ أنْ أكون ساديا، فأحرم منه الخلائق ، فهذا يخالف فطرتي، هلّا قلت له أنْ لا يعتدي عليّ فيظهر في صورته كأنّه أنت ؟ فأنا لا أحتاج لصورته بعد أنْ حفرتك في قلبي.


كم هي عميقة أفكارك ,,ورائعة تعابيرك أيها الأخ العزيز راضي
إنها أشعار حقيقية نابعة من قلب شفاف
والقلوب الشفافة هي الوحيدة القادرة على رؤية القمر والنجوم وهي تغتسل في البحيرات ,بصمت ساحر ,,
وهي الوحيدة التي تكسبك قوة عجيبة على إدراك كنهها ,,وتحويل جمالها لكلمات أجمل

أما بالنسبة لحبل السعادة,, والذي يخيل للمقروص أنه حية
فانا شبه متأكدة أنه غير موجود
وفي اللحظة نفسها التي تظن أنك أمسكت بطرفه يتحول إلى حية ,,فإياك أن تطمئن له فتضعه في طيات ثوبك ,,لأن قرصته ساعتها ستكون رهيبة

أرجو أن لا تصدقني كثيرا ,,,فلحظات السعادة لا تعوّض,,إبحث عنها ,,اتمنى أن تجدها وتعيشها
وأن يجعلها الله من نصيبك طول الحياة
كن بألف خير أخي
أشكر لك هذا الجمال المتدفق من قلمك الرائع
ماسة

راضي الضميري
19-02-2010, 07:23 PM
والعمر يابنة النيل قصير جدًا، وحبل السعادة ربما يكون مختبئًا في مكان ما، و قد يبدو أحيانًا كحيّة لئيمة ، فالمقروص يُعذر إذْ يخيّل إليه أنّ كل الحبال كالحيايا ولا يفرق بين هذا وذاك.



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل جدا هذا البوح
مع أنك تشكو أن أجهزة البوح لديك قد تستحيل لآلات معطلة عندما ترى وجه البدر المنير كما وجهها
لكنني أرى أن بوحك هادئ ساحر ينافس هدوء ضوء البدر وسحره في ليلة صيف

أتعلمين من أنت بالنسبة لي ؟ ليتك تعلمين كم أغار من القمر حين يتبدّى كأنّه مثلك، ويراه معيَ كل النّاس، لو أستطيع لحجبته عن الكون كلّه، لكن يعزّ عليّ أنْ أكون ساديا، فأحرم منه الخلائق ، فهذا يخالف فطرتي، هلّا قلت له أنْ لا يعتدي عليّ فيظهر في صورته كأنّه أنت ؟ فأنا لا أحتاج لصورته بعد أنْ حفرتك في قلبي.


كم هي عميقة أفكارك ,,ورائعة تعابيرك أيها الأخ العزيز راضي
إنها أشعار حقيقية نابعة من قلب شفاف
والقلوب الشفافة هي الوحيدة القادرة على رؤية القمر والنجوم وهي تغتسل في البحيرات ,بصمت ساحر ,,
وهي الوحيدة التي تكسبك قوة عجيبة على إدراك كنهها ,,وتحويل جمالها لكلمات أجمل

أما بالنسبة لحبل السعادة,, والذي يخيل للمقروص أنه حية
فانا شبه متأكدة أنه غير موجود
وفي اللحظة نفسها التي تظن أنك أمسكت بطرفه يتحول إلى حية ,,فإياك أن تطمئن له فتضعه في طيات ثوبك ,,لأن قرصته ساعتها ستكون رهيبة

أرجو أن لا تصدقني كثيرا ,,,فلحظات السعادة لا تعوّض,,إبحث عنها ,,اتمنى أن تجدها وتعيشها
وأن يجعلها الله من نصيبك طول الحياة
كن بألف خير أخي
أشكر لك هذا الجمال المتدفق من قلمك الرائع
ماسة




تحللين حروفي بدقة وتغوصين في المعاني وتستخرجين ما أريد قوله.

مع أن أجهزة النطق لديّ لم تسمح بخروج كل ما أريد قوله ... لكن هذا حال الدنيا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ...

شكرًا لك أختي الفاضلة

ماسة حقيقية