مشاهدة النسخة كاملة : الاتجاه الخلقي في../حتى تكتمل الأجنحة/
معروف محمد آل جلول
08-05-2009, 07:04 PM
يبدو أن كلمات في قصيدة الشاعر محمد الأمين السعيدي ..//حتى تكتمل الأجنحة//..أثارت كثيرا من التساؤلات ..وسببت كلماتها المباشرة عن السكر ..الخمر ..النبيذ..تأويلات متعددة..وأقربها النفور ..
بادئا ..لاأعتقد أن اثنين يختلفان حول الجمال الفني للقصيدة ..إنما الحديث هنا عن المضمون..
ارتأيت أن أخصص لها موضوعا منفردا ليناقش جميع إخواننا الراغبين في المناقشة ..وتتضح أمور كثيرة ..ولما كنا قد لاحظنا التزاما في الواحة ..فقد تشجعنا للطرح ..دون حرج ..ودون المساس بالقصيدة ..ودون تجريح للشاعر ..تهمنا الحقيقة ..ولاغاية سواها..
وننتظر من الشاعر أن يقنعنا بتوجهه ..كما يقنعنا الآخرون برؤيتهم ..
هنا في البلادالتي لا تراني
تُعانقني الكأس والغانيهْ
يسيل نبيذ القول حين أثورُ والغانيهْ
تطوف بيَ الأشباح قبل استفاقتي
تُسائلني الأنهارُ عن سر سكرتي
أقول لها : إني ولدتُ وفي يدي
كروم جراح حلوةٍ وخمورُ
أنا في حضوري غائب لستُ أنجلي
لحيٍّ ولي وسْط الغياب حضورُ
نبدأ بما يسمى بالنقد الأخلاقي الذي يقوم على معيارية المثل والقيم ..وهذا النوع قديم منذ الإغريق حينما تناول فلاسفتها /النفع الخلقي/على يد أرسطو.. ثم انتشر في العصور الوسطى ..ثم العصر الحديث ..
// ولم يخل القرن التاسع عشر من ظهور أصوات نقدية سعت إلى المطالبة بأن يكون المقياس الحقيقي والوحيد للشعر والأدب عامة هو الأخلاق وما يبعثه هذا الأدب من حكمة وفضائل ويصوره من قيم وأخلاق فاضلة ..//1
// ....الاتجاه الأخلاقي في النقد .وهو اتجاه ربط النقد بوظيفة توجيهية غرضها توجيه الأدباء إلى طرق الفن الأدبي الصحيحة والقيم التي يتطلبها المجتمع من أدبائه وتهذيبهم بوصفهم رموز الحركة الفنية والأدبية والأخلاقية...//2
لقد حاول الشاعر أن يتناول فطرة بشرية تتمثل في غياب وحضور النفس ..بين الانطواء على الباطن ؛وسبر أغوار الذات المتمردة التي تغيب عن واقعها المألوف في عالم الغيب؛فيسجل لاوعي الحاضر المرئي..وفي الوقت ذاته يصاحبها الوعي الصارم لحقيقة الواقع ..
وحاول أن يتناص مع شعراء التصوف الذين يقطرون صبابة ؛ويهيمون شوقا في ملكوت الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ ..وينتشون بالتأمل في ما أعد الله للمؤمنين في الجنة ..فكان خمرهم هو هذه النشوة ..
لنسجل نسقا ثقافيا مضمرا عن هؤلاء ؛تمثل في السخرية من دعاة المجون ؛والاستهتار بالقيم ..أولئك المنشغلون بملذات الحياة ؛المهملون للآخرة ..الشاعر يفر إلى استكناه اللذة في باطنه ؛لكنه لايتخلص من الحضور في الدنيا بمادياتها الجسدية ؛ومحسوساتها الواقعية ....ففي غمرة الغياب هو حاضر ..
لكن ثمة خلل فني وقع فيه الشاعر ـ رغم حسن نيته ؛ورغم سيرته الشاهدة على علمه ونبل خلقه ـ ..هو غياب القرائن اللغوية التي تدل على أنه يقصد خمر الآخرة ..والمرء مطالب باجتناب الشبهات ..وهذا ينفر القارئ العادي لامحالة .إن الصورة المتلفزة؛وأشكال الاتصالات اللغوية والإشارية ؛وانتشار وسائل الإعلام ؛وتوسع دوائر التربية والتعليم في كنف العولمة ..كل هذا خطاب نسقي ..أسقط ما يسمى بالنخبة المثقفة ؛وأذابها في ما يسمى بـ /الوعي الجماهيري/ ..بمعنى أن مقروئية القصيدة الشعرية ليست مقصورة على النخبة ..والنخبة هنا أصلا ليس لها ما يرشدها إلى أن لذة الخمر مُحالة إلى الآخرة .....فما الذي يمنع العادي من قراءة القصيدة والتأثر بها ..ألا يحبب له هنا الخمر ؟؟
إن المتصوفة لما تداولوا سكرة الخمر / النبيذ/ ونشوته كانوا يسخرون من أهل الدنيا الذين عاثوا في الأرض فسادا ..وأحلوا الخمر ؛والحِرّ والحرير ..فكان انغماسهم في الحضرة الإلهية بالأحسان في العبادة ـ عبر القرآن والذكر ـ يولد في نفوسهم الشعور بالطمأنينة والسكينة ؛فينتشون وهم يفكرون في الآخرة ؟؛ويسبحون بمخيلاتهم بما أعد الله للمؤمنين من خيرات ..فيحلمون حلما مشروعا ..ويتجردون من الدنيا بكل معطياتها ..ويقولون للذائذها /موعدك الجنة/ ..ولم يفلح الشاعر في ذكر القرائن اللغوية الدالة ..
وقد صار ـ بهذا المفهوم ـ الماجن نقيض في سلوكاته للمتصوف ..لذا ظهر التصوف كرد فعل نقيض للماجن..
وفي كل الأحوال ..نتساءل عن موقع شاعرنا من هذا؟؟
لاأرى في النص ما يشير إلى هذا أو ذاك ..بل اختلط الغياب بالحضور ..الشعور باللا شعور ..والمساحة الوسطى بينهما هي حلم اليقظة..أنطوى على نفسه ؛وولج شعوره الباطن ؛وتوغل في العمق يسبر الأغوار ..فسكر بالخمر وثمل في الحلم ..لكن ديننا الحنيف حثنا على الإكثار من الذكر والاستغفار والتسبيح ؛والهروب إلى الله تعالى ؛والشعور برقابته الجليلة لنا ..حينما تنتابنا الهواجس الناجسة ؛وتستفرد بنا نفوسنا ؛وتحاول أن تفرض علينا أهواءها لتنعم بتلك اللذة الفانية ..
الصراع هنا بين الضمير والنفس ..
نفس تأمر بالسوء ..ضمير حي متقد / الأنا الأعلى / يفرض شروطه ؛يدير المعركة ؛ينتصر..ولذة المؤمن ليست في الخمر ؛ولا في الغراميات ..إنها في ما يحقق السمو الروحي ..والمؤمن مطالب هنا بالذات باجتناب الشبهات..
//...النابغة الجعدي أنشد النبي فلما بلغ قوله :
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ـ ـ وإنّا لنبغي فوق ذلك مظهرا
فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :/فأين المظهر يا أبا ليلى؟/.
قال النابغة الجعدي :/ الجنة /
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
قل إن شاء الله ..
فقد أحس الرسول أن الشاعر انزلق إلى فخر الجاهليين ؛فعاتبه : أين المظهر؟غير أن النابغة الجعدي وهو الشاعر المسلم كان هدفه الجنة ؛وحينذاك حدث التطابق بين الفكرتين :الفكرة الإسلاميةالتي تدعو الإنسان أن يسمو حتى يبلغ الجنة بأخلاق الإسلام وفضائله .وبين فكرة الشاعر التي تَمثّل فيها الفكرة الإسلامية ؛وآنذاك فقد رضي الرسول عن البيت بعد أن وجه الشاعر توجيها إسلاميا..//3.
الأمثلة عند الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والخلفاء الراشدين كثيرة جدا ..ونكتفي بهذا ..
ونأمل أن نكون قد أضأنا جانبا مهما من قصدية الشاعر ..حتى ولو لم يوفق في استحضار القرائن اللغوية الدالة ..المؤكِّدة ..
والمعذرة للشاعر بالدرجة الأولى ..الدافع هنا هو أنني صرحت بعودتي للقصيدة..
1ـ في النقد الأدبي :د/:شوقي ضيف ط7 القاهرةدار المعارف مصر..؛ص 46
2ـ النقد الأدبي الحديث ..قضاياه ومناهجه..د/ صالح هويدي..ص133
3ـ النقد الأدبي في العصر الإسلامي والأموي.. د/ ختير عبد ربي دار الغرب للنشر والتوزيع .ص53
د. سمير العمري
09-05-2009, 09:19 PM
الأخ المفكر الكريم والناقد الحصيف معروف:
قرأت ما تفضلت به هنا فكأني بك تنافح عن نهج الصوفية وألفاظ محمد الأمين في قصيدته هاته.
وللحق فإن أمرا كهذا ليستغرب من مفكر خلوق وصاحب منهج شرعي وخلقي راق وملتزم مثلك. وأما الصوفية فهي وباختصار أحد الفرق الضالة المضلة وهي وإن بدأت بمعان طيبة وتبتل مقبول إلا أنها وقعت في شرك التأويل والتبديل والتهويل حتى غدت كما ذكرت فرقة ضالة مضلة في كل ما تفعل وخصوصا في مرتكزها الذي تروج له "العشق الإلهي" ولا يوجد شيء اسمه العشق الإلهي بل الحب الإلهي ، ولفظة العشق في فقه اللغة لا تعبر إلا عن حالة محددة لا تكون إلا بين رجل وامرأة برغبة الفعل ذاك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وأمر الصوفية لس محل ردنا الآن فهو طويل ومتشعب لا مجال لتناوله هنا.
وأما موضوعنا فهو نص الشاعر الواعد بالكثير محمد الأمين سعيدي والذي انحرف اتجاه شعره منذ بعض حين نحوا أكدنا له بأنه يضر به وبشعره ونأمل أن يدرك أن ذلك إنتما هو من باب الحرص عليه وعلى موهبته التي نراها مميزة حقا وقابلة للتفوق الكبير.
نعود بالتحديد لما تناولته أنت هنا من نقد وتوضيح ومحاولة لمنح الألفاظ التي تكررت في هذه القصيدة بل وفي جل قصائده حتى باتت سمة غالبة ودالة بعدا صوفيا وطرح فلسفيا وهذا أمر بعيد عن الطح الحقيقي والظاهر لتوظيف المفردة والمعنى والبعد الكامن في هذا الرصد اللفظي الذي لا يدع حقيقة مجالا لتأويل بتكراره الكثير ليس هنا فحسب بل وفي قصائد كثيرة له كما أوضحنا ، وكذا بالاقتران الواضح الذي لا يرفع شبهة الولوغ في المعاني المرفوضة كما ألمحت متفضلا بل بقرائن تحكم وتجزم بالولوغ فيه.
هنا في البلادالتي لا تراني
تُعانقني الكأس والغانيهْ
يسيل نبيذ القول حين أثورُ والغانيهْ
انظر هنا لاقتران الكأس ، ولاحظ أنها الكأس والغانية وهو هنا ولقصور معرفته بمعاني اللفظ استخدم الغانية بالمعنى الشائع خطأ بأنها "الفاجرة" أو "العاهرة" وإنما معنى غانية عكس ذلك تماما فهي المرأة الشابة التي غنيت بزوج عفافا وكفافا ، وبهذا هو في كلا الأمرين يسوق الدليل على ما تحاول أنت أن تدحضه.
ثم انتبه إلى تكرار ذات الألفاظ في سطر تال ربما كنوع من التأكيد على ما يريد أن يقول ونراه تأكيدا على ما نقول أيضا. ولو تأملت نصه لوجدت مثل هذا من الأمر الكثير مما قد يوحي بأن محمد الأين ربما بات مقتنعا بوجهة نظر بعض من يروج للحداثة ولأشباهها من أن مثل هذه الألفاظ هي الشعر وهي الحداثة أقصد بها الألفاظ التي تنزلق في تلميحات فاحشة أو تصريحات خادشة.
ولعل السؤال الذي أتوقع ؛ وهل بات استعمال هذه اللفظة محرما ، وهل بات توظيف معناها محظورا في الشعر أو في غيره؟؟
أقول: لا.
ولكن هناك فرق كبير بين استعمال "كنه الخمر" "نكهة الخمر" هذا على الأقل ما أورده الله عالى في كتابه الكريم في الآية التي يعتمد عليها ادعاء الصوفية باللذة وما شابه تأويل خاطئ "وأنهار من خمر لذة للشاربين" وإنما قصد هنا كنه الخمر لا نكهته واللذة هنا أرادها المولى معبرة عن مفهوم المتلقي لا الملقي ذلك أنهم كانوا يرون في الخمر لذة وما هو إلا الثمل والسكر وفقدان الحس بكل شيء فيظن بفقدان الحس بالألم حينها بلوغ اللذة ، ثم هي لذة من الله حينها لا من الخمر ؛ فلا الخمر عنده هو الخمر ولا اللذة حينها هو الثمل والسكر وفقدان الحس بل هي لذة حقيقة يهبها الله ثوابا ، وما مل الأمر إلا تقريب لمعنى وتحفيز لترك المعاقرة لما اعتبره الشرع أم الخبائث.
إن توظيف الخمر يجب أن يكون منساقا مع المعنى المستقيم ومدركا للبعد الفقهي للغة والبعد الفقهي للشرع كي لا يحيد اللفظ عن الاتجاه الخلقي المقبول. والحقيقة لا أحسب شاعرا إلا وذكر أو وظف الخمر بألفاظه في شعره كل بما أراد بما لا يخفى ، وكنت شخصيا قد استعملت هذا في شعري في مواضع عدة ولكن أكتفي هنا بذكر مثالين متفاوتين لندرك أهمية مسألة التوظيف.
أقول في قصيدة الزمان المر (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=9589):
وَاسْتَمْرَأَتْ خَمْرَ الشُّجُونِ وَأَوْهَنَتْ
صَبْرَ الحَلِيـمِ وَأَوْهَـتِ الوِجْدَانَـا
هنا وظفت الخمر لمعناها الحقيقي في هذه الصورة المركبة التي جعلت الشجون كالخمر تفقد الحس والقدرة على الحكم وجاءت في سياق يوحي بنقد المعنى الذي للخمر هذا لا استحسانه
وأقول في أكثر قصائدي جرأة في الغزل وفي أكثر أبياتها جرأة في قصيدة قديمة كتبها الشباب وهي بعنوان صهوة الأحلام (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=4750):
قُلْتِ هَاتِ الكَأْسَ خَمْرًا قُلْـتُ كَـلا
إِنَّ كَأْسَ الخَمْرِ فِي عَيْنَيِـكِ أَحْلَـى
إِسْقِنِيْهَـا بِافْتِـرَارِ الثَّغْـرِ هَمْـسًـا
كُلَّمَـا أَثْمَلَـتِ القَـلْـبَ اسْتَـهَـلا
وَامْزِجِيْنَا فِي حُمَيَّـا الشَّـوْقِ إِنِّـي
لا أُبَالِـي أَيُّنَـا فِيْـنَـا اضْمَـحَـلا
هنا أيضا كان توظيفا مختلفا اهتم بتأثير الخمر المعنوي لا الحي أو لنقل اهتم بكنه الخمر لا نكهته ، وأوضح السياق الرفض التام للخمر في نكهته وكينونته واكتفى منه بالأثر المزعوم ، ويبدو من السياق أيضا الموقف الخلقي والشرعي منها.
وربما وأنت تركز على كثرة تكرار لفظة الخمر والقرائن التي تطرح التجاوز الخلقي في اللفظة غفلت عن معنى فيه فحش واضح وإن لبس ثوب التورية والكناية في قول الشاعر:
فتردّ الثمارُ:
هو من ضاجعَ الطينَ
أو أنزلَ الماءَ فارتعشَ الشجرُ
ولا أحسب أن أي تأويل هنا أو تفسير يشفع لمراهقة حرف الشاعر وخروجه عن الإطار الخلقي الذي نعرفه عنه ويعرفه الجميع عن الواحة ، ونأمل حقا أن يراجع شاعرنا نفسه مجددا ويعيد حساباته ليعرف إلى أي اتجاه يريد أن يمضي ونأمل حقا أن يعلم يقينا أننا نحمل له الود وننصحه من باب الحرص والثقة به والرهان على موهبته الكبيرة وفق المنهج الرشيد ، على الأقل هذا ما نأمل.
تحياتي
بندر الصاعدي
09-05-2009, 10:41 PM
قرأت ما تفضلتما به وإني لا أستفيض مثلكما لما لديكما من علم ورؤية نقدية , غير أني أعلم أنَّ اللفظ يحتمل معنيين حقيقة ومجازا والمعنى الحقيقي هو الأصل والمجازي هو المحمول بقرينة دالة على انصراف المعنى من الحقيقي إليه , فلا بأس إذا في استخدام هذه الألفاظ وشبيهاتها في نظري على شرط أن تمثل ثقافة مستخدمها غيرَ متنكرٍ لمدلولاتها , فالاستخدام الحقيقي لها لا يعيب في نظري إنما المعيب يحدد بمعرفة المقصد من وراء الاستخدام , وهذا يتضح بالنظر إلى سير القصيدة أو بثقافة الشاعر , ومن بعد ذلك يأتي دور الخلق ليقبل أو يرفض , أمَّا استخدام اللفظ مجازا ووضعه في مناط التأويل فهو في نظري ينقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم غير مقبول عقلا ولا لغة فلا حاجة للحديث عنه , وقسم مقبول عقلا وعرفًا مما يجعل تأويله لا يحتاج إلى كثير عناء وقسم مقبول عقلا مرفوض عرفًا وهذا هو الذي كثيرًا ما يسبب جدالا طويلا , ولا أخفيكم أنَّ مشكلتي مع الشعر المعاصر تكمن في استخدام المجاز بكثرة مفرطة وتمرير كثير من الصور والمعاني مع الظهور بحسن نية والبراءة من خلفيات هذه المجازيات والكنايات , لذا أفضل أن تناول الموضع بشكل أوسع لنتعرف من خلاله القيم النقدية الذوقية والأخلاقية لكل منا , فالقيم الذوقية تحدد تعاملنا مع المجاز والقيم الأخلاقية توجة ردة فعلنا لتداعيات هذا المجاز , ولعل ما عقبت به يضيف إلى النقاش بعدًا أخر مجديا ..
لكما تحيتي وتقديري
معروف محمد آل جلول
12-05-2009, 06:01 PM
الأخ المفكر الكريم والناقد الحصيف معروف:
قرأت ما تفضلت به هنا فكأني بك تنافح عن نهج الصوفية وألفاظ محمد الأمين في قصيدته هاته.
وللحق فإن أمرا كهذا ليستغرب من مفكر خلوق وصاحب منهج شرعي وخلقي راق وملتزم مثلك. وأما الصوفية فهي وباختصار أحد الفرق الضالة المضلة وهي وإن بدأت بمعان طيبة وتبتل مقبول إلا أنها وقعت في شرك التأويل والتبديل والتهويل حتى غدت كما ذكرت فرقة ضالة مضلة في كل ما تفعل وخصوصا في مرتكزها الذي تروج له "العشق الإلهي" ولا يوجد شيء اسمه العشق الإلهي بل الحب الإلهي ، ولفظة العشق في فقه اللغة لا تعبر إلا عن حالة محددة لا تكون إلا بين رجل وامرأة برغبة الفعل ذاك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وأمر الصوفية لس محل ردنا الآن فهو طويل ومتشعب لا مجال لتناوله هنا.
وأما موضوعنا فهو نص الشاعر الواعد بالكثير محمد الأمين سعيدي والذي انحرف اتجاه شعره منذ بعض حين نحوا أكدنا له بأنه يضر به وبشعره ونأمل أن يدرك أن ذلك إنتما هو من باب الحرص عليه وعلى موهبته التي نراها مميزة حقا وقابلة للتفوق الكبير.
نعود بالتحديد لما تناولته أنت هنا من نقد وتوضيح ومحاولة لمنح الألفاظ التي تكررت في هذه القصيدة بل وفي جل قصائده حتى باتت سمة غالبة ودالة بعدا صوفيا وطرح فلسفيا وهذا أمر بعيد عن الطح الحقيقي والظاهر لتوظيف المفردة والمعنى والبعد الكامن في هذا الرصد اللفظي الذي لا يدع حقيقة مجالا لتأويل بتكراره الكثير ليس هنا فحسب بل وفي قصائد كثيرة له كما أوضحنا ، وكذا بالاقتران الواضح الذي لا يرفع شبهة الولوغ في المعاني المرفوضة كما ألمحت متفضلا بل بقرائن تحكم وتجزم بالولوغ فيه.
هنا في البلادالتي لا تراني
تُعانقني الكأس والغانيهْ
يسيل نبيذ القول حين أثورُ والغانيهْ
انظر هنا لاقتران الكأس ، ولاحظ أنها الكأس والغانية وهو هنا ولقصور معرفته بمعاني اللفظ استخدم الغانية بالمعنى الشائع خطأ بأنها "الفاجرة" أو "العاهرة" وإنما معنى غانية عكس ذلك تماما فهي المرأة الشابة التي غنيت بزوج عفافا وكفافا ، وبهذا هو في كلا الأمرين يسوق الدليل على ما تحاول أنت أن تدحضه.
ثم انتبه إلى تكرار ذات الألفاظ في سطر تال ربما كنوع من التأكيد على ما يريد أن يقول ونراه تأكيدا على ما نقول أيضا. ولو تأملت نصه لوجدت مثل هذا من الأمر الكثير مما قد يوحي بأن محمد الأين ربما بات مقتنعا بوجهة نظر بعض من يروج للحداثة ولأشباهها من أن مثل هذه الألفاظ هي الشعر وهي الحداثة أقصد بها الألفاظ التي تنزلق في تلميحات فاحشة أو تصريحات خادشة.
ولعل السؤال الذي أتوقع ؛ وهل بات استعمال هذه اللفظة محرما ، وهل بات توظيف معناها محظورا في الشعر أو في غيره؟؟
أقول: لا.
ولكن هناك فرق كبير بين استعمال "كنه الخمر" "نكهة الخمر" هذا على الأقل ما أورده الله عالى في كتابه الكريم في الآية التي يعتمد عليها ادعاء الصوفية باللذة وما شابه تأويل خاطئ "وأنهار من خمر لذة للشاربين" وإنما قصد هنا كنه الخمر لا نكهته واللذة هنا أرادها المولى معبرة عن مفهوم المتلقي لا الملقي ذلك أنهم كانوا يرون في الخمر لذة وما هو إلا الثمل والسكر وفقدان الحس بكل شيء فيظن بفقدان الحس بالألم حينها بلوغ اللذة ، ثم هي لذة من الله حينها لا من الخمر ؛ فلا الخمر عنده هو الخمر ولا اللذة حينها هو الثمل والسكر وفقدان الحس بل هي لذة حقيقة يهبها الله ثوابا ، وما مل الأمر إلا تقريب لمعنى وتحفيز لترك المعاقرة لما اعتبره الشرع أم الخبائث.
إن توظيف الخمر يجب أن يكون منساقا مع المعنى المستقيم ومدركا للبعد الفقهي للغة والبعد الفقهي للشرع كي لا يحيد اللفظ عن الاتجاه الخلقي المقبول. والحقيقة لا أحسب شاعرا إلا وذكر أو وظف الخمر بألفاظه في شعره كل بما أراد بما لا يخفى ، وكنت شخصيا قد استعملت هذا في شعري في مواضع عدة ولكن أكتفي هنا بذكر مثالين متفاوتين لندرك أهمية مسألة التوظيف.
أقول في قصيدة الزمان المر (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=9589):
وَاسْتَمْرَأَتْ خَمْرَ الشُّجُونِ وَأَوْهَنَتْ
صَبْرَ الحَلِيـمِ وَأَوْهَـتِ الوِجْدَانَـا
هنا وظفت الخمر لمعناها الحقيقي في هذه الصورة المركبة التي جعلت الشجون كالخمر تفقد الحس والقدرة على الحكم وجاءت في سياق يوحي بنقد المعنى الذي للخمر هذا لا استحسانه
وأقول في أكثر قصائدي جرأة في الغزل وفي أكثر أبياتها جرأة في قصيدة قديمة كتبها الشباب وهي بعنوان صهوة الأحلام (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=4750):
قُلْتِ هَاتِ الكَأْسَ خَمْرًا قُلْـتُ كَـلا
إِنَّ كَأْسَ الخَمْرِ فِي عَيْنَيِـكِ أَحْلَـى
إِسْقِنِيْهَـا بِافْتِـرَارِ الثَّغْـرِ هَمْـسًـا
كُلَّمَـا أَثْمَلَـتِ القَـلْـبَ اسْتَـهَـلا
وَامْزِجِيْنَا فِي حُمَيَّـا الشَّـوْقِ إِنِّـي
لا أُبَالِـي أَيُّنَـا فِيْـنَـا اضْمَـحَـلا
هنا أيضا كان توظيفا مختلفا اهتم بتأثير الخمر المعنوي لا الحي أو لنقل اهتم بكنه الخمر لا نكهته ، وأوضح السياق الرفض التام للخمر في نكهته وكينونته واكتفى منه بالأثر المزعوم ، ويبدو من السياق أيضا الموقف الخلقي والشرعي منها.
وربما وأنت تركز على كثرة تكرار لفظة الخمر والقرائن التي تطرح التجاوز الخلقي في اللفظة غفلت عن معنى فيه فحش واضح وإن لبس ثوب التورية والكناية في قول الشاعر:
فتردّ الثمارُ:
هو من ضاجعَ الطينَ
أو أنزلَ الماءَ فارتعشَ الشجرُ
ولا أحسب أن أي تأويل هنا أو تفسير يشفع لمراهقة حرف الشاعر وخروجه عن الإطار الخلقي الذي نعرفه عنه ويعرفه الجميع عن الواحة ، ونأمل حقا أن يراجع شاعرنا نفسه مجددا ويعيد حساباته ليعرف إلى أي اتجاه يريد أن يمضي ونأمل حقا أن يعلم يقينا أننا نحمل له الود وننصحه من باب الحرص والثقة به والرهان على موهبته الكبيرة وفق المنهج الرشيد ، على الأقل هذا ما نأمل.
تحياتي
الدكتور المحترم ..سمير العمري..
هذه المداخلة زادت الحوار القا ..وأضاءته..
// مثلُ الجنّة التي وُعِدَ المُتَّقون فيها أنهار من ماء غيرِ آسنٍ وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمرٍ لذّةٍ للشاربين وأنهار من عسلٍ مُصفّى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربِّهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فتقطع أمعاؤهم /ممحمد الآية15.
لذة للشاربين : فسرت أنها لذيذة ؛بخلاف خمر الدنيا فإنها كريهة عند الشرب ..أعاذنا الله وإياكم ..وأكرمنا بها في الآخرة ؛وجعلنا وإياكم من أهل الجنة ؛الجديرين بها ..
وفي تفسير آخر : خمر لذة: تأنيث لذّ؛وهو اللذيذ ..للشاربين: أي ما هو إلا التلذّذالخالص ليس معه ذهاب عقل ولاخُمار ولاصُداع ولاآفة من آفات الخمر ..1.
أما الصوفية ..فقصدنا ـ أكيد ـ لايعني المشاغبين ؛المتطفلين ؛الطرقيين الضالين المُضِلين..ولا المشعوذين ..الذين جعلوا في كل مكان في الأرض وادي عبقر ..وسخروا مردة الجن ..يملوا عليهم زخرف القول ..
قصدنا أولئك الأوائل الأفذاذ الذين رؤا سلوكا ظاهره الإسلام ..باطنه الخُبث..فقيل ارتدوا الصوف للدلالة على تخشنهم في الدنيا ؛هروبا من زخرفها ..وقيل اشتق المصطلح / الصوفية / من الصفاء ..إذ لما بدأ الفساد الخلقي يتفشى في الناس ..انطووا على نفوسهم يصقلونها بالذكر الدائم ..يبتغون فضلا من الله ورضوانا ..واعتزلوا الدنيا التي اغتر بها الجمع الكثير ..وهناك تفاسير أخرى ..
ولزموا آيات كثيرة كلها تنفر من متاع الدنيا وترفها منها :
//واعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم//الحديد الآية20.
//المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا//الكهف43.
أما الشعراني ـ رحمه الله ـ فقد أورد تعرفا كالتالي:
// إن علم التصوف عبارة عن علم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالكتاب والسنة ..فالتصوف إنما هو زبدة عمل العبد بأحكام الشريعة ..//..
لاأستطيع أن أضلل الحسن البصري ـ رحمه الله ـ ولا الجنيد ـ رحمه الله ـ ولاالشاعر ابن الفارض ـ رحمه الله ـ ..
بل أقول أنه في العصور الإسلامية الزاهية أحسن هؤلاء المتصوفة التعبد وأخلصوا النية في صقل النفس وتصفيتها من غبشها وصدئها ..فاتصفوا بالسمو الروحي ..ولما انحطت مستويات فهم الإسلام ..انزاح هذا الفهم إلى الخرافات والأساطير والشعوذة ..ولكم الحق أن تضللوا هؤلاء الجهلة ..والإسلام بريء منهم ..
أمات حديثي عن القصيدة فهو مجرد تأويل لاغير ..حسب ما حزت عليه من قرائن دالة ..
وفي كل الأحوال ..لاأرى الشاعر يجاهر بمعصية الخمر ..
هو أدرى بمقصديته ..
أخي الحبيب د/ سمير ..
بالغ تقديري ..
خالص تحياتي ..
1ـ تفسير من نسمات القرآن :غسان حمدون مراجعة وتقديم جماعة من العلماء.المؤسسة الوطنية للكتاب .الجزائر.
2ـ الشعراني : الطبقات الكبرى ج1/ص4.
محمد الأمين سعيدي
21-05-2009, 09:02 AM
باسمك اللهم أبدأ وبالصلاة على نبيك أفتتح.
السلام عليكم جميعا
أولا أودّ أنْ أتقدّم شاكرا لا عاتبا على هذه المحاورة التي أدرتموها حول القصيدة ، لأننا في مثل هذه المحافل إنما نحتاج لأن نسمع آراء بعضنا بعض وأنْ نقول ما نراه بصدق لا أنْ نجامل ، والله يعلم أنّ مثل هذه الانتقادات التي تفضلتم بها هي أحب إليّ وأرفع شأنا من تلك المجاملات التي لا تزال تملأ الصفحات ، حتى صار من يقول كلمة حق في نص من النصوص ظالما متجنيا لا يريد الخير لإخوته ، بل أصبح يظهر حاملا في يده مطرقة الهدم وأدوات التخريب.
أما ما تقدم به الأستاذ معروف محمد وهو مشكور عليه مأجور إن شاء رب العزة فلي فيه على رغم قيمته آراء معارضة تأخذ منحى آخر وتقوم على قناعات مغايرة . سأحاول فيمايلي أن أعرض لآرائي باختصار حتى لا أطيل الكلام.
أبدأ بعنوان المداخلة:"الاتجاه الخلقي" الذي صاغه الأستاذ بناء على النهج الأخلاقي في النقد الذي انتهجه وأقره في بداية كلامه . وأنا أرى أنّ هذا النقد هو أقرب إلى الذاتية منه إلى الموضوعية لأنه يحتكم إلى المضمون(الأخلاقي) على حساب الشكل ، أو قل هو يُخضع المضمون لقناعات فكرية سابقة قد تظلم النص أكثر من أنْ تنصفه ، الأمر نفسه الذي حصل مع المناهج السياقية التي كانت تنتصر للسياق على حساب بنية الشعر فتجعل من الكلام المملوء بالأيديولوجيا كلاما راقيا ، ومن الشعر الحقيقي شعرا ركيكا . ولا أعتقد أبدا-ونحن أبناء العربية- أن علماءنا الأوائل وحتى الشعراء أو الشعراء النقاد كانوا يحتكمون إلى الأخلاق في نقد الشعر ، وإنما كان جنوحهم إلى عناصر الشعر الأخرى التي بها يكون وفي غيابها ينعدم.
وإذا كان لي أن أمثل لما إليه أذهب في هذه الفكرة فالشواهد كثيرة في تراثنا العربيّ فيما يُعرف بالاحتكام إلى النقاد وأهل الصنعة ، وكل ما أسس له علماؤنا قديما في نظرية الشعر كان التركيز فيه على أشياء تمس الشكل وبها يتحقق المضمون مثل: النسج/التركيب/اللفظ/الوزن/القافية...، ونحن هنا لا نفصل الشكل عن المضمون لأنهما متماسكان متعالقان وإنما نبين عن مدى ضعف النقد الأخلاقيّ في تقييم الشعر .
أما عن عدم وجود القرائن الدالة على ما يُقصد بـ:الكأس /الغانية ، وهنا أحاول أن أرد أيضا على د.سمير العمري ، فأنا لا أرى لهذا وجودا ، بل إنّ النص مترابط اشدّ الارتباط ومنسجم دلاليا ، والانسجام كما هو معروف لذا أصحاب"تحليل الخطاب" هو ارتباط الدلالة مع بعضها بعضا انطلاقا من الروابط وعناصر الوصل والإحالة التي بها يتحقق الاتساق الشكلي الذي يؤدي إلى الانسجام الدلالي ، وهناك حالات قليلة مثل الشعر لا يؤدي فيها الاتساق في كل الحالات إلى تحقيق الانسجام ، وإنما يتم ذلك عن طريق عملية التلقي من خلال ما يؤوله القارئ أثناء رحلته في البحث عن المعنى واكتشافه.
وبناء على هذا أقول:
إنّ كلمة الكأس لا يجب أن تُفهم مبتورة عن سياق القصيدة الذي يتحدّث عن الحرف في علاقته بالذات الشاعرة ، ولا يتحدث عن التصوف كما ذهب إلى ذلك الأستاذ معروف وهذا ما سنوضحه فيما بعد. لأنّ القصيدة هي كل متكامل يشد بعضه بعضا ويتماسك أيما تمساك بحيث لا يُمكن أن نفصل مقطعا بعينه لنفهمه خارج سياق القصيدة وبنيتها الكلية . فالإحالة هنا تلعب الدور الكبير في إجلاء المعنى الذي إليه يقصد الشاعر وهي في اللغة قد تحيل على سابق أو على لاحق وقد تُحيل على المقام ، لذلك قُسِّمتْ إلى نوعين:
_إحالة نصية
_إحالة مقامية
ونعطي مثالا بسيطا على الإحالة النصية التي بها سنوضح مقصودنا في القصيدة ، يقول شوقي :
تلك الحياة وهذه أثقالها=وُزن الحديد بها فعاد ضئيلا
فالهاء المتصلة بالباء في عجز البيت(بها) إنما تحيل إحالة قبلية إلى الحياة ، و(تلك) في صدر البيت تُحيل إحالة بعدية إلى الحياة أيضا.
وقد تتعذر الإحالة في بعض النصوص الإبداعية نصيا ، فتتحقق على مستوى الدلالة ، فيُحيل السابق على اللاحق ، ويُوضِّح اللاحق السابق كأن تكون الفكرة عامة فيوضحها تخصيص وتفصيل يُحيل إليها ويأتي بعدها فيتبيّن بذلك المقصد وتتحدد الغاية .
انطلاقا من هذا كله نقول: قد أوردنا كلمة الكأس في المقطوعة الأولى دون تخصيص لمعنى معين إليه نريد ، وربطناها بالغانية التي قصدنا بها أحد معانيها التي تعني:المرأة التي استغنتْ بجمالها عن الزينة وليس العاهرة والعياذ بالله . وارتبطت هذه الكلماتُ أيضا بالحرف في قولنا في نفس المقطع :(والحرف يسكب في راحتيه الغناء الذي تحتويه الجرار/وتعرفه الأذن الباليه).
وتأتي في المقطع الثاني من القصيدة عبارة (نبيذ القول) ونبيذ القول لا تعني الخمر لأنها ارتبطتْ بكلمة القول فأصبحت بذلك عصارته وزبدته التي عُتِّقتْ ومر عليها زمن ، وهي تُحيل دلاليا إلى عبارة (الأذن البالية)في المقطع الأول . وبهذا تصبح عبارة (نبيذ القول) تُحيل دلاليا أيضا إلى كلمة الكاس في البيت الأول فتوضحها على أنها كأس القول أو الشعر ، وليست كأسا آخرى أيا كان ما تدل عليه.
وكل القرائن الموجودة في القصيدة إنما تحيل على الشعر وعلى الشاعر ، والكلماتُ الموظفة التي تنتمي إلى المخزون اللغوي الذي كان الصوفية يكتبون به قصائدهم لا تعني أبدا أنّ نصي هذا يصبّ في مجال التصوف الذي لم أردْ إليه سبيلا في القصيدة رغم ما قد تحيل إليه تلك الكلمات المنتقاة بغرض جمالي لا ديني(الكأس/الحضور/الغياب/الغور/الكشوف/السر/...الخ)
وما يؤكد أنني لم أنحُ أبدا منحى الصوفية في هاته القصيدة كثير فأنا منذ المقطوعة الأولى ذكرت:الحرف/الغناء/الأذن البالية. وفي المقطوعة الثانية ذكرتُ:نبيذ القول/القصيد/الشعور/الشعر/، وغرضي في ذلك هو ربط العلاقة بين الشاعر وأدواته أو قل هو عرض للشاعر داخل عوالمه التي تحدد رؤية مغايرة ونظرة إلى الأشياء من زوايا جديدة(يقول أرى ما ليس للخلق بادي).
اما ما ذهب إليه د.سمير العمري في تأويله لقولي:
هو من ضاجع الطين
أو أنزل الماء
فارتعش الشجر
فأنا أعتقد أنّ هذا المقطع بالذات هو حمّال أوجه ولا نستطيع أن نحكم به على القصيدة إلا إذا فهم منه أشياء قد تؤدي إلى ذلك الفهم ، فيُفسر الطين بالإنسان ، ويُصبح الإنزال دالا على الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب ، ويعلم الله أني ما قصدتُ إلى هذا سبيلا . وإنما قد تدل المضاجعة على الالتحام والماء يرمز إلى الحياة وارتعاش الشجر يدل على استعادته لحيويته وحياته . وقد يفهم قارئ آخر شيئا مغايرا تماما لهذا ، ولا يجب أن ننسى أن هذا المقطع هو وصف حاصل داخل العالم الشعري باعتبار القرائن الكثيرة التي تدل على الشعر لا على غيره في النص ، والعالم الشعري ليس عالما واقعيا بقدر ما هو عالم كامن في ذات الشاعر فهو إذن غير ملموس .
ما أقوله في الأخير هو أني أشكر الأستاذ معروف على مداخلته التي وإن كان لي رأي مخالف لبعض أفكارها فهذا لأن الرؤى تختلف بين الناس وأنا لا ألزم أحدا بهذا الذي ذهبت إليه في هذا الرد ، والأستاذ معروف يعرف جيدا ما يقتضيه الحوار ذاك أنه صاحب كتاب"حوار أم جدل" الذي أسس فيه لفكرة الحوار في فترة عصيبة من فترات الجزائر، وأشكر د.سمير العمري على مناقشاته وآرائه . ويشهد الله على ما لكما كليكما من مكانة عندي وردي هذا ليس مشاكسة بقدر ما هو محاولة للتوضيح الدافعُ إليها هو واجب الرد على ما أدليتما به حول قصيدي وأنا شاكر لكما .
معروف محمد آل جلول
26-05-2009, 06:15 PM
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=453650#post453650
د. سمير العمري
27-05-2009, 11:57 AM
العزيز محمد:
أما ما تناوله أخي معروف من تأويل التحليل للصوفية فهذا أمر لم أقره عليه ناهيك رفضي المطلق لفكرة اعتبار الصوفية ومنهجها الضال.
وأما ردك المطول بهذا الخط الكبير فدعين أقول لك وبكل الود وبكل الاختصار بأن مثل هذه الردود لا أحسبها تصلح إلا مع أديب ناشئ أو ناقد مبتدئ ، وفلسفة طبائع الأمور لا يكون إلا من باب "ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله" وهذا مما أنزهك بالطبع عنه.
وأنا هنا أؤكد حسن ظني بك كأساس من حيث أخلاقك كإنسان ولست أطعن فيك بل في حرفك حين يزل ، وأكاد منذ البداية أن أتيقن بأنك لم تقصد هذا الانزلاق الخلقي الذي ورد في النص ولكن وأنت المسلم الرشيد لا أحسبك فاتك سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "رب كلمة يقولها العبد لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا" ، وهو حديث نتبين منه ما يلي:
1- أن حسن النية أو عدم القصد لا يعتبر مبررا للخطأ متى حدث.
2- أهمية إدراك أن للكلمة معنى ثابت لا يغيره تأويل أو تقدير ، وهذا مبحث طويل ومهم لا مجال له الآن.
3- أن حدوث هذا الخطأ غير المقصود لم يحفظ مقترفه من عقوبة.
وباختصار شديد فإن مدلولات النص واضحة وتوحي للقارئ بالمعاني الخاطئات أيا كان تقديرك ، ولو اكتفينا هنا بتناول تلك الصورة التي رسمتها وأتيت تبرر وتبين وترد عنها سوء الظن لكان في هذا معان ربما كانت أسوأ مما هي عليه باعتبار اتهام الآخر بالقصور عن الفهم أو تعمد الإساءة وهو المحب أو ما شابه ، ولا أحسب هذا يفيد الموقف بحال.
وبعيدا عن التناول الشخصي لردي فإنني ما كنت سفيها لأفسر ماء النبع بماء السماء وماء السماء بالماء الدافق من بين الصلب والترائب من غير قرينة ودليل وسياق وإلا فما الذي أسكتني عن آلاف الصور التي تتحدث عن إنزال الماء ودفقه وانهمار الغيث على النخل وعذقه ، بل ولكنت أنا اتهمت نفسي واتهمني غيري بالكثير من مثل هذا بما ورد في شعري ونثري ، وبدل أن تلوم غيرك في قصور الفهم لم اختيارك للفظة وهنا كانت "ضاجع" هي ما رسمت الصورة الكلية ومتطلباتها وجعلت كل تبرير لها ولا عدم قصد وإلمام بها يخرجها من دائرة الخط الذي يدور حوله الحوار الآن.
هوآخر ردي هنا وهو والله أقوله بود وحرص واهتمام.
كن بخير.
تحياتي
محمد الأمين سعيدي
27-05-2009, 05:51 PM
السلام عليكم
د.سمير العمري
يعلم الله أنني ما قصدتُ بهذا الردّ الكبر أو ادعاء العلم والفهم ، وإنما كان سعيي فيه هو إجلاء فهمي لبعض القضايا التي أُشكِلتْ هنا والغاية من ذلك تحقيق الحوار الهادف الذي يقوم على الأخذ والردّ بالتي هي أحسن والذي اعتدنا عليه في الواحة دائما.
ويعلم الله أنني عبر مسيرتي هنا في الواحة استفدتُ من آرائك التي كنت تجود بها علينا في كل حين.وأنا لا أنكر ما للواحة من فضل علي وعلى غيري سواء الكبار منا أو الصغار ، وقد وجدنا في الواحة ما لم نجده في أي مكان آخر .
وأنا أعوذ بالله أن ترمي بي كلماتي إلى جهنم ، ولكن يحدث مثل هذا لنتعلم منه ولولا ما أشكل في القصيدة لما تفضلتم بكل هذا الفيض من الأفكار والآراء حول النص . أفليس الخطأ يُعلم صاحبه ؟ والمؤمن لا يلدغ من جرح مرتين.
وأنا سعيد بكم والله يشهد على ما أقول ، وسعيد أني ابن الواحة ، وأعوذ بالله أن أكون ابنا عاقا بل إني شاكر للواحة لأن من لم يشكر الناس لم يشكر الله.
والحق أني أعتذر بشدة إن كان ردي هذا أغضبك فأنا ما قصدتُ به إلا الخير ، أما الخط الأسود العريض فأنا منذ مدة أكتب به ووالله لم أقصد من ورائه ما يُشين ، ولعل من ينظر موضوعي :غواية الشكل الشعري وخطأ التعصب ، سيجده أيضا بخط عريض كبير.
أنا أشكرك وأتمنى أن تنوّر صفحاتي في الشعر كما في النثر ، وأنا أشهد بما للواحة عليّ من فضل ولعل ردي ذاك كما قلت ليس مشاكسة بقدر ما هو محاولة للإجابة تنتظر ردكم حتى تستقيم كثرة من الأشياء غير البائنة فيها. فأنا أفهم جيدا معنى التجربة والعمر ، ولا أزال شابا وأنتم تسبقونني بسنين كثيرة ، ولكم خبرة فيما نسعى إليه وراءكم فلا تبخلو علينا وأجركم على الله.
د. سمير العمري
27-05-2009, 07:50 PM
عدت هنا لا لأخالف ما قلت سابقا من اعتبار الرد السابق آخر ردودي إذ ما قلت ذلك من غضب أو عتب ، ولا قصدت ما يبدو أنه وصل إليك أخي الحبيب محمد فعودتي هنا هي للرد عليك فيما فهمت لا فيما كتبت.
وأنا هنا أكرر مؤكدا أنني ما عرفتك إلا نقيا تقيا وشهد لك عندي أهل ثقة عندي فما كان من قولي أي أمر يمس شخصك أخي الحبيب لا من قريب ولا من بعيد أقسم على هذا.
وأما أنني غاضب فلا ولا ، وإني ما كتبت هذا إلا بود وحب واسترخاء فاعذر حرفي إن كان خان مشاعري واتبع سبيل الصارمين ولعله يتشفع بصدقه وحرصه ووده فتغفر له ولصاحبه ما فهمت مما لم نقصد.
والنصح أيها الحبيب لا يكون إلا من محب ، والنصح هنا أن لا يغوينك الشعر فيرديك وأنت غافل فالمرء محاسب بما يقول ، وهل يكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم؟؟
ولعلني أخيرا أبين بأنني ما تحدثت عن نار جهنم هنا وهناك لإلا في سياق الحديث كشاهد على أهمية الكلمة عند الإنسان العادي وتزداد هذه الأهمية جدا عند شاعر كبير بحجم روعة ما تكتب حين تحسن الاختيار.
أنت ابن الواحة وقد أقول إن لم يزعجك ابني أيضا وما عرفنا منك إلا كل نقاء ووفاء فطب نفسا وليس أحب عندي من حوار يكون فيه أخذ ورد وإقناع واقتناع وربما أدعوك أيها الحبيب لمتابعة حواري مع الأخ الشاعر د. ماجد بل والمشاركة فيه فهو أحسبه مما يهمك.
مودتي
الطنطاوي الحسيني
27-05-2009, 09:33 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكركم جميعا ايها الاحباب
يقول الله عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم(والعصر . إن الإنسانَ لفي خسر . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ . وتواصوْ بالحق وتواصو بالصبر) صدق الله العظيم
واحيي اخانا الاستاذ المفكر معروف آل جلول وان كنت اختلف معه في موضوع الصوفية والتصوف وايضا في اللهجة الشديدة - اعلم ان الموضوع يمس جوهر قيمي كبير - ولكن اظن الآسلوب الذي استخدمه اخونا رئيس الواحة د سمير كان اوفق واشد رقة وتمهيد من ذلك وانا لست اقارن بين علمين نعلم اخلاصهما
اقول لاخي محمد الامين انت هنا مغبوط اذ وجدت من يوجهك مخلصا حتى لا تنزلق قدمك للأسوأ والحمد لله أن جعل لنا من يمسك بحجزنا عما يردينا واقول لك اخي انك ان شاء الله اديب قوي ومتمكن من ادواتك فقط التجربة وان شاء الله هي اتية
طبعا انا لم اقرأ لك كامل ابداعاتك واعمالك ولكن ما قرأته لك يدل على ذلك شريطة ان تنتهج منهجا نظيفا لا لغط فيه ولا جدل
انا ارى من المبدعين في موضوع الحب والغزل أخانا عمر هزاع ترى قصائده قمة في الغزل ولكن دون الخروج عن مألوف او الولوج فيما هو ضد هوية الامة وقيمها وحاشاك اخي محمد ان تقصد ذلك ونحن نظن بك الخير ان شاء الله
اشكر اخيرا اخانا د سمير العمري رئيس الواحة على درجة العلو في الآسلوب في التوجيه والنقد و اخلاص النصح وهذا هو الجمال الذي نفتقده في زماننا هذا وايضا اشكره لعودته اكثر من مرة تواضعا ليكسب قلب اخينا محمد الآمين وهذا إن دل يدل على الحب الذي يغلف القلوب والآعمال والردود ايضا
مررت هنا لآسجل امتناني على السمو والرقي في التناول والطرح والنقد الجميل
أقول وفقكم الله جميعا و جعل اعمالكم في ميزان حسناتكم اللهم أمين
تقديري وامتناني لكم جميعا
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طنطاوي
معروف محمد آل جلول
28-05-2009, 10:18 AM
قرأت ما تفضلتما به وإني لا أستفيض مثلكما لما لديكما من علم ورؤية نقدية , غير أني أعلم أنَّ اللفظ يحتمل معنيين حقيقة ومجازا والمعنى الحقيقي هو الأصل والمجازي هو المحمول بقرينة دالة على انصراف المعنى من الحقيقي إليه , فلا بأس إذا في استخدام هذه الألفاظ وشبيهاتها في نظري على شرط أن تمثل ثقافة مستخدمها غيرَ متنكرٍ لمدلولاتها , فالاستخدام الحقيقي لها لا يعيب في نظري إنما المعيب يحدد بمعرفة المقصد من وراء الاستخدام , وهذا يتضح بالنظر إلى سير القصيدة أو بثقافة الشاعر , ومن بعد ذلك يأتي دور الخلق ليقبل أو يرفض , أمَّا استخدام اللفظ مجازا ووضعه في مناط التأويل فهو في نظري ينقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم غير مقبول عقلا ولا لغة فلا حاجة للحديث عنه , وقسم مقبول عقلا وعرفًا مما يجعل تأويله لا يحتاج إلى كثير عناء وقسم مقبول عقلا مرفوض عرفًا وهذا هو الذي كثيرًا ما يسبب جدالا طويلا , ولا أخفيكم أنَّ مشكلتي مع الشعر المعاصر تكمن في استخدام المجاز بكثرة مفرطة وتمرير كثير من الصور والمعاني مع الظهور بحسن نية والبراءة من خلفيات هذه المجازيات والكنايات , لذا أفضل أن تناول الموضع بشكل أوسع لنتعرف من خلاله القيم النقدية الذوقية والأخلاقية لكل منا , فالقيم الذوقية تحدد تعاملنا مع المجاز والقيم الأخلاقية توجة ردة فعلنا لتداعيات هذا المجاز , ولعل ما عقبت به يضيف إلى النقاش بعدًا أخر مجديا ..
لكما تحيتي وتقديري
الشاعر الوقور ..بندر الصاعدي..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
مرحبا بكم أخي الكريم دائما أبدا في متصفحي ..
وقفتم موقف التأويل وانزياحية اللغة عن مداليلها المعجمية لتعطي ابتكار معاني وجمالية فنية يبتغيها الشساعر للتفرد والتميز عن غيره..
ووقفتم ـ أيضا ـ موقف الحكم الحكيم الذي يراعي كل الاتجاهات ..ويعدل في رأيه ..
بلاعصبية أو انحياز..
ولعلكم أخي الحبيب كشاعر تدركون أفضل مني أن التأويل له معنى أصلي لايخرج عنه..
وأريد هنا أن أوضح بعض المفاهيم حول الصوفية ..
ذكرتها هنا بمفهوم التناص الذي حملت ـ أنا ـ عليه شعر الشاعر ..
لاأنا منهم ..ولاضدهم ..
وقد فصل القدماء في موضوعهم ..
// ثم قفينا على أثرهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فأتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون //الحديد .الآية:27
هم إذن منتسبون إلى الكتاب والسنة ..
ولكنهم لم يمارسوا الحياة الطبيعية كما ما رسها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعموم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بل اعتزلوا الناس ..
وقد وجد الرسول أحدهم ملازما للمسجد فسأله عن مصدر رزقه ؛فألحقه بأخيه فقال له : أخوك أعبد منك ..
وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب..
والمؤمن الذي يجالس الناس ويصبر على أذاهم خير وأحب إلى الله من الذي لايجالسهم ولايصبر على أذاهم ..
لهذا وغيره ..رفضهم فقهاء السنة ..
لأنهم عطلوا بعض سنن الحياة الطبيعية ..
ولعل أفصح حادثة نسوقها في هذا المجال ..أن عبد الله بن المبارك كان تقيا يجاهد في صفوف جيش المسلمين ..والقاضي عياض كان متبتلا في مكة المكرمة فبعث إليه قائلا:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ـ لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه ـ فنحورنا بدمائنا تتخضب
أخي بندر ..
لك كل الاحترام والود ..
وسأواصل الردود بالعقل والمنطق على بقية إخواني ..
لولا وجود خلل في المعنى ما جعلت العنوان / أخلاق/ ..
بالغ تقديري ..
خالص تحياتي..
معروف محمد آل جلول
03-06-2009, 06:37 PM
أخي الكريم ..السعيدي محمد الأمين ..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
هنيئا لكم التخرج ..بامتياز..
ذكرت لكم سابقا انني لن أفكر في إيذائكم أبدا ..وكلمتي رصاصة ..مصوبة ..وتستقر في مكانها ..
ليس نيتي أبدا ..الأذية ..ولن تكون ..بل ..سيدي ..سأظل أكنّ لكم كل احترام وتقدير..مهما فرقتنا الأيام التي لايقر لها قرار ..
إنما أنتم من كان لكم الفضل في إرشادي إلى الواحة الفيحاء..ولاأنسى لكم هذا الجميل ..وواجبها أن تحبكم ..
ولن تكون نيتي يوما إلحاق الأذية بالواحة وأهلها ..إنها النهج الصحيح ..وواجب المسلم دعمها لاإعاقتها ..
أبدأ بعنوان المداخلة:"الاتجاه الخلقي" الذي صاغه الأستاذ بناء على النهج الأخلاقي في النقد الذي انتهجه وأقره في بداية كلامه . وأنا أرى أنّ هذا النقد هو أقرب إلى الذاتية منه إلى الموضوعية لأنه يحتكم إلى المضمون(الأخلاقي) على حساب الشكل ، أو قل هو يُخضع المضمون لقناعات فكرية سابقة قد تظلم النص أكثر من أنْ تنصفه ، الأمر نفسه الذي حصل مع المناهج السياقية التي كانت تنتصر للسياق على حساب بنية الشعر فتجعل من الكلام المملوء بالأيديولوجيا كلاما راقيا ، ومن الشعر الحقيقي شعرا ركيكا . ولا أعتقد أبدا-ونحن أبناء العربية- أن علماءنا الأوائل وحتى الشعراء أو الشعراء النقاد كانوا يحتكمون إلى الأخلاق في نقد الشعر ، وإنما كان جنوحهم إلى عناصر الشعر الأخرى التي بها يكون وفي غيابها ينعدم.
وإذا كان لي أن أمثل لما إليه أذهب في هذه الفكرة فالشواهد كثيرة في تراثنا العربيّ فيما يُعرف بالاحتكام إلى النقاد وأهل الصنعة ، وكل ما أسس له علماؤنا قديما في نظرية الشعر كان التركيز فيه على أشياء تمس الشكل وبها يتحقق المضمون مثل: النسج/التركيب/اللفظ/الوزن/القافية...، ونحن هنا لا نفصل الشكل عن المضمون لأنهما متماسكان متعالقان وإنما نبين عن مدى ضعف النقد الأخلاقيّ في تقييم الشعر .
الاتجاه الخلقي نظرية ..ولاتكون النظرية نظرية ما لم تبن على أسس علمية ..وما بني على أسس علمية لايكون إلا موضوعيا ..
ذكرت مثالا عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكيف وجه الشاعر ..وهناك عشرات الأمثلة ..
واقتدى به الخلفاء الراشدون ..أما القدماء الذين تحدثت عنهم ..فقد خضعوا لوجهة سياسية فرضت عليهم ..سأشرحا يوما ..ما إن طال العمر الدنيوي..
هل نتوقع أن الرسول والخلفاء كانوا سيسمعون شيئا يخالف الأخلاق ويصمتون ..ويدعونها هكذا تعبر دون توجيه؟//لاينطق عن الهوى /..
ستجد عنوان الاتجاه الخلقي في كتاب نقدي // القدالأدبي الحديث //د/ صالح الهويدي.منشورات جامعة السابع من أبريل ط1في ص:133.
وراجع أيضا كتاب //النقد الأدبي في العصر الإسلامي والأموي//د/ ختير عبد ربي.دار الغرب .الجزائر.2003.وأنصح كل قارئ لهذه الكلمة أن يقرأ في كتب مماثلة لهذا العنوان ليقتنع أولا أن ما خرج عن التصور الإسلامي ..يعتبر أدبا أجنبيا ..غير إسلامي..ولايجوز أن يوجه للمسلمين..
ماذا تفيدنا الجماليات إذا أغضبت مضاميننا الله ؟؟
وتأتي في المقطع الثاني من القصيدة عبارة (نبيذ القول) ونبيذ القول لا تعني الخمر لأنها ارتبطتْ بكلمة القول فأصبحت بذلك عصارته وزبدته التي عُتِّقتْ ومر عليها زمن ، وهي تُحيل دلاليا إلى عبارة (الأذن البالية)في المقطع الأول . وبهذا تصبح عبارة (نبيذ القول) تُحيل دلاليا أيضا إلى كلمة الكاس في البيت الأول فتوضحها على أنها كأس القول أو الشعر ، وليست كأسا آخرى أيا كان ما تدل عليه.
//نبيذ القول // دخلت في النسق التعبيري العام أو خرجت ..
أداؤها واضح في التشبيه البليغ ..القول نبيذ..قلت أنت في عصارته ..وليس وجه الشبه الوحيد ..منه النشوة وغيرها ..المتعة ..وغيرها ..
تبادل طرفا التشيبه الخصوصية فصار ما حقه المشبه مشبها به والعكس ..للإغراق في المبالغة بأن القول فعلا صار نبيذا في عصارته ونشوته..ولدواعي التركيب اللغوي أيضا ..فصار مات حقه مضافا ..مضافا إليه ..
والقصد في كل الأحوال هو ..تحبيب النبيذ..
هذا المدح للنبيذ دون قرينة دالة ـ صرحت بغيابها ـ دفعني إلى اختيار التناص مع الصوفية أؤلئك الميامين الذين تعلقوا بالآخرة ونبذوا الدنيا لمن يريدها ..
والتناص قيمة أدبية تقع بين كل أدباء العالم ..مهما اختلفت اتجاهاتهم ونظرتهم إلى الوجود ..حتى المؤمنين مع الملحدين ..
ما ألحقتك بالمتصوفة وما ينبغي لي ..
قلت // تناص //..
ولم أر شيئا يحيل إلى الشاعر والشعر ..إلا إذا كنت غير حر في قراءتي ..
وكل القرائن الموجودة في القصيدة إنما تحيل على الشعر وعلى الشاعر ، والكلماتُ الموظفة التي تنتمي إلى المخزون اللغوي الذي كان الصوفية يكتبون به قصائدهم لا تعني أبدا أنّ نصي هذا يصبّ في مجال التصوف الذي لم أردْ إليه سبيلا في القصيدة رغم ما قد تحيل إليه تلك الكلمات المنتقاة بغرض جمالي لا ديني(
إذا كنت بهذا التصور // طابعا يسيء إلى النصوص //..فأنا فخور بذلك ومُصِرٌ عليه ..
عموما هذه العبارة التي لن يقصد بها غيري في نص لك آخر ..
تعود أهلها أن يلحقوا طوابع مثلها بي ويلصقوها بظهري ..حتى لايسمع الأميون الجهلة صوت الحق ..
أخي الأمين ../ خير الكلام ما قل ودل / ..
أتمنى لك التوفيق والنجاح ودواوين شعرية لاتعد ولاتحصى ..
وأدعو الله أن يسدد خطاك ..
بارك الله فيك ولك وعليك ..
بالغ تقديري..
خالص تحياتي..
في الردود اللاحقة أواصل الحديث المختصر عن الصوفية ..
معروف محمد آل جلول
04-06-2009, 06:57 PM
العزيز محمد:
أما ما تناوله أخي معروف من تأويل التحليل للصوفية فهذا أمر لم أقره عليه ناهيك رفضي المطلق لفكرة اعتبار الصوفية ومنهجها الضال.
وأما ردك المطول بهذا الخط الكبير فدعين أقول لك وبكل الود وبكل الاختصار بأن مثل هذه الردود لا أحسبها تصلح إلا مع أديب ناشئ أو ناقد مبتدئ ، وفلسفة طبائع الأمور لا يكون إلا من باب "ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله" وهذا مما أنزهك بالطبع عنه.
وأنا هنا أؤكد حسن ظني بك كأساس من حيث أخلاقك كإنسان ولست أطعن فيك بل في حرفك حين يزل ، وأكاد منذ البداية أن أتيقن بأنك لم تقصد هذا الانزلاق الخلقي الذي ورد في النص ولكن وأنت المسلم الرشيد لا أحسبك فاتك سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "رب كلمة يقولها العبد لا يلقي لها بالا تهوي به في جهنم سبعين خريفا" ، وهو حديث نتبين منه ما يلي:
1- أن حسن النية أو عدم القصد لا يعتبر مبررا للخطأ متى حدث.
2- أهمية إدراك أن للكلمة معنى ثابت لا يغيره تأويل أو تقدير ، وهذا مبحث طويل ومهم لا مجال له الآن.
3- أن حدوث هذا الخطأ غير المقصود لم يحفظ مقترفه من عقوبة.
وباختصار شديد فإن مدلولات النص واضحة وتوحي للقارئ بالمعاني الخاطئات أيا كان تقديرك ، ولو اكتفينا هنا بتناول تلك الصورة التي رسمتها وأتيت تبرر وتبين وترد عنها سوء الظن لكان في هذا معان ربما كانت أسوأ مما هي عليه باعتبار اتهام الآخر بالقصور عن الفهم أو تعمد الإساءة وهو المحب أو ما شابه ، ولا أحسب هذا يفيد الموقف بحال.
وبعيدا عن التناول الشخصي لردي فإنني ما كنت سفيها لأفسر ماء النبع بماء السماء وماء السماء بالماء الدافق من بين الصلب والترائب من غير قرينة ودليل وسياق وإلا فما الذي أسكتني عن آلاف الصور التي تتحدث عن إنزال الماء ودفقه وانهمار الغيث على النخل وعذقه ، بل ولكنت أنا اتهمت نفسي واتهمني غيري بالكثير من مثل هذا بما ورد في شعري ونثري ، وبدل أن تلوم غيرك في قصور الفهم لم اختيارك للفظة وهنا كانت "ضاجع" هي ما رسمت الصورة الكلية ومتطلباتها وجعلت كل تبرير لها ولا عدم قصد وإلمام بها يخرجها من دائرة الخط الذي يدور حوله الحوار الآن.
هوآخر ردي هنا وهو والله أقوله بود وحرص واهتمام.
كن بخير.
تحياتي
أخي الحبيب..د/ سمير..
تمتعت كثيرا برؤيتك الثاقبة للحالات الشعرية ومواقفها ..
وما أفرزته من أفكار ومعاني..
وإذْ تجدني أفخر بهذا الحوار المثمر الذي أجلى كثيرا من الحقائق والتوجهات الفكرية ..
وسعدت كثيرا أن دار في متصفحي المتواضع هذا حوار بناء..
تميز بالصدق والحب والدقة ..
الشاعر الفذ محمد الأمين ..له أفضال عليّ..
ولكم أنتم د/ سمير أفاضيل عليّ..
والذي لايشكر الناس ؛لايشكر الله ..
أما المتصوفة ..
فلا أستطيع أن أضللهم ؛ذلك أنهم في بيئتي حيث أعيش من ؟أفضل التقاة المسلمين ..
الصوفي عندنا من تساوى ظاهر سلوكه بباطنه..
فصار تابعا لسنة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولعموم السلف الصالح ..
وأيضا هناك كتب كثيرة كتبت حول الموضوع تشرح وتوضح توجههم الذي ارتبط بالصدق في تبني المنهج ..
وعندنا أيضا فئات تنتسب إلى الحركة الإسلامية ..وتضلل المتصوفة ..ولكن ظاهرهم عسل ..باطنهم سمّ زعاف..
بالله عليك من أقترب منه وأطلبه صحبته ..؟؟أهذا الذي تساوى عنده الظاهر بالباطن ولزم التقوى ..حتى أن عموم المسلمين يستحون منه إذا رأوه ..لأنه يذكرهم دائما بالله ..
أم من أحسن تزويق الظاهر وخبث فيه الباطن وبالدليل المشهود..
وقد كان أخي بندر الصاعدي حكيما يبدو أنه على إطلاع وملم بالموضوع وثقافة التصوف في كل بيئة ..لذا أثنيت عليه ..
أما من ضلل هؤلاء المتصوفة قديما وحديثا فقد رأى فيهم عيوبا لاتطاق ..
وهم فقهاء علماء بالفقه ..أما المتصوفة فنصنفهم في خانة العارفين ..
ألم يعلم / الخضر / ـ عليه السلام ـ موسى ـ عليه السلام ـ ؟؟
أليس الخضر عليه السلام هو نموذج الباطن في القرآن الكريم ..؟؟
إنما مثلما يوجد في أهل السنة والجماعة مؤمنون متفاوتون في الإيمان ..
من التقي النقي الطاهر العلم ...إلى الذي لم يعرف من القرآن إلا رسمه ؛ومن الإسلام إلا اسنه ..
كذلك القياس على الصوفية ..من الطرقية المشركة ..إلى صفاء القلب ونقائه ..والتوكل المطلق على الله ..
وقد ذكرت سابقا عثرات منها الاعتزال للناس ؛والانشغال عن تحصيل الأرزاق بالتبتل والذكر ..
وهو سبب ثورة الفقهاء عليهم ..
أرجو أن أكون قد ساهمت في توضيح بعض الأمور ..
أخي د/ سمير ..
كل الاحترام والتقديري..
أعانك الله وفريقك الإداري الموقر على مواصلة سير الرسالة النبيل ..
خالص تحياتي..
معروف محمد آل جلول
17-06-2009, 07:50 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكركم جميعا ايها الاحباب
يقول الله عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم(والعصر . إن الإنسانَ لفي خسر . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ . وتواصوْ بالحق وتواصو بالصبر) صدق الله العظيم
واحيي اخانا الاستاذ المفكر معروف آل جلول وان كنت اختلف معه في موضوع الصوفية والتصوف وايضا في اللهجة الشديدة - اعلم ان الموضوع يمس جوهر قيمي كبير - ولكن اظن الآسلوب الذي استخدمه اخونا رئيس الواحة د سمير كان اوفق واشد رقة وتمهيد من ذلك وانا لست اقارن بين علمين نعلم اخلاصهما
اقول لاخي محمد الامين انت هنا مغبوط اذ وجدت من يوجهك مخلصا حتى لا تنزلق قدمك للأسوأ والحمد لله أن جعل لنا من يمسك بحجزنا عما يردينا واقول لك اخي انك ان شاء الله اديب قوي ومتمكن من ادواتك فقط التجربة وان شاء الله هي اتية
طبعا انا لم اقرأ لك كامل ابداعاتك واعمالك ولكن ما قرأته لك يدل على ذلك شريطة ان تنتهج منهجا نظيفا لا لغط فيه ولا جدل
انا ارى من المبدعين في موضوع الحب والغزل أخانا عمر هزاع ترى قصائده قمة في الغزل ولكن دون الخروج عن مألوف او الولوج فيما هو ضد هوية الامة وقيمها وحاشاك اخي محمد ان تقصد ذلك ونحن نظن بك الخير ان شاء الله
اشكر اخيرا اخانا د سمير العمري رئيس الواحة على درجة العلو في الآسلوب في التوجيه والنقد و اخلاص النصح وهذا هو الجمال الذي نفتقده في زماننا هذا وايضا اشكره لعودته اكثر من مرة تواضعا ليكسب قلب اخينا محمد الآمين وهذا إن دل يدل على الحب الذي يغلف القلوب والآعمال والردود ايضا
مررت هنا لآسجل امتناني على السمو والرقي في التناول والطرح والنقد الجميل
أقول وفقكم الله جميعا و جعل اعمالكم في ميزان حسناتكم اللهم أمين
تقديري وامتناني لكم جميعا
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طنطاوي
أخي الحبيب ..طنطاوي الحسيني ..
يا ابن مصر الحبيبة..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
سعدت بمرورك أيها الشاعر الملتزم المبدع..
ووقفت عند قراءتكم لاللموضوع ولكن لقراءة النفسية المتدخلة ..
وهذا زاد مداخلتك ألقا ..وأعطى قراءتها لذة ..
قيل في حقكم أيها الشعراء ..أن اكبر ناقد هو الشاعر ..
لأجد نفسي مجرد فضولي متطفل ..
وإني لأشهد الله أن محمد الأمين السعيدي..
مكين العقيدة ..حريص التمسك بأهدابها ..يخاف كثيرا الوقوع في الشرك..
والذي يتصف بهكذا صفة ..
لايكون سلوكه مع الله إلا الطاعة ..
ويستحيل أن يقصد الشاعر إهانة الدين ..
هذا شيء يبعد عنه؛ ويترفع كثيرا ..
لن يقرّ الشاعر أنه يحبب الخمر ..دائما تكون لديه منافذ حجج يستند إليها ..حقيقية في نفسه ومكينة ..
يريد بالنبيذ لب الفكرة في النهاية ..وما تحويه من متعة تلذذ تصورها شاخصة في المتعة والتأثير ..فالتفاعل التلقائي من القارئ..
هذا شاعر كبير ..
وستكتشفون أنه ناقد قارئ كبير..
أما الدكتور سمير العمري ..
أقول لأخي الطنطاوي المحترم ..
لو اكتفى بفتح هذا المنتدى لي ولكم ولعموم المسلمين ؛وأسدل يديه ..
لكتبه التاريخ بحروف الريادة الذهبية ..
ولكنه لم يقف عند هذا الحد ..
ولكنه جعل من الشعر رسالة نبتغيها جميعا ..
رسالة هي هدف الجميع ..أقصد الغيورين ..أولئك الأحرار المحررين ..
وسخر طاقته ..وبذل جهده ..وكتب في كل جنس ..ونوع..
يصلح ويرشد..ويدرب ..ويرقي..
وفوق ذلك كله ..وهو الأهم ..
أراه يمتلك التصور الإسلامي الشامل ..
والذي امتلك هذا الكنز الوحيد والعظيم ..
ملك ناصية الحقائق ..ووعى وجوده في الحياة ..وأدرك كنهها ..
لهذا السبب ..وغيره ..
لاأتردد أبدا ..في مدح الدكتور سمير ما حييت..
ولأجل توجه الواحة العظيم ..
أفتح ذراعي لكل من يسبني أو يشتمني ..
وأقول له من اللحظة:
لن أعود من مداخلتي إلا سالما غانما عند الله ..
أي لن أعامله بالمثل ..ولن أغضب..
لنلاحظ ما فعله اليوم من تطوير للواحة ..
هو يفيد الجميع ..فليسهر الجميع على راحته..
وليس هدفي من هذا الكلام هو كسب ود الدكتور سمير ..
ودنا أكبر من أن نعبر عنه بالكلمات ..
هو سلوك..
وللموضوعية ..
مازلت لم أختم كلامي عن الصوفية ومعانيها ..
أخي طنطاوي ..
شكر الله سعيك أيها الحبيب ..المحترم الملتزم..
وأعذرني ..فقد/ زودتها اشويه / باللهجة المصرية..
أقصد عبارة / اللهجة الشديدة/ ..
أنا كنت صارما وأنا أرد ..والصراحة أرفض أن أورط نفسي في هذه القضايا ..
ولكن الأمين محمد..جدير بالحوار ....ننتظر منه الكثير ..
ولكل حوار هنابصمة دهاء صاحبه.. ..بنــّاء..مفيد للكل..
أخي الطنطاوي ..
فلة مشاركتي أعمالكم التي اشتقت إليها ..انشغال كبير يعرفه الدكتور..
بالغ تقديري..
خالص تحياتي..
معروف محمد آل جلول
18-06-2009, 05:20 PM
عدت هنا لا لأخالف ما قلت سابقا من اعتبار الرد السابق آخر ردودي إذ ما قلت ذلك من غضب أو عتب ، ولا قصدت ما يبدو أنه وصل إليك أخي الحبيب محمد فعودتي هنا هي للرد عليك فيما فهمت لا فيما كتبت.
وأنا هنا أكرر مؤكدا أنني ما عرفتك إلا نقيا تقيا وشهد لك عندي أهل ثقة عندي فما كان من قولي أي أمر يمس شخصك أخي الحبيب لا من قريب ولا من بعيد أقسم على هذا.
وأما أنني غاضب فلا ولا ، وإني ما كتبت هذا إلا بود وحب واسترخاء فاعذر حرفي إن كان خان مشاعري واتبع سبيل الصارمين ولعله يتشفع بصدقه وحرصه ووده فتغفر له ولصاحبه ما فهمت مما لم نقصد.
والنصح أيها الحبيب لا يكون إلا من محب ، والنصح هنا أن لا يغوينك الشعر فيرديك وأنت غافل فالمرء محاسب بما يقول ، وهل يكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم؟؟
ولعلني أخيرا أبين بأنني ما تحدثت عن نار جهنم هنا وهناك لإلا في سياق الحديث كشاهد على أهمية الكلمة عند الإنسان العادي وتزداد هذه الأهمية جدا عند شاعر كبير بحجم روعة ما تكتب حين تحسن الاختيار.
أنت ابن الواحة وقد أقول إن لم يزعجك ابني أيضا وما عرفنا منك إلا كل نقاء ووفاء فطب نفسا وليس أحب عندي من حوار يكون فيه أخذ ورد وإقناع واقتناع وربما أدعوك أيها الحبيب لمتابعة حواري مع الأخ الشاعر د. ماجد بل والمشاركة فيه فهو أحسبه مما يهمك.
مودتي
الدكتور المحترم الوقور ..سمير العمري..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
من الموضوعية والإنصاف ..
أن نبين الحقائق دون عصبية أو ميل ..
قضايا الدين ليس لها إلا الصرامة ..وتجنب الأهواء..
يجمع جميع الدارسين بدون استثناء أن صدر الإسلام الذي قلب كل موازين قيم الجاهلية انتهى بعد استشهاد الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ..
وبعدها مثلوه بالحكم العضوض..
وانعكست السياسة على القيم ..وبدأت بعض النزعات الجاهلية تطفو على السطح حيث ظلت قابعة في الذات مترسبة متراكمة ..وقامت النعرة الجاهلية في بعض النفوس المريضة التي ظلت قيمها متراكمة في الذات المترددة ..التي انتظرت لحظاتها الحاسمة لتعيد بعض القيم الجاهلية وتحييها في سلوكها ..
وبدأ الفساد الخلقي والعقيدي ينتشر تدريجيا ..
وراح من بقي من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ومن تبع سنة النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدافعون عن المبادئ الإسلامية كما أنزلت ..
وطغت النعرة الجاهلية تدريجيا ..وقد تزامنت مع موجة غضب سياسي ..وفتن لايتسع لها هنا المقام ..
فلم يصبر بعض التقاة أمام هذه الفتن ..ولما كان المصدران مرجعيتهم الفكرية الوحيدة ..فقد بحثوا عن حلول للزمن وعثراته فأدركوا أحاديث منها //إذا اختلط الحابل بالنابل فالزم بيتك// وآخر..
//...فعليك بخاصية نفسك //
فانصرفوا عن الناس ..يتعبدون ويتبتلون كما وردت دلالات العبادة ..
ساحوا ..وتبتلوا ..واعتزلوا ..وانقطعوا ..والسائحون مذكورون في القرآن الكريم بالثناء..
رأي أهل السنة والجماعة ظل ثابتا ..الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..ومخالطة الناس والصبر على أذاهم وإرشادهم إلى ما فيه صلاحهم ..
إذن نسجل اختلافا في الرأي فقط ..
وفي بعض الفروع ..
أما الأصول فظلت ثابتة ..
وهنا ظهر مفهوم التصوف كمصطلح علمي يعني جماعة من المسلمين ..
ومع مرور الزمن وتراكمات الأحداث وتهلهل العقيدة في النفسية المسلمة زاغ الناس عن جادة السنة ؛وظل الحابل بالنابل في مفهومهم مستمرا وهو أمر طبيعي إذ لم تخل حياة المسلمين من فتن أبدا ..
وظل حوار أهل السنة الشريفة مستمرا ..والتواصل قائما بيهما ..
وتغير مفهوم التصوف تدريجيا وانزاح عن مدلوله الأول ..حتى فهم الصوفي حقيقة الدنيا وسر وجوده الذي لايكون خارج ممارسة الحياة الطبيعية ..
وليس الصنيع الوحيد لأهل السنة في التاريخ الإسلامي ..بل هناك شطحات كثيرة حدثت عبر العصور وتصدى لها أهل السنة الميامين الطاهرين ..وكبحوا جماحها ..
ليبقى الفضل دائما لأهل السنة يحافظون على سير المسلمين ..
إن الصوفية الآن في مفهومنا أضحت تعني أطهر الناس الذين تطابق ظاهر أعمالهم وسلوكهم ببواطنهم ..وهي عين السنة ..
فما عدنا نفرق بين أهل السنة والصوفية ..وكأن علماء السنة الأخيار أثّروا بعلمهم وحججهم على المتصوفة ..
المسلم الذي نراه يكثر من ذكر الله نلحقه عندنا بالصوفية ..لأنه انشغل عن الدنيا بالذكر ..ويقوم بجميع شؤون حياته ..إلا إذا كان شيخا كبيرا ..
ولاأنكر أبدا ـ والله شاهد أن طرقية كثيرة تصل درجة الشرك منتشرة في كل مكان ..
أما الحركة الإسلامية فقد ظلت تدافع عن نفسها طيلة العصر الحديثومازالت ..ولاأنكر أبدا استقامة معظم أفرادها ..لكن بعضهم تشبه بهم فقط ..وليست الحركة الإسلامية من تكفر الحاكم اليوم ..بل المندسون العملاء الذين تقاضوا أجرهم ماديا مقابل نشر البلبلة ..هؤلاء هم من وصفناهم بنظافة الظاهر ونجاسة الباطن ..وهم ذراع العدو ويده التي يبطش بها ويفسد ما أصلح الدهر ..إنهم يقضون على كل جميل ..
لذا ترانا نعظم دور الواحة ..هي ـ فعلا ـ واحة خير للمسلمين ..
أرجو أن أكون قد وفقت في إيضاح شيء عن معاني الصوفية الآن كما نعرفها ..
خالص تحياتي..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir